كلمة التقوى المجلد 1

اشارة

سرشناسه : زین الدین، محمد امین، 1914 - 1998م.

عنوان و نام پديدآور : کلمه التقوی/ المولف فتاوی المرجع الدینی محمدامین زین الدین دام ظله.

مشخصات نشر : قم: موسسه اسماعیلیان، 14ق. = 13.

مشخصات ظاهری : ج.

شابک : 1500ریال (ج.3) ؛ 1500 ریال (ج. 5)

يادداشت : فهرستنویسی براساس جلد سوم، 1413ق. = 1371.

يادداشت : کتاب حاضر در همین سال توسط چاپخانه مهر نیز منتشر شده است.

يادداشت : عربی.

يادداشت : ج. 5 (چاپ اول: 1413ق. = 1371).

مندرجات : ج. 3. کتاب الحج. بخش دوم.- ج. 5. کتاب الشفعه

موضوع : فقه جعفری -- رساله عملیه

رده بندی کنگره : BP183/9/ز9ک 8 1371

رده بندی دیویی : 297/3422

شماره کتابشناسی ملی : م 71-5360

العبادات

كتاب الطهارة

الفصل الأول في المياه

اشارة

كلمة الماء واضحة الدلالة على معناها عند أهل العرف، فهي لا تفتقر في إيضاح المراد منها الى ضم كلمة أو قرينة أخرى، و لكن المتشرعة يقولون: الماء المطلق، للتفرقة بينه و بين الماء المضاف، نظرا لما بين الموضوعين من اختلاف في الأحكام.

فالماء المطلق هو ما يفهمه أهل العرف من لفظ (الماء) حين يسمعونه مجردا، عن أية اضافة أو قرينة تضم الى هذا اللفظ، نعم، قد يقولون: ماء البحر، و ماء الفرات، و ماء البئر، و يقصدون بذلك تعيين بعض الأفراد الخاصة من هذا المعنى الواحد، كما يقولون: ماء الكأس مثلا و ماء الإبريق.

و يقابل ذلك: الماء المضاف و هو ما يحتاج أهل العرف في إيضاح معناه الى ضم كلمة أخرى إلى كلمة الماء تحدد المراد منه، فيقولون: ماء الورد، و ماء العنب، و ماء اللحم. من غير فرق بين ما يعتصر من الأجسام كماء العنب و ماء الرمان، و ما يؤخذ بالتصعيد كماء الورد و ماء النعناع، و ما يتكون بطريقة الامتزاج كماء الصابون

و ماء الملح.

المسألة الأولى:

قد يصعد الماء الماء المطلق أو الماء المضاف و جريان الاحكام عليه تابع لتسميته عند أهل العرف بعد هذا التصعيد، فالماء الملح حين يصعد ليكون عذبا فهو ماء مطلق سواء كان في الأصل ماء مطلقا كذلك كماء البحر، أم مضافا كماء الملح، و ماء الورد حين يصعد مرة أخرى لا يزال ماءا مضافا إذا بقيت الإضافة في اسمه عند أهل العرف بعد التصعيد و يكون ماءا مطلقا إذا سلبت عنه الإضافة عندهم.

المسألة الثانية:

ماء البحر على كونه ملحا أجاجا لا يخرج عن كونه ماء مطلقا تجري له جميع أحكام الماء، و الماء الذي يمزج بالملح بمقادير أكثر من العادة، يصبح ماء مضافا تجري له جميع أحكام الماء المضاف، و المائز

كلمة التقوى، ج 1، ص: 2

بينهما هو نظر أهل العرف الذي وجه الشارع كلامه على مقتضاه و أرجع اليه المكلفين في تبيين الموضوعات.

المسألة الثالثة:

الأحكام التي تذكر للماء المضاف تعم غيره من المائعات الأخرى غير الماء المطلق و ان لم تسم ماء كالزيت و الدبس و العصير و النفط و أمثالها، إذا لم تجمد فتكون غليظة.

المسألة الرابعة:

الماء المضاف المأخوذ من أصل طاهر إذا لم يلاق نجاسة فهو طاهر في نفسه و لكن لا تطهر الأجسام المتنجسة إذا غسلت به، و لا يكفي استعماله في وضوء و لا غسل، و إذا لاقى نجسا أو متنجسا حكم بنجاسته و ان كان كثيرا، نعم إذا بلغ من الكثرة حدا كبيرا جدا كآبار النفط و ما أشبهها فالظاهر عدم انفعاله بملاقاته النجاسة إذا هو لم يتغير بأوصافها.

المسألة الخامسة:

إذا جرى الماء المضاف من العالي الى السافل لم ينجس عالية بملاقاة سافله النجاسة، و ان كان متصلا، و بحكمه المائعات الأخرى، كما إذا صبت القهوة أو الشاي في الإناء النجس فلا ينجس بذلك ما في الإبريق و لا ما في العمود، و لا يعتبر في ذلك ان يكون دفعه بقوة، فإذا انحدر الماء المضاف متثاقلا الى موضع نجس لم يتنجس عالية بتنجس سافله، و كذلك المائعات الأخرى كالدبس و السمن و غيرهما. نعم، يعتبر الدفع بقوة في ما كان دفعه الى أعلى كالفوارة فلا ينجس سافل الماء المضاف بملاقاة عالية النجاسة إذا كان دفعه الى أعلى بقوة، بل و لا ينجس العمود، و مثله الحكم في المادي.

المسألة السادسة:

قد يتردد المكلف في مائع خاص انه ماء مطلق أو مضاف فان كان مفهوم ذلك الماء المضاف معينا عند أهل العرف لا تردد فيه، و لكن عروض بعض الطواري أو انتفاء بعض الخصوصيات أوجب الشك

كلمة التقوى، ج 1، ص: 3

في ان ذلك المائع فرد لأي المفهومين المعلومين، و في هذه الصورة يؤخذ بالحالة السابقة لذلك المائع إذا علم بها، فتجري عليه أحكام الماء إذا علم بأنه كان في السابق ماء مطلقا، و تجري عليه أحكام الماء المضاف إذا علم انه كان ماءا مضافا، و إذا لم تكن له حالة سابقه أو جهل بها لم يحكم عليه بأنه ماء مضاف و لا ماء مطلق، فلا يطهر من النجاسة إذا عسلت به. و لا يكفي استعماله في وضوء و لا غسل، و ينجس بملاقاة النجاسة إذا كان قليلا، و الأحوط اجتنابه إذا كان كثيرا.

و ان كان الشك في ذلك المائع انما هو للشك في مفهومه أشكل الحكم فيه،

فلا يترك فيه الاحتياط.

المسألة السابعة:

إذا تنجس الماء المضاف بملاقاة إحدى النجاسات أو المتنجسات أمكن تطهيره بالتصعيد، فإذا استحال بخارا ثم اجتمع بعد ذلك ماء حكم عليه بالطهارة سواء أصبح بعد تصعيده ماءا مطلقا أم ماء مضافا كالسابق، و كذلك الماء المطلق إذا تنجس يمكن تطهيره بالتصعيد، و سيأتي بيانه ان شاء اللّه تعالى.

و إذا استهلك الماء المضاف النجس في الماء المطلق الكثير أو الجاري أو أي ماء معتصم آخر حتى أصبح الجميع ماء مطلقا حكم عليه بالطهارة و جرت عليه أحكام المطلق الطاهر.

المسألة الثامنة:

إذا القي المضاف المتنجس أو أي مائع متنجس آخر في الكر الطاهر، فأصبح الكر بملاقاته ماءا مضافا حكم عليه بالنجاسة، و ان فرض ان صيرورة الكر مضافا و استهلاك المتنجس فيه قد حصلا دفعة واحدة، على أن هذا الفرض بعيد التحقق ان لم يكن ممتنعا. و كذلك إذا تغير بعض الكر بملاقاة المضاف النجس فأصبح ماء مضافا حكم بنجاسته جميعا.

المسألة التاسعة:

قد يختلط الماء بالطين حتى يكون ماء مضافا لا يصح استعماله في

كلمة التقوى، ج 1، ص: 4

وضوء و لا غسل فإذا انحصر الماء فيه و كان وقت الصلاة واسعا وجب الصبر على المكلف الى ان يصفو، و ينعزل الماء عن الطين فيتوضأ منه أو يغتسل، و إذا كان وقت الصلاة ضيقا وجب عليه التيمم لها، و كذلك الحكم في تطهير البدن أو الثوب من النجاسة للصلاة.

المسألة العاشرة:

الماء المطلق قسمان: معتصم و غير معتصم.

فالمعتصم: هو ما بلغ مقداره الكر و ان لم تكن له مادة، و يسمى بالكثير، أو كانت له مادة يتصل بها و ان لم يبلغ في ذاته مقدار الكر، و من هذا القسم: الجاري، و ماء البئر، و ماء المطر، و ماء الحمام، و ماء الأنابيب المتعارفة في هذه الأزمنة. و من الجاري مياه الأنهار، و مياه العيون، و الثمد، و من الكثير مياه الحياض الكبار التي لا تتصل بمادة، و مياه الغدران التي تجتمع من السيول و الأمطار بعد انقطاعها، و مياه المجاري التي تتكون من سيلان الثلوج المتجمدة بعد ذوبانها.

و غير المعتصم: هو الماء الذي لم يبلغ مقداره الكر، و لم تكن له مادة، و يسمى أيضا بالماء القليل و تترتب عليه أحكام الماء القليل إذا كان أقل من الكر و لو بنصف مثقال مثلا.

المسألة 11

الماء المطلق طاهر في نفسه و مطهر لغيره من المتنجسات القابلة للتطهير سواء كان راكدا أم جاريا أم ذا مادة، و سواء كان قليلا أم كثيرا.

المسألة 12

إذا لقي الماء المطلق نجاسة فتغير بها لون الماء أو طعمه أو رائحته تنجس الماء بها سواء كان راكدا أم جاريا أم ذا مادة و سواء كان قليلا أم كثيرا و تلاحظ (المسألة 22) في تنجس الماء القليل.

المسألة 13

و يشترط في انفعال الماء المعتصم بالنجاسة ان يكون تغيره بأحد

كلمة التقوى، ج 1، ص: 5

أوصافها الثلاثة فعليا فلا يكفي التغير الفرضي، و على هذا فإذا وقعت فيه نجاسة لا لون لها و لا طعم و لا رائحة، فلم يتغير بها لون الماء و لا طعمه و لا رائحته لم يتنجس بها و ان كانت النجاسة الواقعة فيه بمقدار لو كانت لها أوصاف لغيرته.

و إذا وقعت فيه نجاسة تغيره بالفعل و لكن التغير لم يظهر في الماء لوجود بعض الموانع من ظهوره حكم بنجاسته، و مثال ذلك ان يكون لون الماء أحمر لبعض العوارض فيه فتكون حمرة الماء مانعة عن ظهور حمرة الدم الذي يقع فيه، أو تكون للماء بعض الروائح التي تمنع من ظهور رائحة الجيفة التي تقع فيه، فإذا وقعت فيه مثل هذه النجاسة حكم بنجاسته.

و يشترط ان يكون تغيره بسبب ملاقاة النجاسة نفسها، و على هذا فإذا تغيرت رائحة الماء بسبب مجاورته للجيفة من غير ان تقع فيه أو يقع فيه جزء منها، لم يحكم على الماء بالنجاسة، بل لا يحكم عليه بالنجاسة و ان وقع فيه ذنب الميتة أو شعرها و شبههما من الأجزاء التي لا يستند تغير الماء إليها.

و إذا وقع في الماء المعتصم شي ء متنجس فتغير لون الماء أو طعمه أو رائحته بأوصاف الشي ء المتنجس كما إذا تغير لون الماء بلون الصابون المتنجس أو طعمه لم يحكم عليه بالنجاسة، إلا

إذا أصبح بذلك التغير ماءا مضافا فيحكم بنجاسته من هذه الجهة.

و إذا وقع في الماء المعتصم شي ء متنجس يحمل أوصاف النجاسة فغير الماء بأوصاف النجاسة حكم بنجاسته على الأحوط و مثال ذلك ان يقع دم في مائع من المائعات فيصطبغ بلونه، ثم يقع هذا المائع المتلون في الماء المعتصم فيغيره بلون الدم فالأحوط اجتنابه.

و يشترط ان يكون تغير الماء بأحد الأوصاف الثلاثة المذكورة:

اللون و الطعم و الرائحة، فلا ينجس الماء المعتصم إذا تغير بغير هذه الثلاثة من أوصاف النجاسة كالثخانة و الثقل و الحرارة مثلا.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 6

المسألة 14

يكفي للحكم بنجاسة الماء المعتصم ان تكون ملاقاته للنجاسة سببا لتغير لونه أو طعمه أو رائحته إلى لون أو طعم أو رائحة أخرى، و ان كان ذلك مخالفا لوصف النجاسة التي وقعت فيه كما إذا اصفر الماء بوقوع الدم فيه، و إذا كان للماء لون غير لونه الطبيعي كما إذا غيرته التربة أو بعض ما يمتزج به من المعادن و الأخلاط الى لون الحمرة أو الخضرة أو السواد فغيرته النجاسة التي وقعت فيه الى لون آخر حكم عليه بالنجاسة. و كذلك إذا غيرت النجاسة طعمه أو رائحته غير الطبيعية.

المسألة 15

لا يحكم بنجاسة الماء المعتصم إلا إذا علم باستناد التغير فيه الى ملاقاة النجاسة، فإذا وقعت النجاسة في الماء فلم يتغير بالفعل، و أخرجت منه ثم تغير بأوصافها بعد مدة، فإن علم بأن هذا التغير يستند إلى ملاقاة النجاسة حكم على الماء بالنجاسة، و ان علم بعدم استناده إليها أو شك في ذلك فهو طاهر.

المسألة 16

إذا وقعت النجاسة في الماء و لم يعلم انها غيرته بأوصافها أم لم تغيره، لم يحكم عليه بالنجاسة، و كذلك إذا وجد التغير فيه و لم يعلم ان تغيره كان لمجاورته للنجاسة أو لوقوعها فيه، و كذلك إذا تغير الماء و لم يعلم ان تغيره كان بسبب ملاقاة النجس أو بسبب ملاقاة شي ء آخر طاهر فلا يحكم على الماء بالنجاسة في جميع هذه الفروض.

المسألة 17

إذا وقع في الماء شيئان أحدهما نجس و الثاني طاهر، فتغير لون الماء أو طعمه أو رائحته بوقوعهما فيه، فان علم ان ملاقاة النجس منهما تكفي في حصول التغير في الماء و لو ببعض مراتبه فالظاهر نجاسته، و ان لم يعلم ذلك فهو طاهر.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 7

المسألة 18

إذا وقع جزء من الميتة في الماء المعتصم و سائر أجزائها خارجة، فتغيرت رائحة الماء بسبب مجاورتها و بملاقاة ذلك الجزء منها فالأحوط اجتناب ذلك الماء.

المسألة 19

إذا تغير الماء الراكد بملاقاة النجس حكم عليه جميعا بالنجاسة سواء كان قليلا أم كثيرا كما تقدم، و كذلك إذا تغير بعض الماء دون بعض و كان البعض الذي لم يتغير منه لا يبلغ مقدار الكر، و كذلك إذا كان البعض الذي لم يتغير من الماء يبلغ مقدار الكر لو اجتمع، و لكن المتغير منه قد فرق بين أطرافه فلم يتصل الكر منه بعضه ببعض فجميع الماء يكون نجسا في هذه الصور.

و إذا كان البعض الذي لم يتغير من الماء كرا فأكثر، و كان بعضه متصلا ببعض اختصت النجاسة بالجزء المتغير منه و كان الباقي طاهرا، فإذا زال التغير حكم بطهارته جميعا.

و يشترط في طهارته بعد زوال التغير منه ان يحصل الامتزاج في الجملة بالبعض الطاهر منه فلا يكتفى بالاتصال وحده على الأحوط، و سيأتي بيان مقدار ما يعتبر من الامتزاج في المسألة الآتية.

المسألة 20

لا يطهر الماء المتغير بملاقاة النجس بمجرد زوال التغير عنه حتى يتصل بعد زوال التغير بكر طاهر كما تقدم في المسألة السابقة، أو يتصل بالجاري، أو بالمادة، أو بماء معتصم آخر، و حتى يمتزج بهذا الماء المطهر في الجملة على الأحوط، و يكفي من الامتزاج ما يحصل بتدافع الماء نفسه في ماء النهر الجاري و ماء المطر، و ما يحصل بدفع المادة في ماء البئر و ماء الحمام كما هو مورد أدلة المسألة، و في التطهير بالكثير و الجاري الضعيف الجريان يكفي ان يحصل الامتزاج بذلك المقدار، فإذا زال تغير الماء و اتصل بالمعتصم و حصل الامتزاج على

كلمة التقوى، ج 1، ص: 8

الأحوط- في هذا- حكم بطهارة الماء، و كذلك الحكم في الماء القليل إذا تنجس بملاقاة النجس أو المتنجس

من غير أن يتغير على الأقوى،

المسألة 21

إذا القي الكر الطاهر على الماء المتغير بالنجاسة فأزال تغيره من غير ان يتأثر الكر الطاهر بشي ء حكم بطهارة جميع الماء، و إذا تغير بعض الكر الطاهر أو تفرقت أجزاؤه بأجزاء الماء المتغير فلم يتصل بعض الكر ببعض حكم عليه بالنجاسة.

الفصل الثاني في الماء القليل، و الماء الكثير

المسألة 22

لا يكون الماء معتصما حتى يبلغ مقداره الكر أو تكون له مادة كما تقدم بيانه في المسألة العاشرة، فإذا لاقى نجاسة و كان قليلا دون الكر- و لو بنصف مثقال- و لم تكن له مادة حكم عليه بالنجاسة، سواء تغير بها أحد أوصافه أم لم يتغير، و سواء ورد على النجاسة أم كانت هي الواردة عليه، و سواء كان مجتمعا في مكان واحد أم متفرقا في حفر أو أمكنة متعددة تصل بينها سواقي أو مجاري أو أنابيب، و لكن المجموع من الماء لا يبلغ الكر.

المسألة 23

إذا اختلفت سطوح الماء المتصل بعضه ببعض بحيث كان يجرى من العالي الى السافل لم يصدق على مجموع ذلك الماء انه ماء واحد فلا يعتصم بعضه ببعض و ان بلغ مجموعه كرا، كما إذا كان نصف الكر في الطرف السافل من المكان و نصفه الآخر في الطرف العالي منه و هو ينحدر الى السافل، فإذا لاقت النجاسة أحد الطرفين منه حكم على ذلك الطرف الملاقي بالنجاسة، و إذا كان المتنجس هو الطرف العالي من الماء تنجس السافل منه كذلك، و إذا كان الملاقي للنجاسة هو الطرف السافل منه اختصت النجاسة به و لم يتنجس العالي من الماء.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 9

نعم، إذا كان العالي وحده كرا و جرى إلى السافل كان له مادة و اعتصم به، فإذا لاقته النجاسة لم ينفعل بها الا ان يتغير أحد أوصافه، و الأحوط- بل الأقوى- أن تكون المادة وحدها كرا كاملا زائدا على ما ينحدر في المجرى الى الطرف السافل كما سيأتي في ماء الحمام.

المسألة 24

الكر من الماء هو ما بلغ وزنه ألفا و مائتي رطل بالأرطال العراقية.

و هذا العدد من الأرطال يساوي واحدا و ثمانين ألفا و تسعمائة مثقال بالمثاقيل الصيرفية المعروفة.

و على هذا فالكر يساوي وزنه ثلاثمائة و سبع حقق اسلامبولية و ثلاثة و ثلاثين مثقالا صيرفيا على الأحوط، بناء على ما ذكره بعض الثقات من انه ضبط المثاقيل الصيرفية فوزنها بحب القمح المتوسط و طبقها على الحقة الاسلامبولية المذكورة فوجدها تبلغ مائتين و ستة و ستين مثقالا صيرفيا و ثلثي المثقال، فالكر يبلغ العدد المذكور.

و الكر يبلغ مائتين و أربع (ربعات) بحرانية و ثلاثة أرباع الربعة، و وزن هذه الربعة- و هي المعروفة في البحرين

و ما والاها- أربعمائة مثقال صيرفي.

و ان أريد وزن الكر بالكيلو و هو الوحدة الغربية للوزن المشهورة في البلاد، فالأحوط أن لا يقل عن ثلاثمائة و ثمانية و تسعين كيلوا و نصف، نظرا لعدم ضبط وزن الكيلو بالمثاقيل على وجه التحديد، و ما ذكر في هذا الباب لا يعدو عن التخمين.

المسألة 25

الكر بحسب المساحة ما بلغ مكسر ابعاده حين يضرب بعضها ببعض ستة و ثلاثين شبرا على الأقرب، و المراد بالشبر الشبر المتوسط بين أفراد الناس، و الظاهر انه إذا بلغ مقدار الماء ثلاثمائة و ثمانية و تسعين لترا و نصفا فقد بلغ الحد المذكور فان اللتر يسع كيلوا من الماء.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 10

المسألة 26

إذا جرى الماء القليل غير المعتصم من العالي الى السافل لم يتنجس عالية إذا لاقى سافله النجاسة سواء كان انحداره الى السافل بقوة أم لا، و كذلك إذا جرى من السافل الى العالي بدفع و قوة كما في الفوارة، و لاقى عالية النجاسة لم يتنجس سافله بل و لا العمود، و كذلك في المساوي، و قد تقدم نظير هذا الحكم في الماء المضاف.

المسألة 27

الماء الجامد لا يكون عاصما لغيره و لا معتصما في نفسه و ان كان كثيرا، فإذا جمد بعض ماء الحوض الكبير و كان الباقي منه لا يبلغ كرا فهو من الماء القليل، فإذا هو لقي نجاسة تنجس بها و ان لم يتغير، و تنجس الجزء الملاقي له من الجامد، فإذا ذاب شيئا فشيئا تنجس جميعا الا ان يكون الذوبان من الجانب الطاهر و تكثر حتى يبلغ الكر فيكون معتصما ثم يطهر القسم المتنجس إذا اتصل به و امتزج.

و كذلك الثلج الكثير إذا ذاب بعضه، فان كان دون الكر فهو من القليل، و ان كان كرا اعتصم في ذاته و طهر الباقي إذا لحقته النجاسة ثم اتصل به و امتزج.

المسألة 28

قد يجتمع بعض ماء المطر أو غيره في الأرض و يتسرب في تربتها.

فإذا حفرت في جانبها حفيرة سأل بعض الماء إليها، و مثل هذا الماء لا يعد من الماء الجاري، بل هو من الماء المحقون على الأحوط، فإذا كان دون الكر كان له حكم القليل، و إذا بلغ مقدار الكر أو زاد عليه كان له حكم الكثير.

المسألة 29

ما يسيل في المنحدرات من مياه الثلوج الذائبة في قمم الجبال و غيرها لا يعد من الماء الجاري لأنه ليس بنابع، بل هو من الماء الكثير، و إذا اجتمع منه في القمة ما يكون كرا فأكثر ثم سأل الزائد عنه الى المنحدر كان من ذي المادة و اعتصم بها.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 11

المسألة 30

إذا تردد المكلف في ان الماء هل يبلغ مقدار الكر أم لا، فان كان يعلم ان هذا الماء كان في السابق كرا، و هو يشك في بقاء كريته السابقة و عدم بقائها حكم ببقاء الكرية و رتب على الماء أحكامها، و ان كان يعلم أن الماء كان في السابق دون الكر و هو يشك في طروء الكرية عليه بعد ذلك و عدم طروئها حكم على الماء بعدم الكرية و رتب عليه أحكام ذلك، و ان كان لا يعلم بكرية الماء سابقا و لا بعدمها حكم عليه بأن الماء دون الكر و رتب عليه أحكام القليل.

المسألة 31

إذا كان الماء قليلا ثم بلغ مقدار الكرية بعد ذلك و علم المكلف ان هذا الماء قد لاقى النجاسة اما قبل عروض الكرية له أو بعدها حكم بطهارة الماء سواء كان جاهلا بزمان بلوغه كرا و زمان ملاقاته النجاسة أو كان عالما بزمان كرية الماء و جاهلا بوقت ملاقاته النجاسة و إذا كان عالما بوقت ملاقاة الماء النجاسة و جاهلا بزمان بلوغه مقدار الكرية حكم بنجاسته، و إذا كان الماء كرا ثم نقص بعد ذلك عن الكرية و علم المكلف ان الماء لاقى النجاسة في إحدى الحالتين حكم بطهارة الماء في جميع الصور المذكورة.

المسألة 32

إذا كان الماء قليلا ثم حصلت له الكرية بعد ذلك أو اتصل بمادة عاصمة و لاقى النجاسة في نفس ذلك الآن الذي اعتصم به حكم بطهارته و ان كان الأحوط اجتنابه.

المسألة 33

إذا كان لدى المكلف ماء ان يعلم ان أحدهما يبلغ كرا و الآخر دون ذلك، و لكنه لا يعلم الكر منهما على التعيين ثم وقعت نجاسة في أحد الماءين لم يحكم بالنجاسة سواء تعين الماء الذي وقعت فيه النجاسة عند المكلف أم لم يتعين عنده، و سواء كان جاهلا بحالة الماءين قبل ذلك

كلمة التقوى، ج 1، ص: 12

من القلة و الكثرة أم علم بأنهما معا كانا في السابق كرين ثم نقص أحدهما غير المعين عنده عن الكر قبل ملاقاة أحدهما النجاسة.

و إذا علم انهما معا كانا أقل من الكر ثم طرأت الكرية على أحدهما غير المعين عند المكلف ثم وقعت النجاسة في أحدهما فالظاهر لزوم الاجتناب عن الماء الذي وقعت فيه، إذا كان معينا و لزوم الاجتناب عن الماءين معا إذا وقعت في غير المعين.

المسألة 34

إذا كان لدى المكلف ماءان دون الكر، و كان أحد الماءين المعين نجسا و الآخر طاهرا ثم وقعت نجاسة أخرى في أحد الإناءين غير المعين، فان كان للنجاسة الحادثة أثر شرعي زائد على النجاسة الأولى وجب اجتناب الماءين معا، و مثال ذلك ان يقع بول أو دم في أحد الماءين المعين، ثم بلغ الكلب بعد ذلك في أحد الإناءين، فان ولوغ الكلب يوجب تعفير الإناء زائدا على وجوب غسله، و لذلك فيجب الاجتناب عن كلا الماءين.

و ان لم يكن للنجاسة الجديدة أثر زائد على النجاسة الأولى لم يجب اجتناب الماء الآخر الذي كان طاهرا، و مثال ذلك ان يقع في أحد الإناءين مثل النجاسة الأولى.

المسألة 35

الماء الذي يعلم المكلف أنه يبلغ الكر و لكنه يشك في انه ماء مطلق أو ماء مضاف، الظاهر انه بحكم غير المطلق فيحكم بنجاسته بمجرد ملاقاته للنجاسة و ان لم يتغير بها أحد أوصافه.

المسألة 36

إذا كان لديه كران متميزان يعلم ان أحدهما على التعيين ماء مطلق و الثاني ماء مضاف، فوقعت النجاسة في أحدهما لا على التعيين، فهما معا طاهران، و كذلك إذا اختلط عليه أمرهما فلم يعلم المطلق منهما من المضاف، و لم يعلم كذلك حالتهما السابقة هل كانا مطلقين أو مضافين، أو علم بأنهما معا كانا على وصف الإطلاق ثم صار أحدهما

كلمة التقوى، ج 1، ص: 13

غير المعين مضافا ثم وقعت النجاسة في أحدهما فهما معا محكومان بالطهارة في هاتين الصورتين.

و ان كانا معا مضافين في السابق ثم صار أحدهما مطلقا لا على التعيين، فالظاهر التنجس بالملاقاة، فإن كان ما وقعت النجاسة فيه معينا وجب اجتنابه خاصة، و ان كان غير معين وجب اجتناب الماءين معا.

المسألة 37

لا يكون الماء معتصما حتى يعلم انه كر أو تكون له مادة عاصمة كما تقدم بيانه، فإذا كان الماء قليلا و شك في ان له مادة أم لا، لم يكن معتصما، و حكم بتنجسه بمجرد ملاقاته النجاسة، و كذلك إذا لم تكن له مادة و شك في انه يبلغ مقدار الكر أم لا، و كذلك إذا شك في كل من الكرية و المادة فلا يكون الماء معتصما في الصور الثلاث، إلا إذا علم المكلف ان هذا الماء كان في السابق كرا و هو يشك في بقاء كريته و عدم بقائها فيرتب عليه أحكام الكر، أو علم بأن الماء كان ذا مادة عاصمة و هو يشك في وجود ما يمنع من اتصال هذه المادة بالماء فيحكم باتصالها و يرتب عليه أحكام ذي المادة المتصلة، و إذا كان الشك في المادة من جهة الشك في مقدار ما فيها من الماء أو قوة

الدفع ففيه اشكال، و لا يترك الاحتياط.

المسألة 38

لا يطهر الماء القليل إذا تنجس بإتمامه كرا، سواء تمم بماء طاهر أم بماء نجس.

الفصل الثالث في الماء الجاري و ماء البئر

المسألة 39

الماء الجاري هو الذي ينبع من باطن الأرض ثم يسيل على وجهها أو تحتها، كالعيون و القنوات التي تتخذ لها مجاري و أخاديد في باطن

كلمة التقوى، ج 1، ص: 14

الأرض تجري فيها، فليس من الماء الجاري ما لا يكون نابعا من الأرض و ان اتخذ له مجاري على وجه الأرض أو في سفوح الجبال، نعم يكون من الكثير المعتصم إذا كان أكثر من الكر. و قد يكون من ذي المادة إذا اجتمع منه في العالي ما يكون له مادة عاصمة ثم انحدر الزائد منه في المجاري الى السافل، و قد تقدم بيان ذلك.

و ليس من الماء الجاري ما يكون واقفا عن الجريان على وجه الأرض أو في باطنها و ان كان نابعا كالعيون الواقفة، و ان كان له حكم الماء الجاري على الأقوى، فيكون ماؤها معتصما إذا كان متصلا بالمنبع و ان كان أقل من الكر.

المسألة 40

الماء الجاري لا ينجس بملاقاة النجاسة إذا كان متصلا بالمنبع، و ان كان أقل من الكر، الا ان يتغير بالنجاسة لونه أو طعمه أو رائحته، فيحكم بنجاسته حينذاك و ان كان أكثر من الكر، و إذا زال تغيره طهر بتدافع المنبع عليه و امتزاجه به في الجملة، و كذلك إذا تغير بعض الجاري و كان الباقي منه كرا أو متصلا بالمنبع و ان كان أقل من الكر.

و إذا كان الماء منفصلا عن المنبع كما إذا كان المنبع يتقاطر من السقف أو يترشح من صخرة عالية و كان المجرى الذي يسيل فيه الماء غير متصل به فالظاهر ان ذلك الماء يتنجس بملاقاة النجاسة إذا كان دون الكر، و إذا لاقت النجاسة موضع نبع الماء أو موضع رشحه لم ينجس.

المسألة 41

يعتبر في الماء الجاري أن يكون متصلا بالمنبع بالفعل، فإذا انقطع اتصاله بالمنبع لترسب بعض الأوساخ و الطين في فم المنبع فمنعه عن النبع لحق الماء حكم الراكد، و إذا أزيلت الرواسب منه و حصل الاتصال بالفعل كان له حكم الجاري.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 15

المسألة 42

أطراف النهر الواقفة عن الجريان لها حكم الجاري إذا كانت متصلة به و كذلك الحوض أو الغدير من الماء الراكد إذا اتصل بالنهر بساقية و نحوها يلحقهما حكم الجاري.

المسألة 43

العيون التي تنبع في بعض أوقات السنة دون بعض يلحقها حكم الجاري في أيام نبعها، و يلحقها حكم الراكد أيام انقطاعها عن النبع.

المسألة 44

إذا تغير بعض الماء الجاري بأوصاف النجاسة، فإن كان غير المتغير منه لا يزال بعضه متصلا ببعض و لو في الأعماق اختصت النجاسة بموضع التغير فحسب، و كان الباقي منه طاهرا، و إذا انفصل بسبب التغير بعض الماء عن بعض تنجس موضع التغير و تنجس البعض المنفصل به إذا كان دون الكر، و كان ما يتصل بالمنبع و ما يبلغ الكر، و ما يتصل بهما طاهرا، فإذا زال التغير طهر الجميع بتدافع الماء المعتصم عليه و امتزاجه به على ما تقدم بيانه.

المسألة 45

ماء البئر إذا كانت البئر نابعة بمنزلة الجاري فهو معتصم لا ينجس بملاقاة النجاسة إلا إذا تغير بها لونه أو طعمه أو رائحته، فإذا تغير بها أحد أوصافه ثم زال تغيره و لو من قبل نفسه طهر بتدافع ماء المادة فيه و امتزاجه به كما تقدم في الماء الجاري سواء بسواء، و اما النزح المقدر لها في الروايات فهو مستحب سواء تغير الماء بأوصاف النجاسة أم لم يتغير.

المسألة 46

البئر غير النابعة لها حكم الماء المحقون فلا تكون معتصمة حتى يبلغ ماؤها الكر.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 16

الفصل الرابع في ماء المطر و ماء الحمام

المسألة 47

ماء المطر حال نزوله من السماء معتصم في نفسه فلا ينجس بملاقاة النجاسة إلا إذا غيرت لونه أو طعمه أو رائحته، و يعتبر فيه- على الأحوط- ان يصدق عليه مسمى الجريان على وجه الأرض لو كانت صلبة فلا يعمه الحكم إذا كان أقل من ذلك.

و كذلك ما يجتمع من ماء المطر على الأرض أو على غيرها، فهو معتصم ما دام المطر ينزل عليه على الوجه المتقدم، بل و كذلك ما ينزل أو يسيل من ذلك الماء المجتمع على موضع مسقوف لا يباشره قطر السماء فهو معتصم إذا كان الماء المجتمع الذي ينزل منه ذلك الماء لا يزال متصلا بالمطر، فماء الميزاب الذي ينزل في موضع مسقوف معتصم إذا كان يجرى من موضع ينزل عليه قطر السماء بالفعل، و ان كان أقل من الكر، و كذلك ماء المجرى الذي يسيل في مكان لا يصله المطر إذا كانت مادة المجرى متصلة بماء المطر بالفعل.

المسألة 48

ماء المطر على الوجه المتقدم بيانه يطهر كل ما يصيبه من المتنجسات القابلة للتطهير إذا غمر جميع مواضع النجاسة من ذلك الشي ء المتنجس، و لا يحتاج الى التعدد في التطهير من البول، و في تطهير الأواني و نحوها مما يحتاج الى التعدد إذا غسل بالماء القليل، و لا يحتاج الى العصر في الفرش و الثياب و شبهها مما يحتاج فيه الى العصر كذلك، نعم لا بد من ازالة عين النجاسة قبل التطهير به إذا كانت موجودة، و لا بد من التعفير بالتراب في ما يفتقر الى التعفير، فإذا غمرة ماء المطر بعد ذلك حكم بطهارته و لم يحتج الى التعدد.

المسألة 49

يطهر الماء المتنجس إذا أصابه ماء المطر بالمقدار الذي تقدم بيانه في المسألة السابعة و الأربعين و لا بد من ان يمتزج به في الجملة على

كلمة التقوى، ج 1، ص: 17

الأحوط و يكفي من الامتزاج ما يحصل بتدافع ماء المطر فيه بالمقدار المذكور، و إذا كان متغيرا بالنجاسة فلا بد من زوال التغير، فإذا زال تغيره- و لو من قبل نفسه- و لاقى ماء المطر حكم بطهارته.

و يطهر كذلك الإناء الملي ء بذلك الماء و تطهر أطرافه و ظهره إذا كانت متنجسة و أصابها قطر السماء أو فيض الماء حال نزول المطر عليه، و إذا أصاب المطر بعض أطرافه دون بعض طهر ما أصابه منها فقط.

و يطهر الحوض النجس إذا أصاب المطر جميع أطرافه النجسة و يطهر كذلك ما فيه من الماء إذا وقع ماء السماء عليه و امتزج به على الوجه الذي تقدم بيانه، و يطهره كذلك ماء الميزاب الذي يجري فيه و يغمر أطرافه النجسة إذا كان الميزاب يجرى من موضع ينزل فيه

قطر السماء بالفعل و ان كان الحوض نفسه في موضع لا يصيبه المطر كما تقدم في المسألة السابعة و الأربعين.

المسألة 50

تطهر الأرض النجسة إذا أصابها ماء المطر على الوجه المتقدم و لو بإعانة الريح، و تطهر كذلك إذا جرى عليها الماء المجتمع، و كان ماء المطر ينزل عليه بالفعل، و ان كانت الأرض نفسها لا يصيبها المطر مباشرة، و تطهر كذلك إذا جرى عليها الميزاب من موضع ينزل عليه قطر السماء بالفعل، و ان كان المطر لا يصل إليها بنفسها.

و لا يطهرها ما يقع من ماء المطر على أرض أخرى ثم يثب إليها، الا ان يجتمع في ذلك الموضع ثم يجري إليها قبل انقطاع المطر عنه كما تقدم، و لا يطهرها ما يقع على أغصان الشجر الملتف بعضها ببعض ثم يقع عليها بحيث ينفصل ما يقع على الأرض بذلك عما ينزل من السماء، و اما إذا كان اتصاله باقيا بما ينزل من السماء لم يضر به وقوعه على الشجر فهو لا يزال معتصما مطهرا لما يقع عليه.

المسألة 51

ما يتقاطر من سقف البيت أو سقف الخيمة و شبهها منفصل في متفاهم

كلمة التقوى، ج 1، ص: 18

العرف عما ينزل من السماء فلا يكون مطهرا لما تحته إذا وقع عليه، و ان كان المطر لا يزال نازلا على السقف.

المسألة 52

يطهر التراب النجس إذا نزل عليه ماء المطر- على الوجه المتقدم- و نفذ إلى أعماقه حال اتصاله بما ينزل من السماء حتى صار التراب طينا بذلك.

المسألة 53

يطهر الحصير المتنجس و الفراش المتنجس المفروش على الأرض إذا أصابهما ماء المطر حتى نفذ الى جميع مواضع النجاسة على الوجه المتقدم، و إذا كانت فيهما عين النجاسة فلا بد من زوالها، و تطهر كذلك الأرض تحت الحصير المفروش إذا كانت نجسة و غمرها ماء المطر الواقع عليه.

المسألة 54

لا ينجس ماء المطر بملاقاة النجاسة حال نزوله من السماء كما تقدم بيانه، فإذا وقع على عين النجاسة ثم وثب على شي ء آخر لم ينجس ذلك الشي ء إلا إذا و ثبت معه عين النجاسة أو تغير بها، و إذا وقع على سطح نجس و تقاطر من السقف أو جرى من الميزاب لم يكن ذلك نجسا و ان مر على عين النجاسة الموجودة على السطح، إلا إذا كان تقاطر السقف و جريان الميزاب بعد انقطاع المطر و فرض انه مر على عين النجاسة بعد الانقطاع فيحكم بنجاسته.

و إذا شك في ان ما يتقاطر من السقف هل مر على عين النجاسة بعد انقطاع المطر أو هو من المتخلف في السقف قبل ذلك حكم بطهارته.

المسألة 55

لا فرق بين الحمام و غيره في الأحكام المتقدمة للماء، فإذا بلغ الماء مقدار الكر أو زاد عليه و اتصل بعضه ببعض اعتصم عن النجاسة، و كان مطهرا لما يغسل فيه من النجاسة، و إذا اختلفت سطوحه بحيث كان يجرى من العالي الى السافل لم يعتصم العالي منه بالسافل و لحقه حكم

كلمة التقوى، ج 1، ص: 19

الماء القليل المختلف السطوح، و إذا بلغ العالي وحده كرا كاملا زائدا على الماء السافل و على ما ينحدر في المجرى الى أن يصل اليه كان العالي مادة عاصمة للسافل فلا ينفعل بملاقاة النجاسة حتى يتغير بها.

و على هذا فلا تنجس الحياض الصغيرة في الحمام بملاقاة النجاسة إذا كانت متصلة بالخزانة، و كانت الخزانة وحدها تبلغ مقدار الكر أو تزيد عليه، و إذا تنجس ماء الحياض الصغيرة أمكن تطهيره باتصاله بماء الخزانة و امتزاجه به على الوجه الذي تقدم بيانه في المسألة العشرين بشرط ان يكون

ماء الخزانة وحده كرا زائدا على ما في الحياض و ما ينحدر في المجرى إليها أو يزيد على الكر.

المسألة 56

إذا كان ماء الخزانة وحدها يبلغ الكر أو يزيد عليه، زائدا على ما في الحياض الصغيرة و ما في المجاري كما تقدم و كان ماء الخزانة يندفع منها بقوة الى ما في الحياض كما إذا كان دفعها ببعض الآلات التي تدفع الماء بقوة كان ما فيها مادة عاصمة لما في الحياض و ان كانت الخزانة أسفل منها أو مساوية لها.

المسألة 57

ماء الأنابيب المعروفة في هذه الأزمان معتصم في نفسه و يجرى له حكم ذي المادة، فإذا فتح الأنبوب في إناء مثلا أو حوض صغير كان ذلك الماء معتصما فلا ينجس بملاقاة النجاسة ما دام متصلا بماء الانبوب الا ان يتغير بأوصاف النجاسة كالماء ذي المادة سواء بسواء، و يطهر المتنجسات التي تغسل به بعد زوال عين النجاسة منها إذا كانت موجودة، و لا يحتاج في التطهير به الى التعدد في الغسل، من غير فرق بين النجاسات و بين المتنجسات و لا يحتاج الى العصر في مثل الثياب و الفرش و نحوها مما ترسب فيه الغسالة.

نعم لا بد من التعفير بالتراب قبل الغسل به من نجاسة الولوغ كما ذكرنا في الماء ذي المادة و لا بد من الامتزاج في الجملة في تطهير الماء المتنجس به، فلا يكفي مجرد الاتصال كما ذكرناه أكثر من مرة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 20

الفصل الخامس في الماء المستعمل

المسألة 58

الماء الذي ينفصل من أعضاء الإنسان إذا غسلت في الوضوء أو الغسل، أو من ماء الاستنجاء أو التطهير من سائر النجاسات، و الذي ينفصل من غسل الأشياء المتنجسة الأخرى يسمى ماءا مستعملا، فإذا كان قليلا دون الكر ترتبت له أحكامه التي سيأتي بيانها في المسائل الآتي ذكرها.

و إذا كان الاستعمال في الماء الكثير أو الجاري أو في أي ماء معتصم آخر كما إذا اغتسل في النهر الجاري أو في الحوض المشتمل على الكر، أو من ماء الأنبوب المتصل بالمادة، و كما إذا استنجى بالماء المعتصم أو تطهر به من النجاسات الأخرى لم تترتب عليه الأحكام الآتية، فإن المياه المذكورة بعد استعمالها لا تزال معتصمة و طاهرة في نفسها و مطهرة لغيرها و لا ريب في ذلك.

المسألة 59

الماء الذي يجتمع من غسالة أعضاء الإنسان في الوضوء طاهر في نفسه و مطهر لغيره، سواء كان الوضوء واجبا أم مستحبا، فيصح استعماله في وضوء آخر و في الأغسال المستحبة و في الغسل من الأحداث الكبرى. و يكفي استعماله في الاستنجاء و في التطهير من النجاسات الأخرى، و كذلك الماء المستعمل في الأغسال المندوبة فهو طاهر و مطهر في جميع ذلك.

المسألة 60

الماء المستعمل في الغسل من الأحداث الكبرى إذا كان البدن طاهرا محكوم بالطهارة فيجوز شربه، و يكفي استعماله في الاستنجاء مثلا، و في تطهير البدن و الثياب و غيرها من النجاسات، و الأحوط ان لا يستعمل في الوضوء و لا في الغسل من الأحداث مع وجود ماء غيره، و إذا انحصر الماء به فلا يترك الاحتياط بالجمع بين الطهارة منه و التيمم.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 21

المسألة 61

لا يضر وقوع القطرات من ماء الغسل في الإناء عند الاغتسال منه إذا كان البدن طاهرا من النجاسة.

المسألة 62

الماء المستعمل في الاستنجاء من البول و الغائط إذا اجتمعت فيه الشروط الآتي ذكرها، طاهر، فلا يجب الاجتناب عنه و لا عن ملاقيه، و يجوز استعماله في الاستنجاء و في تطهير البدن و الثياب و غيرها من النجاسات، و الأحوط ان لا يتوضأ منه و لا يغتسل به مع وجود ماء غيره، و إذا انحصر الماء به فلا يترك الاحتياط بالجمع بين الطهارة منه و التيمم.

المسألة 63

لا يكون ماء الاستنجاء طاهرا حتى يستجمع شروطا خمسة.

الأول: ان لا يتغير بالنجاسة لونه أو طعمه أو رائحته.

الثاني: ان لا يكون البول أو الغائط الذي يستنجى منه متعديا عن موضع الاستنجاء تعديا فاحشا و المعيار في التعدي الفاحش ان لا يصدق على غسله انه استنجاء عرفا.

الثالث: ان لا يلاقي ماء الاستنجاء نجاسة أو متنجسا من خارج و لو من نفس البول أو الغائط الذي خرج من الإنسان.

الرابع: ان لا يخرج مع البول و الغائط اللذين يستنجى منهما نجاسة أخرى من داخل كالدم و المني.

الخامس: ان لا يكون مع ماء الاستنجاء أجزاء متميزة من الغائط،

المسألة 64

ماء الاستنجاء إذا اجتمعت فيه الشروط المتقدم ذكرها محكوم بالطهارة، سواء سبقت اليد على الماء في الوصول الى موضع الاستنجاء أم سبق الماء على اليد أم اتفقا معا، و سواء كان من الغسلة الأولى في التطهير من البول أم من الغسلة الثانية.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 22

المسألة 65

إذا وضع يده على موضع النجاسة لا بقصد الاستنجاء تنجست اليد، فإذا استنجى بها من غير ان يطهرها كان لليد و للموضع حكم سائر النجاسات، و كان الماء المستعمل في تطهيرهما نجسا، و كذلك إذا سبق بيده بقصد الاستنجاء ثم بدا له و لم يعد الى الاستنجاء الا بعد برهة.

و إذا سبق بيده الى الموضع بقصد الاستنجاء ثم بدا له ثم عاد الى الاستنجاء من فوره، أو بعد مدة قليلة يصدق معها أن يده تنجست بالاستنجاء، فماء الاستنجاء طاهر و طهرت به اليد و الموضع.

المسألة 66

إذا شك في ان ماء الاستنجاء هل لاقى نجاسة أو متنجسا من الخارج بنى على عدم الملاقاة و حكم بطهارة الماء، و كذلك إذا شك في انه هل خرجت مع الغائط أو البول نجاسة أخرى من الداخل بنى على عدمها و حكم بطهارة الماء.

المسألة 67

الماء المستعمل في تطهير النجاسات غير ماء الاستنجاء نجس على الأقوى، و لا فرق في ذلك بين الغسلة المزيلة لعين النجاسة و الغسلة غير المزيلة، و لا فرق بين ما يحتاج في التطهير الى التعدد كالأواني و تطهير الثوب و البدن من البول، و ما لا يحتاج.

المسألة 68

لا تخرج الغسلة مهما طال صب الماء فيها على المحل عن كونها غسلة واحدة، و من أجل ذلك يشكل الحكم بطهارة المقدار الزائد من ماء الغسلة الواحدة إذا طال فيها الصب أكثر مما يحتاج إليه في طهارة المحل النجس، فالاحتياط باجتنابه متعين من غير فرق بين ما يحتاج الى التعدد فيه و ما لا يحتاج.

المسألة 69

ما يبقى من الماء في الثوب و الفراش بعد عصرهما في سائر النجاسات

كلمة التقوى، ج 1، ص: 23

بالمقدار المتعارف طاهر لا يلحقه حكم الماء المستعمل، و كذلك ما يبقى فيهما بعد العصرة الأخيرة في نجاسة البول، و كذلك ما يختلف في الإناء بعد إفراغه من ماء الغسلة الأخيرة.

المسألة 70

لا يترك الاحتياط في غسالة ما يحتاج في تطهيره الى تعدد الغسل كالبول، فإذا لاقت غسالته شيئا فالأحوط التعدد في غسل ذلك الشي ء سواء كانت من الغسلة الأولى أو الثانية و كذلك غسالة الإناء إذا لاقت اناء آخر.

الفصل السادس في الماء المشكوك

المسألة 71

إذا شك المكلف في ماء انه نجس أم طاهر، فهو محكوم بالطهارة حتى يعلم بنجاسته أو تقوم عليها حجة شرعية، و إذا علم ان الماء كان في السابق نجسا و شك في تجدد الطهارة له فهو محكوم بالنجاسة حتى يعلم بطهارته أو تقوم عليها حجة شرعية، و سيأتي- ان شاء اللّه تعالى- في (المسألة 142) ذكر ما تثبت به الطهارة و النجاسة.

و إذا شك في ماء انه مباح أو مغصوب، فهو محكوم بالإباحة حتى يثبت انه مغصوب، و إذا علم انه كان في السابق ملكا للغير أو ملكا لنفسه حكم بأنه لا يزال باقيا على الملك السابق حتى يثبت خلاف ذلك، و إذا تردد في ان الماء ملكه أو ملك زيد مثلا فلا بد من الاحتياط بالاستئذان من ذلك الشخص.

المسألة 72

إذا علم المكلف بوقوع النجاسة في أحد الماءين أو المياه الموجودة عنده و لم يعلم بأن النجس أيها على وجه التعيين، وجب عليه اجتناب الجميع، فلا يجوز له ان يتطهر بشي ء منها من خبث و لا من حدث، فإذا لم يكن

كلمة التقوى، ج 1، ص: 24

لديه ماء طاهر آخر وجب عليه التيمم للصلاة. و إذا أريق أحد الإناءين لم يجز له الوضوء بالآخر، و كذلك الحكم إذا علم بأن أحد المياه مغصوب و لم يعلم به على وجه التعيين، فيجب عليه اجتناب الجميع و إذا انحصر الماء بها وجب عليه التيمم للصلاة، و إذا أريق أحد الإناءين لم يجز له الوضوء أو الغسل بالآخر.

و إذا كانت الشبهة في الماء النجس أو الماء المغصوب بين أطراف غير محصورة سقط التكليف فيها، و لم يجب اجتناب شي ء من الأطراف.

و المعيار في كون الشبهة غير محصورة هو

ان تكثر أطراف الشبهة حتى توجب كثرة أطرافها سقوط التكليف بسبب عروض احد الموانع في بعض الأطراف من عسر أو اضطرار أو خروج عن محل الابتلاء فلا يكون العلم الإجمالي في الشبهة منجزا

المسألة 73

إذا علم المكلف بأن أحد الماءين أو المياه الموجودة عنده ماء مضاف و لم يعلم بأن الماء المضاف أيها على وجه التعيين، جاز له ان يتوضأ أو يغتسل بكل واحد من الماءين فيحصل له العلم بأنه قد تطهر من الحدث بماء مطلق فتصح طهارته و تصح صلاته، كما يجوز له ان يتطهر بكل واحد من الماءين من النجاسة إذا كان ثوبه أو بدنه نجسا فيعلم بذلك انه قد تطهر من الخبث بماء مطلق كذلك، فإذا لم يكن لديه غير ذلك الماء المشتبه تعين عليه ان يفعل كذلك تحصيلا لشرط الطهارة الواجبة في الصلاة، و إذا أريق أحد الإناءين جمع بين الوضوء من الآخر و التيمم على الأحوط.

و إذا تكثرت أطراف الشبهة في المياه المعلوم اضافة بعضها كفاه ان يكرر الطهارة بمقدار يعلم بوقوع طهارة واحدة في ماء مطلق منها.

و كذلك الحكم إذا كانت الشبهة في الماء المضاف بين أطراف غير محصورة، و لنفرض في مثال ذلك انه علم بأن واحدا من ألف إناء ماء ماء مضاف، و الباقي منها ماء مطلق، فيجوز له ان يتوضأ باناءين منها أو يغتسل بهما إذا كان حكمه الغسل، فيعلم بذلك صحة طهارته و صحة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 25

صلاته. كما يجوز له ان يتطهر بهما من النجاسة، فيعلم بأنه قد تطهر من الخبث بماء مطلق، فإذا لم يكن لديه غير ذلك الماء المشتبه بالمضاف تعين عليه ان يفعل كذلك تحصيلا لشرط الطهارة الواجبة في

الصلاة، و لا ينافي ذلك عدم وجوب الاحتياط من جهة العلم الإجمالي، لأن الشبهة غير محصورة.

المسألة 74

إذا شك المكلف في ماء انه مطلق أو مضاف، فان علم بأنه كان في السابق ماءا مطلقا و شك في عروض الإضافة عليه بنى على انه لا يزال ماءا مطلقا و صح له ان يتطهر به من الحدث و الخبث، و ان علم بأنه كان في السابق ماءا مضافا و شك في عروض الإطلاق عليه بنى على انه لا يزال ماءا مضافا، و لم تصح له الطهارة به، و ان هو لم يعلم بحالته السابقة فلا يترك الاحتياط بالجمع بين الطهارة منه و التيمم.

المسألة 75

إذا علم بأن أحد الماءين الموجودين عنده نجس و لم يعلم بأن النجس أيهما على وجه التعيين وجب عليه اجتناب الطرفين معا، كما ذكرنا في المسألة الثانية و السبعين، فإذا لاقى أحد الماءين المشتبهين شيئا كما إذا أصاب بعض ذلك الماء ثوبا مثلا فلا يترك الاحتياط باجتناب هذا الملاقي أيضا و خصوصا إذا كان الماءان كلاهما نجسين سابقا ثم علم بطهارة أحدهما لا على التعيين.

المسألة 76

السؤر هو ما يفضل من شراب الإنسان أو الحيوان إذا باشر الإناء بفمه، و قد يطلق على الماء الذي يباشره ببعض أعضائه، و ان لم يشرب منه كبقية ماء الغسل، و يلحق بالماء غيره من المائعات، فإذا شرب الإنسان أو الحيوان منه بفمه فهو سؤر.

و لا تطلق كلمة السؤر على ما يفضل من شراب الإنسان إذا لم يباشره بفمه و لا بشي ء من أعضائه كما إذا ملأ الكأس من الإناء الكبير فشربه فلا يكون باقي الماء الموجود في الإناء سؤرا. و لا تطلق كلمة السؤر

كلمة التقوى، ج 1، ص: 26

على بقية الماء إذا كان كرا أو جاريا و ان شرب منه الإنسان أو الحيوان بفمه كما إذا كرع من النهر أو الحوض الكبير أو شرب من الانبوب المتصل بالمادة.

المسألة 77

سؤر الكافر و الكلب و الخنزير نجس، و يلحق بالكافر في الحكم ولده، إلا إذا أظهر الإسلام و كان عاقلا مميزا فالظاهر طهارته، و يشمل الحكم كذلك من حكم بكفره ممن ينتسب الى فرق المسلمين، و يلحق بالكلب و الخنزير الحيوان المتولد بينهما على الأحوط، و ان لم يطلق عليه اسم أحدهما.

و سؤر الحيوانات الأخرى كلها طاهرة، و ان كان الحيوان حرام اللحم، نعم يكره سؤر الحيوان إذا كان محرم اللحم ما عدا الهرة، و يكره كذلك سؤر المرأة الحائض إذا كانت غير مأمونة بل يكره سؤر غير المأمون مطلقا.

المسألة 78

يستحب التناول من فضل شراب المؤمن، فقد ورد في بعض الأحاديث ان سؤر المؤمن شفاء.

و في بعضها: ان في سؤر المؤمن شفاء من سبعين داء.

بل ورد في بعضها استحباب التبرك به.

الفصل السابع في النجاسات

المسألة 79

أنواع النجاسات اثنا عشر:

الأول و الثاني منها: البول و الغائط، و هما نجسان من كل حيوان لا يؤكل لحمه إذا لم يكن طائرا، و كانت له نفس سائلة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 27

و المراد بكون الحيوان له نفس سائلة ان يكون له دم يجرى حين الذبح، من غير فرق بين ان يكون الحيوان صغيرا أو كبيرا، و بريا أو بحريا، و من غير فرق كذلك بين ان يكون حرام اللحم بالأصالة، كالإنسان و السباع و المسوخ، و ان يكون حرام اللحم بسبب عارض كالحيوان الجلال، و الذي يطأه الإنسان، و الغنم الذي يشرب لبن الخنزيرة، حتى يشتد و ينمو على ذلك، فالبول و الغائط من كل أولئك نجس.

المسألة 80

البول و الغائط من كل حيوان يحل أكل لحمه طاهران حتى من الخيل و البغال و الحمير على الأقوى، و هما كذلك طاهران من كل حيوان ليس له نفس سائلة و ان كان حرام اللحم سواء كان مما لا دم له أصلا كبعض الحشرات أم كان له دم لا يسيل حين الذبح كالسمك المحرم، و هما كذلك طاهران من كل طائر و ان كان حرام اللحم كالخفاش و سائر الطيور المحرمة على الظاهر.

المسألة 81

قد يشك الإنسان في حكم حيوان معين انه يجوز أكل لحمه شرعا أو يحرم، ثم هو مع شكه هذا قد يكون عالما بأن ذلك الحيوان نفسه مما تقع عليه التذكية شرعا و قد يكون شاكا في هذا أيضا، و شكه في كلتا الصورتين قد يكون بنحو الشبهة الحكمية لذلك الحيوان، و قد يكون بنحو الشبهة الموضوعية، فالصور المحتملة في هذه المسألة أربع:

الصورة الأولى: ان يشك الإنسان في حكم ذلك الحيوان المعين هل هو محلل الأكل شرعا أو هو محرم الأكل، و لكنه يعلم ان الحيوان مما تقع عليه التذكية، و تكون الشبهة حكمية.

و مثال ذلك: ان يتولد حيوان خاص بين حيوانين مختلفين و كلاهما مما يقبل التذكية شرعا، و لذلك فهو يعلم ان هذا الحيوان المتولد بينهما مما تقع عليه التذكية، و لكنه يشك في حلية أكله، و الأقوى في ذلك الحيوان انه محلل الأكل، فبوله و خرؤه طاهران.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 28

الصورة الثانية: ان يشك الإنسان في حكم ذلك الحيوان المعين هل هو محلل الأكل شرعا أو هو مما لا يقبل التذكية، فهو يعلم ان الحيوان محلل الأكل إذا كان مما يقبل التذكية شرعا، و هو محرم الأكل إذا كان

مما لا يقبلها، و شكه في حل الحيوان و حرمته انما كان من جهة شكه في ان الحيوان يقبل التذكية شرعا أو لا يقبلها و الشبهة حكمية كذلك.

و الظاهر ان الإطلاق المقامي في النصوص الشرعية التي وردت في التذكية و التي ذكرت لها الآثار و جعلت لها الأحكام يقتضي ان الشارع قد اعتمد في التذكية و شروطها على ما يعتمده أهل العرف في ذلك، و نتيجة لذلك فان بين الشارع للتذكية سببا خاصا أو شرطا أخذ به، و ان لم يبين شيئا خاصا، كان ذلك دالا على انه أمضى ما يعتمده أهل العرف في ذلك.

فإذا شك الإنسان في حيوان انه مما يقبل التذكية شرعا أو مما لا يقبلها، و كان الحيوان يقبل التذكية في نظر أهل العرف كان ذلك دالا على انه يقبل التذكية شرعا، و نتيجة لذلك فالحيوان المعين المشكوك حكمه في هذه الصورة محلل الأكل، و بوله و خرؤه طاهران.

و إذا شك أهل العرف في أمر ذلك الحيوان، فلم يحكموا بأنه مما يقبل التذكية أو مما لا يقبلها، كان مقتضى أصالة عدم التذكية انه محرم الأكل، و الأقوى ان بوله و خرءه طاهران في هذه الصورة أيضا.

الصورة الثالثة: ان يشك الإنسان في حكم الحيوان المعين هل هو محلل الأكل شرعا أو هو محرم الأكل، و هو يعلم ان الحيوان مما تقع عليه التذكية و الشبهة موضوعية.

و مثال ذلك ان يتردد في حيوان خاص بين يديه لسبب من الأسباب التي توجب التردد هل هو من الغنم فيكون حلال اللحم، أو هو ثعلب فيكون محرما، و الحيوان على اى حال يقبل التذكية شرعا، و الأقوى كونه محلل الأكل كما في الصورة الاولى و ان بوله

و خرءه طاهران

كلمة التقوى، ج 1، ص: 29

الصورة الرابعة: ان يشك الإنسان في حكم الحيوان المعين هل هو محلل الأكل شرعا أو هو مما لا يقبل التذكية كما في الصورة الثانية التي تقدم ذكرها و لكن الشبهة موضوعية، و مثال ذلك ان يتردد الإنسان في حيوان خاص بين يديه هل هو من الظباء مثلا فيكون حلال اللحم أو هو متولد بين حيوانين أحدهما لا يقبل التذكية فيكون محرم الأكل لأصالة عدم التذكية.

و الحكم فيه هو ما تقدم في الصورة الثانية فإن كان ذلك الحيوان مما تقع عليه التذكية في نظر أهل العرف حكم بأنه كذلك شرعا و هو محلل الأكل، و ان شك في امره عند العرف كما هو مشكوك شرعا كان مقتضى أصالة عدم التذكية انه محرم الأكل و لكن خرءه و بوله طاهران في كلتا الصورتين.

نعم إذا كان الشاك في الحكم هو العامي و كانت الشبهة حكمية كما في الصورة الاولى و الثانية يكون مخيرا بين ان يحتاط فيجتنب أكل لحم الحيوان و يجتنب كذلك بوله و خرؤه و بين ان يرجع في ذلك الى رأي الفقيه.

المسألة 82

إذا شك المكلف في ان الحيوان له دم سائل عند الذبح أم لا لم يحكم على بوله و خرئه بالنجاسة، سواء كانت الشبهة حكمية كما إذا شك في ان الحية أو التمساح مما له نفس سائلة أم لا، فلا يجب عليه الاجتناب عن فضلتهما، أم كانت الشبهة موضوعية، كما إذا شك في ان هذا الشي ء الذي لاقاه بعرة فأر أو بعرة خنفساء مثلا و حكم العامي في الشبهة الحكمية هنا هو ما تقدم في المسألة السابقة.

المسألة 83

لا يتنجس الشي ء الطاهر بملاقاة النجاسة في الباطن إذا خرج بعد الملاقاة نقيا من عين النجاسة، سواء كان الشي ء الملاقي و النجاسة كلاهما من الباطن كالدود الذي يخرج من معدة الإنسان فلا ينجس بملاقاة الغائط في الباطن. أم كان الشي ء الملاقي من الخارج و النجاسة من

كلمة التقوى، ج 1، ص: 30

الباطن كالنوى الذي قد يبتلعه الإنسان مع الأكل فيلاقي الغائط في الباطن فإذا خرج نقيا من عين النجاسة لم يحكم عليه بالنجاسة أم كان الملاقي من الباطن و النجاسة من الخارج، فإذا أكل الإنسان أو شرب شيئا نجسا سهوا أو عمدا لم يتنجس ريقه بملاقاة ذلك النجس إذا كان الريق نقيا من عين النجاسة.

نعم، إذا دخل الشي ء الطاهر و الشي ء النجس المتكونان في الخارج و تلاقيا في الباطن فالأحوط اجتناب الملاقي و خصوصا إذا كانت الملاقاة في الفم أو الأنف أو باطن السرة و نحوها.

المسألة 84

لا يجوز بيع البول و الغائط النجسين على الأحوط فيهما و ان جاز الانتفاع بهما للتسميد و شبهه.

و الظاهر عدم جواز بيع البول الطاهر لعدم وجود منفعة له مقصودة عند العقلاء توجب كونه مالا في العرف، و يجوز بيع الخرء الطاهر لوجود مثل هذه المنفعة المقصودة فيه و قد تقدم ان فضلة الطيور المحرمة طاهرة، فلا مانع من بيعها إذا وجدت لها المنفعة المقصودة كفضلة الخفاش.

المسألة 85

تلحق بالبول في الحكم بالنجاسة و غيرها الرطوبة المشتبهة التي تخرج من الإنسان بعد البول إذا هو لم يستبرئ منه، و ان كان قد استنجى قبل خروجها فهي نجسة و ناقضة للوضوء و سيجي ء بيان ذلك في مبحث الاستبراء.

المسألة 86

الثالث من أنواع النجاسات: المني.

و هو نجس من كل حيوان له نفس سائلة سواء كان محرم الأكل أم محللا، و سواء كان طيرا أم غيره، و سواء كان بريا أم بحريا، و قد

كلمة التقوى، ج 1، ص: 31

تقدم بيان المراد من الحيوان ذي النفس السائلة في المسألة التاسعة و السبعين، و الظاهر طهارة مني الحيوان الذي ليست له نفس سائلة.

المسألة 87

يلحق بالمني في النجاسة و في وجوب الغسل البلل المشتبه الذي يخرج بعد الجنابة بالإنزال إذا هو لم يستبرئ منها بالبول، فيجب عليه التطهر من هذا البلل و ان كان قد تطهر قبل خروجه، و يجب عليه الغسل بعده و ان كان قد اغتسل من جنايته قبل ذلك و سيأتي تفصيل ذلك في مبحث غسل الجنابة.

المسألة 88

المذي- و هو الماء الذي يخرج أثناء الملاعبة و في بعض حالات التحرك الجنسي- محكوم بالطهارة، و كذلك الودي و هي الرطوبة التي تخرج بعد البول و الاستبراء منه و كذلك الوذي و هو الماء الذي يخرج من الأدواء التي تكون في الموضع فهي جميعا محكومة بالطهارة، نعم هي نجسة إذا خرجت من انسان أو حيوان نجس العين، و كذلك الرطوبات الأخرى التي تكون في الفرج و الدبر.

المسألة 89

الرابع من أنواع النجاسات: الميتة.

و هي نجسة من كل حيوان له نفس سائلة على ما تقدم في معنى الحيوان ذي النفس السائلة، سواء كان حلالا أم حراما، و صغيرا أم كبيرا، و المراد من الميتة هو ما يموت من الحيوان حتف أنفه أو يقتل أو يذبح على غير الوجه الموجب لتذكيته شرعا.

و لا تنجس ميتة الحيوان الذي ليست له نفس سائلة، و ان كان كبيرا كالسمك و لا تنجس ميتة ما يشك في كونه ذا نفس سائلة كالحية و التمساح.

المسألة 90

الأجزاء التي تنفصل من الميتة نجسة كالميتة و ان كانت صغارا،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 32

و يستثنى من ذلك الاجزاء التي لا تحلها الحياة في حال الحياة، كالقرن و العظم و السن و الظفر و الحافر، و الظلف، و المخلب، و المنقار، و الشعر، و الصوف، و الوبر، و الريش، و البيضة إذا اكتست قشرها الأعلى، و ان لم يتصلب فان هذه الأجزاء طاهرة إذا أخذت من ميتة حيوان طاهر العين سواء كان الحيوان مما يحل أكل لحمه أم مما يحرم، نعم لا بد من تطهيرها من النجاسة العرضية إذا أصابتها رطوبة الميتة بنتفها أو قلعها أو إخراجها منها.

و يستثنى كذلك اللبن في ضرع الميتة فهو طاهر و لا ينجس بملاقاة الضرع النجس، نعم لا يترك الاحتياط باجتناب لبن الميتة إذا كانت غير مأكولة اللحم.

و تستثنى كذلك الأنفحة التي تخرج من بطن الجدي أو السخل الميت، فهي طاهرة، و الأحوط ان يقتصر فيها على المادة الصفراء التي يستحيل إليها اللبن الذي يرتضعه قبل ان يأكل، و هي التي تجعل في اللبن فيكون جبنا.

و الأجزاء المذكورة انما تستثنى إذا أخذت من ميتة طاهر العين كما ذكرنا

و اما ميتة نجس العين فلا يستثنى منها شي ء.

المسألة 91

الأجزاء التي تنفصل من الحي نجسة بمنزلة الميتة إذا كانت مما تحلها الحياة، و يستثنى من ذلك الأجزاء الصغار كالثألول و البثور و القشور التي تتكون على القروح و الجروح. و الجلدة التي تنفصل من بعض الأطراف أو من الشفة و أشباه ذلك فهي طاهرة إذا انفصلت من الحي.

المسألة 92

أثبت العلم الحديث ان وعاء المسك كيس رقيق جاف يتولد تحت جلد الذكر البالغ من ظباء المسك، و موضع الكيس دون سرة الظبي و امام قلفته، و ان المسك مادة خاصة تفرز و تخزن في ذلك الكيس،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 33

و يحيط بالكيس منسوج خلوي مملوء بالعروق و يلتصق من الخارج بجلد الحيوان، و فارة المسك هي المجموع من الكيس و ما يحيط به.

و على هذا فلا ريب في طهارة المسك نفسه سواء أخذ من ظبي حي أم مذكى أم ميت و سواء كان سائلا أم جامدا، و لا ريب في طهارة الكيس الذي يحتوي على المسك و اما مجموع الفأرة- و منها المنسوج الخلوي الذي يحيط بالكيس و الجزء من جلد الحيوان الذي يلتصق به و هما مما تحله الحياة، فإن أخذ من الحيوان المذكى فهو طاهر، و كذلك إذا أخذ من الظبي الحي و كانت الفأرة مستعدة للانفصال عن الحيوان، و ان أخذت الفأرة من الظبي الميت أو من الحي و كانت مستعدة للاتصال فالظاهر نجاستها.

نعم يمكن نزع الجلد و المنسوج الخلوي عن الكيس و هو طاهر كما قدمنا. و يطهر ظاهره بالغسل عن النجاسة العرضية بسبب ملاقاتهما، و إذا علم بأن الفأرة قد أخذت من الظبي الميت و شك في تذكيته فهي محكومة بالنجاسة، إلا إذا أخذها من يد المسلم أو من

سوق المسلمين.

اما المسك نفسه و الكيس الذي يحتويه فقد تقدم انهما طاهران في جميع الصور فيمكن نزع الكيس و تطهيره بالغسل عن النجاسة العرضية إذا حصلت كما تقدم.

المسألة 93

إذا وجد شيئا و لم يدر انه جزء من أجزاء الحيوان أم لا لم يحكم بنجاسته، و كذلك إذا علم انه جزء من حيوان و لم يدر انه مما له نفس سائلة أم لا.

المسألة 94

اللحوم و الجلود و الشحوم التي توجد بيد المسلم محكومة بالتذكية و الطهارة إذا كانت يد المسلم مقرونة بتصرفه في ذلك الشي ء تصرفا يناسب الطهارة، كما إذا رآه يبيع ذلك الشي ء أو يأكله أو يصلي فيه، و كذلك الحكم في سوق المسلمين، و كذا ما يوجد مطروحا في أرض المسلمين إذا كان عليه اثر الاستعمال منهم الدال على التذكية، و إذا لم

كلمة التقوى، ج 1، ص: 34

تقترن يد المسلم أو سوق المسلمين بمثل هذا التصرف الذي يناسب الطهارة لم تكن امارة على تذكية الحيوان.

و إذا كانت يد المسلم أو سوق المسلمين مسبوقة بيد الكافر كالجلود و اللحوم المستوردة من بلاد الكفار أشكل الحكم بتذكيتها، بل هو في غاية الإشكال.

المسألة 95

ما يؤخذ من أيدي الكفار من اللحوم و الشحوم و الجلود محكوم بالنجاسة، الا ان يعلم بسبق يد المسلم عليه المقرونة بالتصرف المناسب للتذكية كما تقدم فيحكم بطهارته و حل أكله، و كذلك ما يوجد في أرض الكفار.

المسألة 96

السقط قبل ان تلج فيه الروح نجس على الأحوط بل لا يخلو ذلك من قوة، و كذلك حكم الفرخ إذا انكسرت البيضة قبل ولوج الروح فيه.

المسألة 97

الأحوط اجتناب السقط إذا كان مضغة، و المشيمة، و قطعة اللحم التي تصحب الطفل حين ولادته.

المسألة 98

ما يؤخذ من أيدي الكفار أو من أسواقهم أو يوجد مطروحا إذا لم يدر انه من اجزاء الحيوان أو من غيره فهو محكوم بالطهارة، الا ان يعلم بملاقاته النجاسة فيجب اجتنابه.

المسألة 99

ما يؤخذ من أيدي الكفار أو من أسواقهم أو يوجد مطروحا من شحوم أو لحوم أو جلود إذا شك في انها من حيوان له نفس سائلة أو من غيره كالسمك و نحوه فهي محكومة بالطهارة و لكن لا يجوز أكلها و لا الصلاة فيها.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 35

المسألة 100

إذا خرجت الروح من الحيوان أو الإنسان لحقه حكم النجاسة و ان لم يبرد جسده، نعم، لا يجب على المكلف غسل مس الميت إلا إذا مس الإنسان الميت بعد برده.

المسألة 101

لا يجوز بيع الميتة و لا اجزائها النجسة على الأقوى في ما إذا لم تكن لها منفعة محللة مقصودة تكون بها مالا، و حتى إذا وجدت لها مثل هذه المنفعة على الأحوط، و يجوز الانتفاع بها و بأجزائها النجسة في ما لا يشترط فيه الطهارة.

المسألة 102

الخامس من أنواع النجاسات: الدم.

و هو نجس من كل حيوان له نفس سائلة على ما تقدم في بيان معناه، من غير فرق بين دم الإنسان و غيره، و الصغير و الكبير، و الدم القليل و الكثير.

و يستثنى من ذلك الدم الذي يتخلف في الحيوان بعد ان يذبح أو ينحر إذا خرج ما يتعارف خروجه من الدم، فان المتخلف منه بعد ذلك طاهر، سواء كان تخلفه في اللحم أم في القلب أم في الكبد أم في العروق، الا ان يتنجس بنجاسة خارجية كما إذا لاقى موضع الذبح أو آلة التذكية أو يد الذابح قبل تطهيرها فيحكم عليه بالنجاسة من أجل ذلك، و إذا رجع دم المذبح الى جوف الحيوان لرد نفسه حين الذبح أو انتكاس جسده عن موضع الرأس كان نجسا.

و انما يستثنى ذلك في الحيوان الذي يؤكل لحمه فلا يكون الدم المتخلف طاهرا في الحيوان الذي لا يؤكل لحمه إذا ذبح، بل و لا يكون المتخلف طاهرا في الجزء الذي لا يؤكل من الذبيحة على الأحوط كالطحال و نحوه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 36

المسألة 103

يحرم أكل الدم المتخلف في الذبيحة و شربه و ان كان طاهرا كما ذكرنا، إلا إذا كان في اللحم بحيث يعد جزءا منه.

المسألة 104

يجب اجتناب دم الجنين الذي يخرج من بطن أمه بعد ذبحها و الذي تكون ذكاته بذكاة أمه، إلا في الدم الذي يعد جزءا من لحمه، و كذلك في الصيد الذي يذكى بآلة الصيد على الأحوط، فيلزم اجتناب دمه الا ما يعد جزءا من لحمه.

المسألة 105

الأحوط لزوم الاجتناب عن العلقة المستحيلة من مني الإنسان أو الحيوان، و العلقة في البيض بل و عن نقطة الدم الموجودة فيه.

المسألة 106

دم الحيوان الذي ليست له نفس سائلة طاهر سواء كان صغيرا أم كبيرا، و كذلك دم ما يشك في أن له نفسا سائلة أم لا، كالحية و التمساح، فهو محكوم بالطهارة.

المسألة 107

إذا أصاب الإنسان بعض الدم المتخلف في الذبيحة و شك في انه مما يحكم بطهارته منه أو مما يحكم بنجاسته، فان علم بخروج ما يتعارف خروجه من الدم فالظاهر الحكم بطهارته، و ان شك في خروج ما يتعارف خروجه من الدم فالأحوط بل الأقوى الحكم بالنجاسة.

و إذا أصابه دم بعد خروج ما يتعارف خروجه من الذبيحة و شك في الدم الذي أصابه هل هو من الدم الخارج فيكون نجسا أو من الدم المتخلف فيكون طاهرا حكم بطهارته على الأقوى.

المسألة 108

إذا شك في شي ء أصابه انه دم حيوان أم مائع أحمر حكم بطهارته، و كذلك إذا لم يدر انه دم شاة أم دم سمك، أو لم يدر انه بعض دمه

كلمة التقوى، ج 1، ص: 37

أو دم بق أو برغوث، و كذلك إذا خرج من الجرح أو القرح ماء اصفر و شك في انه دم أم لا فإنه يحكم بطهارته.

المسألة 109

الدم الذي يخرج من بين الأسنان نجس لا يجوز ابتلاعه ما دام موجودا، فإذا استهلك في ماء الفم حتى أصبح معدوما فالظاهر طهارة ماء الفم كله و جواز ابتلاعه، و كذلك الدم الذي يدخل الفم من الخارج حتى يستهلك، و تنعدم أجزاؤه في ماء الفم.

المسألة 110

إذا وقع الدم في قدر المرق حكم بنجاسة المرق و ان كان يغلي، و لا يطهر باستهلاك الدم فيه و ان كان قليلا، و لا تكون النار مطهرة له.

المسألة 111

القيح و هو المادة البيضاء أو الصفراء التي تخرج من الدمل و القروح طاهر، إلا إذا كان مخلوطا بالدم، فإنه يكون نجسا، و كذلك الماء الأصفر الذي يتجمد على الجروح و القروح عند برئها فإنه طاهر، ما لم يعلم كونه دما أو مخلوطا به، و إذا تجمد الدم أو الماء الأصفر المخلوط بالدم لم يزل على نجاسته حتى يستحيل جلدا، فإذا استحال حكم بطهارته.

المسألة 112

السادس و السابع من أنواع النجاسات: الكلب و الخنزير البريان و اجزاؤهما حتى ما لا تحله الحياة منهما كالشعر و العظم و رطوباتهما.

و اما كلب الماء و خنزير البحر فإنهما طاهران.

المسألة 113

إذا تولد هجين بين الكلب و الخنزير، فان تبع أحدهما في الاسم حكم بنجاسته، و ان لم يصدق عليه اسم أحدهما فالأحوط لزوم اجتنابه، و خصوصا إذا كان ملفقا منهما عرفا. و إذا تولد هجين بين أحدهما و حيوان طاهر، فان صدق عليه اسم الكلب أو الخنزير وجب اجتنابه كذلك، و الأحوط اجتنابه إذا لم يصدق عليه اسم الحيوان الطاهر.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 38

المسألة 114

الثامن من أنواع النجاسات: الكافر.

و المراد به من لم يعترف بالالوهية، أو بالتوحيد أو بالرسالة أو بالمعاد، و ان لم ينكرها و من الكافر من أنكر ما علم ثبوته بالضرورة من الدين، و هو عالم بكونه ضروريا بحيث يعود إنكاره لذلك الضروري إلى إنكار الرسالة.

و هو نجس بجميع أقسامه من غير فرق بين الكافر الأصلي و المرتد و حتى الكتابين على الأحوط فيهم احتياطا لا يترك.

المسألة 115

ولد الكافر يتبعه في النجاسة سواء كان من حلال أم من زنا، نعم إذا أسلم الولد بعد بلوغه أو قبله و كان عاقلا مميزا حكم بطهارته.

المسألة 116

إذا كان أحد الأبوين مسلما تبعه الولد في الطهارة إذا كان من الحلال بل حتى إذا كان من الزنا ما دام الولد غير مميز، فإذا صار الولد عاقلا مميزا و لم يعترف بالإسلام فالحكم بطهارته مشكل، و لعل الأقوى النجاسة، و ان كان كلا الأبوين مسلمين.

المسألة 117

الخارجي و الناصبي نجسان، و كذلك الغالي إذا رجع غلوه الى الشرك باللّه أو الى إنكار ذاته تعالى، أو رجع الى إنكار أحد ضروريات الإسلام مع الالتفات الى كونه ضروريا، و لا يحكم بنجاسة المجسمة، و لا المجبرة، و لا القائلين بوحدة الوجود إذا هم التزموا بأحكام الإسلام، و لا بنجاسة سائر فرق المسلمين و لا سائر فرق الشيعة إلا إذا ثبت نصبهم و عداؤهم لبعض أئمة أهل البيت (ع).

المسألة 118

الإنسان الذي يشك في انه مسلم أو كافر لا يحكم بنجاسته، و لكن لا تجري عليه سائر أحكام الإسلام.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 39

المسألة 119

التاسع من أنواع النجاسات، كل مسكر مائع بالأصالة، من غير فرق بين أصنافه و أنواع ما يتخذ منه، و هو نجس و ان جمد بالعرض، كما إذا جمد صناعيا واعد اقراصا أو حبوبا، و اما المسكر الجامد بالأصالة كالحشيشة و أمثالها فهو طاهر و لكنه حرام.

الكحول نجس إذا تحققت له صفة الإسكار، أو كان مأخوذا من المسكر بالفعل، على ان يكون أخذه منه بغير التصعيد، فقد تقدم في مبحث الماء المضاف: أن التصعيد يطهر الماء النجس، و لا يحكم بنجاسة الكحول من حيث وجود المادة فيه، فان المادة موجودة في العنب و في التمر و في الشعير و أمثالها مما يتخذ منه المسكر، مع انها ليست نجسة و لا محرمة- كما هو واضح-، و على هذا فما علم بعدم اسكاره من افراد الكحول، و ما علم بعدم كونه مأخوذا من المسكر، و ما شك في أنه منهما فهو محكوم بالطهارة، و كذلك ما علم بأنه مأخوذ من المسكر بالفعل و كان أخذه منه بنحو التصعيد فهو محكوم بالطهارة ظاهرا.

إذا لم يكن مسكرا بالفعل، و الله العالم.

المسألة 120

إذا غلى عصير العنب أو نش بنفسه أو بحرارة الشمس أو الهواء فالأحوط نجاسته، ثم لا يطهر الا بانقلابه خلا، و إذا غلى بالنار لم يحكم عليه بالنجاسة، و لكنه يكون بذلك حراما، و يحل بذهاب ثلثيه بالغليان بالنار كذلك، و لا يكون حلالا بذهاب الثلثين بالغليان بغير النار كالشمس أو الهواء، بل يكون بذلك نجسا كما تقدم.

المسألة 121

إذا غلى عصير الزبيب أو نش بنفسه أو بحرارة الشمس أو الهواء فالأحوط نجاسته، ثم لا يطهر الا بانقلابه خلا كما ذكرنا في عصير العنب سواء بسواء، و إذا غلى بالنار لم ينجس و لم يحرم على الأقوى.

المسألة 122

لا يحرم نفس العنب إذا غلى بالنار من غير ان يعصر، و كذلك نفس الزبيب و الكشمش و نفس التمر و دبسه فلا تحرم بالغليان، و يجوز وضعها في الأمراق و المطبوخات و لا تحرم بذلك.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 40

المسألة 123

العاشر من أنواع النجاسات: الفقاع.

و هو شراب خاص يتخذ من الشعير، و هو نجس و ان لم يسكر غالبا، و ليس منه ماء الشعير الذي يصفه الأطباء القدامى لبعض الأمراض، و إذا اتخذ الفقاع من غير الشعير لم يحرم و لم ينجس إلا إذا كان مسكرا.

المسألة 124

الحادي عشر من أنواع النجاسات: عرق الجنب من الحرام على الأحوط، و لا تجوز الصلاة فيه في ما إذا كانت الحرمة ذاتية بل مطلقا، و الأحوط- كما قدمنا- اجتنابه في الصلاة و غيرها، سواء كانت الحرمة ذاتية كالزنا، و اللواط، و الاستمناء، و وطء البهيمة، أم غير ذاتية كوطء الزوجة الحائض، و جماع المحرم، و الوطء في الصوم الواجب المعين، و سواء كان من الرجل أم المرأة، و ما يخرج حال الجماع و ما بعده، بل و ما يخرج حين الاغتسال قبل ان يتم، و سواء كان من عرقه هو أم من عرق غيره فيلزم الاجتناب عن ذلك كله.

المسألة 125

إذا لم يستطع الغسل في الماء البارد و خشي من العرق في الماء الحار فليرتمس في الكر الحار، و ينوي الغسل في الآن الثاني من كونه تحت الماء.

المسألة 126

إذا أجنب من حرام ثم أجنب من حلال أو بالعكس فلا يترك الاحتياط باجتناب عرقه في كلتا الصورتين و خصوصا في الصورة الأولى.

المسألة 127

إذا تيمم المجنب من الحرام لأنه لا يجد الماء، حكم بطهارته و طهارة عرقه الذي يخرج منه بعد ذلك، فإذا وجد الماء بطل تيممه، فإذا هو لم يغتسل لحقه حكم الجنب من الحرام.

المسألة 128

الثاني عشر من أنواع النجاسات: عرق الإبل الجلالة، بل الأحوط اجتناب العرق من كل حيوان جلال.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 41

و المراد بالحيوان الجلال: الحيوان المأكول لحمه إذا هو اغتذى بعذرة الإنسان وحدها حتى صدق عليه اسم الجلل عرفا فلا تجري على الحيوان أحكام الجلل إذا كان غذاؤه مخلوطا من العذرة و غيرها، و لا تجري عليه الاحكام كذلك إذا لم يصدق عليه اسم الجلال.

المسألة 129

إذا اغتذى الحيوان بعذرة الإنسان وحدها حتى صدق عليه اسم الجلال عرفا حرم أكل لحمه و شرب لبنه، و حرم أكل بيضه على الأحوط إذا كان مما يبيض، و حكم بنجاسة بوله و روثه كما تقدم في المسألة التاسعة و السبعين، و حكم بنجاسة عرقه إذا كان من الإبل، بل بنجاسة العرق من كل حيوان جلال على الأحوط كما تقدم في المسألة المتقدمة، و لا ترتفع هذه الاحكام حتى يستبرأ الحيوان، و يزول عنه اسم الجلال. و سيأتي بيان ذلك في مبحث المطهرات ان شاء اللّه تعالى.

الفصل الثامن كيف تسري النجاسة

المسألة 130

إذا لاقى الماء القليل أو الماء المضاف، أو أحد المائعات الأخرى شيئا نجسا أو متنجسا حكم بنجاسته جميعا، و قد تقدم بيان ذلك و لتفصيل الحكم فيه.

(تلاحظ المسألة الثالثة. و المسألة الرابعة، و المسألة الخامسة، و المسألة الثانية و العشرون و المسألة السادسة و العشرون).

المسألة 131

إذا لاقى جسم طاهر جامد شيئا نجسا أو متنجسا و كانت في أحد المتلاقيين أو في كليهما رطوبة مسرية حكم بنجاسة موضع الملاقاة من ذلك الجسم الطاهر، و المراد بالرطوبة المسرية هي الرطوبة التي تنتقل أجزاؤها من أحد المتلاقيين الى الآخر بمجرد الملاقاة، و لا تسري النجاسة إذا كانا معا يابسين أو كانت الرطوبة بينهما لا تنتقل من أحدهما إلى الآخر بمجرد الملاقاة.

المسألة 132

إذا كان الجسم الطاهر رطبا بالرطوبة المسرية، و لاقى الشي ء النجس أو

كلمة التقوى، ج 1، ص: 42

المتنجس لم تسر النجاسة الى غير موضع الملاقاة، فإذا كانت الأرض ممطورة مثلا و أصابت النجاسة بعض اجزائها لم تنجس بذلك أجزاؤها الأخرى، و إذا كان الثوب أو البدن مبلولا و لقيت النجاسة بعض نواحيه لم تنجس بذلك نواحيه الأخرى، و كذلك الفواكه و الخضروات الرطبة إذا تنجس بعض اجزائها لم يتنجس بقية أجزائها.

المسألة 133

إذا شك في وجود الرطوبة بين المتلاقيين لم يحكم بالنجاسة و كذلك إذا شك في كون الرطوبة مسرية أم لا.

المسألة 134

و إذا وقع الذباب على النجاسة الرطبة ثم وقع على الثوب أو البدن و هما مبتلان لم يحكم بنجاستهما إلا إذا وجدت مع الذباب عين النجاسة.

المسألة 135

إذا وقعت النجاسة في الدبس الغليظ كفى إلقاء النجس و ما حوله، و لا تسري النجاسة إلى بقية الأجزاء، و كذا في اللبن الغليظ. و السمن و العسل الغليظين.

و أمثال ذلك من المائعات الغليظة، و الفارق بين الرقيق من المائعات و الغليظ: ان الغليظ إذا أخذت منه شيئا بقي مكانه خاليا حين أخذه و ان امتلأ بعد ذلك، و الرقيق إذا أخذت منه شيئا امتلأ مكانه حين أخذه.

المسألة 136

قد تكون النخاعة التي تنزل من الرأس أو النخامة التي تخرج من الصدر غليظة، فيجري فيها الحكم المذكور، فإذا خرجت معها نقطة من الدم لم يتنجس بها غير موضع الملاقاة.

المسألة 137

إذا أصاب الثوب أو الفراش بعض التراب النجس كفى نفضه بمقدار يعلم بزوال ما تيقن علوقه به من ذلك التراب.

المسألة 138

إذا تنجس الشي ء ثم أصابته نجاسة أخرى جرى عليه حكم أشد

كلمة التقوى، ج 1، ص: 43

النجاستين، فإذا تنجس الثوب أو البدن بالدم، ثم تنجس بالبول وجب غسله مرتين إذا كان الغسل بالماء القليل، و وجب عصر الثوب بعد كل منهما، و إذا ولغ الكلب في إناء فيه ماء نجس وجب تعفير الإناء بالتراب ثم غسله ثلاثا، إذا كان بالماء القليل.

و كذلك الحكم إذا علم إجمالا بأن الثوب تنجس اما بالدم أو بالبول و بأن الإناء تنجس أما بالولوغ أو غيره فيجب عليه اجراء حكم أشد النجاستين.

المسألة 139

المتنجس بلا واسطة ينجس ما يلاقيه من الأشياء مع الرطوبة المسرية على الأقوى من غير فرق بين المائعات و الجامدات، و كذلك الحكم في المتنجس بالوسائط الأولى و خصوصا في الماء القليل و المائعات.

و الأحوط التجنب عن ملاقي المتنجس مع تعدد الوسائط أيضا، و ان كان القول بالطهارة في هذه الصورة لا يخلو عن قوة كما في الواسطة الرابعة فما فوقها.

المسألة 140

المتنجس يوجب نجاسة ما يلاقيه إذا كان متنجسا بلا واسطة أو بالوسائط الأولى كما ذكرنا في المسألة المتقدمة، و لكنه لا يوجب له حكم النجاسة التي لاقاها، فالمتنجس بالبول لا يوجب لما يلاقيه من الأشياء حكم نجاسة البول من وجوب التعدد في غسله بالماء القليل، و الإناء المتنجس بولوغ الكلب فيه لا يوجب لما يلاقيه حكم نجاسة الولوغ من وجوب التعفير.

نعم إذا كان الملاقي إناء فالأحوط التعدد في غسله، و إذا صب فيه الماء الذي ولغ فيه الكلب فلا يترك الاحتياط بتعفيره بالتراب بل لا يخلو عن وجه قوي.

المسألة 141

ملاقاة النجاسة في الباطن لا توجب التنجيس، و قد تقدم ذلك في المسألة الثالثة و الثمانين فلتلاحظ.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 44

الفصل التاسع في طرق ثبوت النجاسة و الطهارة

المسألة 142

تثبت نجاسة الشي ء بالعلم بها، و بشهادة البينة العادلة، و باخبار صاحب اليد بها، و لا تثبت بالظن. نعم لا يترك الاحتياط إذا كان الظن اطمئنانيا، و كذلك إذا أخبر العدل الواحد بالنجاسة و أفاد قوله الاطمئنان فلا يترك الاحتياط، و إذا ثبتت نجاسة الشي ء بأحد الوجوه المتقدم ذكرها حكم ببقاء النجاسة حتى يثبت تطهيره منها، اما بالعلم بالتطهير منها كذلك، أو بشهادة البينة العادلة، أو بإخبار صاحب اليد بها، و لا يترك الاحتياط إذا أخبر العدل الواحد بالطهارة و كان قوله موجبا للاطمئنان، كما تقدم.

المسألة 143

إذا علم إجمالا بنجاسة أحد الشيئين، وجب عليه اجتنابهما معا إذا كان كلاهما محلا لابتلائه، فإذا كان أحد الشيئين ليس محلا لابتلائه سقط عنه التكليف بالاجتناب عما هو محل ابتلائه. و المراد بخروج الشي ء عن محل ابتلائه: ان يخرج عن قدرته أو يصبح الخطاب باجتنابه مستهجنا فلا يتوجه إليه.

المسألة 144

لا يجب على الوسواسي تحصيل العلم بالطهارة، و لا يعتمد على قوله في النجاسة، بل يرجع الى المتعارف عند المتشرعة في إزالة النجاسات و التطهير منها.

المسألة 145

لا يشترط في البينة ان يحصل الظن بصدقها، كما لا يشترط ان يذكر الشاهدان مستند شهادتهما بالنجاسة، إلا إذا كان بينهما و بين من يشهدان عنده خلاف في سبب النجاسة فلا بد من ذكر المستند.

المسألة 146

إذا شهدت البينة بأن هذا الثوب أو هذا الماء قد أصابه عرق الجنب

كلمة التقوى، ج 1، ص: 45

من الحرام، أو عرق الحيوان الجلال، أو أصابه ماء الغسالة، كفى في ثبوت النجاسة عند من يقول بها و ان كان الشاهدان لا يقولان بذلك.

المسألة 147

الشهادة بالإجمال كافية في الإثبات كالشهادة بالتفصيل، فإذا شهدت البينة بوقوع النجاسة في أحد الإناءين أو على أحد الثوبين، وجب على المكلف اجتنابهما معا إذا كانا محلا لابتلائه.

المسألة 148

صاحب اليد على الشي ء هو المستولي عليه بنحو يكون الشي ء تابعا لصاحب اليد و لو في الجملة، سواء كان مالكا للشي ء، أم مستأجرا له أم أمينا عليه.

و على هذا فيعتبر خبر الزوجة و الخادمة و المملوكة بنجاسة ما في يدها من أواني البيت و أمتعته و ثياب الرجل، و يحكم عليها بالنجاسة، و يقبل قولها بالتطهير، و كذلك المشرفة على تربية الطفل، و على شؤون المجنون.

و لا يعتبر خبر المولى بنجاسة بدن عبده أو جاريته إذا كان العبد و الجارية مستقلين في الإرادة، و كذا في ثوبهما التابع لهما.

المسألة 149

لا يشترط في قبول خبر صاحب اليد ان يكون عادلا، نعم يعتبر فيه ان لا يكون متهما، و لا يبعد قبول خبره إذا كان مراهقا.

المسألة 150

لا فرق في خبر صاحب اليد بين ان يكون قبل الاستعمال أو بعده، فإذا توضأ الإنسان بماء، و بعد فراغه أخبره صاحب اليد بأن ذلك الماء نجس حكم ببطلان وضوئه و نجاسة أعضائه.

المسألة 151

إذا تعدد صاحب اليد كفى ان يخبر واحد منهم بنجاسة الشي ء فيحكم

كلمة التقوى، ج 1، ص: 46

بها، و إذا أخبر أحد الشريكين بنجاسة الشي ء و أخبر الثاني بطهارته تساقطا، نعم إذا كان أحدهما مستندا في خبره الى العلم، و الآخر الى الأصل قدم الأول على الثاني، و كذلك الحكم في البينتين، فإذا شهدت إحداهما بنجاسة الشي ء و شهدت الأخرى بطهارته، قدمت البينة التي تستند في شهادتها الى العلم على الأخرى التي تستند الى الأصل، و إذا استندتا معا الى العلم أو الى الأصل تساقطتا معا.

و إذا أخبر صاحب اليد بنجاسة الشي ء أو بطهارته، و شهدت البينة العادلة بخلاف قوله، فان استندت البينة في شهادتها الى العلم قدمت على قول ذي اليد في كلا الفرضين، و إذا استند قول صاحب اليد الى العلم و استندت البينة في شهادتها الى الأصل قدم قوله على شهادتها في كلا الفرضين.

المسألة 152

إذا شهدت البينة بسبب الطهارة كفى ذلك عند من يقول بحصول الطهارة بذلك السبب، و ان كان الشاهدان لا يقولان بذلك، فإذا شهدا بأن الثوب المتنجس بالبول قد غسل بالماء الكثير مرة واحدة، كفت شهادتهما عند من يقول بحصول الطهارة بذلك، و حكم بطهارة الثوب، و ان كان الشاهدان يقولان بنجاسة الثوب لأنهما يعتبران التعدد أو الحاجة الى العصر، أو يعتقدان بأن ذلك الماء لا يبلغ الكر، و المشهود عنده يعلم بكريته.

الفصل العاشر في أحكام النجاسة

المسألة 153

الأحكام التي تذكر للنجاسة تثبت كذلك للمتنجس، و للبلل المشتبه الخارج بعد البول، و قبل الاستبراء منه بالخرطات، و للبلل الخارج بعد المني و قبل الاستبراء منه بالبول، و لأحد أطراف الشبهة المحصورة في العلم الإجمالي بالنجاسة أو أحد المذكورات، إذا كان العلم الإجمالي منجزا.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 47

المسألة 154

يشترط في صحة الصلاة طهارة بدن المصلي من النجاسة حتى ظفره و شعره، و طهارة ثيابه الساتر منها و غير الساتر، و طهارة موضع الجبهة في السجود، من غير فرق بين الصلاة الواجبة و المندوبة، و يشترط ذلك في صلاة الاحتياط، و قضاء الأجزاء المنسية في الصلاة، بل يشترط ذلك في سجود السهو- على الأحوط- و في الإقامة.

و يستثنى من اللباس ما لا تتم به الصلاة كالقلنسوة و الجورب، فتصح الصلاة فيه إذا كان نجسا، و يستثنى أيضا ما يعفي عنه في الصلاة من النجاسات، و سيأتي بيانها في الفصل الآتي ان شاء اللّه تعالى.

المسألة 155

الطواف الواجب و المندوب بمنزلة الصلاة فيشترط في صحته طهارة الجسد و الثياب، بل يشترط في صحته طهارة بدن الطائف و لباسه عن كل نجاسة حتى المعفو عنها في الصلاة على الأحوط، و حتى في ما لا تتم به الصلاة.

المسألة 156

الغطاء الذي قد يلتحف به المصلي في أثناء الصلاة اما لعدم الساتر غيره أو لبعض الطواري الأخر، إذا كان ملتفا به على نحو يصدق انه قد صلى فيه يلحقه حكم اللباس في الصلاة، فيجب ان يكون طاهرا، و ان كان متسترا بغيره.

و إذا لم يصدق عليه انه صلى فيه، و انما استعمله كالدثار و شبهه لم تجب فيه الطهارة.

المسألة 157

يكفي في موضع الجبهة ان يكون المقدار الواجب منه في السجود طاهرا، فلا يضر ان تقع الجبهة على موضع بعضه نجس إذا كان البعض الطاهر الذي وقعت عليه يحصل به مسمى السجود، و كانت نجاسة الباقي منه غير مسرية، و لا تضرّ نجاسة باطنه إذا كان سطحه الذي

كلمة التقوى، ج 1، ص: 48

وقعت عليه الجبهة طاهرا و لا تضر نجاسة بعض الجبهة. إذا كانت النجاسة معفوا عنها في الصلاة كالقليل من الدم و كان الموضع الطاهر من الجبهة مما يحصل به مسمى السجود، و لا تضر نجاسة مواضع الأعضاء الأخرى للسجود غير الجبهة إذا كانت نجاستها غير مسرية الى بدن المصلي أو ثيابه أو كانت مسرية و لكنها مما يعفى عنها في الصلاة.

المسألة 158

إذا صلى في النجاسة متعمدا و هو يعلم بالنجاسة و بحكمها بطلت صلاته، و كذلك إذا صلى و هو يعلم بوجود النجاسة و يجهل بأن حكمها هو النجاسة، أو ان الطهارة شرط في صحة الصلاة فتبطل صلاته على الأقوى.

و إذا صلى في النجاسة و هو لا يعلم بوجودها في ثوبه حتى أتم الصلاة صحت صلاته و لم يجب عليه قضاؤها و لا اعادتها.

المسألة 159

إذا تنجس ثوب المصلي أو بدنه و هو في أثناء صلاته و علم بحدوث النجاسة قبل ان يأتي معها بشي ء من أفعال الصلاة، فإن استطاع و هو في الصلاة ان يطهر النجاسة أو يبدل الثوب المنجس أو ينزعه إذا كان عليه ساتر سواه من غير ان يأتي بما ينافي الصلاة وجب عليه ان يفعل ذلك و يتم صلاته و كانت صحيحة على الظاهر.

و كذلك إذا علم بحدوث النجاسة في أثناء الصلاة و شك في انه اتى بشي ء من أفعال الصلاة مع النجاسة أم لا، فعليه ان يتم الصلاة بعد ان يطهر النجاسة أو يبدل الثوب أو ينزعه كما تقدم.

و ان لم يستطع ان يفعل ذلك، و كان الوقت واسعا وجب عليه ان يستأنف الصلاة مع الطهارة، و إذا كان الوقت ضيقا وجب عليه ان يتم الصلاة مع النجاسة، و الأحوط له استحبابا ان يقضيها بعد ذلك.

المسألة 160

إذا علم بنجاسة ثوبه أو بدنه و هو في الصلاة، و علم انه أتى ببعض

كلمة التقوى، ج 1، ص: 49

أفعال الصلاة مع النجاسة، فإن كان الجزء الذي أتى به مع النجاسة مما يمكن تداركه، و كان في استطاعته و هو في الصلاة ان يطهر النجاسة أو يبدل الثوب النجس بطاهر أو ينزعه إذا كان عليه ساترا آخر من غير ان يأتي بما ينافي الصلاة، وجب عليه ان يفعل ذلك و يتدارك الجزء الذي أتى به مع النجاسة و يتم صلاته، و كانت صحيحة على الظاهر.

و إذا كان الجزء مما لا يمكن تداركه، و كان الوقت واسعا بطلت صلاته فعليه اعادتها.

و إذا كان الوقت ضيقا حتى عن إدراك ركعة، فإن أمكنه تطهير النجاسة أو تبديل الثوب النجس أو نزعه

إذا كان عليه ساتر آخر من غير ان يأتي بما ينافي الصلاة فعليه ان يفعل ذلك و يتم صلاته و ان لم يمكنه ذلك لبرد أو لغيره من الضرورات أو لعدم الأمن من الناظر وجب عليه ان يتم صلاته مع النجاسة و كانت صحيحة، و ان كان الأحوط له استحبابا ان يقضيها بعد ذلك.

المسألة 161

إذا نسي نجاسة ثوبه أو بدنه فصلى فيها بطلت صلاته، سواء تذكرها في أثناء الصلاة أم بعدها، و سواء أمكن له تطهير النجاسة أو تبديل الثوب النجس أم لا، فتجب عليه الإعادة إذا كان في الوقت و القضاء إذا كان بعده، و كذلك إذا نسي حكم النجاسة أو حكم الصلاة في النجاسة فصلى فيها فتجب عليه الإعادة أو القضاء.

المسألة 162

إذا غسل ثوبه النجس بنحو علم بطهارته و صلى فيه، ثم تبين له بعد ذلك ان نجاسته لا تزال باقية، فالظاهر صحة صلاته فلا تجب عليه اعادتها و لا قضاؤها، و كذلك إذا شك في نجاسة الثوب فصلى فيه، ثم تبين له بعد الصلاة انه نجس فلا تجب عليه الإعادة إلا إذا كان عالما بأن حالة الثوب السابقة هي النجاسة، فتجب عليه الإعادة إذا كان في الوقت، و القضاء إذا كان بعده.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 50

المسألة 163

إذا نسي نجاسة شي ء فلاقاه بالرطوبة في أحد أعضائه و صلى، ثم تذكر نجاسة الشي ء و علم ان احد أعضائه قد تنجس بملاقاة ذلك الشي ء فالظاهر صحة صلاته.

نعم، إذا كان ذلك العضو من أعضاء الوضوء أو الغسل، و علم انه توضأ أو اغتسل بعد ملاقاة ذلك العضو للنجاسة حكم ببطلان طهارته و بطلان صلاته.

المسألة 164

إذا اضطر إلى الصلاة مع النجاسة و استمر به العذر الى آخر الوقت صحت صلاته معها و لم يجب عليه القضاء بعد الوقت، و إذا يئس من زوال العذر فصلى مع النجاسة في أول الوقت ثم زال العذر و الوقت باق وجبت عليه إعادة الصلاة، فإن هو لم يعدها وجب عليه القضاء بعد الوقت، و كذلك إذا اضطر الى السجود على موضع نجس فتصح صلاته مع استمرار العذر و إذا زال العذر قبل خروج الوقت أعاد الصلاة.

و إذا لم يجد ساترا غير ثوب نجس و أمكنه نزع الثوب و الصلاة عاريا فالظاهر وجوب الصلاة في الثوب النجس مع استمرار العذر كما تقدم.

المسألة 165

إذا لم يجد ساترا غير ثوبين يعلم بنجاسة أحدهما وجب عليه ان يصلي في كل واحد منهما، فان لم يتمكن الا من صلاة واحدة، صلاها بأحد الثوبين ثم قضاها بعد الوقت بثوب طاهر.

و إذا كان لديه مع الثوبين المشتبهين المذكورين ثوب طاهر تخير بين ان يصلي في الثوب الطاهر و ان يكرر الصلاة في الثوبين المشتبهين و لا يتعين عليه الأول و ان كان أحوط.

المسألة 166

إذا تكثرت أطراف الشبهة في الثياب المعلوم نجاسة بعضها كفاه ان يكرر الصلاة بمقدار يعلم بوقوع صلاة واحدة في ثوب طاهر منها.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 51

المسألة 167

إذا تنجس بدن المكلف و ثوبه، و عنده من الماء ما يكفي لتطهير أحدهما فقط، فالظاهر لزوم تطهير بدنه، و إذا تنجس موضعان من بدنه تخير في تطهير أيهما شاء بذلك الماء، الا إذا كانت النجاسة في أحدهما أكثر أو أشد فيتعين، و كذلك إذا تنجس موضعان من ثوبه.

المسألة 168

إذا تنجس بدن المكلف أو ثوبه، ولديه من الماء ما يكفي لتطهير النجاسة أو لطهارته من الحدث، فان استطاع أن يتوضأ أو يغتسل و يجمع غسالة وضوئه أو غسله في إناء و شبهه فيطهر بها النجاسة تعين عليه ذلك، و ان لم يمكنه تطهر بالماء من النجاسة، و تيمم بدلا عن الوضوء أو الغسل و الأحوط استحبابا ان يطهر النجاسة أولا ثم يأتي بالتيمم بعد ذلك.

المسألة 169

إذا سجد على الموضع النجس جاهلا أو ناسيا فالأحوط لزوم الإعادة

المسألة 170

لا يجوز أكل النجس و لا المتنجس و لا شربهما، و يجوز الانتفاع بهما فيما لا يشترط فيه الطهارة.

المسألة 171

لا يجوز بيع الأعيان النجسة للاستعمال المحرم، و قد تقدم ان الأحوط المنع من بيع الميتة و العذرات النجسة مطلقا، و اما المتنجسات فيجوز بيعها إذا وجدت لها منفعة محللة يعتد بها الناس و يبذلون بإزائها المال.

المسألة 172

لا يجوز- على الأحوط- ان يكون الشخص سببا لأكل الآخرين الشي ء النجس أو المتنجس أو شربه، أو يكون سببا لاستعمالهم النجس أو المتنجس في الأعمال التي تشترط فيها الطهارة، فإذا باع شيئا نجسا

كلمة التقوى، ج 1، ص: 52

أو متنجسا وجب عليه أن يعلم المشتري بالنجاسة على الأحوط، و كذلك إذا وهبه أو أجره أو أعاره، فإذا أحضر لضيفه أو لأهل بيته أو لغيرهم طعاما، ثم علم بنجاسته فالأحوط وجوب إعلامهم بل لا يخلو من قوة.

المسألة 173

لا يجب على المكلف ان يعلم الآخرين بالنجاسة إذا رآها في طعامهم أو شرابهم أو ثيابهم التي يصلون فيها و لم يكن هو السبب الذي أعد لهم تلك الأشياء النجسة.

المسألة 174

لا يجوز له ان يطعم الأطفال الأعيان النجسة أو المتنجسة أو يسقيهم إياها، و لا يجوز له- على الأحوط- ان يكون سببا لشي ء من ذلك، و لا يجب عليه منعهم منها إذا لم يكن هو السبب لها إلا في المسكرات و تناول الأعيان النجسة فالظاهر وجوب الردع.

المسألة 175

يحرم تنجيس المساجد و تنجيس بنائها و سقفها و أساطينها و أرضها و بلاطها و آلاتها، و فرشها، و يحرم إدخال النجاسة غير المتعدية إليها إذا أوجب ذلك هتك حرمة المسجد، و يجوز إدخال النجاسة غير المتعدية إذا كانت من توابع الداخل، فيجوز للمسلوس و المبطون و المستحاضة و ذي الجروح و القروح ان يدخلوا المسجد إذا كانت النجاسة في أبدانهم و ثيابهم غير متعدية، بل يستحب لهم دخوله للصلاة فيه و نحوها.

المسألة 176

يجب تطهير المساجد إذا تنجست أو تنجس شي ء من أجزائها و أدواتها و آلاتها التي أشرنا إليها في المسألة المتقدمة. حتى أطراف جدرانها الداخل منها و الخارج على الأحوط، بل لعله الأقوى إذا كانت أرض الجدار من المسجد الا ما كان الواقف قد جعله خارجا عن المسجدية فلا يجب تطهيره إذا تنجس.

و وجوب تطهير المساجد عن النجاسة فوري فلا يجوز التأخير بما ينافي الفورية عرفا. و يجب تقديمه على الصلاة إذا وجد النجاسة في

كلمة التقوى، ج 1، ص: 53

المسجد، و قد حضر وقت الصلاة، فإذا ترك إزالة النجاسة و قدم الصلاة مع سعة وقتها أثم بذلك، و ان كانت صلاته صحيحة على الأقوى، و لا يخلصه من الإثم ان يصلي في مكان آخر.

و إذا اشتغل أحد بتطهير النجاسة و كان قادرا على ذلك جاز لغيره ان يبادر إلى الصلاة، و ان لم يتم الأول عمله بل و ان لم يبدأ به ما لم يكن متراخيا في تأدية الواجب.

________________________________________

بصرى بحرانى، زين الدين، محمد امين، كلمة التقوى، 7 جلد، سيد جواد وداعى، قم - ايران، سوم، 1413 ه ق

كلمة التقوى؛ ج 1، ص: 53

و إذا كان وقت الصلاة ضيقا وجب تقديمها.

المسألة 177

إذا علم بنجاسة المسجد و هو في أثناء الصلاة وجب عليه إتمامها إذا كان ذلك لا ينافي الفورية العرفية لإزالة النجاسة، و الا أبطل صلاته مع سعة وقتها و بادر إلى إزالة النجاسة، و خصوصا إذا كان عالما بالنجاسة قبل الصلاة ثم غفل و صلى، و لكنه إذا ترك الإزالة و أتم صلاته كانت صحيحة على اى حال.

المسألة 178

وجوب إزالة النجاسة عن المسجد كفائي يعم من علم بها من المكلفين القادرين و لا يختص بمن نجسها أو كان سببا لتنجيسها، و إذا توقف تطهيره من النجاسة على مال وجب بذله إلا إذا أوجب الحرج أو الإضرار بحاله، و لا يضمنه من كان سببا للتنجيس.

المسألة 179

إذا توقف تطهير المسجد من النجاسة على حفر أرضه أو تخريب شي ء منه وجب ذلك إذا كان الحفر أو التخريب يسيرا لا يضر بالمسجد و لا يمنع من الصلاة فيه، و وجب ذلك أيضا إذا وجد متبرع بطم أرضه و تعمير خرابه و ان كان كثيرا، و الا فهو مشكل بل ممنوع.

المسألة 180

إذا استلزم تطهير المسجد من النجاسة ان يتنجس بعض المواضع الطاهرة منه، فلا مانع منه إذا طهر بعد ذلك.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 54

المسألة 181

لا فرق بين المسجد العامر و غيره في الحكم، فيحرم تنجيسه إذا كان خرابا و يجب تطهيره إذا تنجس، و إذا غصب المسجد فجعل طريقا أو دارا أو غير ذلك، ففي عموم الحكم له اشكال و لا يترك الاحتياط.

المسألة 182

إذا علم بنجاسة أحد المسجدين وجب عليه تطهيرهما معا، و كذلك إذا علم بنجاسة أحد الموضعين من المسجد.

المسألة 183

إذا لم يستطع المكلف تطهير المسجد بنفسه وجب عليه ان يعلم غيره بالنجاسة إذا احتمل حصول التطهير بإعلامه.

المسألة 184

و بحكم المساجد المشاهد المشرفة فيحرم تنجيس أرضها و بنائها و بلاطها، و يحرم تنجيس القبور المعظمة و ما عليها من صناديق و أضرحة، و ثياب، و ما حولها من حرم و أروقة، و يجب تطهيرها من النجاسة- على الأحوط- و خصوصا إذا استلزم بقاؤها المهانة و ان لم توجب هتكا لحرمة المشهد.

و كذلك الحكم في المصحف الشريف فيجب تطهير ورقه و خطه إذا عرضت له النجاسة بل يجب تطهير جلده و غلافه إذا استلزم بقاء النجاسة مهانة المصحف و هي أعم من الهتك كما ذكرنا.

و تحرم كتابته بالحبر النجس، و إذا كتب به وجب محوه فإذا لم يمكن محوه وجب تطهير ظاهره.

و كذلك التربة الحسينية و تربة الرسول (ص) و سائر الأئمة (ع) المأخوذة من قبورهم فيجري فيها حكم المشاهد المتقدم.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 55

المسألة 185

وجوب تطهير المصحف كفائي يعم من علم من المكلفين القادرين، و لا يختص بمن نجسه، و إذا استلزم تطهيره صرف مال وجب بذله إلا إذا أوجب الحرج و الإضرار بحاله و لا يضمنه من نجسه كما تقدم في حكم المسجد.

الفصل الحادي عشر ما يعفى عنه في الصلاة من النجاسات

المسألة 186

الأول مما يعفى عنه في الصلاة دم الجروح و القروح حتى تبرأ، فتصح الصلاة فيه، سواء كان الدم قليلا أم كثيرا، و سواء كان في ثوب المصلي أم في بدنه، و سواء أمكن للمصلي نفسه ان يتطهر من الدم أو يبدل الثوب النجس بلا مشقة عليه في ذلك أم لا.

نعم، يشترط في العفو عنه أن يكون التطهر من الدم أو تبديل الثوب النجس مما يشق على نوع الناس و ان لم يكن شاقا على المكلف ذاته كما قلنا، فيجب التطهر منه أو تبديل الثوب إذا كان غير شاق على نوع الناس، الا إذا لزم منه الحرج على المكلف نفسه فيسقط عنه ذلك بمقدار ما يرفع الحرج.

و على هذا فيكفي في العفو عن دم الجروح و القروح وجود احدى المشقتين فيه، أما المشقة على نوع الناس، و إذا تحققت هذه حكم بالعفو عن الدم مطلقا كما ذكرنا، و اما الحرج و المشقة على المكلف خاصة، و إذا تحققت هذه حكم بالعفو عن الدم بمقدار ما يرتفع به الحرج.

المسألة 187

لا يجب منع دم الجروح و القروح عن التعدي عن محله، نعم، الأحوط شد الجرح أو القرح إذا كان شده متعارفا، و يشمل الحكم بالعفو ما يتعدى من الدم إلى أطراف موضع الجرح أو القرح التي

كلمة التقوى، ج 1، ص: 56

يتعارف تعدى الدم إليها في مثل ذلك الجرح و الى اللباس المتصل بها، و لا يشمل ما خرج عن المتعارف سواء تعدى بنفسه أو بالمسح عليه باليد أو الخرقة الملوثتين.

و لا يعفى عما ينفصل من دم الجرح أو القرح عن البدن أو الثوب، و ان عاد بعد ذلك إليهما، و إذا نزع الثوب الملوث بالدم ثم لبسه

في وقت آخر فالعفو عن الصلاة فيه لا يزال باقيا ما دام ذلك الجرح باقيا.

المسألة 188

يعفى عن القيح المتنجس الذي يخرج مع دم القروح، و عن الدواء الذي يوضع على الجرح أو القرح فيصيبه الدم، و عن العرق الذي يخرج من الموضع فيلاقي الدم أو الجرح.

و لا يعفى عن الرطوبات الخارجية التي قد تلاقي الدم أو موضع الجرح، و تتعدى إلى الأطراف فيجب التطهر منها الا إذا لزم الحرج بذلك أو الضرر.

المسألة 189

يجب تطهير اليد إذا أصابها دم الجروح أو باشر بها الموضع في مقام العلاج، و لا يشملها العفو و كذلك يجب تطهير الأطراف إذا نجسها بالمسح باليد الملوثة و كانت خارجة عن الحدود المتعارفة لذلك الجرح.

المسألة 190

لا يعفى عن دم الرعاف، و في العفو عن دم البواسير نظر، سواء كانت داخلة أم خارجة، و كذا القروح و الجروح الباطنية التي يخرج دمها الى الظاهر.

المسألة 191

إذا تعددت القروح أو الجروح و تقاربت في الموضع بحيث عدت قرحا واحدا في نظر أهل العرف لحقها حكم القرح الواحد، فإذا بري ء بعضها لم يجب تطهيره، و لم يزل العفو عنه باقيا حتى يبرأ الجميع.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 57

و إذا تباعدت مواضعها بحيث يراها أهل العرف قروحا متعددة، اختص كل واحد منها بحكم نفسه، فإذا بري ء بعضها لزم تطهير موضعه و اختص العفو بالقرح الذي لم يبرأ بعد.

المسألة 192

الثاني مما يعفى عنه في الصلاة: الدم الذي يكون أقل من سعة الدرهم في بدن المصلي أو ثيابه، فتصح الصلاة فيه، سواء كان من دمه أم من دم غيره من الناس و الحيوان، و سواء كان مجتمعا أم متفرقا، و لا يشمل الحكم دم الميتة، و لا دم نجس العين، و لا دم الحيوان غير مأكول اللحم، و لا دم الحيض، بل و لا دم الاستحاضة و النفاس على الأحوط، فلا يعفى عن شي ء من ذلك، و لا يعفى عن الدم المتفرق إذا بلغ مجموعه سعة الدرهم.

و الأحوط في تحديد ذلك ان يكون قطرة بطول عقد السبابة.

المسألة 193

إذا تفشي الدم من أحد وجهي الثوب الى الوجه الآخر منه، فان كان الثوب ذا طبقات فالظاهر تعدد الدم، فإذا بلغ المجموع منه سعة الدرهم أو زاد عليه لم يعف عنه، و كذلك على الأحوط إذا كان الثوب غليظا، و إذا كان الثوب رقيقا أو متوسطا فهو دم واحد.

المسألة 194

المتنجس بالدم لا يلحقه حكم الدم، فلا يعفى عما دون الدرهم منه في الصلاة، و كذلك إذا اختلط الدم بغيره من المائعات فلا يعفى عما دون الدرهم منه.

نعم، إذا كان الدم في الثوب أو البدن أقل من الدرهم، و وقعت عليه بعض الرطوبات من عرق أو ماء أو غيرهما و لم تتعد النجاسة بذلك عن محل الدم ثم جفت الرطوبة و ذهبت عينها فالظاهر بقاء العفو عنه في هذه الصورة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 58

المسألة 195

إذا كان الدم أقل من سعة الدرهم و شك الإنسان في انه من الدم الذي يعفى عن مقداره في الصلاة أم هو من المستثنيات التي لا يعفى عنها بنى على العفو، و كذلك الحكم إذا شك في ان الدم بقدر ما يعفى عنه في الصلاة أم هو أكثر فالظاهر العفو الا ان تكون حالة الدم السابقة هي الكثرة فيستصحب عدم العفو.

المسألة 196

إذا زالت عين الدم و لم تطهر نجاسته فالظاهر بقاء حكم العفو عنه إذا كان دون الدرهم.

المسألة 197

لا يرتفع حكم العفو عن الدم إذا وقع عليه دم آخر و كان المجموع دون سعة الدرهم و ان أصبح الدم غليظا.

المسألة 198

لا يعفى عن الدم إذا وقعت عليه نجاسة أخرى و ان لم تتعد عن موضع الدم، و ان زالت عين النجاسة الثانية، بل و ان فرض عدم وصولها الى الثوب كما إذا جمد الدم فكان حائلا عن وصول النجاسة الثانية الى الثوب.

المسألة 199

الثالث مما يعفى عنه في الصلاة: ما لا تتم الصلاة فيه وحده، و المراد به ما لا يستر العورتين من الملابس، كالجورب و النعل و التكة و القلنسوة و الخاتم و السوار و الخلخال، و منه العمامة إذا خيطت بعد لفها فأصبحت كالقلنسوة فتصح الصلاة في هذا كله إذا كان نجسا، بشرط ان لا يكون متخذا من أجزاء الميتة، و لا من أجزاء نجس العين، و ان لا تكون النجاسة فيه من غير مأكول اللحم إذا كانت عينية.

المسألة 200

الرابع مما يعفى عنه في الصلاة: المحمول المتنجس، سواء كان مما

كلمة التقوى، ج 1، ص: 59

لا تتم الصلاة به منفردا كالساعة و السكين و النقود أم كان مما تتم فيه الصلاة كما إذا حمل الثوب المتنجس في جيبه فتصح صلاته على الظاهر.

و لا يعفى على الأحوط عن المحمول إذا كان متخذا من الأعيان النجسة أو مما تحله الحياة من أجزاء الميتة، و كذا إذا كان من أجزاء ما لا يؤكل لحمه و ان كان طاهرا، فلا يحمل شيئا من ذلك في الصلاة، و ان كان مما لا تتم فيه الصلاة كحافظة النقود تكون من جلد الميتة أو جلد غير المأكول.

المسألة 201

الخامس مما يعفى عنه في الصلاة ثوب الأم التي تربي طفلها إذا لم يكن لها ثوب غيره، فيصح لها ان تصلي بثوبها إذا تنجس ببول الطفل، سواء كان الطفل ذكرا أم أنثى، بشرط ان تغسل الثوب كل يوم مرة واحدة، و كذلك ذات الثياب المتعددة إذا كانت محتاجة إلى لبس الثياب جميعا دفعة واحدة لبرد أو لغيره، و ليس لهن بديل، فإذا غسلتهن مرة واحدة في اليوم صح لها ان تصلي فيهن و ان كن نجسات.

و يختص الحكم بالأم، فلا يشمل غيرها من النساء أو الرجال، و يختص بالعفو عن تنجس ثوبها ببول الطفل فلا يعفى عن تنجس بدنها بالبول، و لا يعفى عن تنجس ثوبها بغائطه و لا سائر نجاساته.

المسألة 202

الأحوط لها ان توقع غسل ثوبها نهارا و تتخير بين ساعاته، و إذا لم تغسل ثوبها في اليوم مرة فصلواتها فيه مع النجاسة باطلة على الأحوط.

و لا يعفى عن نجاسة ثوب الأم إذا كان بول الطفل متواترا إلا إذا لزم الحرج أو الضرر.

المسألة 203

السادس مما يعفى عنه: كل نجاسة في الثوب أو البدن يكون المكلف مضطرا إلى الصلاة معها إذا كان اضطراره مستمرا في جميع الوقت.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 60

المسألة 204

إذا شرب الخمر أو أكل الميتة أو الشي ء النجس مضطرا أو عامدا و لم يمكنه قيئه عفي عن نجاسته في الصلاة لأنه يصبح من البواطن، و كذلك الدم الذي يدخله في عروقه، و العظم النجس الذي يجبر به عظمه إذا اكتسى بعد ذلك لحما، و الخيط المتنجس الذي يخاط به لحمه في العمليات الجراحية إذا نبت عليه اللحم أو سترة الجلد يعفى عنها في الصلاة لأنها من البواطن، بل يعفى عنها قبل ذلك إذا كان مضطرا.

الفصل الثاني عشر في المطهرات

اشارة

و هي أمور:

[الأول من المطهرات: الماء.]
المسألة 205

الأول من المطهرات: الماء.

و هو يطهر كل متنجس يقبل التطهير، الا الماء المضاف النجس فإنه لا يطهر به الا إذا استهلك في الماء المعتصم حتى انعدمت صفة الإضافة منه و أصبح الجميع ماءا مطلقا، فإنه يحكم عليه بالطهارة، و قد تقدم بيان ذلك في المسألة السابعة. و كذلك الحكم في سائر المائعات إذا تنجست، فان الماء لا يطهرها إلا إذا استهلكت في الماء المعتصم و انعدمت أوصافها الخاصة و أصبح الجميع ماءا مطلقا.

و قد تقدم في أحكام المياه تفصيل القول في تنجس الماء و كيفية تطهيره إذا تنجس فلتراجع تلك المباحث، و لتراجع المسألة الثانية عشرة، و التاسعة عشرة و المسألة العشرون، و الثانية و العشرون على الخصوص.

المسألة 206

يشترط في حصول التطهير بالماء ان تزول عين النجاسة عن الشي ء المتنجس حتى الاجزاء الصغار منها، و لا يعتبر زوال رائحة النجاسة و لا لونها و لا سائر أوصافها إذا علم بزوال العين، فلا يضر بقاء لون الدم

كلمة التقوى، ج 1، ص: 61

أو رائحة الغائط مثلا إذا زالت عينهما، الا ان يشك في زوال العين فلا تتحقق الطهارة.

و لا يعتبر ان يكون زوال النجاسة بالغسل بالماء، فإذا أزيلت عينها بمزيل آخر ثم غسل المتنجس بالماء على الوجه المطلوب تحقق التطهير.

المسألة 207

يشترط في التطهير بالماء ان يكون الماء طاهرا، و لا يضره ان يحكم بنجاسته بوصوله إلى الشي ء المتنجس إذا كان ماء قليلا فإذا تم غسله به على الوجه المطلوب حكم بطهارة الشي ء و ان أصبح الماء المغسول به نجسا، فالمراد بالشرط ان يكون الماء طاهرا قبل استعماله في التطهير و ان لا تطرأ عليه نجاسة أخرى حين الاستعمال، و على هذا فلا يصح التطهير بغسالة سائر النجاسات عدا ماء الاستنجاء كما تقدم بيانه في الماء المستعمل.

المسألة 208

يشترط في حصول التطهير بالماء ان يكون الماء مطلقا، فلا تتحقق الطهارة بالغسل بالماء المضاف و ان طرأت عليه الإضافة حين الاستعمال، فإذا تنجس الثوب المصبوغ و أريد تطهيره بالماء القليل اشترط في طهارته ان يكون الماء مطلقا حتى حال عصر الثوب من الغسالة، و نتيجة ذلك ان الماء إذا تلون بالصبغ و خرج بذلك عن الإطلاق لم تتحقق الطهارة للثوب ما دام كذلك الى أن يخف اللون بتكرر الغسل و يحصل الشرط، و ان غسل بالماء المعتصم كفى في طهارته أن يستولي الماء على جميع أجزائه و هو مطلق، و لم يضره ان يصبح الماء مضافا بعد عصره، و لا يتنجس الماء المضاف بذلك.

المسألة 209

يشكل بل يمنع تطهير القند بالماء القليل إذا تنجس ظاهره فضلا عما إذا تنجس باطنه، و كذلك السكر و الملح، و كل شي ء لا ينفذ فيه الماء حتى يكون مضافا، بل يحكم بنجاسة باطنه أيضا بوصول الماء المضاف المتنجس اليه، و يمنع كذلك تطهيره بالماء المعتصم إذا تنجس

كلمة التقوى، ج 1، ص: 62

باطنه، نعم، إذا تنجس ظاهره فقط و طهر بالماء المعتصم طهر ظاهره بمجرد استيلاء الماء عليه و لم يضره ان يكون الماء مضافا بعد ذلك و ان نفذ إلى أعماقه لأنه طاهر كما تقدم.

و إذا تنجس ظاهر النبات (و هو القطع المعروفة التي تعمل من السكر) فيمكن غسله بالماء القليل إذا علم ان الماء لا يزال مطلقا الى حين انفصال الغسالة عنه كما يمكن غسله بالماء المعتصم، و إذا تنجس باطنه فهو غير قابل للتطهير، و كل مائع يتنجس ثم يجمد فان باطنه غير قابل للتطهير.

المسألة 210

لا يعتبر ذلك الشي ء حين غسله أو فركه باليد إلا إذا توقف على ذلك زوال عين النجاسة عنه أو زوال بعض الحواجب التي تمنع وصول الماء اليه أو توقف عليه نفوذ الماء الطاهر في أعماق الشي ء المغسول سواء كان التطهير بالماء المعتصم أم بالماء القليل، و سواء كان الشي ء المغسول من الأواني أم الفرش و الثياب أم غيرها.

المسألة 211

يشترط في التطهير بالماء القليل ورود الماء على النجاسة على الأحوط، فلو جعل الماء في طشت ثم وضع فيه الثوب المتنجس في غير الغسلة المزيلة للنجاسة لم يحكم بطهارة الثوب بغسله به على الأحوط، بل حكم بنجاسة الماء و الطشت بملاقاة الثوب و إذا وضع الثوب النجس في الطشت ثم صب الماء عليه و غسل به ثم عصر الثوب و أريقت الغسالة طهر الثوب إذا كان متنجسا بغير البول.

و ان كان متنجسا بالبول غسل مرة ثانية فصب عليه الماء و غسل به ثم عصر و أخرجت الغسالة فإذا فعل ذلك طهر ذلك الثوب بالعصر و طهر الإناء بعد إخراج الغسالة بالتبعية، و لا بد من ازالة عين النجاسة قبل ذلك إذا كانت موجودة.

و إذا كان الإناء نجسا قبل غسل الثوب فيه فلا بد من ان يغسل ثلاثا على وجه يستولي الماء الطاهر في كل مرة على الثوب النجس و على جميع

كلمة التقوى، ج 1، ص: 63

الأطراف النجسة من الإناء، و يعصر الثوب و تراق الغسالة يغسل ذلك في كل مرة، فإذا تم ذلك طهر الثوب و الإناء، و إذا لم يعم الغسل أطراف الإناء النجسة بقي الموضع الذي لم يتم غسله نجسا، فإذا لاقاه الثوب بعد إخراجه من الإناء تنجس أيضا.

المسألة 212

يشترط في التطهير بالماء القليل ان تنفصل الغسالة عن الشي ء المغسول على الوجه المتعارف، فإذا كان الشي ء مما لا ينفذ فيه الماء كجسد الإنسان، فغسالته التي يعتبر انفصالها هي ما كان من الماء في معرض الانفصال بالفعل عن الشي ء المغسول، فبقية الماء التي يتأخر انفصالها عن الجسم و هي في طريقها الى الانفصال بالفعل تكون من الغسالة التي لا يتحقق الطهر الا بانفصالها،

و ان انفصل قبلها غالب الماء.

و إذا كان الشي ء مما ينفذ فيه الماء كالثياب و الفراش و الوسائد و نحوها، فلا بد من إخراج الغسالة منه على الوجه المتعارف في مثله بالعصر أو ما يقوم مقامه من الضغط أو التثقيل عليه أو دوسه بالرجل و نحو ذلك، و لا تكفي- على الأحوط- متابعة صب الماء عليه حتى يخرج الماء الأول.

و إذا كان الشي ء مما يرسب فيه الماء و لا يقبل العصر كالصابون و الطين و الخزف و الخشب و الخبز فالأحوط أن يطهر بالماء المعتصم، سواء تنجس ظاهره أم باطنه، و إذا وجدت عين النجاسة في باطنه كأجزاء البول مثلا فلا بد من تجفيفه أولا أو إبقائه في الكثير أو الجاري مدة حتى يعلم بزوال أجزاء النجاسة و غلبة الماء الطاهر عليها.

و لا يبعد إمكان تطهيره بالماء القليل أيضا إذا زالت عنه عين النجاسة بالتجفيف و غلب الماء الطاهر على جميع أجزائه المتنجسة فأزال قذارتها، و لكن إحراز غلبة الماء الطاهر عليها مشكل فالأحوط الاقتصار في تطهيره على الماء المعتصم في صورة تنجس باطنه، فضلا عن صورة وجود أجزاء النجاسة فيه، و كذلك الحكم في الأرز و الماش و سائر الحبوب إذا تنجست، و إذا نفذ فيها الماء النجس، و في اللحم إذا طبخ بالماء النجس أو تنجس

كلمة التقوى، ج 1، ص: 64

بعد طبخه فالأحوط الاقتصار في تطهيرها جميعها على الماء المعتصم في صورة تنجس باطنها فضلا عن صورة وجود الماء النجس فيها.

المسألة 213

يشترط في تطهير نجاسة البول بالماء القليل تعدد الغسل، من غير فرق بين الثوب و البدن و الفراش و الأرض و غيرها، و سواء كان بول انسان أم حيوان، و سواء

كان الإنسان مسلما أم كافرا، و سواء كان الحيوان طاهرا أم نجس العين، فلا بد من غسل المتنجس به مرتين، و لا تعد الغسلة المزيلة للنجاسة منهما، و ان استمر في الصب بعد زوال عين النجاسة على الأحوط في هذه الصورة.

و يستثنى من ذلك بول الرضيع غير المتغذي بالطعام إذا كان ذكرا فيكفي في التطهير منه الصب عليه مرة واحدة على وجه يستولي الماء الطاهر على جميع اجزاء النجس بحيث يوجب زوال عين النجاسة أو استهلاكها في الماء الطاهر، و لا يعتبر فيه التعدد و لا يعتبر العصر و ان كان أحوط.

و لا يعتبر التعدد في تطهير غير البول من النجاسات في ما عدا الأواني و سيأتي بيان حكمها ان شاء اللّه تعالى.

المسألة 214

المدار في استثناء بول الرضيع من الحكم المذكور ان يكون الطفل رضيعا ذكرا غير معتاد للتغذي بالطعام، فيكفي الصب مرة في بول الطفل الرضيع غير المعتاد للطعام و ان تجاوز الحولين و لا ينافي ذلك ان يتغدى بالطعام نادرا.

و لا يستثنى بول الأنثى على الأحوط و لا بول الرضيع الذكر إذا اعتاد الغذاء بالطعام و ان كان في الحولين، و لا يستثنى بول الرضيع إذا كان اللبن الذي يتغذى به لبن كافرة، و لا بول الطفل المتولد من كافرين، و لا بول الطفل المغتذي بلبن الحيوان أو باللبن الصناعي على الأحوط في ذلك كله.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 65

المسألة 215

يشترط تعدد الغسل في الأواني إذا تنجست و أريد تطهيرها بالماء القليل.

فإذا تنجس الإناء بغير الولوغ و ما هو بحكمه وجب غسله ثلاث مرات بحيث يستولي الماء الطاهر في كل مرة على جميع الأطراف النجسة من الإناء ثم تراق الغسالة، و هكذا حتى يتم غسله ثلاث مرات، و لا تعد الغسلة المزيلة للنجاسة كما تقدم في المسألة السابقة و ان استمر الصب بعد زوال عين النجاسة على الأحوط.

و إذا تنجس الإناء بولوغ الكلب فيه و هو شربه بلسانه من الماء أو المائع الموجود فيه، وجب تعفيره بالتراب أولا فيمزج التراب الطاهر بمقدار من الماء و يغسل به جميع أطراف الإناء النجسة ثم يزال أثره بالماء ثم يغسل بعد ذلك بالماء مرتين. و كذلك الحكم إذا لطع الإناء بلسانه من غير شرب أو صب فيه ماء الولوغ أو وقع فيه لعاب فم الكلب على الأحوط.

و إذا تنجس الإناء بشرب الخنزير فيه وجب غسله سبع مرات، و كذلك الحكم إذا وجد فيه بالجرذ ميتا فيجب غسله سبعا و

الجرذ هو الكبير من الفأرة البرية.

المسألة 216

إذا تنجس الإناء فيمكن تطهيره بالماء القليل بأن يملأ ماءا ثم يفرغ منه ثلاث مرات أو يجعل فيه الماء ثم يدار فيه باليد أو بآلة غيرها حتى يصل الى جميع أطرافه ثم يخرج منه ماء الغسالة يفعل ذلك ثلاث مرات.

و يمكن ان يصب الماء عليه و يبتدئ بالأعلى مستديرا على جميع أطرافه الى أن ينتهي إلى الأسفل، أو يبتدئ بالأسفل منه مستديرا كذلك حتى ينتهي إلى الأعلى ثم تخرج الغسالة، يصنع كذلك ثلاث مرات.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 66

و إذا كان المتنجس حوضا أو من الأواني الكبيرة المثبتة أخرجت الغسالة منه بنزح و نحوه، و الأحوط تطهير آلة إخراج الغسالة كل مرة، كما ان الأحوط ان يبادر إلى إخراج الغسالة بعد كل غسلة.

و لا يضر وقوع بعض القطرات من ماء الغسالة في الحوض أو الإناء بسبب النزح كما لا يضر الفصل بين الغسلات الثلاث.

المسألة 217

لا تجب الموالاة بين الغسلات في ما يجب فيه تعدد الغسل، فإذا غسل الثوب المتنجس بالبول مرة في اليوم و غسله مرة أخرى في اليوم الثاني كفى في طهارته، و كذلك الإناء المتنجس إذا غسله ثلاثا في كل يوم مرة.

و تجب المبادرة العرفية- على الأحوط- في إخراج الغسالة عن الشي ء المغسول بالماء القليل، فإذا غسل الثوب المتنجس بالماء القليل فلا بد من المبادرة إلى عصره، و إذا غسل الإناء أو الحوض المتنجس بالماء القليل فلا بد من المبادرة إلى إخراج غسالته بالافراغ أو النزح على الأحوط كما تقدم.

المسألة 218

لا يكفي غير التراب عنه في تطهير الإناء من ولوغ الكلب فيه، فلا يكفي تعفيره بالرماد أو الأشنان أو نحوهما، و في تعفيره بالرمل اشكال.

و لا بد من أن يكون تراب التعفير طاهرا قبل استعماله فلا يكفي إذا كان نجسا، و لا بد من ان يكون تعفير الإناء بالتراب قبل غسله بالماء فإذا غسله قبل التعفير لم يطهر.

المسألة 219

إذا ولغ الكلب في الإناء أكثر من مرة كفى في تطهيره ان يعفر مرة واحدة، و كذا إذا ولغ في الإناء، أكثر من كلب واحد.

المسألة 220

لا يختص حكم التعفير من ولوغ الكلب بالظروف، بل يعم الأواني

كلمة التقوى، ج 1، ص: 67

و غيرها مما يكون فيه فضل الكلب يعني سؤره الباقي بعد ولوغه- كما في صحيحة أبي العباس- و هي دليل الحكم في المسألة.

فإذا اجتمع الماء على قطعة حجر أو قطعة حديد أو نحاس و نحوها فولغ منه الكلب لم يطهر الا بالتعفير و كذلك إذا ولغ من حوض صغير.

نعم لا يشمل الحكم مثل الأرض و الحصر و الثياب و شبه ذلك مما لم تجر العادة بتنظيفه بالتراب، فإذا اجتمع عليها شي ء من الماء فولغ منه الكلب لم يجب تعفيره.

المسألة 221

لا يطهر الإناء المتنجس بالولوغ إلا إذا صدق في نظر العرف انه غسله بالتراب، فإذا كان الإناء ضيقا فان صدق ذلك بأن وضع فيه مقدارا من التراب و مزجه بمقدار من الماء ثم حركة في الإناء حتى وصل الى جميع أطرافه ثم أزال أثره بالماء كفى و غسله بعد ذلك بالماء مرتين كما تقدم، و إذا لم يمكن ذلك بقي الإناء على نجاسته.

المسألة 222

ماء الغسالة قبل انفصاله من الشي ء المغسول لا ينجس ما يجرى عليه من الموضع الطاهر المتصل بموضع الغسل، فإذا غسل الموضع النجس من الثوب، لم ينجس الموضع المتصل به من الثوب و ان وصل اليه ماء الغسالة، و كذلك في البدن و غيرهما، فإذا انفصل ماء الغسالة من الشي ء نجس ما يلاقيه.

المسألة 223

إذا طهر الشي ء المتنجس بالماء المعتصم لم يجب انفصال ماء الغسالة عنه، فلا يجب عصره إذا كان مما يعصر كالثياب و الفرش و الوسائد، و لا يلزم إخراج الغسالة عنه إذا كان اناء أو حوضا، و لا يجب فيه التعدد إذا كان مما يجب تعدد غسله في الماء القليل كالمتنجس بالبول و الأواني المتنجسة، نعم لا بد من تعفيره بالتراب قبل غسله بالماء المعتصم إذا كان متنجسا بولوغ الكلب و قد تقدم بيان ذلك في المسألة الثامنة و الأربعين و المسألة السابعة و الخمسين.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 68

و إذا تنجس باطنه كفى في تطهيره ان يبقى في الماء المعتصم حتى يستولي الماء الطاهر على جميع الأجزاء النجسة منه، و إذا وجدت عين النجاسة في باطنه كأجزاء البول مثلا فلا بد من تجفيفه أولا أو إبقائه في الماء المعتصم مدة حتى يعلم بزوال أجزاء النجاسة و غلبة الماء الطاهر عليها، فإذا شك في زوال أجزاء النجاسة من باطنه بنى على انها لا تزال باقية.

و كذلك إذا شك في وصول الماء الطاهر الى الأجزاء النجسة في الباطن بنى على عدم وصوله إليها و حكم ببقاء النجاسة.

المسألة 224

التنور المتنجس يمكن تطهيره بصب الماء الطاهر على أعلى موضع النجاسة حتى يعم الموضع كله الى تحت و تبقى أرض التنور نجسة باجتماع الغسالة فيها، و يمكن ان يحفر لها قبل ذلك حفره في أرض التنور، فإذا اجتمعت الغسالة فيها و جفت طمها بتراب أو طين طاهر، و إذا تنجس التنور كله صب الماء عليه من الأعلى مستديرا حتى يعم جميع أجزائه إلى الأسفل و صنع بالغسالة كما تقدم، و إذا تنجس بالبول غسله كذلك مرتين.

و كذلك الأرض الصلبة إذا

تنجست بغير البول و اجرى عليها الماء حتى استولى على موضع النجاسة حكم بطهارتها، و بقي موضع الغسالة نجسا إذا لم تنفصل إلى بالوعة و نحوها أو يحفر لها حفرة ثم تطم، و إذا تنجست بالبول أجرى عليها الماء مرتين.

و يكفي في انفصال الغسالة ان ترسب في أعماق الأرض إذا كانت رخوة بحيث تعد الغسالة غير متصلة بالظاهر عرفا فيطهر الظاهر و يبقى الباطن نجسا.

و إذا كان التطهير بماء الأنابيب المتعارفة أو بماء معتصم آخر طهر التنور و الأرض بإجرائه على موضع النجاسة و لم يحتج الى تعدد و لم يحكم بنجاسة الغسالة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 69

المسألة 225

إذا تنجست النعل و غسلت بالماء القليل فلا بد من عصرها إذا كان الجلد أو الخيوط رخوة يرسب فيها الماء، و لا يحتاج الى ذلك إذا غسلت بالماء الكثير.

المسألة 226

الذهب و الفضة و ما سواهما من الفلزات إذا أذيبت و صبت في الماء النجس لم يحكم بنجاسة باطنها حتى يعلم بانتشار أجزائها حين الملاقاة بل يحكم بنجاسة ظاهرها فحسب، فيلزم تطهير ظاهرها إذا أريد استعمالهما.

و إذا كان متنجسا فأذيب تنجس ظاهره و باطنه، و كان باطنه غير قابل للتطهير، فإذا طهر ظاهره صح استعماله حتى في الطبخ إذا كان من النحاس مثلا. و يجب تطهيره كلما شك في بروز جزء من باطنه بالاستعمال.

المسألة 227

ما يصوغه الكافر من الحلي لا يحكم بنجاسته حتى يعلم بأن الكافر لاقاه مع الرطوبة المسرية، فإذا علم بذلك و أريد استعماله لزم تطهير ظاهره.

و إذا كان متنجسا فأذيب حكم بنجاسة باطنه و ظاهره و كان باطنه غير قابل للتطهير كما تقدم، فإذا طهر ظاهره صح استعماله، و لكن يجب تطهيره كلما شك في صيرورة الباطن ظاهرا بالاستعمال كما تقدم.

المسألة 228

اللحوم و الشحوم يمكن تطهيرها بالماء الكثير و بالماء القليل إذا أجرى عليها على الوجه المطلوب فاستولى عليها الماء الطاهر ثم أريقت الغسالة، و لا تمنع دسومتهما من تطهيرهما إلا إذا تكاثفت الدسومة فكانت جرما حائلا و كذلك اليد الدسمة إذا تنجست.

المسألة 229

إذا كثف شعر الرأس أو شعر اللحية و أريد تطهيره بالماء القليل فلا

كلمة التقوى، ج 1، ص: 70

بد من عصره، بل لا بد من عصره مع الشك في انفصال الماء عنه بغير عصر.

المسألة 230

إذا طهر الثوب المتنجس ثم وجد فيه بعد غسله بعض الطين أو الصابون أو دقائق الأشنان لم يضر ذلك في طهارة الثوب، إلا إذا علم بعدم نفوذ الماء في أعماق الثوب أو شك فيه، كما إذا كان الطين لاصقا في كلا وجهي الثوب، اما نفس الطين و الصابون و الأشنان إذا كان متنجسا فتتوقف طهارته على نفوذ الماء المعتصم فيه كما تقدم و الا طهر ظاهره فحسب.

المسألة 231

تطهر اليد بالتبع إذا طهر بها الشي ء المتنجس، و كذلك الطشت أو الإناء الذي يغسله فيه و سائر آلات التطهير إذا وجدت، كالخشبة التي يدق بها الفراش لإخراج غسالته، و الحجر الذي يثقله به، فلا تحتاج الى غسل آخر، و لا يحتاج الإناء الى تثليث الغسلات. نعم إذا كان الإناء نجسا قبل الاستعمال فلا بد من الغسل ثلاث مرات لكل من الظرف و المظروف المغسول فيه.

[الثاني من المطهرات: الأرض.]
المسألة 232

الثاني من المطهرات: الأرض.

و هي تطهر باطن القدم، و أسفل النعل من النجاسة التي تعرض لهما بسبب المشي على الأرض، كما إذا وطأ على أرض متنجسة بالبول أو الدم، أو وطأ على عذرة أو ميتة ملقاة في الأرض، و كما إذا دميت قدمه بجرح منها، فإذا مشى بعد ذلك على أرض طاهرة جافة أو مسح قدمه أو نعله المتنجسة بها حتى زالت عنهما عين النجاسة أو عين المتنجس حكم بطهارتهما و إذا زالت عنهما العين قبل ذلك أو لم يكن فيهما عين كفى في طهارتهما مسمى المشي على الأرض أو المسح بها، و يراد بالأرض هنا مطلق ما يسمى أرضا سواء كانت حجرا أم مدرا أم ترابا أم رملا، بل تكفي إذا كانت مفروشة بالحجر أو كانت جصا أو نورة غير مطبوخين.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 71

و لا تكفي إذا كانت معبدة بالقير أو الزفت، أو مفروشة بالخشب، و لا تكفي- على الأحوط- إذا كانت مفروشة بالآجر أو الجص أو النورة المطبوخين.

و لا يكفي في تطهير القدم أو النعل المتنجسين مجرد مماستهما الأرض و لا مسح التراب عليهما.

المسألة 233

يشترط في تطهير الأرض لأسفل القدم و النعل ان تكون الأرض طاهرة و جافة، فلا تطهرهما الأرض النجسة و ان كانت جافة. و لا الرطبة و ان كانت طاهرة، نعم لا تمنع الرطوبة اليسيرة التي لا تنافي صدق اليبوسة.

و الأحوط الاقتصار في الحكم بالتطهير على النجاسة التي تعرض للقدم أو النعل بسبب المشي على الأرض، فلا تطهرهما من النجاسة التي تصيبهما بغير ذلك السبب.

المسألة 234

يشترط في تطهيرها زوال عين النجاسة أو عين المتنجس التي علقت بالقدم أو النعل فتنجس بها، فإذا وطأ على عذرة أو دم مثلا فلا بد من زوال عينهما، و كذلك إذا وطأ على طين أو تراب متنجس بالبول، و المدار ان تزول العين إذا كانت موجودة، و لا يضر بقاء الأثر و الأجزاء الدقيقة التي لا تزول الا بالماء.

المسألة 235

يلحق بباطن القدم و أسفل النعل حواشيهما التي يتعارف وصول التراب و الطين إليها في المشي العادي، فإذا أصابتها نجاسة بسبب المشي، فمشى على الأرض أو مسحها بها حتى أزال عين النجاسة حكم بطهارتها.

و كذلك ما بين أصابع القدم فإذا تنجس بسبب المشي، ثم زالت عين النجاسة عنه بالمشي أو المسح فالظاهر طهارته بذلك.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 72

و كذلك أخمص القدم إذا لامس الأرض بالمشي أو المسح، فالمدار في طهارة أجزاء القدم إذا تنجست على وصولها إلى الأرض بالمشي أو المسح فيطهر منها ما يصل الى الأرض حتى تزول منه عين النجاسة و يبقى الآخر الذي لم يلامسها على نجاسته.

و لا يعم الحكم- على الأحوط- الركبتين و اليدين في المقعد الذي يمشي عليها، و لا يشمل نعل الدابة و لا أسفل عصا الأعرج و خشبة الأقطع.

و يشكل إلحاق ظاهر القدم بباطنه في من كان يمشي عليه لاعوجاج رجله فلا يترك الاحتياط فيه.

و يشمل الحكم جميع أنواع النعل و أصنافه، سواء اتخذ من الجلد أم من الخشب أم من القطن أم من المواد الصناعية المتعارفة في هذا الزمان و يشكل الحكم في الجورب حتى إذا تعارف لبسه بدلا عن النعل.

المسألة 236

إذا شك في طهارة الأرض و هو يعلم انها كانت طاهرة سابقا بنى على طهارتها فتكون مطهرة لنجاسة النعل و القدم، و كذلك إذا لم يدر بأن الأرض كانت نجسة سابقا أو طاهرة، و إذا علم بأنها كانت نجسة سابقا حكم بنجاستها فلا تكون مطهرة لهما.

المسألة 237

إذا علم بوجود النجاسة أو المتنجس في القدم أو في النعل لم يحكم بطهارتهما حتى يعلم بأن عين النجاسة قد زالت بالمشي أو المسح، و كذلك إذا شك في وجود العين، فلا بد ان يمشي أو يمسح حتى يعلم بزوال العين على تقدير وجودها و خصوصا مع احتمال الحيلولة.

المسألة 238

لا يحكم بطهارة النعل أو القدم حتى يعلم بأن ما يطأ عليه أرض، فإذا شك في أنه أرض أو غيرها لوجود ما يمنعه من الرؤية لم يحكم بطهارتهما بالمشي عليه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 73

المسألة 239

إذا وطأ على أرض نجسة فنفذت النجاسة إلى باطن النعل ثم مشى على أرض طاهرة حكم بطهارة أسفل النعل الملاصق للأرض، و لم يطهر باطن النعل الذي نفذت فيه النجاسة.

[الثالث من المطهرات: الشمس.]
المسألة 240

الثالث من المطهرات: الشمس.

و هي تطهر الأرض و ان كانت معبدة بالقير أو الزفت أو مفروشة بالحجر أو الجص أو غيرهما، و تطهر أجزاء الأرض التابعة لها كالحصى و الرمل و المدر و التراب، ما دامت على الأرض و غير منفصلة عنها، و تطهر الأشياء غير المنقولة كالأبنية و الأشجار و الزروع و النبات و ما تشمل عليه الأبنية من جدران و سطوح، و سقوف و أبواب و أعتاب، و سلالم و أخشاب و حديد و غيرها و ما يتصل بالشجر و الزرع و النبات من أوراق و ثمار و حبوب ما دام متصلا بها و ان فات أو ان قطع ما يقطع منها و حصاد ما يحصد، فالشمس تطهر هذه كلها من النجاسات و المتنجسات كافة على الأقوى.

المسألة 241

يشترط في تطهير الشمس الأرض و الأشياء غير المنقولة مضافا الى زوال عين النجاسة و المتنجس منها، ان تكون هذه الأشياء رطبة رطوبة متعدية إلى الكف إذا لامستها، و ان تشرق عليها الشمس حتى تذهب رطوبتها و تيبس.

فلا يكفي في طهارتها ان تشرق الشمس عليها و هي جافة، و لا يكفى ان تجف رطوبتها و لا تيبس، و لا يكفي ان تيبس رطوبتها بغير إشراق الشمس كما إذا يبست بحرارة الهواء أو بشدة الريح أو غير ذلك، و لا يكفي ان تيبس رطوبتها بحرارة الشمس من غير إشراق عليها أو بالإشراق عليها من وراء الزجاج أو من وراء الغيم، أو بالتعاكس في مقابلة مرآة و شبهها، و لا يضر وجود الغيم الرقيق و لا الريح اليسير.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 74

المسألة 242

إذا تنجست هذه الأشياء و كانت جافة، فيمكن ان يصب عليها ماء طاهر أو نجس حتى تكون رطبة، فإذا أشرقت عليها الشمس حتى يبست حكم بطهارتها.

المسألة 243

إذا كان كل من ظاهر الأرض و باطنها نجسا بحيث كانت نجاستها متصلة، و كانا رطبين بحيث كانت رطوبتهما متصلة كذلك، ثم أشرقت الشمس على الظاهر حتى أيبست كلا من الظاهر و الباطن حكم بطهارة الجميع، من غير فرق بين ان يكون الظاهر و الباطن متحدين في النوع أو مختلفين ما داما يعدان جزءين من الأرض، فإذا كان ظاهر الأرض حصى أو كانت معبدة بالقير أو مفروشة بالحجر مثلا، و كان الباطن رملا أو حديدا أو غيرهما، فان الباطن يطهر بالإشراق على الظاهر مع الشروط المتقدم ذكرها، و كذلك الحكم في غير الأرض مما لا ينقل.

و لا يطهر الباطن بإشراق الشمس على الظاهر إذا كان الباطن وحده هو النجس أو كانت النجاسة فيهما أو الرطوبة غير متصلة، أو كان يبس الظاهر في وقت و يبس الباطن في وقت آخر مثلا، و لا يطهر الباطن بإشراق الشمس على الظاهر إذا كانا متعددين متلاصقين، و يشكل الحكم بطهارة الوجه الداخلي من الجدار بالإشراق على الوجه الخارج منه، و ان كان الجدار كله نجسا و رطبا و تحقق اليبس في كلا الوجهين معا.

المسألة 244

لا تطهر الشمس الأشياء المنقولة إذا تنجست حتى الحصر و البواري على الأقوى، نعم، إذا كانت الحصر أو البواري جزءا مما لا ينقل كالأبنية المتخذة من القصب، و كما إذا اتخذت سقفا لبعض البيوت، جرى فيها الحكم و طهرتها الشمس إذا اجتمعت فيها الشروط.

المسألة 245

يلحق الحصى و المدر و الرمل و التراب و الأحجار حكم الأرض ما دامت

كلمة التقوى، ج 1، ص: 75

عليها بحيث تعد من أجزائها في نظر العرف كما تقدم، فإذا انفصلت عنها لحقها حكم المنقول فلا تطهرها الشمس، بل و كذلك إذا جمعت في موضع من الأرض لتنقل الى غيره و ان لم تنقل بعد، و كذلك المسمار و الوتد الثابتان في الأرض أو في الجدار، و الظروف المثبتة فيها، فان الحكم المذكور يلحقها ما دامت ثابتة غير منقولة، فإذا تنجست أمكن تطهيرها بالشمس، و إذا قلعت من مواضعها لحقها حكم المنقول الا ان تثبت مرة أخرى.

المسألة 246

لا يحكم بطهارة الأرض أو الشي ء المتنجس الآخر حتى يعلم بوجود الشروط المعتبرة في تطهير الشمس، فإذا شك في زوال عين النجاسة عن الشي ء بعد العلم بوجودها لم يحكم عليه بالطهارة، و كذلك إذا شك في وجود الرطوبة في الموضع حال يبسه بإشراق الشمس عليه، أو شك في إشراق الشمس على الموضع النجس لعروض بعض الموانع منه، أو شك في يبس الموضع بإشراق الشمس عليه أو شك في ان يبوسة الموضع كانت بسبب إشراق الشمس عليه أو بسبب آخر فلا يحكم بطهارة الشي ء المتنجس في جميع ذلك.

[الرابع من المطهرات: الاستحالة.]
المسألة 247

الرابع من المطهرات: الاستحالة.

و هي ان يتبدل الجسم إلى شي ء آخر، فيطهر الجسم النجس أو المتنجس إذا أحالته النار رمادا أو دخانا أو بخارا، و كذلك ما يستحيل بخارا بغير النار، بل و ما يستحيل رمادا أو دخانا بغيرها كما قد يتفق ببعض الوسائل الحديثة فتفعل فيه ما تفعله النار.

و كذلك الكلب و غيره من الميتات إذا استحال ملحا، و العذرة النجسة إذا صارت دودا أو ترابا، و النطفة النجسة إذا أنشئت إنسانا أو حيوانا طاهرا.

المسألة 248

من الاستحالة المطهرة أن يشرب الحيوان المأكول اللحم ماء نجسا

كلمة التقوى، ج 1، ص: 76

فيصبح بولا له أو عرقا أو لعابا، و من الاستحالة المطهرة ان يأكل الحيوان المأكول اللحم غذاءا نجسا أو متنجسا، فيصير خرءا له أو لبنا، أو يصبح جزءا من لحمه و شحمه، و من الاستحالة المطهرة ان يسقى الشجر أو الخضروات أو النباتات ماء نجسا، أو يسمد بالميتة أو العذرة فتصير جزءا من حاصلاتها و ثمارها.

المسألة 249

إذا استحال الشي ء النجس أو المتنجس بخارا حكم بطهارته كما تقدم، فإذا استحال البخار عرقا فهو محكوم بالطهارة كذلك، الا ان يكون العرق فردا من تلك الحقيقة التي استحال عنها، بحيث تترتب عليها أثارها و خواصها، فيحكم بنجاسته كما في الخمر فإنه بعد ان يستحيل بخارا بالتصعيد ثم يصير عرقا يكون مسكرا كأصله.

المسألة 250

لا يطهر الطين النجس إذا صيرته النار خزفا أو آجرا، و لا يطهر ما صيرته جصا أو نورة، و في طهارة الخشب النجس إذا صيرته النار فحما اشكال.

[الخامس من المطهرات: انقلاب الخمر خلا.]
المسألة 251

الخامس من المطهرات: انقلاب الخمر خلا.

فإنه يوجب طهارتها و حلها، سواء انقلبت خلا بنفسها أم بعلاج كما إذا ألقي فيها شي ء طاهر يوجب انقلابها خلا من غير فرق بين ان يستهلك ذلك الشي ء الذي يلقى فيها أو يبقى على حاله، فتطهر هي و يطهر الشي ء الملقى فيها إذا كان باقيا على حاله.

المسألة 252

إذا وقع في الخمر بعض النجاسات الأخرى أو لاقت شيئا منها في حال كونها خمرا، أو وضعت في إناء تنجس بغيرها، ثم انقلبت خلا لم يحكم بطهارتها على الأحوط، و خصوصا إذا كانت النجاسة الخارجية التي وقعت فيها أو التي لاقتها أشد حكما من الخمر كالبول و الولوغ، و كذلك

كلمة التقوى، ج 1، ص: 77

العنب و التمر إذا كانا نجسين ثم صارا خمرا، فان هذه الخمر لا تطهر بانقلابها خلا على الأحوط.

المسألة 253

إذا نش عصير العنب أو غلى بنفسه أو بحرارة الشمس أو الهواء حكم بنجاسته على الأحوط فإذا انقلب بعد ذلك خلا حكم بطهارته، و لا يطهر بغير ذلك، و كذلك عصير الزبيب إذا نش أو غلى بنفسه أو بحرارة الشمس أو الهواء كما تقدم بيان ذلك في المسألة المائة و العشرين و ما بعدها.

المسألة 254

لا يطهر بالانقلاب شي ء من المتنجسات و لا شي ء من النجاسات غير الخمر و العصير كما تقدم، و لا يطهر الخمر و لا العصير بانقلابهما الى غير الخل، و يشترط في العصير ان لا يلاقي نجاسة أخرى، فإذا وقعت فيه نجاسة أو لاقى نجسا غير الخمر، أو كان العنب أو الزبيب متنجسا قبل ذلك لم يطهر العصير بانقلابه خلا، و كذلك التمر المتنجس لا يطهر عصيره بصيرورته خلا.

المسألة 255

لا تطهر الخمر و لا تزول حرمتها إذا زال منها سكرها، بنفسها أو بإلقاء مادة ترفع منها السكر الا ان تنقلب خلا.

المسألة 256

لا ينجس عصير العنب إذا غلى بالنار و لكنه يكون حراما، و يحل بذهاب ثلثيه بالغليان بالنار كذلك، و لا يكفي ذهاب ثلثيه بالغليان بغير النار كما إذا غلى بالشمس أو بحرارة الهواء بل يكون بذلك نجسا كما تقدم.

اما عصير الزبيب فلا ينجس و لا يحرم إذا غلى بالنار على الأقوى.

و كذلك العنب إذا غلى بالنار من غير أن يعصر، و كذا- نفس الزبيب و الكشمش و التمر و دبسه فلا تحرم بالغليان و قد تقدم بيان ذلك في المسألة المائة و الثانية و العشرين.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 78

[السادس من المطهرات: الانتقال]
المسألة 257

السادس من المطهرات: انتقال دم الإنسان أو الحيوان ذي النفس السائلة إلى جوف حيوان لا نفس له، بحيث، يصبح الدم مضافا الى هذا الحيوان، كدم الإنسان يمتصه البق أو البرغوث أو القمل فيقال له بعد ذلك دم البق أو البرغوث.

و لا يكون الانتقال مطهرا حتى تصح هذه الإضافة في نظر أهل العرف، فإذا علم بأنه لا يزال دم الإنسان، أو شك في صيرورته دم ما لا نفس له سائلة لم يحكم عليه بالطهارة، كالدم الذي يمتصه العلق من الإنسان، و كالدم الذي يمتصه البق فيقتله الإنسان قبل ان تعلم اضافة الدم إليه.

المسألة 258

لعل من الانتقال الموجب للطهارة ما يشربه الحيوان المأكول اللحم من البول أو الماء النجس فيستقر في أمعائه قبل ان يستحيل بولا للحيوان أو عرقا له أو لعابا، و ما تمتصه جذور الشجر و النبات من البول أو الماء النجس فيجري في عروقه و أصوله قبل ان يستحيل اجزاء له، و على اي حال فلا إشكال في طهارته في كلا الموردين.

[السابع من المطهرات: الإسلام]
المسألة 259

السابع من المطهرات الإسلام، و هو يوجب طهارة بدن الكافر الذي يدخل في الإسلام من نجاسة الكفر، و طهارة ما يتبع بدنه من رطوباته المتصلة به كالعرق و الدمع و فضلات الفم و الأنف، و الوسخ في بدنه.

و لا تطهر النجاسة الخارجية التي أصابت بدنه حال الكفر و ان زالت عينها منه قبل إسلامه.

و لا تطهر- على الأحوط- ثيابه التي لاقت بدنه مع الرطوبة المسرية حال كفره، و خصوصا إذا لاقاها مع الرطوبة كافر آخر، كما إذا غسلها بيده بعض ذويه من الكفار، و يتبعه في الطهارة ولده غير المميز.

المسألة 260

يطهر بالتوبة و الرجوع الى الإسلام بدن المرتد، و ان كان ارتداده

كلمة التقوى، ج 1، ص: 79

عن فطرة على الأقوى، و تقبل عباداته، و ان ثبتت في حقه أحكام المرتد الفطري و وجب تطبيقها مع الإمكان فلا تسقط هذه الأحكام بالتوبة، فيجب قتله و تبين منه زوجته، و على الزوجة ان تعتد منه عدة الوفاة، و تنتقل أمواله الموجودة حين ردته الى ورثته.

المسألة 261

يقبل إسلام الصبي إذا كان مميزا عاقلا، و تترتب عليه احكامه، و ان كان أبواه كافرين حيين، و تراجع المسألة المائة و الخامسة عشرة، و المائة و السادسة عشرة.

المسألة 262

إذا أظهر الإنسان الشهادتين اجري حكم الإسلام العام عليه و ان علم بنفاقه الا ان يظهر ما يخالف الإسلام.

[الثامن من المطهرات: التبعية.]
المسألة 263

الثامن من المطهرات: التبعية. و هي ان تثبت الطهارة لبعض الأشياء بتبع غيرها، و الثابت من هذا عدة موارد:

(1): إذا أسلم الكافر حكم بطهارة رطوباته المتصلة به تبعا لطهارة بدنه، كعرقه و فضلات فمه و انفه، و الوسخ الموجود في بدنه.

(2): إذا أسلم الكافر تبعه في الطهارة ولده غير المميز سواء كان المسلم هو الأب أو الجد للأب أو الأم، و اما الولد المميز العاقل فإن أظهر الإسلام حكم بإسلامه، و طهارته مستقلا كما تقدم، و ان هو أظهر الكفر أو لم يعترف بالإسلام فالأقوى فيه النجاسة.

(3): إذا انقلبت الخمر خلا حكم بطهارتها و حكم بطهارة ظرفها بالتبع، و كذلك عصير العنب و الزبيب إذا غلى أو نش بغير النار فإنه يكون بذلك نجسا على الأحوط كما تقدم في المسألة المائتين و الثالثة و الخمسين، فإذا انقلب خلا حكم بطهارته و طهارة الإناء الذي يحتويه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 80

(4): إذا غسل الميت المسلم على الوجه المطلوب حكم بطهارته، و حكم بطهارة الثوب الذي يغسل فيه أو الخرقة التي تستر بها عورته، و يد الغاسل الذي يقبله و يستظهر بها وصول الماء الى غوامض بدنه، و السدة التي يغسل عليها، و إذا كان طول السدة أو عرضها أكثر مما يتعارف فالأحوط اختصاص الطهارة بموضع تقليب الميت، و مجرى ماء غسله و لا تعم الأطراف غير المتعارفة.

(5): إذا طهر الشي ء النجس بالماء القليل حكم بطهارة يد الغاسل التي تباشر الغسل و العصر، و الإناء الذي يغسل فيه الثوب و شبهه، و الآلة التي قد يحتاج إليها في

كبس الفراش أو تثقيله لإخراج غسالته، و تراجع المسألة المائتين و الحادية و الثلاثين.

[التاسع من المطهرات: زوال عين النجاسة]
المسألة 264

التاسع من المطهرات: زوال عين النجاسة من جسد الحيوان و من باطن الإنسان، فيحكم بالطهارة بمجرد زوال عين العذرة و رطوبتها عن منقار الدجاجة و أمثالها، و بمجرد زوال الدم عن منقار طير الصيد و مخالبه، و عن فم الهرة، و يحكم بالطهارة في ولد الحيوان بمجرد زوال الدم الذي يتلوث به جسده حين التولد، و يطهر جسد الحيوان بزوال الدم من الجرح الذي يصيبه أو النجاسة الأخرى التي قد يتلوث بها.

و كذلك تطهر بواطن الإنسان من أي نجاسة أو متنجس يلاقيها بمجرد زوال عين تلك النجاسة أو المتنجس، فيطهر فم الإنسان و ريقه و أسنانه و لسانه بمجرد زوال الدم الذي يخرج من فمه، أو النجاسة أو المتنجس الذي قد يأكله أو يشربه عامدا أو جاهلا، و تطهر عينه بزوال الدم أو الكحل المتنجس منها، و كذلك الأنف و الأذن و غيرهما من البواطن.

بل الأقوى عدم تنجس ما في الباطن إذا لاقى النجاسة فيه، سواء كانت النجاسة داخلية أم خارجية، فلا يتنجس الريق، و لا الأسنان، و لا اللسان بملاقاة الدم الذي يخرج من الفم أو يدخل اليه من الخارج إذا لم يتغير به، و لا يتنجس الطعام في الفم بملاقاة الدم الذي يخرج من الفم إذا كان الطعام نقيا منه، فإذا استهلك الدم أو زالت عينه

كلمة التقوى، ج 1، ص: 81

جاز ابتلاع الريق و ابتلاع الطعام، و إذا أصاب الريق أو الطعام يده و كان نقيا من الدم لم تتنجس يده و ان كان الدم موجودا في بعض جوانب الفم.

نعم، إذا كان الشي ء الطاهر و الشي ء النجس كلاهما

مما يتكون في الخارج و تلاقيا في الباطن، فالأحوط الحكم بالنجاسة، و خصوصا إذا كانت الملاقاة في البواطن غير المحضة كالفم و الأذن و الأنف و باطن السرة، و قد تقدم بيان ذلك في المسألة الثالثة و الثمانين، و تقدمت الإشارة إليه في المسألة المائة و الحادية و الأربعين.

المسألة 265

الأحوط في مطبق الشفتين و مطبق الجفنين ان يجريا مجرى الظاهر في باب الطهارة الخبثية، فلا بد من تطهيرهما مع ملاقاة النجاسة أو المتنجس و ان زالت عنهما عين النجاسة، و ان كانا من الباطن في الوضوء و الغسل على الأقوى فيجب غسل ما يظهر منهما بعد التطبيق.

المسألة 266

ما يشك فيه انه من الظاهر أو الباطن يحكم فيه بالطهارة إذا لم تكن فيه عين النجاسة الا ان تكون له حالة سابقه يعلم بها فيجب الأخذ بها، و إذا كان الشك من جهة الشبهة المفهومية، فعلى العامي ان يرجع الى مقلده أو الى الاحتياط.

العاشر من المطهرات: استبراء الحيوان الجلال.
المسألة 267

فإنه يطهره من نجاسة الجلل، و قد تقدم بيان معنى الجلل و ذكر بعض أحكامه في المسألة المائة و الثامنة و العشرين و ما بعدها فلتراجع.

و استبراء الحيوان الجلال: هو ان يمنع من أكل العذرة، و يقتصر في تغذيته على العلف الطاهر حتى يزول عنه اسم الجلل، و تمضي المدة المنصوصة في الحيوان على الأحوط، فإذا زال عن الحيوان اسم الجلل لم تنتف عنه أحكامه حتى تنقضي المدة المنصوصة فيه، و إذا مضت المدة في الحيوان قبل زوال الاسم لم تنتف عنه أحكام الجلل حتى يزول الاسم.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 82

و المدة المنصوصة هي: أربعون يوما في الإبل، و ثلاثون يوما في البقر، و عشرة أيام في الغنم، و خمسة أيام أو سبعة في البطة، و ثلاثة أيام في الدجاجة، و في غيرها يكفي زوال اسم الجلل عنه.

فإذا تم استبراء الحيوان على الوجه المتقدم ذكره حكم بطهارة بوله و روثه و عرقه و حل أكل لحمه و شرب لبنه و أكل بيضه إذا كان مما يبيض.

الحادي عشر من المطهرات:
المسألة 268

الاستنجاء بالأحجار أو ما يقوم مقامها، فإنه يطهر موضع النجو من نجاسة الغائط، و سيأتي ان شاء اللّه تعالى بيان ذلك و ذكر شرائطه في مبحث الاستنجاء.

الثاني عشر من المطهرات: خروج الدم بالمقدار الذي يتعارف خروجه من الحيوان حين يذبح أو ينحر،
المسألة 269

فإنه يوجب طهارة ما يبقى من الدم في ذلك الحيوان، و تراجع المسألة المائة و الثانية.

الثالث عشر من المطهرات: غيبة الإنسان المسلم.
المسألة 270

و هي توجب الحكم ظاهرا بطهارته و طهارة ثيابه و فراشه و أوانيه و سائر توابعه إذا عرضت النجاسة على بعض هذه الأشياء قبل غيبته.

و يشترط فيه:

1- ان يكون ذلك الإنسان المسلم عالما بنجاسة الشي ء قبل غيبته.

2- و ان يجده المكلف بعد الغيبة يستعمل ذلك الشي ء في ما يعلم هو بأن الطهارة شرط فيه كالصلاة فيه أو الأكل و الشرب فيه.

3- و ان يحتمل ان يكون قد طهر الشي ء حال غيبته.

فيحكم المكلف بطهارة ذلك الشي ء ظاهرا، فيلاقيه مع الرطوبة و يستعمله في ما يشترط فيه الطهارة إذا وجدت له بقية الشروط، و إذا لم تجتمع هذه الشروط الثلاثة لا تكون الغيبة مطهرة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 83

المسألة 271

إذا غاب كل من الولي و الصبي مع استجماع الشرائط المتقدم ذكرها، و علمنا أن الولي- بحسب اجتهاده أو تقليده- لا يعد غيبة الطفل امارة على الطهارة، حكم بطهارة الطفل و ثيابه و ما يتعلق به سواء كان الطفل مميزا أم غير مميز، بل الظاهر جريان الحكم بالطهارة في الصبي المميز وحده إذا تمت فيه الشرائط المتقدم ذكرها.

المسألة 272

الظاهر ان كل حيوان يكون من ذوات الجلود المعتد بها فهو مما يقبل التذكية في نظر أهل العرف، و قد تقدم منا في المسألة الحادية و الثمانين ان الإطلاق المقامي في النصوص الشرعية التي وردت في التذكية و التي ذكرت لها الآثار و الأحكام يقتضي ان الشارع قد اعتمد في بيان قابلية الحيوان للتذكية على ما يعتمده أهل العرف في ذلك، فان الشارع نفسه لم يبين لقبول التذكية في الحيوان معيارا خاصا.

و على هذا، فكل حيوان تقع عليه التذكية و هو طاهر العين و من ذوات الجلود المعتد بها يحكم على لحمه و على جلده بالطهارة، و يجوز استعمال جلده و ان لم يدبغ في كل ما يشترط فيه الطهارة، و كذا يجوز استعمال سائر أجزائه، نعم لا تجوز الصلاة فيه و لا الطواف إلا إذا كان مأكول اللحم.

الفصل الثالث عشر في أحكام الأواني

المسألة 273

الظروف المتخذة من جلود الميتة أو من جلود نجس العين لها حكمهما، فلا يجوز استعمالها و لا الانتفاع بها في ما يشترط فيه الطهارة كالأكل و الشرب، و الوضوء و الغسل، و يجوز استعمالها و الانتفاع بها في ما عدا ذلك.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 84

المسألة 274

أواني الكفار و المشركين ان علم بملاقاتهم إياها مع الرطوبة المسرية، أو علم بملاقاتها بعض النجاسات الأخرى مع الرطوبة كذلك فهي متنجسة، و تطهر إذا غسلت بالماء على الوجه المطلوب، و ان لم يعلم بملاقاتها النجاسة فهي محكومة بالطهارة، و لا يكفي الظن بالملاقاة في الحكم بالنجاسة إلا إذا كان ظنا اطمئنانيا فلا يترك معه الاحتياط.

و ما كان من ظروفهم متخذا من الجلود فهو محكوم بالنجاسة إلا إذا علم بتذكية الحيوان الذي اتخذ منه أو علم بسبق يد المسلم عليه مع اقتران يد المسلم بالتصرف المناسب للتذكية.

و كذلك ما بأيديهم من اللحوم و الشحوم و الأشياء التي تحتاج إلى التذكية، و ما سوى ذلك فهو محكوم بالطهارة الا ان يعلم بملاقاته النجاسة كما في الأواني، و كذلك ما لم يعلم انه من أجزاء الحيوان أو من غيره.

المسألة 275

يحرم استعمال أواني الذهب و الفضة في الأكل و الشرب و التطهير من الحدث و الخبث و حفظ الأشياء فيها و غير ذلك من أنواع الاستعمال المتعارفة، بل الأحوط لزوما اجتناب مطلق الانتفاع بأواني الذهب و الفضة في الحوائج، و ان لم يكن من أنواع الاستعمال المتعارفة، و اجتناب اقتنائها مع قصد ان يجعلها متاعا معدا للانتفاع و ان لم يستعملها بالفعل بل جعلها على الرفوف للزينة مثلا، فيجتنب بيعها و شراؤها لهذه الغاية على الأحوط، و تجتنب الإجارة لصياغتها لهذه الغاية و أخذ الأجرة عليها.

و يجوز اقتناؤها لغير ذلك من الغايات كما إذا قصد بذلك حفظهما أو حفظ ماليتهما بهذه الصورة، فيجوز بيعهما و شراؤهما لهذه الغاية، كما تجوز الإجارة لصياغتهما لذلك و يجوز أخذ الأجرة عليها.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 85

المسألة 276

لا يجوز استعمال الآنية المصنوعة من غير الذهب و الفضة إذا كانت ملبسه بأحدهما، و كان التلبيس على وجه لو انفصل عن الآنية كان اناء مستقلا، و يجوز استعمالها إذا كان التلبيس بغير هذه الصورة كما إذا لبست الآنية بقطع من الذهب أو الفضة منفصل بعضها عن بعض.

و لا يحرم استعمال الآنية المفضضة أو المذهبة أو المموهة بأحدهما أو المطلية به، نعم يكره استعمال الآنية المفضضة أو المذهبة، و يحرم الشرب منها إذا وضع فمه على موضع الفضة أو الذهب، و كذلك في المطلي بأحدهما على الأحوط.

المسألة 277

لا يجوز استعمال الآنية الممزوجة من الذهب أو الفضة مع غيرهما إذا كان المزج قليلا بحيث يصدق على الآنية اسم الذهب أو الفضة عرفا، و يجوز استعمالها إذا لم يصدق عليها اسم أحدهما، و لا يجوز استعمال الآنية الممزوجة منهما و ان لم يصدق عليها اسم أحدهما على الأحوط، و كذلك إذا كانت الآنية مركبة منهما فبعض قطعاتها ذهب و الباقي فضة.

المسألة 278

كلمة الآنية تعني صنفا خاصا من الظروف المعدة لبعض الحوائج، و الحكم بتحريم استعمال الظرف إذا كان من الذهب أو الفضة يتوقف على صدق الإناء عليه في العرف، فلا يحرم استعمال الأشياء التي لا يصدق اسم الآنية عليها كاللوح من الذهب أو الفضة، و القنديل، و غلاف السيف، و الخنجر، و السكين، و قاب الساعة، و محل فص الخاتم و بيت المرأة إذا كان مصوغا من أحدهما.

المسألة 279

الظاهر صدق الآنية على الكأس و الكوز و القدور و القصاع و الطسوت، و الجفان، و الصواني، و الأقداح و المصافي و أدوات الطبخ و الغسل و العجن و أدوات التوزيع، و أدوات طبخ الشاي و القهوة،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 86

و أدوات شربهما، فيحرم استعمالها إذا كانت من الذهب و الفضة، و الأحوط اجتناب ملاعق الشاي و ظروف الغالية و الكحل و ما أشبهها إذا كانت منهما، و كذلك المباخر و نحوها.

و ما يشك في صدق الآنية عليه لا يحرم استعماله، إذا كان مصنوعا، منهما، و لا بد من رجوع العامي الى مقلده أو الى العمل بالاحتياط فيها لأنها من الشبهة الحكمية.

المسألة 280

الأكل و الشرب قد يكون من الآنية مباشرة، كما إذا وضع الآنية على فمه فشرب منها أو أكل، و قد يكون بأخذ اللقمة من الآنية بيده أو بملعقة و وضعها في الفم، و لا ريب في حرمة كليهما إذا كانت الآنية ذهبا أو فضة.

و إذا كانت (الصينية) من الذهب أو الفضة فوضع الظروف فيها محرم لأنه استعمال لها، و كذلك تناول الطعام الموضوع في الظروف الموضوعة في الصينية فهو استعمال للصينية أيضا فيكون محرما، و ان كانت الظروف نفسها ليست ذهبا و لا فضة.

أما أكل الطعام بعد تناوله من الظروف فقد يقال بأنه ليس أكلا في إنية الذهب و الفضة، فلا يكون محرما، و لكن لا يترك الاحتياط فيه و في نظائره، كصحون الشاي إذا كانت من الذهب مثلا و وضعت فيها فناجين الشاي و هي من غيره، فإذا تناول الفنجان و شرب منه لم يكن شربا في إنية الذهب و لا يترك الاحتياط.

و إذا أفرغ الطعام أو الشراب من إنية الذهب

أو الفضة في ظرف أخر ليس منهما، لم يحرم الأكل من ذلك الظرف، و ان كان إفراغ الطعام فيه من آنية الذهب محرما لأنه استعمال لها، و لا يشترط في حليته ان يقصد بإفراغه التخلص من الحرام.

المسألة 281

إذا أكل طعاما محللا في آنية الذهب أو الفضة، أو شرب فيهما شرابا محللا، فلا ريب في حرمة أكله و شربه كما تقدم، و ان كان

كلمة التقوى، ج 1، ص: 87

التحريم بالعنوان الثانوي، فإذا كان المكلف صائما في شهر رمضان وجبت عليه كفارة الجمع على الأقوى.

المسألة 282

إذا توضأ المكلف أو اغتسل من آنية الذهب أو الفضة مع وجود ماء آخر لديه، فان كان وضوؤه أو غسله منهما بنحو الاغتراف التدريجي أو بالصب على العضو ثم اجراء الماء عليه بمباشرة يده بحيث يعد الصب مقدمة للغسل، و الغسل انما هو بالمباشرة فالظاهر صحة وضوئه أو غسله، و ان كان مأثوما بالاغتراف أو بالصب من الآنية.

و ان كان وضوؤه أو غسله بنحو الارتماس في الآنية بطل وضوؤه و غسله، و كذلك إذا أجرى الماء على العضو من الآنية لا بمباشرة يده.

و إذا جعل آنية الذهب أو الفضة مجمعا لغسالة وضوئه، فالظاهر الصحة و ان كان مأثوما بصب الماء فيها.

المسألة 283

إذا لم يوجد لدى المكلف ما يتوضأ به أو يغتسل الا الماء الموجود في آنية الذهب أو الفضة فإن أمكن إفراغ الماء إلى إناء آخر على وجه لا يعد استعمالا للآنية عرفا، أو أمكنه أن يأمر بذلك طفلا أو شخصا آخر لا يعلم بالحال، وجب عليه ذلك، و صح وضوؤه و غسله من الماء بعد إفراغه على أحد هذه الوجوه، و ان لم يمكنه ذلك سقط وجوب الوضوء و الغسل عنه و وجب عليه التيمم.

و إذا تناول من الآنية مقدار وضوئه أو غسله و وضعه في آنية أخرى ثم توضأ منه أو اغتسل صح وضوؤه و غسله، و ان كان مأثوما بتناوله من الآنية.

المسألة 284

إذا اضطر الى استعمال آنية الذهب أو الفضة جاز له ذلك و قدر ضرورته بقدرها، فإذا اضطر إلى الأكل أو الشرب فيها لم يجز له

كلمة التقوى، ج 1، ص: 88

الوضوء و لا غير ذلك، و إذا اضطر الى الوضوء أو الغسل منها حل له ذلك و لم يجز له سواه.

المسألة 285

إذا شك في آنية انها من الذهب أو الفضة أم من غيرهما لم يحرم عليه استعمالها.

الفصل الرابع عشر في أحكام التخلي

المسألة 286

يجب على المكلف ستر عورته عن أي ناظر محترم، و المراد بالعورة في الرجل: القبل و البيضتان و الدبر، و الأحوط ستر العجان، و هو ما بين القبل و الدبر، و الشعر النابت في أطراف العورة.

و العورة في المرأة: القبل و الدبر، و الواجب ستر عين العورة لا اللون وحده، بل الأحوط لزوما- ان لم يكن هو قوى- ستر الشبح الذي يعد ستره سترا للعين. نعم لا يجب ستر حجم العورة.

و المراد بالناظر المحترم: كل انسان مبصر، عدا الطفل و المجنون غير المميزين، و عدا الزوج و الزوجة، و المالك و المملوكة على ما يأتي بيانه و الأمة المحللة و المحلل له، سواء كان من المحارم أم غيرهم و سواء كان رجلا أو أنثى، و سواء كان كافرا أم مسلما.

و يحرم على المكلف أن ينظر إلى عورة الغير حتى الطفل المميز، و حتى المجنون و ان كان غير مميز.

و يجوز نظر كل من الزوجين إلى عورة الآخر سواء كانت الزوجة دائمة أم منقطعة.

و يجوز ان ينظر المالك الى عورة أمته الموطوءة له بالملك و بالعكس، و ان ينظر الرجل إلى الأمة المحللة له و بالعكس.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 89

المسألة 287

لا يجوز للمالك ان ينظر إلى عورة مملوكته إذا كانت مزوجة أو محللة لغيره، أو في العدة منهما، و لا يجوز لها النظر اليه.

و لا يجوز له النظر إلى عورة مملوكته إذا حرم عليه وطؤها كأخت زوجته أو بنت أمته المدخول بها، و أخت مملوكته الموطوءة بالملك.

و أخت الأمة المحللة له، و بالعكس. و لا يجوز لكل واحد من المالكين أن ينظر إلى عورة الأمة المشتركة بينهما و لا يجوز لها النظر الى عورتيهما.

المسألة 288

لا يجوز النظر إلى عورة الغير في الماء الصافي و لا في المرآة العاكسة و لا من وراء الزجاج.

المسألة 289

إذا رأى عورة مكشوفة، و شك في أن المرأة ذات العورة زوجته أم أجنبية حرم عليه النظر إليها و وجب عليه الغض عنها حتى يتحقق له انها زوجته أو أمته، و إذا رأى عورة مكشوفة و شك في أنها عورة طفل مميز أو غير مميز فالأحوط له ترك النظر.

المسألة 290

لا يجوز للرجل و لا للمرأة ان ينظر الى دبر الخنثى، و اما النظر الى قبلها، فان كان الناظر إليها من محارمها حرم عليه ان ينظر الى كل من آلتي الذكورة و الأنوثة فيها، و ان كان أجنبيا حرم على الرجل ان ينظر إلى عورة الرجل فيها و حرم على المرأة ان تنظر إلى عورة الأنثى فيها، و الأحوط الترك في الجميع.

المسألة 291

يستحب ان يستر السرة و الركبة و ما بينهما.

المسألة 292

إذا اضطر الى النظر إلى عورة الغير لعلاج أو غيره جاز له ذلك و وجب عليه ان يقدر الضرورة بقدرها فلا يحل له أكثر مما تتأدى به الضرورة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 90

المسألة 293

يحرم على المتخلي أن يستقبل القبلة و يستدبرها بمقاديم بدنه في حال التخلي، سواء كان في بناء أم في صحراء أم في غيرهما، و لا يكفي ان يميل بعورته عن القبلة أو عن دبرها، و الأحوط لزوما ان لا يستقبل و لا يستدبر بعورته، و ان كان غير مستقبل و لا مستدبر بمقاديم بدنه.

و المراد بمقاديم البدن صدره و بطنه، فلا يمنع من أماله وجهه مثلا إلى القبلة إذا كان غير مستقبل و لا مستدبر بالصدر و البطن، و لا دخل للركبتين في استقبال المتخلي و استدباره.

و يحرم عليه كذلك ان يستقبل القبلة أو يستدبرها في حال الاستبراء و الاستنجاء إذا علم أو ظن ظنا اطمئنانيا بخروج شي ء من البول أو الغائط في الاستبراء أو الاستنجاء، و إذا لم يعلم بذلك أو يظن لم يحرم.

و إذا جهل القبلة و ترددت بين نقاط معينة انحرف عن تلك النقاط و إذا جهل القبلة مطلقا عمل بالظن، فإذا لم يحصل له الظن سقط عنه التكليف و صح له التوجه الى اي جهة شاء.

المسألة 294

من يتواتر بوله أو غائطه يحرم عليه الاستقبال و الاستدبار إذا تخلى على النحو المتعارف، و لا يحرم عليه في غير ذلك، و ان كان الأحوط مراعاة ذلك بقدر الإمكان.

المسألة 295

الأحوط للقائم بتربية الطفل أن لا يقعده للتخلي مستقبلا و لا مستدبرا، و لكن لا يجب منع الطفل و لا المجنون إذا استقبلا القبلة أو استدبراها عند التخلي.

المسألة 296

يحرم التخلي في ملك الغير من غير اذن مالكه الا ان يعلم بالرضا، و يحرم على قبور المؤمنين إذا أوجب ذلك هتكا لهم.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 91

الفصل الخامس عشر في الاستبراء و الاستنجاء

المسألة 297

يستحب ان يبدأ المتخلي بمخرج الغائط فيطهره، و من فوائد ذلك ان لا تتلوث أصابعه بالنجاسة عند الاستبراء، و مما يحسن عادة ان يتنحنح مرتين أو أكثر لانزال ما قد يتبقى في المجرى من قطرات البول.

المسألة 298

كيفية الاستبراء: ان يمسح بقوة من مخرج الغائط إلى أصل الذكر ثلاث مرات، ثم يمسح بقوة من أصل الذكر الى طرفه ثلاث مرات، و يغمر في أصل الذكر في كل مرة منها ما بين الأنثيين على الأحوط، ثم يعصر الحشفة ثلاث مرات و للاستبراء كيفيات أخرى هذه أحوطها و أولاها.

و ليس على المرأة استبراء، و قيل: انها تصبر قليلا ثم تتنحنح و تعصر فرجها عرضا.

المسألة 299

إذا بال الرجل و استنجى ثم توضأ للصلاة و خرج من ذكره بعد ذلك بلل مشتبه لا يعلم انه بول أو رطوبة أخرى، فإن كان قد استبرأ بعد البول و قبل الاستنجاء بالمسحات المذكورة حكم بصحة وضوئه و بأن الخارج منه رطوبة من حبائل الذكر لا تنقض الوضوء و لا توجب النجاسة.

و ان لم يستبرئ بعد البول انتقض وضوؤه بخروج ذلك البلل، و وجب عليه ان يطهر ما أصابه من البدن و الثياب، سواء ترك الاستبراء عامدا أم ناسيا أم جاهلا، بل حتى إذا كان الاستبراء له غير ممكن.

و إذا بالت المرأة و استنجت ثم توضأت للصلاة و خرج منها بعد ذلك بلل مشتبه لا تعلم انه بول أم رطوبة اخرى، حكمت بصحة وضوئها

كلمة التقوى، ج 1، ص: 92

و طهارة تلك الرطوبة المشتبهة الا ان تعلم انها بول. سواء استبرأت بعد البول أم لم تستبرئ.

المسألة 300

مقطوع الذكر يستبرئ في ما بقي من عضوه، و تترتب على استبرائه الفائدة المذكورة.

المسألة 301

يكفي في حصول الاستبراء للرجل و في ترتب فائدته المذكورة ان يباشر المسحات عليه غيره، فتتولى زوجة الرجل مثلا أو مملوكته استبراءه.

المسألة 302

إذا خرج منه البلل المشتبه و شك في انه هل استبرأ بعد البول و قبل الاستنجاء أم لا، بنى على عدمه و حكم بنجاسة البلل الخارج منه و ببطلان وضوئه إذا كان قد توضأ، حتى مع طول المدة، و حتى إذا كان من عادته الاستبراء.

المسألة 303

إذا بال و لم يستبرئ ثم شك في أنه هل خرجت منه رطوبة مشتبهة أم لا، بنى على عدم خروجها منه، فإذا وجد في ثيابه رطوبة و شك في انها قد خرجت منه أم إصابته من خارج، بنى على عدم خروجها منه.

المسألة 304

إذا بال ثم خرج منه بلل تردد أمره بين ان يكون بولا أو منيا، فان كان لم يتوضأ بعد بوله و قبل خروج البلل منه فهو محدث بالحدث الأصغر فعليه الوضوء خاصة إذا حضر وقت الصلاة، و ان كان قد توضأ بعد بوله و قبل خروج البلل منه أو لم يدر انه هل توضأ بعد البول أم لا، فان عليه في كلتا الصورتين ان يجمع بين الغسل و الوضوء، و لا فرق في جميع الصور بين أن يكون قد استبرأ بعد البول أم لم يستبرئ.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 93

المسألة 305

يجب غسل مخرج البول بالماء مرتين على الأحوط بما يسمى غسلا، و لا يكفي أقل من ذلك، و لا يجزى غير الماء عنه، و يتساوى في ذلك الذكر و الأنثى و الخنثى، و الكبير و الصغير، و لا بد من الفصل بين الغسلتين، و الأحوط- استحبابا- ان تكون المرتان بعد زوال النجاسة، فلا تعد الغسلة المزيلة، و إذا كان المخرج غير طبيعي تعين ذلك على الأحوط سواء كان معتادا أم غير معتاد.

و لا يجب دلك مخرج البول عند الاستنجاء منه، نعم لا بد من الدلك إذا شك في خروج المذي و نحوه مع البول.

المسألة 306

يتعين غسل مخرج الغائط بالماء إذا تعدى الغائط عن المخرج على وجه لا يصدق على غسله انه استنجاء أو خرجت مع الغائط نجاسة أخرى دم أو غيره، أو أصابت المخرج نجاسة أخرى من الخارج فيتعين الغسل في هذه الصور و لا يكتفي بغير الماء.

و تطهيره في هذه الصور كتطهير غيره من أعضاء البدن المتنجسة، فلا تعد الغسلة المزيلة، و لا بد من تعدد الغسل إذا كانت النجاسة التي أصابت الموضع هي البول و كان التطهير منه بالماء القليل.

المسألة 307

يتخير في مخرج الغائط إذا لم يتعد عن المخرج أو تعدى عنه قليلا لا يضر بصدق اسم الاستنجاء، و لم تخرج مع الغائط نجاسة أخرى، و لم تصب المخرج نجاسة من الخارج، و لو بملاقاة نفس الغائط بعد انفصاله عن المخرج، يتخير فيه مع اجتماع هذه الشروط بين ان يطهره بالماء أو بالمسح بالأحجار.

فإذا طهره بالماء كفاه ان يغسله حتى ينقيه من عين النجاسة و أثرها، و لو بغسلة واحدة، و إذا طهره بالأحجار وجب ان يمسح الموضع بالأحجار حتى ينقيه من عين النجاسة، فإذا حصل النقاء بحجر واحد أو بحجرين، وجب عليه ان يكمل المسح بثلاثة أحجار، و لا يكفي الحجر

كلمة التقوى، ج 1، ص: 94

الواحد و الحجران و ان حصل بهما النقاء، و إذا لم يحصل النقاء بثلاثة أحجار وجب عليه ان يمسح الموضع بأكثر من ذلك حتى يحصل النقاء.

و يكفي المسح بالخرق، و يكفي كل ما يقلع النجاسة، و ينقي الموضع، و ان لم يكن حجرا و لا خرقة، و يتبع فيه ما ذكرناه في المسح بالأحجار.

و في كفاية المسح بالأصابع إشكال فلا يترك الاحتياط بتركها.

و لا يكفي الحجر الواحد الكبير ذو الجهات

الثلاث، و لا الخرقة الواحدة الكبيرة ذات ثلاثة أطراف، بل لا بد من المسح بثلاثة أحجار أو ثلاث خرق أو غيرها منفصلات.

و يشترط في الشي ء الذي يمسح به ان يكون طاهرا، فلا يجزي المسح بالنجس و لا بالمتنجس الا بعد تطهيره، و إذا مسح بالنجس أو المتنجس لم يطهر المخرج بالمسح و تعين غسله بالماء، كما تقدم.

المسألة 308

لا تحصل الطهارة بالغسل بالماء، حتى يزيل عين النجاسة و أثرها كما ذكرنا، و يكفي في حصول التطهير بالمسح بالأحجار و نحوها ان يزيل العين و ان بقي الأثر، و المراد بالأثر الذي تجب ازالته بالغسل و لا يضر بقاؤه في المسح هو الذي لا يزول عادة إلا بالماء.

و لا بد في المسح من إزالة الرطوبة من المخرج، فإذا بقيت الرطوبة لم يحكم بالطهارة على الأحوط ان لم يكن هو الأقوى، فليست الرطوبة من الأثر الذي لا يضر بقاؤه.

المسألة 309

يشترط في الشي ء الذي يمسح به ان لا تكون فيه رطوبة مسرية كالطين و الخرقة المبلولة، و لا تضر النداوة القليلة التي لا تسري.

المسألة 310

إذا شك بعد خروجه من بيت الغائط أنه استنجى أم لا، بنى على عدم الاستنجاء، حتى إذا حصل له ذلك الشك و هو في أثناء الصلاة،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 95

فعليه أن يستنجي و يستأنف الصلاة، و إذا شك في ذلك بعد إتمام الصلاة، بنى على صحة صلاته و عليه الاستنجاء للصلاة الآتية.

المسألة 311

لا يجوز الاستنجاء بالأشياء المحترمة في الشريعة، و لا يجوز بالعظم و لا بالروث على الأحوط في الأخيرين، و إذا استنجى بهما عصى، و في حصول الطهارة بالمسح بالعظم و الروث، و بما يشك في انه عظم أو روث تردد و إشكال.

المسألة 312

يكره للمتخلي أن يستقبل الشمس و القمر بالبول و الغائط و ان يستقبل الريح و ان يجلس في الشوارع، و موارد الماء، و منازل النزال، و هي الأفياء التي تقصدها القوافل للنزول فيها و أفنية المساجد، و أبواب الدور، و تحت الأشجار المثمرة، و ان يبول قائما، و ان يطمح به في الهواء، و ان يبول في الحمام، و على أرض صلبة، و في ثقوب الحشرات، و في الماء جاريا أو راكدا و الكراهة في الراكد أشد و ان يستنجي باليمين.

و يكره له التكلم في غير ضرورة الا بذكر اللّه أو قراءة آية الكرسي أو حكاية الأذان.

الفصل السادس عشر في موجبات الوضوء و نواقضه

اشارة

و هي أمور:

المسألة 313
الأول و الثاني: خروج البول و الغائط

من الموضع الطبيعي لخروجهما، و كذلك خروجهما من غير الموضع الطبيعي إذا اعتاد ذلك، بل و ان لم يكن معتادا له إذا كان مصداقا لقوله تعالى (أَوْ جٰاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغٰائِطِ)، فالمدار في النقض على تحقق هذا الموضوع.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 96

سواء كان الخارج منهما قليلا أم كثيرا حتى القطرة و شبهها، و حتى ما يلوث رأس الأنملة إذا مسح المخرج بها.

و بحكم البول البلل المشتبه إذا خرج بعد البول و قبل الاستبراء كما تقدم بيانه في مبحث الاستبراء.

و لا ينقض الوضوء و لا يوجبه سائر الرطوبات التي قد تخرج من احد المخرجين غير البول و الغائط و المني، حتى القيح و المذي و أمثالهما، و لا ينقضه خروج الدود و النوى إذا لم يكن ملوثا بالعذرة.

الثالث: خروج الريح من مخرج الغائط إذا تحقق خروجها،

و لا اعتبار بما يشك في خروجه، و لا اعتبار بما يخرج من القبل إذا اتفق.

الرابع: النوم

الذي يغلب على سمع المكلف و بصره، بحيث لا يسمع ما يحدث بقربه من صوت عادى، و لا يبصر ما يكون بجنبه من شي ء، و لا تضره الخفقة و الخفقتان من النعاس حتى يتحقق انه قد نام.

الخامس: كل ما أزال العقل- على الأحوط- من سكر أو جنون أو إغماء،

و لا يضر مجرد حدوث البهتة و الغفلة عنده إذا لم يزل العقل.

السادس: الاستحاضة القليلة،

أما الاستحاضة الوسطى و الكبرى، و سائر الأحداث الكبرى غير الجنابة فإنها تنقض الوضوء، و لكنها توجب الغسل بناء على المختار من كفاية الغسل عن الوضوء. و ان كان الأحوط فيها الوضوء مع الغسل، و اما الجنابة فهي توجب الغسل لا غير.

المسألة 314

إذا كان المكلف متطهرا و شك في طروء أحد النواقض عليه بنى على عدمه، و كذلك إذا خرج منه شي ء و شك في أنه بول أو غيره من الرطوبات التي لا تنقض الوضوء، فعليه أن يبني على بقاء طهارته إلا إذا كان ذلك قبل الاستبراء من البول، فيكون البلل المشتبه ناقضا كما تقدم في المسألة المائتين و التاسعة و التسعين.

المسألة 315

إذا حدث له أحد الأمور التي لا توجب الوضوء فتوضأ بعده برجاء

كلمة التقوى، ج 1، ص: 97

المطلوبية ثم تذكر بعد ذلك انه كان محدثا بالأصغر كفاه ذلك الوضوء الذي أتى به فيصح له الدخول في الصلاة و أمثالها مما تشترط فيه الطهارة، و كذلك إذا شك في حدوث احد النواقض عليه فتوضأ احتياطا لاحتمال حدوث الحدث ثم علم انه كان محدثا كفاه ذلك الوضوء الاحتياطي.

المسألة 316

قد يكون الوضوء شرطا في صحة فعل من الأفعال كالصلاة و الطواف واجبين كانا أم مندوبين، فإنهما لا يصحان بغير وضوء، و قد يكون شرطا في كمال الفعل و ان لم يكن شرطا في صحته كقراءة القرآن فإنها تصح بغير وضوء، و لا تكون كاملة إلا به، و قد يكون شرطا في جواز الفعل كمس كتابة القرآن فإنها تحرم على المحدث، و قد يكون رافعا لكراهة الفعل كالأكل و النوم في حال الجنابة.

المسألة 317

يجب الوضوء للصلاة الواجبة سواء كانت حاضرة أم فائتة، و سواء كانت عن نفسه أم عن غيره، و لتوابعها من صلاة الاحتياط و الاجزاء المنسية و لسجدتي السهو على الأحوط.

و يجب للطواف الواجب، سواء كان في حج أم عمرة واجبين أم مندوبين، و لا يجب للطواف المندوب و هو ما لم يكن جزءا من أحدهما، نعم، هو شرط في كماله و شرط في صحة صلاته.

و قد يجب الوضوء بالنذر أو العهد أو اليمين في بعض الأوقات أو لبعض الاعمال حسب تعيين الناذر، و مع اجتماع شرائط النذر و اليمين، و قد يجب الوضوء لمس كتابة القرآن إذا طرأ للمكلف ما يوجب عليه المس من نذر أو عهد أو يمين مع اجتماع شرائطها أو سبب آخر من الأسباب، و يلحق به على الأحوط مس أسماء اللّه و صفاته الخاصة إذا وجب عليه ذلك.

المسألة 318

يستحب الوضوء للمحدث بالأصغر للصلاة المندوبة، و قد تقدم انه

كلمة التقوى، ج 1، ص: 98

كذلك شرط لصحتها، و يستحب له الوضوء للطواف المندوب، و قد تقدم انه شرط لكماله و لصحة صلاته، و يستحب له الوضوء للتهيؤ لصلاة الفريضة في أول وقتها، و يعتبر على الأحوط ان يكون قريبا من الوقت، و يستحب له لدخول المساجد، و لمناسك الحج غير الطواف و الصلاة، و يستحب له لزيارة الأئمة (ع)، و لصلاة الأموات، و قراءة القرآن، و يستحب له للكون على طهارة.

و يستحب الوضوء للمتوضئ قبل ذلك لتجديد طهارته، و ان كرر ذلك مرات متعددة، فمن جدد وضوءه لغير حدث جدد اللّه توبته من غير استغفار كما يقول الامام الصادق (ع)، بل يستحب التجديد و ان كان بعد غسل الجنابة، و خصوصا إذا

طالت المدة، نعم لا يشرع التجديد في الغسل بعد الغسل إذا لم يتجدد له سبب آخر.

و يستحب الوضوء للحائض لتذكر اللّه في مصلاها في أوقات الصلاة، و يستحب لنوم الجنب و أكله و شربه، و معاودته الجماع.

المسألة 319

إذا توضأ المحدث بالحدث الأصغر لإحدى الغايات المتقدمة، حصلت له الطهارة و جاز له الدخول في الغايات الأخرى و ان لم يقصدها، و مثله في الحكم ما يأتي به المتوضي بقصد التجديد.

و كذلك الوضوء الواجب، فإذا كانت له غايات متعددة، فيصح له قصد الجميع و قصد البعض، و إذا قصد البعض صح وضوؤه بالنسبة إلى الجميع، و إذا اجتمعت للوضوء غايات واجبة و غايات مندوبة، فله ان يقصد الجميع و ان يقصد البعض، و إذا قصد البعض صح وضوؤه بالنسبة إلى الجميع، و ان كانت الغاية التي قصدها من الغايات المندوبة.

و إذا توضأ المحدث بالحدث الأكبر لبعض الغايات، فالأقرب كذلك جواز الاكتفاء به للغايات الأخرى التي تشاركه في استحباب الوضوء لها و ان لم يقصدها بوضوئه، فإذا توضأ المجنب مثلا للنوم جاز له الاكتفاء به للأكل و الشرب و معاودة الجماع و تغسيل الميت ما لم ينتقض وضوؤه و هكذا في غيره.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 99

المسألة 320

إذا توضأ المحدث بالأصغر و قصد بوضوئه امتثال الأمر المتوجه اليه صح الوضوء و ارتفع به جميع الأحداث الصغرى التي عليه و ان قصد بوضوئه رفع أحدها بل و ان لم يقصد به رفع الحدث.

الفصل السابع عشر في واجبات الوضوء

[الأول: غسل الوجه.]
المسألة 321

الأول من واجبات الوضوء: غسل الوجه.

و حد الوجه: هو أول منابت شعر الرأس من أعلى الوجه، و محادر الذقن من أسفله، و ما وصلت إليه الإبهام و الوسطى عند مدهما في عرضه، فيجب غسل ما اشتملت عليه هذه الحدود من البشرة و الشعر على ما سيأتي بيانه، و لا يجب غسل ما خرج من ذلك.

و يراعى المتعارف بين الناس من الوجه و من اليد، فمن انحسرت منابت شعره أو نزلت أكثر مما يتعارف في الوجوه أو كانت أصابع كفيه أطول مما يتعارف في الأيدي أو أقصر رجع الى المتعارف بين الناس في الوجه و الأصابع فغسل ما دخل في الحدود المتعارفة و ترك ما زاد.

المسألة 322

يجب ان يكون الابتداء بأعلى الوجه و ان يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل عرفا، و لا يجوز الغسل منكوسا، و يكفي ان يحصل مسمى الغسل باستيلاء الماء على الاجزاء، فإذا عم الماء على جميع اجزاء الوجه و لو بمباشرة اليد على الوجه المذكور كفى، و لا يجب غسل ما أحاط به الشعر من البشرة في اللحية و الشارب و الحاجبين، بل يغسل ظاهر الشعر و لا يجب استبطانه، و ان لم يحط الشعر بالبشرة وجب غسل البشرة الظاهرة خلال الشعر، و الأحوط غسل الشعر مع البشرة، و إذا شك ان الشعر محيط بالبشرة أم لا وجب الاحتياط بغسله مع البشرة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 100

المسألة 323

غسل الوجه بحدوده التي تقدم ذكرها يلازم غسل شي ء من أطراف الحد من كل جانب عادة، و غسل شي ء من باطن الأنف و الفم ليحرز تمامية الغسل الواجب عليه و لا يجب غسل البواطن كباطن الفم و الأنف و العين، الا ما يغسل منها لملازمته للغسل الواجب كما ذكرنا، و المدار في الشفتين على انطباقهما فما يظهر منهما في حال الانطباق فهو من الظاهر فيجب غسله، و ما لا يظهر فهو من الباطن فلا يجب غسله و كذلك الحال في الجفنين.

المسألة 324

لا يجب غسل ما خرج من اللحية عن حدود الوجه المتقدمة كالمسترسل عن حدود الذقن في الطول، و ما خرج عن الإبهام و الوسطى في العرض، و يجب غسل الشعر الرقيق من اللحية و غيرها لأنه من البشرة عرفا، و كذلك يجب غسل الشعور الغليظة التي لا تستر البشرة على الأحوط كما تقدم، و إذا اتفق وجود لحية عند المرأة أو الخنثى فالحكم فيها كما في الرجل.

المسألة 325

لا يصح الوضوء حتى يعلم انه قد غسل جميع اجزاء الوجه التي يجب غسلها، فإذا بقي منها شي ء لم يعمه الغسل بطل وضوؤه و ان كان الشي ء المتروك قليلا جدا، و لذلك فلا بد من رفع كل ما يمنع من وصول الماء من جرم مانع من أوساخ و اصباغ و وسائل زينة و غيرها، و إذا علم بوجود شي ء يشك في مانعيته من وصول الماء، فلا بد من تحصيل اليقين بزوال ذلك الشي ء أو إكثار الماء و المبالغة في مباشرته على نحو يعلم بحصول الغسل الواجب.

و إذا شك في وجود ما يمنع، وجب عليه الفحص حتى يحصل له الظن بعدم الحاجب و ان لم يبلغ درجة الاطمئنان، أو يكثر الماء و مباشرته حتى يعلم بحصول الغسل على تقدير وجود الحاجب.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 101

[الثاني: غسل اليدين]
المسألة 326

الثاني من واجبات الوضوء: غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع، و المرفق هو مجمع العضد و الذراع فهو مركب منهما، و هو أعلى اليد فلا بد من الابتداء بغسله، و لا بد من غسل شي ء من العضد قبله من باب المقدمة، و ان يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل عرفا و لا يجوز منكوسا، و يكفي مسمى الغسل كما سبق في غسل الوجه، و يجب غسل الشعر و البشرة و ان كان الشعر محيطا بها، و غسل ما دخل في الحد من لحم زائد و إصبع زائدة و يد زائدة إن اتفق، بل لا يترك الاحتياط بغسل اليد الزائدة فوق المرفق مع اليد الأصلية ان اتفقت.

المسألة 327

تجب ازالة الوسخ الذي يكون تحت الأظفار إذا كان ما تحته معدودا من الظاهر، سواء كان الوسخ متعارفا أم أكثر، إلا إذا علم بوصول الماء إلى البشرة تحته، و إذا كان ما تحته معدودا من الباطن لم يجب غسله و لا ازالة الوسخ عنه، فإذا قلم أظفاره فأصبح ما تحتها معدودا من الظاهر، وجب غسله و ازالة المانع عن وصول الماء إليه.

المسألة 328

إذا قطعت يد الإنسان فإن بقي منها شي ء مما يجب غسله في الوضوء وجب غسله، و ان كان بعض المرفق، و إذا لم يبق من المرفق شي ء لم يجب غسل ما بقي من العضد و ان كان غسله أولى.

المسألة 329

ما يحدث من الشقوق في ظهر الكف أيام البرد ان كان واسعا بحيث يرى جوفه يجب إيصال الماء اليه، و الا لم يجب، و لا يترك الاحتياط في ما يشك منها.

المسألة 330

ما يعلو الجلد من البثور و الطفح الجلدى و الجدري يكتفي بغسل ظاهره حتى عند يبسه و انفتاح رؤوسه، و إذا ظهر ما تحت الجلدة و بقيت الجلدة متصلة وجب غسلها و غسل ما تحتها، و كذلك ما يتجمد

كلمة التقوى، ج 1، ص: 102

على الجرح و الدمل عند البرء، و يكون كالجلد يكتفي بغسل ظاهره، فإذا ظهر ما تحته وجب غسله و غسل ما تحته ما دام متصلا.

المسألة 331

البياض الذي يظهر على اليد بعد مباشرة الجص و النورة أو بعض الصابون عند يبسه، لا يضر وجوده إذا صدق معه غسل البشرة، و كذا الوسخ الذي يكون على البشرة و لا يكون جرما مرئيا، فإذا تراكم حتى شك في كونه حاجبا وجبت ازالته، و تراجع المسألة الثلاثمائة و الخامسة و العشرون في أحكام الحاجب، و ما يشك في وجوده أو يشك في مانعيته.

المسألة 332

يجب غسل ما يشك في انه من الظاهر أو من الباطن، سواء كان من الباطن سابقا ثم شك في صيرورته من الظاهر أم كان من الظاهر سابقا و شك في صيرورته من الباطن أم كان مجهول الحال سابقا و لا حقا.

المسألة 333

يصح الوضوء برمس الأعضاء في الماء أو بعضها، مع مراعاة ان يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل عرفا، و لا بد و ان تكون مراعاة ذلك مراعاة خارجية، فلا بد من تحريك العضو المرموس في الماء حتى تغسل أجزاؤه من الأعلى إلى الأدنى خارجا، و ذلك يكون إما بإدخال العضو في الماء من الجزء الأعلى إلى الأدنى تدريجا، و اما بإخراجه كذلك و اما بتحريكه تحت الماء كذلك بعد غمسه فيه، و لا تكفي نية غسل الأعلى فالأعلى وحدها دون مراعاة خارجية. و لا يكفي التحريك اليسير تحت الماء لأنه يقارن ما بين الاجزاء في حدوث الغسل.

و يلزم في اليد اليسرى أن يقصد الغسل حال إخراجها من الماء لئلا يكون المسح بغير بلة الوضوء.

أما اليد اليمنى فيكفيه أن يغسل بها جزءا من اليد اليسرى لتكون بلتها من الوضوء، فإذا غسل ذراع اليد اليسرى بيده اليمنى ثم رمس كف اليسرى و نوى الغسل بإخراجها صح وضوؤه و مسحه، و كذلك إذا رمس ذراع اليد اليسرى و أبقى الكف منها ثم غسلها مرتبا بيده اليمنى.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 103

[الثالث: المسح على مقدم الرأس]
المسألة 334

الثالث من واجبات الوضوء: المسح على مقدم الرأس فلا يكفي المسح على غيره من أجزاء الرأس و الأحوط ان يكون على الناصية، و هي ما بين البياضين في جانبي الرأس فوق الجبهة و يجب ان يكون المسح بباطن الكف، و الأحوط ان يكون باليد اليمنى، و يعتبر ان يكون المسح على الرأس و القدمين ببلة الوضوء، فلا يجوز بماء جديد، و ان يكون على وجه يتأثر العضو الممسوح برطوبة الماسح بالمقدار الواجب، و إذا كانت في العضو الممسوح رطوبة خارجية تمنع من تأثير رطوبة الماسح فيه أو

توجب كون المسح بماء مختلط من ماء الوضوء و غيره، فلا بد من تجفيفها قبل المسح حتى يحصل اليقين بالتأثير و لا يكفي الظن به.

و الأفضل ان يكون المسح على الرأس بمقدار عرض ثلاث أصابع، و ان يكون بطول إصبع، و الأحوط ان يمسح مقبلا من الأعلى إلى الأسفل، و ان كان الأقوى كفاية مسمى المسح في كل من الطول و العرض، فيجزيه ان يمسح بشي ء من الطول مما يحصل به المسمى في عرض إصبع واحدة، و يجزيه ان يكون المسح طولا أو عرضا أو منحرفا بل و منكوسا.

________________________________________

بصرى بحرانى، زين الدين، محمد امين، كلمة التقوى، 7 جلد، سيد جواد وداعى، قم - ايران، سوم، 1413 ه ق

كلمة التقوى؛ ج 1، ص: 103

المسألة 335

لا يجب ان يكون المسح على البشرة فيجزيه ان يمسح على الشعر النابت في مقدم الرأس إذا لم يكن طويلا يخرج بمده عن حد مقدم الرأس، و إذا كان كذلك لم يكف المسح عليه و ان كان مجتمعا على نفس المقدم أو على الناصية، بل يمسح على أصوله أو على البشرة إذا أمكن، و لا يكفي المسح على الشعر النابت في غير المقدم و ان اجتمع على المقدم، و لا بد من رفع كل ما يمنع من وصول رطوبة المسح الى الشعر أو البشرة من دهن أو خضاب أو غيره، و لا يجزي المسح على الحائل من عمامة أو قناع أو غيرهما إلا إذا كان مضطرا لبرد أو ثلج أو عدو يخافه و نحو ذلك، أو كان الحائل جبيرة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 104

[الرابع: المسح على القدمين]
المسألة 336

الرابع من واجبات الوضوء المسح على القدمين من رؤوس أصابعهما إلى مفصل الساق على الأحوط مع المرور بقبة القدم، و يجب الاستيعاب في الطول و يكفي المسمى في العرض، فإذا مسح من رؤوس الأصابع إلى المفصل مارا بقبة القدم بعرض إصبع واحدة كفى.

و الأفضل ان يكون بعرض ثلاث أصابع، و أفضل منه ان يضع كفه على رؤوس الأصابع ثم يمسح ظهر قدمه كله الى المفصل.

و يجزيه ان يمسح مقبلا و منكوسا، و لا بد من ان يمسح الرجل اليمنى باليد اليمنى و اليسرى باليسرى، و يجوز له ان يمسح القدمين معا أو يقدم اليمنى على اليسرى، و لا يجوز ان يقدم اليسرى على اليمنى.

و يجب ان يمسح البشرة، و إذا كان على ظهر القدمين شعر جمع على الأحوط بين المسح عليه و المسح على البشرة.

و لا بد من ازالة ما يمنع

من وصول رطوبة المسح إلى البشرة حتى يحصل اليقين بذلك، و لا يكفي الظن به و قد ذكرنا ذلك في مسح الرأس.

المسألة 337

يجب ان يكون المسح بالبلة الباقية في الكف من ماء الوضوء، فلا يجوز بماء جديد، بل الأقوى ان لا يضع يده إذا أتم الغسل على شي ء من أعضاء الوضوء المغسولة فيكون المسح بماء ممتزج من ماء الكف و غيره.

نعم، إذا جف ما في الكف جاز له الأخذ من غيرها، و لا يترك الاحتياط بتقديم اللحية، فإذا جف ماؤها أخذ من الحاجبين و أشفار العينين، فإذا لم يجد فيها أخذ من سائر الأعضاء، فإذا لم يجد فيها جميعا بطل وضوؤه.

و لا يأخذ من اللحية مما خرج عن حد الوجه كالمسترسل عن محادر الذقن، و ما خرج عن الإبهام و الوسطى في العرض.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 105

و على ما تقدم، فإذا وجد في الكف ما يمسح به الرأس مسحه به ثم أخذ لمسح الرجلين من أعضاء الوضوء على الترتيب المتقدم.

المسألة 338

يجب ان يكون المسح ببشرة الكف أو الأصابع، فلا يصح المسح إذا كان عليها مانع يحول بينها و بين الممسوح و ان كان رقيقا لا يمنع من وصول الرطوبة، و يجب ان يكون المسح على العضو الممسوح كما تقدم في مسح الرأس، فلا يجزى المسح على الحائل كالخف و الجورب و نحوهما إلّا في حال الضرورة، أو الخوف من عدو و نحوه، أو تقية لا تتأدى إلا بالمسح عليهما أو جبيرة و نحوها، و إذا اقتضت الضرورة المسح على الحائل، و كان الحائل متعددا فالأحوط نزع ما يمكن منه، و لا بد من اجتماع الشرائط في الماسح من وجود الرطوبة المؤثرة و غيرها كما في المسح على البشرة.

المسألة 339

لا يصح المسح على الحائل للضرورة أو العدو أو الجبيرة إلا إذا اقتضت الضرورة ذلك في جميع الوقت، فإذا أمكنه أن يأتي بالوضوء الصحيح و لو في آخر الوقت وجب عليه التأخير و لم يجز له البدار، نعم لا تجب مراعاة ذلك مع التقية، إلا إذا أمكنه التخلص منها بوجه من الوجوه، كأن يريهم مثلا انه يمسح على الخف و هو يمسح على القدم، أو أمكنته الحيلة في رفعها فيتعين عليه ذلك في المسح على الخف.

المسألة 340

إذا ضاق الوقت عن رفع الحائل عن الرأس أو عن القدم توضأ و مسح على الحائل و ضم اليه التيمم.

المسألة 341

لا يتعين ان يكون المسح بإمرار الماسح على الممسوح، بل المدار على وصول الأثر المقصود الى العضو الممسوح، فإذا حرك القدم أو الرأس تحت كفه أو حرك كلا من الماسح و الممسوح صح وضوؤه مع وصول أثر المسح الى العضو.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 106

المسألة 342

إذا كانت الرطوبة على العضو الماسح كثيرة توجب غسل العضو الممسوح فالأحوط تقليل الرطوبة فلا يصدق الغسل.

المسألة 343

إذا مسح على الحائل للضرورة ثم زالت الضرورة التي أوجبت له ذلك و الوقت لا يزال باقيا، وجبت عليه اعادة الوضوء و اعادة الصلاة التي صلاها بذلك الوضوء.

و إذا فعل ذلك للتقية ثم ارتفعت و الوقت لا يزال باقيا، فالأقرب صحة الوضوء و صحة الصلاة إذا كان صلاها بوضوئه ذلك، و الأحوط الإعادة.

المسألة 344

إذا تعذر عليه أن يمسح بباطن الكف أجزأه أن يمسح بظاهرها، و إذا تعذر عليه ان يمسح بظاهر كفه مسح بذراعه، فان لم يجد فيهما رطوبة يمسح بها أخذها من سائر أعضاء الوضوء على الترتيب المتقدم في المسألة الثلاثمائة و السادسة و الثلاثين على الأحوط، فان لم يجد فيها جميعا بطل وضوؤه.

المسألة 345

إذا تعذر عليه حفظ الرطوبة للمسح الواجب لشدة حر الهواء أو حرارة البدن بحيث لا يفيد معها إكثار الماء و لا اعادة الوضوء مسح بماء جديد ثم تيمم بعده على الأحوط.

المسألة 346

الواجب في الوجه هو غسله مرة واحدة، سواء حصل ذلك بغرفة واحدة أم بغرفتين أم بأكثر، و يقصد بمجموع ذلك الغسلة الواحدة الواجبة، و كذلك في غسل اليد اليمنى و اليد اليسرى.

المسألة 347

إذا صب الماء على العضو و أمر يده عليه حتى حصل له اليقين بوصول

كلمة التقوى، ج 1، ص: 107

الماء الى جميع اجزاء العضو، فالأحوط ترك المبالغة أكثر من ذلك و ان كان فعله بقصد زيادة اليقين، و تشكل زيادة صب الماء على العضو إذا خرج به عن المتعارف فضلا عما إذا كان عبثا، سواء كان بالاغتراف مرارا، أم بصب الماء من الإبريق و نحوه حتى خرج عن المتعارف و ان كان الصب متصلا.

المسألة 348

الوسواسي الذي لا يحصل له القطع يرجع الى المتعارف في مقدار صب الماء على العضو و في مقدار إمرار يده على العضو و مباشرته، فإذا زاد في صب الماء على اليد اليسرى أشكل الحكم بصحة وضوئه للزوم كون مسحه بماء جديد، و كذلك إذا بالغ في إمرار يده عليها أكثر من المتعارف حتى امتزج ماء الكف بماء الذراع.

المسألة 349

يستحب غسل الوجه مرتين، فإذا أتم الغسل الواجب بغرفة أو غرفتين أو أكثر كما تقدم استحب له ان يغسله مرة ثانية و كذلك اليد اليمنى ثم اليد اليسرى.

المسألة 350

يستحب للرجل أن يبدأ بظاهر ذراعيه اليمنى و اليسرى في كلتا الغسلتين الواجبة و المستحبة، و يستحب للمرأة ان تبدأ بباطن ذراعيها في كلتا الغسلتين.

المسألة 351

يستحب الإسباغ في الوضوء بمعنى إكثار الماء حتى يجري على العضو، و يستحب ان يكون الوضوء بمد من الماء، و المد هو ربع الصاع الشرعي، فهو عبارة عن مائة و ثلاثة و خمسين مثقالا صيرفيا و نصف و حمصة و نصف، و الظاهر ان هذا مقدار مجموع ما يصرف في الوضوء و مستحباته من غسل اليدين و المضمضة و الاستنشاق، و يكره الإسراف في ماء الوضوء أكثر من ذلك.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 108

المسألة 352

يستحب الاستياك قبل الوضوء، و الأفضل ان يكون بعود الأراك، و يجزي بالإصبع و غيرها، و تستحب التسمية قبل الوضوء، و غسل اليدين مرة واحدة من حدث البول أو النوم و مرتين من حدث الغائط.

و تستحب المضمضة ثلاثا، و الاستنشاق ثلاثا، و ان يغترف الماء بيده اليمنى فإذا كان لغسل اليد اليمنى اغترف باليمنى و أفرغه في اليسرى ثم غسل به اليمنى.

و تستحب قراءة الأدعية المأثورة عند الإتيان بمستحبات الوضوء و أفعاله.

المسألة 353

ورد في بعض النصوص استحباب قراءة سورة القدر في أثناء الوضوء و ورد استحباب قراءتها بعد إسباغ الوضوء، و ورد استحباب قراءة آية الكرسي على أثر الوضوء، و لا بأس بالإتيان بذلك كله برجاء المطلوبية.

و مما يستحب ان يفتح المكلف عينيه في حال غسل الوجه، فعن النبي (ص) انه قال: افتحوا عيونكم عند الوضوء لعلها لا ترى نار جهنم.

المسألة 354

تكره الاستعانة بالغير في الوضوء، و المراد بها الاستعانة به في المقدمات القريبة كصب الماء في يد الرجل ليتوضأ به، اما ان يتولى الغير غسل أعضائه أو مسحها فلا يجوز لغير الضرورة كما سيأتي في فصل (شرائط الوضوء).

و يكره الوضوء بماء أسخنته الشمس، و بسؤر الحيوان محرم اللحم ما عدا الهرة، و بسؤر المرأة الحائض إذا كانت غير مأمونة، بل يكره سؤر غير المأمون مطلقا، و بالماء الآجن و هو الذي تغير لونه، و طعمه، و ليكن الترك في هذا برجاء المطلوبية.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 109

الفصل الثامن عشر في شرائط الوضوء

اشارة

و هي أمور:

[الأول: إطلاق الماء،]
المسألة 355

الأول: ان يكون الماء مطلقا، فلا يصح الوضوء بالماء المضاف حتى إذا طرأت عليه الإضافة بنفس الوضوء إذا اتفق ذلك، و تراجع المسألة الثالثة و السبعون في حكم الماء المشتبه بالمضاف.

[الثاني: طهارة الماء،]
المسألة 356

الثاني: ان يكون الماء طاهرا، فلا يصح الوضوء بالماء النجس، و بحكمه الماء المشتبه بالنجس إذا كانت الشبهة محصورة كما تقدم بيانه في المسألة الثانية و السبعين فلتلاحظ.

[الثالث: طهارة أعضاء الوضوء]
المسألة 357

الثالث: ان يكون أعضاء الوضوء طاهرة، و المراد ان يكون كل عضو منها طاهرا حين غسله للوضوء و لا يضره ان يكون نجسا حين غسل الأعضاء الأخرى، فإذا كانت يده اليسرى نجسة مثلا فغسل وجهه للوضوء ثم غسل يمينه ارتماسا مثلا ثم طهر يسراه من النجاسة و غسلها للوضوء صح وضوؤه، و إذا كانت أعضاؤه كلها نجسة فطهر الوجه ثم غسله للوضوء ثم طهر يده اليمنى و غسلها بعده للوضوء، ثم صنع كذلك في اليد اليسرى، و طهر الرأس و القدمين قبل المسح عليهما مع المحافظة على شرائط الوضوء، و على رطوبة الكفين التي يمسح بها صح وضوؤه.

و لا يبطل الوضوء بتنجس العضو بعد غسله للوضوء، فيتم وضوءه و يطهر العضو المتنجس للصلاة الا ان يحصل خلل من جهة أخرى من حيث المسح أو غيره.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 110

و لا يكفيه غسل واحد لتطهير العضو و الوضوء حتى إذا رمسه بالكر أو الجاري، و يصح له ان يطهر العضو بغمسه في الكر مثلا، و ينوي الوضوء بإخراجه.

المسألة 358

إذا توضأ و بعض المواضع من بدنه نجسة غير أعضاء الوضوء لم يضر ذلك بصحة وضوئه، نعم، الأحوط له ان لا يتوضأ قبل الاستنجاء.

[الرابع عدم المانع عن وصول الماء]
المسألة 359

الرابع من شرائط الوضوء ان لا يوجد ما يحول عن وصول الماء إلى البشرة في الغسل و المسح كما تقدم ذكره في المسألة الثلاثمائة و الخامسة و العشرين و غيرها، فإذا علم بوجوده فلا بد من العلم بزواله، أو العلم بتحقق غسل البشرة في المغسول و مسحها في الممسوح، و إذا شك في وجوده فلا بد من الفحص حتى يحصل الظن بعدم الحاجب و ان لم يبلغ درجة الاطمئنان.

[الخامس: ان يكون الماء مباحا]
المسألة 360

الخامس: ان يكون الماء مباحا فلا يصح الوضوء بالماء المغصوب، و بحكمه الماء المشتبه بالمغصوب إذا كانت الشبهة محصورة، كما ذكرناه في المسألة الثانية و السبعين.

المسألة 361

لا يصح للمكلف أن يتوضأ في الآنية المغصوبة إذا كان وضوؤه بنحو الارتماس في الآنية، و ان كان الماء الموجود فيها مباحا، سواء وجد لديه ماء مباح آخر أم لم يوجد، فإذا توضأ فيها كذلك كان وضوؤه باطلا، و لا يصح له ان يتوضأ بالاغتراف منها لغسل أعضائه تدريجا، أو بصب الماء على الأعضاء، إذا لم يوجد لديه ماء مباح آخر، فإذا توضأ منها كذلك كان عمله باطلا.

و إذا كان لديه ماء مباح آخر صح وضوؤه من الآنية المغصوبة بالاغتراف التدريجي أو الصب على الأعضاء من الظرف المغصوب إذا

كلمة التقوى، ج 1، ص: 111

كان صبه مقدمة للغسل ثم اجرى الماء على الأعضاء بمباشرة يده، و ان كان إثما في الاغتراف أو الصب من الآنية لتصرفه في المغصوب.

و تشكل صحة الوضوء إذا أجرى الماء على العضو من الآنية لا بمباشرة يده بعد الصب.

و إذا أخذ من ذلك الماء ما يكفي لوضوئه فوضعه في إناء مباح ثم توضأ به صح وضوؤه و ان أثم في المقدمة، و حكم الغسل في جميع ما ذكر هو حكم الوضوء.

المسألة 362

لا يترك الاحتياط في مكان الوضوء أو مصب مائة إذا كانا مغصوبين و لا سيما في المكان بمعنى الفضاء الذي تتحرك فيه أعضاء الإنسان في الغسل و المسح في وضوئه، و المصب الذي يعد نفس الوضوء صبا للماء فيه عرفا.

المسألة 363

لا يصح الوضوء مع انتفاء أحد الشروط الأربعة الأولى المتقدمة، فإذا توضأ المكلف بماء مضاف، أو بماء نجس، أو كان بعض أعضاء وضوئه نجسا، أو مع وجود الحائل بطل وضوؤه سواء كان عالما عامدا أم جاهلا أم ناسيا.

و إذا توضأ بماء مغصوب و هو عالم بحرمة ذلك بطل وضوؤه، و كذلك إذا كان جاهلا بحرمة ذلك عليه و كان جهله عن تقصير فلا بد من الإعادة، و مثله ما إذا كان عالما بالحرمة و لكنه جاهل بالحكم الوضعي، فلا يعلم ببطلان الوضوء بالماء المغصوب، فيبطل وضوؤه سواء كان مقصرا في جهله أم قاصرا.

و إذا توضأ بالماء المغصوب و هو جاهل بحرمة ذلك عليه و كان جهله عن قصور يعذر فيه صح وضوؤه على الظاهر.

و كذلك إذا كان جاهلا بالغصب أو ناسيا له فالظاهر الصحة حتى في الغاصب نفسه إذا نسي الغصب فتوضأ بالماء و ان كان الأحوط

كلمة التقوى، ج 1، ص: 112

استحبابا الإعادة في هذه الصورة، و إذا كان الغاصب ممن لا يبالي إذا تذكر انه غاصب فالظاهر البطلان.

و كذلك الحكم في الوضوء في الظرف المغصوب و المكان و المصب المغصوبين على التفصيل المتقدم في المسألتين السابقتين.

المسألة 364

لا يجوز التصرف في مال الغير إلا بإذن صريح أو فحوى أو شاهد حال قطعي يدل على الرضا، من غير فرق بين الماء و الظرف و المكان و غيرها، فلا يجوز التصرف مع الشك في رضا مالكه، الا مع سبق الرضا منه فيستصحب بقاء رضاه عند الشك.

المسألة 365

يجوز الوضوء و الغسل و الشرب من الأنهار الكبار و ان لم يعلم برضا مالكها، بل و ان علم أن في المالكين صغارا و مجانين، و يشكل الجواز مع العلم أو الظن بكراهة المالكين و عدم رضاهم، و يشكل الجواز إذا غصبها غاصب من مالكها سواء غير مجرى الأنهار أم لم يغير.

و كذلك الحكم في الأراضي الواسعة، فيجوز الوضوء و الغسل فيها و الصلاة و الجلوس و النوم و أمثال ذلك من التصرفات ما لم يعلم أو يظن بكراهة المالك أو تكون مغصوبة.

المسألة 366

الحياض و المياه التي تكون في المساجد و لا يعلم انها خاصة بالمصلين في ذلك المسجد، أو هي عامة لمن سواهم من المارين و المتوضئين، لا يجوز لغير من يصلي في المسجد ان يتوضأ منها أو يغتسل بها، إلا إذا علم بعموم الاذن فيها للجميع، أو قيام البينة على ذلك أو إقرار الواقف أو المالك به، أو شبه ذلك من الامارات الشرعية التي تثبت ذلك، و لا يكفي مجرد اعتياد الناس ذلك أو اخبار أحد به، و كذلك الحكم في الحياض و المياه التي تكون في المدارس و الخانات الموقوفة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 113

المسألة 367

يصح الوضوء و الغسل تحت الخيمة المغصوبة إذا كان الماء و المكان مباحين، و ان كان مأثوما في الانتفاع بالخيمة.

[السادس: ان لا تكون الآنية ذهبا أو فضة،]
المسألة 368

السادس من شرائط الوضوء: ان لا تكون الآنية التي يتوضأ منها آنية ذهب أو فضة، و قد تقدم تفصيل القول فيها في المسألة المائتين و الثانية و الثمانين و ما بعدها.

و إذا توضأ من آنية الذهب أو الفضة ناسيا أو غافلا أو جاهلا بأن الآنية من الذهب مثلا صح وضوؤه إذا كان معذورا.

و لا يعذر الجاهل بحرمة استعمال آنية الذهب إذا كان مقصرا في جهله فيبطل وضوؤه و لا يعذر الجاهل ببطلان الوضوء منها، سواء كان قاصرا أم مقصرا على الأحوط.

المسألة 369

تقدم في مبحث الماء المستعمل ان الأحوط اجتناب ماء الاستنجاء مع وجود ماء غيره، و إذا لم يوجد لدى المكلف ماء آخر جمع بين الطهارة منه و التيمم.

و اما الماء المستعمل في تطهير سائر النجاسات غير الاستنجاء فهو نجس لا يصح الوضوء منه، و إذا توضأ منه جاهلا أو ناسيا فلا بد من تطهير الأعضاء ثم اعادة الوضوء.

و أما الماء المستعمل في الوضوء فلا ريب في جواز الوضوء به، و ان تكرر ذلك، و كذلك الماء المستعمل في الأغسال المندوبة كغسل الجمعة و الزيارة و نحوهما.

و اما الماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر مع طهارة البدن، فالأحوط اجتناب الوضوء منه مع وجود ماء آخر، فإذا لم يوجد لدى المكلف ماء غيره جمع بين الطهارة منه و التيمم. و قد تقدم بيان ذلك في المسألة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 114

التاسعة و الخمسين، و ما بعدها من المسائل في مبحث الماء المستعمل فلتلاحظ.

[السابع: عدم الحظر عليه من استعمال الماء]
المسألة 370

السابع من الشرائط: أن لا يكون لدى المكلف ما يحظر عليه استعمال الماء في الوضوء كبعض الأمراض التي تمنعه من ذلك، أو خوف العطش على نفسه أو على نفس محترمة أخرى إذا هو صرف الماء الموجود لديه في الوضوء. و أمثال ذلك مما يوجب التيمم، فلا يجوز له الوضوء عند ذلك و يجب عليه التيمم، و إذا توضأ كان وضوؤه باطلا.

[الثامن: سعة الوقت للوضوء و الصلاة،]
المسألة 371

الثامن: ان يتسع الوقت للوضوء و الصلاة، فإذا ضاق الوقت بحيث يكون الوضوء موجبا لوقوع بعض الصلاة خارج الوقت، تعين عليه التيمم و إدراك الصلاة، الا ان يكون الزمان الذي يحتاج إليه في التيمم مساويا لزمان الوضوء فيتعين عليه الوضوء.

و إذا توضأ في الصورة المتقدمة، فإن قصد بوضوئه امتثال أمر الصلاة التي تضيق وقتها على نحو التقييد بطل وضوؤه، و ان قصد به امتثال غاية أخرى أو قصد القربة بقول مطلق، أو قصد امتثال الأمر المتوجه اليه صح وضوؤه، و كذلك الحكم في الغسل مع تضيق الوقت.

[التاسع: المباشرة،]
المسألة 372

التاسع من الشرائط: ان يباشر المكلف أفعال وضوئه بنفسه من غسل و مسح، إذا كان قادرا على ذلك- فإذا تولى غيره ذلك مع قدرته على المباشرة بنفسه بطل وضوؤه، سواء تولى غيره جميع أفعال الوضوء من غسل و مسح، أم تولى الغير بعضها و باشر المكلف بعضها.

و لا يضر بصحة الوضوء ان يتولى غير المكلف إحضار الماء أو تسخينه و غير ذلك من المقدمات البعيدة، و لا يضر بصحته ان يصب الغير الماء على يد المكلف و يتولى هو اجراء الماء على أعضائه فيغسل و يمسح بنفسه، نعم يكره له ذلك كما تقدم في المسألة الأخيرة من فصل واجبات الوضوء. و إذا

كلمة التقوى، ج 1، ص: 115

صب الغير الماء على أعضاء المكلف، و باشر المكلف بنفسه اجراء الماء عليها فغسل و مسح، فالظاهر صحة الوضوء إذا قصد الوضوء بإجراء الماء بنفسه لا بصب ذلك الغير، و الأحوط الإعادة.

المسألة 373

يصح الوضوء من ماء الميزاب أو ماء الأنبوب إذا جعل وجهه أو يديه تحتهما بقصد الوضوء حتى عم الماء على العضو المغسول، و أتم وضوءه.

المسألة 374

إذا عجز الإنسان عن مباشرة أفعال الوضوء بنفسه لشلل أو مرض أو غيرهما، وجب عليه ان يستعين بالغير في ذلك و لو بالأجرة، فينوي المكلف الوضوء و يجري الغير عليه الغسل، و لا يتعين ان يجري الغير الماء بيد المكلف نفسه، و ان كان ذلك أحوط. نعم، يجب ان يكون المسح على مواضع المسح بيد المكلف نفسه فيمسكها الغير بيده و يمسح بها رأس المكلف و قدميه، فإذا لم يمكن ذلك تولاها الغير بيده فأخذ الرطوبة من يد المكلف و مسح بها رأسه و قدميه، و يحتاط بالتيمم في هذا الفرض.

[العاشر: الترتيب]
المسألة 375

العاشر من الشرائط: الترتيب بين أفعال الوضوء فيبدأ بغسل الوجه، ثم اليد اليمنى، ثم اليد اليسرى، ثم يمسح على الرأس، ثم يمسح على القدمين، و يجوز له ان يمسح القدمين معا، أو يقدم اليمنى على اليسرى، و لا يجوز ان يقدم اليسرى على اليمنى كما تقدم في المسألة الثلاثمائة و السادسة و الثلاثين، و يجب في الأعضاء المغسولة ان يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل عرفا، و لا فرق بين الوضوء الترتيبي و الارتماسي في جميع ما ذكر.

و إذا خالف الترتيب جاهلا أو ناسيا، فان تذكر قبل ان تفوت الموالاة وجب عليه ان يعيد على ما يحصل به الترتيب بين الأعضاء، فإذا

كلمة التقوى، ج 1، ص: 116

غسل يده اليمنى ثم وجهه صح غسل وجهه و وجب عليه ان يغسل يده اليمنى ثم اليسرى، و إذا غسل اليسرى قبل الوجه صح غسل وجهه، و وجب عليه أن يغسل يده اليمنى ثم اليسرى، و إذا غسل وجهه ثم يده اليسرى ثم اليد اليمنى أعاد على يده اليسرى.

و إذا تذكر انه خالف الترتيب بعد ان فاتت

الموالاة و جفت الأعضاء بطل وضوؤه.

[الحادي عشر: الموالاة.]
المسألة 376

الحادي عشر من شرائط الوضوء: الموالاة.

و هي- على الأظهر- عدم التراخي الطويل بين الأعضاء الذي يؤدي بحسب العادة إلى جفاف الماء عن الأعضاء السابقة قبل الإتيان باللاحقة، فلا بد في الموالاة المعتبرة في الوضوء من اجتماع الأمرين، فإذا تراخى طويلا حتى جف الماء عن الأعضاء السابقة لطول الفصل بينها بطل وضوؤه، سواء كان عامدا أم ناسيا أم معتقدا لعدم جفاف الأعضاء ثم تبين له خلاف ذلك.

و لا يضر التراخي إذا كان لا يؤدي بحسب العادة إلى جفاف الأعضاء السابقة، و لا يضر الجفاف إذا حصل من غير تراخ يوجب ذلك، بل حصل لحرارة الهواء أو لحرارة البدن، و لا يضر التراخي إذا أدى الى جفاف بعض الأعضاء دون بعض أو أدى الى جفاف بعض اجزاء العضو دون بعض.

و إذا حصل التراخي الطويل الذي يؤدي الى جفاف الأعضاء بحسب العادة، و لكن الأعضاء لم تجف بالفعل لكثرة الرطوبة في الهواء، فلا يترك الاحتياط بإعادة الوضوء.

و لا يضر التمشي في أثناء الوضوء أو بعده قبل المسح أو في أثنائه إذا لم تفت به الموالاة المذكورة.

المسألة 377

إذا تذكر بعد أن شرع في صلاته: انه ترك المسح في وضوئه، فإن

كلمة التقوى، ج 1، ص: 117

فاتت الموالاة، أعاد الوضوء و الصلاة، و ان تذكر قبل ان تفوت الموالاة و تجف الأعضاء بطلت صلاته و مسح بالرطوبة الموجودة في الكف فان لم يبق فيها شي ء أخذ الرطوبة من اللحية أو الحاجبين أو الأعضاء الأخرى- على الترتيب المتقدم في المسألة الثلاثمائة و السابعة و الثلاثين- و مسح بها ثم أعاد الصلاة.

المسألة 378

إذا حصل التراخي بحيث جفت الأعضاء السابقة، و لكن بقيت الرطوبة في مسترسل اللحية و ما خرج منها عن حد الوجه، ففي كفايتها في بقاء الموالاة إشكال، و لا يترك الاحتياط بإتمام الوضوء ثم الإعادة.

[الثاني عشر: النية،]
المسألة 379

الثاني عشر: النية، و هي ان يقصد الفعل متقربا به الى اللّه تعالى، و الأحوط ان يقصد غاية من غايات الوضوء الواجبة أو المندوبة كالكون على الطهارة، و التقرب الى اللّه هو أن يقصد اللّه سبحانه بفعله امتثالا لأمره، أو لأنه أهل للطاعة، أو حبا له، أو لدخول الجنة، أو الفرار من النار أو لغير ذلك من الوجوه الصحيحة التي يتوجه بها العبد الى ربه و يقصد امتثال امره.

و لا يجب التلفظ بالنية و لا أخطارها بالذهن، بل يكفي الداعي الارتكازي الذي يحرك الإنسان حين العمل و يكون ملتفتا اليه على وجه الاجمال، و يقابل ذلك ان يكون الإنسان غافلا حين العمل لا يدري ما هو صانع، فلا يكون ناويا، و لا يصح عمله.

و يجب استمرار النية حكما الى آخر العمل، و هو ان يأتي بجميع اجزاء الواجب عن ذلك القصد الأول.

و إذا تردد في القصد، أو نوى الخلاف أو ذهل عن العمل أصلا و اتى ببعض الافعال كذلك بطل عمله، الا ان يعود الى نيته الاولى قبل ان تفوت الموالاة و تجف الأعضاء فيعود الى العمل و يكون صحيحا، و عليه ان يعيد الأفعال التي أتى بها في حال التردد أو الذهول.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 118

المسألة 380

لا تجب نية الوجوب أو الندب في الوضوء، و لا نية وجه الوجوب أو الندب من المصالح التي اقتضت الأمر به وجوبا أو ندبا أو غير ذلك، و لا يجب قصد رفع الحدث أو استباحة الصلاة، و لا يجب قصد غاية معينة و ان كان في وقت وجوب تلك الغاية، فيكفيه الوضوء لغاية أخرى، و ان كان مستحبة، و الأحوط ان يقصد امتثال الأمر المتوجه اليه بالوضوء.

و

إذا اعتقد دخول الوقت فنوى الوجوب في وضوئه ثم تبين له ان الوقت لم يدخل بعد فالظاهر صحة وضوئه إذا كان قاصدا امتثال الأمر المتوجه اليه بالوضوء و ان تخيل إليه أنه الأمر الوجوبي.

المسألة 381

يجب أن تكون العبادة خالصة للّه سبحانه نقية من الشوائب كالرياء و السمعة و العجب.

و الرياء: هو ان يأتي الإنسان بالعمل لاراءة الناس ذلك و استجلاب نظرهم اليه، و السمعة: أن يأتي بالعمل لاسماعهم به.

و العجب: أن يدخل في نفسه العجب من عمله و الاكبار له. الى غير ذلك من الأمور المنقصة للعمل، و الموبقة للإنسان و الموجبة لحبط الأجر، و قد يأتي في مبحث النية في الصلاة شي ء من التفصيل في ذلك.

المسألة 382

إذا قصد الرياء في وضوئه كان باطلا، سواء قصد به الرياء خالصا، أم قصد به القربة و الرياء معا، و سواء كانت القربة هي الداعي المستقل في إيجاد العمل، و كان الرياء داعيا تبعيا غير مستقل، أم كان الرياء هو الداعي المستقل للعمل و القربة هي التابع، أم كان كل من القربة و الرياء داعيا مستقلا يكفي في إيجاد العمل لو كان منفردا.

و سواء كان الرياء في أصل العمل أم في كيفيته إذا كانت متحدة مع العمل كما إذا رآءى بالوضوء قبل الوقت أو بإسباغ الوضوء مثلا، أم كان

كلمة التقوى، ج 1، ص: 119

في اجزاء العمل إذا اكتفى بذلك الجزء و لم يعده قبل فوات الموالاة، حتى إذا قصد الرياء ثم تاب منه فان العمل الذي راءى به يقع باطلا لا بد من تداركه. و كذلك الحكم في السمعة في جميع ما تقدم.

المسألة 383

إذا قصد الرياء أو السمعة في كيفية لا تتحد مع العمل كما إذا رآءى أو قصد السمعة في استقباله في الوضوء أو في تحنكه في الصلاة، فالأقرب عدم البطلان بذلك.

و إذا قصد الرياء أو السمعة في جزء من الوضوء ثم أعاد ذلك الجزء قبل ان تفوت الموالاة و تجف الأعضاء، فالظاهر صحة الوضوء، و إذا وقع مثل ذلك في الصلاة بطلت للزوم الزيادة العمدية فيها.

و إذا قصد الرياء أو السمعة في المضمضة أو الاستنشاق أو بعض المستحبات الأخرى في الوضوء فالظاهر عدم البطلان به.

نعم إذا رآءى في الغسلة الثانية المستحبة في الوضوء بطلت الغسلة، و بطلانها يوجب كون المسح بغير بلة الوضوء فيبطل أيضا.

المسألة 384

إذا خطر الرياء في قلبه حين العمل، و لكنه قصد القربة المستقلة و لم يقصد معها الرياء حتى تبعا كان العمل صحيحا و لم يضره مجرد خطور الرياء في قلبه و ان فرح برؤية الناس له، و كذلك السمعة.

المسألة 385

إذا أتم الإنسان عمله متقربا به الى اللّه تعالى ثم قصد الرياء أو السمعة بعد العمل لم يبطل على الظاهر. و كذلك العجب المتأخر عن العمل.

و إذا حصل له العجب بعمله و هو في أثناء العمل أو مقارنا لنيته فالظاهر انه لا يبطل العمل بذلك و ان كان موجبا لحبط الثواب.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 120

المسألة 386

إذا شك الإنسان و هو في العمل في ان الداعي الذي قصده بعمله هو القربة الخالصة فيكون العمل صحيحا أو هو مركب منها و من الرياء أو السمعة مثلا فيكون باطلا، فالعمل باطل، إلا إذا أحرز الخلوص في أول العمل ثم حصل له الشك في الأثناء فيحكم بالصحة، و إذا شك في ذلك بعد الفراغ من العمل حكم بصحته.

المسألة 387

يجب التنبه لما ذكر و لغيره و الحذر منها جهد المستطاع فإنها من مداخل الشيطان الغرور الموجبة لسقوط المرء في الهاوية و جره إلى التهلكة (ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا انما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير).

المسألة 388

إذا قصد الإنسان بوضوئه ضميمة أخرى و كانت راجحة كما إذا توضأ متقربا الى اللّه و قصد به تعليم الغير صورة الوضوء، فإذا كانت القربة هي الداعي المستقل للفعل و كان قصد التعليم داعيا تبعيا لها حكم بصحة الوضوء، و كذلك إذا كان كل من قصد القربة و تعليم الغير داعيا مستقلا، يكفي في إيجاد العمل لو كان منفردا.

و إذا كان التعليم هو الداعي المستقل للفعل و كانت القربة مقصودة تبعا أو كان الداعي للفعل هو المجموع المركب من القصدين فالظاهر البطلان في هاتين الصورتين.

و كذلك الحكم إذا كانت الضميمة المقصودة مباحة كما إذا توضأ متقربا به الى اللّه تعالى و قصد به التبريد فتجري فيها الفروض السابقة و تترتب عليها أحكامها جميعا. و ان كان الأحوط إعادة الوضوء في ما إذا كان كل من القربة و الضميمة المباحة داعيا مستقلا.

المسألة 389

لا ريب في صحة الوضوء إذا شرع فيه قبل الوقت و دخل عليه الوقت

كلمة التقوى، ج 1، ص: 121

و هو في أثنائه و هذا الوضوء الواحد متصف بالاستحباب قبل الوقت و متصف بالوجوب بعد دخول الوقت، فإذا أراد في عمله نية الوجوب و الندب نوى الاستحباب به قبل الوقت و نوى الوجوب بعده و لا منافاة في ذلك، و الأحوط ان يقصد امتثال الأمر المتوجه اليه بالوضوء.

الفصل التاسع عشر في أحكام الوضوء

المسألة 390

إذا توضأ ثم شك بعد وضوئه في حصول الحدث بنى على بقاء وضوئه، إلا إذا بال و لم يستبرئ ثم توضأ و خرجت منه بعد ذلك رطوبة مشتبهة فإنه يبني على ان الخارج منه بول، فعليه ان يتطهر منه و يعيد الوضوء، و إذا كان محدثا ثم شك في انه توضأ بعد الحدث أم لا، بنى على بقاء الحدث، و لا اعتبار بالظن في كلتا الصورتين، إلا إذا كان منشأ الظن قيام بينة أو نحوها من الامارات الشرعية على انه محدث أو متوضئ بعد حالته الأولى.

المسألة 391

إذا علم بأنه أحدث و توضأ و لم يعلم ان المتأخر منهما هو الحدث أو الوضوء، فان جهل تأريخ كل من حدثه و وضوئه، بنى على انه محدث، و كذلك إذا جهل تأريخ وضوئه و علم تأريخ حدثه، فيبني على انه محدث في الصورتين، و إذا علم تأريخ وضوئه و جهل تأريخ حدثه بنى على بقاء وضوئه.

المسألة 392

إذا كان متوضئا ثم جدد وضوءه و صلى، ثم علم ببطلان احد الوضوءين صحت الصلاة إذا قصد بوضوئه التجديدي امتثال الأمر المتوجه اليه بالوضوء.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 122

و إذا توضأ و صلى، ثم جدد الوضوء بعدها و صلى صلاة ثانية ثم علم ببطلان أحد الوضوءين، حكم بصحة الصلاة الثانية، و الظاهر صحة الصلاة الأولى أيضا، و الأحوط استحبابا اعادتها.

المسألة 393

إذا علم بعد الفراغ من الوضوء انه اما ترك واجبا من واجبات الوضوء أو مستحبا من مستحباته حكم بصحة وضوئه.

المسألة 394

إذا علم انه ترك احد واجبات الوضوء أو أحد شرائطه، فإن كان ذلك بعد فوات الموالاة و جفاف الأعضاء بطل وضوؤه، و ان علم به قبل ان تفوت الموالاة رجع الى ذلك الشي ء الذي تركه فأتى به و أتى بما بعده، و صح وضوؤه.

المسألة 395

إذا شك في واجب من واجبات الوضوء أو في شرط من شرائطه انه اتى به أم لا، فان كان شكه و هو في أثناء الوضوء، وجب عليه ان يأتي بذلك الشي ء المشكوك و بما بعده، و ان كان قد تجاوز عنه، كما إذا شك في غسل الوجه أو غسل بعض اجزائه و هو في مسح الرأس أو مسح القدمين.

و ان كان شكه بعد الفراغ من الوضوء لم يلتفت الى شكه و بنى على الصحة، و يكفي الفراغ البنائي فإذا شك في الجزء الأخير من الوضوء بنى على الصحة كذلك إذا وجد نفسه بانيا على الفراغ من الوضوء، و ان لم يقم عن مكان الوضوء و لم يمكث طويلا و لم يدخل في عمل آخر.

المسألة 396

الأحوط إلحاق الغسل و التيمم بالوضوء في الحكم المتقدم، سواء كان التيمم بدلا عن الغسل أم بدلا عن الوضوء، فإذا شك في شي ء منهما و هو في الأثناء أتى به و بما بعده و ان تجاوز محله، و إذا شك فيه بعد

كلمة التقوى، ج 1، ص: 123

الفراغ من الغسل أو التيمم بنى على الصحة، و يكفي الفراغ البنائي فيهما كما في الوضوء.

المسألة 397

لا حكم لشك كثير الشك في الوضوء و لا في غيره سواء كان شكه في الاجزاء أم في الشرائط أم في غيرها فيبني على الصحة و ان كان في أثناء الوضوء بل و ان كان في محل الشي ء المشكوك.

المسألة 398

إذا شك قبل الشروع في الوضوء في وجود حاجب يمنع من وصول الماء إلى البشرة أو يشك في وصول الماء تحته، وجب عليه ان يفحص عنه حتى يحصل الظن بعدمه كما تقدم، و كذلك إذا شك في وجوده و هو في أثناء الوضوء.

و إذا علم بوجوده سابقا و شك في بقائه، وجب عليه تحصيل العلم بزواله أو بإيصال الماء تحته و لا يكفي الظن.

و إذا شك بعد الفراغ من الوضوء في وجود الحاجب حين الوضوء، بنى على عدمه و صح وضوؤه، و كذلك إذا شك بعد الفراغ في انه هل أزال الحاجب الموجود حين الوضوء أو أوصل الماء تحته، بنى على الصحة.

المسألة 399

إذا علم بوجود حائل قد يصل الماء تحته و قد لا يصل كالخاتم في يده مثلا، و علم أيضا انه لم يكن ملتفتا اليه حين الوضوء، و شك بعد الفراغ من الوضوء في انه هل وصل الماء تحته من باب الاتفاق أم لم يصل، أشكل الحكم بصحة الوضوء، فلا يترك الاحتياط بالإعادة.

المسألة 400

إذا علم بوجود حائل يمنع وصول الماء أو يشك في وصول الماء تحته، و شك في ان هذا الحاجب كان موجودا حين الوضوء أو طرأ بعده، بنى على الصحة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 124

المسألة 401

إذا كان بعض أعضاء وضوئه نجسا ثم توضأ، و شك بعد الفراغ من الوضوء في انه هل طهر العضو النجس قبل وضوئه أم لا، بنى على صحة وضوئه، و يجب عليه تطهير ذلك العضو للصلاة إذا لم يكن صلى، و إذا حصل له الشك بعد الفراغ من الصلاة بني على صحة الوضوء و الصلاة، و يجب عليه تطهير العضو للأعمال الآتية.

المسألة 402

إذا شك بعد الفراغ من الصلاة في أنه هل توضأ لها أم لا، بنى على صحة صلاته و وجب عليه الوضوء للصلاة الآتية، و إذا حصل له هذا الشك و هو في أثناء الصلاة وجب عليه الوضوء و استئناف الصلاة، و إذا أتم الصلاة ثم توضأ و أعادها فهو أحوط.

المسألة 403

إذا غسل يده اليسرى و مسح رأسه و قدميه ببلتها، ثم تذكر انه قد غسلها قبل ذلك، فان تذكر أن الغسلة الأخيرة التي مسح بعدها هي الغسلة الثانية لليد اليسرى، و قد أتى بها امتثالا للأمر المتوجه بها صح وضوؤه و مسحه، لأن الغسلة الثانية مستحبة و بلتها التي مسح بها من الوضوء و ان تخيل انها الاولى الواجبة.

و ان تذكر انه قد أتم الغسلتين لليسرى قبل ذلك كان وضوؤه باطلا لأنه مسح بماء جديد.

و إذا شك في انه أتم الغسلتين قبل ذلك أم لا فالأحوط إعادة الوضوء.

الفصل العشرون في أحكام الجبائر

المسألة 404

الجبيرة: هي الشي ء الذي يربط على الكسور و الرضوض في العظام، و الخرق و اللصقات و الأدوية التي توضع على الجروح و القروح و نحوها،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 125

و الظاهر شمولها للأربطة التي يلصق بعضها على بعض بالجبس و نحوه على الكسور و أمراض العظام و اللصقات الطبية التي تجعل على المفاصل و غيرها لعلاج بعض أمراضها.

المسألة 405

إذا كانت الجبيرة في بعض أعضاء الوضوء التي يجب غسلها أو مسحها، فإن أمكن غسل موضع الجبيرة من غير مشقة و لا ضرر، و لو بتكرار صب الماء على الجبيرة حتى يصل الى المحل على وجه يحصل به الغسل المعتبر شرعا في الوضوء من استيلاء الماء على الموضع، و حصول الترتيب في العضو من غسله من الأعلى إلى الأسفل عرفا، أو غمسه في الماء حتى يحصل ذلك وجب على المكلف ان يفعل ذلك.

و ان لم يمكن ذلك تعين نزع الجبيرة مع الإمكان و غسل الموضع، و هذا إذا كانت الجبيرة و الموضع طاهرين، فإذا كانا نجسين فلا بد من تطهيرهما قبل ذلك مع الإمكان.

المسألة 406

إذا لم يمكن غسل الموضع لكون الماء مضرا، فان كان جرحا مكشوفا لا جبيرة عليه، و كان في موضع الغسل، كفى غسل ما حول الجرح، و لا يحتاج الى المسح على خرقة توضع عليه على الأقوى، و إذا أمكن المسح على الجرح من غير وضع خرقة تعين ذلك على الأحوط، و إذا كان في موضع المسح و لم يمكن المسح عليه، وضع عليه خرقة طاهرة على الأحوط، و مسح عليها بنداوة الوضوء، و ضم اليه التيمم، فان لم يمكن ذلك سقط و ضم اليه التيمم.

و يتعين في الكسير- إذا كان موضع الكسر مكشوفا و لا يمكن غسله كما هو المفروض- ان يتيمم، و الأحوط له استحبابا ان يجمع بين الوضوء و التيمم، فيغسل ما حول الموضع و يمسح عليه إذا أمكن له ذلك ثم يتيمم.

و يجمع في القرح- إذا كان مكشوفا و تعذر غسله- بين الوضوء كذلك و التيمم.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 126

و إذا كان الكسر و القرح في موضع

المسح و كان مكشوفا و لا يمكن المسح عليه صنع كما تقدم في الجرح المكشوف في موضع المسح على الأحوط.

المسألة 407

إذا كانت الجبيرة على بعض أعضاء الوضوء التي يجب غسلها- و لم يمكن غسل الموضع للتضرر بالماء أو لنجاسة الموضع و عدم إمكان تطهيره، وجب غسل أطراف الموضع مع مراعاة الشرائط، و المسح على الجبيرة بما يصدق عليه مسمى الغسل و لا يكفي مطلق المسح، و الأحوط ان يكون ذلك بإمرار اليد على الجبيرة، و ان كان الأقوى عدم اعتبار ذلك، و لا بد من استيلاء الماء على جميع ظاهر الجبيرة كما تقدم. و يكفي صدق الاستيعاب عرفا.

و هذا إذا كانت الجبيرة طاهرة، فإذا كانت نجسة و أمكن تطهيرها أو تبديلها وجب تطهيرها أو تبديلها أولا ثم توضأ كما تقدم.

و إذا أمكن رفع الجبيرة و المسح على البشرة جمع بين الغسل على الجبيرة و المسح على المحل بعد رفعها.

المسألة 408

إذا كانت الجبيرة نجسة و لم يمكن تطهيرها و لا تبديلها، وضع خرقة طاهرة عليها على وجه تعد من اجزاء الجبيرة، و اجرى الغسل عليها على النحو المتقدم، فان لم يمكن ذلك توضأ و اقتصر في وضوئه على غسل الأطراف ثم تيمم.

المسألة 409

إذا كانت الجبيرة على أعضاء الوضوء التي يجب مسحها و لم يمكن رفع الجبيرة و المسح على البشرة، وجب عليه المسح على الجبيرة و ان يكون المسح بنداوة الوضوء كما يمسح على البشرة.

المسألة 410

تجري أحكام الجبيرة على الجبائر المتعددة سواء كانت في عضو واحد

كلمة التقوى، ج 1، ص: 127

أم أكثر إذا لم تستوعب العضو كله، و الظاهر جريان أحكامها في الجبيرة إذا استوعبت العضو كله فكان الغسل أو المسح في العضو كله على الجبيرة.

و إذا استوعبت الجبائر جميع أعضاء الوضوء أو عمت معظم أعضائه، فإجراء أحكام الجبيرة فيها مشكل، و لا يترك الاحتياط بالجمع في هاتين الصورتين بين وضوء الجبيرة و التيمم.

المسألة 411

إذا كانت الجبيرة في الكف فأجرى غسل الوضوء عليها وجب ان يكون المسح على الرأس و القدمين بالرطوبة الموجودة على الجبيرة من الوضوء، نعم، إذا لم تكن الجبيرة مستوعبة للكف، فالأحوط ان يكون المسح بالجزء الذي لا جبيرة عليه من الكف، بل هو الأقوى.

المسألة 412

إذا كانت الجبيرة غير مستوعبة مقدم الرأس وجب عليه ان يمسح على الجزء الذي لا جبيرة عليه من المقدم، و إذا استوعبت مقدم الرأس كله مسح على الجبيرة.

و كذلك في القدم، فإذا كانت الجبيرة لا تستوعب عرض القدم وجب عليه ان يمسح على الجانب الذي لا جبيرة عليه من رؤوس الأصابع إلى مفصل الساق على وجه يمر بقبة القدم كما تقدم، و إذا كان الجانب المكشوف لا يمر بقبة القدم مسح عليه و على خط يمر بقبة القدم مما عليه الجبيرة على الأحوط.

و إذا استوعبت الجبيرة عرض القدم كله أو استوعبت القدم كلها مسح من رؤوس الأصابع إلى المفصل مارا بقبة القدم، و ان كان بعض المسح أو كله على الجبيرة.

المسألة 413

ما يكون تحت الجبيرة من الأطراف الصحيحة حول الجرح أو القرح أو الكسر إذا كان بالمقدار الذي يتعارف دخوله تحت الجبيرة عادة تجرى عليه أحكام الجبيرة، فيكفي غسل الجبيرة و مسحها عن غسله و مسحه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 128

و إذا كان أكثر مما يتعارف دخوله فيها، فإن أمكن رفع الجبيرة و غسل الموضع الصحيح، ثم وضع الجبيرة مكانها و اجراء الغسل عليها وجب ان يفعل كذلك، و ان لم يمكن ذلك، فان كان غسل ذلك المقدار الصحيح يضر بالجرح أو القرح أو الكسر لمجاورته إياه جرى عليه حكم الجبيرة فيكفي غسلها و مسحها عن غسله و مسحه، و ان كان غسل ذلك المقدار لا يضر بها وجب عليه التيمم.

المسألة 414

إذا كان استعمال الماء مضرا بموضع من أعضاء الوضوء و لم يكن فيه جرح و لا قرح و لا كسر فيجب على المكلف التيمم.

و إذا وضع على ذلك الموضع خرقة على وجه تكون جبيرة و اجرى عليها وضوء الجبيرة ثم تيمم بعده كان أحوط.

و كذلك الحكم في الرمد إذا كان استعمال الماء معه مضرا و لو بالعين خاصة.

المسألة 415

يستمر حكم الجبيرة ما دام خوف الضرر باقيا، فإذا زال الخوف قطعا أو ظنا وجب رفع الجبيرة و الغسل على الموضع.

المسألة 416

الوضوء مع الجبيرة يرفع الحدث على الأقوى و ليس مبيحا فقط.

المسألة 417

إذا لصق شي ء ببعض مواضع الوضوء كالقير و أمثاله و لم تمكن إزالته، أو كان في إزالته حرج و مشقة لا تتحمل عادة جمع بين الوضوء عليه- كالجبيرة- و التيمم على الأحوط.

المسألة 418

تجري أحكام الجبيرة المتقدم ذكرها في كل من الوضوء الواجب و المستحب.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 129

المسألة 419

تجري أحكام الجبيرة في الغسل كما تجري في الوضوء، سواء كان الغسل واجبا أم مندوبا، و سواء كان ترتيبا أم ارتماسا، إلا إذا كان العضو تحت الجبيرة نجسا أو كانت الجبيرة نفسها نجسة، و كان ارتماسه في الماء القليل، فتسري النجاسة إلى سائر الأعضاء، أو كان وصول الماء الى الموضع مضرا.

المسألة 420

تجري أحكام الجبيرة في التيمم على الأحوط، سواء كانت الجبيرة على العضو الماسح أم على الممسوح.

المسألة 421

لا تجب على المكلف إعادة الصلاة التي صلاها بوضوء الجبيرة إذا ارتفع عذره بعد خروج الوقت و تجب عليه إعادة الصلاة التي لم يخرج وقتها إذا ارتفع عذره في الوقت، و لا يكفيه ذلك الوضوء للصلاة الآتية و لا لغيرها من الغايات.

المسألة 422

يجوز لصاحب الجبيرة الوضوء و الصلاة في أول الوقت برجاء استمرار العذر الى آخره و ان لم يكن يائسا، فإذا ارتفع عذره في الوقت أعاد الوضوء و الصلاة كما قدمناه.

المسألة 423

إذا شك في ان وظيفته الوضوء مع الجبيرة، أو التيمم كان عليه الجمع بينهما.

الفصل الحادي و العشرون في أحكام دائم الحدث

المسألة 424

المسلوس و المبطون و أمثالهما ممن يكون دائم الحدث إذا كانت له فترة معينة تسع الطهارة و الصلاة، يجب عليه ان يتطهر من النجاسة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 130

و من الحدث و ان يأتي بالصلاة في تلك الفترة، سواء كانت في أول الوقت أم في آخره أم في وسطه، و إذا كانت الفترة تسع الإتيان بواجبات الصلاة فقط. وجب عليه الاقتصار عليها و ترك جميع المستحبات.

و إذا صلى في غير هذه الفترة متقربا، و اتفق عدم خروج الحدث منه الى آخر الصلاة صحت صلاته، و إذا كانت الفترة في أول الوقت أو في وسطه فأخر الصلاة عنها عامدا اثم، و كان عليه ان يأتي بصلاة ذي الفترات كما سيأتي بيانها، إلا إذا اتفق له عدم الحدث حتى أتم صلاته، و لا تكفيه صلاة ذي الفترات في غير هذه الصورة.

المسألة 425

المسلوس الذي يتقاطر بوله إذا كانت له فترات متعددة لا تسع واحدة منها الطهارة و الصلاة، يجب عليه ان يتوضأ و يبدأ بالصلاة بعد الوضوء بلا مهلة، و يضع الماء الى جانبه، فإذا تقاطر منه البول توضأ بلا مهلة و بنى على صلاته، و هكذا حتى يتم صلاته، و عليه ان يأتي بصلاة أخرى بوضوء واحد على الأحوط، بل الأحوط له أن يقدم الصلاة بالوضوء الواحد على الصلاة بالوضوءات المتعددة.

و كذلك الحكم في صاحب سلس الريح و النوم، و الإغماء و غيرها إذا كانت لهم مثل هذه الفترات التي لا تسع الطهارة و الصلاة.

و اما المبطون الذي له مثل هذه الفترات فيكتفي بالصلاة بوضوءات متعددة، و ليس عليه اعادتها بوضوء واحد.

المسألة 426

إذا كثرت الفترات و قصرت في المسلوس أو المبطون أو غيرهما من المذكورين آنفا، بحيث يلزم الحرج من الوضوء بعد كل حدث يخرج منه، يجب عليه ان يأتي من الوضوءات المتعددة في الصلاة بالمقدار الميسور، و يسقط ما زاد على ذلك مما يلزم منه الحرج.

المسألة 427

إذا استمر الحدث في المسلوس أو المبطون بلا فترة أصلا اكتفى

كلمة التقوى، ج 1، ص: 131

بوضوء واحد لكل صلاة على الأحوط، و هكذا الحكم في صاحب سلس الريح و النوم و الإغماء و غيرهم، و يجوز للمسلوس في هذا الفرض ان يجمع بين الظهرين بوضوء واحد و كذا بين العشاءين.

المسألة 428

إذا نسي التشهد أو السجدة في الصلاة و وجب عليه قضاؤهما، فإن كان ممن يجب عليه تجديد الوضوء لسائر اجزاء الصلاة و هو ذو الفترات التي لا تسع الصلاة وجب عليه تجديد الوضوء لقضائهما، و بحكمه ذو الفترة التي تسع الطهارة و الصلاة، فإذا انتقض وضوؤه قبل قضائهما وجب عليه تجديد الوضوء لهما.

و ان كان ممن يكتفي بالوضوء الواحد لجميع الصلاة و هو ذو الحدث المستمر اكتفى بوضوء الصلاة لهما، و إذا وجبت عليه صلاة الاحتياط توضأ لها على الأحوط و لم يكتف بوضوء الصلاة. بل لا يخلو ذلك من قوة.

المسألة 429

يجب على المسلوس ان يضع ذكره في كيس يجعل فيه قطنا أو غير الكيس تحفظا عن وصول النجاسة إلى بدنه و ثيابه، و الأحوط غسل الحشفة قبل كل صلاة.

و يجب على المبطون كذلك ان يتحفظ عن تعدي النجاسة بما يناسب، كما ان الأحوط ان يطهر المحل قبل الصلاة إذا أمكن له ذلك من غير حرج.

المسألة 430

المسلوس و المبطون إذا لم يعلما حالهما من وجود الفترة التي تسع الطهارة و الصلاة أو تسع بعض الصلاة مع الطهارة تجوز لهما الصلاة في أول الوقت بحسب تكليفهما برجاء استمرار العذر كما في صاحب الجبيرة، فإذا وجد الفترة التي تسع الطهارة و الصلاة في آخر الوقت أعادا الطهارة و الصلاة، و كذا إذا وجدا الفترة التي تسع الطهارة و بعض الصلاة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 132

المسألة 431

لا يجب على المسلوس و المبطون و غيرهما من المذكورين في المسائل المتقدمة قضاء ما صلوا إذا طبقوا الاحكام التي تجب عليهم، نعم تجب إعادة الصلاة إذا زال العذر عنهم و الوقت لا يزال باقيا.

الفصل الثاني و العشرون في غسل الجنابة

المسألة 432

الواجب من الأغسال سبعة بل ثمانية.

(1) غسل الجنابة. (2) غسل الحيض. (3) غسل النفاس.

(4) غسل الاستحاضة. (5) غسل مس الميت. (6) غسل الأموات.

(7) ما وجب على الإنسان بنذر أو عهد أو يمين، كما إذا نذر أحد الأغسال المستحبة.

و يجب- على الأحوط- الغسل على من فرط في صلاة الكسوفين فتركها عامدا مع احتراق القرص، بل لا يخلو وجوبه من قوة، كما سيأتي بيانه في موضعه ان شاء اللّه تعالى، و هو الثامن الذي تقدمت الإشارة إليه.

المسألة 433

الأول من الأغسال الواجبة: غسل الجنابة.

و الجنابة تحصل بأحد أمرين:

الأول: خروج المني، من غير فرق في ذلك بين الرجل و المرأة، و بين أن يكون خروجه في النوم أم في اليقظة، و بالوطء أم بغيره، و سواء كان الخارج منه قليلا أم كثيرا.

و إذا علم بأن الخارج منه مني حكم بالجنابة و ان كان خروجه بغير شهوة و لا دفق و لم يتعقبه فتور.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 133

و بحكم المني خروج الرطوبة المشتبهة من الرجل، إذا أجنب قبل ذلك بالإنزال، و اغتسل من جنابته من غير ان يستبرئ بالبول، فإذا خرجت منه بعد الغسل رطوبة لا يدرى أنها مني أم غيره، حكم بأنها مني فلا بد له من الغسل.

و لا يتعلق هذا الحكم بالرجل إذا أجنب بالوطء، بغير إنزال، و لا بالمرأة و ان كانت جنابتها بالإنزال، فلا حكم للرطوبة التي تخرج منها الا إذا علمت إجمالا بأنها بول أو مني و سيأتي حكمها.

المسألة 434

لا يكون الإنسان جنبا إذا تحرك المني من موضعه و لم يخرج من البدن، فلا يجب عليه الغسل.

المسألة 435

إذا شك في شي ء خرج منه انه مني أم لا، فان كان خروجه بدفق و شهوة و تعقبه فتور في الأعضاء، حكم بأن الخارج مني، و كذلك إذا وجد الشهوة و شك في الدفق، فيحكم بأنه مني، و إذا علم بعدم الدفق لم يحكم بكونه منيا و ان كان عن شهوة. و هذا كله في الرجل الصحيح.

و يكفي وجود الشهوة و حدها في المرأة و في الرجل المريض فيحكمان معها بأن الخارج منهما مني و ان لم يتعقبه فتور.

المسألة 436

الأمر الثاني مما تتحقق به الجنابة: الجماع و ان لم يكن معه إنزال، و يحصل بإدخال الحشفة في قبل المرأة فتتحقق الجنابة بذلك، و يجب الغسل على كل من الرجل و المرأة و ان لم ينزلا.

المسألة 437

إذا أدخل الحشفة في دبر الأنثى أو دبر الغلام و لم ينزل، فلا يترك الاحتياط، فان كان قبل الوطء متطهرا لزمه الغسل، و كذلك إذا كان جنبا، و هو واضح، و ان كان قبل الوطء محدثا بالحدث الأصغر أو كان شاكا في حالته السابقة أ هي الحدث أم الطهارة، كان عليه الجمع

كلمة التقوى، ج 1، ص: 134

بين الغسل و الوضوء، و كذلك الحكم في المرأة الموطوءة و الغلام الموطوء على الأحوط.

و مثله حكم من وطأ البهيمة من غير ان ينزل فيلزمه الاحتياط المذكور.

المسألة 438

إذا أدخل مقطوع الحشفة مقدارها، و لم ينزل لزمه الاحتياط الذي تقدم ذكره، سواء أدخل في قبل الأنثى أم في دبرها أم في دبر الغلام أم البهيمة، و كذلك الحكم في المرأة الموطوءة و الغلام الموطوء على الأحوط.

المسألة 439

إذا رأى الرجل في ثوبه منيا و لم يعلم انه منه أو من غيره لم يجب عليه الغسل، و كذلك إذا علم ان المني منه، و لم يدر انه من جنابة سبقت و قد اغتسل منها، أو من جنابة جديدة لم يغتسل منها، فلا يجب عليه الغسل، و ان كان الغسل أحوط، و إذا اغتسل في الصورتين للاحتياط لم يكفه غسله عن الوضوء إذا كان محدثا بالحدث الأصغر فلا بد له من الوضوء.

و إذا علم بأن الجنابة منه و انه لم يغتسل بعدها، وجب عليه ان يغتسل، و ان يقضي من الصلوات ما يتيقن انه صلاها بعد الجنابة و قبل الغسل، فإذا تردد عدد الصلوات بين الأقل و الأكثر وجب عليه قضاء الأقل.

المسألة 440

إذا علم الإنسان بحدوث جنابة منه و غسل و لم يدر أن المتأخر منهما هو الجنابة أو الغسل، فان جهل تأريخ كل من الجنابة و الغسل، أو علم تأريخ الجنابة و جهل تأريخ الغسل، وجب عليه الغسل، و ان علم تأريخ الغسل و جهل تأريخ الجنابة لم يجب عليه الغسل و ان كان الإتيان به أحوط.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 135

المسألة 441

إذا علم شخصان بجنابة أحدهما لا على التعيين لم يجب الغسل على واحد منهما، إلا إذا كانت جنابة أحدهما موضوعا لحكم فعلي يتوجه على الآخر كعدم جواز استئجاره للصلاة عن ميت مثلا و نحو ذلك، فيجب عليه الغسل حين ذاك و كذلك الآخر.

المسألة 442

يجوز للإنسان أن يجامع اختيارا حتى بعد دخول وقت الصلاة و هو يعلم انه غير قادر على الغسل، و عليه التيمم للصلاة.

نعم، يشكل جواز ذلك لمن كان متطهرا و دخل عليه الوقت و أراد الجماع، و هو يعلم انه غير قادر على الغسل، فلا يترك الاحتياط، و لا يعم الحكم من يجد من الماء ما يكفيه للوضوء، و لا يكفي للغسل، و لا يعم من جاز له التيمم للمسوغات الأخرى غير فقد الماء فالاحتياط في هذه الموارد كلها لا يترك.

و إذا كان غير قادر على الغسل و التيمم معا و قادرا على الوضوء لم يجز له إجناب نفسه بعد دخول وقت الصلاة، سواء كان محدثا أم متطهرا.

و لا يجوز للمتطهر بعد دخول الوقت ان يحدث بالحدث الأصغر اختيارا و هو يعلم انه غير قادر على الوضوء، و ان كان قادرا على التيمم.

المسألة 443

لا يجب على الإنسان الغسل حتى يعلم بتحقق الجنابة منه اما بالدخول على الوجه المتقدم أو بالإنزال.

المسألة 444

إذا لزمه الاحتياط بالجمع بين الغسل و الوضوء، أو استحب له ذلك، أمكن له ان ينقض غسله بحدث أصغر ثم يتوضأ بعده، و يكفيه ان يأتي بالوضوء بعد الغسل برجاء المطلوبية.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 136

الفصل الثالث و العشرون في أحكام الجنب

المسألة 445

إذا كان الإنسان جنبا لم تصح منه الاعمال الآتي ذكرها الا بعد الغسل من الجنابة، فالغسل شرط في صحتها.

الأول: الصلاة، سواء كانت واجبة أم مندوبة، و يومية أم غيرها، و حاضرة أم فائتة حتى صلاة الاحتياط و قضاء الأجزاء المنسية، و كذا سجدتا السهو على الأحوط، و تستثنى من ذلك صلاة الأموات، فتصح من الجنب، و ان لم يغتسل.

المسألة 446

الثاني من الأعمال التي تتوقف صحتها على غسل الجنابة: الطواف الواجب، و قد تقدم ان المراد به ما كان جزءا من الحج أو العمرة سواء كانا واجبين أم مندوبين، و سواء كانا عن نفسه أم بالنيابة عن غيره، و لا يشترط الغسل في صحة الطواف المندوب، فلو دخل الجنب المسجد الحرام ناسيا لجنابته و طاف طوافا مندوبا صح طوافه، و ان صلى صلاة ذلك الطواف كانت باطلة لعدم الغسل.

المسألة 447

الثالث: صوم شهر رمضان، فلا يصح صوم الإنسان إذا أصبح متعمدا للبقاء على الجنابة، أو ناسيا للجنابة، و كذلك صوم قضاء شهر رمضان مع التعمد، و مع نسيان الجنابة أيضا على احتياط لا يترك فيه.

و كذا لا يصح الصوم في قضاء شهر رمضان إذا أصبح جنبا من غير تعمد، و إذا تضيق وقته فالأحوط صيام ذلك اليوم و صيام يوم آخر بدلا عنه بعد شهر رمضان.

و لا يصح- على الأحوط- تعمد الإصباح جنبا في مطلق الصوم الواجب سواء كان معينا أم غير معين.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 137

و يبطل الصوم بتعمد الجنابة في أثناء النهار من غير فرق بين أقسام الصيام، و لا يبطل بالاحتلام في النهار من غير فرق كذلك.

المسألة 448

تحرم على الجنب الاعمال الآتي ذكرها:

الأول: ان يمس خط المصحف سواء كان مكتوبا بالخطوط المتعارفة أم بالخطوط المهجورة، و سواء رسم بالقلم أم بالطبع أم بالتصوير، و بالحروف المألوفة أم بالحروف البارزة أم بالحفر أم بغيرها حتى إذا كتبت ألفاظ القرآن بحروف غير عربية، و سواء كتب على ورق أم على لوح أم على جدار أم على غيرها، بل و ان حفرت الآية حروفا ذات ابعاد منفصلة عن قاعدة.

و لا يحرم على المحدث مس ورق القرآن في المواضع الفارغة من الكتابة حتى ما بين السطور، و لا مس الجلد و الغلاف. و لا يحرم عليه مس ترجمة القرآن.

المسألة 449

يحرم عليه- على الأحوط- ان يمس اسم اللّه تعالى و سائر أسمائه و صفاته المختصة، و يحرم عليه مس اسم اللّه تعالى في أي لغة من اللغات.

و يحرم- على الأحوط- مس أسماء الأنبياء و الأئمة (ع).

المسألة 450

الثاني يحرم على الجنب ان يدخل المسجد الحرام و مسجد الرسول (ص) و ان كان دخوله فيهما على سبيل المرور، فيدخل من باب و يخرج من باب آخر من غير مكث و لا تردد.

المسألة 451

إذا احتلم المكلف في أحد المسجدين وجب عليه ان يتيمم للخروج من المسجد فورا الا ان يكون زمان خروجه اقصر من الوقت الذي يبقى فيه للتيمم، فيجب عليه الخروج من غير تيمم، أو يكون مساويا له، فيكون حينئذ مخيرا بينهما، و إذا أمكن له الجمع بين التيمم و الخروج في وقت واحد تعين.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 138

و إذا استطاع الغسل في المسجد و كان زمانه مساويا أو أقل من زمان التيمم، و مساويا أو أقل من زمان الخروج، وجب عليه الغسل بشرط ان يمكنه التطهر من النجاسة بدون تلويث للمسجد.

و كذلك الحكم إذا أجنب في المسجدين جاهلا أو ناسيا أو عامدا، أو أجنب في خارج المسجد ثم دخله بإحدى الصور المتقدمة، فالحكم فيه هو ما تقدم.

و مثله حكم المرأة الحائض و النفساء إذا انقطع الدم عنهما و دخلتا المسجد في صورة من الصور المتقدم ذكرها، اما إذا كان الدم مستمرا، فلا تيمم لهما، و عليهما ان يبادرا بالخروج.

المسألة 452

الثالث: يحرم على الجنب ان يمكث في سائر المساجد، بل يحرم عليه الدخول فيها إذا لم يكن دخوله على سبيل المرور و الاجتياز، و يجوز له المرور فيدخل من باب و يخرج من باب آخر من غير تردد و لإبقاء، و يجوز له الدخول في المسجد لأخذ شي ء منه، و يحرم عليه الدخول لوضع شي ء في المسجد.

و يجوز له- على الأقوى- ان يضع في المسجد بعض الأشياء و هو في الخارج أو في حال العبور و ان كان الترك أحوط.

و المشاهد المشرفة و الرواقات فيها بحكم المساجد في ذلك على الأحوط.

المسألة 453

لا فرق في الحكم المذكور للجنب بين ان يكون المسجد عامرا أو خرابا، و ان هجرت الصلاة فيه و زالت آثار المسجدية، حتى مساجد الأراضي المفتوحة عنوة، فلا تخرج عن المسجدية.

المسألة 454

ما يشك في انه جزء من المسجد أم لا، من صحنه و بعض المواضع فيه لا يجرى فيه الحكم المتقدم إلا إذا دلت القرائن أو الأمارات الشرعية على انه جزء من المسجد.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 139

المسألة 455

لا يلحق بالمسجد في الحكم المذكور المكان الذي يعينه الإنسان في بيته للصلاة فيه، سواء كان خاصا به أم عاما له و لأهل بيته و ضيوفه و أصدقائه مثلا.

المسألة 456

الرابع: تحرم على الجنب قراءة آيات السجود من سور العزائم الأربع على الأقوى، و سور العزائم هي سورة: الم السجدة، و حم فصلت، و النجم، و العلق، فلا يشمل التحريم غير آيات السجود منها، و ان كان الأحوط الامتناع عن قراءة مجموع السورة.

المسألة 457

يجوز للجنب ان يدخل المسجد لأخذ الماء منه للاغتسال به خارج المسجد، و إذا كان أخذ الماء من المسجد محتاجا الى المكث، أو كان الدخول في المسجد بقصد الاغتسال، وجب عليه التيمم لدخول المسجد حين ذاك، و لا يبيح له هذا التيمم الا الدخول في المسجد و المكث بمقدار الحاجة.

المسألة 458

يكره الأكل و الشرب في حال الجنابة، و ترتفع الكراهة بالوضوء، و بغسل اليدين و المضمضة و الاستنشاق، و بغسل اليدين و المضمضة، و بغسل اليدين فقط، فالوضوء أتمها في رفع الكراهة و غسل اليدين وحدهما أدناها ثم ما كان أشمل يكون أثره في رفع الكراهة أشد.

المسألة 459

تكره للجنب قراءة ما عدا آيات العزائم من القرآن حتى ما دون سبع آيات على الأقوى، و كلما زادت القراءة اشتدت الكراهة، و قراءة ما زاد على السبعين آية أشد كراهة، و يكره تعليق المصحف، و مس جلده و أوراقه و حواشيه و ما بين سطوره.

المسألة 460

يكره النوم في حال الجنابة الا ان يتوضأ الجنب أو يتيمم ان لم يتمكن

كلمة التقوى، ج 1، ص: 140

من الغسل، فيتخير في هذه الحال بين الوضوء و التيمم بدلا عن الغسل، و إذا لم يتمكن من الوضوء أيضا، تخير بين التيمم بدلا عن الغسل، و التيمم بدلا عن الوضوء و تيممه بدلا عن الغسل أفضل.

المسألة 461

يكره للرجل و للمرأة ان يختضبا في حال الجنابة، و يكره للمختضب ان يجنب اختيارا قبل ان يأخذ اللون.

المسألة 462

يكره لمن أجنب بالاحتلام ان يجامع قبل ان يغتسل من جنابته.

الفصل الرابع و العشرون في كيفية الغسل

المسألة 463

غسل الجنابة يكون واجبا غيريا عند حضور احدى الغايات الواجبة، كالصلاة و الطواف الواجبين، و يكون مستحبا غيريا للغايات المستحبة كالطواف المندوب، و منها الغسل للكون على طهارة.

و يراعى في نية الغسل ما تقدم في نية الوضوء، فلا بد فيها من قصد القربة و الإخلاص على النحو الذي ذكرناه هناك، و لا بد من استدامة النية حكما الى آخر الغسل على الوجه المتقدم في الوضوء.

و لا يجب في نيته قصد الوجوب أو الندب، بل يقصد الأمر المتوجه اليه بالغسل على الأحوط. و إذا اعتقد دخول الوقت فنوى الوجوب و كان قبل الوقت، أو اعتقد عدم دخول الوقت فنوى الندب و هو في الوقت فالغسل صحيح إذا قصد امتثال الأمر المتوجه اليه بالغسل، و ان تخيل أنه الأمر الوجوبي أو الأمر الندبي.

المسألة 464

يجب في غسل الجنابة غسل ظاهر البدن كله، و لا يجب غسل البواطن، فلا يجب غسل باطن العين و الاذن و الأنف و الفم و أمثالها إلا ما يغسل

كلمة التقوى، ج 1، ص: 141

منها لملازمته لغسل الظاهر كله، و قد تقدم نظيره في الوضوء، و يجب غسل البشرة و الشعر كليهما من غير فرق بين شعر الرأس و اللحية و الحاجبين و البدن و الشعور الرقاق، و ما أحاط بالبشرة منه، و ما لم يحط.

للغسل كيفيتان.
[الاولى: الترتيب:]
المسألة 465

الكيفية الأولى: الترتيب: فيغسل رأسه و رقبته أولا حتى يعم جميع اجزائهما و شعرهما و بشرتهما بالماء كما تقدم بيانه، و غسل الرقبة على هذا الوجه يلازم غسل شي ء من أعلى البدن مما يحيط بها.

ثم يغسل الجانب الأيمن من البدن، و هو يشمل اليد اليمنى و الكتف الأيمن، و نصف الصدر و البطن، و منتصف ما بين الكتفين، و نصف الظهر من الجهة اليمنى، و ما تحت ذلك الى الفخذ الأيمن و الساق الأيمن و القدم اليمنى فيغسل ذلك حتى يعم جميع اجزائه كما تقدم، و غسل هذا الجانب كله يلازم غسل شي ء من حد الجانب الأيسر يحرز به تمامية الغسل.

ثم يغسل الجانب الأيسر من البدن و هو يشمل ما ذكر من الجهة اليسرى فيغسله كما تقدم في الجانب الأيمن.

و السرة و العورة- قبلا و دبرا- يغسل نصفهما الأيمن مع الجانب الأيمن، و نصفهما الأيسر مع الجانب الأيسر، و الأحوط ان يغسل جميعهما مع الأيمن ثم يغسلهما مع الأيسر.

المسألة 466

لا يجب الترتيب بين اجزاء العضو الواحد من الأعضاء الثلاثة، فيجوز له ان يبدأ بغسل الأسفل من العضو قبل الأعلى، و ان يغسل العضو كيف اتفق، كما إذا رمسه بالماء دفعة واحدة بقصد غسله، أو غسله منكوسا، و ان كان الأحوط تركه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 142

و لا تجب الموالاة بين الأعضاء، فيصح الغسل و ان فصل بين الأعضاء بمدة طويلة حتى جف ماء الأعضاء السابقة.

و لا تجب الموالاة كذلك بين اجزاء العضو الواحد، فيصح ان يغسل بعض اجزاء الجانب الأيمن مثلا، و يتم غسله بعد مدة طويلة و ان جف الماء من الاجزاء الاولى.

المسألة 467

يجب الترتيب كما ذكرنا بين الأعضاء الثلاثة، فإذا خالف الترتيب بينها عامدا أو جاهلا أو ناسيا وجب عليه ان يعيد الغسل على ما يحصل معه الترتيب، فإذا غسل الجانب الأيمن ثم الرأس، صح غسل الرأس و أعاد على الجانب الأيمن، و إذا غسل الرأس ثم غسل الجانب الأيسر ثم الأيمن صح غسل الرأس و الجانب الأيمن و أعاد على الأيسر، و هكذا.

و إذا ترك جزءا من أحد الأعضاء فلم يغسله، وجب عليه ان يغسل ذلك الجزء، فإذا كان الجزء من العضو الأخير صح غسله بذلك، و ان كان من الرأس أو من الجانب الأيمن وجب عليه ان يعيد غسل ما بعده من الأعضاء حتى يحصل الترتيب.

المسألة 468

إذا علم بأنه ترك جزءا من العضو، و لم يعلم ان المتروك اى الاجزاء، وجب عليه ان يغسل جميع الأجزاء التي يحتمل انه تركها من ذلك العضو، ثم يعيد غسل الأعضاء التي بعده إذا كان هو غير العضو الأخير حتى يحصل الترتيب، و إذا علم بأنه ترك جزءا من أحد الأعضاء و نسي أن العضو الذي ترك منه ذلك الجزء هو أي الأعضاء، وجب عليه ان يغسل ذلك الجزء من الرأس، و ان يعيد غسل الجانب الأيمن ثم الجانب الأيسر بقصد ما في الذمة من غسل جميع العضو أو جزئه.

المسألة 469

إذا علم بوجود شي ء يمنع من وصول الماء إلى البشرة أو الشعر،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 143

وجب رفع ذلك الحاجب حتى الدهن الذي قد يجعل في الشعر و الأصباغ التي قد توضع على البشرة و الأظفار حتى يحصل العلم بزواله، أو بوصول الماء إلى البشرة و الشعر، و الظفر الموجود تحته، و إذا شك في وجود الحاجب قبل الغسل أو في أثنائه وجب عليه ان يفحص عنه حتى يحصل له الظن بعدمه، و ان لم يكن الظن اطمئنانيا، و يجب تخليل الشعر و تحريك الخاتم و نحوهما إذا شك في وصول الماء إلى البشرة تحتهما.

المسألة 470

ذكرنا في المسألة الأربعمائة و السادسة و الستين انه لا تجب الموالاة في الغسل الترتيبي، و هذا الحكم انما هو في غير غسل المستحاضة و غسل المسلوس و المبطون و أمثالهما من مستمري الحدث، و في هؤلاء تجب المبادرة إلى إتمام الغسل و الى الصلاة بعده بلا مهلة على الأقوى، في ما إذا كانت لهم فترة تسع الغسل و الصلاة أو بعضها، و على الأحوط في ما عدا ذلك.

[الثانية: الارتماس.]
المسألة 471

الكيفية الثانية للغسل: الارتماس.

و هو تغطية جميع البدن بالماء، و أما غمس أعضاء البدن في الماء فإنما هو مقدمة للارتماس و ليس نفسه، سواء حصل دفعة واحدة أم بالتدريج، و سواء كان جميع بدنه قبل ذلك خارج الماء أم كان بعضه أو معظمه في الماء، و متى استولى الماء على جميع البدن في هذه التغطية الواحدة صح الغسل.

و إذا احتاج فيها الى تخليل شعر أو رفع قدم أو ازالة حائل أو تحريك خاتم و نحوه صنع ذلك في حال التغطية و صح غسله، و الأحوط ان يقع ذلك في زمان واحد عرفا و ان استغرق آنات متعددة.

المسألة 472

يصح له ان ينوي الغسل الارتماسي و جميع بدنه تحت الماء، و الأحوط له في هذه الصورة ان يحرك بدنه تحت الماء بعد نية الغسل.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 144

و لا بد من تخليل الشعر و نحوه إذا شك في وصول الماء الى باطنه و الى البشرة تحته كما أشرنا إليه في المسألة السابقة.

المسألة 473

إذا علم بعد غسله ارتماسا ان جزءا من بدنه لم يصل اليه الماء في ارتماسه وجبت عليه اعادة الغسل كله ترتيبا أو ارتماسا و لا يكفيه غسل ذلك الجزء وحده.

المسألة 474

تجري الكيفيتان المذكورتان للغسل من الترتيب و الارتماس في جميع الأغسال الواجبة و المندوبة، نعم، يشكل اجزاء الارتماس في غسل الأموات.

المسألة 475

تقدم ان الارتماس انما هو تغطية جميع البدن بالماء و ان ما يسبقه من غمس الأعضاء دفعة أو على سبيل التدريج انما هو مقدمة للارتماس، فلا يكفي ان يقصد الغسل بأول جزء من بدنه يدخل في الماء الى آخر جزء منه، نعم، يكون غسله صحيحا إذا نوى الغسل الواجب عليه و استمر في نيته الى ان حصلت التغطية لجميع البدن بالماء.

المسألة 476

يحصل الغسل الترتيبي بأن يغمس الرأس و الرقبة في الحوض مثلا، ثم يرمس الجانب الأيمن من بدنه كذلك، ثم يرمس الجانب الأيسر، كما يحصل بالارتماس فيه ثلاث مرات و يقصد في كل واحدة غسل عضو منه على الترتيب.

و كذا إذا قصد في أول ارتماسه في الحوض غسل الرأس و الرقبة، و بحركته تحت الماء غسل الجانب الأيمن و بخروجه من الماء غسل الأيسر، و هكذا بكل ما يحصل به ذلك مع القصد، و استيلاء الماء على جميع العضو و حصول الترتيب.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 145

بل يصح غسل بعض العضو الواحد بالرمس و بعضه بإمرار اليد، أو إجراء الماء عليه بابريق أو أنبوب.

المسألة 477

يصح الغسل بماء المطر، و تحت الميزاب، و بماء (الرشاش) المعروف و يكون بنحو الترتيب، و لا يصح ارتماسا و ان كثر الماء، نعم لا يبعد جواز الارتماس (بالشلال) و نحوه من مجاري العيون و المياه الكثيرة التي تجري من الأعلى إلى الأسفل بكثرة و قوة إذا تحققت- بالوقوف تحتها- تغطية جميع البدن بالماء عرفا.

المسألة 478

إذا شك في شي ء من البدن انه من الظاهر أو من الباطن، وجب غسله تحصيلا لليقين، سواء كان من الباطن سابقا و شك في صيرورته من الظاهر، أم كان بعكس ذلك أم كان مجهول الحال سابقا و لاحقا، و قد تقدم نظيره في الوضوء.

المسألة 479

يجوز لمن شرع في الغسل على احدى الكيفيتين الترتيب أو الارتماس:

ان يرفع اليد عنها قبل أن يتم عمله و يستأنف الغسل على الكيفية الأخرى.

المسألة 480

إذا ارتمس في حوض أو إناء لا يبلغ ماؤه كرا، و كان البدن طاهرا صح غسله، و كان الماء بذلك مستعملا في الغسل من الحدث الأكبر و قد تقدم ان الأحوط لزوم التجنب عنه مع وجود غيره، و إذا انحصر الماء به جمع بين الطهارة منه و التيمم.

و إذا بلغ الماء كرا و ارتمس فيه، فلا مانع من الاغتسال به بعد ذلك و الوضوء منه، و ان تكرر استعماله، إلا إذا نقص بذلك عن الكر.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 146

المسألة 481

يستحب للجنب ان يستبرئ بالبول قبل الغسل إذا كانت جنابته بالإنزال، و يختص ذلك بالرجل على الأقوى فلا يشمل المرأة.

و يستحب للجنب- قبل الغسل- رجلا كان أم امرأة ان يغسل يديه ثلاثا الى الزندين، و أفضل منه ان يغسلهما ثلاثا الى نصف الذراع، و أفضل من جميع ذلك ان يغسلهما ثلاثا الى المرفقين، و ان يتمضمض و يستنشق بعد غسل اليدين و لو مرة، و ورد في بعض الروايات ثلاثا، و ليؤت به برجاء المطلوبية.

و ينبغي التسمية، و ان يقول في أثناء كل غسل: (اللهم طهر قلبي و اشرح لي صدري، و أجر على لساني مدحتك و الثناء عليك، اللهم اجعله لي طهورا و شفاء و نورا انك على كل شي ء قدير).

و ان يقول بعد الفراغ من الغسل: (اللهم طهر قلبي، و زك عملي، و تقبل سعيي، و اجعل ما عندك خيرا لي، اللهم اجعلني من التوابين، و اجعلني من المتطهرين). و ليؤت بكل ذلك برجاء المطلوبية.

و يستحب في الغسل الترتيبي ان يكون غسله بصاع من الماء و هو ستمائة و أربعة عشر مثقالا صيرفيا و ربع مثقال، و ان يمر يده على الأعضاء عند

غسلها.

المسألة 482

يكره له ان يستعين بغيره في مقدمات الغسل القريبة كالصب على يده ليجري هو هذا الماء على أعضائه.

الفصل الخامس و العشرون في شرائط الغسل و أحكامه

المسألة 483

يشترط في صحة الغسل جميع الأمور التي تقدم ذكرها في فصل شرائط الوضوء، ما عدا اشتراط الموالاة بين الأعضاء، فلا يعتبر ذلك في صحة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 147

الغسل الا ما استثنى، و قد تقدمت الإشارة الى ذلك في المسألة الأربعمائة و السادسة و الستين، و المسألة الأربعمائة و السبعين.

فيعتبر في صحة الغسل ان يكون الماء مطلقا، فلا يصح بالمضاف.

و ان يكون طاهرا، فلا يصح بالماء النجس و لا بالمشتبه بالنجس إذا كانت الشبهة محصورة.

و ان يكون البدن طاهرا من النجاسة، و ان لا يوجد ما يحول عن وصول الماء الى الشعر و البشرة.

و ان يكون ماء الغسل مباحا، و ان يكون ظرف الماء مباحا على ما تقدم هناك من التفصيل فيه و في جميع ما تقدم ذكره من الشروط.

و يعتبر في صحة الغسل ان يكون مكان الغسل و مصب الماء فيه مباحا على الأحوط، و ان لا يكون الظرف من أواني الذهب أو الفضة.

و ان لا يكون ماء الغسل من الماء المستعمل.

و ان لا يكون لدى المكلف ما يحظر عليه استعمال الماء في الغسل.

و ان يتسع الوقت للغسل و الصلاة.

و ان يباشر المكلف بنفسه غسل أعضائه مع قدرته على ذلك.

و يعتبر فيه الترتيب في الغسل الترتيبي، و ان لا يكون الارتماس في الماء محرما عليه لصوم أو إحرام، في الغسل الارتماسي.

و لا بد فيه من قصد القربة و الإخلاص في العمل، و قد تقدم تفصيل جميع ذلك في فصل شرائط صحة الوضوء فليراجع.

المسألة 484

تقدمت الإشارة منا في فصل شرائط الوضوء الى الفرق بين هذه الشروط، فبعضها شرط واقعي مطلقا، فإذا أخل المكلف بالشرط بطل غسله، سواء كان عامدا أم جاهلا أم ناسيا، و

هذا هو الحال في أكثر الشروط.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 148

و بعضها انما هو شرط في حال العمد فلا يشمل حال النسيان و الجهل بالموضوع، و هذا هو الحال في شرط اباحة الماء و الظرف و مكان الغسل و مصب الماء فيه. و في شرط ان لا تكون الآنية من الذهب أو الفضة، و في شرط عدم حرمة الارتماس و عدم الضرر باستعمال الماء في الجملة.

نعم، لا يترك الاحتياط في الغاصب نفسه إذا اغتسل بالماء المغصوب أو في المكان أو الظرف أو المصب التي غصبها هو و كان ناسيا للغصبية حين الغسل، و ان كان الأقوى الصحة كما تقدم نظيره في الوضوء، و إذا كان الغاصب ممن لا يبالي حتى إذا تذكر فالأقوى البطلان.

المسألة 485

يكفي في صحة الغسل وجود الداعي الارتكازي في نفسه للعمل بحيث لو سئل في حال اشتغاله بالغسل عما يفعل لأجاب بأنه يغتسل من جنابته و ان لم يكن ملتفتا الى ذلك تفصيلا، و يقابل ذلك ان يغفل عنه أصلا بحيث لا يدري ماذا يصنع فيكون غسله باطلا لعدم القصد.

المسألة 486

إذا شك في غسل جزء من الأجزاء في الغسل الترتيبي أو في حصول شرط من شرائطه و هو في أثناء الغسل أعاد على ذلك الشي ء المشكوك و على ما بعده حتى يحصل الترتيب، و ان كان شكه بعد الدخول في غيره من الاجزاء.

و إذا شك في جزء من الاجزاء في الغسل الارتماسي أو في تحقق شرط من شرائطه و هو في أثناء العمل أعاد الغسل كله ترتيبا أو ارتماسا.

و إذا شك فيه بعد الفراغ من الغسل، بنى على الصحة في كل من الترتيبي و الارتماسي، و كذلك إذا شك في الجزء الأخير من الغسل إذا كان شكه بعد ما بنى على نفسه فارغا من الغسل.

المسألة 487

إذا ذهب الى الحوض أو الى الحمام ليغتسل، و شك بعد خروجه انه اغتسل أم لم يغتسل بنى على العدم، فعليه ان يغتسل.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 149

المسألة 488

إذا اعتقد سعة الوقت، فاغتسل، ثم تبين له ان الوقت كان ضيقا حين غسله و ان حكمه التيمم، فان كان قد قصد امتثال الأمر المتوجه اليه بالفعل صح غسله، و ان تخيل إليه أنه الناشئ من الأمر بالموقت، و ان قصد الأمر بالموقت على وجه التقييد بطل غسله فعليه الإعادة.

و إذا اعتقد ضيق الوقت فتيمم و صلى، ثم تبين له ان الوقت كان واسعا، فالظاهر بطلان التيمم و الصلاة.

المسألة 489

لا يصح الغسل و لا الوضوء في الماء الذي يجعل سبيلا للشرب الا مع العلم بأذن المالك في ذلك.

المسألة 490

يجب على الزوج ماء غسل زوجته من الجنابة أو الحيض أو النفاس أو غير ذلك من الأغسال المتعارفة لها، و كذلك ما يصرف على تسخينه إذا احتاجت الى ذلك لبرد و نحوه، و مثله أجرة الحمام إذا كان هو المتعارف لأمثالها.

المسألة 491

إذا اغتسل الجنب و لم يستبرئ بالبول و صلى كانت صلاته صحيحة بذلك الغسل، فإذا خرج منه بعد ذلك مني أو رطوبة مشتبهة لم تبطل صلاته و وجب عليه الغسل كما سيأتي.

المسألة 492

إذا أجنب الرجل بالإنزال و اغتسل بعد جنابته، ثم خرجت منه رطوبة تردد أمرها عنده بين ان تكون بولا أو منيا، فان كان لم يستبرئ بالبول قبل ان يغتسل حكم بأن هذه الرطوبة مني فيجب عليه الغسل منها.

و ان كان قد استبرأ بالبول و لم يستبرئ بالخرطات بعد البول حكم بأن الرطوبة التي خرجت منه بول فيجب عليه الوضوء بعدها.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 150

و ان كان لم يبل قبل الغسل و لم يستبرئ بالخرطات، فان كان قبل خروج الرطوبة المشتبهة منه متطهرا وجب عليه ان يجمع بين الغسل و الوضوء، و ان كان قبل خروجها محدثا بالحدث الأصغر فعليه الوضوء خاصة.

و إذا كانت الرطوبة التي خرجت منه بعد الغسل مرددة بين ان تكون بولا أو منيا أو مذيا، فلا يجب عليه بخروجها منه غسل و لا وضوء.

المسألة 493

إذا لم يكن الرجل مجنبا، و خرج منه شي ء علم بأنه اما مني أو بول، فإذا كان قبل خروج هذا الشي ء منه متطهرا أو كان جاهلا بحالته السابقة وجب عليه ان يجمع بين الغسل و الوضوء، و إذا كان قبله محدثا بالحدث الأكبر اكتفى بالغسل وحده، و إذا كان قبله محدثا بالحدث الأصغر اكتفى بالوضوء وحده.

المسألة 494

إذا أمكن له الفحص عن الرطوبة التي خرجت منه لمعرفة حالها انها بول أو مني أو غيرهما، فلا بد من الفحص عنها بمقدار تستقر فيه الشبهة في الرطوبة، فإذا استقرت الشبهة بعد الفحص و الاختبار، أو لعدم إمكان الفحص لظلمة أو عمى أو لقلة الرطوبة نفسها أو لغير ذلك، جرى فيها الحكم الآنف ذكره.

________________________________________

بصرى بحرانى، زين الدين، محمد امين، كلمة التقوى، 7 جلد، سيد جواد وداعى، قم - ايران، سوم، 1413 ه ق

كلمة التقوى؛ ج 1، ص: 150

المسألة 495

إذا خرجت منه الرطوبة المشتبهة بعد الغسل، و شك في انه استبرأ بالبول قبل الغسل أم لا، بنى على عدم الاستبراء، و وجب عليه الغسل.

المسألة 496

لا حكم لاستبراء المرأة بالبول و لا بالخرطات بعد البول كما تقدم، و لا حكم للرطوبة المشتبهة التي تخرج منها بعد الغسل إذا احتملت أنها مذي أو نحوه من الرطوبات التي لا توجب الوضوء و لا الغسل، و ان احتملت أيضا أن تكون منيا أو بولا، فلا يجب عليها الغسل و لا الوضوء و لا تطهير الموضع منها.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 151

و إذا علمت ان الرطوبة التي خرجت منها اما بول أو من مني الرجل فلا غسل عليها و لا وضوء، نعم، يجب عليها ان تطهر الموضع من النجاسة المعلومة.

و إذا علمت ان الرطوبة أما بول أو مني منها، وجب عليها ان تجمع بين الوضوء و الغسل و إذا كانت قبل خروج الرطوبة محدثة بالحدث الأصغر اكتفت بالوضوء وحده.

المسألة 497

إذا أحدث بالحدث الأصغر في أثناء الغسل الترتيبي فلا يترك الاحتياط، و يتأدى باستئناف الغسل ثم الوضوء بعده، و حين يستأنف الغسل يأتي بالأفعال التي جاء بها أولا برجاء المطلوبية.

و كذلك إذا أحدث بالأصغر مقارنا مع الغسل الارتماسي فيعيد الغسل برجاء المطلوبية ثم يتوضأ، و لا يختص هذا الحكم بالغسل من الجنابة بل يجري في سائر الأغسال من الأحداث.

المسألة 498

الظاهر أن الحدث الأصغر في أثناء الأغسال المستحبة يوجب بطلانها، و كذلك الأغسال التي تستحب لإتيان فعل كغسل الزيارة، و غسل الإحرام، و أغسال أفعال الحج إذا أحدث بعدها و قبل الإتيان بالفعل الذي استحبت له فتستحب اعادتها.

المسألة 499

إذا أحدث بالحدث الأكبر في أثناء الغسل منه، فان كان الحدث الجديد مماثلا للحدث الأول، كما إذا أجنب في أثناء غسله من الجنابة أو مس ميتا في أثناء غسله من مس الميت، فالظاهر لزوم استئناف غسله ان شاء ترتيبا أو ارتماسا.

و ان كان الحدث الجديد مخالفا للأول، فالظاهر عدم بطلان الغسل، فيجوز له أن يتمه ثم يغتسل بعده للحدث الجديد ان شاء مرتبا و ان شاء مرتمسا.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 152

و يجوز له ان يعدل عن غسله الأول إذا كان مرتبا الى الارتماس، فيرتمس بنية الغسلين معا، و لا وضوء عليه إذا كان أحدهما جنابة.

و أما أن يستأنف الغسل للحدثين ترتيبا فلا يخلو من أشكال و ان أمكن تصحيحه بأن يقصد به رفع الحدث الموجود.

المسألة 500

يجب على الصائم إذا أراد الغسل ان يختار الترتيب و لا يجوز له الارتماس على الأحوط إذا كان الصوم واجبا معينا.

و إذا ارتمس بقصد الاغتسال و هو في شهر رمضان أو في غيره من الصوم الواجب المعين، فان كان عامدا بطل صومه و غسله، و ان كان ناسيا للصوم لم يبطل صومه و لا غسله.

و إذا كان الصوم مستحبا أو واجبا موسعا بطل صومه مع العمد، و صح صومه و غسله مع النسيان.

المسألة 501

إذا شك بعد فراغه من الصلاة انه هل اغتسل من الجنابة أم لا، بنى على صحة صلاته، و وجب عليه الغسل للصلاة و الأعمال الآتية، فإذا أحدث بالحدث الأصغر بعد صلاته الاولى و قبل الغسل، وجب عليه ان يجمع بين الغسل و الوضوء و اعادة الصلاة الاولى، و إذا كان شكه في الغسل في أثناء الصلاة كانت باطلة.

المسألة 502

الظاهر صحة غسل الجمعة من الجنب و من الحائض، بل الظاهر اجزاؤه عن غسل الجنابة و عن غسل الحيض إذا كان بعد انقطاع الدم.

المسألة 503

إذا اجتمعت على المكلف أغسال متعددة واجبة أو مندوبة أو مختلفة، يصح له أن ينوي الجميع بغسل واحد، و يصح له أن يقصد امتثال الأوامر المتوجهة اليه بالغسل و يصح له ان ينوي بعض الأغسال التي عليه فيصح ذلك الغسل، و يكفي عن الجميع و ان كان فيها الجنابة على

كلمة التقوى، ج 1، ص: 153

الأقوى، سواء كان ما نواه واجبا أم مستحبا. و ان كان الأحوط إذا كان أحد الأغسال التي عليه غسل الجنابة ان يقصده بالنية.

المسألة 504

إذا علم ان عليه اغسالا و جهل تعيين بعضها، كفاه أن ينوي جميع ما في ذمته على وجه الاجمال، و كفاه ان يقصد امتثال الأوامر المتوجهة اليه بالأغسال، و كفاه أن يقصد البعض الذي يعلمه على التعيين منها فيصح هو و يجزي عن غيره.

بل يكفي الغسل المعين إذا علم به المكلف و قصده عن غيره من الأغسال التي نسيها مما هي في ذمته واقعا.

الفصل السادس و العشرون في الحيض

المسألة 505

الثاني من الأغسال الواجبة: غسل الحيض.

و سببه: خروج الدم المعروف من المرأة كما يأتي بيانه.

و الغالب في دم الحيض أن يكون أسود أو أحمر طريا غليظا، يخرج بلذع و دفع، و المراد بكونه اسود انه شديد الحمرة يضرب الى السواد، و الغالب في دم الاستحاضة أن يكون أصفر باردا فاسدا رقيقا يخرج من غير لذع و لا قوة.

و هذه الصفات غالبية للدمين يرجع إليها عند التردد بين الدمين في بعض المقامات كما سيأتي.

و كل دم تراه الصبية قبل بلوغها أو تراه المرأة بعد يأسها لا يكون حيضا و ان كان بصفات الحيض.

و تبلغ الصبية بإكمالها تسع سنين منذ ولادتها، و تيأس المرأة بإكمالها ستين سنة إذا كانت قرشية، و بإكمالها خمسين سنة إذا كانت غير قرشية، و في المنتسبة الى قريش بالزنا اشكال.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 154

و المرأة التي يشك في نسبتها الى قريش يلحقها حكم غير القرشية، و الصبية التي يشك في إكمالها تسع سنين يلحقها حكم غير البالغة، و المرأة التي يشك في بلوغها سن اليأس يلحقها حكم غير اليائسة.

المسألة 506

قد تقدم ان الدم الذي تراه الصبية قبل بلوغها لا يكون حيضا و ان كان بصفات الحيض، و هذا مما لا اشكال فيه، و لكن الصبية التي يشك في بلوغها و عدمه إذا رأت دما بصفات الحيض، يحكم شرعا بأنه حيض و يكون علامة شرعية على بلوغها.

المسألة 507

الأقوى أن الحيض يجتمع مع الحمل، سواء رأته المرأة بعد استبانة الحمل فيها أم قبلها، و سواء كان ذلك في أيام عادتها أم قبلها أم بعدها، نعم الأحوط للحامل إذا رأت الدم بعد العادة بعشرين يوما ان تجمع بين تروك الحائض و اعمال المستحاضة.

المسألة 508

الدم الذي يعلم كونه دم حيض، إذا خرج من مجاريه الخاصة إلى الخارج ترتبت عليه أحكام الحيض، و ان كان الدم الذي خرج منه قليلا جدا، و إذا لم يخرج منه شي ء و كان بحيث يمكن إخراجه بقطنة و نحوها، فلا يترك الاحتياط للمرأة بأن تجمع بين أحكام الطاهر و الحائض، و لها ان تتعمد إخراجه بقطنة و نحوها فتجري عليه أحكام الحيض.

المسألة 509

إذا أحست المرأة بخروج شي ء منها، و شكت في أن الشي ء الخارج منها دم أو غيره لم تجر عليها أحكام الحيض، و كذلك إذا وجدت في ثيابها أو على بدنها دما و شكت في أنه قد خرج منها أو أصابها من موضع آخر، فلا يحكم بأنه حيض، و إذا أمكن ان تستعلم حالها بمثل أن تمديدها فتتحسس هل خرج الدم، أو تتبين هل أن الخارج منها دم

كلمة التقوى، ج 1، ص: 155

أم لا فالظاهر وجوب مثل هذا الاختبار، و لا يعد فحصا في الشبهة الموضوعية.

المسألة 510

إذا اشتبه على المرأة أمر الدم الخارج منها بين ان يكون حيضا أو استحاضة، فإن كان خروجه في أيام العادة حكم بأنه حيض، و كذلك إذا وجدته بصفات الحيض، و سيأتي التعرض لتفصيل المجمل من ذلك في المباحث الآتية.

المسألة 511

إذا اشتبه على المرأة أمر الدم بين ان يكون حيضا أو دم بكارة، أدخلت قطنة، و صبرت بمقدار ما ينزل الدم على القطنة، و يكفي لاستعلام حاله انه يطوق القطنة أو يغمسها، ثم أخرجت القطنة إخراجا رقيقا، فان وجدت الدم قد طوق القطنة و لم ينفذ فيها فهو دم بكارة، و ان رأته قد غمس القطنة و نفذ فيها فهو دم حيض.

و يجب عليها ان تختبر ذلك قبل ان تصلي، و إذا صلت قبل ان تختبر الدم ثم تبين ان الدم لم يكن حيضا، فان حصل منها قصد القربة، كما إذا كانت جاهلة، أو صلت برجاء المطلوبية صحت صلاتها، و ان لم يحصل منها قصد القربة كانت الصلاة باطلة.

و إذا تعذر عليها الاختبار، فلا يبعد لزوم مراعاة الاحتياط لها فتجمع بين وظيفتي الحائض و الطاهر.

المسألة 512

إذا اشتبه على المرأة أمر الدم بين ان يكون حيضا أو دم قرحة فلا يترك الاحتياط بالجمع بين اعمال الطاهر و الحائض.

و إذا اشتبه بدم آخر، فان علمت حالتها سابقا من حيض أو طهر أخذت بها، و ان جهلت حالتها السابقة كان عليها ان تجمع بين وظيفتي الحائض و الطاهر.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 156

المسألة 513

أقل الحيض ما يستمر ثلاثة أيام و أكثره عشرة أيام، فالدم الذي تراه المرأة أقل من ثلاثة أيام أو تجده بعد العشرة لا يكون حيضا.

و يكفي في الاستمرار الذي اشترطناه في الثلاثة أيام، وجود الدم في باطن الفرج هذه المدة على النحو العادي المتعارف للنساء، و لا يكفي وجوده في بعض كل يوم من الأيام الثلاثة.

و تكفي الأيام الملفقة، فإذا رأت الدم من ظهر اليوم الأول مثلا الى ظهر اليوم الرابع حكم بان الدم حيض، و إذا رأته من أول نهار اليوم الأول إلى آخر نهار اليوم الثالث كفى في الحكم بحيضيته، و لا يعتبر وجوده في الليلة الاولى و لا في الليلة الرابعة. نعم تدخل فيه الليلتان المتوسطتان فيعتبر استمرار الدم فيهما بالمعنى المتقدم.

و اعتبر المشهور في الأيام الثلاثة ان تكون متوالية غير متفرقة، فلا يكفي ان ترى المرأة الدم ثلاثة أيام متفرقة في ضمن العشرة.

و ما ذهب اليه المشهور هو الأقوى، و لكن لا يترك الاحتياط في الأيام الثلاثة إذا كانت متفرقة، فتجمع المرأة بين تروك الحائض و اعمال المستحاضة في نفس الأيام الثلاثة المتفرقة، و تجمع في ما يتخللها من النقاء بين أفعال الطاهر و تروك الحائض.

المسألة 514

لا يكون الطهر ما بين الحيضتين أقل من عشرة أيام، فإذا طهرت المرأة من حيضها السابق، و رأت الدم في اليوم العاشر من طهرها أو قبله، لا يكون هذا الدم الجديد حيضا.

و اما الطهر في أثناء الحيض الواحد فيمكن ان يكون أقل من ذلك، و المسألة مشكلة فلا يترك الاحتياط بأن تجمع المرأة في أيام النقاء في الحيض الواحد بين أفعال الطاهر و تروك الحائض.

المسألة 515

الحائض قد تكون مبتدأة، و هي التي ترى الدم أول مرة و لم تره

كلمة التقوى، ج 1، ص: 157

قبل ذلك، و قد تكون مضطربة، و هي التي رأت الدم أكثر من مرة غير أن الدم الذي رأته كان مختلفا في الوقت و في عدد الأيام. و قد تكون ذات عادة، و هي التي رأت الدم مرتين أو أكثر، و كان الدم في ما رأته متفقا في وقت مجيئه من الشهر و في العدد من الأيام، أو في أحدهما، فتكون بذلك ذات عادة، و سيأتي بيان ذلك، و قد تكون ناسية، و هي التي تتحقق لها عادة معينة ثم تنساها.

المسألة 516

إذا رأت المرأة الدم مرتين متواليتين و كان في كلتا المرتين متفقا في وقت مجيئه من الشهر، و في العدد من الأيام، تحققت بذلك لها العادة، و كانت عادتها وقتية عددية لانضباط الوقت و العدد فيها، و مثال ذلك ان ترى الدم في كلتا المرتين في النصف من الشهر إلى مدة سبعة أيام، و المراد بالمتواليتين: ان لا تفصل بينهما حيضة مخالفة.

و إذا اتفقت المرتان في الوقت و لم تتفقا في العدد كانت عادتها وقتية فقط، و مثال ذلك: ان ترى الدم في النصف من الشهر سبعة أيام في المرة الاولى، و خمسة أيام في المرة الثانية.

و إذا اتفقت المرتان في العدد و لم تتفقا في الوقت، كانت عادتها عددية فقط، و مثاله ان ترى الدم خمسة أيام في النصف من الشهر الأول، ثم تراه خمسة أيام في العشرين من الشهر الثاني.

المسألة 517

يكفي في تحقق العادة الوقتية أن يحصل لها الانضباط في الوقت بصورة ما من الصور، فإذا رأت الدم الأول في وقت معين، و رأت الدم الثاني بعده بعشرين يوما مثلا، و رأت الدم الثالث بعده بعشرين يوما كذلك، تحققت لها بذلك عادة وقتية، و لا سيما إذا تكرر ذلك فإذا اتفق العدد أيضا كانت العادة وقتية عددية و ان لم يتفق كانت وقتية فقط.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 158

المسألة 518

قد تتحقق العادة لمستمرة الدم بسبب رجوعها في تحيضها الى التمييز بين صفات دم الحيض، و صفات دم الاستحاضة.

فإذا رأت الدم بصفات الحيض سبعة أيام في أول الشهر مثلا فتحيضت به، ثم تغير الدم بعده الى صفات الاستحاضة في بقية الشهر، و رأته بصفات الحيض سبعة أيام كذلك في أول الشهر الثاني فتحيضت به، ثم تغير الى صفات الاستحاضة في بقية الشهر، فإن العادة تتحقق لها بذلك، و تكون، وقتية عددية لانضباط كل من الوقت و العدد، و إذا اتفق الدمان في الوقت لا في العدد فرأته في المرة الأولى سبعة أيام، و في الثانية خمسة مثلا كانت العادة وقتية فقط، و إذا اتفقا في العدد لا في الوقت فرأته سبعة أيام في أول الشهر الأول مثلا، و في العاشر من الشهر الثاني كانت العادة عديدة فقط.

المسألة 519

ذات العادة الوقتية من النساء تتحيض بمجرد رؤية الدم في وقتها المعين، سواء كان الدم الذي رأته بأوصاف دم الحيض أم لا، فيجب عليها ترك العبادة و ترتيب أحكام الحيض برؤيته، و كذلك إذا سبق الدم وقت العادة بيوم أو يومين أو نحو ذلك مما يصدق معه تقدم العادة على وقتها و تعجيل الدم.

و إذا تأخر دمها عن العادة، فإن كان الدم بصفات الحيض تحيضت كذلك بمجرد رؤيته، و إذا كان فاقدا لصفاته فلا يترك الاحتياط بأن تجمع بين تروك الحائض و اعمال المستحاضة إلى ثلاثة أيام، فإذا أتم الثلاثة أو زاد جعلته حيضا.

و اما ذات العادة العددية فقط من النساء، و المبتدأة و المضطربة و الناسية، فإن كان الدم بصفات الحيض تحيضت بمجرد رؤيته و رتبت عليه الاحكام، و إذا كان فاقدا للصفات كان عليها ان تجمع

بين تروك الحائض و اعمال المستحاضة إلى ثلاثة أيام، فإذا بلغ الثلاثة أو زاد عليها جعلته حيضا.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 159

و كذلك الحكم في ذات العادة الوقتية إذا تقدم الدم على العادة كثيرا، و إذا علمن ان الدم يستمر إلى ثلاثة أيام تركن العبادة و تحيضن بمجرد رؤية الدم و لم يحتجن الى الاحتياط المتقدم.

المسألة 520

إذا تحيضت المرأة بمجرد رؤية الدم ممن حكمها ذلك على ما تقدم بيانه في المسألة المتقدمة، فانقطع الدم قبل ان يتم ثلاثة أيام، وجب عليها ان تقضي العبادات التي تركتها.

المسألة 521

إذا كانت المرأة ذات عادة مستقرة وقتا و عددا فرأت الدم بعدد أيامها قبل الوقت المعين أو بعده، و لم تر في الوقت شيئا جعلت ذلك حيضها، فإذا كان الدم الذي رأته بصفات الحيض تحيضت بمجرد رؤيته، و إذا كان فاقدا للصفات جمعت بين تروك الحائض و اعمال المستحاضة إلى ثلاثة أيام ثم جعلته حيضا كما تقدم.

المسألة 522

إذا رأت الدم في العادة، و استمر الى ما بعدها، و كان المجموع لا يتجاوز عشرة أيام، جعلت الجميع حيضا، و كذلك إذا رأت الدم قبل العادة و استمر الى آخرها، و لم يتجاوز الجميع العشرة فتجعل الجميع حيضا، و انما يكون المتقدم على العادة حيضا في هذه الصورة إذا كان سبقه بيوم أو يومين أو نحو ذلك مما يصدق معه تقدم العادة و تعجيل الدم، أو كان الدم بصفات الحيض إذا كان سبقه بأكثر من ذلك، و إذا انتفى الأمر ان فلا بد لها من الاحتياط بالجمع، فإذا استمر الدم ثلاثة أيام جعلته حيضا كما تقدم، و كذلك الحكم إذا رأت الدم قبل العادة و استمر الى ما بعدها، و لم يتجاوز الجميع العشرة فتجعل الجميع حيضا، و الحكم في ما يسبق على العادة هو ما ذكرناه في الصورة المتقدمة.

و إذا كان المجموع يتجاوز العشرة فحيضها أيام العادة خاصة، في الصور الثلاث.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 160

المسألة 523

إذا كانت المرأة ذات عادة مستقرة وقتا و عددا، و تعارض عندها الوقت و العدد، بأن رأت دما في وقت العادة، و لكنه أقل أو أكثر من أيام عادتها، و رأت دما آخر في غير وقت العادة و لكنه بعدد أيامها، و كان الدمان على نحو لا يمكن جعلهما حيضتين لعدم الفصل بينهما بأقل الطهر، و لا يمكن جعلهما حيضا واحدا لأن مجموع الدمين و أيام النقاء بينهما يتجاوز عن العشرة.

فإن حصل لها مثل ذلك جعلت ما في الوقت حيضا، و أتمت عدد عادتها من أيام الدم الثاني إذا كان متأخرا عن العادة، و كان إتمام العدد منه ممكنا، و إذا انتفى الأمران بأن كان الدم الثاني

متقدما على العادة أو كان إتمام العدد منه غير ممكن، من حيث ان المجموع من دم العادة، و ما يتم به العدد من الدم الثاني و ما بينهما من أيام النقاء يزيد على العشرة، إذا انتفى الأمران كان حيضها هو ما في العادة.

المسألة 524

إذا كانت المرأة ذات عادة عددية أو وقتية، و رأت الدم أكثر من عددها المعين أو أكثر من وقتها و لكنه لم يتجاوز عشرة أيام جعلت الجميع حيضا.

المسألة 525

إذا كانت المرأة ذات عادة في الشهر مرة، فرأت الدم في شهر مرتين، و كانا معا بصفة دم الحيض، و فصل ما بينهما بأقل الطهر، تحيضت بالدمين بمجرد الرؤية و جعلتهما حيضتين مستقلتين، سواء وافق الدمان عادتها في عدد الأيام أم وافق أحدهما الوقت و الآخر العدد أم خالفاهما فيهما.

و إذا كان احد الدمين في وقت العادة تحيضت بمجرد رؤيته، و ان لم يكن بصفات الحيض، و إذا لم يكن أحدهما أو كلاهما في أيام العادة و لا بصفات الحيض، فإنما تتحيض به إذا استمر ثلاثة أيام، و عليها

كلمة التقوى، ج 1، ص: 161

قبل ان تمضي الثلاثة ان تحتاط بالجمع بين تروك الحائض و اعمال المستحاضة كما تقدم.

المسألة 526

إذا انقطع الدم عن المرأة قبل ان يبلغ عشرة أيام، و علمت بنقائها منه حتى في باطن الفرج اغتسلت وصلت، و لم تفتقر الى الاستبراء، و ان كانت تحتمل أو تظن عودة الدم قبل ان تتم العشرة.

و إذا علمت بأن الدم سيعود قبل مضي العشرة كان عليها مراعاة الاحتياط بالجمع بين تروك الحائض و اعمال الطاهر.

المسألة 527

إذا انقطع الدم عن المرأة قبل ان يبلغ عشرة أيام و احتملت وجود دم في باطن الفرج، وجب عليها الاستبراء، و سيأتي بيانه ان شاء اللّه.

فإذا خرجت قطنة الاستبراء نقية حكمت على نفسها بنقائها من الحيض، و اغتسلت و باشرت عبادتها و اعمالها، و ان خرجت القطنة غير نقية و لو ببعض الصفرة حكمت بأنها لا تزال حائضا، و صبرت الى ان يحصل لها النقاء أو تنقضي للدم عشرة أيام.

و كذلك ذات العادة إذا تجاوزها الدم و علمت بأنه لا يتجاوز العشرة.

المسألة 528

إذا لم ينقطع الدم عن المرأة بعد انتهاء أيامها و لو بوجود صفرة الدم في قطنة الاستبراء، و احتملت ان الدم سيتجاوز العشرة، وجب عليها الاستظهار بالتزام أحكام الحائض و ترك العبادات حتى تستبين لها الحال أو تتم العشرة، و استبانة الحال لها اما بانقطاع الدم عنها، أو بحصول الاطمئنان لها بأن الدم يتجاوز العشرة فيجب عليها الغسل حينئذ، و سيأتي بيان حكم أيام الاستظهار إذا تجاوز الدم العشرة.

المسألة 529

إذا علمت المرأة بعد انتهاء العادة ان الدم سيتجاوز العشرة وجب عليها ان تعمل اعمال الاستحاضة و لم تفتقر الى الاستظهار.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 162

المسألة 530

إذا انقطع دم الحيض عن المرأة و احتملت وجوده في باطن الفرج وجب عليها الاستبراء، و لا يترك الاحتياط في ان تكون المرأة قائمة في حال الاستبراء و ان تلصق بطنها في جدار و نحوه، و ان ترفع احدى رجليها على الجدار، ثم تدخل قطنة في باطن فرجها، و تصبر مليا، و هي على تلك الحال، ثم تخرج القطنة، فان خرجت نقية حكمت بانتهاء حيضها و اغتسلت، و ان خرجت ملوثة و لو بصفرة صبرت الى أن يحصل النقاء أو تنقضي عشرة أيام كما تقدم.

المسألة 531

لا يجوز للمرأة في الحال المتقدم ذكرها ان تترك الصلاة حتى تعرف بالاستبراء ان دمها لم ينقطع، و إذا اغتسلت لم يجز لها ان ترتب على غسلها آثار الطهارة من الحدث حتى تعرف بالاستبراء أن دمها قد انقطع، و لكن ذلك لا يمنعها من ان تعمل بالاحتياط إذا شاءت، و إذا نسيت الاستبراء أو غفلت عنه و اغتسلت وصلت ثم تبين انها طاهر كانت صلاتها صحيحة.

المسألة 532

إذا لم يمكن الاستبراء للمرأة، لعمى أو ظلمة أو مانع آخر، فالأحوط لها ان تجمع بين أحكام الحائض و الطاهر، و الأحوط تجديد الغسل في كل وقت تحتمل فيه النقاء.

المسألة 533

إذا استظهرت المرأة في ما زاد عن عادتها حتى أتمت العشرة أو حتى حصل لها الاطمئنان بأن الدم يتجاوز العشرة كما تقدم في المسألة الخمسمائة و الثامنة و العشرين، فان انقطع الدم على العشرة أو قبلها جعلت جميع الدم حيضا، و إذا تجاوز الدم العشرة جعلت حيضها أيام العادة خاصة، و وجب عليها قضاء ما تركته أيام استظهارها من صلاة و صوم على الأقوى.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 163

الفصل السابع و العشرون في حكم من تجاوز دمها العشرة

اشارة

و الحكم فيها يشمل من استمر بها الدم شهرا أو أكثر، و من انقطع عنها قبل ذلك.

المسألة 534

إذا كانت المرأة ذات عادة مستقرة في الوقت و العدد، و استمر بها الدم حتى تجاوز العشرة أو الشهر- كما ذكرنا- جعلت أيام عادتها حيضا، و ان لم يكن الدم فيها بصفات الحيض، و جعلت الباقي استحاضة، و ان كان بصفة الحيض.

و إذا كانت عادتها حاصلة من التمييز كما ذكرنا في المسألة الخمسمائة و الثامنة عشرة فلا ينبغي لها ترك الاحتياط فتجمع بين تروك الحائض و اعمال المستحاضة، في كل من أيام العادة إذا كان الدم فيها فاقدا للصفات، و أيام وجود الصفات خارج العادة.

المسألة 535

المبتدئة، و هي التي ترى الحيض أول مرة. و المضطربة، و هي التي رأت الدم أكثر من مرة و لم تستقر لها عادة، إذا استمر بهما الدم- كما تقدم- ترجعان الى التمييز بين صفات الدم إذا كانت موجودة، فتجعلان الدم الأسود أو الأحمر الغليظ الذي يخرج بحرارة و قوة حيضا، و تجعلان الدم الأصفر البارد الرقيق الذي لا دفع فيه و لا لذع استحاضة، بشرط ان يكون الدم الذي فيه صفات الحيض لا يقل عن ثلاثة، و لا يزيد عن عشرة.

و إذا زاد الدم الذي توجد فيه الصفات على العشرة تحيضت المبتدئة و المضطربة بأيام أقاربها، فإذا فقدن أو اختلفن رجعت الى الروايات على ما سيأتي بيانه و جعلت ذلك في أيام الدم الواجد للصفات على الأحوط بل لا يخلو ذلك عن قوة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 164

و إذا وجدت المبتدئة أو المضطربة دمين توجد في كل منهما صفات الحيض و يتحقق شرطه فليس أقل من ثلاثة أيام و لا أكثر من عشرة، و لا يمكن جعل الدمين حيضين لعدم الفصل بينهما بأقل الطهر، و لا يمكن جعلهما حيضا واحدا

لان مجموع الدمين و ما بينهما من الدم الضعيف يزيد على عشرة أيام، جعلت حيضها هو الدم الأول منهما.

و إذا رأت دمين بصفة الحيض، و رأت بينهما دما بصفة الاستحاضة و لم يتجاوز المجموع عشرة أيام تحيضت بالدم الأول على الأحوط، و احتاطت في أيام الدم الضعيف و في ما يكمل عادة الأقارب أو العدد الذي أخذته من الروايات من الدم الثاني بالجمع بين وظيفتي الحائض و اعمال المستحاضة.

المسألة 536

إذا فقد التمييز في الدم، فكان على صفة واحدة، أو كان ما بصفة الحيض منه أقل من ثلاثة أيام. رجعت المبتدئة و المضطربة إلى أقاربها في عدد الأيام فأخذت بعادتهن، سواء كانت قرابتهن لها من الأبوين كليهما أو من جهة أحدهما، و سواء اتحد بلدهن معها أم لا، و سواء كن احياء أم أمواتا، و لا يبعد الاكتفاء بالرجوع الى بعض الأقارب إذا لم يعلم بالاختلاف بينهن.

فإذا فقدت الأقارب أو لم يعلم حالهن أو اختلفن في عدد العادة رجعت الى الروايات فتتخير على الأقوى بين الثلاثة إلى العشرة من كل شهر، و الأحوط ان تختار السبعة.

المسألة 537

إذا استمر الدم بالناسية لعادتها في الوقت و العدد، رجعت الى التمييز فتحيضت بالدم الذي توجد فيه صفات الحيض على ما تقدم بيانه في المبتدئة و المضطربة، فإذا فقدت التمييز رجعت الى الروايات و تخيرت كالمبتدئة و المضطربة أيضا بين الثلاثة إلى العشرة من كل شهر، و الأحوط ان تختار السبعة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 165

المسألة 538

الأحوط بل الأقوى ان تجعل العدد الذي تختاره في أول رؤية الدم إلا إذا وجد مرجح لغيره، و عليها ان توافق بين الشهور في ما تختاره فيها من العدد، فإذا اختارت أول الشهر الأول مثلا، فلا بد ان تجعله كذلك في الشهر الثاني، و هكذا، و المراد من الشهر هنا: المدة ما بين أول رؤية المرأة للدم الى ثلاثين يوما ثم يبتدئ بعده الشهر الثاني إلى ثلاثين يوما، و هكذا.

المسألة 539

إذا اختارت عددا و تحيضت به ثم تبين لها ان زمان الحيض غير ما اختارته من الأيام، وجب عليها قضاء الصلوات التي تركتها في تلك الأيام، و كذلك إذا تبين لها زيادة العدد الذي اختارته على عدد حيضها أو اختلافه معه في بعض الأيام.

المسألة 540

إذا كانت المرأة صاحبة عادة وقتية فقط، و ليس لها عدد معين، و استمر بها الدم، فعليها ان ترجع الى التمييز في تعيين العدد، فإذا وجدت من الدم- في وقت عادتها- ما هو بصفة الحيض و بشرطه، تحيضت به، و إذا فقدت التمييز في وقت العادة رجعت الى أقاربها، فإذا فقدن أو اختلفن تخيرت ما بين الثلاثة أيام إلى العشرة من كل شهر على ما تقدم في المبتدئة، و الأحوط ان تختار السبعة، و عليها ان تجعل العدد الذي تأخذه من عادة أقاربها أو تختاره من الروايات في وقت عادتها المعين.

نعم، يشكل الحكم برجوعها إلى الأقارب إذا كانت صاحبة عادة و لكنها نسيت العدد دون الوقت كما هي إحدى صور المسألة، و لا يترك الاحتياط في هذه الصورة بأن تختار من العدد ما يوافق عادة الأقارب إذا وجدن و لم يختلفن.

المسألة 541

إذا علمت- على وجه الإجمال- أن عدد أيامها يزيد على ثلاثة أيام

كلمة التقوى، ج 1، ص: 166

فليس لها ان تختار الثلاثة، و إذا علمت ان أيامها في عادتها لا يبلغ السبعة أو الثمانية مثلا أو العشرة فليس لها ان تختار ذلك العدد، و هكذا الحكم في المضطربة و الناسية.

المسألة 542

إذا كانت للمرأة عادة عددية فقط، و استمر بها الدم، رجعت في تعيين وقتها الى التمييز، فجعلت الدم الذي توجد فيه صفات الحيض و يتحقق فيه شرطه وقتا لها، و تحيضت به إذا كان موافقا لعدد أيام عادتها، و إذا كانت أيام التمييز أقل من عدد أيامها أكملت العدد من الدم بعده، و ان كان فاقدا للصفات، و ان كانت أيام التمييز أكثر تحيضت بعدد العادة، و عملت في الباقي أعمال المستحاضة.

و إذا فقدت التمييز تحيضت من أول الدم بعدد أيام عادتها.

المسألة 543

لا فرق بين السواد و الحمرة في الدم فكلاهما وصف للحيض، فإذا رأت الدم اسود يوما واحدا و رأته أحمر يومين بعده فقد حصل الشرط في الدم و أمكن ان تجعله حيضا و ان اختلف لونه، و إذا رأته ثلاثة أيام أسود، و ثلاثة أيام أحمر تحيضت بستة أيام لا بثلاثة، و إذا رأته ستة أيام أسود، و ستة أيام أحمر كانت من فاقدة التمييز لتجاوز الدم عن العشرة و ان اختلف لون الدم كذلك.

المسألة 544

إذا رأت المرأة التي حكمها الرجوع الى التمييز دما بصفة الحيض و بشرطه فلم يكن أقل من ثلاثة أيام و لا أكثر من عشرة، ثم رأت بعده دما بصفة الاستحاضة عشرة أيام ثم وجدت دما آخر بصفة الحيض و شرطه جعلتهما حيضين.

المسألة 545

إذا رأت الدم بصفة الحيض ثلاثة أيام متفرقة في ضمن العشرة، فهي فاقدة التمييز على الأقوى من اعتبار التوالي في الثلاثة، و حكمها

كلمة التقوى، ج 1، ص: 167

الرجوع الى عادة الأقارب، فإن فقدن فالى الروايات. و إذا كانت ناسية فحكمها الرجوع الى الروايات، و لا يترك الاحتياط بالجمع بين الوظيفتين في بقية العشرة بل في جميع العشرة.

المسألة 546

لا يحصل التمييز في الدم حتى يكون بعضه متصفا بصفات الحيض، و يكفي وجود واحدة منها، و بعضه فاقدا لها جميعا، فلا تمييز إذا وجدت الأوصاف في الدم كله و اختلف بعضه عن بعض في الشدة و الضعف أو في كثرة الصفات و قلتها.

المسألة 547

يقدم حق الزوج إذا أرادت الزوجة أن تختار بعض الأيام من الشهر لتتحيض فيها، و كان ذلك منافيا لحقه، و لكنها متى اختارت و لو عصيانا كانت حائضا و حرم عليه وطؤها. و له ان يمنعها من الاحتياط الاستحبابي و ليس له ان يمنعها من الاحتياط الوجوبي.

المسألة 548

إذا أخذت مستمرة الدم بعادتها فتحيضت بأيامها، أو رجعت الى التمييز أو الى الأقارب أو الى الروايات فأخذت به و عملت، ثم تبين لها ان أيام حيضها غير تلك الأيام وجب عليها قضاء ما تركته من الصلوات و وجب عليها الإتيان بالصلاة إذا كان وقتها باقيا.

الفصل الثامن و العشرون في أحكام الحائض

المسألة 549

يحرم على المرأة الحائض بالحرمة التشريعية كل عبادة تشترط فيها الطهارة، كالصلاة و الطواف و الصوم و الاعتكاف، و تحرم عليها قراءة آيات السجدة خاصة من سور العزائم، و ان كان الأحوط الامتناع من قراءة مجموع السور المذكورة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 168

المسألة 550

تبطل صلاة المرأة إذا حاضت في أثنائها، و لو في أثناء التسليم منها، و لا تبطل صلاتها مع الشك في خروجه في أثنائها، و لا يجب عليها الفحص، و إذا أتمت صلاتها ثم تبين لها ان الدم قد خرج في أثناء الصلاة انكشف بطلانها.

المسألة 551

تجب على المرأة سجدة التلاوة إذا استمعت الى قراءة آية السجدة من سورة العزيمة، أو قرأتها هي غافلة أو ناسية أو جاهلة أو عامدة، و ان أثمت بالقراءة مع العمد، بل تجب عليها السجدة على الأحوط إذا سمعت قراءة الآية و ان لم تقصد الاستماع إليها.

المسألة 552

تصح منها صلاة الأموات، و تجوز لها سجدة الشكر، و تصح منها الأغسال المندوبة، بل تستحب لها كغسل الجمعة و غسل الإحرام و غسل التوبة.

المسألة 553

يحرم على الحائض- على الأحوط- ان تمس اسم اللّه و سائر أسمائه و صفاته المختصة به، بل و غير المختصة إذا كان هو المقصود بها، و ان تمس اسم اللّه تعالى في أي لغة، و يحرم عليها- على الأحوط- ان تمس أسماء الأنبياء و الأئمة (ع).

و يحرم عليها أن تمس خط المصحف على ما تقدم بيانه، في ما يحرم على الجنب.

المسألة 554

يحرم عليها ان تدخل المسجد الحرام و مسجد الرسول (ص)، و ان كان دخولها على نحو المرور و الاجتياز، على النحو الذي تقدم بيانه في ما يحرم على الجنب، و إذا طرأ لها الحيض في أحد المسجدين وجبت عليها المبادرة بالخروج من غير تيمم، و كذلك إذا دخلت أحدهما عامدة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 169

أو جاهلة أو ناسية، و الدم لا يزال مستمرا، فعليها الخروج فورا من غير تيمم، و إذا دخلت احد المسجدين بعد انقطاع الدم عنها و قبل الاغتسال وجب عليها التيمم للخروج، إلا إذا كان زمان الخروج أقصر من وقت التيمم، و إذا كان مساويا له تخيرت، و تراجع المسألة الأربعمائة و الحادية و الخمسون في تفصيل ذلك و ما يتصل به.

المسألة 555

يحرم على الحائض ان تمكث في أحد المساجد أو تتردد فيها أو تدخل فيها لوضع شي ء في المسجد، و يجوز لها الدخول على نحو المرور و العبور بأن تدخل من باب و تخرج من آخر، و لا يجوز لها الدخول لغير الاجتياز، و لا الدخول و الاجتياز إذا استلزم تلويث المسجد و تراجع المسألة الأربعمائة و الثانية و الخمسون.

و المشاهد المشرفة و الرواقات فيها بحكم المساجد في ذلك على الأحوط.

المسألة 556

يحرم وطء الحائض قبلا حتى ببعض الحشفة من غير إنزال على الأقوى، و الحرمة في ذلك شاملة لكل من الرجل و المرأة، و حتى إذا اتفق خروج حيض المرأة من غير قبلها، فيحرم وطؤها قبلا.

و حكم وطء الحائض في دبرها هو حكم وطء غير الحائض فيه، و قد تقدم ان الأقوى جوازه على كراهة شديدة.

و يجوز للرجل ان يستمتع بالحائض بغير الوطء كالتقبيل و التفخيذ و غيرها. نعم يكره للرجل ان يستمتع منها بما بين السرة و الركبة مباشرة، و لا كراهة فيه إذا كان من فوق اللباس.

المسألة 557

حرمة وطء الحائض شاملة للزوجة الدائمة و المتمتع بها و المملوكة و المحللة، بل حتى الأجنبية فتحرم من هذه الجهة أيضا، و لا فرق في الحرمة بين ان يكون الحيض وجدانيا، أو تعبديا بالرجوع إلى العادة أو التمييز أو غيره عند استمرار الدم، و كذلك أيام الاستظهار.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 170

و لا يجوز للرجل الاستمرار في المقاربة إذا علم بخروج الحيض في أثناء الجماع.

المسألة 558

إذا طهرت المرأة من حيضها جاز للرجل وطؤها و ان لم تغتسل بعد، نعم يكره له ذلك، و الأحوط ان تغسل فرجها قبل الوطء و ان كان الأقوى عدم وجوب ذلك أيضا.

المسألة 559

يسمع قول المرأة إذا أخبرت عن نفسها بأنها حائض أو طاهر فتترتب عليه الآثار من حرمة وطئها و جوازه، و من صحة طلاقها و عدمها، نعم يشكل قبول قولها إذا كانت متهمة.

المسألة 560

إذا وطأ الرجل زوجته و هي حائض، و كان عالما عامدا عاقلا فالمشهور بين المتقدمين- على ما قيل- وجوب الكفارة عليه بدينار إذا كان الوطء في أول الحيض، و بنصف دينار إذا كان في وسطه، و بربع دينار إذا كان في آخره، و لكن الأقوى استحباب ذلك.

و الدينار مثقال شرعي من الذهب المسكوك و وزنه ثمان عشرة حمصة.

و قالوا: إذا وطأ المالك مملوكته و هي حائض، فعليه ثلاثة أمداد من الطعام يتصدق بها على ثلاثة مساكين، و الأقوى عدم الوجوب كذلك، و لا بأس بأن يتصدق بها برجاء المطلوبية.

المسألة 561

إذا تكرر منه الوطء في الحيض تكررت الكفارة على الظاهر، سواء كفر عن الوطء الأول أم لم يكفر، و سواء كان الوطء في وقت واحد أم كان في أول الحيض و وسطه و آخره، و الأمر سهل بعد البناء على الاستحباب.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 171

المسألة 562

الظاهر ان عليه دفع الدينار نفسه للمسكين، و لا يكفي دفع القيمة إلا عند التعذر، و عليه فالمناط أعلى القيم، و الأمر سهل كذلك بعد البناء على الاستحباب.

المسألة 563

لا يصح طلاق الزوجة الحائض و لا المظاهرة منها، إذا كانت مدخولا بها و لو دبرا، و لم تكن حاملا، و كان الزوج حاضرا، أو هو بحكم الحاضر، و إذا طلقها مع هذه الشرائط كان طلاقها باطلا، و كذلك الحكم في الظهار.

و يصح الطلاق إذا كانت غير مدخول بها أو كانت حاملا، أو كان زوجها لا يمكنه استعلام حالها سواء كان حاضرا أم غائبا، فالمناط في عدم صحة الطلاق هو تمكن الزوج من معرفة حالها سواء كان حاضرا أم غائبا.

و إذا كان الزوج نفسه لا يستطيع معرفة حالها، و وكل غيره ممن يمكنه استعلام حالها لم يصح طلاقها و هي حائض.

و إذا طهرت من الحيض و لم تغتسل بعد، صح طلاقها و ظهارها.

المسألة 564

إذا علمت بنقائها من الحيض، أو ثبت ذلك بالاستبراء، وجب عليها الغسل للأعمال الواجبة التي تشترط فيها الطهارة، كالصلاة و الصيام و الطواف و الاعتكاف الواجب، و أمر به على نحو الشرطية للأعمال غير الواجبة التي يشترط فيها الطهارة، كالصلاة المندوبة و الدخول الى المساجد و مس المصحف، و استحب للأعمال المستحبة التي تستحب لها الطهارة، كالطواف المندوب و استحب للكون على الطهارة و غيره من الغايات المستحبة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 172

المسألة 565

كيفية غسل الحيض هي كيفية غسل الجنابة فيجري فيه كل ما تقدم في غسل الجنابة و تفصيل القول فيه من الترتيب و الارتماس و غير ذلك.

المسألة 566

الأحوط الذي لا ينبغي تركه ان يضم الوضوء الى الغسل في غسل الحيض و غيره من الأغسال- غير غسل الجنابة- و ان كان الأقوى عدم الحاجة اليه، و كفاية الغسل عن الوضوء في جميع الأغسال.

و إذا أريد الوضوء مع غسل الحيض أو غيره فالأفضل ان يكون الوضوء قبل الغسل.

المسألة 567

إذا لم تجد الماء للغسل، أو تعذر عليها استعماله وجب عليها التيمم بدلا عن الغسل، فإذا وجدت الماء بقدر الوضوء و لم يتعذر عليها كالغسل توضأت على الأحوط ثم تيممت و ان كان الأقوى عدم وجوب الوضوء كما تقدم، و إذا تعذر الوضوء أيضا تيممت عن الوضوء أيضا للاحتياط المتقدم.

المسألة 568

إذا تيممت لعدم وجود الماء أو لتعذر الغسل عليها، فلا يبطل تيممها ما دام العذر موجودا، فإذا أحدثت بالحدث الأصغر كان عليها الوضوء أو التيمم بدلا عنه إذا كان متعذرا و لم تجب عليها اعادة التيمم بدلا عن الغسل حتى تتمكن من الغسل.

المسألة 569

يجب على المرأة قضاء صيام شهر رمضان إذا أفطرت فيه للحيض، و كذلك غيره من الصوم الواجب المؤقت على الأحوط فيه، و اما الصوم الواجب بالنذر إذا كان مؤقتا، فالظاهر بطلان النذر إذا اتفق في أيام الحيض، فلا يجب على المرأة قضاؤه بعد الحيض إلا إذا نذرته على نحو

كلمة التقوى، ج 1، ص: 173

تعدد المطلوب، بحيث يكون الصوم واجبا على كل حال، و يكون وقوعه في الوقت مطلوبا آخر، فإذا كان نذرها على هذا الوجه و أفطرت فيه للحيض وجب عليها الإتيان بالصوم بعد الوقت و ليس من القضاء للموقت.

المسألة 570

يجب على المرأة قضاء الصلاة الواجبة غير اليومية إذا فاتتها للحيض، كصلاة الآيات، و صلاة الطواف، و لا يحب عليها قضاء الصلاة اليومية.

و اما الصلاة الواجبة بالنذر إذا كانت مؤقتة، كما إذا نذرت صلاة جعفر في يوم الجمعة أو في شهر رمضان فاتفق ذلك في أيام حيضها، فالظاهر بطلان النذر كما تقدم في الصوم، فلا يجب قضاؤها بعد الطهر من الحيض إلا إذا كان نذرها على نحو تعدد المطلوب كما قلنا في الصوم، فيجب عليها الإتيان بالصلاة بعد الوقت.

المسألة 571

يجب عليها قضاء الصلاة اليومية إذا دخل وقتها قبل طروء الحيض و تمكنت من تحصيل شرائطها الواجبة عليها و من أدائها بحسب حالها من السفر و الحضر و الصحة و المرض و السرعة و البطء، فإذا هي لم تصلها وجب عليها قضاؤها.

بل لا يبعد وجوب القضاء عليها إذا أدركت من الوقت ما يسع الصلاة تامة و ان لم يسع الطهارة و تحصيل الشرائط معها، إذا كانت متمكنة من تحصيل الطهارة و بقية شرائط الصلاة قبل الوقت و ان لم تحصلها بالفعل لصدق فوت الصلاة.

المسألة 572

إذا طهرت من الحيض و أدركت من الوقت ما تحرز به شرائط الصلاة مع الطهارة و إدراك ركعة منها، وجب عليها أداء تلك الصلاة، فإذا تركتها حتى خرج الوقت وجب عليها قضاؤها، بل لا يبعد وجوب القضاء إذا أدركت من الوقت ركعة مع الطهارة و ان لم تحرز بقية الشرائط

كلمة التقوى، ج 1، ص: 174

الأخرى إذا كانت متمكنة من تحصيل الشرائط قبل طهرها، كما تقدم في المسألة السابقة.

المسألة 573

إذا شكت في ان الوقت الباقي يسع صلاة الركعة مع الشرائط وجبت عليها المبادرة، و إذا تركت الصلاة ثم استبان لها سعة الوقت وجب عليها القضاء.

المسألة 574

إذا أدركت من وقت الظهرين بعد الطهارة مقدار خمس ركعات وجب عليها ان تصليهما معا، فإذا هي تركت وجب عليها قضاؤهما، و إذا بقي من الوقت مقدار اربع ركعات صلت العصر وحدها، فإن هي لم تصلها وجب عليها قضاؤها و كذلك في العشاءين فإذا كانت مسافرة أدركت صلاة الظهرين بإدراك ثلاث ركعات من الوقت، و أدركت العشاءين بإدراك أربع ركعات.

المسألة 575

إذا ذكرنا في مباحث الحيض أو الاستحاضة ان المرأة تحتاط بالجمع بين الوظيفتين أو تجمع بين تروك الحائض و اعمال المستحاضة، فالمراد ان على هذه المرأة ان تجتنب كل ما يحرم على الحائض مما قد تقدم ذكره، و ان تأتي مضافا الى ذلك بأعمال الاستحاضة التي تجب عليها لو كان دمها استحاضة من غسل أو وضوء و تبديل خرقة و قطنة و تأتي بالصلاة بعد ذلك، و لا منافاة في ذلك لأن حرمة الصلاة على الحائض انما هي حرمة تشريعية، فلا تنافي أن تأتي بها برجاء المطلوبية و كذلك ما يأتي في النفاس، و إذا قلنا في أيام النقاء المتخلل في الحيض الواحد ان على المرأة ان تجمع فيه بين تروك الحائض و اعمال الطاهر، فالمراد كذلك ان تأتي بما يجب على الطاهر من وضوء و صلاة و غيرهما برجاء المطلوبية و ان تجتنب ما تجتنبه الحائض من محرمات.

المسألة 576

يستحب للحائض في وقت الصلاة ان تحتشي و تبدل القطنة و الخرقة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 175

و تتوضأ و تقعد في مصلاها بمقدار الصلاة مستقبلة القبلة، و ان تشتغل بالذكر و التسبيح و التهليل و التحميد، و الصلاة على النبي و آله، و قراءة القرآن، و لا تكره قراءة القرآن لها في هذا الوقت، فان لم تتمكن من الوضوء تيممت بدلا عنه، و الأولى أن لا تفصل بين الوضوء أو التيمم و الأعمال المذكورة، و لا تختص الاعمال المتقدمة بالصلاة اليومية على الظاهر فتستحب في وقت صلاة الآيات مثلا.

المسألة 577

يكره للحائض ان تختضب و ان تقرأ القرآن حتى أقل من سبع آيات و تشتد الكراهة كلما كثرت القراءة، و يكره لها حمل القرآن، و لمس هامشه و ما بين سطوره.

المسألة 578

يصح للحائض أن تغتسل الأغسال الواجبة- غير غسل الحيض- فإذا أجبت أو مست ميتا و هي حائض صح لها ان تغتسل منهما و يرتفع به حدثهما و ان كان حدث الحيض لا يزال باقيا.

و إذا فاجأها الحيض و هي تغتسل عن الجنابة أو عن مس الميت صح لها ان تتم غسلها، و قد تقدم ذلك في المسألة الأربعمائة و الثامنة و التسعين.

و تصح منها الوضوءات المندوبة التي لا ترفع الحدث.

الفصل التاسع و العشرون في الاستحاضة

المسألة 579

الثالث من الأغسال الواجبة: غسل الاستحاضة.

و سببه هو خروج دم الاستحاضة من المرأة على الوجه المخصوص.

و قد تقدم في أول فصل الحيض ان دم الاستحاضة- في الغالب- دم اصفر بارد رقيق فاسد يخرج بغير قوة و لا حرارة، و قد يكون بصفات الحيض، و لا حد له في القلة و الكثرة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 176

و كل دم تراه المرأة مما حكم بأنه ليس حيضا و لا نفاسا، و لم يكن دم قرح و لا جرح فهو دم استحاضة، و الأحوط- استحبابا إجراء أحكام الاستحاضة في كل دم لم يعلم بالأمارات الشرعية كونه من غيرها و ان كان مشكوكا.

المسألة 580

إذا خرج الدم المذكور من المرأة إلى خارج الفرج و لو قليلا تعلقت به أحكام الاستحاضة، و استمر الحدث ما دام الدم موجودا و لو في باطن الفرج، و إذا لم يخرج منه شي ء و كان بحيث يمكن إخراجه بقطنة و نحوها، فلا يترك الاحتياط للمرأة بأن تجمع بين أحكام الطاهر و المستحاضة، و إذا تعمدت إخراجه بقطنة و نحوها جرت عليه أحكام الاستحاضة و قد تقدم مثله في دم الحيض.

المسألة 581

يجب على المستحاضة أن تختبر حالها لتعلم ان استحاضتها من أي الأقسام فتعمل بحكمها.

و الاختبار: ان تدخل قطنة و تصبر بمقدار يكفي لمعرفة حال الدم، و انه يطوق القطنة أو يغمسها أو يزيد على ذلك فيسيل، ثم تخرج القطنة و تنظرها، فان وجدت الدم قد لوث القطنة من غير ان يغمسها أو يغمس بعض أطرافها فالاستحاضة قليلة، و ان رأته قد غمس القطنة أو غمس بعض أطرافها و لم يسل إلى الخرقة، فالاستحاضة متوسطة. و ان غمس القطنة و سال الى الخرقة فالاستحاضة كثيرة.

المسألة 582

يجب على المرأة إذا كانت استحاضتها قليلة أن تتوضأ لكل صلاة، فلا تكتفي بوضوء الفريضة الأولى للثانية، و لا بوضوء الفريضة للنافلة، و لا بوضوء النافلة الاولى للنافلة الثانية، فلكل ركعتين من النافلة وضوء.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 177

و الأحوط لها ان تبدل القطنة أو تطهرها لكل صلاة كذلك بل لا يترك ذلك، نعم لا يجب تبديلها أو تطهيرها إذا اتفق عدم سراية الدم إليها في بعض الصلوات.

و يجب عليها إذا كانت استحاضتها متوسطة: ان تغتسل قبل صلاة الصبح، و ان تتوضأ لكل صلاة فريضة أو نافلة- كما تقدم في القليلة- حتى بعد الغسل لصلاة الغداة على الأحوط، و ان تحتاط بتبديل القطنة أو تطهيرها كما تقدم، و لا يجب التبديل أو التطهير إذا اتفق عدم سراية الدم.

و يجب عليها إذا كانت الاستحاضة كثيرة: ان تغتسل لصلاة الغداة- كما ذكرنا في المتوسطة، و ان تغتسل غسلا ثانيا للظهرين تجمع بينهما، و ان تغتسل غسلا ثالثا للعشاءين تجمع بينهما، و ان تتوضأ لكل صلاة فريضة أو نافلة كما تقدم في القليلة حتى بعد الأغسال الثلاثة على الأحوط. و ان تحتاط بتبديل الخرقة

و القطنة.

و لا يجب تبديل الخرقة و لا القطنة إذا اتفق عدم سراية الدم إليها في بعض الصلوات كما تقدم في المتوسطة و الصغرى.

و يجوز لها ان تفرق بين الصلوات فتكون الأغسال خمسة بعدد الفرائض، و لا يجوز لها ان تجمع بين أكثر من فريضتين بغسل واحد، و تكفي أغسال الفرائض للنوافل، و تأتي لكل ركعتين من النافلة بوضوء على الأقوى في غير أوقات الأغسال، و على الأحوط في أوقات الأغسال للمتوسطة و الكثيرة إذا أتت بالنافلة بعد الغسل للفريضة.

المسألة 583

إذا صلت المرأة صلاة الغداة ثم حدثت لها الاستحاضة المتوسطة لم يجب عليها الغسل للفجر، و وجب لصلاة الظهرين، و إذا رأتها بعد صلاة الظهرين، وجب عليها الغسل للعشاءين، فإذا استمرت بها الى اليوم الثاني وجب عليها الغسل للغداة.

و إذا استحاضت بالمتوسطة قبل الفجر و تركت الغسل للغداة عامدة أو ناسية وجب عليها الغسل للظهرين و اعادة صلاة الصبح و ان انقطعت

كلمة التقوى، ج 1، ص: 178

استحاضتها قبل وقتهما، و إذا استحاضت بالمتوسطة قبل الفجر و انقطع قبل صلاته وجب عليها غسل الغداة، فان لم تفعل وجب للظهرين و عليها اعادة الصبح.

المسألة 584

إذا حدثت لها الاستحاضة الكثيرة بعد ان صلت الفجر لم يجب عليها في ذلك اليوم غسل الفجر و وجب عليها غسل للظهرين و غسل للعشاءين، و إذا حدثت بعد صلاة الظهرين وجب عليها غسل العشاءين فقط، فإذا استمرت الى اليوم الثاني وجبت عليها الأغسال الثلاثة.

المسألة 585

إذا حدثت الاستحاضة المتوسطة للمرأة و هي في أثناء صلاة الغداة وجب عليها الغسل و استئناف الصلاة، و كذلك الحكم في الكثيرة، و إذا حدثت الاستحاضة القليلة في أثناء الصلاة وجبت عليها اعادة الوضوء و استئناف الصلاة.

المسألة 586

يجب ان يكون غسل الغداة بعد الفجر فلا يكفي ان تغتسل لها قبل الوقت، نعم، إذا أرادت أن تصلى صلاة الليل قبل الفجر جاز لها ان تقدم غسل الغداة على الوقت بمقدار الغسل و صلاة الليل لا أكثر على الأحوط.

و لا يكفي عن غسل الغداة على الأحوط ان تغتسل قبل الفجر لبعض الغايات الأخرى و ان دخل الوقت بعده بلا فصل، فلا يترك الاحتياط بإعادة الغسل في الوقت للصلاة.

المسألة 587

إذا صلت المستحاضة و لم تختبر حالها أو تعلم ان استحاضتها من أي الأقسام كانت صلاتها باطلة، إلا إذا طابقت بعملها الواقع و حصل منها قصد القربة لغفلة و نحوها.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 179

و إذا لم تتمكن المستحاضة من اختبار حالها وجب عليها ان تأتي بما تتيقن معه صحة صلاتها، و إذا كانت لها حالة سابقه من القلة أو الكثرة أو التوسط في الاستحاضة أخذت به.

المسألة 588

لا يكفي الاختبار قبل دخول وقت الصلاة، الا ان تعلم بأن حالها لم يتغير، و لا يكفي الاختبار إذا تأخر عنه أداء الوظيفة تأخرا يحتمل معه تغير حالها و ان كان في الوقت.

المسألة 589

لا يجب تجديد الوضوء و لا تبديل القطنة و لا الخرقة أو تطهيرهما إذا أصابهما الدم، لقضاء الأجزاء المنسية من الصلاة، و سجود السهو إذا أتى به بلا فصل.

و اما ركعات الاحتياط لبعض الشكوك فلا يترك الاحتياط بالإتيان بها قبل تجديد الأعمال المذكورة ثم اعادتها بعد التجديد.

و إذا أرادت إعادة الصلاة جماعة أو للاحتياط وجب ان تجدد لها الاعمال.

المسألة 590

إذا انقطع الدم قبل دخول وقت الفريضة لزم تجديد الاعمال المتقدم ذكرها لتلك الفريضة حتى الغسل إذا كانت مما يجب له الغسل، ثم لا يجب تجديد الاعمال للفرائض الآتية بعدها إذا كان الدم على انقطاعه، فإذا كانت الاستحاضة. متوسطة و انقطع الدم قبل الفجر وجب الغسل لصلاة الفجر و لزم تجديد الاعمال على ما تقدم ذكره، و إذا بقي الدم على انقطاعه إلى صلاة الظهر لم يجب تجديد الاعمال لها حتى الوضوء إذا لم ينتقض وضوؤها لصلاة الغداة، و هكذا في العصر و العشاءين، و إذا تجدد الدم بعد انقطاعه بعد ان صلت الظهر وجب تجديد الأعمال لصلاة العصر ثم للصلوات الآتية ما دام الدم مستمرا، و هكذا إذا كانت الاستحاضة كثيرة مع ملاحظة الفروق بينها في الأعمال، فلا يجب تجديد

كلمة التقوى، ج 1، ص: 180

الغسل للظهرين و للعشاءين و لا تبديل الخرقة في الصورة الأولى ما دام الدم على انقطاعه، و يجب تجديدها في الصورة الثانية في ما يجدد من الاعمال عند تجدد الدم و استمراره.

المسألة 591

تجب عليها المبادرة إلى الصلاة بعد الغسل و الوضوء على الأحوط، فإذا أخرت صلاتها عن الأعمال مدة لم تصح صلاتها إلا إذا علمت بانقطاع الدم و عدم تجدد الحدث طيلة هذه المدة.

المسألة 592

وجوب المبادرة عليها للصلاة بعد الإتيان بالأعمال لا يمنعها من ان تأتي بالأذان و الإقامة لصلاتها، و الأدعية المأثورة أو تأتي بسائر المستحبات فيها.

المسألة 593

يجب عليها التحفظ التام من خروج الدم بعد الوضوء و الغسل بالتحشي بالقطن و نحوه، و شد الموضع أو الاستثفار و غير ذلك مما يحبس الدم، و يمنع خروجه.

و إذا قصرت في التحفظ فخرج الدم وجب عليها إعادة الصلاة، و لا يترك الاحتياط بإعادة الغسل، و إذا كان الدم مستمر السيلان فالأحوط تقديم ذلك على الغسل.

المسألة 594

يشترط في صحة صوم المستحاضة أن تأتي بالأغسال النهارية لذلك اليوم فإذا تركتها جميعا أو تركت بعضها بطل صومها، و كذلك يعتبر في صحته ان تأتي بغسل العشاءين لليلة الماضية- على الأحوط- فلا يصح صوم اليوم إذا تركت غسل ليلته السابقة عليه، نعم إذا تركت غسل العشاءين و قدمت غسل الفجر على الوقت لصلاة الليل صح صومها، و اما الوضوءات و بقية أعمال المستحاضة فهي شروط لصحة الصلاة و ليست شروطا في صحة الصيام.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 181

المسألة 595

إذا علمت المستحاضة بأن دمها ينقطع في آخر الوقت انقطاع برء أو انقطاع فترة تسع الصلاة وجب عليها التأخير الى ذلك الوقت، و كذلك مع رجاء الانقطاع. و إذا صلت قبل ذلك كانت صلاتها باطلة.

نعم تكون الصلاة صحيحة إذا تأتي منها قصد القربة لغفلة و نحوها ثم انكشف عدم انقطاع الدم.

المسألة 596

إذا انقطع الدم عن المستحاضة انقطاع برء قبل ان تبدأ بالاعمال وجب عليها ان تغتسل إذا كانت استحاضتها توجب الغسل، و ان تتوضأ معه على الأحوط، ثم تأتي بالصلاة، و إذا كانت استحاضتها توجب الوضوء كان عليها الوضوء فقط ثم الصلاة.

و إذا انقطع عنها بعد ان شرعت في الأعمال قبل الفراغ من الصلاة تركتها و استأنفت على ما تقدم، و إذا انقطع عنها بعد ان أتمت الأعمال و الصلاة أعادت، و إذا علمت ان الدم قد انقطع عنها قبل ان تغتسل و تتوضأ صحت اعمالها و صلاتها و لم تحتج إلى إعادة.

المسألة 597

إذا انقطع الدم عن المستحاضة انقطاع فترة تسع الطهارة و الصلاة لزمها ما ذكرناه في المسألة المتقدمة على الأحوط، و كذلك إذا كانت الفترة تسع الطهارة و بعض الصلاة على الأحوط أيضا.

و إذا شكت في ان الفترة تسع الصلاة أم لا، أو شكت في ان الانقطاع انقطاع برء أو انقطاع فترة فالظاهر وجوب الاستئناف إذا كان الانقطاع في أثناء الأعمال قبل الفراغ من الصلاة، و الإعادة إذا كان بعدها في كلتا الصورتين.

المسألة 598

إذا انقطع الدم عن المستحاضة المتوسطة أو الكثيرة انقطاع برء

كلمة التقوى، ج 1، ص: 182

وجب عليها الغسل للانقطاع كما تقدم، و ان علمت بعدم خروج دم منها بعد غسلها للصلاة السابقة لم يجب عليها الغسل.

المسألة 599

إذا انتقلت استحاضتها من القليلة إلى المتوسطة أو الكثيرة، أو من المتوسطة إلى الكثيرة، فإن كان انتقالها بعد ان أتمت الأعمال و الصلاة صحت اعمالها و صلاتها، و لم تجب عليها الإعادة، و ان كان انتقالها قبل الشروع في الأعمال وجب عليها ان تعمل عمل الأعلى.

و ان كان انتقالها بعد الشروع في الأعمال و قبل إتمامها فعليها استئناف الاعمال و العمل على الأعلى، حتى في الانتقال من المتوسطة إلى الكثيرة. و قد اغتسلت للغداة و لم تصلها أو كانت في أثناء الصلاة، فإنه يجب عليها استئناف الغسل و العمل مثل أعمال الاستحاضة الكثيرة.

المسألة 600

إذا انتقلت استحاضتها من المتوسطة إلى القليلة، أو من الكثيرة الى المتوسطة أو القليلة استمرت على عملها الأول لصلاة واحدة بعد الانتقال، ثم عملت بعد ذلك عمل الأدنى، فإذا تبدلت المتوسطة قليلة قبل صلاة الغداة، وجب عليها ان تغتسل لصلاة الغداة كما هو حكم المتوسطة، و ان تتوضأ لكل واحدة من الصلوات الآتية بعد ذلك كما هو حكم القليلة. فإن هي لم تغتسل وجب عليها الغسل للظهر و اعادة صلاة الغداة كما هو حكم المتوسطة.

و إذا تبدلت الكثيرة متوسطة قبل صلاة الظهر، وجب عليها ان تغتسل لصلاة الظهر كما، هو حكم الكثيرة، و ان تتوضأ بعد ذلك للعصر و لكل واحدة من العشاءين كما هو حكم المتوسطة، و إذا هي لم تغتسل للظهر وجب عليها ان تغتسل للعصر إذا لم يبق الا وقتها المختص و عليها ان تقضي صلاة الظهر كما هو حكم الكثيرة.

المسألة 601

يجب على المستحاضة القليلة ان تجدد الوضوء لكل عمل تشترط فيه

كلمة التقوى، ج 1، ص: 183

الطهارة كالطواف الواجب و صلاة الطواف بعده ثم طواف النساء و الصلاة بعده، و لا يكفيها وضوء الصلاة اليومية، و لا وضوء واحد للجميع، حتى في مس كتابة القرآن إذا وجب عليها مرارا، فيجب عليها الوضوء لكل مرة على الأحوط، و يجوز لها دخول المساجد و المكث فيها، و لا يجب الوضوء لهما.

المسألة 602

إذا أدت المستحاضة المتوسطة أو الكثيرة جميع ما يجب عليها من الاعمال صحت صلاتها و كانت بحكم الطاهرة، فيجوز لها كل عمل تشترط فيه الطهارة فلها ان تدخل المساجد و تمكث فيها و ان تقرأ العزائم و تمس خط القرآن، و يجوز وطؤها.

و إذا أخلت بأغسال الصلاة، فالأقوى جواز دخول المساجد لها و المكث فيها و قراءة العزائم، و ان كان الأحوط استحبابا ان تغتسل لها، و لا يجوز وطؤها على الأحوط بل على الأقوى حتى تغتسل.

و لا يجوز لها مس خط المصحف حتى تغتسل، و يكفيها غسل الصلاة، و الأحوط الوضوء معه، و إذا أرادت تكرار مس خط المصحف، ففي وجوب تكرار الغسل لذلك تأمل. و لكن فيه احتياطا لا يترك، و أحوط منه ترك المس مع سعة وقته.

المسألة 603

تجب على المستحاضة صلاة الآيات، و يجب ان تعمل لها ما تعمله للصلاة اليومية، فيجب الغسل لها إذا لم تكن قد اغتسلت لليومية، و إذا كانت قد اغتسلت لليومية ففي وجوب تكرار الغسل لها تأمل، و خصوصا في الوقت و لكنه احتياط لا يترك.

المسألة 604

يجوز للمستحاضة أن تقتضي الفوائت من الصلاة، و يجب عليها ان تأتي بجميع ما يجب عليها من الاعمال لكل صلاة، و لا يكتفي بغسلها للصلوات الأدائية على الأحوط.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 184

المسألة 605

إذا أحدثت بالحدث الأصغر في أثناء غسلها استأنفت الغسل على الأحوط و توضأت بعده، و حين تستأنف الغسل تأتي بالافعال التي أتت بها أو لا برجاء المطلوبية، و إذا كان الغسل ارتماسيا أعادت الغسل برجاء المطلوبية ثم توضأت، و قد تقدم ذلك في المسألة الأربعمائة و السابعة و التسعين.

المسألة 606

إذا أجنبت أو مست ميتا في أثناء غسلها من الاستحاضة و كان غسلها مرتبا جاز لها ان تعدل عنه الى الارتماس فترتمس بنية الغسلين معا، و لا وضوء عليها بعده إذا كان أحدهما جنابة، و يجوز لها ان تتم غسلها الأول ثم تغتسل بعده للحدث الجديد ترتيبا أو ارتماسا إذا لم يناف ذلك المبادرة إلى الصلاة بعد غسل الاستحاضة، و إذا استحاضت بالكبرى في أثناء الغسل للوسطى استأنفت الغسل و العمل للكبرى.

المسألة 607

قد يتفق للمرأة ان تستحاض بالوسطى أو بالكبرى مدة قصيرة ثم ينقطع دمها انقطاع برء قبل صلاة الفريضة، فيجب عليها الغسل لتلك الفريضة، فإذا رأت مثل هذه الاستحاضة القصيرة خمس مرات في اليوم، قبل كل واحدة من الفرائض الخمس مرة، وجب عليها الغسل في ذلك اليوم خمس مرات بعدد الاستحاضات الخمس التي رأتها.

الفصل الثلاثون في النفاس

المسألة 608

الرابع من الأغسال الواجبة: غسل النفاس.

و سببه هو خروج دم النفاس من المرأة، و هو دم تقذفه الرحم مع الولادة أو بعدها، على وجه يعلم استناد خروج الدم إلى الولادة، سواء كان الجنين تام الخلقة أم لا و ان لم تلج فيه الروح، و في المضغة و العلقة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 185

إشكال، فلا يترك الاحتياط في الدم الذي يخرج معهما بالجمع بين أعمال المستحاضة و النفساء.

و إذا شك في الولادة لم يحكم على الدم الذي يخرج في تلك الحال بالنفاس، و إذا علم بالولادة و شك في استناد الدم إليها ففي الحكم بأنه نفاس إشكال.

المسألة 609

ما يخرج من الدم قبل أول جزء من الولد لا يكون نفاسا، فان استمر ثلاثة أيام أو أكثر، و فصل بينه و بين النفاس بعشرة أيام حكم بأنه حيض، و ان لم يفصل بينه و بين النفاس أقل الطهر، فلا يترك الاحتياط فيه بالجمع بين أعمال المستحاضة و تروك الحائض و ان كان في أيام عادة الحيض، أو كان متصلا بالنفاس و لم يزد مجموعهما على عشرة أيام.

و ما علم بأنه دم مخاض فهو استحاضة، و ان كان متصلا بدم النفاس و لم يزد مجموعهما على العشرة.

المسألة 610

لأحد للنفاس في القلة، فقد يكون قطرات قليلة من الدم تسقط على المرأة في أثناء العشرة، و إذا لم تر المرأة دما فلا نفاس لها، و إذا رأت الدم بعد عشرة أيام من حين الولادة لم يكن نفاسا.

و أكثر النفاس عشرة أيام، و ان كان الاولى للمرأة إذا استمر بها الدم فتجاوز العشرة إن تحتاط بعد أيام عادتها، أو بعد العشرة إذا لم تكن ذات عادة الى ثمانية عشر يوما من الولادة فتجمع بين الوظيفتين.

المسألة 611

يبتدئ النفاس عند ظهور أول جزء من الولد، و لكن عشرة النفاس لا تبتدئ الا بعد تمام الولادة، فالمدة التي تكون ما بين أول الولادة و تمامها لا تعد من العشرة و ان طالت و عدت جزءا من النفاس، و إذا حدثت الولادة ليلا ابتدأ النفاس مع الولادة كما ذكرنا فتكون الليلة جزءا من النفاس و لا يبتدئ حساب عشرة النفاس الا من أول النهار،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 186

و إذا حصلت الولادة في أثناء النهار ابتدأ حساب العشرة من تمام الولادة، و أكمل نقصان اليوم الأول من اليوم الحادي عشر، فإذا كانت الولادة في الساعة السابعة من النهار مثلا لم تتم العشرة إلا في الساعة السابعة من اليوم الحادي عشر.

المسألة 612

إذا انقطع دم النفساء على العشرة أو قبل تمامها فجميع الدم الذي رأته نفاس، سواء استغرق العشرة كلها أم بعضها، و سواء رأته مجتمعا في بعض العشرة أم رأته متفرقا فيها، و ان كان يوما و يوما، و لا يترك الاحتياط في النقاء المتخلل بأن تجمع بين اعمال النفساء و الطاهر، و قد سبق نظير ذلك في الحيض.

و لا فرق في الحكم المذكور بين ذات العادة و غيرها، و من تكون عادتها عشرة أيام أو أقل.

و إذا استمر الدم فتجاوز عشرة أيام، فإن كانت المرأة ذات عادة معلومة في الحيض أخذت بأيام عادتها فجعلتها نفاسا، و جعلت الدم الباقي استحاضة، و الأحوط- كما تقدم- ان تجمع في الباقي بين الوظيفتين إلى ثمانية عشر يوما من الولادة.

و إذا كانت مبتدئة أو مضطربة فنفاسها عشرة أيام، و الباقي استحاضة، و الأحوط ان تجمع فيه بين الوظيفتين إلى الثمانية عشر كما تقدم.

المسألة 613

إذا كانت المرأة ذات عادة و لم تر الدم في أيام عادتها بل رأته بعد انقضائها ثم استمر حتى تجاوز العشرة من حين الولادة، أخذت بمقدار عادتها من حين رؤية الدم، فإذا زاد ذلك على العشرة من حين الولادة اقتصرت على إتمام العشرة، و معنى ذلك أنها تأخذ بأقل الأمرين من العادة و إتمام العشرة، فإذا كانت عادتها أربعة أيام و رأت النفاس في اليوم الخامس تنفست به الى اليوم الثامن و هي مقدار أيام عادتها.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 187

و إذا كانت عادتها ستة أيام، و رأت الدم في اليوم السابع تنفست به الى نهاية العشرة و لم تكمل العادة و الأحوط أن تجمع بين الوظيفتين بعد ذلك الى الثمانية عشر إذا استمر الدم إليها.

و

إذا رأت الدم في أثناء العادة و لم تره في أولها، ثم استمر حتى تجاوز العشرة، تنفست به من حين رؤيته و أخذت كذلك بأقل الأمرين من العادة و إتمام العشرة، فإذا كانت عادتها سبعة أيام و رأت الدم في اليوم الثالث من العادة، فنفاسها سبعة أيام إلى اليوم التاسع، و هي أيام عادتها، و إذا رأت الدم في اليوم السادس فنفاسها خمسة أيام إلى اليوم العاشر، و هي ما تحتمله العشرة من أيام العادة، و الاحتياط بالجمع إلى الثمانية عشر.

المسألة 614

الدم المتقدم على النفاس إذا لم ينقص عن ثلاثة أيام و فصل بينه و بين النفاس عشرة أيام حكم بأنه حيض، و ان لم يفصل بينه و بين النفاس بعده بأقل الطهر فالحكم فيه مشكل، و لا يترك الاحتياط فيه بالجمع بين أعمال المستحاضة و تروك الحائض كما تقدم في المسألة الستمائة و التاسعة.

و اما الدم المتأخر عن النفاس فالظاهر اعتبار الشرط المذكور فيه فلا يكون حيضا حتى يفصل بينه و بين النفاس قبله بأقل الطهر، فإذا رأته المرأة قبل ان تتم العشرة كان استحاضة و الاحتياط حسن.

المسألة 615

لا يشترط ان يفصل ما بين النفاسين أقل الطهر كما في ولادة التوأمين، فإذا ولدت أحدهما و رأت الدم بعده عشرة أيام أو بعدد أيام عادتها إذا كانت ذات عادة أقل من العشرة، ثم ولدت الآخر و رأت الدم بعده كذلك كان لها نفاسان مستقلان، و ان اتصل الدمان و لم يفصل بينهما نقاء أصلا فضلا عن أقل الطهر.

و إذا استمر بها الدم فنفاسها للأول بمقدار عادتها، و كذلك نفاسها للثاني بعده، و إذا لم تكن لها عادة فنفاسها عشرون يوما، لكل واحد

كلمة التقوى، ج 1، ص: 188

منهما عشرة أيام و كان الزائد عليها استحاضة.

و إذا زاد الدم ما بين الولادتين على عشرة أيام كان الزائد من هذا الدم على العادة في ذات العادة، و الزائد على العشرة منه في غير ذات العادة استحاضة كذلك.

و إذا ولدت الثاني قبل ان تتم العادة من النفاس الأول أو قبل ان تتم العشرة لغير ذات العادة و كان الدم مستمرا تداخل النفاسان في بعض الأيام.

و إذا فصل ما بين النفاسين أقل الطهر، أو فصل بينهما نقاء بعد ان أتمت

العادة من النفاس الأول أو بعد العشرة لغير ذات العادة وجب ان تعمل فيه اعمال الطاهر.

و إذا حصل النقاء في أثناء العادة أو في أثناء العشرة لغير ذات العادة احتاطت في ذلك النقاء بالجمع بين اعمال النفساء و الطاهر كما تقدم.

المسألة 616

إذا استمر الدم بعد الولادة مدة طويلة، فالنفاس منه هو أيام العادة لذات العادة، و العشرة الأولى لغيرها، و ما زاد على ذلك فهو استحاضة، و لا يكون حيضا و ان اتفق في أيام العادة في الحيض أو كان بصفته.

و إذا حصل أقل الطهر بعد انتهاء أيام النفاس و الدم لا يزال مستمرا، فان اتفق الزائد عليه مع أيام العادة في الحيض حكم بحيضيته، و ان لم يكن فيها أو لم تكن ذات عادة رجعت المبتدئة و المضطربة و الناسية الى التفاصيل التي ذكرناها في مستمرة الدم.

المسألة 617

إذا انقطع دم النفساء ظاهرا و احتملت وجوده في الباطن وجب عليها في الأحوط اختبار حالها بإدخال القطنة و نحوها و تركها هنيهة ثم إخراجها و ملاحظتها على نحو ما تقدم في الاستبراء من الحيض.

المسألة 618

إذا استمر الدم بالنفساء الى ما بعد العادة في الحيض، و احتملت انه

كلمة التقوى، ج 1، ص: 189

يتجاوز العشرة وجب عليها الاستظهار بترك العبادة الى ان يستبين لها الحال أو تتم العشرة، فإذا تجاوز الدم العشرة وجب عليها قضاء الصلاة و الصوم كما تقدم في الحيض.

المسألة 619

تشترك النفساء مع الحائض في عامة أحكامها فتحرم عليها العبادات المشروطة بالطهارة، و يحرم عليها مس كتابة القرآن. و يحرم عليها مس اسم اللّه و قراءة العزائم و أبعاضها حتى البسملة بقصدها و دخول المساجد و المكث فيها على الأحوط في مس اسم اللّه و ما بعده جميعا، و يحرم وطؤها و طلاقها، و يكره وطؤها بعد انقطاع الدم عنها و قبل الغسل، و يجب عليها الغسل بعد انقطاع النفاس، أو انتهاء العادة أو العشرة في غير ذات العادة، إذا علمت بتجاوز الدم العشرة، و يجب عليها قضاء الصوم و الصلاة الواجبين غير اليومية.

و يستحب لها الوضوء في أوقات الصلاة و ان تقعد في مصلاها مستقبلة القبلة، و تشتغل بذكر اللّه بقدر الصلاة.

المسألة 620

غسل النفاس كغسل الجنابة في كيفيته ترتيبا أو ارتماسا، و الأحوط الذي لا ينبغي تركه ان يضم الوضوء اليه، و ان كان الأقوى كفاية الغسل عن الوضوء فيه و في جميع الأغسال، و قد تقدم ذكر ذلك.

الفصل الحادي و الثلاثون في غسل مس الميت

المسألة 621

الخامس من الأغسال الواجبة: غسل مس الميت.

و سببه ان يمس الإنسان إنسانا ميتا بعد برد جميع جسده بالموت، و قبل إتمام غسله، فلا يجب الغسل بمس ميت غير الإنسان، و لا يجب بمس ميت الإنسان قبل ان يبرد جميع جسده و ان برد بعضه، أو برد

كلمة التقوى، ج 1، ص: 190

جميع جسده بسبب غير الموت، و لا يجب الغسل إذا مسه بعد ان يتم غسله.

و لا يسقط وجوب الغسل إذا مسه قبل ان تتم أغساله الثلاثة لجميع الأعضاء، و ان كان العضو الذي مسه مما كمل تغسيله، و إذا غسل الميت غسلا اضطراريا، كما إذا غسل بالماء القراح لعدم السدر أو الكافور، و كما إذا غسله الكافر لفقد المماثل المسلم، ففي سقوط غسل المس بعده اشكال، و كذلك إذا يمم الميت لبعض الأعذار، فلا يترك الاحتياط بغسل من مسه، و بتطهير ملاقي بعض أعضائه مع الرطوبة المسرية.

و لا فرق في وجوب الغسل بين ان يكون الميت مسلما أو كافرا، و مماثلا للماس أو غير مماثل، و صغيرا أو كبيرا، حتى الجنين الذي تم له أربعة أشهر، و لا فرق فيه بين ان يكون الجزء الذي مسه من الميت مما تحله الحياة أولا إذا كان متصلا به كعظمه و ظفره و شعره إذا كان قصيرا، بل و ان مسه بجزء لا تحله الحياة من الماس نفسه كعظمه و ظفره و شعره إذا كان قصيرا يصدق معه انه مس

الميت، اما إذا كان الشعر من الميت أو من الماس طويلا، فالظاهر عدم صدق مس الميت بمجرد تلاقيهما أو ملاقاة أحدهما لجسد الآخر.

المسألة 622

إذا مس قطعة مبانة من الميت أو مبانة من الحي و كانت مشتملة على العظم وجب عليه الغسل، و لا يجب إذا كانت القطعة مجردة عن العظم، و لا يجب عليه الغسل إذا مس العظم المجرد من الحي أو من الميت، أو مس السن المنفصل عن الميت، و إذا كان مع السن لحم معتد به وجب الغسل بمسه، سواء كان من الميت أم الحي، و لا اعتناء باللحم القليل، و لا يجب الغسل بمس سرة الطفل بعد قطها.

المسألة 623

لا يجب الغسل حتى يتحقق انه قد مس الميت الإنسان بعد برده بالموت، فإذا شك في تحقق المس منه، أو شك في ان الذي مسه كان

كلمة التقوى، ج 1، ص: 191

ميتا أم حيا، أو ان المس كان قبل برده بالموت أم بعده، أو شك في ان الذي مسه كان إنسانا أم حيوانا، أو انه مس جسد الميت أم ثيابه لم يجب عليه الغسل في جميع ذلك.

و إذا علم انه مس الميت و شك في ان الميت قد غسل أم لا، وجب عليه الغسل.

و إذا علم بأنه مس الميت، و بأن الميت قد غسل، و شك في انه مس الميت قبل الغسل أم بعده، فان علم تأريخ المس فالأحوط له الغسل، و ان جهل التأريخين معا، أو علم تأريخ الغسل لم يجب عليه الغسل بمسه.

المسألة 624

إذا مس الهيكل العظمي للإنسان المجرد عن اللحم و كان قبل تغسيله وجب عليه الغسل، و كذلك إذا شك في انه قد غسل أم لا.

المسألة 625

إذا وجد ميتا في مقبرة المسلمين و شك في تغسيل ذلك الميت و عدمه لم يبعد وجوب الغسل بمسه.

المسألة 626

لا فرق في وجوب الغسل بين ان يكون مختارا في مس الميت أو مضطرا اليه، و لا بين أن يكون مكلفا حال المس أو غير مكلف، فإذا مس الميت في حال النوم أو الغفلة أو النسيان أو كان الماس صغيرا أو مجنونا وجب الغسل على المكلف إذا علم به بعد اليقظة و التذكر، و يجب الغسل على الطفل بعد البلوغ و يصح منه قبل البلوغ إذا كان مميزا، و يجب على المجنون بعد الإفاقة.

المسألة 627

إذا مس الإنسان قطعة مبانة منه نفسه مشتملة على العظم وجب الغسل عليه بمسها كما يجب على الغير، و الأحوط ان مس القطعة المبانة من الحي يوجب الغسل و ان كان المس قبل بردها.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 192

المسألة 628

لا يترك الاحتياط بغسل المرأة إذا تولد منها طفل ميت فحصلت المماسة في باطن فرجها، و لا يترك الاحتياط كذلك في الطفل إذا تولد من امه بعد موتها، فعليه ان يغتسل غسل المس بعد بلوغه، أو بعد ان يكون مميزا.

المسألة 629

من وجب قتله شرعا لقصاص أو حد إذا أمر فاغتسل قبل قتله غسل الأموات ثم قتل، لا يكون مسه بعد برده موجبا للغسل، و كذلك الشهيد الذي لا يجب تغسيله، فلا يجب الغسل بمسه، و سيأتي بيان حكمه في المسألة الستمائة و الرابعة و الخمسين.

المسألة 630

غسل مس الميت، كغسل الجنابة في الكيفية، و لا يجب الوضوء معه على الأقوى كما لا يجب مع سائر الأغسال، و ان كان الأحوط ان لا يترك الوضوء معه.

المسألة 631

لا يحرم على من مس الميت ان يدخل المساجد و المشاهد و ان يمكث فيها، و لا تحرم عليه قراءة سور العزائم و آياتها، و إذا كان امرأة لم يحرم وطؤها على زوجها.

المسألة 632

مس الميت حدث أصغر و لكنه يوجب الغسل كما ذكرنا، فيجب عليه الغسل لكل واجب تشترط فيه الطهارة من الحدث الأصغر، و يشترط في كل عمل تشترط فيه الطهارة و ان لم يكن واجبا.

و إذا تكرر منه المس لم يتكرر عليه وجوب الغسل.

المسألة 633

تراجع المسألة الأربعمائة و السابعة و التسعون و المسألة الأربعمائة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 193

و التاسعة و التسعون في حكم من أحدث بالحدث الأصغر أو الحدث الأكبر في أثناء غسله.

المسألة 634

إذا مس الميت مع الرطوبة المسرية تنجس العضو الذي لامسه به و وجب تطهيره، سواء كان ذلك قبل برد الميت أم بعده، و إذا مسه بعد البرد وجب عليه غسل المس كما تقدم، سواء كان مسه مع الرطوبة أم بدونها و وجب عليه تطهير العضو اللامس قبل الغسل إذا كان مع الرطوبة.

الفصل الثاني و الثلاثون في أحكام الأموات

المسألة 635

أهم الواجبات على العبد توبته عن المعاصي، و لا يختص وجوبها بحال المرض أو عند ظهور أمارات الموت، بل هي واجبة في كل حال، و لكن العبد قد يتغافل عن هذا الأمر العظيم أو يتساهل فيه، و يكون تنبهه لضرورته عند المرض أو عند ظهور أمارات الموت أكبر و أكثر، و على أى حال فيجب الحذر من التسويف في التوبة و التغافل عنها، فإنه يؤدى إلى أمور موبقة، و أدنى ما يؤدى إليه ثقل التبعة عليه بتراكم الذنوب، و تكثر الحقوق للّه و للناس، و ضعف النفس و ضعف البدن الى غير ذلك من اللوازم التي يعسر عدها و قد يتعذر حدها.

المسألة 636

قالوا: ان حقيقة التوبة هي ندم العبد على ما فعل من المعاصي، و الظاهر انه لا يكفي مطلق الندم في تحقق التوبة حتى يشتد ذلك و يبلغ إلى مرتبة يتراجع معها العبد عما اقترف من الاعمال و تنزجر نفسه عن فعلها، و هذا هو معنى العزم على ترك العود إلى المعصية.

و اما الاستغفار فهو مظهر من مظاهر التذلل و الخضوع الذي يبدو على العبد المذنب في هذا المجال.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 194

المسألة 637

إذا ظهرت أمارات الموت على الإنسان تعين عليه رد الودائع و الحقوق الفورية إلى أهلها مع الإمكان، و كذلك الحقوق و الأموال الأخرى، إذا لم يطمئن من وصيه أو وارثه بأنه يوصلها الى أهلها، و يتخير في ما سوى ذلك بين ردها إلى أهلها و الوصية المحكمة بها، بحيث لا يطرأ عليها الخلل بعد موته، و الأحوط الرد إلى أهلها مع الإمكان مطلقا.

المسألة 638

تجب الوصية بما عليه من الواجبات كالصلاة و الصيام و الحج و الحقوق الشرعية المالية، و يتخير في الواجبات التي يجب على الولي قضاؤها من بعده بين ان يعلم الولي بها ليقضيها عنه بعد الموت أو يوصي بالإجارة عليها.

المسألة 639

يجب عليه ان ينصب قيما على أطفاله إذا كان في عدم نصب القيم تضييع لهم أو تضييع لأموالهم، و لا يجب في ما عدا ذلك.

و يجب أن يكون القيم الذي يجعله على الأطفال أمينا، و كذلك الوصي الذي يعينه على أداء حقوقه الواجبة، بل حتى من يجعله وصيا على صرف ثلثه أو بعض ماله في الخيرات غير الواجبة، يعتبر فيه ان يكون أمينا على الأحوط ان لم يكن هو الأقوى.

المسألة 640

يجب ان يوجه المحتضر إلى القبلة على الأحوط إذا كان مسلما أو بحكم المسلم، بأن يجعل مستلقيا على ظهره و يجعل وجهه و باطن قدميه إلى القبلة، سواء كان ذكرا أم أنثى، و صغيرا أم كبيرا، بل يجب ذلك على المحتضر نفسه في حال شعوره على الأحوط، و إذا تولى توجيهه غيره فالأحوط أن يكون بإذن الولي، فان لم يمكن فالأحوط الاستئذان من الحاكم الشرعي.

و الأحوط ان يستمر الاستقبال به على الوجه المذكور الى الفراغ من تغسيله، و الاولى بعد ذلك ان يكون الاستقبال به كحال الصلاة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 195

و الدفن، فيكون رأسه عن يمين المصلي إذا استقبل القبلة للصلاة و رجلاه الى يساره.

المسألة 641

يستحب نقل المحتضر الى مصلاه إذا اشتد به النزع، إذا لم يوجب ذلك أذاه، و الا كان محرما.

و يستحب تلقينه الشهادتين و الإقرار بالأئمة الاثني عشر و العقائد الحقة، و إفهامه ذلك و تكراره عليه.

و يستحب للمحتضر ان يتابع ذلك بلسانه و قلبه، و ان يلقن كلمات الفرج و هي: (لا إله إلا اللّه الحليم الكريم، لا إله إلا اللّه العلي العظيم، سبحان اللّه رب السماوات السبع و رب الأرضين السبع و ما فيهن و ما بينهن و رب العرش العظيم و الحمد للّه رب العالمين).

و ان يلقن هذا الدعاء: يا من يقبل اليسير و يعفو عن الكثير اقبل مني اليسير و اعف عني الكثير انك أنت العفو الغفور، و ان يكرر ما قاله الامام زين العابدين (ع) عند موته، اللهم ارحمني فإنك رحيم. فإنه ردده، حتى توفي صلوات اللّه عليه.

و يستحب ان يقرأ عنده سورة يس، و سورة الصافات و آية الكرسي، و الآيات الثلاث من آخر

سورة البقرة بل مطلق القرآن.

المسألة 642

يستحب تغميض عينيه بعد الموت و شد لحييه و أطباق فمه و تغطيته بثوب و نحوه، و اعلام اخوانه المؤمنين ليحضروا جنازته، و مما ينبغي فعله مد رجليه و إسبال يديه الى جنبيه.

و مما يستحب التعجيل في دفنه إلا إذا شك في موته فيجب الانتظار حتى يحصل العلم بالموت.

المسألة 643

يكره ان يمس المحتضر في حال النزع، بل يظهر من بعض النصوص

كلمة التقوى، ج 1، ص: 196

ان ذلك يوجب أذيته و الإعانة عليه، و لذلك فيكون الأحوط تركه، و يكره ان يحضره عند احتضاره جنب أو حائض، و يكره ان تترك جنازته وحدها بعد الموت.

و اما البكاء عنده قبل الموت من الرجال أو النساء، فإن أوجب أذاه أو تعجيل منيته كان محرما، و الا فلا دليل على كراهته.

المسألة 644

تغسيل الميت و تكفينه و سائر الأعمال الواجبة المتعلقة بتجهيزه كلها من الفروض الكفائية، فهي واجبة على جميع المكلفين ممن بلغهم أمره، فإذا قام بالعمل بعض المكلفين على الوجه المطلوب سقط وجوبه عن الآخرين، و ان تركه الكل أثموا جميعا بتركه، و لا يختص الوجوب بولي الميت على الأقوى، نعم يشترط في صحة الأعمال إذا قام بها غير الولي ان يكون قيامه بها بإذن الولي، فلا تصح إذا قام بها بغير اذنه، و يكفي ان يعلم اذنه بشاهد الحال القطعي و بالفحوى.

المسألة 645

إذا كان ولي الميت غائبا لا يمكن الاستئذان منه أو كان صغيرا أو مجنونا فلا يترك الاحتياط بالاستئذان من الحاكم الشرعي، و من المرتبة المتأخرة عنه من الأولياء، و إذا امتنع الولي من ان يباشر تجهيز الميت بنفسه و ان يأذن للآخرين به، فإن أمكن للحاكم الشرعي ان يجبره على احد الأمرين أجبره على أحدهما، و ان لم يمكن له ذلك استؤذن من الحاكم الشرعي و من المرتبة المتأخرة من الأولياء، على الأحوط.

المسألة 646

ولي الميت هو وارثه الشرعي من غير فرق بين ان يكون نصيبه في الميراث كثيرا أو قليلا، و لذلك فتكون طبقات الأولياء مترتبة حسب طبقات الأرحام في الميراث، فالطبقة الاولى هم الأبوان و الأولاد، و الثانية هم الأجداد و الاخوان، و الثالثة هم الأعمام و الأخوال، و تشترك الإناث في كل طبقة مع الذكور في الولاية، فإذا فقد الأرحام

كلمة التقوى، ج 1، ص: 197

فالولاية للمعتق، ثم لضامن الجريرة ثم للحاكم الشرعي ثم لعدول المؤمنين على الأحوط في هذين الأخيرين.

المسألة 647

إذا اشتملت الطبقة من الأولياء على بالغين و غير بالغين، فالولاية للبالغين و لا حاجة الى استئذان ولي الطفل، و من انتسب الى الميت بالأبوين فهو اولى ممن انتسب إليه بأحدهما على الأحوط ان لم يكن أقوى، و من انتسب إليه بالأب فهو اولى ممن انتسب إليه بالأم على الأحوط كذلك.

المسألة 648

زوج المرأة الميتة أولى بها حتى من أبيها و ولدها، و حتى من مالكها إذا كانت أمة، سواء كانت الزوجة دائمة أم منقطعة، و مالك العبد و الأمة أولى بهما من جميع أرحامهما و ان كانوا أحرارا.

و يشترك الأب و الام و الأولاد في الولاية على الأقوى، و لا يقدم بعضهم على بعض، سواء كان الأولاد ذكورا أم إناثا، نعم، يقدم الأولاد على أولاد الأولاد.

و في تقديم الأجداد على الاخوة في الولاية إشكال، و خصوصا إذا كان الأجداد للأم، فلا يترك الاحتياط، و تقدم الاخوة على أولاد الاخوة، و يشترك الأعمام و الأخوال، و يقدمون على أولادهم.

المسألة 649

إذا تعدد الأولياء و كانوا من أهل مرتبة واحدة، كفى ان يحصل الاذن من بعضهم إذا لم يمنع الآخرون.

المسألة 650

إذا أوصى الإنسان الى احد غير وليه الشرعي ان يباشر تجهيزه بعد موته أو يقوم ببعض الأعمال كالصلاة عليه مثلا، لم يجب على ذلك الشخص القبول، و لكنه إذا قبل صح له ان يقوم بالعمل و لم يحتج إلى اذن الولي.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 198

و إذا أوصى اليه بأن يكون وليا على ذلك كان له رد الوصية في حياة الموصى بحيث يبلغه الرد، فإذا هو لم يرد في حياة الموصى أورد في حياته و لم يبلغه الرد حتى مات، وجب عليه القبول، و وجب الاستئذان منه دون الولي، و ان كان الأحوط الاستئذان منهما معا.

المسألة 651

إذا أذن الولي لأحد بتجهيز الميت أو الصلاة عليه مثلا ثم رجع عن اذنه في أثناء العمل لم يجز للمأذون له ان يتم العمل، و كذلك إذا كان الولي غائبا فحضر في أثناء العمل، أو كان مجنونا فأفاق، أو كان عاقلا فجن، أو مات و انتقلت الولاية إلى غيره فلا بد في إتمام العمل من اذن الولي الجديد أو مباشرته العمل بنفسه. و اما الصلاة فلا بد من اعادتها و إذا طرأ شي ء مما ذكر بعد تمام العمل لم يضر بصحته و لم يحتج إلى الإعادة.

المسألة 652

يجب تغسيل كل ميت مسلم و ان كان مخالفا للمذهب على الأحوط فيه، و إذا غسل الشيعي ميتا يخالفه في المذهب فلا بد و أن يكون الغسل على النهج المعتبر عند الشيعة و إذا غسله أهل مذهبه على طريقتهم اكتفى بذلك و سقط الوجوب.

و لا يجوز تغسيل الكافر و ان كان مرتدا قبل ان يتوب، و لا تغسيل من حكم بكفره ممن انتسب الى الإسلام كما تقدم في مبحث النجاسات.

و أطفال المسلمين بحكم المسلمين حتى ولد الزنا منهم على الأحوط، و أطفال الكافرين بحكمهم حتى ولد الزنا منهم.

المسألة 653

إذا تم لجنين المسلم أربعة أشهر ثم سقط ميتا وجب تغسيله و تكفينه و دفنه، و إذا سقط لأقل من أربعة أشهر لم يجب غسله بل يلف في خرقة على الأحوط و يدفن.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 199

المسألة 654

يستثنى من الحكم المتقدم و هو وجوب تغسيل كل ميت مسلم صنفان:

الصنف الأول: الشهيد، و هو من قتل في الجهاد بين يدي المعصوم (ع) أو نائبه الخاص، أو قتل في الجهاد في حفظ بيضة الإسلام و ان كان في حال الغيبة، سواء كان المقتول ممن يجب عليه الجهاد أم لا، كالمرأة و الصبي و المجنون إذا قتل في المعركة و خرجت روحه فيها، فلا يجوز تغسيله، و يشكل الحكم إذا خرجت روحه بعد إخراجه من المعركة أو خرجت روحه في المعركة بعد انقضاء الحرب.

و لا تنزع ثياب الشهيد عنه، سواء أصابها دم أم لا، فان كانت ثيابه كافية لستر بدنه لم يكفن، و صلي عليه و دفن، و ان كان عاريا وجب تكفينه، و ان كانت ثيابه غير كافية لستره تمم ستره ببعض قطعات الكفن ثم صلي عليه و دفن.

الصنف الثاني: من وجب قتله شرعا بحد أو قصاص، فيجب عليه ان يغتسل قبل القتل غسل الميت بالمياه الثلاثة، و ان يلبس الكفن الواجب على نحو لا يمنع من اجراء الحد أو القصاص عليه، و ان يتحنط كحنوط الميت، فإذا قتل صلي عليه و دفن من غير تغسيل، فان كان يجهل هذا الحكم أمر به.

و لا يجب غسل الكفن من الدم الذي يصيبه بسبب اقامة الحكم عليه، و لا تجب اعادة الغسل إذا أحدث قبل القتل.

المسألة 655

إذا مس احد جسد الشهيد بعد خروج روحه في المعركة أو مس المقتول بالحد أو القصاص بعد اجراء الحكم المتقدم عليه لم يجب عليه غسل مس الميت.

المسألة 656

القطعة المنفصلة من جسد الميت قبل تغسيله إذا كانت لا تشتمل على عظم لا يجب تغسيلها و لا تكفينها و لا غيرهما من أحكام الميت، بل تلف في خرقة و تدفن على الأحوط فيه، و في أكثر ما ذكر في هذه المسألة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 200

و إذا كانت مشتملة على عظم، أو كانت عظما مجردا عن اللحم، و كانت غير الصدر غسلت غسل الميت، و لا يترك الاحتياط بتكفينها بما يتناولها من القطع الثلاث الواجبة في الكفن فإذا كانت من الأطراف كالقدم مثلا، كفنت باللفافة، و إذا كانت من الأوساط كالكتف و نحوها كفنت بالقميص و اللفافة، و إذا كانت كالفخذ و أمثالها كفنت بالمئزر و القميص و اللفافة ثم دفنت بعد التكفين.

و إذا كانت مشتملة على الصدر أو كانت هي الصدر كله، أو كانت بعض الصدر المشتمل على القلب وجب تغسيلها ثم تكفينها بالقميص و اللفافة، و بالمئزر إذا كانت مشتملة على موضعه ثم حنطت إذا كانت موضعا للحنوط ثم صلي عليها و دفنت.

و كذلك الحكم فيها إذا كانت عظم الصدر مجردة عن اللحم.

المسألة 657

تجري الأحكام المتقدمة في المسألة السابقة في القطعة المبانة من جسد الحي على الأحوط كذلك.

المسألة 658

إذا وجد الهيكل العظمي للإنسان مجردا عن اللحم جرت عليه أحكام الميت كلها، و كذلك إذا وجدت العظام كلها مجردة عن اللحم و ان انفصل بعضها عن بعض.

المسألة 659

إذا وجد جسد الميت كله و قد قطعت بعض أعضائه أو جميعها أجريت عليه أحكام الميت مع الإمكان، فيجب تغسيل جميع أوصاله حتى القطع التي لا عظم فيها، و يجب تكفينها و تحنيطها و الصلاة عليها و دفنها، فان لم يكن الغسل يمم الميت بدلا عن الغسل كما سيأتي بيانه، ثم أجريت عليه بقية الأحكام.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 201

الفصل الثالث و الثلاثون في كيفية غسل الميت

المسألة 660

تجب قبل غسل الميت ازالة النجاسات الأخرى عن جسده، و الأحوط ان تكون إزالتها عن جميع الأعضاء قبل الشروع في الغسل، بل لا يترك هذا الاحتياط ما أمكن، و المراد بإزالة النجاسة: تطهير البدن منها على الوجه الذي تطهر به الأجسام من تلك النجاسة لا مجرد ازالة العين عنه، و إذا أصابته النجاسة في أثناء الغسل طهر موضع النجاسة و أتم الغسل.

المسألة 661

يجب ان يغسل الميت ثلاثة أغسال تامة:

الأول بماء السدر، و الثاني بماء الكافور، و الثالث بالماء القراح، و يجب الترتيب بين الأغسال الثلاثة على الوجه المذكور.

و يجب في كل واحد من الأغسال الثلاثة الترتيب بين اجزاء الجسد على النحو الذي تقدم بيانه في الغسل الترتيبي للجنابة، فيجب غسل الرأس و الرقبة أو لا، ثم غسل الجانب الأيمن من الجسد ثانيا و يغسل معه نصف العورة الأيمن قبلا و دبرا، و نصف السرة كذلك، و الأحوط غسلهما جميعا مع الجانبين كما تقدم، ثم غسل الجانب الأيسر من الجسد ثالثا، و تراجع المسألة الأربعمائة و الخامسة و الستون.

المسألة 662

إذا خالف الترتيب بين الأغسال الثلاثة، فقدم الكافور على السدر أو قدم القراح على الكافور أو عليهما، وجبت الإعادة على وجه يحصل معه الترتيب بينها، فإذا قدم الكافور على السدر أعاد الغسل بالكافور بعد ان يتم الغسل بالسدر ثم يغسله بالقراح و هكذا إذا قدم القراح على الكافور أو عليهما.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 202

و إذا خالف الترتيب بين أعضاء البدن في أحد الأغسال الثلاثة اعاده على ما يحصل معه الترتيب بين الأعضاء في ذلك الغسل كما سبق بيانه في المسألة الأربعمائة و السابعة و الستين، ثم أتى ببقية الأغسال على الترتيب ما بينها.

المسألة 663

لا يكفي الغسل الارتماسي في غسل الأموات- على الأحوط- بأن يرمس الميت ارتماسة واحدة عن كل واحد من أغساله. نعم، يكفي رمس كل واحد من أعضاء الميت الثلاثة في الماء الكثير بقصد غسل ذلك العضو مع الترتيب، فيرمس رأس الميت و رقبته أولا بقصد غسلهما، ثم يرمس الجانب الأيمن منه ثانيا، ثم يرمس الجانب الأيسر ثالثا، و هو من الترتيب لا من الارتماس.

و يندر تحقق ذلك في الغسل بالسدر و بالكافور لندرة الماء الكثير مع الخليطين.

المسألة 664

يعتبر في الغسل الأول: ان يكون السدر بمقدار يصدق معه ان الميت غسل بماء و سدر، و ان يكون الكافور في الغسل الثاني بمقدار يصدق معه انه غسل بماء و كافور، و لا يجزي فيهما ما هو أقل من ذلك، و لا يصح الغسل إذا كان الخليط من السدر أو الكافور يوجب صيرورة الماء مضافا لكثرته.

________________________________________

بصرى بحرانى، زين الدين، محمد امين، كلمة التقوى، 7 جلد، سيد جواد وداعى، قم - ايران، سوم، 1413 ه ق

كلمة التقوى؛ ج 1، ص: 202

المسألة 665

إذا تعذر وجود السدر سقط اعتباره في الغسل، و غسل الميت بالماء القراح بدلا عنه مع مراعاة الترتيب، فيغسل بالماء القراح أو لا بقصد البدلية عن ماء السدر، ثم يغسل بماء الكافور، ثم بالماء القراح، و كذلك إذا تعذر وجود الكافور، فيغسل بماء السدر أولا، ثم بالماء القراح بدلا عن ماء الكافور ثم بالماء القراح أخيرا، و إذا تعذر السدر و الكافور معا غسل بالماء القراح بدلا عن السدر أولا، ثم غسل به بدلا عن الكافور، ثم بالماء القراح.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 203

المسألة 666

إذا تعذر وجود الماء أو خشي تمزق جلد الميت أو تناثر لحمه بتغسيله بالماء سقط وجوب غسله، و يمم ثلاث مرات بدلا عن أغساله الثلاثة على الترتيب فيها، و لا يترك الاحتياط في ان يأتي بأحد التيممات الثلاثة بقصد الأمر الفعلي المتوجه اليه بالتيمم.

المسألة 667

إذا وجد المكلف من الماء ما يكفي لواحد من الأغسال فقط، فان فقد السدر و الكافور أيضا فالأحوط أن ييمم الميت بدلا عن السدر، ثم ييممه بدلا عن الكافور، و يغسله بعد ذلك بالماء بقصد ما في الذمة، ثم ييممه مرتين، أولاهما عن الكافور، و ثانيتهما عن القراح.

و ان وجد الخليطين معا، تخير في صرف الماء الذي عنده بين الأغسال الثلاثة، و الأحوط ان يصرفه في السدر و ييمم الميت بعده بدلا عن الكافور ثم عن القراح.

و إذا وجد السدر وحده، تخير في صرف الماء الموجود في غسل السدر أو في القراح، و الأحوط ان يغسله بالسدر و ييممه للآخرين.

و إذا وجد الكافور وحده، يممه بدلا عن السدر، و تخير في صرف الماء اما في الكافور أو في القراح و يممه للآخر منهما، و الأحوط ان يغسله بالكافور و ييممه للقراح.

المسألة 668

إذا لم يجد الماء فيمم الميت بدلا عن الأغسال على الوجه المتقدم، ثم وجد الماء قبل دفن الميت وجب تغسيله و اعادة تجهيزه و الصلاة عليه، و كذلك إذا وجد الماء بعد الدفن إذا اتفق خروج الميت بعد الدفن، بل يجب نبش الميت لذلك إذا لم يستوجب هتكا لحرمته، و كذلك الحكم إذا لم يجد الخليطين أو لم يجد أحدهما، فغسل الميت بالماء القراح بدلا عنهما أو عن أحدهما، ثم وجد الخليط المفقود، فتجب الإعادة في الصورتين.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 204

المسألة 669

إذا مات المحرم لم يجز ان يغسل بالكافور، بل يغسل بماء السدر ثم بالماء القراح مرتين، و لم يحنط بالكافور، و لم يقرب إليه أي طيب آخر، إلا إذا كان موته بعد الطواف و السعي في الحج، أو بعد التقصير في العمرة. فيكون له حكم سائر الأموات.

المسألة 670

قد ذكرت لغسل الميت سنن ينبغي مراعاتها، و ان كان بعضها ضعيف السند، فيؤتى به برجاء المطلوبية.

فمن السنن ان يجعل الميت- حال تغسيله- على مكان مرتفع كسرير أو ساجة أو دكة.

و ان يستقبل به القبلة كحالة الاحتضار، بل لا يترك الاحتياط بذلك، و ان يجعل تحت ظلال من خيمة أو سقف، و ان يحفر لغسالته حفيرة أو نحوها، و ان ينزع قميصه من طرف رجليه و ان استلزم فتقه، و لا حاجة الى الاستئذان من الوارث أو وليه- إذا كان قاصرا- و ان يجعل القميص ساترا لعورته، و ان تستر عورة الميت، و ان كان الغاسل و الحاضر ممن يجوز له النظر إليها، و الأفضل تغسيل الميت من وراء الثياب، و ان تلين أصابعه و مفاصله برفق مع إمكان ذلك، و ان تغسل يداه قبل كل واحد من الأغسال الثلاثة الى نصف الذراع ثلاث مرات، و أفضل منه غسلهما الى المرافق، و الاولى ان يكون قبل الغسل الأول بماء السدر، و قبل الثاني بماء الكافور، و قبل الثالث بالماء القراح.

و ان يغسل رأسه برغوة السدر أو الخطمي- و ليؤت بذلك برجاء المطلوبية، و ان يغسل فرجه قبل الغسل الأول بماء السدر و الأشنان، و قبل الغسل الثاني بماء الكافور و الأشنان، و قبل الثالث بالماء القراح، و يجب ان يكون ذلك بلا مماسة و لا نظر في غير

الزوجين و مالك الأمة، و ان يمسح بطنه برفق في الغسل الأول و الثاني، فإذا خرجت منه نجاسة طهر بدن الميت منها الا في المرأة إذا كانت حاملا و مات ولدها في بطنها فيكره مسح بطنها، و ان يبدأ في غسل الرأس من كل غسل بالشق

كلمة التقوى، ج 1، ص: 205

الأيمن منه، و ان يمسح الغاسل بدن الميت عند التغسيل بيده للاستظهار، و ان يغسل الغاسل يديه الى المرفقين، بل الى المنكبين في كل واحد من الأغسال الثلاثة ثلاث مرات، و ان يغسل كل عضو من أعضاء الميت ثلاث مرات في كل واحد من الأغسال الثلاثة، و ان يكون ماء غسله ست قرب، و في بعض النصوص سبع قرب، و ان ينشف بدن الميت بعد الفراغ من غسله بثوب نظيف و شبهه، و ان يشتغل الغاسل حال تغسيله بذكر اللّه و الاستغفار و ان يكرر قوله: رب عفوك عفوك.

المسألة 671

يكره إقعاد الميت حال الغسل، و ان يجعله الغاسل بين رجليه و ان يغسل بالماء الساخن بالنار أو مطلقا الا مع الضرورة، و ان ترسل غسالة غسله الى بيت الخلاء، و ان يتخطى عليه حين تغسيله، و ذكروا انه يكره حلق رأسه أو عانته، و نتف شعر إبطيه، و قص شاربه و قص أظفاره و ترجيل شعره و تخليل ظفره، و لا يترك الاحتياط بترك هذه الأمور الستة جميعا، نعم إذا كثر الوسخ تحت الظفر حتى منع من جريان الماء الواجب وجب تخليله.

المسألة 672

ما يسقط من بدن الميت من شعر أو ظفر أو سن أو جلد أو لحم يجب ان يجعل معه في كفنه و يدفن.

الفصل الرابع و الثلاثون في شرائط غسل الميت

المسألة 673

يشترط في غسل الميت نية القربة، و قد سبق تفصيل الكلام فيها في مبحث شرائط الوضوء، و تكفي نية واحدة للأغسال الثلاثة، و خصوصا بناء على المختار فيها من أنها الداعي، و الأحوط تجديدها لكل واحد من الأغسال، و يصح ان يقوم بالغسل أكثر من مغسل واحد، فيأتي كل واحد منهم بأحد الأغسال، بل يصح ان يقوم واحد بغسل

كلمة التقوى، ج 1، ص: 206

الرأس بماء السدر مثلا، و يأتي الثاني بغسل العضو الثاني من الميت و هكذا مع مراعاة الترتيب، و حينئذ فتجب النية على كل واحد من المغسلين، و إذا كان المغسل واحدا و كان الثاني معينا له وجبت النية على المغسل و الأحوط استحبابا نية المعين.

المسألة 674

يشترط في الماء ان يكون مطلقا، فلا يصح بالماء المضاف، و يشترط ان يكون الماء طاهرا على ما سبق بيانه في مبحث الوضوء و الغسل، و ان يكون الماء مباحا فلا يصح بالمغصوب، و كذلك الظرف و المصب و مكان الغسل و السدة التي يوضع عليها الميت، و السدر و الكافور فلا بد من إباحتها، و لتفصيل ذلك تراجع المسألة الثلاثمائة و الستون. و ما بعدها من فصل شرائط الوضوء.

المسألة 675

تشترط إزالة النجاسة عن بدن الميت، و ان تكون قبل الشروع في غسله على الأحوط احتياطا لا يترك، كما تقدم في المسألة الستمائة و الستين، و لا بد من ازالة كل حاجب أو مانع يمنع من وصول الماء إلى البشرة أو الشعر، و تخليل الشعر إذا كان مانعا من وصول الماء، و الفحص عن المانع إذا شك في وجوده على ما تقدم بيانه في المسألة الثلاثمائة و الثامنة و الخمسين.

المسألة 676

يشترط في المغسل ان يكون مسلما عاقلا اثني عشريا، فلا يصح تغسيل الكافر إلا إذا كان كتابيا و انحصر به المماثل كما سيأتي ذكره، و لا تغسيل المخالف الا مع الانحصار في الصورة المذكورة في الكتابي، و لا تغسيل المجنون إلا إذا كان أدواريا و غسل الميت حال إفاقته.

و اما الصبي فالأقوى صحة تغسيله للميت إذا كان مميزا، و أتى بالغسل على الوجه الصحيح، كما ان الأقوى صحة صلاته على الميت إذا كانت جامعة للشرائط، و يسقط بهما الوجوب عن المكلفين.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 207

المسألة 677

يشترط ان يكون المغسل مماثلا للميت في الذكورة و الأنوثة، فلا يصح تغسيل الذكر للأنثى و لا تغسيل الأنثى للذكر حتى من وراء الثياب و حتى مع عدم اللمس و النظر.

المسألة 678

يستثنى من الحكم بوجوب مماثلة المغسل للميت:

(1): الذكر الذي لا يزيد عمره على ثلاث سنين، فيجوز للمرأة ان تغسله و ان كان مجردا من الثياب، و الأنثى التي لا يزيد عمرها كذلك على ثلاث سنين، فيجوز للرجل ان يغسلها و ان كانت مجردة، سواء وجد المماثل للميت أم لا.

(2): الزوجان، فيجوز لأي منهما ان يغسل الآخر، و ان كان مجردا من الثياب و وجد المماثل، و يجوز له النظر الى عورته على كراهة، سواء كانت الزوجة حرة أم امة، و دائمة أم منقطعة، و بحكمها المطلقة الرجعية إذا لم تنقض عدتها و لم يوجد المماثل للميت، و لا يترك الاحتياط في غير ذلك.

(3) المحارم، سواء كانت من النسب أم الرضاع أم المصاهرة، و الأحوط ان يكون ذلك مع فقد المماثل و ان يكون من وراء الثياب، و يراجع ما ذكرناه في المسألة السادسة و العشرين من كتاب النكاح في تعيين المراد من محارم الرضاع و المصاهرة.

(4) المولى، فيجوز له مع فقد المماثل ان يغسل أمته غير المزوجة و لا المبعضة و لا المكاتبة و لا المحللة للغير، و لا التي في عدة من الغير، و الأحوط الترك مع وجود المماثل.

المسألة 679

إذا لم يوجد مماثل للميت غير كافر أو كافرة من أهل الكتاب، أمره المسلم الموجود غير المماثل بأن يغتسل، ثم يغسل الميت بعد اغتساله، و تكون النية من المغسل و ان كان كافرا، و ان كان الأحوط نية كل من

كلمة التقوى، ج 1، ص: 208

المغسل و الآمر، و ان أمكن ان يكون تغسيل الكتابي له من غير مس للماء أو لبدن الميت أو في ماء معتصم تعين ذلك، و لا يكفى تغسيل غير الكتابي

من الكفار.

و إذا غسله الكتابي على الوجه المتقدم ذكره ثم وجد المماثل المسلم بعد ذلك وجبت اعادة الغسل، و لا بد من تطهير بدن الميت قبل الإعادة إذا كان الكتابي قد باشر البدن أو الماء بأعضائه.

و إذا لم يوجد مماثل للميت غير مخالف في المذهب ليس بناصب و لا خارجي فالحكم كذلك، فيؤمر بالاغتسال على الأحوط ثم التغسيل و يقدم المخالف المذكور على الكتابي إذا وجدا.

المسألة 680

إذا لم يوجد مماثل للميت حتى كتابي أو مخالف سقط وجوب غسله و لف في كفنه و صلي عليه و دفن.

المسألة 681

الخنثى المشكل التي يزيد عمرها على ثلاث سنين يغسلها الرجال أو النساء المحارم لها على الأقوى، فان لم يكن رجال و لا نساء محارم، غسلها النساء الأجانب، و الأحوط استحبابا ان تغسل مرتين من وراء الثياب، مرة من قبل الرجال، و مرة من قبل المحارم، فان فقدت المحارم فمن قبل غيرهن من النساء.

و كذلك الحكم في بدن الميت إذا لم يعلم انه ذكر أو أنثى، و في العضو الذي لم يعلم انه من ذكر أو أنثى.

المسألة 682

يصح تغسيل الميت قبل برده، كما يصح تكفينه و الصلاة عليه و دفنه إلا إذا شك في موته فيجب التأخير.

المسألة 683

إذا مات المجنب أو الحائض أو غيرهما ممن وجب عليه أحد الأغسال في حال الحياة لم يجب تغسيله غير غسل الميت.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 209

المسألة 684

إذا شرع بعض الحاضرين بتغسيل الميت أو بشي ء من اعمال تجهيزه لم تجب على الآخرين المبادرة الى ذلك العمل، فإذا أتم العمل سقط الوجوب عن الجميع، و ان لم يتمه وجب على الآخرين إتمام العمل إذا كان هو الغسل أو الكفن أو الحنوط أو الدفن، و وجبت إعادته إذا كان هو الصلاة.

و إذا شرع البعض في الصلاة على الميت فالأحوط لغيره إذا أراد الشروع فيها ان يكون بقصد القربة المطلقة، و لا سيما إذا علم بأن الأول يتم الصلاة قبله.

المسألة 685

إذا دفن الميت من غير غسل أو ترك بعض أغساله الواجبة سهوا أو عمدا، أو تبين بطلانها أو بطلان بعضها، وجب نبشه لغسله أو تيممه إذا لم يوجب ذلك هتكا لحرمة الميت و لم يوجب حرجا، و كذلك إذا دفن من غير تكفين، و إذا لم يصل عليه لم يجز نبشه لذلك و صلي على قبره.

المسألة 686

لا يبطل غسل الميت بخروج النجاسة منه، و ان كانت بولا أو غائطا أو منيا، سواء خرجت بعد تمام الغسل أم في أثنائه، نعم يجب تطهير البدن منها، و إذا كانت في أثناء الغسل طهر البدن منها ثم أتم الغسل، و كذلك إذا أصابته نجاسة خارجية، فيجب تطهير البدن منها و إذا كانت في الأثناء طهر البدن منها ثم أتم الغسل، بل يجب تطهير الميت من النجاسة حتى بعد وضعه في القبر إذا لم يوجب مشقة و لا هتكا للميت.

المسألة 687

إذا تم غسل الميت طهرت معه الدكة أو السرير اللذين غسل عليهما، و الثوب الذي يكون على الميت حال تغسيله أو الخرقة التي تستر بها عورته و يد الغاسل، نعم إذا كانت الدكة واسعة أكثر مما يتعارف طهر موضع تقليبه منها، و مجرى ماء غسالته و لم تطهر الأطراف غير المتعارفة على الأحوط.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 210

المسألة 688

لا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الميت، و يبطل الغسل إذا كان الداعي لتغسيله هو أخذ الأجرة، بل يبطل إذا كان ذلك بنحو الداعي للداعي، كما إذا كان الداعي للتغسيل هو قصد القربة و كان أخذ الأجرة هو الداعي لهذا الداعي.

نعم يجوز أخذ الأجرة على المقدمات غير الواجبة و الأعمال الأخرى التي تقارن الغسل أو تتقدم عليه.

الفصل الخامس و الثلاثون في تكفين الميت و تحنيطه

المسألة 689

يجب تكفين الميت بعد تغسيله أو تيميمه، سواء كان ذكرا أم أنثى أم خنثى، و كبيرا أم صغيرا، و قد تقدم حكم الشهيد.

و الواجب من الكفن ثلاث قطع:

(1): المئزر، و القدر الواجب منه ما صدق عليه اسم المئزر عرفا، و يستحب ان يكون من سرة الميت الى ركبته، و أفضل منه ما يكون من صدره الى قدمه.

(2): القميص، و الواجب منه- كما في المئزر- ما صدق عليه اسم القميص عرفا، و يستحب ان يكون من منكبي الميت الى نصف ساقه، و أفضل منه ما يكون الى القدم.

(3) الإزار، و الواجب منه ما غطى جميع البدن، و الأحوط أن يكون في طوله بحيث يمكن شد طرفيه فوق الرأس و تحت القدم، و في عرضه بحيث يوضع أحد الجانبين منه على الآخر.

و ما زاد على القدر الواجب من قطع الكفن فالأحوط أن لا يحسب على صغار الورثة، و لا على كبارهم الا برضاهم، و إذا أوصى الميت به فالأحوط احتسابه من الثلث.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 211

المسألة 690

يكفي ان يكون مجموع القطع الثلاث ساترا لبدن الميت، و ان كانت كل واحدة من القطع تحكي ما تحتها، و ان كان الأحوط أن تكون كل واحدة منها ساترة لما تحتها.

المسألة 691

لا يجوز التكفين بالمغصوب حتى في حال الاضطرار، و إذا كفن به وجب نزعه، و سيأتي بيان حكم نبش القبر إذا دفن الميت في الكفن المغصوب، و لا يجوز التكفين بالنجس، و ان كانت النجاسة مما يعفى عنه في الصلاة، و لا بالحرير الخالص، و يجوز بغير الخالص إذا كان الخليط فيه أكثر من الحرير على الأحوط.

المسألة 692

إذا تنجس الكفن وجب تطهيره عن النجاسة، و ان كان تنجسه بعد وضع الميت في القبر، و لو بقرض موضع النجاسة إذا لم يفسد الكفن، فإذا لم يمكن وجب تبديله مع الإمكان.

المسألة 693

لا يجب في تكفين الميت قصد القربة فيصح تكفين الغافل و الناسي و المجنون إذا أتى به على الوجه الصحيح.

المسألة 694

يجب على الزوج كفن زوجته و ان كانت موسرة، سواء كانت الزوجة كبيرة أم صغيرة، و حرة أم أمة، و مدخولا بها أم لا، و دائمة أم منقطعة، و حتى إذا كانت مطلقة رجعية، و سواء كان الزوج كبيرا أم صغيرا، و عاقلا أم مجنونا فيجب على وليه دفع الكفن من مال الطفل أو المجنون، نعم يشكل الحكم في المنقطعة التي تنقضي مدتها قبل التكفين، و في المطلقة الرجعية التي تنقضي عدتها قبل التكفين كذلك.

المسألة 695

يجب على الزوج بذل كفن زوجته و ان كان معسرا أو محجورا عليه، بالاستقراض و نحوه، إلا إذا تعذر عليه البذل أو لزم الحرج.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 212

و إذا أوصت الزوجة بكفنها من مالها لم يسقط الوجوب عن الزوج إلا إذا عمل بوصيتها، و إذا تبرع أحد بكفنها لم يسقط الوجوب عن الزوج إلا إذا كفنت بالفعل.

المسألة 696

لا يترك الاحتياط في مئونة تجهيز الزوجة غير الكفن، بل لا يخلو وجوبها على الزوج من وجه.

المسألة 697

لا يجب على الرجل كفن غير الزوجة من أقاربه و ان كان ممن تجب نفقته عليه، نعم لا يترك الاحتياط في واجب النفقة إذا لم يكن له مال.

المسألة 698

يجب كفن المملوك على سيده، و تجب عليه مئونة تجهيزه، و منه الأمة المحللة لغيره فيجب كفنها و مئونة تجهيزها على السيد لا على من حللت له، و إذا كانت له أمة مزوجة وجب ذلك على زوجها لا على سيدها.

المسألة 699

يخرج الكفن الواجب من أصل تركة الميت، و يقدم على ديونه و وصاياه، و كذلك الواجب من مؤن تجهيزه كالسدر و الكافور، و ماء الغسل، و قيمة الأرض التي يدفن فيها، بل و كذلك ما زاد منها على القدر الواجب إذا كان متعارفا بالنسبة الى ذلك الميت، فيخرج من أصل التركة على الأقوى، و لا يحتاج إلى إجازة الوارث، و لا يختص بحصة كبار الورثة.

و يشكل الحكم في ما يؤخذ على الدفن في الأرض المباحة، و أجرة الحمال و الحفار و نحو ذلك فالأحوط ان يخرج من حصة كبار الورثة برضاهم أو من الثلث.

المسألة 700

لا يجب الاقتصار في الكفن و مؤن التجهيز على ما هو أقل قيمة، بل

كلمة التقوى، ج 1، ص: 213

يجوز أخذ ما هو أغلى قيمة إذا كان متعارفا بالنسبة الى ذلك الميت، و يخرج من أصل التركة و لا يحتاج إلى إجازة الوارث.

المسألة 701

يكفن الميت المحرم كما يكفن غيره من الناس، فلا يحرم تغطية وجهه و رأسه بالكفن.

المسألة 702

إذا كان الميت لا يملك ما يكفن به، لم يجب بذل كفنه على سائر المسلمين، و يجوز ان يكفن من سهم سبيل اللّه من الزكاة، بل هو أحوط، و يجوز أن يعطى ورثته من الزكاة إذا كانوا ممن يستحقها فيصرفوا ذلك في كفنه، و لا يعتبر حينئذ أن يكون من سهم سبيل اللّه.

المسألة 703

يستحب أن تزاد للرجل على الكفن الواجب عمامة، تدار على رأسه و يجعل طرفاها تحت حنكه ثم يلقيان على صدره، الطرف الأيمن على الجانب الأيسر، و الأيسر على الأيمن، و أقل من ذلك في الفضل ما يصدق عليه مسمى العمامة، و أن تزاد للمرأة مقنعة بدل العمامة تلف على رأسها كما تلف المقنعة، و يكفي فيها المسمى، و لفافة يشد بها ثدياها الى ظهرها.

و أن تزاد للرجل و المرأة خرقة تلف على الفخذين، و الأفضل أن يكون طولها ثلاثة أذرع و نصفا في عرض شبر الى شبر و نصف، تشد على الحقوين و تلف على الحقوين و الفخذين لفا شديدا بحيث لا يظهر منهما شي ء إلى الركبتين أو الى حيث تنتهي، و يخرج رأسها من تحت رجليه الى الجانب الأيمن، و تغرز في الموضع الذي لفت فيه الخرقة، و خرقة أخرى يعصب بها وسط الميت، رجلا كان أم امرأة.

و ان تضاف الى الكفن لفافة ثانية، تجعل فوق الإزار الواجب يلف بها الميت، و الأفضل أن تكون بردا يمانيا.

و يستحب أن يجعل القطن بين فخذي الميت تستر به عورتاه، و أن

كلمة التقوى، ج 1، ص: 214

يذر على القطن شي ء من الحنوط، و أن يجعل في دبر الميت و قبل المرأة شي ء من القطن إذا خيف خروج نجاسة منهما.

المسألة 704

تستحب إجادة الكفن، و أن يكون من القطن الأبيض، و أن يكون من خالص المال النقي من الشبهات، و أن يكون مما أحرم الميت فيه أو صلى فيه، و أن يلقى على كل ثوب منه شي ء من الكافور و الذريرة، و لا بأس بمسحه بالضرائح المقدسة من باب التبرك بها، و يغسل بماء الفرات أو بماء زمزم

برجاء المطلوبية، و يخاط الكفن بخيوطه برجاء المطلوبية كذلك، و يستحب أن يجعل الطرف الأيسر من اللفافة على الأيمن من الميت و الطرف الأيمن منها على الأيسر.

و إذا كان المباشر للتكفين محدثا بالأصغر أو بالأكبر استحب له الطهارة منه قبل التكفين من باب المسارعة إلى الخير، و إذا كان هو الغاسل استحب له قبل التكفين أن يغسل يديه الى المرفقين بل الى المنكبين ثلاثا، و أن يغسل رجليه الى الركبتين، و أن يطهر كل ما تنجس من بدنه.

المسألة 705

يستحب للإنسان أن يعد كفنه قبل موته، ففي الحديث: من كان معه كفنه في بيته لم يكتب من الغافلين و كان مأجورا كلما نظر إليه.

المسألة 706

يستقبل بالميت حال تكفينه كما يستقبل به حال الصلاة عليه، فيكون رأسه على يمين المصلي و رجلاه الى يساره.

المسألة 707

يكره تكفين الميت بالسواد، و بالكتان، و أن يجمر الكفن أو يطيب بغير الكافور و الذريرة، و أن تجعل لقميص الميت أكمام أو أزرار، و إذا كفن بقميص ملبوس نزعت منه الأزرار، و تركت فيه الأكمام، و أن تكون العمامة بلا حنك، و أن يماكس في شراء الكفن، و أن يكون وسخا غير نظيف.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 215

المسألة 708

يجب تحنيط الميت، من غير فرق بين أن يكون ذكرا أو أنثى، أو خنثى، و كبيرا أو صغيرا، و حرا أو مملوكا، و التحنيط هو جعل الكافور على مساجد الميت، و هي الأعضاء السبعة التي يجب السجود عليها في الصلاة: الجبهة، و الكفان، و الركبتان، و إبهاما الرجلين، و يستحب أن يضاف إليها طرف الأنف، بل الأحوط عدم تركه.

و يعتبر- على الأحوط- ان يكون ذلك بمسح الكافور على المواضع المذكورة، و لا بد من بقاء شي ء منه على العضو الممسوح، و يستحب مسح أبطئ الميت و لبته و جميع مفاصله و عنقه و لحيته و باطن قدميه و ظاهر كفيه، و كل موضع تكون فيه رائحة كريهة من بدنه، و موضع الشراك من القدمين، و اللبة هي النحر و موضع القلادة، فإذا زاد من الكافور شي ء وضع على صدره.

المسألة 709

يشترط في الكافور ان يكون طاهرا و مباحا، و أن يكون مسحوقا، و أن يكون جديدا فلا يجزي العتيق، و هو الذي زال ريحه.

المسألة 710

يجب أن يكون تحنيط الميت بعد تغسيله أو تيميمه، فلا يكفي قبله، و يجوز أن يكون قبل التكفين و في أثنائه، و بعده، و الأولى ان يكون قبله،

المسألة 711

لا يجوز تحنيط الميت إذا مات و هو محرم بالحج أو العمرة إلا إذا كان موته بعد الطواف و السعي في إحرام الحج، و بعد التقصير في إحرام العمرة كما تقدم في الغسل بالكافور، و لا يسقط وجوب التحنيط عن المعتكف، و عن المعتدة بعدة الوفاة، و ان حرم عليهما تناول الطيب في حياتهما.

المسألة 712

الأحوط أن لا يكون مقدار الكافور في الحنوط أقل من مثقال شرعي،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 216

و هو ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي المعروف، و يستحب أن يكون أربعة دراهم، و أفضل من ذلك أن يكون أربعة مثاقيل شرعية، و أفضل من جميع ذلك أن يكون مقداره سبعة مثاقيل صيرفية.

المسألة 713

لا يجب أن يبدأ في التحنيط بالجبهة، و ان كان هو الأحوط، و يتخير في ما عدا الجبهة من المساجد بين تقديم ما شاء منها و تأخير ما شاء.

المسألة 714

لا يقوم مقام الكافور شي ء آخر، فإذا تعذر وجود الكافور سقط وجوب الحنوط.

المسألة 715

يكره أن يدخل الكافور في عين الميت أو أنفه أو أذنه أو يوضع على وجهه.

المسألة 716

يستحب أن يخلط الحنوط بشي ء من تربة الحسين (ع) على وجه لا يخرج به عن اسم الكافور، و ينبغي أن يجتنب وضع المخلوط بها على المواضع التي تنافي الاحترام كابهامي الرجلين و باطن القدمين و ظاهرهما و أمثال ذلك.

المسألة 717

يستحب استحبابا مؤكدا وضع جريدتين خضراوتين مع الميت، و لا يختص استحبابهما بالكبير أو الصغير أو المحسن أو المسي ء، ففي الحديث عن الامام الصادق (ع) أنها تنفع المؤمن و الكافر، و في الصحيح عن الامام الباقر (ع): أنه يتجافى عنه (يعني عن الميت) العذاب و الحساب ما دام العود رطبا.

المسألة 718

يتعين أن تكونا من النخل مع الإمكان، فان لم يتيسر ذلك فمن

كلمة التقوى، ج 1، ص: 217

السدر أو الرمان يتخير بينهما، فان لم يوجد فمن شجر الخلاف، و الا فمن أي عود رطب، و لا تكفي الجريدة اليابسة.

المسألة 719

يستحب أن يكون طول الجريدة بمقدار ذراع، و دونه في الفضل أن يكون بمقدار عظم الذراع، و دونه بمقدار شبر.

و الأولى أن توضع إحداهما في الجانب الأيمن للميت من ترقوته الى ما بلغت ملصقة ببدنه، و الأخرى في الجانب الأيسر منه، فوق القميص تحت اللفافة، من الترقوة الى ما بلغت، و قد نقلت في الأخبار لوضعها كيفيات أخرى، و لا بأس بالجميع، فإذا نسيت أن توضع مع الميت في كفنه وضعت معه في القبر فان تركت لنسيان أو غيره وضعت على القبر.

الفصل السادس و الثلاثون في الصلاة على الميت

المسألة 720

تجب الصلاة على كل ميت مسلم، سواء كان عادلا أم فاسقا، و شهيدا أم غيره، حتى مرتكب الكبائر، و قاتل نفسه، و حتى المخالف في مذهبه على الأحوط، إذا لم يكن ناصبيا و لا خارجيا أو غاليا، و تجب على أطفال المسلمين إذا بلغوا ست سنين، و لا تجب على من كان عمره أقل من ذلك، و في استحباب الصلاة عليه تأمل، نعم، لا بأس بالإتيان بها برجاء المطلوبية.

و لا تجوز الصلاة على الكافر بجميع أقسامه حتى المرتد إذا مات بغير توبة، و من حكم بكفره من الفرق المنتسبة إلى الإسلام.

المسألة 721

يشترط في صحة الصلاة أن يكون المصلي مؤمنا، فلا تصح من غير المؤمن، نعم إذا صلى على المخالف أهل مذهبه على طريقتهم سقط الوجوب بذلك عمن حضر من المؤمنين.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 218

و يشترط أن تكون بإذن ولي الميت- على ما تقدم ذكره في أحكام الأموات- فلتراجع المسائل المتعلقة بذلك من فصل أحكام الأموات.

المسألة 722

يشترط أن تكون الصلاة بعد إتمام التغسيل و التكفين، فلا تصح إذا وقعت قبل ذلك، و تجب اعادتها و ان صليت في أثناء التكفين عمدا أو جهلا أو سهوا.

نعم لا تسقط الصلاة على الميت الذي تعذر تغسيله و تيميمه، أو تعذر تكفينه، أو تعذر كلاهما، فيصلي عليه، و إذا كان عاريا وجب ستر عورته قبل الصلاة و لو بالحشيش و المدر و التراب، فان لم يمكن ذلك خارج القبر، وضع في القبر كما يوضع خارج القبر للصلاة، و سترت عورته بالتراب و نحوه و صلي عليه، فإذا تمت الصلاة جعل على هيئة الدفن و دفن.

المسألة 723

الميت الذي يتعذر فيه بعض الواجبات لا تسقط فيه الواجبات الممكنة حسب المستطاع، فإذا أمكنت الصلاة عليه من غير دفن صلي عليه و ترك، و إذا أمكن دفنه بغير غسل أو بغير كفن، أو بغيرهما معا، صنع به ما يستطاع.

المسألة 724

يجب أن تكون الصلاة على الميت قبل دفنه، فلا يجوز تأخيرها اختيارا، و إذا لم يصل على الميت حتى دفن، أو علم بعد دفنه ببطلان الصلاة عليه، وجب أن يصلى على قبره، و لم يجز نبشه لذلك، و إذا صلي على قبر الميت لأحد الوجهين المذكورين، ثم اتفق أن نبش القبر و أخرج الميت منه لبعض الأسباب، فالأحوط إعادة الصلاة عليه قبل الدفن.

المسألة 725

يصح أن تصلى على الميت صلوات متعددة دفعة واحدة، مع مراعاة الشرائط و الواجبات، فيقوم على الجنازة أشخاص متعددون، و يصلون

كلمة التقوى، ج 1، ص: 219

عليه فرادى في وقت واحد، و ينوون الوجوب، بل يقوم على الجنازة أئمة متعددون، و مع كل واحد منهم جماعة تقتدي به، فتصلي على الميت أكثر من جماعة في وقت واحد، نعم تشكل نية الوجوب لمن علم أو اطمأن بأنه لا يفرغ من الصلاة قبل الآخرين، و الأحوط- في هذه الصورة- أن ينوي القربة، بل الأحوط ذلك مع الشك أيضا.

المسألة 726

يجوز لولي الميت أن يصلي على ميته من غير أن يستأذن من الأولياء الآخرين إذا كانوا من أهل مرتبة واحدة، و يجوز أن يقتدى به في الصلاة من غير اذن كذلك إذا كان موضعا للقدوة.

و يجوز للولي أن يباشر تغسيل ميتة أو تكفينه أو بعض الأعمال الأخرى من تجهيزه أو جميعها من غير إذن الأولياء الآخرين.

المسألة 727

يجوز للمرأة أن تصلي على الميت إذا كانت ولية له أو أذن لها ولي الميت بذلك، سواء كان الميت رجلا أم امرأة، كما يصح لها أن تغسل الميت في الصورتين مع وجود الشرائط.

المسألة 728

تستحب الصلاة على الميت جماعة، و لا بد في الإمام من اجتماع شرائط الإمامة في الصلاة اليومية، فيجب أن يكون بالغا عاقلا طاهر المولد، مؤمنا، عدلا، و أن يكون رجلا إذا كان المأمومون رجالا.

و لا بد من اجتماع شرائط الجماعة، فيجب ان لا يكون حائل يمنع المشاهدة بين الامام و المأمومين، و لا بين المأموم و المأمومين الآخرين الذين يكونون واسطة في اتصاله بالإمام، و أن لا يكون مكان الإمام أعلى من المأمومين، و أن لا يكون الامام قاعدا مع قيام المأمومين، و ان لا يكون بعد ينافي وحدة الجماعة و اتصالها بين الامام و المأمومين أو بين المأمومين بعضهم مع بعض، و ان لا يتقدم المأموم على الإمام في الموقف، و سيجي ء تفصيل جميع ذلك في شرائط صلاة الجماعة ان شاء اللّه تعالى.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 220

المسألة 729

إذا علم المأموم أو اطمأن بأنه لا يفرغ من الصلاة قبل امامه أو شك في ذلك فالأحوط له أن ينوي القربة في صلاته، و لا يقصد الوجوب.

المسألة 730

يتأخر المأموم عن الإمام في الموقف و ان كان واحدا، و يكره له ان يقف الى جنبه.

المسألة 731

لا يتحمل الإمام شيئا عن المأمومين في الصلاة على الجنازة فعليهم أن يأتوا بجميع التكبيرات و الأذكار.

المسألة 732

يصح للمرأة أن تؤم النساء إذا توفرت فيها شرائط الإمامة، و تقوم في صفهن على الأحوط و لا تتقدم عليهن.

المسألة 733

تقف المرأة إذا اقتدت بالرجل خلف الرجال، و يستحب أن تقف الحائض بين النساء في صف وحدها.

المسألة 734

إذا كبر المأموم قبل الإمام في التكبير الأول، جاز له أن يقطع صلاته و يجدد التكبير مع الامام، و يجوز له أن يتم صلاته منفردا إذا تمت شروط الانفراد.

و إذا كبر قبل الإمام في غير التكبير الأول جاز له أن يصبر حتى يكبر الإمام فيقرأ معه الدعاء و لا يعيد التكبير، و يجوز له أن يتم صلاته منفردا، و انما يصح له الانفراد في هذه الصورة و في سابقتها إذا كان محاذيا للجنازة و لم يكن بينه و بينها حائل و لا بعد مانع.

المسألة 735

يجوز للمأموم أن يدخل في أثناء صلاة الإمام، فيكبر و يأتي بالشهادتين

كلمة التقوى، ج 1، ص: 221

ثم يكبر مع الامام، و يأتي بالصلاة على النبي و آله، و هكذا على الترتيب فإذا فرغ الامام من صلاته أتى هو بباقي تكبيراته و ادعيتها حتى يتم صلاته، فان لم يمهلوه جاز له أن يأتي بالتكبير ولاء، و الأفضل أن يأتي بالدعاء و لو مخففا.

الفصل السابع و الثلاثون في كيفية الصلاة على الميت

المسألة 736

كيفية الصلاة على الميت أن يكبر عليه خمس تكبيرات، يتشهد الشهادتين بعد التكبيرة الأولى، و يصلي على النبي و آله (ص) بعد الثانية، و يدعو للمؤمنين و المؤمنات بالغفران بعد الثالثة، و يدعو للميت بعد الرابعة، و ينصرف بعد الخامسة.

و قد وردت في النصوص صيغ كثيرة للأدعية المذكورة، و لا يلزم الإتيان ببعض ما ورد، بل يجوز للمصلي أن يأتي بأي دعاء شاء إذا كان يشتمل على ما ذكر، فيجزيه أن يقول بعد النية و التكبيرة الأولى: (أشهد أن لا إله إلا اللّه و أن محمدا رسول اللّه)، و يقول بعد التكبيرة الثانية:

(اللهم صل على محمد و آل محمد)، و يقول بعد التكبيرة الثالثة: (اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات)، و يقول بعد التكبيرة الرابعة: (اللهم اغفر لهذا الميت)، و ينصرف بعد التكبيرة الخامسة.

المسألة 737

الأولى أن يكبر التكبيرة الأولى ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له إلها واحدا أحدا، صمدا فردا حيا قيوما دائما أبدا لم يتخذ صاحبة و لا ولدا، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله أرسله بالهدي و دين الحق ليظهره على الدين كله، و لو كره المشركون.

ثم يكبر الثانية، و يقول بعدها: (اللهم صل على محمد و آل محمد، و بارك على محمد و آل محمد، و ارحم محمدا و آل محمد، أفضل ما صليت

كلمة التقوى، ج 1، ص: 222

و باركت و ترحمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنك حميد مجيد، و صل على جميع الأنبياء و المرسلين).

ثم يكبر الثالثة و يقول بعدها: (اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات الأحياء منهم و الأموات، تابع اللهم بيننا و بينهم بالخيرات انك على كل شي ء

قدير).

ثم يكبر الرابعة و يقول بعدها: (اللهم ان هذا المسجى قدامنا عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك، نزل بك و أنت خير منزول به، اللهم انك قبضت روحه إليك و قد احتاج الى رحمتك، و أنت غني عن عذابه، اللهم انا لا نعلم منه الا خيرا و أنت أعلم به منا، اللهم ان كان محسنا فزد في إحسانه، و ان كان مسيئا، فتجاوز عن سيئاته و اغفر لنا و له اللهم احشره مع من يتولاه و يحبه، و أبعده ممن يتبرأ منه و يبغضه اللهم ألحقه بنبيك و عرف بينه و بينه، و ارحمنا إذا توفيتنا يا إله العالمين، اللهم اكتبه عندك في أعلى عليين، و اخلف على عقبه في الغابرين، و اجعله من رفقاء محمد و آله الطاهرين و ارحمه و إيانا برحمتك يا ارحم الراحمين).

فإذا فرغ من الصلاة قال (رَبَّنٰا آتِنٰا فِي الدُّنْيٰا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنٰا عَذٰابَ النّٰارِ).

فإذا كانت الميت امرأة قال: (اللهم ان هذه المسجاة قدامنا أمتك و ابنة عبدك) و أتى بضمائرها مؤنثة.

و إذا كان الميت مستضعفا، قال بعد التكبيرة، الرابعة: (اللهم اغفر لِلَّذِينَ تٰابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذٰابَ الْجَحِيمِ، رَبَّنٰا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنّٰاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ، وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبٰائِهِمْ وَ أَزْوٰاجِهِمْ وَ ذُرِّيّٰاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

و إذا كان مجهول الحال قال بعد الرابعة و بعد ذكر الميت: اللهم ان كان يحب الخير و أهله فاغفر له و ارحمه و تجاوز عنه.

و إذا كان طفلا قال: اللهم اجعله لأبويه و لنا سلفا و فرطا و أجرا.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 223

المسألة 738

إذا ترك بعض التكبيرات عامدا بطلت صلاته و وجبت الإعادة،

و كذلك إذا تركها ساهيا و لم يتذكر الا بعد فوات الموالاة، و إذا تركها ساهيا و تذكر قبل فوات الموالاة وجب عليه الإتمام، و لا يكفي أقل من خمس تكبيرات إلا للتقية أو يكون الميت منافقا فيكبر أربعا.

المسألة 739

يجوز أن يقرأ القرآن و بعض الأدعية الأخرى في الصلاة إلا إذا محيت بها صورة الصلاة.

المسألة 740

ليس في صلاة الجنازة أذان و لا اقامة و لا تكبيرات افتتاح، و لا قراءة فاتحة، و لا ركوع و لا سجود، و لا تشهد و لا تسليم، و تبطل الصلاة إذا أتى بشي ء من ذلك بقصد الجزئية للصلاة، و تبطل به إذا كان ماحيا لصورة الصلاة.

المسألة 741

إذا شك في عدد التكبير بنى على الأقل، حتى إذا كان مشغولا بدعاء التكبيرة الثانية أو الثالثة مثلا و شك في ما قبلها على الأحوط.

المسألة 742

يجب في صلاة الميت قصد القربة على نحو ما تقدم في مبحث النية في الوضوء و غيره، و أن يعين فيها الميت، و يكفي أن يكون على وجه الاجمال، و أن يكون المكان مباحا، و أن يوضع الميت مستلقيا على قفاه، و أن يكون رأسه الى يمين المصلي و رجلاه الى يساره، و أن يكون الميت حاضرا، فلا تصح الصلاة على الغائب و ان كان في البلد، و أن يكون المصلي خلف الميت و محاذيا له، الا إذا طال صف المأمومين فخرج بذلك عن محاذاة الميت، و أن لا يكون بينه و بين الميت حائل من ستر أو جدار و نحو ذلك، و ليس من الحائل أن يكون الميت في تابوت و شبهه، أو توضع عليه بعض الستائر، و أن لا يكون بعيدا عن الميت بحيث لا يصدق

كلمة التقوى، ج 1، ص: 224

معه الوقوف عند الميت الا مع اتصال الصفوف في الجماعة و ان تكثرت، و الا في المصلي مع تعدد الجنائز كما يأتي بيانه، و أن لا يكون أحدهما أعلى من الآخر علوا مفرطا، و أن تكون الصلاة بإذن الولي، و أن تكون بعد التغسيل و التكفين و التحنيط، و ان يكون الميت مستور العورة إذا لم يكن مكفنا، و أن يكون المصلي مستقبلا للقبلة، و أن يكون قائما مع القدرة، و مستقرا في قيامه، و مستقلا فيه كما في القيام في الصلوات الواجبة الأخرى على الأحوط في كثير مما ذكرنا في المسألة.

المسألة 743

لا يترك الاحتياط في اعتبار أن يكون المصلي مباح اللباس مستور العورة حال الصلاة، و أن يترك التكلم و السكوت الطويل و نحوهما مما يعد ماحيا لصورة الصلاة في نظر

المتشرعة، بل الأقرب البطلان في ما يعد ماحيا لها.

المسألة 744

لا يشترط في صلاة الميت أن يكون المصلي متطهرا من الحدث و الخبث، فتصح صلاته و ان كان محدثا بالحدث الأكبر أو كان ثوبه أو بدنه نجسا.

المسألة 745

لا تكفي الصلاة على الميت جالسا مع وجود من يقدر على الصلاة قائما، و ان كان الذي صلى عليه عاجزا عن القيام، بل الأقوى عدم صحتها، و كذلك إذا صلى عليه قائما ثم طرأ له العجز فأتم صلاته جالسا.

و إذا لم يجد من يقدر على القيام أو اعتقد بذلك فصلى جالسا ثم حضر من يمكنه القيام وجبت الإعادة، و كذلك إذا صلى العاجز ثم تجددت له القدرة على القيام قبل دفن الميت، فتجب الإعادة في جميع هذه الفروض.

المسألة 746

تصح الصلاة إذا كان المصلي في مكان مباح و ان كان مكان الميت مغصوبا.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 225

المسألة 747

يجوز التيمم لصلاة الميت و ان كان الماء موجودا إذا خاف فوت الصلاة عليه ان هو توضأ أو اغتسل، و إذا كان الماء موجودا، و أمكن له إدراك الصلاة، و أراد التيمم أتى به برجاء المطلوبية.

المسألة 748

لا يسقط عن المكلف وجوب الصلاة إذا شك في ان غيره صلى على الجنازة أم لا، و إذا علم بصلاة غيره عليها سقط عنه الوجوب، و ان شك في صحة تلك الصلاة بنى على صحتها، و إذا علم بفساد الصلاة وجبت عليه اعادتها و ان كان المصلي قاطعا بالصحة.

المسألة 749

يجوز تكرار الصلاة على الميت و لا كراهة في ذلك إذا كان الميت من أهل العلم و الشرف في الدين، و يكره في ما سوى ذلك.

المسألة 750

إذا حضرت الجنازة في وقت الفريضة الحاضرة، فالأفضل تقديم الفريضة الحاضرة و ان لم تكن في وقت الفضيلة، و إذا خيف على الميت من الفساد بتأخير صلاته قدمت الصلاة عليه و ان كانت في وقت فضيلة الحاضرة.

المسألة 751

إذا حضرت جنازتان جاز للمكلف أن يصلي على كل واحدة منهما صلاة منفردة، و يصح له أن يجمعهما في صلاة واحدة، و يأتي بالوظائف المشتركة، فإذا كبر التكبيرة الرابعة، قال: (اللهم ان هذين الميتين عبداك و ابنا عبديك و ابنا أمتيك.) و أكمل الدعاء مع تثنية الضمائر.

المسألة 752

إذا اجتمعت جنائز متعددة، فالأولى أن يصلي على كل واحدة منها صلاة منفردة، و إذا أراد أن يجمعها في صلاة واحدة جاز له أن يضع

كلمة التقوى، ج 1، ص: 226

الجميع أمامه بعضها الى جنب بعض و وقف محاذيا للجميع، و الأولى أن يجعل الذكر أقرب الى المصلي من الأنثى و ان كان صبيا أو مملوكا، و الحر أقرب إليه من العبد.

و يجوز له أن يجعل الجنائز صفا واحدا مدرجا، فيجعل رأس كل ميت عند ألية الآخر و يقف المصلي في وسط الصف، و إذا كبر الرابعة أتى بالدعاء لهم جميعا، فيثني الضمير أو يجمعه، و يذكره أو يؤنثه حسب ما يناسب المقام.

و قد تؤدي هذه الكيفية- إذا تكثرت الجنائز- الى ان يكون بعضها خلف المصلي، فالأحوط في هذه الصورة ترك هذه الكيفية.

المسألة 753

يستحب أن يكون المصلي على طهارة من الحدث الأصغر و الأكبر بأن يتوضأ أو يغتسل، و قد تقدم جواز التيمم لهذه الصلاة و ان كان الماء موجودا، إذا خاف المكلف فوت الصلاة ان هو توضأ أو اغتسل، و إذا أراد التيمم مع وجود الماء و إمكان إدراك الصلاة أتى به برجاء المطلوبية.

و يستحب أن يقف المصلي إذا كان إماما أو منفردا عند وسط الرجل، و عند صدر المرأة، و لا يبعد إلحاق الصبي بالرجل و الصبية بالمرأة في ذلك، و ان يخلع المصلي حذاءه، و أن يرفع يديه بالتكبير، من غير فرق بين التكبيرة الأولى و غيرها، و أن تكون الصلاة جماعة، و أن يجتهد المصلي في الدعاء للميت بل للمؤمنين.

المسألة 754

ذكر الفقهاء للصلاة على الميت آدابا أخرى، منها: ان يكون المصلي قريبا من الجنازة بحيث لو هبت الريح وصل ثوبه إليها.

و منها أن يختار الموضع المعتاد للصلاة، فإنه مظنة اجتماع الناس و كثرة المصلين.

و منها أن يرفع الامام صوته بالتكبير و الأدعية و أن يسر المأموم.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 227

و منها أن يرفع المصلي يديه عند الدعاء للميت، و لا بأس بالإتيان بما ذكروه رجاء، لا بقصد الخصوصية و الورود.

الفصل الثامن و الثلاثون في التشييع

المسألة 755

يستحب لذوي الميت و قرابته أن يعلموا المؤمنين بموت أخيهم ليشهدوا جنازته و يصلوا عليه و يستغفروا له، و يستحب للمؤمنين الحضور لتشييعه، و قد وردت في فضله و الحث عليه الأخبار الكثيرة.

فعن الرسول (ص): أول تحفة المؤمن أن يغفر له و لمن تبع جنازته.

و عن الامام الباقر (ع): إذا دخل المؤمن قبره، نودي: الا ان أول حبائك الجنة، الا و أول حباء من تبعك المغفرة.

و عنه (ع): من تبع جنازة مسلم أعطي يوم القيامة أربع شفاعات، و لم يقل شيئا إلا قال الملك و لك مثل ذلك.

و عن الامام الصادق (ع): من شيع جنازة مؤمن حتى يدفن في قبره و كل اللّه به سبعين ملكا من المشيعين يشيعونه و يستغفرون له إذا خرج من قبره الى الموقف.

و ليس للتشييع حد، فعن أبي جعفر (ع) انما هو فضل و أجر، فبقدر ما يمشي مع الجنازة يؤجر للذي يتبعها.

المسألة 756

يستحب لمن استقبل جنازة أو رآها أن يقول: اللّه أكبر، هذا ما وعدنا اللّه و رسوله و صدق اللّه و رسوله، اللهم زدنا ايمانا و تسليما. الحمد للّه الذي تعزز بالقدرة و قهر العباد بالموت. و أن يقول: الحمد للّه الذي لم يجعلني من السواد المخترم.

و يستحب أن يحمل الجنازة على الكتف، و أن يقول إذا حمل الجنازة:

بسم اللّه و باللّه و صلى اللّه على محمد و آله، اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 228

و يستحب أن يكون المشيع ماشيا، و يكره له الركوب، و يستحب أن يكون خاشع القلب، و أن يحضر في قلبه ذكر الموت و التفكر في مآله.

و لا كراهة في المشي أمام جنازة المؤمن بل يستحب، و ان كان المشي

معها أفضل منه، و المشي خلفها أفضل من الجميع.

و يستحب أن يحمل الجنازة من جوانبها الأربعة، فيبدأ بالمقدم من يمين الميت فيحمله على عاتقه الأيمن، ثم ينتقل إلى المؤخر منه فيحمله على عاتقه الأيمن، ثم ينتقل إلى المؤخر من يسار الميت فيحمله على عاتقه الأيسر، ثم الى المقدم منه فيحمله على عاتقه الأيسر، و ان يقتصد في المشي بدون إسراع و لا إبطاء.

المسألة 757

يكره الضحك و اللعب و اللهو لمن تبع الجنازة، و أن يضع غير صاحب المصيبة رداءه، و أن يضرب المصاب أو غيره بيده على فخذه أو يضرب يدا على الأخرى، و أن يقول: ارفقوا به، أو استغفروا له، أو ترحموا عليه و أن تشيع النساء الجنازة و ان كان الميت امرأة، و أن تتبع الجنازة بمجمرة أو نار، و إذا مات ليلا فلا بأس بالمصابيح، و يكره القيام إذا مرت به الجنازة و هو جالس.

الفصل التاسع و الثلاثون في دفن الميت

المسألة 758

تجب مواراة الميت في الأرض بمقدار يؤمن معه على جسد الميت من وصول السباع و الكلاب اليه، و يمنع من انتشار رائحته، و لا يكفي وضعه في بناء أو نحوه مع التمكن من دفنه في الأرض و ان حصل به المقصود، و لا تكفي المواراة التي لا تمنع من ذلك مع الإمكان، و ان لم يكن في الأرض سباع أو كلاب يخاف منها، أو إنسان يشم الرائحة، أو كانت الأرض لشدة حرارتها تجفف رطوبات الميت بسرعة فلا تنتشر له رائحة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 229

المسألة 759

يجب أن يدفن الميت على جنبه الأيمن، و أن تستقبل القبلة بوجهه و مقاديم بدنه، و كذلك الحكم في الجسد إذا دفن من غير رأس، و في الرأس وحده، و الصدر وحده، بل في كل عضو من الميت يمكن فيه الاستقبال على الأحوط.

المسألة 760

إذا تعذرت مواراة الميت في الأرض لصلابتها أو نحو ذلك وجب نقله الى حيث يمكن دفنه فان تعذر ذلك، وجبت مواراته في بناء أو تابوت محكم، مما تحصل معه فائدة الدفن.

و إذا مات راكب البحر و تعذر أو تعسر نقله إلى الأرض ليدفن فيها، غسل و كفن و حنط و صلي عليه ثم وضع في خابية و نحوها مما يحفظ جسده، و أوكئ عليه رأسها و ألقي في البحر، فان لم توجد الخابية و شبهها ثقل الميت بحجر أو حديد أو نحوه يوضع في رجله ثم ألقي في البحر، و الأحوط- لزوما مع التمكن- أن يختار الموضع المأمون على الميت من سباع البحر و حيواناته أن تأكله أو تبتلعه بمجرد الإلقاء.

المسألة 761

يجب أحكام القبر بما يوجب حفظ جسد الميت إذا خيف عليه من نبش السباع و نحوها مع الدفن المجرد في الأرض، فيحكم قبره بالبناء و القير و نحوهما مما يوجب له الصيانة و الحفظ، و تخرج مئونة ذلك مع الحاجة إليه، من أصل تركة الميت و كذلك مؤنة ما يحتاج إليه في إلقائه في البحر.

المسألة 762

إذا ماتت المرأة الكافرة، و مات في بطنها طفل من مسلم، وجب أن تدفن على جانبها الأيسر مستدبرة القبلة ليكون الولد في بطنها مستقبلا، سواء كان الولد بنكاح أم شبهه أم ملك يمين، بل و ان كان من الزنا على الأحوط، و كذلك إذا كان ما في بطنها جنينا لم تلجه الروح.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 230

المسألة 763

تجري أحكام المسلم على الطفل المتولد من الزنا إذا كان أبواه مسلمين أو كان أحدهما مسلما على الأحوط.

المسألة 764

يصح الدفن إذا أوقع على الوجه المعتبر و ان لم تقصد به القربة أو كان المباشر للدفن مجنونا أو صبيا أو كافرا.

المسألة 765

يشترط في الدفن إذن ولي الميت كسائر أعمال التجهيز الأخرى.

المسألة 766

لا يجوز أن يدفن المسلم في مقبرة الكفار أو يدفن الكافر في مقبرة المسلمين، و إذا مات مسلم و كافر و اشتبه أحدهما بالآخر، فالأحوط- مع الإمكان دفنهما منفردين عن مقبرة المسلمين و مقبرة الكفار، و منفردين أحدهما عن الآخر، و ان لم يمكن ذلك دفنا في مقبرة المسلمين.

المسألة 767

لا يجوز دفن المسلم في مواضع توجب هتك حرمته كالمزبلة و البالوعة، و مواضع إلقاء النجاسات، و أسمدة الحيوانات و أمثال ذلك.

المسألة 768

لا يجوز الدفن في المكان المغصوب، و لا في الأمكنة الموقوفة لغير الدفن كالمساجد و المدارس و الحسينيات، و الخانات الموقوفة لسكنى الزائرين أو الفقراء.

المسألة 769

يجب دفن كل جزء ينفصل من جسد الميت حتى الشعر و الظفر و السن إذا انفصل منه بعد موته، بل يجب دفنه مع الميت و يجعل معه في كفنه على الأحوط إذا لم يستلزم نبش الميت.

المسألة 770

إذا مات الجنين في بطن أمه و هي حية، وجب التوصل إلى إخراجه

كلمة التقوى، ج 1، ص: 231

بالوسائل الطبية المعدة لذلك، أو غيرها مما يوجب إخراج الطفل و سلامة الأم، و لو بالرجوع الى حذق الأطباء المختصين بذلك عند اقتضاء الضرورة، و كذلك إذا ماتت الأم و الحمل حي في بطنها.

المسألة 771

لا يجوز الدفن في قبر ميت قبل اندراسه و صيرورة الميت الأول رميما، و انما يحرم الدفن فيه لحرمة نبشه، فإذا كان منبوشا، و كانت الأرض مباحة أو موقوفة للدفن جاز دفنه فيه و ان كره.

المسألة 772

يستحب أن يكون عمق القبر إلى الترقوة، و أن يحفر له لحد من جانب القبلة بمقدار يسع الميت في طوله و عرضه إذا أضجع فيه على جنبه، و بمقدار يمكن أن يجلس الرجل فيه في عمقه، أو يشق له وسط القبر شق يسعه كذلك ثم يسقف عليه بعد وضعه فيه.

و يستحب أن توضع الجنازة قبل شفير القبر بأذرع، و يتعوذ حاملها باللّه من هول المطلع، و يصبر هنيئة ثم تنقل قليلا و توضع، و يصبر هنيئة ثم تنقل في الثالثة بترسل و رفق الى القبر، و أن يقول عند النظر الى القبر: (اللهم اجعلها روضة من رياض الجنة و لا تجعلها حفرة من حفر النار)، فإذا كان الميت رجلا وضع في المرة الأخيرة مما يلي الرجلين، ثم يسل من نعشه سلا و يدلي في قبره سابقا برأسه، و إذا كانت امرأة وضعت في المرة الأخيرة في جانب القبلة ثم أنزلت الى القبر عرضا، و أن يغطى القبر بثوب عند إدخال المرأة فيه.

و يستحب أن يقول عند سله من النعش: (بسم اللّه و باللّه و على ملة رسول اللّه (ص) اللهم الى رحمتك لا الى عذابك، اللهم افسح له في قبره، و لقنه حجته و ثبته بالقول الثابت، و قنا و إياه عذاب القبر).

و أن يقول إذا أدخله القبر: (اللهم جاف الأرض عن جنبيه، و صاعد عمله و لقه منك رضوانا).

كلمة التقوى، ج 1، ص: 232

و أن يقول إذا وضعه

في اللحد: (بسم اللّه و في سبيل اللّه و على ملة رسول اللّه (ص)، ثم يقرأ فاتحة الكتاب و المعوذتين، و التوحيد، و آية الكرسي، و يتعوذ باللّه من الشيطان الرجيم.

و ان يحل عقد الكفن بعد وضعه في اللحد، و يبدأ من عند رأسه، و أن يحسر عن خد الميت و يلصقه بالأرض، و يجعل له و سادة من تراب، و يسند ظهره بمدرة و نحوها لئلا يستلقي. و أن يوضع معه شي ء من تربة الحسين (ع)، و تجعل في موضع لا تصيبها النجاسة إذا انفجر الميت.

و أن يقول عند اشراح اللبن: (اللهم صل وحدته و آنس وحشته، و أسكن إليه من رحمتك رحمة تغنيه عن رحمة من سواك)، و أن يقول عند الخروج من قبره: (إِنّٰا لِلّٰهِ وَ إِنّٰا إِلَيْهِ رٰاجِعُونَ- وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ، اللهم ارفع درجته في أعلى عليين، و اخلف على عقبه في الغابرين و عندك نحتسبه يا رب العالمين).

و أن يقول عند إهالة التراب عليه: (ايمانا بك و تصديقا ببعثك، هذا ما وعدنا اللّه و رسوله، و صدق اللّه و رسوله، اللهم زدنا ايمانا و تسليما)، و أن يحثي الحاضرون التراب عليه بظهور الأكف ثلاثا، و يكره لذي الرحم أن يهيل التراب على ميته.

و يستحب أن يسد اللحد باللبن و نحوه.

و يستحب لمن ينزل في القبر لانزال الميت أو لغير ذلك أن يكون مكشوف الرأس محلول الأزرار بلا رداء و لا قلنسوة و لا حذاء، و أن يخرج من قبل الرجلين، و قد ورد انه باب القبر، و أن يكون المتولي لانزال المرأة و اضجاعها في قبرها هو زوجها أو بعض محارمها، ففي الحديث: مضت السنة من رسول اللّه

(ص) ان المرأة لا يدخل قبرها الا من كان يراها في حياتها. يعني من كان يجوز له النظر إليها.

المسألة 773

يستحب تلقين الميت بعد وضعه في اللحد و قبل اشراج اللبن، بل ورد في بعض الروايات استحباب أن يضع الملقن يده اليسرى على ضد الميت الأيسر و يحركه تحريكا شديدا ثم يقول: يا فلان بن فلان.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 233

و ليس في التلقين لفظ مخصوص، بل المقصود أن يلقنه الشهادتين و أسماء الأئمة (ع) واحدا بعد واحد الى آخرهم (ع)، و أن يذكره العقائد الحقة، فيصح أن يلقنه بما يحسن مما يفيد ذلك.

و يحسن أن يلقنه بما ذكره العلماء في كتبهم المعدة لذلك، و منه ما ذكره العلامة المجلسي قده في زاد المعاد أو ما ذكره السيد الطباطبائي اليزدي (قده) في العروة الوثقى.

المسألة 774

يستحب أن يرفع القبر عن الأرض أربع أصابع مضمومة أو مفرجة و أن يربع القبر و أن يجعل مسطحا، بل الأحوط ترك تسنيمه.

و ان يرش عليه الماء فيبتدئ بالرش من الرأس الى الرجل و هو مستقبل القبلة ثم يدور على القبر الى أن يعود إلى الرأس ثم يرش الباقي في وسط القبر، و أن يضع الحاضرون أصابعهم على القبر بعد الرش مفرجات، و يغمزوها عليه حتى يستبين أثرها، و يتأكد ذلك في الهاشمي فيغمزون أصابعهم أكثر.

و أن يقرأ سورة القدر سبع مرات، و يستغفر له، و يقول: (اللهم ارحم غربته و صل وحدته، و آنس وحشته، و آمن روعته و أفض عليه من رحمتك و أسكن إليه من برد عفوك و سعة غفرانك و رحمتك ما يستغني به عن رحمة من سواك و احشره مع من كان يتولاه) و ورد أنه يستحب قراءة ذلك كلما زار قبره.

المسألة 775

يستحب للولي أو من يأذن له ان يلقن الميت بعد الدفن و رجوع المشيعين عن القبر، فيضع فمه عند رأس الميت، و في بعض النصوص أن يقبض على التراب بكفه و يناديه: يا فلان بن فلان، و يلقنه على نحو ما تقدم في التلقين السابق، فقد ورد أن أحد الملكين يقول للآخر:

انصرف بنا عن هذا فقد لقن حجته، و ينصرفان عنه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 234

المسألة 776

يستحب تعزية المصاب، و هي حمله على التصبر و السلو- قبل الدفن و بعده، و هي بعده أفضل، و يكفي منها أن يراه صاحب المصيبة و ان لم يقل شيئا، و ان كانت بالقول الموجب للتسلي أفضل.

و لا حد لمدتها ما دام يصدق عليها اسم التعزية عرفا، و الأولى تركها إذا أدت إلى تجديد حزن المصاب بعد ان نسيه.

المسألة 777

يستحب لجيران أهل الميت و أقربائهم أن يصنعوا لهم الطعام و يرسلوه إليهم ثلاثة أيام، و يكره الأكل عندهم، و قد ورد أنه من عمل أهل الجاهلية.

المسألة 778

يستحب للمصاب أن يصبر على ما نزل به و يحتسب اللّه، و يتأسى بالأنبياء و الأولياء، في ما نزل بهم، و أن يتذكر موت الرسول (ص) فإنه من أعظم المصائب، و ان يكثر من قول (إِنّٰا لِلّٰهِ وَ إِنّٰا إِلَيْهِ رٰاجِعُونَ) كلما تذكر مصيبته.

المسألة 779

يستحب أن تصلى له صلاة الهدية ليلة الدفن، و هي ركعتان يقرأ في الأولى منهما بعد الفاتحة آية الكرسي، و في الثانية بعد الفاتحة سورة القدر عشر مرات، و يقول بعد التسليم: (اللهم صل على محمد و آل محمد، و ابعث ثوابها الى قبر فلان، و الأحوط قراءة آية الكرسي إلى قوله تعالى هُمْ فِيهٰا خٰالِدُونَ، و ان كان الأقوى أن آخرها قوله تعالى (وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).

و وقتها تمام الليل من ليلة الدفن، و ان كان الأولى أن يؤتى بها بعد العشاء، و يكفي أن يأتي بها شخص واحد مرة واحدة، و إذا أتى بها أربعون رجلا فهو أولى، و لكن لا بقصد الورود و الخصوصية.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 235

و إذا أخل بها فقدم و آخر في القراءة أو ترك بعض الآيات منها سهوا أعادها، و ان كانت صحيحة.

المسألة 780

إذا أخذ الأجرة على صلاة الهدية و نسي أن يصليها ليلة الدفن أو أخل بها و لم يعدها، وجب عليه رد الأجرة إلى صاحبها، فان لم يعرفه تصدق بها عن صاحبها.

المسألة 781

إذا تأخر الدفن مدة أخرت صلاة الهدية إلى ليلة الدفن.

المسألة 782

يكره دفن ميتين في قبر واحد، إلا إذا اقتضت الضرورة ذلك، كما إذا تكثرت الموتى و تعسر الحفر لكل واحد منفردا، و منه ما ورد في شهداء أحد و غيرهم، و قد تقدم في المسألة السبعمائة و الحادية و السبعين حكم دفن الميت في قبر ميت آخر، و يكره حمل رجل و امرأة على سرير واحد.

المسألة 783

يكره أن ينزل الوالد في قبر ولده، و يكره نزول اولي الأرحام في قبر قريبهم إذا خيف عليهم الجزع و حبط الأجر، و أن يهيلوا عليه التراب، و أن يجعل على القبر تراب من غير ترابه، أو يطين به، و يكره أن يجصص القبر أو يطين لغير ضرورة أو يكون الميت من الأولياء الذين يتبرك بزيارتهم، و يكره تجديد القبر بعد اندراسه ما عدا قبور الأنبياء و الأوصياء و الأولياء الذين تستنزل البركات بزيارتهم كما تقدم و يكره البناء عليه عدا من ذكر، و أن يجلس أو يتكأ أو يمشى عليه، و يكره الضحك بين القبور و التخلي بينها و تنجيسها، بل يشكل جوازه إذا أوجب الهتك.

المسألة 784

يكره أن ينقل الميت من موضع موته الى بلد آخر ليدفن فيه، الا الى الأماكن المحترمة و المشاهد المقدسة، كالميت يموت بعرفات و شبهها

كلمة التقوى، ج 1، ص: 236

فينقل إلى مكة، و قد نقل بعض العلماء ورود الأخبار الصحيحة الدالة على أن الدفن في الغري يدفع عذاب القبر و سؤال الملكين، بل الظاهر جواز النقل الى مقابر الأولياء و الصلحاء ممن يتقرب الى اللّه بقربهم، و يستدفع البلاء بجوارهم، و لا يبعد استحباب نقل الميت من أحد المشاهد المشرفة إلى آخر لوجود بعض المرجحات الشرعية.

و انما يجوز النقل الى المشاهد أو غيرها إذا لم يوجب ذلك هتكا لحرمة الميت أو أذية المسلمين بانفجار الميت أو انتشار الرائحة منه، فإذا أوجبت ذلك فالظاهر المنع، من غير فرق في ذلك بين أن يكون قبل الدفن أو بعده.

المسألة 785

يجوز البكاء على الميت- حتى مع الصوت- إذا لم يشتمل على ما ينافي الرضا بقضاء اللّه، سواء كان الميت قريبا أم بعيدا، و يستحب البكاء على المؤمن و ان لم يكن رحما، و يكره إذا اقترن ذلك بالجزع و عدم الصبر، بل ورد في بعض الأخبار ان ذلك يوجب حبط الأجر، و لكنه لا يكون محرما إلا إذا اشتمل على ما ينافي الرضا بقضاء اللّه.

و تجوز النياحة على الميت نظما و نثرا إذا لم تتضمن كذبا، أو تشتمل على شي ء من المحرمات الأخرى، أو تقترن بالويل و الثبور، و يجوز أخذ الأجرة عليها، و الأحوط للنائحة أن لا تشارط، و تكره في الليل، و تحرم النياحة إذا اشتملت على شي ء مما تقدم، و يحرم أخذ الأجرة عليها.

المسألة 786

لا يجوز اللطم و الخدش إذا بلغا الى حد الجزع الممقوت شرعا أو أديا إلى ضرر معتد به، و الأحوط تركهما مطلقا، و الأحوط ترك شق الثوب على غير الأب و الأخ، و الصراخ الخارج عن الاعتدال.

المسألة 787

إذا جزت المرأة شعرها في مصيبة وجبت عليها كفارة إفطار شهر

كلمة التقوى، ج 1، ص: 237

رمضان، و إذا نتفته أو خدشت وجهها أو شق الرجل ثوبه لموت زوجته أو ولده وجبت في ذلك كفارة يمين، و هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فان لم يجد صام ثلاثة أيام.

المسألة 788

يحرم نبش قبر المؤمن، بل قبر كل مسلم تجب مواراته على الأحوط، الا إذا علم باندراس الميت و صيرورته رميما، فلا يجوز نبشه إذا بقي عظما بل الأحوط عدم الجواز إذا بقي صورة مجردة تصير ترابا بالحركة و اللمس، و لا يكفي الظن بذلك.

و لا يجوز نبش قبور الصلحاء و الأولياء و الشهداء و ان طالت المدة و علم بالاندراس.

و المناط في صدق النبش أن يحفر القبر بمقدار يتحقق معه هتك حرمة الميت، فإذا استوجب الهتك كان محرما و ان لم يظهر جسد الميت، و الظاهر انه لا يصدق النبش إذا كان الميت مدفونا في سرداب و فتح بابه لدفن ميت آخر فيه، أو لا صلاح بعض نواحيه الأخرى، إذا لم يظهر جسد الميت الأول، فإذا ظهر جسده ففي جواز ذلك إشكال.

المسألة 789

يستثنى من حرمة نبش القبر موارد.

(1): أن يدفن الميت في مكان مغصوب عمدا أو جهلا أو نسيانا، فيجوز نبشه لإخراجه من ذلك المكان إذا أوجب تركه ضررا على المالك، و كذلك إذا كفن بكفن مغصوب أو دفن معه مال مغصوب أو دفن معه مال لورثته أو لغيرهم.

و إذا كان الميت قد أوصى بدفن قرآن أو خاتم معه أو غيرهما، و كانت وصيته جامعة للشرائط وجب العمل بها و لم يجز نبش القبر لإخراج ذلك الشي ء من القبر بل لا يجوز أخذه إذا ظهر بسبب آخر.

(2) أن يدفن الميت في موضع لا يناسب كرامته كالمزبلة و البالوعة أو موضع لتجميع الأسمدة أو النجاسة أو في مقبرة الكفار، أو دفن مع

كلمة التقوى، ج 1، ص: 238

كافر و ان كانت زوجته أو رحمه.

(3): أن يدفن بغير غسل أو بغير كفن، أو يتبين بعد الدفن بطلان

غسله، أو أنه كفن على غير الوجه الشرعي، أو يعلم بأنه قد وضع في القبر الى غير القبلة، فيجب نبشه لتدارك الواجب، إلا إذا كان ذلك موجبا لهتك حرمته فيسقط وجوبه. و قد تقدم في المسألة الستمائة و الخامسة و الثمانين حكم ما إذا دفن بغير صلاة.

(4): أن يتوقف إثبات حق من الحقوق على رؤية جسد الميت، إذا كان ذلك الحق أهم من حرمة النبش أو لزم الضرر من ترك النبش على صاحب الحق و يشكل في ما عدا ذلك.

(5): إذا وجدت بعض أجزاء الميت المنفصلة من جسده بعد موته، و الأحوط لزوما أن ينبش القبر لدفنها مع الميت على وجه لا يظهر الجسد.

(6): إذا خيف عليه في ذلك المكان من عدو، أو من سبع أو سيل، أو تجمع مياه توجب هتك حرمته، فينبش، ليدفن في مكان غيره.

(7): أن ينبش بعد دفنه على الوجه الشرعي لينقل من موضعه الى المشاهد المشرفة، إذا لم يستوجب ذلك هتكا لحرمته، فإذا استوجب الهتك فالظاهر المنع سواء أوصى الميت بذلك أم لم يوص.

المسألة 790

يشكل جواز التوديع المتعارف عند بعض الناس: بأن يوضع الميت في تابوت و يدفن على غير الوجه الشرعي، أو يوضع في موضع و يبنى عليه، ثم يخرج بعد مدة لنقله الى المشاهد المشرفة، بل اللازم مواراته في الأرض على الوجه الشرعي، فإذا أريد نقله إليها نبش و نقل بإذن الولي إذا لم يكن ذلك موجبا لهتك الميت أو لأذية المسلمين كما تقدم.

المسألة 791

تستحب زيارة قبور المؤمنين و التسليم عليهم و قراءة القرآن عند قبورهم، و طلب الرحمة و المغفرة لهم، و يتأكد استحبا بها في يوم الخميس و لا سيما في عصره، و في يوم الاثنين و صبيحة يوم السبت.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 239

و يستحب أن يسلم عليهم فيقول: (السلام على أهل الديار، من المؤمنين و المسلمين رحم اللّه المستقدمين منا و المستأخرين و انا ان شاء اللّه بكم لاحقون).

و يقول: (السلام على أهل لا إله إلا اللّه من أهل لا إله إلا اللّه، يا أهل لا إله إلا اللّه بحق لا إله إلا اللّه كيف وجدتم قول لا إله إلا اللّه من لا إله إلا اللّه، يا لا إله إلا اللّه، بحق لا إله إلا اللّه، اغفر لمن قال لا إله إلا اللّه، و احشرنا في زمرة من قال لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه علي ولي اللّه).

و يستحب فيها قراءة سورة يس، ففي الحديث: (من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف عنهم يومئذ و كان له بعدد من فيها حسنات).

و يستحب أن يجلس عند القبر مستقبل القبلة و يضع يده عليه و يقرأ سورة القدر سبعا، و أن يقرأ كلا من الفاتحة و المعوذتين و آية الكرسي ثلاثا ثلاثا.

الفصل الأربعون في غسل من فرط في صلاة الكسوفين

المسألة 792

إذا فرط المكلف في صلاة أحد الكسوفين مع احتراق القرص كله، فالأحوط وجوب الغسل عليه مع قضاء الصلاة، بل لا يخلو من قوة، و الأحوط أن يأتي بالقضاء بعد الغسل و قبل أن يحدث.

و المراد بالتفريط أن يعلم المكلف بحدوث الكسوف أو الخسوف في حينه، و يترك الصلاة عامدا حتى ينجلي القرص، سواء علم في حينه بأن القرص قد احترق كله أم لم يعلم

بذلك حتى انجلى، و إذا عزم على ترك الصلاة عامدا في أول الكسوف حتى أخذ القرص بالانجلاء ثم أتى بها قبل تمام الانجلاء، لم يجب عليه الغسل و لا يكفي الظن بذلك و لا قول أهل الرصد و الفلك، نعم، إذا حصل له العلم من أقوالهم

كلمة التقوى، ج 1، ص: 240

بالكسوف و بالاحتراق و لم يلاحظ في الوقت، و أصر على ترك الصلاة على كل حال، لزمه الغسل و قضاء الصلاة إذا استبان صدقهم.

و هذا هو الغسل الثامن من الأغسال الواجبة، و قد أشرنا إليه في أول مباحث الأغسال.

الفصل الحادي و الأربعون في الأغسال المندوبة

اشارة

و هي زمانية و مكانية و فعلية

[الأغسال الزمانية:]
[غسل الجمعة.]
المسألة 793

من الأغسال الزمانية: غسل الجمعة.

و هو مستحب استحبابا مؤكدا على الأقوى، و هذا هو المراد من ظواهر بعض الأخبار التي دلت على الإلزام به و وصفته بالوجوب، فلا اثم على تاركه، و لكن يفوته بتركه خير كثير.

و وقته من طلوع الفجر الثاني من يوم الجمعة إلى الزوال، و كلما قرب من الزوال فهو أفضل، و الأحوط لمن يأتي به بعد الزوال الى غروب الشمس من يوم الجمعة: أن ينوي به القربة المطلقة و لا يتعرض لنية الأداء أو القضاء.

و إذا فاته الغسل في يوم الجمعة حتى غربت الشمس، فالأحوط أن لا يقضيه في ليلة السبت، بل يأتي به قضاء في نهار السبت الى غروب الشمس منه، و هو آخر وقت قضائه.

المسألة 794

إذا خاف المكلف: إعواز الماء، أو خاف فوت الغسل عليه في يوم الجمعة لسبب آخر من مرض و غيره، جاز له تقديم غسل الجمعة في يوم الخميس، و يشكل تقديمه ليلة الخميس أو ليلة الجمعة، و لا بأس به برجاء المطلوبية.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 241

و إذا قدم الغسل يوم الخميس ثم تمكن منه في يوم الجمعة قبل الزوال استحبت له إعادته، فان لم يعده استحب له قضاؤه يوم السبت.

و إذا قدمه في الخميس ثم تمكن منه بعد الزوال من يوم الجمعة، لم تستحب له الإعادة، و إذا دار الأمر بين تقديمه يوم الخميس و قضائه يوم السبت استحب له اختيار الأول.

المسألة 795

يستحب غسل الجمعة مؤكدا لكل من الرجال و النساء و الحاضر و المسافر، و من يصلي الجمعة أو الظهر، من غير فرق بين الجميع.

نعم هو في السفر على الرجال آكد منه على النساء.

المسألة 796

يظهر من بعض الأخبار كراهة ترك غسل الجمعة، و في بعضها (عمن تعمد تركه): فان هو فعل فليستغفر اللّه و لا يعود:

المسألة 797

روي عن الامام الصادق (ع): من اغتسل يوم الجمعة للجمعة، فقال: (اشهد ان لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، و ان محمدا عبده و رسوله، اللهم صل على محمد و آل محمد، و اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين) كان طهرا له من الجمعة إلى الجمعة.

المسألة 798

تقدم منا في المسألة الثانية بعد الخمسمائة: أن الظاهر صحة غسل الجمعة من الجنب و من الحائض، بل الظاهر اجزاؤه عن غسل الجنابة، و عن غسل الحيض إذا كان بعد انقطاع الدم.

المسألة 799

إذا أتم غسل الجمعة تحققت به الغاية المقصودة منه و هي الاغتسال في هذا اليوم، فلا يضره وقوع الحدث بعده، سواء كان بالحدث الأصغر أم الأكبر، فلا يحتاج إلى إعادة الغسل، نعم لا بد من الطهارة للصلاة أو لغيرها من الأعمال المشروطة بالطهارة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 242

[أغسال ليالي شهر رمضان،]
المسألة 800

و من الأغسال الزمانية: أغسال ليالي شهر رمضان، فيستحب الغسل في ليالي القدر منه، و هي الليلة التاسعة عشرة، و الحادية و العشرون، و الثالثة و العشرون، و لا سيما في الأخيرتين.

و قد ورد الأمر بالغسل في كل ليلة من ليالي الافراد منه، و في كل ليلة من العشر الأواخر، و في ليلة النصف منه و السابعة عشر، كما ورد الغسل في الليلة الثالثة و العشرين منه مرة أخرى في آخر الليل، و ورد أن يكون الغسل في أول ليلة منه في نهر جار، و يصب على رأسه ثلاثين كفا من الماء، و ورد كذلك أن يغتسل في أول يوم منه في ماء جار، و يصب على رأسه ثلاثين غرفة منه، و لا بأس بالإتيان بجميع ذلك برجاء المطلوبية.

المسألة 801

وقت الغسل في ليالي شهر رمضان هو تمام الليلة، و يتخير بين ساعاتها، إلا في الغسل الثاني من الليلة الثالثة و العشرين فإنه في آخر الليل كما تقدم، و يرجح أن يكون غسل الليالي بين العشاءين، و عن الامام الباقر (ع): الغسل في شهر رمضان عند وجوب الشمس قبيله (أي قبيل الغروب) ثم يصلي ثم يفطر.

[غسل يومي العيدين:]
المسألة 802

و من الأغسال الزمانية: غسل يومي العيدين: الفطر و الأضحى، و وقته من طلوع الفجر الى الغروب على الأقوى، و الأولى أن يأتي به قبل صلاة العيد، و يستحب الغسل أيضا في ليلة الفطر، و يمتد وقته الى الفجر، و الأحوط أن يؤتى به في أول الليل.

و يستحب الغسل في يوم عرفة، و وقته من طلوع الفجر الى الغروب، و الأولى أن يأتي به عند الزوال، و لا يختص استحبابه بمن يكون في عرفات، بل يعم من في سائر الأمصار، و يستحب في يوم التروية و هو الثامن من ذي الحجة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 243

المسألة 803

و رد استحباب الغسل في يوم الغدير و هو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، و الأولى- بل الأحوط- أن يأتي بالغسل قبل الزوال، و ورد كذلك في يوم المباهلة و هو اليوم الرابع و العشرون من ذي الحجة، و في أول شهر رجب و وسطه و آخره، و في ليلة النصف من شهر شعبان، و في السابع عشر من شهر ربيع الأول، و هو يوم المولود، و في يوم النيروز، و لا بأس بالغسل في الأيام المذكورة برجاء المطلوبية.

المسألة 804

إذا أتم الغسل- في أي واحد من الأغسال الزمانية- في وقته المخصوص حصلت به الغاية المقصودة منه، فلا يضره وقوع الحدث بعده كما تقدم في غسل الجمعة، و عليه التطهر من الحدث للأعمال المشروطة بالطهارة كالصلاة و نحوها.

[الأغسال المكانية.]
المسألة 805

القسم الثاني من الأقسام المندوبة: الأغسال المكانية.

و لها أفراد كثيرة، فمنها الغسل لدخول حرم مكة، و الغسل لدخول مكة نفسها، و لدخول الكعبة المكرمة، و قد ذكر الفقهاء أيضا الغسل لدخول المسجد الحرام، و لم نقف على ذكره في النصوص.

و منها الغسل لدخول حرم المدينة، و لدخول المدينة نفسها و لدخول مسجد الرسول (ص)، و وقت الغسل للدخول في هذه الأمكنة قبل الدخول فيها قريبا منه، و يكفيه غسل يومه لليلته، و غسل ليلته ليومه، ما لم يحدث، و ان استحبت له الإعادة و ان لم يحدث.

و يجوز التداخل إذا أراد الدخول في الحرم و الدخول في مكة و في الكعبة في يوم واحد، فيغتسل لجميعها غسلا واحدا، و يكفيه ذلك إذا لم ينتقض.

و كذلك إذا أراد الدخول في حرم المدينة، و الدخول في المدينة و في المسجد النبوي في يوم واحد.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 244

المسألة 806

إذا اغتسل للدخول في بعض الأمكنة المتقدم ذكرها ثم أحدث قبل الدخول في ذلك المكان أعاد الغسل، و إذا اغتسل للدخول في مكانين منها أو أكثر و دخل في بعضها، ثم أحدث قبل الدخول في الباقي كفاه غسله لما دخله، و أعاد الغسل للدخول في الباقي فإذا اغتسل لدخول الحرم و دخول مكة و أحدث بعد الدخول الى الحرم و قبل دخول مكة كفاه غسله لدخول الحرم و أعاد الغسل لدخول مكة، و هكذا إذا اغتسل لدخول مكة و الكعبة، أو لدخول المدينة و حرمها و مسجدها.

[الأغسال الفعلية،]
المسألة 807

القسم الثالث من الأغسال المندوبة: الأغسال الفعلية، و هي على نحوين. الأول: ما يستحب لفعل يريد أن يفعله، أو لأمر يرغب في وقوعه، و له أفراد كثيرة، فمنها، الغسل للإحرام بالحج أو بالعمرة، و للوقوف بعرفات، و للذبح و النحر، و الحلق، و لزيارة أحد المعصومين (ع) من قريب أو بعيد، و لصلاة الحاجة، و صلاة الاستخارة على النهج المذكور في نصوصها، و لعمل أم داود الوارد في الأيام البيض من شهر رجب، و يسمى بعمل الاستفتاح، و للتوبة من الكفر أو من المعصية، و للاستسقاء.

و قد ذكر الغسل في بعض النصوص لبعض الأعمال الأخرى، و لا بأس بالإتيان بما في النصوص المذكورة برجاء المطلوبية.

المسألة 808

وقت هذه الأغسال قبل الشروع في الفعل الذي يريد إيقاعه كما تقدم في الأغسال المكانية، و يكفيه أيضا غسل يومه لليلته و غسل ليلته ليومه ما لم يحدث، و إذا اغتسل ثم أحدث قبل أن يأتي بالفعل الذي اغتسل له أعاد الغسل.

المسألة 809

النحو الثاني من الأغسال الفعلية: ما يستحب لفعل قد صدر منه

كلمة التقوى، ج 1، ص: 245

و له عدة أفراد، فيستحب الغسل إذا قتل الوزغ، و يستحب غسل المولود بعد ولادته، و ظاهر الحديث الوارد فيه أنه كسائر الأغسال المسنونة، فيعتبر فيه قصد التقرب، و الترتيب، و ليس لمجرد ازالة القذر عن الطفل.

و يستحب الغسل لمن سعى عامدا لرؤية المصلوب و رآه، سواء كان ذلك بعد مضي ثلاثة أيام من صلبه أم في أثنائها، و هذا إذا كان المصلوب مظلوما، و كذلك إذا كانت الرؤية بعد الثلاثة في المصلوب بحق، فلا غسل على من اتفق أن رأى المصلوب من غير قصد، أو قصده و رآه لغرض شرعي صحيح كتحمل شهادة أو أدائها، و لا غسل على من قصده و رآه في أثناء الأيام الثلاثة في المصلوب الشرعي.

و قد ذكر استحباب الغسل لمن مس الميت بعد غسله، و للمرأة إذا تطيبت لغير زوجها و غير غرض شرعي صحيح، و للمكلف إذا شرب مسكرا و نام، و لا بأس بالغسل في الموارد المذكورة برجاء المطلوبية.

المسألة 810

تقدم في المسألة الخمسمائة و السادسة و الستين و غيرها: أن جميع الأغسال- و منها الأغسال المندوبة- تكفي عن الوضوء، و ان كان الأحوط للمكلف أن يأتي معها بالوضوء احتياطا لا ينبغي تركه، و الأفضل أن يكون قبل الغسل.

و لا يجري ذلك في الأغسال التي يؤتى بها برجاء المطلوبية، فلا بد معها من الوضوء.

المسألة 811

يكفي غسل واحد لمن عليه أغسال متعددة إذا نوى الجميع، بل و ان نوى البعض إذا كان ما نواه معلوم الاستحباب، و لا يكفي إذا كان مما يؤتى به برجاء المطلوبية.

المسألة 812

إذا لم يتمكن من الماء أو من الغسل جاز له التيمم و كفى عنه في جميع الأقسام المذكورة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 246

الفصل الثاني و الأربعون في مسوغات التيمم

اشارة

المسألة 813 يصح التيمم للمكلف إذا تحقق أحد الأعذار التي تسقط عنه وجوب الطهارة المائية، و تسمى مسوغات التيمم، و هي عدة أمور:

الأول [فقدان الماء]
[المسألة 813]

أن لا يجد المقدار الذي يكفيه من الماء للطهارة الواجبة عليه من وضوء أو غسل، و لا يسقط الحكم بالتيمم وجود المقدار الذي لا يكفي من الماء.

و إذا تيقن بعدم وجود الماء في رحله أو في قافلته أو في الموضع الذي هو فيه، لم يجب عليه الفحص فيه، و إذا احتمل وجوده، و هو في الحضر وجب عليه أن يفحص عنه الى أن يحصل له اليأس من وجوده، و كذلك إذا كان مقيما في البادية أو في برية.

و إذا كان مسافرا كفاه أن يطلب الماء في كل جهة من الجوانب الأربعة رمية سهم واحد إذا كانت الأرض حزنة، و رمية سهمين إذا كانت سهلة، و المراد بالحزنة أن تكون الأرض وعرة، و ان كان ذلك لوجود الأشجار و الأشواك فيها.

و إذا علم بعدم وجود الماء في بعض الجهات من الأرض سقط عنه وجوب الطلب في تلك الجهة، و إذا علم بعدمه في جميع الجهات سقط عنه وجوب الطلب في الجميع.

و إذا علم بوجوده فوق الغلوة و الغلوتين وجب عليه الطلب فيه إذا كان الوقت باقيا، إلا إذا لزم منه الحرج، و إذا شك في وجوده أو ظن لم يجب عليه الطلب أكثر من ذلك، نعم إذا اطمأن بوجود الماء فوق المقدار المذكور، فلا يترك الاحتياط بطلبه حتى يزول الاطمئنان أو يلزم الحرج، و الظاهر أن الأحكام المذكورة تثبت للمسافر العرفي، و ان كان سفره دون السفر الشرعي.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 247

المسألة 814

إذا شهدت البينة العادلة بعدم الماء في بعض الجوانب لم يجب عليه الطلب فيه، و إذا شهدت بعدمه في جميع الجوانب لم يجب عليه الطلب في الجميع، و إذا شهدت بوجود الماء فوق

الرمية و الرميتين وجب الطلب إذا كان الوقت باقيا، إلا إذا لزم منه الحرج.

المسألة 815

تصح الاستنابة في طلب الماء، و يعتبر في النائب أن يكون أمينا موثوقا، و لا يشترط أن يكون عادلا، و يكتفي بنائب واحد عن جماعة، بل يكتفى بطلب الغير إذا أوجب الاطمئنان بعدم الماء، و ان لم يكن ذلك الغير نائبا.

المسألة 816

إذا حضر وقت الصلاة فطلب المكلف الماء على الوجه المتقدم و لم يجد، ثم حضر وقت صلاة أخرى و هو في الموضع نفسه لم تجب عليه اعادة الطلب، إلا إذا زالت عنه حالة اليأس من وجود الماء التي حصلت له بطلبه الأول فيعيد الطلب على الأحوط.

و إذا طلب الماء قبل دخول وقت الصلاة و لم يجد، ثم حضر الوقت فالأحوط له اعادة الطلب إذا احتمل العثور على الماء، و إذا ارتحل عن موضعه ثم دخل الوقت، فلا ريب في وجوب الطلب مع احتمال وجود الماء في هذا الموضع.

المسألة 817

انما يجب طلب الماء إذا كان الوقت متسعا لذلك، فإذا ضاق الوقت سقط وجوب الطلب و تعين التيمم.

المسألة 818

إذا ترك الطلب عامدا حتى ضاق الوقت، تيمم و صحت صلاته، و ان كان آثما بترك الطلب في ما إذا استبان له أنه لو طلب الماء لعثر عليه، و في غير هذه الصورة يكون متجرئا.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 248

المسألة 819

إذا لم يطلب الماء مع احتمال وجوده، و تيمم و صلى و هو في سعة الوقت كانت صلاته باطلة، و لكن إذا تحقق منه قصد القربة في صلاته ثم تبين عدم وجود الماء، فالظاهر صحة الصلاة و الأحوط الإعادة.

المسألة 820

إذا طلب الماء فلم يجد، و تيمم و صلى، ثم تبين له بعد ذلك وجود الماء في محل طلبه أو في رحله أو في قافلته، فان كان الوقت باقيا أعاد الصلاة على الأحوط و ان كان بعد الوقت فلا قضاء عليه.

المسألة 821

إذا اعتقد المكلف بعدم وجود الماء فلم يطلب و تيمم و صلى، ثم استبان له أن الماء موجود بحيث أنه لو طلبه لعثر عليه، فالظاهر وجوب الإعادة عليه إذا استبان له ذلك و هو في الوقت، و وجوب القضاء عليه إذا كان خارج الوقت.

المسألة 822

إذا اعتقد أن الوقت ضيق لا يسع الطلب فتيمم و صلى ثم تبين له بعد الصلاة ان الوقت كان متسعا، فالظاهر صحة تيممه و صلاته، و ان كان الأحوط الإعادة أو القضاء و لا سيما إذا تبين له وجود الماء في الحد الذي يجب فيه الطلب.

المسألة 823

إذا كان عنده من الماء ما يكفيه لوضوئه أو غسله، و دخل عليه وقت الصلاة لم تجز له اراقة ذلك الماء و هو يعلم بعدم وجود ماء غيره، بل لا تجوز له اراقة الماء قبل الوقت في مثل هذه الحال، على الأحوط، و لكنه

كلمة التقوى، ج 1، ص: 249

إذا تعمد فأراق الماء وجب عليه التيمم، في الصورتين مع اليأس من الماء و صحت صلاته و ان أثم بإراقة الماء.

و كذلك الحكم إذا كان على وضوء، و دخل عليه وقت الصلاة فلا يجوز له نقض وضوئه إذا كان يعلم بعدم وجود الماء، بل و لا قبل الوقت على الأحوط، و إذا نقض وضوءه وجب عليه التيمم و صحت صلاته في الصورتين، و ان كان آثما بنقض وضوئه.

المسألة 824

لا يجب عليه الطلب إذا خاف معه على نفسه أو على ماله أو على عرضه من عدو أو سبع أو لص أو ضياع، أو كان فيه حرج و مشقة لا تتحمل.

المسألة 825

إذا كان بعض الجوانب من الأرض حزنا و بعضها سهلا لحق كل جانب حكمه، فيجب الطلب في الحزن غلوة سهم و في السهل غلوة سهمين، و إذا كان الجانب الواحد منها بعضه حزنا و بعضه سهلا لحقه حكم السهلة على الأحوط، فلا بد فيه من الطلب غلوة سهمين.

[الثاني عدم الوصول إلى الماء:]
المسألة 826

الثاني من الأعذار التي يسوغ معها التيمم: ان يكون الماء موجودا و لا يستطيع المكلف الوصول اليه لكبر سن أو مرض أو منع متسلط أو خوف من سبع أو عدو على نفسه أو عرضه أو ماله، أو لكون الماء في بئر و شبهه، و ليس لديه ما يستقي به من دلو و حبل و نحوهما، أو لمنع شرعي، كما إذا كان الماء في إناء مغصوب أو في أرض مغصوبة، و لم يمكن أخذ الماء منهما بصورة مشروعة، كأن يأمر طفلا أو مكلفا جاهلا بالغصب بأن ينقل الماء إليه في إناء مباح، و كذلك في آنية الذهب أو الفضة مع الانحصار بها، و عدم إمكان التفريغ، و يراجع الفصل الثالث عشر في أحكام الأواني.

المسألة 827

إذا أمكن الحصول على الماء بشراء أو اقتراض أو اقتراض عوض،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 250

أو أمكن شراء الآلة التي يستقى بها من البئر أو استيجارها وجب على المكلف ذلك و ان كان بأضعاف عوضه، إلا إذا أوجب ذلك له الحرج فلا يجب.

المسألة 828

إذا وهب الماء له و أهب أو وهب له عوضه الذي يشتريه به وجب عليه القبول، إلا إذا كان في ذلك منة أو مهانة توجبان له الحرج، فلا يجب عليه حين ذاك.

[الثالث الخوف]
المسألة 829

الثالث من مسوغات التيمم أن يخاف على نفسه من استعمال الماء تهلكة أو حصول ضرر يعسر تحمله كحدوث مرض أو تعيب في جسده أو في بعض أعضائه، أو اشتداد مرض أو طول مدته أو تعسر علاجه، حتى الشين- و هي الخشونة التي تكون في البشرة بسبب استعمال الماء البارد في شدة البرد، و التي توجب تشقق الجلد و خروج الدم- إذا بلغت درجة شاقة لا تتحمل عادة.

و المدار أن يحصل له العلم بحدوث أحد المذكورات من استعمال الماء، أو الظن به، أو الاحتمال العقلائي الموجب للخوف، و قد يحصل ذلك من قول طبيب أو اخبار عارف غير متهم، أو تجربة المكلف نفسه أو غير ذلك، فيجب عليه التيمم، و لا يكفي في ذلك حدوث الضرر القليل الذي يتحمله العقلاء، و لا الاحتمال الذي لا يوجب الخوف عندهم.

و إذا علم ان السبب في حدوث هذه المحاذير هو استعمال الماء البارد و أمكن تسخينه وجب عليه ذلك، و لم يجز له التيمم.

المسألة 830

إذا خالف المكلف، فتحمل الضرر و توضأ أو اغتسل، فللمسألة صور و أحكامها تختلف باختلاف صورها.

(الصورة الأولى): أن يكون الضرر الذي يعسر تحمله انما يترتب

كلمة التقوى، ج 1، ص: 251

على المقدمات التي تتقدم على ذيها في الزمان، و ليس على نفس استعمال الماء في الوضوء أو الغسل، كما إذا كان تحصيل الماء موقوفا على سلوك طريق يوجب الوقوع في الضرر المخوف، فإذا تحمله المكلف و حصل على الماء وجب عليه الوضوء منه أو الغسل، و كان صحيحا، سواء وقع في المحذور أم لم يقع.

(الصورة الثانية): أن يكون الضرر مترتبا على المقدمات التي تقارن ذا المقدمة في الوقت، كما إذا كان الاغتراف من الماء ضرريا،

و الحكم بصحة الوضوء أو الغسل في هذه الصورة مشكل فلا بد فيها من الاحتياط.

(الصورة الثالثة): أن يكون الضرر مترتبا على نفس استعمال الماء في الوضوء أو الغسل، ثم انه لا ريب في اختلاف مراتب الضرر يكون شديدا يوجب تحريم تحمله، و تحريم الفعل الذي يكون سببا له، فإذا كان استعمال الماء في الوضوء أو الغسل سببا لهذا النوع من الضرر، فلا ريب في بطلان الوضوء و الغسل إذا أتى بهما المكلف و هذه هي الصورة الثالثة.

(الصورة الرابعة): أن يكون الضرر مترتبا على نفس استعمال الماء في الوضوء أو الغسل، و تكون مرتبة الضرر أخف منها في الصورة الثالثة المتقدمة، فهي لا توجب تحريما، و انما توجب نفي الحكم الإلزامي الذي يكون سببا للضرر، كما هو مفاد قاعدة لا ضرر و لا ضرار و الأقوى صحة الوضوء أو الغسل إذا كان استعمال الماء يوجب الضرر بهذا المقدار.

(الصورة الخامسة): أن لا يكون استعمال الماء في الوضوء أو الغسل سببا للضرر و انما يكون سببا للحرج و المشقة بتحمل ألم البرد مثلا أو تحمل مشقة الشين، و الظاهر صحة الوضوء و الغسل في هذه الصورة أيضا إذا تحمل المكلف الحرج و المشقة، فتوضأ بالماء أو اغتسل و يكفي المكلف في هذه الصورة و في الصورة الرابعة المتقدمة من قصد القربة ان يقصد رجحان الوضوء أو الغسل و محبوبيتهما عند المولى سبحانه.

________________________________________

بصرى بحرانى، زين الدين، محمد امين، كلمة التقوى، 7 جلد، سيد جواد وداعى، قم - ايران، سوم، 1413 ه ق

كلمة التقوى؛ ج 1، ص: 252

كلمة التقوى، ج 1، ص: 252

المسألة 831

إذا اعتقد الضرر باستعمال الماء فخاف منه و تيمم و صلى، ثم تبين له عدم الضرر فيه،

فالظاهر صحة تيممه و صلاته، إلا إذا كان تبين عدم الضرر له قبل الصلاة، فيجب عليه الوضوء أو الغسل.

و إذا اعتقد الضرر به و لم يحصل له الخوف منه، و تيمم و صلى ثم تبين له عدم الضرر فيه، فلا بد من الإعادة أو القضاء.

المسألة 832

إذا اعتقد عدم الضرر باستعمال الماء فتوضأ أو اغتسل و صلى، ثم تبين له وجود الضرر به فلا تترك مراعاة الاحتياط إذا كان الضرر الذي استبان له وجوده مما يحرم ارتكابه، و خصوصا إذا تبين له ذلك قبل دخوله في الصلاة، و إذا كان الضرر الذي استبان له مما لا يحرم ارتكابه، فالظاهر صحة وضوئه أو غسله و صلاته و ان كان الاحتياط بالإعادة.

المسألة 833

إذا خاف الضرر باستعمال الماء و مع ذلك توضأ أو اغتسل، فان كان الضرر الذي خافه بدرجة يجب معه الاحتياط، فالظاهر بطلان وضوئه و غسله، و ان تبين له بعد ذلك عدم الضرر، و ان كان الضرر المخوف مما لا يجب معه الاحتياط فالظاهر صحة الوضوء و الغسل.

و إذا اعتقد الضرر باستعمال الماء و لم يحصل له الخوف منه و توضأ أو اغتسل، فان كان الضرر الذي اعتقد به مما يجوز ارتكابه فالظاهر صحة وضوئه و غسله، سواء انكشف له خلاف اعتقاده بعد ذلك أم لم ينكشف، و ان كان الضرر الذي اعتقد به مما يحرم ارتكابه، فالظاهر بطلان وضوئه و غسله إذا لم يتبين له بعد ذلك عدم الضرر فيه.

و إذا تبين له عدم الضرر فيه فالظاهر صحة الوضوء و الغسل إذا حصل منه قصد القربة فيهما.

المسألة 834

إذا اعتقد عدم الضرر باستعمال الماء و مع ذلك تيمم، ثم تبين له

كلمة التقوى، ج 1، ص: 253

وجود الضرر، فان حصل منه- مع ذلك- قصد القربة، صح تيممه، و الا كان باطلا.

المسألة 835

إذا أجنب الرجل نفسه عامدا مع علمه بأن استعمال الماء مضر، وجب عليه التيمم و لم يجز له الغسل إذا كان الضرر في استعمال الماء مما يحرم ارتكابه، و إذا كان مما يجوز ارتكابه صح منه التيمم و كفى، و إذا تحمل الضرر و اغتسل صح غسله أيضا و كفى، و الأفضل له الغسل في هذه الصورة.

المسألة 836

تقدم منا في المسألة الأربعمائة و الثانية و الأربعين: أنه يجوز للإنسان أن يجامع اختيارا حتى بعد دخول وقت الصلاة، و هو يعلم انه غير قادر على الغسل، فيجب عليه التيمم، و ذكرنا فيها ما يستثنى من ذلك فلتراجع.

[الرابع الحرج:]
المسألة 837

الرابع من مسوغات التيمم: ان يكون تحصيل الماء أو يكون استعماله في الوضوء أو الغسل موجبا للحرج الذي لا يتحمل عادة، و ان لم يكن موجبا للضرر أو خوف الضرر، فيجوز له التيمم كما يجوز له الوضوء أو الغسل كما تقدم.

[الخامس الاحتياج إلى الماء الموجود]
المسألة 838

الخامس من مسوغات التيمم ان يكون المكلف محتاجا للماء الموجود لشربه أو شرب أولاده و عياله أو بعض متعلقيه و أصدقائه، بحيث يخشى عليهم أو على بعضهم التلف من العطش، أو حدوث مرض أو حرج و مشقة لا تتحمل، سواء كان محتاجا لذلك بالفعل أم في ما يأتي.

و يكفي في تسويغ التيمم أن يحتمل ذلك احتمالا يوجب الخوف و الحذر عند العقلاء، فيجب عليه التيمم و حفظ الماء للحاجة، و كذلك إذا خاف على دوابه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 254

المسألة 839

إذا خاف المكلف على نفس محترمة لا ترتبط به بصداقة أو علاقة فالظاهر أن مجرد الخوف عليها من العطش لا يوجب عليه حفظ الماء لها و تسويغ التيمم، الا ان يسبب ذلك له حرجا لا يتحمل عادة كما في بعض ذوي النفوس التي يهمها ذلك، أو يسبب له ضررا ماليا.

نعم إذا وقع الشخص المحترم في عطش مهلك بالفعل، وجب على المكلف دفع الماء اليه لحفظه من الهلاك، و وجب عليه التيمم، و كذلك إذا كان الشخص شديد الاحترام بحيث يجب الاحتياط في حفظه عند خوف تلفه.

المسألة 840

إذا كان لديه ماء طاهر و ماء نجس، لم يجز له أن يشرب الماء النجس أو يسقيه أطفاله أو رفقاءه ليحتفظ بالماء الطاهر لوضوئه و غسله، بل يجب عليه التيمم و حفظ الماء الطاهر لحاجته و حاجتهم.

[السادس الابتلاء بواجب شرعي آخر]
المسألة 841

السادس من مسوغات التيمم: أن يبتلي المكلف بواجب شرعي آخر يوجب صرف الماء الموجود لديه في غير الوضوء و الغسل، كإزالة النجاسة بذلك الماء عن المسجد، أو تطهير مصحف متنجس، أو تطهير ثوب المكلف أو بدنه عن النجاسة فتجب عليه ازالة النجاسة بالماء و يتيمم لصلاته، و ان طهر ثوبه و بدنه بالماء أولا ثم تيمم بعد ذلك كان أولى.

[السابع: ضيق الوقت]
المسألة 842

السابع من مسوغات التيمم: أن يضيق وقت الصلاة عن طلب الماء للطهارة لها، أو عن استخراجه، أو عن تسخينه مع الحاجة اليه، أو عن استعماله، بحيث يلزم من الوضوء أو الغسل وقوع الصلاة أو بعض أجزائها خارج الوقت، فيجب عليه التيمم و إدراك الصلاة في جميع الفروض المذكورة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 255

المسألة 843

إذا شك في سعة الوقت و ضيقة، أو علم بضيقه و شك في أن الباقي منه يكفي لتحصيل الطهارة المائية و الصلاة معها أم لا، فان حصل له من شكه خوف فوت الوقت مع الوضوء أو الغسل انتقل الى التيمم، و ان لم يخف الفوت توضأ أو اغتسل ثم صلى.

المسألة 844

إذا كان جاهلا بضيق الوقت و أن وظيفته التيمم فتوضأ أو اغتسل ثم تبين له ذلك، فان قصد بوضوئه أو غسله امتثال الأمر المتوجه اليه من قبل هذه الصلاة صاحبة الوقت كان وضوؤه أو غسله باطلا، و ان قصد به احدى الغايات الأخرى كالكون على طهارة أو مجموعها، أو أتى به بقصد الرجحان و المحبوبية عند المولى فالظاهر صحتهما و صحة الصلاة بهما.

و كذلك الحكم إذا كان عالما بضيق الوقت و بأن وظيفته التيمم، و لكنه خالف ذلك و توضأ أو اغتسل، فيكون وضوؤه أو غسله صحيحا إذا قصد به الكون على الطهارة أو إحدى الغايات الأخرى أو مجموعها أو المحبوبية عند اللّه، و يكون باطلا إذا قصد به امتثال الأمر المتوجه اليه من الصلاة صاحبة الوقت.

المسألة 845

إذا ضاق وقت الصلاة فتيمم المكلف لها أبيح له أن يأتي بتلك الصلاة التي ضاق وقتها، و لم يجز له أن يصلي بتيممه صلاة أخرى غيرها أو يستبيح به غاية أخرى، و إذا كان جنبا مثلا فلا تصح له- مع هذا التيمم- قراءة العزائم.

المسألة 846

المدار في ضيق الوقت الموجب للانتقال الى التيمم هو: أن يضيق الوقت عن الإتيان بواجبات الصلاة خاصة، مع الوضوء أو الغسل، فإذا كان الوقت كافيا للإتيان بها، وجب عليه الوضوء أو الغسل و الاقتصار

كلمة التقوى، ج 1، ص: 256

عليها، و ان ضاق الوقت عن الإتيان بالمستحبات و عن مثل الإقامة و قراءة السورة.

المسألة 847

تقدم في المسألة الأربعمائة و السابعة و الخمسين: أن الجنب يجوز له أن يدخل المسجد ليأخذ الماء منه و يغتسل به خارج المسجد إذا كان مجرد الدخول و أخذ الماء لا يستلزم مكثا في المسجد، و إذا استلزم ذلك، أو كان دخوله في المسجد بقصد الاغتسال فيه وجب عليه التيمم لدخول المسجد، و لا يبيح له هذا التيمم الا الدخول في المسجد و المكث فيه بمقدار الحاجة.

المسألة 848

تقدم في مبحث الصلاة على الميت: انه يجوز للمكلف التيمم لها و ان كان الماء موجودا، إذا خاف فوت الصلاة عليه ان هو توضأ أو اغتسل، و إذا كان الماء موجودا و أمكن له إدراك الصلاة و أراد التيمم أتى به برجاء المطلوبية.

المسألة 849

يستحب التطهر قبل النوم فقد ورد ان من تطهر ثم أوى إلى فراشه بات و فراشه كمسجده، فإذا كان محدثا بالأصغر و نسي الوضوء، و تذكر حين أوى إلى فراشه استحب له أن يتيمم من دثاره، و يشكل التعدي إلى غيره.

المسألة 850

إذا وجد مقدارا من الماء لا يكفيه لوضوئه أو غسله، فلا عبرة به و لا يسقط عنه وجوب التيمم بذلك، فإذا أمكن خلطه بمقدار من الماء المضاف بحيث يكون كافيا للوضوء أو الغسل، و لا يخرج الماء بذلك عن الإطلاق فلا يبعد وجوب خلطه على النحو المذكور، و إذا خلطه كذلك فلا ريب في وجوب الوضوء أو الغسل به، و لا يكفيه التيمم.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 257

الفصل الثالث و الأربعون في ما يتيمم به

المسألة 851

يصح التيمم بكل ما يسمى أرضا من تراب، أو رمل. أو حجر أو مدر أو صخر أملس، أو غيرها، من غير فرق بين الأبيض منها و الأسود و غيرهما من الألوان، حتى حجر الجص و النورة قبل احراقهما، و لا يعتبر علوقه باليد، و الأحوط مع وجود التراب ان لا يتعدى منه الى غيره، و ان كان ذلك غير لازم المراعاة.

و أما الغبار الذي يكون في الثياب أو البلد أو في الفراش أو في عرف الدابة، فإن أمكن تجميعه بالنفض و نحوه حتى يكون ترابا فهو من القسم المتقدم فيصح التيمم به اختيارا إذا تجمع كذلك، و إذا لم يمكن ذلك لم يتيمم به الا إذا فقد جميع ما تقدم من أقسام وجه الأرض، و يقدم ما غباره أكثر على الأحوط، و إذا كان الغبار في الباطن فالأحوط- ان لم يكن أقوى- إن يثير الغبار أو لا لينتشر على الظاهر ثم يضرب عليه، و هذا كله إذا كان من غبار الأرض، أما غيره فلا يجوز مطلقا، كغبار الدقيق و الرماد، و كذلك الحكم في الطين، فإن أمكن تجفيفه حتى يكون مدرا أو ترابا كان من القسم المتقدم، فيصح التيمم منه اختيارا إذا جفف كذلك، و إذا لم

يمكن تجفيفه لم يتيمم به الا إذا فقد ما تقدم ذكره و فقد الغبار أيضا فيتيمم به حينئذ على ما سيجي ء بيانه.

المسألة 852

لا يجوز التيمم بالمعادن التي خرجت عن اسم الأرض، كالملح و الزرنيخ و القير، و الذهب، و الفضة، و العقيق، و الفيروزج، و لا يجوز التيمم بالرماد و النبات و ان كان هشيما، و لا بالدقيق و النخالة و شبههما.

المسألة 853

لا يجوز التيمم- على الأحوط- بالجص و النورة بعد احراقهما مع وجود غيرهما مما يجوز التيمم به، و لا يجوز بالخزف و الآجر و ان كان

كلمة التقوى، ج 1، ص: 258

مسحوقا على الأحوط كذلك، فإذا لم يوجد غير المذكورات مما يجوز التيمم به، تيمم بأحدها، من الجص أو النورة المحروقين أو الطين المطبوخ، و صلى ثم أعاد الصلاة أو قضاها على الأحوط، و كذلك الحكم في الطين الأرمني، فلا يجوز التيمم به مع الاختيار، فإذا لم يجد غيره تيمم به و صلى ثم قضى الصلاة على الأحوط.

المسألة 854

يجوز التيمم اختيارا بحجر الرحى و حجر السن و غيرهما من الصخور و ان كانت ملساء صلبة، و يجوز التيمم بطين الرأس سواء كان مسحوقا أم لا، كما يجوز التيمم على الحائط المبني باللبن أو الطين أو المطلي به.

المسألة 855

إذا مزج التراب بغيره مما لا يجوز التيمم به، كالتبن و الرماد و غيرهما لم يصح التيمم به، الا إذا كان الخيط مستهلكا في التراب، و كذلك الطين إذا مزج بالتبن و شبهه.

المسألة 856

يجوز التيمم بالأرض الندية و بالتراب الندى إلا إذا كانت النداوة كثيرة يصدق معها اسم الطين عرفا، فلا يتيمم به مع وجود اليابس و الندى.

المسألة 857

إذا تيمم بالطين فلصق بيده، فالأحوط إزالته من يده بفرك و نحوه قبل مسح الوجه و اليدين به، و لا تجوز ازالته بالغسل، و إذا أمكن فرك الطين أو الصبر عليه حتى يجف و يكون ترابا ثم يتيمم به وجب عليه ذلك كما تقدم.

المسألة 858

ظهر مما تقدم أن ما يتيمم يكون على ثلاث مراتب.

(الأولى): ما يسمى أرضا بأقسامه التي تقدم ذكرها، و منه الغبار

كلمة التقوى، ج 1، ص: 259

إذا نفض و تجمع فكان ترابا، و منه الطين إذا جفف فأصبح مدرا أو ترابا.

(الثانية): الغبار إذا لم يمكن جمعه، و انما يصح التيمم به إذا فقدت المرتبة الأولى، و يختص الجواز بغبار الأرض و لا يجوز بغبار الدقيق و شبهه.

(الثالثة): الطين إذا لم يمكن تجفيفه، و انما يجوز التيمم به إذا فقدت المرتبة الأولى و الثانية معا، و المناط في الطين هو صدق اسم الطين عليه عرفا كما تقدمت الإشارة اليه.

و إذا فقد المكلف المراتب الثلاث كلها و كان غير واجد للماء كان فاقدا للطهورين و سيأتي بيان حكمه.

المسألة 859

إذا وجد المكلف ثلجا أو جمدا و أمكنت له إذا بتة و الوضوء به أو الغسل وجب عليه ذلك و لم يجز له التيمم، و كذلك إذا استطاع مسح الأعضاء به حتى يحصل الجريان المعتبر في الوضوء أو الغسل.

و إذا لم تمكن إذا بتة أو لم يمكن استعماله و لا مسح الأعضاء به على النحو المتقدم و لم يجد ماءا غيره وجب عليه التيمم إذا وجد ما يتيمم به من المراتب المتقدمة و لا يجوز له التيمم بالثلج و الجمد، و إذا فقد ما يتيمم به كان من فاقد الطهورين.

المسألة 860

فاقد الطهورين لا يجب عليه أداء الصلاة في الوقت، و يجب عليه قضاؤها إذا وجد الطهور بعد الوقت، و ان كان الأحوط له أداء الصلاة بدون طهور أيضا، و انما يكون المكلف فاقدا للطهورين و يترتب عليه حكمه المذكور إذا فقدهما الى آخر الوقت، فإذا وجد أحدهما في آخر الوقت وجب عليه الأداء، و كذلك إذا وجد أحدهما في أثناء الوقت و علم بأنه يفقدهما بعد ذلك الى آخر الوقت.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 260

المسألة 861

يجب على المكلف تحصيل ما يتيمم به و لو بالشراء و نحوه ما لم يوجب ذلك له الحرج الذي لا يتحمل عادة، فإذا أوجب ذلك سقط وجوبه.

المسألة 862

إذا تيمم بشي ء ثم استبان له أنه مما لا يصح التيمم به، وجبت عليه الإعادة، و إذا صلى بتيممه أعاد الصلاة و قضاها إذا استبان له ذلك بعد الوقت، و كذلك إذا تيمم بالغبار أو بالطين مع وجود المرتبة الأولى.

الفصل الرابع و الأربعون في شرائط ما يتمم به

المسألة 863

لا يصح التيمم بالنجس، سواء كانت نجاسته مسرية أم لا، و سواء كان المكلف عالما بالنجاسة أم جاهلا بها أم ناسيا، فإذا تيمم به كذلك فلا بد من الإعادة.

و إذا لم يجد شيئا طاهرا يتيمم به من المرتبة الأولى انتقل الى الغبار، فان لم يجد غبارا طاهرا انتقل الى الطين، فان لم يجد فهو فاقد الطهورين.

المسألة 864

يشترط في ما يتيمم به- ترابا كان أم غيره- أن يكون مباحا، و يشترط في مكان الشي ء الذي يتيمم به أن يكون مباحا أيضا، إذا كان الضرب عليه يعد تصرفا في مكانه عرفا، و أن يكون الفضاء الذي يتيمم فيه و يحرك فيه أعضاء التيمم مباحا كذلك، فيبطل التيمم إذا كان أحد المذكورات مغصوبا إذا كان المكلف عالما و عامدا و لا يبطل إذا كان جاهلا بالغصبية أو ناسيا لها.

و إذا كان جاهلا بالحكم، فان كان جهله عن تقصير بطل تيممه

كلمة التقوى، ج 1، ص: 261

و وجبت عليه الإعادة، و ان كان عن قصور يعذر فيه صح تيممه كما تقدم في الوضوء.

المسألة 865

يشترط في ما يتيمم به أن يكون غير ممزوج بما لا يصح التيمم به الا إذا كان الشي ء الذي مزج معه مستهلكا، و قد تقدم ذلك.

المسألة 866

من كانت وظيفته التيمم إذا وجد ترابين أو حجرين مثلا و علم بنجاسة أحدهما مع جفافهما و جفاف أعضاء التيمم من الرطوبة المسرية جاز له أن يتيمم بكل واحد منهما، و عليه أن يزيل ما علق بأعضائه من التيمم بالأول، قبل التيمم بالثاني، و الأحوط أن يزيل ما علق بأعضائه من التيمم بالثاني قبل الشروع في الصلاة، و إذا لم يجد غيرهما وجب عليه التيمم بهما كما تقدم.

المسألة 867

إذا وجد شيئين و علم إجمالا بأن أحدهما تراب و الآخر رماد مثلا، و لم يعلم بهما على التعيين، جاز له أن يتيمم بهما معا، فإذا لم يجد غيرهما وجب عليه ذلك.

المسألة 868

إذا وجد شيئين مما يتيمم به و علم أن أحدهما مغصوب وجب عليه أن يجتنبهما معا، فان لم يجد غيرهما يتيمم بالغبار، فان لم يجد فبالطين كما تقدم.

المسألة 869

إذا شك في تراب أو غيره مما يتيمم به أنه نجس أم لا، بنى على طهارته و تيمم به الا إذا علم بنجاسته سابقا فيبني على بقائها، و لا يتيمم به.

المسألة 870

يجوز للمكلف المسجون في مكان مغصوب أن يتوضأ في ذلك المكان

كلمة التقوى، ج 1، ص: 262

إذا كان الماء مباحا، و خصوصا إذا كانت غسالة وضوئه لا تقع على أرض الحبس، بل يجوز له الوضوء إذا كان الماء مغصوبا للحابس، و لم يكن للمحبوس ماء سواه بحيث كان مضطرا الى ذلك الماء كاضطراره الى ذلك المكان، فيجوز له الوضوء منه و ان ضمن قيمته للمالك، أما في غير ذلك فلا يجوز له الوضوء و ان كان الماء مما لا قيمة له.

و يجوز له التيمم إذا كان التراب مباحا، و لا يجوز له الضرب على أرض المحبس، فان لم يجد التراب المباح كان من فاقد الطهورين.

المسألة 871

إذا وجد شيئا و شك في أنه تراب أو غيره مما لا يصح التيمم به، لم يجز له التيمم به، فإذا هو لم يجد غيره جمع بين التيمم به و الصلاة في الوقت، ثم قضاء الصلاة بعد الوقت، و إذا علم انه كان ترابا في السابق، و شك في استحالته بنى على أنه لا يزال ترابا و تيمم به.

المسألة 872

لا يعتبر في التيمم- على الأقوى- أن يعلق باليد شي ء من المتيمم به، و قد تقدم أنه يصح التيمم بالحجر الصلد و الصخور الملساء، كالمرمر و حجر الرحى و نحوها مما لا يعلق باليد، و سيأتي استحباب نفض الكفين بعد ضربهما على ما يتيمم به، و ان كان الأولى اعتبار ذلك.

الفصل الخامس و الأربعون في كيفية التيمم

المسألة 873

يجب في التيمم أن يضرب المكلف على الشي ء الذي يتيمم به بباطن كفيه جميعا، و أن يكون الضرب بهما دفعة واحدة على الأحوط، ثم يمسح بهما جبهته و جبينيه كلها من قصاص الشعر الى طرف الأنف الأعلى، و هو المتصل بالجبهة، و الى الحاجبين، و لا يجب مسح الحاجبين على الأقوى، نعم يمسح شيئا منهما و من جميع حدود الجبهة و الجبينين من باب المقدمة.

ثم يمسح جميع ظهر الكف اليمنى بباطن اليسرى، ثم يمسح

كلمة التقوى، ج 1، ص: 263

جميع ظهر الكف اليسرى بباطن اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع، و يمسح شيئا من حدود الممسوح من باب المقدمة، و لا يجب مسح ما بين الأصابع.

المسألة 874

لا يكفي مجرد وضع اليدين على ما يتيمم به من دون ضرب، و ان اعتمد على يديه بعد وضعهما، و لا يكفي الضرب بإحدى اليدين و ان وضع الأخرى، و لا يكفي أن يضرب باليدين على التعاقب- على الأحوط- و لا يكفي الضرب بظاهر الكفين، و هذا كله في حال الاختيار.

و يكفي وضع اليدين إذا لم يستطع الضرب بهما أو كان فيه حرج و مشقة عليه، و إذا أمكنه أن يضرب بإحدى اليدين و يضع الأخرى وجب عليه ذلك، و إذا تعذر عليه وضع باطن اليدين ضرب بظاهرهما و إذا أمكنه الضرب بباطن احدى اليدين أو وضعه و بظاهر الأخرى وجب ذلك، و إذا تعذر عليه أن يضرب بيديه دفعة واحدة ضرب بهما على التعاقب، و سيأتي حكم نجاسة باطن الكفين.

المسألة 875

يجب استيعاب جميع أجزاء الجبهة و الجبينين بالمسح، و ان يكون المسح بمجموع الكفين في الجملة و ان لم يستوعبهما.

المسألة 876

الجبين هو الموضع الذي يكون فوق الحاجب الى قصاص الشعر، و الى أول الصدغ من جانبي الوجه، و الجبهة هي الموضع المستوي بين الجبينين.

المسألة 877

تجب النية في التيمم على الوجه الذي تقدم بيانه في نية الوضوء و الغسل، و الأحوط أن يقارن بها الضرب باليدين، و لا يجب فيها أن يقصد البدلية عن الوضوء أو الغسل، و يكفي أن يقصد امتثال الأمر المتوجه اليه بالتيمم، نعم إذا تعدد الأمر المتوجه اليه بالتيمم، فلا بد من التعيين، و لا يجب عليه أن يقصد بتيممه رفع الحدث، و ان كان الأقوى انه رافع للحدث ما دام الاضطرار موجودا، و لكن لا تجب نية ذلك.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 264

المسألة 878

إذا كانت الغاية التي تيمم من أجلها واحدة لم يجب عليه تعيينها في النية و إذا كانت متعددة جاز له أن يقصد جميع تلك الغايات تفصيلا، و جاز له أن يقصد جميع ما في الذمة إجمالا، و يصح له أن يقصد غاية معينة منها و يجزي تيممه عن الجميع، إلا إذا كان مسوغ التيمم مختصا بتلك الغاية المعينة، فلا يجزي تيممه عن غيرها، كما إذا تضيق وقت الصلاة الحاضرة فتيمم لإدراكها فلا يجزيه تيممه لغير تلك الصلاة، و لا لغير الصلاة من الغايات، و قد تقدم ذلك في المسألة الثمانمائة و الخامسة و الأربعين و قد يأتي أيضا.

المسألة 879

إذا تيمم بقصد غاية خاصة، ثم استبان له عدم الأمر بتلك الغاية كان تيممه باطلا، و إذا قصد غاية و استبان له أن الأمر المتوجه اليه بالتيمم لغيرها، فان كان قصد امتثال الأمر المتوجه اليه بالتيمم و لكنه توهم أن الأمر متعلق بالغاية التي قصدها كان تيممه صحيحا و هو من الاشتباه في التطبيق، و ان قصد تلك الغاية على وجه التقييد كان تيممه باطلا.

المسألة 880

إذا تيمم بقصد البدلية عن الوضوء ثم تذكر أنه مأمور بالغسل لا بالوضوء فالحكم فيها كما ذكرنا في المسألة المتقدمة، فإن قصد امتثال الأمر المتوجه اليه بالتيمم و لكنه تخيل أن ذلك الأمر متعلق بما هو بدل عن الوضوء فقصده اشتباها فالتيمم صحيح، و ان كان على نحو التقييد فالتيمم باطل.

و كذلك الحكم إذا قصد البدلية عن غسل الجنابة ثم تذكر أن الواجب عليه هو غسل مس الميت مثلا.

المسألة 881

إذا شك في أنه محدث بالحدث الأصغر أو الأكبر، كفاه أن يتيمم تيمما واحدا بقصد الأمر المتوجه إليه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 265

المسألة 882

يجب في التيمم أن يباشر المكلف الضرب و المسح بنفسه، فلا يصح أن ييممه غيره مع الاختيار، و يصح مع الاضطرار لذلك.

المسألة 883

تجب الموالاة ما بين أفعال التيمم، و ما بين أجزاء كل واحد من الأعضاء في المسح، فلا يفصل ما بينها فصلا يخل بهيئة التيمم و يمحو صورته، و إذا أخل بالموالاة كذلك بطل تيممه، سواء كان ذلك عمدا أم سهوا أم نسيانا، و سواء كان تيممه بدلا عن الوضوء أم عن الغسل.

المسألة 884

يجب الترتيب في التيمم على الوجه المتقدم ذكره، فيضرب باليدين أولا، ثم يمسح جبهته و جبينيه، ثم يمسح ظهر كفه اليمنى، ثم ظهر كفه اليسرى، و إذا خالف الترتيب فان فاتت الموالاة بطل تيممه، و ان تذكر قبل أن تفوت الموالاة أعاد على ما يحصل معه الترتيب نظير ما تقدم في الوضوء من غير فرق بين أن يكون ذلك عن عمد أو جهل أو نسيان.

المسألة 885

يجب أن يبتدئ- على الأحوط- بأعلى الجبهة و الجبينين، ثم يمسح منه الى الأسفل، و كذلك في كل واحدة من اليدين.

المسألة 886

يعتبر في التيمم- مع الاختيار- أن لا يوجد حائل يمنع وصول الأثر إلى اليدين في ضربهما على ما يتيمم به، و لا بين الماسح و الممسوح، و منه الخاتم في الكف فيجب نزعه للتيمم، و منه الشعر المتدلي من الرأس على الجبهة أو الجبين، فيجب رفعه حين المسح عليهما، سواء كان متعارفا أم زائدا على المتعارف.

المسألة 887

إذا كان على موضع المسح شعر و لم يكن خارجا عن المتعارف كفاه أن يمسح عليه كبعض الشعر الذي ينبت على ظاهر الكفين أو على الأصابع

كلمة التقوى، ج 1، ص: 266

أو قد ينبت على الجبهة أو على الجبين، و إذا كان خارجا عن المتعارف ففيه اشكال، و الأحوط لزوم ازالته.

المسألة 888

إذا كانت على العضو الماسح أو على العضو الممسوح جبيرة فلا يترك الاحتياط معها، فإذا كانت الجبيرة في باطن الكف جمع بين التيمم معها و التيمم مرة ثانية بالضرب بظاهر الكف و إذا كانت الجبيرة في العضو الممسوح جمع بين أداء الصلاة مع التيمم بها، و القضاء.

المسألة 889

الأحوط اعتبار طهارة الماسح و الممسوح مع الاختيار، فإذا كان باطن اليدين نجسا وجب تطهيره مع الإمكان، و ان لم يمكن ذلك، و لم تكن نجاسته مسرية الى ما يتيمم به، سقط اعتبار طهارته، فيضرب بباطن يديه و يمسح بهما، و كذلك إذا كانت نجاسة مسرية و أمكن تجفيفها، فيجف النجاسة أولا ثم يضرب بباطن اليدين و يمسح بهما.

و إذا كانت نجاسة باطن الكفين مسرية و لم يمكن تجفيفها ضرب بظاهر الكفين و تيمم.

و إذا كانت في باطن الكفين نجاسة لها جرم حائل و لم تمكن إزالتها فالأحوط أن يتيمم مع الضرب بباطن الكفين ثم يعيد التيمم مع الضرب بظاهرهما.

المسألة 890

إذا بقي شي ء من جبهته و جبينيه أو ظاهر كفيه لم يمسح عليه و لو كان قليلا بطل تيممه، سواء كان عامدا في ذلك أم ساهيا أم جاهلا، و إذا لم تفت الموالاة وجب عليه أن يأتي بالجزء المتروك و ببقية العضو مما هو أسفل منه ليحصل الترتيب في العضو و بذلك يصح تيممه، و إذا كان الجزء المتروك من الأعضاء المتقدمة أتى بعده بالأعضاء المتأخرة عنه ليحصل الترتيب بين الأعضاء.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 267

المسألة 891

إذا لم يتمكن المكلف من مباشرة التيمم بنفسه لشلل أو غير ذلك يممه غيره، فيضرب النائب بيدي المريض و يمسح بهما جبهته و جبينيه و ظاهر كفيه، و إذا لم يمكن الضرب بهما وضعهما على ما يتيمم به كما تقدم، و ان لم يمكن ذلك ضرب النائب بيده هو و مسح بهما وجه المريض و يديه، و كذلك يصنع في تيميم الميت إذا لم يمكن تغسيله.

المسألة 892

المدار في صدق المسح على وصول الأثر سواء كان العضو الماسح متحركا أم ثابتا و كذلك الممسوح فلا يتعين إمرار الماسح على الممسوح، و قد تقدم نظير ذلك في مسح الوضوء.

المسألة 893

لا يجب الاستمرار في مسح العضو في التيمم حتى يكمله، فإذا رفع يديه في أثناء مسح الوجه ثم وضعهما من غير فصل مخل و أتم المسح فالظاهر الصحة و كذلك في مسح ظهر الكف اليمنى و اليسرى.

المسألة 894

يكفي في التيمم- على الأقوى- أن يضرب على الأرض ضربة واحدة للوجه و اليدين، سواء كان التيمم بدلا عن الوضوء أم عن الغسل، و الأحوط استحبابا أن يضرب بيديه مرة و يمسح بها جبهته و يديه، ثم يضرب بهما مرة أخرى و يمسح بها يديه في كل من التيمم بدل الوضوء أو الغسل، و لا سيما في الثاني، و لكنه ليس بلازم.

المسألة 895

إذا شك في شي ء من أجزاء التيمم أو في تحقق شرط من شرائطه و كان شكه بعد الفراغ من التيمم بنى على الصحة، و كذلك إذا شك في الجزء الأخير منه بعد ما بنى على نفسه فارغا من التيمم، فيبني على الصحة أيضا كما في الوضوء و الغسل و الصلاة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 268

المسألة 896

إذا شك في بعض أجزاء التيمم أو شرائطه و كان في أثناء التيمم وجب عليه أن يأتي بالشي ء المشكوك و بما بعده من الأجزاء، سواء كان في محل الشي ء المشكوك أم بعد التجاوز عنه، و سواء كان التيمم بدلا عن الوضوء أم غيره.

المسألة 897

إذا علم بعد الفراغ من التيمم انه ترك جزءا منه، و تذكر ذلك قبل أن تفوت الموالاة وجب عليه أن يأتي بالجزء المتروك و بما بعده من الأجزاء، و إذا تذكره بعد أن فاتت الموالاة وجبت عليه اعادة التيمم، و إذا تذكر ذلك بعد الصلاة وجبت عليه إعادتها إذا كان في الوقت، و قضاؤها إذا كان بعد الوقت.

و كذلك الحكم إذا علم انه ترك شرطا من شروط التيمم.

و قد تقدم في شرط اباحة التراب و المكان أن الإخلال به لا يوجب الإعادة إلا مع العلم و العمد. فلتراجع المسألة الثمانمائة و الرابعة و الستون.

الفصل السادس و الأربعون في أحكام التيمم

المسألة 898

يشكل جواز التيمم للصلاة قبل حلول وقتها، و ان كان المكلف ممن وظيفته التيمم كما هو المفروض، نعم، إذا علم انه لا يتمكن من التيمم للفريضة بعد دخول وقتها، و انه يكون فاقدا للطهورين، فالأحوط له أن يتيمم قبل الوقت لغاية أخرى واجبة أو مندوبة كأن يتيمم لصلاة قضاء أو لصلاة نافلة، أو لغاية أخرى و يبقى على تيممه الى أن يدخل الوقت و يصلي الفريضة و تصح صلاته بذلك.

المسألة 899

إذا تيمم لفريضة أو نافلة بعد دخول وقتها، ثم دخل عليه وقت

كلمة التقوى، ج 1، ص: 269

صلاة أخرى، صح له أن يصليها بتيممه ما لم ينتقض بحدث أو يرتفع عذره الذي ساغ له التيمم من أجله، و كذلك إذا تيمم لغاية أخرى من غايات التيمم غير الصلاة.

المسألة 900

يجوز التيمم للصلاة في سعة الوقت إذا علم باستمرار العذر الذي من أجله ساغ له التيمم الى آخر الوقت أو يئس من زواله، و لا يجوز له ذلك إذا علم بأن العذر يزول في أثناء الوقت أو في آخره، و كذلك إذا احتمل زواله على الأحوط، و خصوصا مع رجاء زواله.

المسألة 901

إذا كان المكلف متيمما لوجود بعض المسوغات و دخل عليه وقت الصلاة فإن علم بأن العذر يستمر به الى آخر الوقت أو يئس من زوال العذر فيه جاز له أن يأتي بالصلاة في أول وقتها، و إذا علم بأن العذر يزول في الوقت لم يجز له ذلك حتى يتضيق الوقت، و ان كان تيممه صحيحا كما ذكرنا، و كذلك إذا احتمل زوال العذر في آخر الوقت على الأحوط كما تقدم في غير المتيمم سواء بسواء.

المسألة 902

الظاهر أن المراد من آخر الوقت الذي يجب تأخير التيمم أو الصلاة إليه هو أن يبقى من الوقت مقدار ما يؤدي به المكلف واجبات الصلاة و مستحباتها المتعارفة بما فيها من أذان و اقامة لا مطلق المستحبات.

المسألة 903

إذا اعتقد ضيق الوقت فتيمم و صلى، ثم استبان له سعة الوقت، فالظاهر بطلان الصلاة إلا إذا استمر العذر الى آخر الوقت فتكون الصلاة صحيحة.

و إذا اعتقد بأن العذر يستمر به الى آخر الوقت أو يئس من زواله في الوقت فتيمم أو كان متيمما فصلى مع سعة الوقت، ثم زال عذره في الوقت وجبت عليه إعادة الصلاة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 270

المسألة 904

يشكل جواز التيمم لصلاة القضاء، فالأحوط- ان لم يكن أقوى- تأخير القضاء الى زمان ارتفاع العذر، و إذا علم بأن العذر يستمر معه الى آخر العمر أو خاف مفاجاة الموت جاز له ذلك.

و إذا اعتقد ذلك فتيمم و أتى بصلاة القضاء ثم زال العذر كانت عليه اعادتها على الأحوط بل الأقوى.

المسألة 905

حكم النوافل المؤقتة هو حكم الفريضة المؤقتة فلا يتيمم لها في أول وقتها إلا إذا علم باستمرار العذر الى آخر الوقت أو يئس من زوال العذر.

و اما النوافل غير المؤقتة فيجوز التيمم لها مع وجود العذر.

المسألة 906

إذا تيمم المكلف لوجود بعض الأعذار التي تسوغ له التيمم و صلى، لم يجب عليه الإتيان بتلك الصلاة بعد ارتفاع العذر خارج الوقت، و إذا ارتفع عذره في أثناء الوقت وجبت عليه الإعادة كما تقدم.

و قد استثنى بعض الفقهاء من الحكم المذكور عدة موارد فحكم باستحباب الإعادة فيها:

أحدها: من منعه زحام الجمعة عن الخروج للوضوء و خاف فوت الصلاة جاز له التيمم لها، و لعل الأقوى وجوب الإعادة، و اما سائر الموارد التي ذكروها فالظاهر عدم الإعادة فيها.

المسألة 907

إذا كان المكلف ممن وظيفته التيمم، و تيمم لبعض الغايات التي يصح لها التيمم كان متطهرا ما دام عذره الذي جاز له التيمم من أجله- باقيا، و ما لم ينتقض تيممه بحدث، فيجوز له أن يأتي بكل عمل تشترط فيه الطهارة سواء كانت الغاية التي تيمم لها واجبة أم مندوبة، فإذا كان جنبا و تيمم لصلاة الليل مثلا صح له أن يصلي بتيممه صلاة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 271

الصبح، و صح منه صوم ذلك اليوم، و صح له دخول المسجد و الطواف و غير ذلك من الغايات، و كذلك الحائض و النفساء و ماس الميت.

و يستثنى من ذلك ما إذا كان العذر الذي سوغ له التيمم مختصا بتلك الغاية، و مثال ذلك التيمم للصلاة إذا ضاق وقتها عن الغسل أو الوضوء، فان تيممه لا يجوز له الدخول في غير تلك الصلاة من الصلوات أو الغايات، و قد تقدم ذكر ذلك في المسألة الثمانمائة و الثامنة و السبعين.

و منه التيمم لصلاة الجنازة لمن خاف فوت الصلاة عليها إذا هو توضأ لها أو اغتسل، فان هذا التيمم لا يبيح له غيرها من الأعمال المشروطة بالطهارة.

المسألة 908

يجب التيمم لكل ما يجب له الوضوء و الغسل من الغايات التي تقدم ذكرها في مبحث غايات الوضوء و الغسل، و يستحب لكل ما يستحب له أحدهما، حتى وضوء الحائض، و وضوء الجنب، و الوضوء التجديدي، و الكون على الطهارة، و كل ذلك مع وجود أحد المسوغات للتيمم و توفر شرائط صحته الآنف ذكرها.

و يشكل التيمم بدلا عن الوضوء للتهيؤ للصلاة قبل دخول وقتها، و قد تقدمت الإشارة إليه في المسألة الثمانمائة و الثامنة و التسعين.

المسألة 909

إذا تيمم المكلف بدلا عن الغسل كفاه تيممه عن الوضوء أو التيمم بدله، كما هو الحال في الغسل نفسه، من غير فرق بين غسل الجنابة و غيره من الأغسال الواجبة و المندوبة على الأقوى، و ان كان الأحوط الجمع بينه و بين الوضوء أو التيمم بدله في غير غسل الجنابة.

و هذا في غير الأغسال التي يؤتى بها برجاء المطلوبية، و أما هذه فلا بد معها من الوضوء أو التيمم بدله.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 272

المسألة 910

نواقض التيمم هي الأحداث التي ينتقض بها الوضوء و الغسل، و ينتقض التيمم أيضا بوجدان الماء لفاقد الماء، و بزوال العذر المسوغ للتيمم لصاحب العذر.

المسألة 911

إذا تيمم المكلف ثم وجد الماء أو زال العذر الذي سوغ له التيمم قبل أن يصلي، انتقض تيممه كما ذكرنا، فإذا فقد الماء أو تجدد له العذر قبل أن يصلي وجب عليه أن يتيمم لصلاته، إلا إذا كان الزمان الذي وجد فيه الماء أو زال فيه العذر قصيرا لا يسع الوضوء أو الغسل، أو كان وقت الصلاة ضيقا لا يسعهما، فالأقوى عدم انتقاض تيممه الأول في هاتين الصورتين، إلا إذا كان فقد الماء بتقصير منه فيجدد التيمم على الأحوط في الصورة الأولى منهما.

المسألة 912

إذا وجد الماء و هو في أثناء الصلاة لم يبطل تيممه و لا صلاته، و ان كان قبل الركوع من الركعة الأولى على الأقوى، و لكن الأفضل استئناف الصلاة مع الوضوء أو الغسل إذا وجد الماء قبل الركوع، و كذلك الحكم في النافلة.

المسألة 913

لا يلحق بالصلاة غيرها من الأعمال المشروطة بالطهارة، فإذا وجد الماء في أثناء العمل بطل التيمم و العمل و وجبت الإعادة و ان كان في الجزء الأخير منه.

المسألة 914

إذا لم يجد الماء لغسل الميت فيممه بدلا عن الغسل و كفنه و صلى عليه ثم وجد الماء وجب عليه تغسيله و اعادة تكفينه و حنوطه و الصلاة عليه، و كذلك الحكم إذا وجد الماء بعد الدفن فينبش القبر و يغسل الميت و يعاد تجهيزه إذا لم يستوجب ذلك هتكا لحرمة الميت.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 273

المسألة 915

إذا تيمم المكلف- لوجود بعض الأعذار التي تسوغ له التيمم مع وجود الماء- ثم زال عذره في أثناء صلاته، فلا يترك الاحتياط بأن يتم الصلاة ثم يعيدها مع الوضوء أو الغسل، سواء زال عذره بعد الركوع من الركعة الأولى أم قبله.

و هذا في ما إذا كان الوقت واسعا، و إذا كان ضيقا أتم الصلاة و لم يعدها، و كذلك إذا زال العذر في أثناء الصلاة، ثم تجدد عذره مرة أخرى، و كانت مدة زوال العذر الأول قصيرة لا تسع الوضوء أو الغسل، فالظاهر أن تيممه لا ينتقض في الصورتين، و قد تقدم نظيره قريبا.

المسألة 916

إذا وجد الماء في أثناء الصلاة لم يبطل تيممه كما ذكرناه آنفا، فإذا فقد الماء و هو في أثناء الصلاة أو بعد الانتهاء منها بلا فصل، و كانت مدة وجوده قصيرة لا تسع الوضوء أو الغسل، جاز له أن يصلي بتيممه صلوات أخرى ما لم ينتقض بحدث، و كذلك إذا كانت الفريضة التي وجد الماء في أثنائها مضيقة الوقت و ان كانت مدة وجود الماء تسع الطهارة، فلا ينتقض تيممه إذا كان الوضوء أو الغسل يتوقف على ابطال تلك الصلاة، و في غير هاتين الصورتين لا يترك الاحتياط بتجديد التيمم للصلوات الأخرى و ان لم يحدث.

و إذا كانت الصلاة التي وجد الماء في أثنائها نافلة، فالظاهر عدم الاكتفاء بالتيمم الأول، و لزوم تجديده للصلاة الأخرى بعدها.

المسألة 917

إذا كان المكلف متيمما بدلا عن الغسل ثم وجد من الماء ما يكفي الوضوء فحسب، لم ينتقض تيممه بذلك، و إذا تيمم ماس الميت أو الحائض مثلا تيممين للاحتياط، بطل بوجدان ذلك الماء ما هو بدل عن الوضوء، و لم يبطل ما هو بدل عن الغسل، فإذا أراد الاحتياط توضأ بالماء الموجود، و ان كان الأقوى عدم وجوبه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 274

و إذا وجد من الماء ما يكفي للغسل أو للوضوء اغتسل به و أغناه.

غسله عن الوضوء بل و أغناه تيمم الوضوء الذي أتى به سابقا عن تجديده للاحتياط.

المسألة 918

إذا تيمم المجنب بدلا عن الغسل، ثم أحدث بعده بالحدث الأصغر لم ينتقض بذلك تيممه عن الجنابة ما دام عذره باقيا، فلا تجب عليه اعادة التيمم بدلا عن الغسل، بل يجب عليه الوضوء من الحدث الأصغر إذا وجد من الماء ما يكفيه للوضوء، فان لم يجد ذلك وجب عليه التيمم بدلا عن الوضوء، الى أن يرتفع عذره فيجب عليه الغسل، و يكفيه عن الوضوء، و كذلك الحكم في الحائض و غيرها ممن عليه أحد الأحداث الكبرى.

و قد تكرر منا أن الأغسال كلها تغني عن الوضوء، و ان كان الأحوط الجمع بينها و بين الوضوء في غير غسل الجنابة، فان لم يجد ماءا كان التيمم بمنزلة الغسل، فيغني عن تيمم الوضوء و الأحوط الجمع، و هذا في غير الأغسال التي يؤتى بها برجاء المطلوبية.

المسألة 919

إذا اجتمعت أسباب عديدة للغسل، و لم يجد المكلف الماء أو كان معذورا عن استعماله، كفاه تيمم واحد عن الجميع، و لا يترك الاحتياط في أن يضم اليه تيمما آخر بدلا عن الوضوء إذا لم يكن معها غسل الجنابة.

المسألة 920

إذا تيمم بدلا عن أغسال عديدة، ثم تذكر أن بعض الأغسال التي نواها لم يكن موجودا، صح تيممه إذا كان بعض الأغسال موجودا و ان كان واحدا.

المسألة 921

إذا نوى التيمم بدلا عن غسل معين، ثم تذكر أن الغسل الذي تعلق

كلمة التقوى، ج 1، ص: 275

به الأمر غيره صح تيممه إذا قصد امتثال الأمر المتوجه بالتيمم و كان قصد ذلك الغسل من باب الاشتباه في التطبيق، و بطل تيممه إذا قصده على وجه التقييد، و تراجع المسألة الثمانمائة و الثمانون.

المسألة 922

إذا اتفق وجود جنب و ميت و محدث بالحدث الأصغر في موضع، و وجد من الماء ما يكفي لواحد منهم فقط، فان كان الماء مملوكا لأحدهم اختص به و لم يجز له أن يتبرع به للآخرين، و كذلك إذا كان الماء مملوكا لغيرهم، و أذن المالك باستعماله لواحد منهم على الخصوص فلا يباح لغيره.

و ان كان الماء مباحا، وجب على الثلاثة الاستباق لحيازة الماء، فإذا سبق إليه أحدهم اختص به، و إذا سبقوا اليه جميعا أو لم يمكنهم السبق اليه جميعا اختص به الجنب على الأحوط.

و كذلك إذا كان الماء مملوكا لغيرهم و أذن المالك لهم جميعا باستعماله.

المسألة 923

إذا كان الماء في المسألة المتقدمة ملكا للمحدث بالحدث الأصغر أو كان هو السابق اليه اختص به كما تقدم، فإذا توضأ بالماء و أمكن أن تجمع غسالته في إناء طاهر، صح أن يغتسل بها الجنب بعده، كما يجوز أن يغسل بها الميت إذا كانت كافية بذلك كما تقدم بيانه في فصل الماء المستعمل، و إذا كان السابق هو الجنب فقد تقدم الإشكال في غسالته، فإذا انحصر الماء بها جمع بين الطهارة منها و التيمم، و اما غسالة الميت فهي نجسة فلا يجوز استعمالها.

المسألة 924

إذا نذر المكلف صلاة نافلة في وقت معين و لم يجد الماء للطهارة لها، أو كان معذورا عن استعماله، وجب عليه التيمم لها بدلا عن الوضوء أو عن الغسل.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 276

و إذا نذر صلاة نافلة و لم يعين لها زمانا، وجب عليه الصبر الى ان يرتفع عذره فيتوضأ لها أو يغتسل و يصليها، و إذا يئس من زوال العذر تيمم و صلاها.

المسألة 925

لا يصح للوصي أو الولي أن يستأجر للصلاة عن الميت من وظيفته التيمم مع وجود من يقدر على الطهارة المائية، و إذا استأجر لها شخصا قادرا على ذلك ثم عجز الأجير عن استعمال الماء لم يكف أن يأتي بالصلاة مع التيمم مع سعة الوقت بل حتى مع ضيقه.

المسألة 926

إذا لم يجد المجنب ماءا فتيمم بدلا عن الغسل، ثم وجد الماء في مسجد و توقف الاغتسال به على دخول المسجد و المكث فيه مدة الغسل، جاز له أن يدخل المسجد بتيممه ذلك، و أن يمكث فيه للغسل، و لم ينتقض تيممه بالإضافة الى ذلك، و ان لم يجز له أن يأتي بغيره من الغايات، فلا يجوز له أن يمس خط المصحف مثلا و لا قراءة العزائم، و لا غيرهما مما يحرم على الجنب أو تشترط فيه الطهارة، و كذلك الحائض و النفساء، و قد تقدم نظير ذلك في فصل (مسوغات التيمم) و في (أحكام الجنب).

المسألة 927

إذا شك في وجود شي ء يمنع وصول الأثر في باطن الكفين أو ظاهرهما، أو في الجبهة أو الجبين، وجب عليه أن يفحص عن الحاجب حتى يحصل له العلم أو الظن بعدمه كما تقدم في الوضوء و الغسل.

المسألة 928

إذا نقش اسم اللّه على بعض أعضاء الإنسان أو غيره من أسمائه الخاصة أو آية من القرآن، فالأحوط محو ذلك النقش عن بدنه، فان لم يمكن محوه حرم عليه مسه و هو محدث، و إمرار اليد عليه في

كلمة التقوى، ج 1، ص: 277

الوضوء و الغسل، فيتوضأ أو يغتسل ارتماسا أو بإجراء الماء على العضو من غير مس.

و إذا لم يمكن ذلك كله تيمم لإحدى الغايات و جاز له مس ذلك الموضع بتيممه و يتوضأ بعد ذلك أو يغتسل، و إذا كان النقش في أحد أعضاء التيمم، سقطت عنه حرمة المس و جاز له الوضوء و الغسل، و جاز له التيمم إذا كانت وظيفته التيمم.

و الحمد للّه رب العالمين

كلمة التقوى، ج 1، ص: 279

كتاب الصلاة

اشارة

كلمة التقوى طبقا لفتاوى المرجع الديني الشيخ محمد أمين زين الدين دام ظله فَأَنْزَلَ اللّٰهُ سَكِينَتَهُ عَلىٰ رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوىٰ، وَ كٰانُوا أَحَقَّ بِهٰا وَ أَهْلَهٰا، وَ كٰانَ اللّٰهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً.

العبادات

كلمة التقوى، ج 1، ص: 281

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الحمد للّه رب العالمين الرحمن الرحيم و أفضل صلواته و تسليماته على سيد أنبيائه محمد و آله المطهرين المنتجبين.

رَبَّنٰا أَتْمِمْ لَنٰا نُورَنٰا وَ اغْفِرْ لَنٰا إِنَّكَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 283

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم كتاب الصلاة و هي العبادة الكبرى التي أوجب اللّه المحافظة عليها في صريح كتابه و جعلها عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتٰاباً مَوْقُوتاً، و نعتها بأنها تَنْهىٰ عَنِ الْفَحْشٰاءِ وَ الْمُنْكَرِ، وَ لَذِكْرُ اللّٰهِ أَكْبَرُ.

و هي عمود الدين، و أول ما ينظر فيه من عمل ابن آدم، فان صحت نظر في عمله، و ان لم تصح لم ينظر في

بقية عمله، كما يقول الرسول الكريم (ص)، و التي يقول (ص) فيها: ليس مني من استخف بصلاته، ليس مني من شرب مسكرا، لا يرد علي الحوض لا و اللّه، و يقول فيها أوصياؤه المعصومون من بعده (ع) لا تنال شفاعتنا من استخف بالصلاة.

و التي ورد عنهم (ع) فيها: صلاة فريضة خير من عشرين حجة، و حجة خير من بيت مملوء ذهبا يتصدق منه حتى يفنى.

و كتاب الصلاة يشتمل على عدة فصول.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 285

الفصل الأول في أعداد الصلاة

المسألة الأولى

الصلوات الواجبة على المكلف سبع:

(1): الصلاة اليومية، و صلاة الجمعة، و قد عدها جماعة من الصلاة اليومية كذلك، فهي بديلة عن صلاة الظهر في يوم الجمعة إذا اجتمعت شرائطها.

(2): صلاة الآيات. (3): صلاة الطواف الواجب. (4): صلاة الأموات. (5): صلاة العيدين عند اجتماع شرائطها. (6): الصلاة التي يلتزمها الإنسان على نفسه بنذر أو بعهد أو بيمين أو بإجارة عن غيره. (7): الصلاة التي يجب قضاؤها على الولي مما قد فات الميت أيام حياته.

و الصلوات اليومية خمس، الظهر، و العصر، و المغرب، و العشاء، و الصبح، و يصلي المكلف كل واحدة من الظهر و العصر و العشاء أربع ركعات، إذا صلاها في الحضر أو ما هو في حكم الحضر، فإذا كان مسافرا غير مقيم صلاها ركعتين، و يصلي المغرب ثلاث ركعات، و الصبح ركعتين، سواء كان في سفر أم في حضر، فعدد الفرائض اليومية للحاضر سبع عشرة ركعة، و للمسافر إحدى عشرة ركعة.

المسألة الثانية:

النوافل الراتبة أربع و ثلاثون ركعة، ثماني ركعات منها للظهر، تصلى قبلها، و ثماني ركعات للعصر، تصلى قبلها كذلك، و أربع ركعات للمغرب، تصلى بعدها، و ركعتان من جلوس للعشاء، تصليان بعدها، و هما تعدان بركعة و تسمى بالوتيرة، و يجوز للمكلف أن يصليهما من قيام، بل هو أفضل، و لكن الجلوس فيهما أحوط، و ركعتان للفجر، تصليان قبل الفريضة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 286

و ثماني ركعات بعد منتصف الليل، و تسمى نافلة الليل، ثم ركعتا الشفع، و ركعة الوتر، فيكون مجموع نافلة الليل إحدى عشرة ركعة.

و تزاد في يوم الجمعة على نوافل الظهرين أربع ركعات، فيكون مجموع النافلة في نهار يوم الجمعة عشرين ركعة و سيأتي تفصيلها في المسألة السادسة ان شاء

اللّه تعالى.

و تسقط نافلة كل من الظهر و العصر في السفر، و لا تسقط فيه نافلة العشاء على الأقوى، و الأحوط أن يؤتى بها برجاء المطلوبية.

المسألة الثالثة:

يجب في النوافل كلها: أن يصليها الإنسان ركعتين ركعتين، فيفرد كل ركعتين منها بتسليم، الا الوتر من صلاة الليل، فهي ركعة واحدة، و الا صلاة الأعرابي فهي عشر ركعات بثلاثة تسليمات، و يستحب القنوت في جميع النوافل كما يستحب في الفرائض، و موضعه قبل الركوع من الركعة الثانية، حتى في صلاة الشفع على الأقوى، و ان كان الأحوط استحبابا أن يؤتى بالقنوت فيها برجاء المطلوبية، و كذا يستحب القنوت في صلاة الوتر و ان كانت ركعة واحدة.

المسألة الرابعة:

تستحب صلاة الغفيلة بين العشاءين، قبل ذهاب الشفق، و ليست من الرواتب على الأقوى، و هي ركعتان، يقرأ في الركعة الأولى منهما بعد الفاتحة: قوله تعالى وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنٰادىٰ فِي الظُّلُمٰاتِ أَنْ لٰا إِلٰهَ إِلّٰا أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ، فَاسْتَجَبْنٰا لَهُ وَ نَجَّيْنٰاهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ و يتم الركعة، و يقرأ في الركعة الثانية بعد الحمد قوله تعالى وَ عِنْدَهُ مَفٰاتِحُ الْغَيْبِ لٰا يَعْلَمُهٰا إِلّٰا هُوَ وَ يَعْلَمُ مٰا فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مٰا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلّٰا يَعْلَمُهٰا وَ لٰا حَبَّةٍ فِي ظُلُمٰاتِ الْأَرْضِ وَ لٰا رَطْبٍ وَ لٰا يٰابِسٍ إِلّٰا فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ ثم يقنت و يقول في قنوته: اللهم إني أسألك بمفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا أنت أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تفعل بي (و يذكر حاجته)،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 287

اللهم أنت ولي نعمتي و القادر على طلبتي تعلم حاجتي فأسألك بحق محمد و آل محمد عليه و عليهم السلام لما قضيتها لي و يتم صلاته.

المسألة الخامسة:

تستحب بين العشاءين كذلك صلاة الوصية، و يأتي بها قبل ذهاب الشفق، و هي ركعتان يقرأ في الأولى منهما بعد الفاتحة سورة الزلزال ثلاث عشرة مرة، و في الثانية بعد الحمد سورة التوحيد خمس عشرة مرة، و يتم الصلاة.

المسألة السادسة:

تقدم أن مجموع النافلة النهارية في يوم الجمعة عشرون ركعة، و قد ذكرت لها في النصوص عدة كيفيات، فمنها ما روي عن الامام الرضا (ع) انه قال في ذلك: ست ركعات بكرة، و ست ركعات بعد ذلك، و ست ركعات بعد ذلك، و ركعتان بعد الزوال، فهذه عشرون ركعة.

و روي عنه (ع) في حديث آخر أنه قال: ست ركعات في صدر النهار، و ست ركعات قبل الزوال، و ركعتان إذا زالت، و ست ركعات بعد الجمعة، فذلك عشرون ركعة سوى الفريضة.

المسألة السابعة:

يجوز للمكلف أن يصلي النافلة جالسا حتى في حال الاختيار، من غير فرق بين النوافل اليومية الراتبة و غيرها، و يأتي بها أيضا- كما تقدم- كل ركعتين بسلام، و الأفضل مع الاختيار أن يحتسب كل ركعتين جالسا بركعة واحدة قائما، فتكون نافلة الظهر ست عشرة ركعة جالسا و كذلك نافلة العصر، و تكون نافلة المغرب ثماني ركعات، و تكون نافلة الليل ست عشرة ركعة و الشفع أربع ركعات و يأتي بالوتر مرتين، كل مرة ركعة مفردة، و تكون نافلة الصبح أربع ركعات.

و يجوز له أن يصلي ركعة من النافلة قائما و ركعة جالسا، بل و يجوز له أن يصلي بعض الركعة الواحدة جالسا و بعضها قائما، فيقرأ مثلا

كلمة التقوى، ج 1، ص: 288

و هو جالس ثم يقوم فيأتي بالركوع قائما أو بالعكس، و إذا قرأ و هو جالس و أبقى من السورة بعض الآيات فقام و أتم السورة قائما ثم ركع عن قيام احتسب له فضل الصلاة قائما.

الفصل الثاني في أوقات الفرائض و النوافل

المسألة الثامنة:

لصلاتي الظهر و العصر وقت واحد تشتركان فيه، و هو من زوال الشمس الى غروبها، و لا اختصاص لصلاة الظهر بأول الوقت، و لا لصلاة العصر بآخره على الأقوى، نعم يجب تقديم صلاة الظهر على العصر لوجوب الترتيب بين الفريضتين، فإذا قام المكلف للصلاة في أول الوقت، فلا بد و أن تقع الظهر في أول الوقت، و إذا قدم العصر عليها عامدا وقعت العصر باطلة لعدم حصول الترتيب بين الفريضتين، لا لاختصاص الوقت بالظهر.

و إذا أخر المكلف الصلاة عامدا أو معذورا الى أن بقي من الوقت مقدار أداء إحدى الفريضتين وجب عليه أن يصلي العصر في ما بقي من الوقت، ثم يقضى صلاة الظهر بعد الوقت،

فإن الذي يظهر من الأدلة أن صلاة العصر في هذا المورد تكون أهم من صلاة الظهر، فتقديم العصر في آخر الوقت انما هو لأهميتها حسب ما يظهر من الأدلة، لا لاختصاص الوقت بها، و كذلك الأمر في صلاتي المغرب و العشاء، فأدلة اشتراك الفريضتين في جميع الوقت أقوى و أظهر.

المسألة التاسعة:

لصلاتي المغرب و العشاء وقت واحد تشتركان فيه، و هو من المغرب الشرعي الى نصف الليل للمختار، و لا اختصاص للمغرب بأول الوقت و لا للعشاء بآخره كما قلناه في صلاتي الظهر و العصر سواء بسواء.

و يمتد الوقت لغير المختار من المكلفين كالنائم و الناسي و الحائض و أمثالهم من المعذورين الى طلوع الفجر، و الأحوط لمن أخر الفريضتين

كلمة التقوى، ج 1، ص: 289

عن نصف الليل عامدا أن يصليهما قبل الفجر و لا ينوي بهما أداء و لا قضاء.

المسألة العاشرة:

وقت صلاة الصبح من طلوع الفجر الصادق الى طلوع الشمس.

و وقت صلاة الجمعة من زوال الشمس يوم الجمعة و ينتهي على الأقوى بمضي زمان يسع خطبتيها، و ركعتيها كاملتين مع مستحباتها و تحصيل شرائطها، و هو معنى كون الجمعة مما ضيق فيه، كما ورد في بعض الأدلة، و أن وقتها ساعة تزول الشمس الى أن تمضي ساعة كما في بعضها الآخر.

المسألة 11

يبتدئ وقت فضيلة الظهر من أول زوال الشمس الى أن يبلغ الظل الحادث مثل طول الشاخص، سواء كان هذا الظل حادثا بعد انعدام الظل الأول كما في بعض المناطق، أم كان حادثا بعد انتهاء نقصانه كما في غالب البلاد.

و يبتدئ وقت فضيلة العصر على الأقرب بعد مضي مقدار أداء الظهر من الزوال، الى ان يبلغ طول الظل الحادث مثلي طول الشاخص.

و يبتدئ وقت فضيلة المغرب، من المغرب الشرعي الى أن يذهب الشفق، و هو الحمرة التي تكون في المغرب.

و يبتدئ وقت فضيلة العشاء من ذهاب الحمرة المغربية إلى ثلث الليل، و ما قبل ذهاب الحمرة وقت اجزاء لصلاة العشاء، و ما بعد ثلث الليل الى نصف الليل وقت اجزاء آخر لها.

و يبتدئ وقت فضيلة الصبح من طلوع الفجر الصادق الى أن يسفر الصبح و يتجلل الأسفار السماء.

المسألة 12

يبتدئ وقت نافلة الظهر من حين زوال الشمس، و يمتد الى آخر

كلمة التقوى، ج 1، ص: 290

وقت الإجزاء لصلاة الظهر على الأقوى، و يبتدئ وقت نافلة العصر من أول وقت العصر الى آخر وقت الأجزاء لها كذلك، و يبتدئ وقت نافلة المغرب بعد الفراغ من فريضة المغرب في أول وقتها، و يمتد الى أن يبقى عن نصف الليل مقدار أداء فريضة العشاء، و يبتدئ وقت نافلة العشاء، و هي صلاة الوتيرة من حين الفراغ من صلاة العشاء في أول وقتها و يمتد بامتداد وقتها، و يبتدئ وقت نافلة الفجر من أول ظهور الفجر الأول الكاذب، و يمتد الى طلوع الحمرة في المشرق.

و إذا صلى المكلف صلاة الليل جاز له أن يدخل فيها نافلة الفجر و ان كان قد أتى بها بعد منتصف الليل أو قدمها عليه لبعض

المسوغات كما سيأتي بيانه في المسألة السابعة و العشرين.

المسألة 13

إذا أردت معرفة الزوال في أول حدوثه، فانصب شاخصا معتدلا في أرض مبسوطة معتدلة، و أرصد ظل ذلك الشاخص قبل الزوال، فإنك تجد الظل يتناقص طوله كل ما ارتفعت الشمس الى أن يتناهى نقصانه عند وصول الشمس الى نصف النهار، و في بعض البلاد ينعدم الظل في بعض أيام السنة، لأن الشمس تسامت رؤوس أهل تلك البلد عند حلول الزوال في تلك الأيام.

فإذا مالت الشمس عن نصف النهار نحو الغرب، أخذ الظل بالزيادة، و هذا هو أول الزوال و أول وقت فضيلة صلاة الظهر، و أول وقت نافلة الظهر، فضع فيه علامة، فإذا زاد الظل من ذلك الموضع مقدار سبعين من طول الشاخص انتهى وقت نافلة الظهر على القول المشهور، و إذا زاد مقدار أربعة أسباعه انتهى وقت نافلة العصر.

و الأقوى أن وقت نافلة الظهر و وقت نافلة العصر لا ينتهيان بذلك بل يمتدان الى آخر وقت الأجزاء في الفريضتين كما ذكرنا في المسألة الثانية عشرة، نعم تقدم فريضة الظهر على نافلتها بعد مضي سبعي الظل للشاخص، و تقدم فريضة العصر على نافلتها بعد مضى أربعة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 291

أسباعه، و الأحوط استحبابا ان لا يتعرض في النافلتين إذا أتى بهما بعد ذلك لنية الأداء أو القضاء.

ثم أرصد ظل الشاخص، فإذا بلغ مجموع زيادة الظل الحادث بعد الزوال مثل الشاخص في الطول انتهى وقت فضيلة الظهر و إذا بلغ الى المثلين انتهى وقت فضيلة العصر.

(فائدة): إذا أردت معرفة أول الزوال بالساعة، (و هي الآلة المعروفة بين الناس لتحديد الوقت)، فاضبط ساعتك جيدا عند غروب الشمس، و انظرها عند طلوع الشمس صباحا كم ضبطت من

الساعات منذ غروب الشمس الى طلوعها، فاقسم ذلك نصفين، فان ذلك هو الوقت الذي تزول فيه الشمس ذلك اليوم في الساعة الغروبية فإذا وجدت الساعة قد قطعت منذ غروب الشمس الى طلوعها صباحا اثنتي عشرة ساعة مثلا، كما في أول أيام الربيع، و الخريف، فان الزوال يتحقق في ذلك اليوم في الساعة السادسة الغروبية و هي نصف الاثنتي عشرة التي ضبطتها الساعة.

و إذا وجدتها قد قطعت اثنتي عشرة ساعة و عشر دقائق فالزوال يكون في الساعة السادسة و خمس دقائق، و إذا قطعت اثنتي عشرة ساعة إلا عشر دقائق، فالزوال يتحقق قبل الساعة السادسة بخمس دقائق، و هكذا.

و إذا وجدتها قد قطعت أربع عشرة ساعة مثلا كما في أول أيام الشتاء، فان الزوال يكون في ذلك اليوم في الساعة السابعة في نفس تلك الساعة، و كذلك تنصف الدقائق إذا زادت على ذلك أو نقصت فتعرف الزوال بمقدار ما يعينه الحساب من الساعات و الدقائق المضبوطة.

و إذا وجدت الساعة قد قطعت عشر ساعات مثلا كما في أول أيام الصيف، فالزوال يتحقق في ذلك اليوم في الساعة الخامسة بتلك الساعة و كذلك الدقائق التي تزيد عليها أو تنقص.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 292

و الشرط الأساس في هذا الطريق هو الساعة الغروبية التي يكون ابتداء سيرها من غروب الشمس كل يوم، و الشرط الثاني هو ضبط الآلة في تحديد الوقت و الاطمئنان من صحة ضبطها.

المسألة 14

إذا غربت الشمس حدثت في المشرق حمرة تسمى الحمرة المشرقية، ثم تأخذ هذه الحمرة بالارتفاع قليلا قليلا عن الأفق الشرقي كلما ازدادت الشمس اختفاء وراء الأفق الغربي، فإذا زالت هذه الحمرة من تمام ربع الفلك من طرف المشرق كان هذا أول المغرب الشرعي

على الأقوى، و يعرف ذلك بأن يقف الإنسان مقابلا للجنوب ثم ينظر جهة المشرق إلى قمة الرأس، فإذا وجد الظلام قد عم الجهة و لم يبق من الحمرة شي ء فهو أول المغرب.

و نصف الليل هو منتصف الزمان ما بين غروب الشمس و طلوع الفجر على الأصح، و أيسر طريق لمعرفة انتصاف الليل هو الساعة المضبوطة، فإذا علم الإنسان بساعته أن المدة بين الغروب و طلوع الفجر كذا ساعة و كذا دقيقة، نصف المجموع و كان النصف منه هو منتصف الليل، فإذا كانت المدة ما بينهما عشر ساعات لا أكثر، فنصف الليل هو تمام الساعة الخامسة بتلك الساعة و إذا زادت على ذلك بعض الدقائق أو نقصت، نصف الدقائق الزائدة أو الناقصة كما تقدم في طريق معرفة الزوال، و هكذا إذا زادت الساعات و الدقائق عن ذلك أو نقصت.

أما انحدار النجوم التي تطلع وقت غروب الشمس عن خط نصف الليل إلى جهة الغرب و أمثاله فهي علامات تقريبية، و لا تتيسر معرفتها الا لبعض الخاصة العارفين بالنجوم و أوقات طلوعها، و لا يحصل العلم بانتصاف الليل بها الا بعد مدة يتبين فيها انحدار النجم، على انها محتاجة إلى معرفة خط نصف الليل ليعرف انحدار النجم عنه.

المسألة 15

الفجر الصادق هو البياض الذي يظهر معترضا في الأفق في ناحية

كلمة التقوى، ج 1، ص: 293

المشرق، و هو لا يحتاج إلى علامة تميزه، فكلما تأمله الناظر ازداد وضوحا حتى يعم و ينتشر، و يظهر قبله الفجر الكاذب، و هو بياض مستطيل يظهر من الأفق متصاعدا الى السماء كالعمود، و قد شبه في الروايات بذنب السرحان، لأن خطوط البياض فيه منتشرة غير متصل بعضها ببعض فتبدو مع خطوط السواد ما

بينها كأنها شعر ذنب السرحان و هو الذئب.

المسألة 16

إذا صلى الإنسان صلاة العصر في أول وقت الظهرين ناسيا أو غافلا، و لم يتذكر حتى أتم العصر صحت صلاته على الأصح من اشتراك الفريضتين من أول الوقت الى آخره، و يجب عليه أن يأتي بالظهر بعدها، و كذلك الحكم في صلاة العشاء إذا أتى بها ناسيا أو غافلا في أول وقت العشاءين و لم يتذكر حتى أتمها، فتكون صحيحة و عليه أن يأتي بالمغرب بعدها لعدم الاختصاص في الوقت بناء على ما هو الأقوى.

و إذا أخر صلاة الظهرين عامدا أو ناسيا حتى تضيق الوقت و لم يبق منه الا مقدار أداء أربع ركعات فإنه يجب عليه ان يصلي العصر لأهمتيها كما قلنا في المسألة الثامنة، و لكنه إذا نسي فصلى الظهر و تذكر بعد ان أتم الصلاة كانت صحيحة على الأقوى، و وجب عليه قضاء صلاة العصر، و مثله الحكم في المغرب و العشاء إذا أخرهما حتى تضيق الوقت ثم قدم المغرب ناسيا.

المسألة 17

إذا قطع المكلف بدخول الوقت أو اعتمد على أذان ثقة عارف أو على شهادة بينة فصلى الظهر حتى أتمها، ثم تبين له بعد إتمامها أنه قد صلاها قبل دخول الوقت، فان كان قد دخل الوقت عليه قبل أن يتم صلاة الظهر و لو قبل التسليم منها كانت صحيحة، و جاز له أن يأتي بعدها بالعصر، و ان لم يدخل الوقت حتى أتم الظهر كانت باطلة، فعليه أن يعيدها ثم يصلي العصر بعدها، و مثله الحكم في المغرب و العشاء إذا وقع مثل هذا الفرض.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 294

المسألة 18

يجب الترتيب بين صلاتي الظهر و العصر، و بين المغرب و العشاء، فيأتي بالأولى من الفريضتين قبل الثانية، فإذا قدم العصر عامدا كانت باطلة، و إذا قدمها ساهيا أو ناسيا و لم يتذكر الا بعد الفراغ منها صحت عصرا، سواء كان في أول الوقت أم بعده، و عليه أن يصلي الظهر بعدها، و كذلك إذا قدم صلاة العشاء على المغرب، و قد تقدم بيان ذلك.

و إذا قدم صلاة العصر على الظهر ناسيا و تذكر في أثناء الصلاة، وجب عليه أن يعدل بنيته الى الظهر، فإذا عدل إليها صحت، و عليه أن يتمها و يصلي العصر بعدها.

و كذلك إذا قدم العشاء على المغرب، و تذكر في موضع يصح فيه العدول، وجب عليه أن يعدل بنيته الى المغرب و يسلم على الثالثة، و إذا تذكر بعد القيام إلى الركعة الرابعة عدل الى المغرب، و جلس من قيامه و تشهد و سلم، و صحت صلاته، ثم سجد للسهو عن القيام الزائد إذا تلبس معه بقراءة أو تسبيح، و الأحوط استحبابا السجود له مطلقا، و إذا تذكر بعد الركوع في

الركعة الرابعة فالأحوط أن يتمها عشاء ثم يأتي بالمغرب و يعيد العشاء بعدها.

المسألة 19

إذا حاضت المرأة بعد أن مضى من وقت الظهر مقدار أربع ركعات و لم تصلها وجب عليها قضاء صلاة الظهر بعد انتهاء الحيض، و الأحوط لزوما قضاء صلاة العصر أيضا. و إذا طهرت من حيضها و قد بقي من الوقت مقدار خمس ركعات أو أكثر وجب عليها أن تأتي بصلاة الظهر و العصر كلتيهما، فإذا لم تصلهما في الوقت وجب عليها قضاؤهما، و إذا بقي من الوقت مقدار اربع ركعات فقط وجب عليها أن تأتي بالعصر، فإن هي لم تأت بها في الوقت وجب عليها قضاؤها و كذلك الحكم في العشاءين.

و إذا كانت مسافرة أدركت صلاة الظهرين بإدراك ثلاث ركعات من الوقت، و أدركت العشاءين بإدراك أربع ركعات، فإذا

كلمة التقوى، ج 1، ص: 295

هي لم تصلهما وجب عليها قضاؤهما، و إذا أدركت مقدار ركعتين من آخر الوقت وجبت عليها الثانية، فان لم تأت بها في الوقت وجب قضاؤها، و إذا أدركت مقدار ركعتين من أول وقت الظهر و لم تصلها قضت صلاة الظهر بعد انتهاء الحيض، و الأحوط لزوما قضاء العصر كما تقدم في الحضر.

المسألة 20

إذا شرع المكلف في صلاة فريضة ثم تذكر في أثناء الصلاة انه قد صلاها، لم يجز له أن يعدل بالنية الى الفريضة التي بعدها، بل يجب عليه أن يقطع هذه الصلاة و يشرع في الفريضة اللاحقة من أولها، و مثال ذلك ان يبتدئ بصلاة الظهر و يتذكر قبل أن يتمها انه قد صلى الظهر من قبل، أو يبتدئ بصلاة المغرب، و يتذكر في أثنائها انه قد أتى بها، فعليه أن يقطع الفريضة التي بيده، و يبتدئ الفريضة الثانية من أولها، و هكذا الحكم في كل فريضة سابقه فلا يجوز

العدول منها إلى اللاحقة بعدها.

و إذا شرع في صلاة العصر ثم ذكر في أثنائها انه لم يصل الظهر قبلها، وجب عليه أن يعدل فينوي ما بيده ظهرا و يتمها كذلك، و مثله إذا شرع في صلاة العشاء و تذكر و هو فيها انه لم يصل المغرب، و في كل صلاة لاحقة في الترتيب إذا ابتدأ بها، ثم تذكر و هو في أثنائها أنه لم يأت بالصلاة السابقة عليها، فعليه أن يعدل بالنية إلى الصلاة السابقة و يتمها و تكون صحيحة مجزية، ثم يأتي باللاحقة بعدها.

المسألة 21

يستحب التفريق بين الظهر و العصر، و بين المغرب و العشاء و المراد بالتفريق المستحب أن يفرق بين الظهرين بأداء النافلة بينهما، و أن يفرق بين العشاءين بالإتيان بكل واحدة منهما في وقت فضيلتها، و لا دلالة في النصوص على غير ذلك، و قد تقدم ان فضيلة العصر تبتدئ بعد أداء الظهر من أول الزوال و تلاحظ المسألة الحادية عشرة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 296

المسألة 22

يستحب للمكلف التعجيل في الصلاة سواء أداها في وقت فضيلتها أم في وقت اجزائها فكلما قرب الأداء من أول الوقت فهو أفضل، و سيأتي في المسألة الحادية و الثلاثين ذكر المستثنيات من ذلك. و يستحب الغلس بصلاة الصبح، و هو أن يؤتى بها حال ظلمة الوقت و قبل الاسفار.

المسألة 23

إذا أدرك المكلف ركعة من الفريضة قبل أن يخرج وقتها كانت أداء و وجب عليه الإتيان بها كذلك، و لا يجوز له أن يؤخرها عامدا الى ذلك الوقت، و إذا أتى بها كذلك كان عاصيا و آثما بالتأخير و كانت صلاته أداء و صحيحة.

المسألة 24

يجوز تقديم نافلتي الظهر و العصر على الزوال في غير يوم الجمعة، إذا علم بعدم تمكنه من الإتيان بها في وقتها، و تقديمها من باب التعجيل فلا يكون أداء و لا قضاء، و أما النافلة في يوم الجمعة فقد تقدم ذكرها في المسألة السادسة.

المسألة 25

إذا أتى الإنسان بنافلة الفجر ثم نام بعدها استحب له أن يعيدها سواء كان قد أتى بها في وقتها أم قبله.

المسألة 26

يبتدئ وقت نافلة الليل من نصف الليل الى طلوع الفجر الثاني، و أفضله وقت السحر، و لعله أقل من ثلث الليل الأخير، و أفضل السحر ما قرب من الفجر.

المسألة 27

يجوز لمن يشق عليه القيام لنافلة الليل في وقتها، لغلبة النوم كالشاب و نحوه أن يقدم النافلة على نصف الليل، و كذلك ذوو الأعذار الأخرى كالشيخ، و المريض، و الضعيف، و من يخشى البرد، أو يخشى الاحتلام،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 297

و المسافر الذي يخاف فوت النافلة في وقتها لاشتغاله بحركة السفر في ذلك الوقت، فيجوز لهم تقديم النافلة على منتصف الليل و ينوون بها التعجيل لا الأداء.

المسألة 28

إذا صلى أحد ذوي الأعذار المذكورين نافلته قبل نصف الليل ثم انتبه في وقتها لم تستحب له إعادتها.

المسألة 29

يستحب قضاء نافلة الليل لمن فاتته في وقتها، و إذا تردد أمر صاحب العذر بين أن يقدم نافلة الليل على وقتها و أن يأتي بها بعد الوقت قضاء فالقضاء أفضل.

المسألة 30

إذا صلى الرجل من نافلة الليل أربع ركعات ثم تخوف أن يفاجئه طلوع الفجر قبل إتمام النافلة، فالأفضل له أن يقدم صلاة الوتر ثم ركعتي الفجر، فإذا طلع عليه الفجر صلى الفريضة و قضى باقي الركعات بعدها، و ان لم يطلع الفجر صلى من النافلة ما وسع الوقت، فإذا بقي منها شي ء أتى به قضاء بعد الفريضة.

و إذا صلى منها أربع ركعات أو أكثر و طلع الفجر أتم النافلة مخففة ثم صلى الفريضة.

و إذا ظهر الفجر و قد شرع في النافلة بركعة أو ركعتين أتم ما بيده منها، و أتى بعده بركعتي الفجر، ثم صلى الفريضة، و قضى بقية النافلة بعدها.

و إذا طلع الفجر و لم يتلبس من النافلة بشي ء صلى نافلة الفجر و صلى بعدها الفريضة ثم قضى النافلة، و كل ما ذكر انما هو لتحصيل ما هو أفضل، و الا فيجوز له إذا طلع الفجر أن يصلي صلاة الليل و الوتر و ركعتي الفجر قبل الفريضة ما لم يخرج وقت فضيلتها و لم يتخذ ذلك عادة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 298

المسألة 31

تقدم في المسألة الثانية و العشرين انه يستحب للمكلف التعجيل في الصلاة، سواء أداها في وقت فضيلتها أم في وقت اجزائها، و قد استثني من ذلك عدة موارد:

(أحدها) من يريد صلاة نافلتي الظهر و العصر قبل الفريضتين، فإنه يؤخر الفريضتين حتى يصلي النافلة، و كذلك يؤخر صلاة الفجر الى أن يصلي نافلتها إذا لم يكن قد صلى النافلة قبل ذلك.

(ثانيها): من كانت عليه فريضة فائتة، فإنه يستحب له أن يصليها قبل الفريضة الحاضرة إذا كان وقت الحاضرة موسعا.

(ثالثها): من صلى من نافلة الليل أربع ركعات أو أكثر، ثم طلع عليه الفجر، فإنه

يستحب له أن يؤخر الفريضة و يتم النافلة مخففة كما تقدم في المسألة السابقة.

(رابعها): من كان يدافع الريح أو الغائط أو البول، كرهت له الصلاة في تلك الحال، فيؤخر صلاته حتى يزيل هذه العوارض.

(خامسها): من لم يكن له توجه إلى الصلاة لبعض الطواري، فيؤخر صلاته حتى يحصل له الإقبال عليها.

(سادسها): من ينتظر صلاة الجماعة، أو ينتظر كثرة المصلين فيها، فإن الأفضل له التأخير لذلك، سواء كان إماما أم مأموما، و سواء كان التأخير قليلا أم كثيرا، إلا إذا عد تفريطا و تساهلا، و كذلك من يريد الصلاة في المسجد فالأفضل له تأخير صلاته حتى يصل الى المسجد إلا إذا كان التأخير مفرطا.

(سابعها): المكلف يؤخر صلاة العشاء الى أن يدخل وقت فضيلتها و هو ما بعد ذهاب الحمرة في المغرب و أما العصر فقد تقدم ان فضيلتها تبتدئ بعد أداء صلاة الظهر في أول الزوال، نعم يستحب تأخيرها لمن يريد صلاة النافلة قبلها و قد تقدم ذكره في المورد الأول.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 299

(ثامنها): من يخشى شدة الحر في الظهيرة فإنه يستحب له أن يؤخر صلاة الظهر ليبرد بها.

(تاسعها): من أفاض من عرفات، فإنه يستحب له ان يؤخر صلاة المغرب و العشاء الى أن يصل الى المشعر الحرام و ان كان التأخير إلى ربع الليل أو الى ثلثه.

(عاشرها): من كان صائما و تاقت نفسه إلى الإفطار أو كان في انتظاره أحد ليفطر معه فإنه يؤخر صلاة المغرب الى ما بعد الإفطار.

(حادي عشرها): المستحاضة الكبرى تؤخر المغرب الى آخر فضيلتها لتجمع بينها و بين العشاء في أول فضيلتها بغسل واحد، و اما الظهر و العصر فقد تقدم بيان فضيلة العصر، فلا تحتاج المستحاضة إلى تأخير الظهر

لإدراك الفضيلتين.

(ثاني عشرها): المربية للصبي إذا لم يكن لها غير ثوب واحد، فإنها تغسل ثوبها في اليوم مرة واحدة من بول الصبي، و لذلك فالأحوط لها أن تؤخر صلاة الظهرين لتجمع ما بينهما و بين العشاءين بعد غسل الثوب.

(ثالث عشرها): من كان حكمه التيمم و هو يحتمل زوال العذر الذي سوغ له التيمم أو هو يرجو زواله في آخر الوقت فالأحوط له لزوم التأخير حتى يحصل له اليأس من زوال العذر و خصوصا في الصورة الثانية، و كذا الحكم في غيره من أهل الأعذار على الأقوى.

(رابع عشرها): ذكر بعض الفقهاء موردا آخر و هو المسافر المستعجل في سفره، فيجوز له تأخير صلاة المغرب الى ربع الليل أو الى ثلثه كما ذكر في نصوص المورد.

و ظاهر النصوص المذكورة انما هو جواز التأخير، بل يستفاد من بعضها جواز التأخير في غير ذلك كقول الامام الصادق (ع): إذا كان أرفق بك و أمكن لك في صلاتك و كنت في حوائجك فلك أن تؤخرها إلى ربع الليل، و هذا غير رجحان التأخير و استحبابه كما في الموارد المتقدمة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 300

المسألة 32

إذا فاتت المكلف بعض الفرائض استحب له أن يعجل في قضائها و أن يقدمها على الفريضة الحاضرة إذا كان وقتها موسعا كما أشرنا إليه في المورد الثاني من المسألة المتقدمة، و إذا فاتته بعض النوافل الراتبة استحب له أن يقضيها و أن يعجل في قضائها، و الأفضل أن يقضى النوافل الليلية ليلا و النوافل النهارية نهارا.

المسألة 33

يجب على المسلوس و المبطون و صاحب الجبيرة و غيرهم من أصحاب الأعذار أن يؤخروا الصلاة الواجبة عن أول وقتها إذا كان العذر الموجود لديهم مما يرجى أو يحتمل زواله في الوقت، حتى المتيمم على الأحوط و قد ذكرنا ذلك هنا في المسألة الحادية و الثلاثين و في مبحث التيمم و غيره.

و إذا أتى المعذور بصلاته العذرية في أول وقتها برجاء استمرار العذر و تحقق منه قصد القربة في صلاته ثم استمر عذره الى آخر الوقت صحت صلاته و لم يعدها.

المسألة 34

إذا كان المكلف غير متطهر للصلاة أو كان فاقدا لبعض شرائطها كطهارة البدن أو الستر أو طهارة الثياب، أو غير ذلك من المقدمات الواجبة في الصلاة وجب عليه تأخير الصلاة عن أول وقتها حتى تحصل له مقدماتها.

المسألة 35

إذا كان المكلف جاهلا بنفس أجزاء الصلاة و شرائطها، و مثال ذلك أن يكون جاهلا كيف يتوضأ أو كيف يغتسل، أو كيف يركع و يسجد، أو ماذا يقول في قيامه و ركوعه و سجوده و تشهده، وجب عليه أن يؤخر صلاته عن أول وقتها حتى يتعلم أجزاء الصلاة و شرائطها فإنه لا يتمكن من أن يأتي بالصلاة الصحيحة قبل ذلك.

و إذا كان عارفا بأجزاء الصلاة و شرائطها و لكنه يجهل أحكامها، فإن كان ممن يمكنه الاحتياط فيها جاز له التعجيل بالصلاة في أول وقتها،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 301

فيأتي فيها بما يوافق الاحتياط و يتقرب بها الى اللّه.

و ان لم يمكنه الاحتياط و كان ممن يمكنه أن يشرع في الصلاة بقصد امتثال الأمر المحتمل، فإذا عرض له شك في صلاته أو سهو أو غيرهما من الفروض ذوات الأحكام أتى ببعض ما يحتمل من الحكم في ذلك رجاء، بقصد أن يسأل عن الحكم بعد الفراغ من الصلاة، فإن وجد ما أتى به مطابقا للواقع أو لفتوى من يقلده بنى عليه، و ان وجده مخالفا أعاده، جاز له الدخول في الصلاة كذلك و أتم صلاته و اكتفى بها إذا هي وافقت الواقع أو وافقت فتوى من يقلده، و أعادها إذا خالفت.

و ان لم يمكنه الاحتياط و لم يستطع العمل على الوجه المذكور لم تصح منه الصلاة و وجب عليه التأخير حتى يتعلم الأحكام، و الأحوط التأخير مطلقا و خصوصا في

الأحكام الغالبة الاتفاق.

المسألة 36

يجب تأخير الصلاة إذا زاحمها واجب فوري أو أهم مضيق، و مثال ذلك أن يبتلي المكلف في وقت صلاته بنجاسة تلوث المسجد أو المصحف فتجب عليه إزالتها و تطهير المسجد أو المصحف منها، أو يبتلي بالخوف على نفس محترمة من حرق أو تلف، فيجب عليه انقاذها. أو يبتلي بدين يطالبه الغريم بوفائه و هو قادر على ذلك، فيجب عليه أداؤه أو نحو ذلك، فيجب عليه تأخير الصلاة إذا كان وقتها موسعا حتى يأتي بذلك الأمر المزاحم للصلاة.

و إذا ترك المكلف ذلك الواجب و بادر إلى الصلاة كان عاصيا و آثما، و كانت صلاته صحيحة مجزية.

المسألة 37

النافلة إما راتبة و هي النوافل اليومية و قد ذكرناها على وجه الاجمال و بينا أعدادها و أوقاتها، و اما ذات سبب، و هي التي ثبت استحبابها بدليل خاص في بعض الأوقات أو لبعض الأفعال أو لغير ذلك، كصلاة الطواف المندوب و صلاة الزيارة، و تحية المسجد، و الصلوات المستحبة في الليالي و الأيام و غير ذلك مما يعسر حصره.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 302

و اما مبتدأة و هي التي ثبت استحبابها بالعمومات الدالة على استحباب مطلق الصلاة، و انها خير موضوع فمن شاء أقل و من شاء أكثر.

المسألة 38

ذكر جماعة من الفقهاء قدس اللّه أسرارهم، انه يكره للمكلف أن يبتدئ النافلة في خمسة أوقات:

(1): بعد أن يصلي المكلف فريضة الصبح حتى تطلع الشمس.

(2): بعد أن يصلي صلاة العصر حتى تغرب الشمس.

(3): حين تطلع الشمس حتى ينبسط شعاعها و يعم.

(4): حين تكون الشمس في وسط السماء حتى يكون الزوال.

(5): قبيل غروب الشمس.

و إذا كان المكلف قد ابتدأ في النافلة من قبل فدخل عليه أحد هذه الأوقات و هو في أثنائها، لم يكره له إتمامها، هكذا قالوا ره.

و الظاهر انه لا كراهة في النوافل الراتبة (و هي القسم الأول): فيجوز أن يأتي المكلف بها في أي جزء من أجزاء أوقاتها و ان اتفق في أحد هذه الأوقات الخمسة، كما إذا أتى بنافلة الظهرين بعد صلاة العصر و قبيل الغروب، و كما إذا آخر نافلة الصبح عن صلاة الفريضة، و كذلك إذا فات بعض هذه النوافل فلم يأت به في وقته، فلا كراهة في أن يقضيه في أي وقت من الأوقات.

و اما النوافل ذوات السبب و النوافل المبتدأة، ففي ثبوت الكراهة في الإتيان بها في هذه الأوقات

إشكال.

الفصل الثالث في أحكام الأوقات

المسألة 39

لا تجوز للمكلف الصلاة قبل الوقت، فإذا شرع فيها قبل الوقت وقعت باطلة، سواء أتمها كذلك أم دخل عليه الوقت في أثنائها عدا الفرض الذي

كلمة التقوى، ج 1، ص: 303

تقدم ذكره في المسألة السابعة عشرة و سيأتي بيانه كذلك في المسألة الثالثة و الأربعين.

المسألة 40

لا بد من العلم بدخول الوقت، فلا تصح الصلاة لمن يشك في دخول الوقت، و لا لمن يظن دخوله إذا كان الظن غير معتبر شرعا، كما إذا اعتمد على بعض القرائن التي أوجبت له الظن أو حصل له ذلك من قول قائل، و إذا صلى كذلك و قصد بصلاته القربة و أتم الصلاة ثم انكشف له بعد ذلك ان جميع صلاته قد وقع بعد دخول الوقت كانت صحيحة، و إذا انكشف له ان بعض صلاته وقع في الوقت أو أن جميع صلاته وقع قبل الوقت أو لم ينكشف له شي ء كانت صلاته باطلة.

المسألة 41

يصح الاعتماد على شهادة البينة العادلة بدخول الوقت، و على أذان الثقة العارف بالوقت و ان لم يكن عدلا، و يشكل جواز الاعتماد على اخبار العدل الواحد بدخوله.

المسألة 42

إذا صلى المكلف غافلا عن وجوب تحصيل العلم بالوقت حتى أتم الصلاة، فإن تبين له أن جميع صلاته أو بعضها قد وقع قبل الوقت كانت باطلة و وجبت عليه اعادتها، و كذلك إذا لم تتبين له الحال، و إذا انكشف له أن جميع صلاته وقع بعد دخول الوقت كانت صحيحة.

المسألة 43

إذا حصل له العلم بدخول الوقت أو شهدت له البينة بدخوله أو سمع أذان الثقة العارف بالوقت، فصلى اعتمادا على ذلك ثم انكشف له أن جميع صلاته قد وقع قبل الوقت وجبت عليه اعادتها، و ان انكشف له ان الوقت قد دخل في أثناء صلاته و لو قبل التسليم منها كانت صحيحة، سواء انكشف له ذلك بعد فراغه من الصلاة أم في أثنائها، و إذا علم و هو في الصلاة ان الوقت لم يدخل الى الآن، و لكنه سيدخل عليه قبل أن يتم الصلاة كانت صلاته باطلة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 304

المسألة 44

لا يكفي الظن بدخول الوقت حتى لذوي الأعذار كالأعمى و المحبوس و شبههما على الأحوط، و حتى مع وجود مانع من استعلام الوقت كالغيم و الغبار الشديد، فلا بد من تأخير الصلاة حتى يعلم بدخول الوقت على الأحوط.

المسألة 45

إذا علم المكلف بدخول الوقت فصلى، ثم تبدل قطعه بالشك لم تصح صلاته، سواء تبدل قطعه بالشك في أثناء الصلاة أم حصل له بعد الفراغ منها فتجب عليه الإعادة إلا إذا علم بدخول الوقت عليه و هو في الصلاة و لو قبل التسليم كما تقدم، و إذا حصل له الشك في أثناء الصلاة لم يحكم بصحة صلاته إلا إذا كان علمه بدخول الوقت عليه في الصلاة قد حصل له مقارنا مع الشك المذكور، و إذا تأخر عنه فلا بد من الإعادة.

المسألة 46

يجب تقديم الظهر على العصر و تقديم المغرب على العشاء، فإذا قدم العصر عامدا وقعت باطلة و وجبت عليه اعادتها بعد الظهر و كذلك إذا قدم العشاء عامدا على المغرب.

و إذا قدم العصر أو العشاء على سابقتها و هو جاهل بالحكم، فان كان حال امتثاله مترددا في الحكم بطلت صلاته و وجبت عليه اعادتها بعد الإتيان بالسابقة، و ان كان جاز ما في امتثاله غير متردد فالظاهر الصحة.

المسألة 47

إذا اعتقد انه قد اتى بالظهر فصلى العصر، ثم تذكر انه لم يصل الظهر، فان تذكر ذلك و هو في أثناء الصلاة عدل بنيته الى الظهر، فإذا عدل إليها و أتمها صحت و ان كان في الوقت المختص، و إذا تذكر ذلك بعد إتمام صلاته صحت عصرا و ان كان في الوقت المختص كذلك.

و مثله الحكم إذا قدم العصر على الظهر غافلا، فيجري فيه التفصيل المتقدم.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 305

و كذلك الحكم في العشاء إذا قدمها غافلا أو معتقدا انه صلى المغرب قبلها و تذكر بعد الفراغ منها فتصح العشاء و يجب عليه الإتيان بالمغرب، و إذا تذكر ذلك و هو في أثناء الصلاة عدل الى المغرب إذا كان قبل الدخول في الركوع من الركعة الرابعة و أتمها مغربا، و إذا تذكر بعد الدخول في ركوع الرابعة أتمها عشاء ثم صلى المغرب و أعاد بعدها العشاء على الأحوط و قد تقدم ذلك في المسألة الثامنة عشرة.

المسألة 48

إذا ابتدأ المكلف في قضاء فريضة فائتة و تذكر فائتة أخرى قبلها وجب عليه العدول بنيته إلى السابقة إذا كان الترتيب بين الفائتتين واجبا كالظهرين و العشاءين من يوم واحد، ثم لا يترك الاحتياط بإعادة السابقة بعد أن يتمها إذا عدل إليها من اللاحقة، و تلاحظ المسألة الثلاثمائة و السابعة و الستين في ما يتعلق بالفوائت التي لا يجب الترتيب في أدائها.

المسألة 49

إذا شرع المكلف في صلاة احتياطية ثم تذكر سابقه عليها لم يكف العدول عن تلك الصلاة الاحتياطية في براءة الذمة من السابقة التي عدل إليها، و ان كانت احتياطية أيضا سواء كان الاحتياط وجوبيا أم استحبابيا، و سواء كانت الصلاتان حاضرتين أم فائتتين أم مختلفتين فلا بد من الإعادة على الترتيب إذا كان الترتيب بينهما واجبا.

المسألة 50

العدول هو أن ينوي أن الصلاة التي بيده هي الصلاة السابقة بجميع أجزائها ما مضى منها و ما يأتي ثم يرتب على ذلك سائر الآثار من جهر و إخفات و عدد ركعات و غير ذلك من الواجبات في الصلاة المعدول إليها.

المسألة 51

لا يصح العدول من فريضة سابقه الى لاحقة، من غير فرق بين الحاضرتين و الفائتتين و لا يصح العدول من الفائتة إلى الحاضرة، كما

كلمة التقوى، ج 1، ص: 306

إذا ابتدأ بقضاء صلاة فائتة ثم تذكر انه قد صلاها، فليس له أن يعدل عنها إلى فريضة حاضرة، بل تكون ما بيده باطلة، و لا يصح العدول من النافلة الى الفريضة، و لا من الفريضة إلى نافلة، و يستثنى من ذلك من ابتدأ بصلاة فريضة منفردا ثم حضرت الجماعة، فإنه يصح له أن يعدل بصلاته إلى نافلة و يتمها ركعتين ليدرك صلاة الجماعة، بل يستحب له ذلك، و إذا لم يمكنه إدراك الجماعة بعد أن يتم النافلة.

قطعها و أدرك الجماعة.

و يستثنى من ذلك أيضا من نسي قراءة سورة الجمعة و المنافقين في فريضة الظهر يوم الجمعة و قرأ بغيرهما، فإنه يستحب له أن ينويها نافلة ثم يستأنف الفريضة و يقرأ فيها سورة الجمعة و المنافقين.

و لا يصح العدول من فريضة إلى فريضة إذا لم يكن بينهما ترتيب، كمن يعدل من صلاة الطواف إلى صلاة الصبح أو بالعكس، و يجوز العدول من فريضة حاضرة إلى فريضة فائتة إذا كان وقت الحاضرة متسعا، بل يستحب ذلك.

المسألة 52

إذا دخل الوقت على المكلف و مضى منه مقدار ما يؤدي به الفريضة و لم يصلها ثم طرأ له أحد موانع التكليف كالجنون و الإغماء و الحيض وجب عليه قضاء الفريضة بعد ذلك، بل الظاهر وجوب القضاء عليه إذا عرض له أحد تلك الأعذار بعد ان أدرك من الوقت ما يسع الصلاة تامة و ان لم يسع معها الطهارة، و أمكن له تحصيل الطهارة و بقية شرائط الصلاة قبل الوقت و ان

لم تحصل له هذه المقدمات بالفعل.

و الأحوط لزوما أن يقضي العصر أيضا إذا أدرك من أول الزوال مقدار أربع ركعات تامة كما تقدم في المسألة التاسعة عشرة، فلتراجع فان لها صلة تامة بهذه المسألة.

و كذلك الحكم إذا أفاق المجنون أو المغمى عليه في أثناء الوقت المشترك بمقدار يسع أربع ركعات تامة الشرائط ثم جن أو أغمي عليه مرة أخرى إلى آخر الوقت فإنه يقضي الصلاتين على نهج ما تقدم.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 307

و ان لم يدرك المكلف من الوقت مقدار ما يؤدي به الصلاة تامة لم يجب عليه القضاء.

المسألة 53

إذا ارتفع المانع من التكليف في آخر الوقت، فأفاق المجنون مثلا، و بلغ الصبي و طهرت الحائض، فإن بقي من الوقت ما يسع الصلاتين وجب عليه اداؤهما معا، فان هو لم يؤدهما وجب عليه قضاؤهما، و كذلك إذا بقي من الوقت مقدار خمس ركعات في الحضر، و مقدار ثلاث ركعات من وقت الظهرين و أربع ركعات من وقت العشاءين في السفر، فيجب عليه أداء الفريضتين، فان لم يؤدهما كان عليه قضاؤهما.

و ان بقي من الوقت ما يسع احدى الصلاتين فقط أو يسع ركعة واحدة منها فأكثر وجب عليه أداء الفريضة الثانية فان لم يؤدها في الوقت وجب عليه قضاؤها و كذلك الحكم في صلاة الفجر.

المسألة 54

إذا صلى الصبي ثم أدركه البلوغ في أثناء الوقت أو في أثناء الصلاة أجزأته تلك الصلاة و لم تجب عليه إعادتها.

المسألة 55

إذا تضيق الوقت وجب الاقتصار على أقل ما يتأدى به الواجب إذا كان الإتيان بالمستحبات يوجب خروج بعض واجبات الصلاة عن الوقت، و إذا أتى بالمستحبات و هو يعلم بذلك كان آثما و صحت صلاته على الظاهر إذا أدرك ركعة من الوقت.

و إذا لم يدرك بسبب ذلك ركعة من الوقت، فان كان قد أتى بالصلاة بنية الأداء بطلت صلاته، و ان قصد بها امتثال الأمر المتوجه اليه بالفعل أداء كان أم قضاء كانت صلاته صحيحة.

المسألة 56

تجب المحافظة على إيقاع الصلاة في الوقت بقدر الإمكان، فإذا أدرك المكلف ركعة من الصلاة أو أكثر في الوقت، لم يجز له أن يأتي بالمستحبات

كلمة التقوى، ج 1، ص: 308

في الركعة التي أدركها، و له أن يأتي بالمستحبات في ما خرج عن الوقت من الركعات الباقية.

المسألة 57

إذا صلى العصر و شك في أثنائها في انه صلى الظهر قبلها أم لا، بنى على عدم الإتيان بها على الأحوط، فإذا كان في الوقت المشترك عدل بنيته الى الظهر ثم أتى بالعصر بعد إتمامها، و إذا كان في الوقت المختص بالعصر أتم العصر ثم قضى الظهر بعدها.

الفصل الرابع في القبلة

المسألة 58

القبلة هي الموضع الذي وقع فيه البيت المعظم، لا خصوص البنية الموجودة فيه، بل من تخوم الأرض إلى السماء، فيجب استقبال جهته لكل من صلى، سواء كان في أرض مستوية أم على قمة جبل، أم في طائرة في الجو، أم في تخوم نفق عميق في الأرض.

و لا يكفي استقبال الحرم و لا المسجد حتى للبعيد، و ليس حجر إسماعيل من البيت فلا يكفي استقباله في الصلاة و ان وجب إدخاله في الطواف.

و المدار في الاستقبال على المحاذاة العرفية، و من المعلوم ان محاذاة الشي ء تتسع كلما ازداد بعده، و لا تكفي الجهة المبنية على التسامح و التساهل اختيارا.

المسألة 59

لا بد من العلم بمحاذاة القبلة إذا أمكن ذلك، أو البنية العادلة المستندة في شهادتها الى الحس، فان لم يحصل ذلك عول المكلف على الأمارات المفيدة للاطمئنان، فان لم يحصل ذلك كفى الظن، و إذا اجتهد في القبلة فكان اجتهاده على خلاف ما شهدت به البينة فإن كانت

كلمة التقوى، ج 1، ص: 309

البينة مستندة في شهادتها الى الحدس، عول على اجتهاده، و إذا كانت مستندة في شهادتها الى الحس فالأحوط تكرار الصلاة. و ان لم يمكن له تحصيل الظن بالقبلة صلى إلى أربع جهات.

المسألة 60

ذكرت لمعرفة القبلة علامات مأخوذة من قواعد علم هيئة الأرض و من أقوال المحققين فيها، و لا بأس بالعمل عليها إذا أفادت العلم أو الاطمئنان بالمحاذاة.

فمنها (الجدي) و هو نجم معروف يقع بالقرب من القطب الشمالي، فيجعل في النجف و الكوفة و ما قرب منهما من البلاد خلف الكتف الأيمن.

و الكتف هو العظم الذي يكون في آخر العاتق مما يلي العضد، و مجمع عظمي الكتف و العضد هو المنكب، فالكتف بين العاتق و المنكب.

و الأحوط أن يجعل الجدي علامة كذلك في غاية ارتفاعه أو انخفاضه، و يعرف ذلك بارتفاع بنات نعش فوقه أو انخفاضها تحته.

و الانحراف في بغداد يكون أقل من ذلك، و في الموصل و ما والاها أقل من بغداد.

و يجعل الجدي في البصرة و ما قاربها من البلاد في ثقب الأذن اليمنى و في الشام خلف الكتف الأيسر.

المسألة 61

و من الامارات التي ذكرت لمعرفة القبلة: المحاريب التي صلى فيها أحد المعصومين (ع) و هي تفيد العلم بالقبلة إذا علم ان المحراب لم يتغير اتجاهه ببناء جديد، و ان المعصوم لم يتيامن في صلاته في المحراب و لم يتياسر، فان لم يعلم ذلك كان مفيدا للظن.

و منها قبر المعصوم إذا علم بعدم تغيره في الجهة كما ذكرنا في المحراب، و علم أيضا بأن وضع القبر الخارجي مطابق لوضع الجسد الطاهر فيه، و ان لم يعلم ذلك كان مفيدا للظن.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 310

و منها قبور المسلمين في بلادهم، و محاريبهم في مساجدهم إذا لم يعلم بانحرافها عن المحاذاة الصحيحة.

المسألة 62

إذا لم يمكن للمكلف تحصيل العلم بالقبلة، و لم تقم لديه البينة العادلة المستندة في شهادتها الى الحس، وجب عليه الاجتهاد في تحصيل الاطمئنان بها، و لا يكفي الظن مع إمكان الاطمئنان، و لا يكتفي بالظن القوي مع إمكان تحصيل ما هو أقوى منه، و لا بالظن الضعيف مع إمكان تحصيل الظن القوي و لا يختص الاجتهاد بأمارات معينة، فقد يحصل العلم أو الاطمئنان من خرائط علمية دقيقة تبين مواقع البلاد من خطوط الطول و العرض، و توضح موضع مكة و مقدار انحراف البلد عنها، و قد يحصل العلم أو الاطمئنان من (البوصلة) المغناطيسية التي تعين اتجاه البلاد للقبلة، و انما يعتمد على هذه الآلة بعد اجراء التجارب عليها من أهل المعرفة في مواضع مختلفة من البلاد، فإذا اطمأن الى صحتها و مطابقتها لقواعد العلم أمكن الاعتماد عليها و الإفادة منها.

و قد يحصل العلم أو الاطمئنان من أخبار أهل الخبرة و ملاحظاتهم و دقتهم في ذلك، و قد يحصل ذلك من أخبار فاسق أو

كافر لأنه خبير دقيق في معرفته و في قوله، و لا يحصل من قول عادل لأنه قليل المعرفة بذلك و ربما غلب عليه حسن الظن فقلد.

المسألة 63

يجب الاجتهاد في القبلة على الأعمى إذا كان قادرا على ذلك كما يجب على البصير، و ان احتاج الى الاستعانة بغيره في استيضاح نتيجة الأمارة أو في تعيين الاتجاه في الموضع.

المسألة 64

لا اعتبار بقول صاحب المنزل و لا بأقوال سائر الناس الآخرين، إلا إذا أوجب العلم بالقبلة أو الاطمئنان بها، و إذا أوجب قوله ظنا بالقبلة و أمكن للمكلف تحصيل العلم أو الاطمئنان أو الظن الأقوى وجب عليه ذلك.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 311

المسألة 65

إذا اجتهد فحصل له العلم أو الاطمئنان أو الظن الأقوى بالقبلة وجب عليه العمل باجتهاده و ان كان مخالفا لما عليه محاريب المسلمين في البلد و قبورهم و مذابحهم، و إذا كان الظن الحاصل له من اجتهاده مساويا للظن الحاصل من محاريب البلد و قبورها جاز له العمل باجتهاده و ان كان الأحوط استحبابا له تكرار الصلاة الى الجهتين في هذه الصورة.

المسألة 66

إذا علم إجمالا بأن القبلة في إحدى جهتين معينتين، فان ظن بأن القبلة في إحداهما على الخصوص و كان احتمال الجهة الثانية ضعيفا موهوما صلى إلى الجهة المظنونة و اكتفى بذلك و ان لم تترجح عنده احدى الجهتين وجب عليه أن يصلي الى كل واحدة من الجهتين.

و إذا ظن بأن القبلة في إحدى جهتين معينتين و لم يعلم بذلك وجب عليه أن يكرر صلاته أربع مرات كل مرة إلى جهة من الجهات الأربع.

________________________________________

بصرى بحرانى، زين الدين، محمد امين، كلمة التقوى، 7 جلد، سيد جواد وداعى، قم - ايران، سوم، 1413 ه ق

كلمة التقوى؛ ج 1، ص: 311

المسألة 67

إذا اجتهد و حصل له الظن بالقبلة فصلى الصلاة الحاضرة، ثم حضرت صلاة أخرى لم يجب عليه تجديد الاجتهاد لهذه الصلاة إذا كان الظن الأول باقيا، و إذا زال الظن الأول أو احتمل أن يحصل له ظن أقوى منه وجب عليه الاجتهاد لها.

المسألة 68

إذا اجتهد و ظن القبلة في جهة فصلى الظهر إليها، ثم تحول ظنه إلى جهة أخرى فإن كان مقتضى ظنه الثاني انه قد صلى الظهر مستدبرا للقبلة أو كانت الى يمينه أو يساره وجبت عليه إعادة صلاة الظهر أولا، ثم يصلى العصر، و ان كان مقتضى ظنه الثاني ان صلاة الظهر قد وقعت ما بين اليمين و اليسار صلى العصر وحدها إلى الجهة الثانية و لم تجب عليه اعادة الظهر.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 312

المسألة 69

إذا ظن القبلة في جهة فصلى إليها ثم تحول ظنه إلى جهة أخرى و هو في أثناء صلاته تحول في صلاته إلى الجهة الثانية إذا كان استقباله الأول لا يبلغ محض اليمين أو اليسار من الجهة الثانية، و إذا كان الى اليمين أو اليسار منها أو كان مستدبرا بطلت صلاته و وجبت عليه إعادتها.

المسألة 70

إذا اختلف المكلفان في اجتهادهما في القبلة لم يمنع ذلك من اقتداء أحدهما بالآخر إذا كان الاختلاف بينهما لا يخل بهيئة الجماعة عرفا، و إذا بلغ الاختلاف بينهما حد الاستدبار، أو حد اليمين و اليسار أو أخل بهيئة الجماعة عرفا لم يصح لأحدهما أن يقتدي بالآخر.

المسألة 71

إذا لم يتمكن المكلف من الاجتهاد في القبلة أو لم يحصل له الظن بإحدى الجهات وجب على الأحوط أن يكرر صلاته إلى أربع جهات، و الأحوط أن تكون على أربعة خطوط متقابلة فان تضيق الوقت عن تكرار الصلاة أربع مرات، صلى منها بقدر ما وسع الوقت، فان لم يسع إلا واحدة تخير في أن يصليها الى أي الجهات شاء.

المسألة 72

إذا صلى الظهر إلى أربع جهات على الوجه المتقدم ذكره فالأحوط له أن يصلي العصر بعدها الى نفس الجهات التي صلى الظهر إليها دون اختلاف، و كذا من كان حكمه الصلاة الى جهتين أو ثلاث، و مثله الحكم في المغرب و العشاء.

المسألة 73

إذا كان حكم المكلف أن يصلي الى أربع جهات، جاز له أن يصلي الظهر الى الجهات الأربع كلها، ثم يبتدئ بصلاة العصر بعدها فيصليها كذلك حتى يتمها، و لا يجب عليه أن يأتي بالعصر على ترتيب الظهر في الجهات. و يجوز له أن يصلي الظهر إلى جهة منها ثم يصلي العصر

كلمة التقوى، ج 1، ص: 313

الى تلك الجهة، ثم يأتي بالظهر إلى جهة ثانية و يصلي العصر إليها، و هكذا الى ان يتم عدد الصلوات مع الجهات. و يجوز له ان يصلي الظهر الى جهتين أو ثلاث و يصلي العصر بعدها الى تلك الجهات ثم يتم صلاة الظهر إلى باقي الجهات و بعدها العصر.

و لا يكفي أن يصلي العصر الى جهة قبل أن يصلي إليها الظهر و كذلك حكم المغرب و العشاء.

المسألة 74

إذا صلى إلى إحدى الجهات، ثم علم أو ظن بعد صلاته إليها بأنها هي القبلة أجزأته عما في ذمته و لم تجب عليه الصلاة الى بقية الجهات، و إذا صلى إلى جهة أو أكثر ثم علم أن ما صلاة لم يكن إلى القبلة، فإن تعينت جهة القبلة عنده صلى إليها، و ان لم تتعين وجبت عليه الصلاة الى بقية الجهات.

المسألة 75

تجري جميع الأحكام المتقدم ذكرها في سائر الصلوات الواجبة غير اليومية كصلاة الآيات، و صلاة الأموات، فإذا لم يمكن للمكلف تحصيل العلم أو الاطمئنان بالقبلة وجب عليه الاجتهاد و كفى الظن الأقوى فالأقوى، و إذا لم يحصل الظن وجب تكرار الصلاة الى أربع جهات.

و تجري كذلك في غير الصلوات مما يمكن فيه التكرار كقضاء الأجزاء المنسية و كسجود السهو على الأحوط و اما الأعمال التي يجب فيها الاستقبال و لا يمكن فيها التكرار، كتوجيه الميت إلى القبلة عند احتضاره و دفنه، فإذا لم يحصل الظن بالقبلة تخير المكلف في التوجيه الى اي الجهات شاء.

و كذلك الأمر في الذبح و النحر إذا وجب على المكلف أو اضطر اليه، و لم يمكن تأخيره الى ان تعلم جهة القبلة أو تظن، و يشكل جواز ذلك في الذبح أو النحر إذا لم يكن واجبا أو مضطرا إليه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 314

المسألة 76

إذا صلى إلى جهة من الجهات من غير فحص عن القبلة غافلا أو متسامحا، و حصل منه قصد القربة في صلاته، صحت صلاته إذا تبين له بعد ذلك ان صلاته قد وقعت إلى القبلة، و صحت صلاته كذلك في صورة الغفلة إذا تبين له انه منحرف عن القبلة بما لا يبلغ حد اليمين أو اليسار، و بطلت صلاته إذا كان مستدبرا للقبلة أو منحرفا عنها بما يبلغ محض اليمين أو اليسار، و بطلت صلاته في صورة التسامح حتى إذا كان منحرفا عن القبلة بما دون اليمين و اليسار، و بطلت صلاته إذا لم يستبن له شي ء.

الفصل الخامس في أحكام الاستقبال، و الخلل في القبلة

المسألة 77

يجب الاستقبال في جميع الصلوات الواجبة، سواء كانت يومية أم غيرها، و سواء كانت أداء أم قضاء، حتى في اليومية المعادة جماعة، و المعادة احتياطا، و ان كان الاحتياط استحبابيا.

و يجب الاستقبال في ما يتبع الصلاة، كصلاة الاحتياط عند حدوث أحد الشكوك فيها و قضاء ما ينسى من الأجزاء، و سجود السهو على الأحوط فيه.

و يشترط الاستقبال في صحة صلاة النافلة إذا أتى بها مستقرا على الأرض و شبهها، و لا يشترط في صحة النافلة إذا أتى بها ماشيا أو راكبا، و ان كانت واجبة على المكلف بنذر و نحوه.

المسألة 78

المدار في الاستقبال في الصلاة على صدق الاستقبال في نظر أهل العرف سواء صلى قائما أم جالسا، فلا يجب الاستقبال بأصابع رجليه في حال القيام، و لا بركبتي الجالس و لا بالقدمين إذا جلس عليهما.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 315

و إذا صلى مضطجعا استقبل القبلة بوجهه و مقاديم بدنه كهيئة الميت عند دفنه، و من صلى مستلقيا استقبل بوجهه و باطن قدميه كهيئة الميت عند احتضاره.

المسألة 79

إذا لم يتوجه المكلف إلى القبلة في صلاته و كان عالما عامدا بطلت صلاته و ان كان انحرافه عنها لا يبلغ اليمين أو اليسار، و كذلك إذا كان جاهلا بالحكم سواء كان قاصرا أم مقصرا فتجب عليه إعادة الصلاة إذا كان الوقت باقيا، و يجب عليه قضاؤها إذا كان الوقت خارجا، و مثله ناسي الحكم و الغافل عنه.

المسألة 80

إذا اعتقد ان القبلة في جهة معينة فصلى إليها ثم تبين له خطأ اعتقاده و كان انحرافه عن القبلة لا يبلغ محض اليمين أو اليسار صحت صلاته و لم تجب عليه اعادتها، و إذا تبين له ذلك و هو في أثناء صلاته صح ما مضى منها و وجب عليه ان يتوجه إلى القبلة في باقي صلاته، فإذا أتمها كذلك أجزأته.

و كذلك الغافل عن القبلة أو الناسي لها إذا صلى إلى إحدى الجهات ثم تبين له انه منحرف عن القبلة بما لا يبلغ اليمين أو اليسار فصلاته صحيحة و عليه ان يتوجه إلى القبلة في باقي صلاته إذا تذكر ذلك في أثناء الصلاة.

المسألة 81

إذا اعتقد ان القبلة في جهة خاصة فصلى إليها ثم استبان له خطأ اعتقاده، و كان انحرافه عن القبلة يبلغ حد اليمين أو اليسار وجبت عليه إعادة الصلاة إذا كان الوقت باقيا، سواء تبين ذلك له في أثناء الصلاة أم بعد الفراغ منها، فان هو لم يعد الصلاة بعد ان تبين له ذلك في الوقت وجب عليه قضاؤها بعد الوقت، و إذا تبين له ذلك بعد خروج الوقت لم يجب عليه القضاء.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 316

و إذا كان مستدبرا للقبلة وجبت عليه إعادة الصلاة في الوقت أو القضاء في خارجه على الأحوط.

و إذا صلى كذلك غافلا عن القبلة أو ناسيا لها ثم تذكر وجبت عليه إعادة الصلاة إذا كان الوقت باقيا و القضاء إذا كان خارجا على الأحوط سواء تبين له انه مستدبر للقبلة، أم منحرف عنها بما يبلغ اليمين أو اليسار.

المسألة 82

إذا صلى الجاهل بالقبلة إلى أربع جهات ثم استبان له انه قد انحرف عن القبلة بمقدار ثمن الدائرة صحت صلاته و اغتفر له هذا الانحراف، و إذا صلى إلى إحدى الجهات فاستبان له بعد الصلاة انه قد انحرف عن القبلة بمقدار ثمن الدائرة أجزأته صلاته فلا تجب عليه إعادة الصلاة، و إذا ضاق عليه الوقت فصلى إلى إحدى الجهات صحت صلاته إذا كان منحرفا عنها بما لا يبلغ اليمين و اليسار، و قضاها على الأحوط إذا استبان له ان انحرافه أكثر من ذلك.

المسألة 83

يجب الاستقبال بالميت على الأحوط في حال احتضاره فيجعل وجهه و باطن قدميه إلى القبلة، و قد تقدم بيانه في المسألة الستمائة و الأربعين من كتاب الطهارة و الأحوط أن يستمر الاستقبال به كذلك الى أن يتم تغسيله.

المسألة 84

يجب الاستقبال بالميت حال الصلاة عليه بأن يجعل رأسه الى يمين المصلي عليه و رجلاه الى يساره و قد تقدم ذكر ذلك في المسألة السبعمائة و الثانية و الأربعين من كتاب الطهارة.

المسألة 85

يجب الاستقبال بالميت في دفنه فيجعل وجهه و مقاديم بدنه الى القبلة كما ذكرناه في المسألة السبعمائة و التاسعة و الخمسين من كتاب الطهارة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 317

المسألة 86

إذا دفن الميت الى غير القبلة وجب نبش قبره للاستقبال به، الا إذا أوجب ذلك هتك حرمة الميت أو لزم منه الحرج.

المسألة 87

يجب الاستقبال في الذبح و النحر، بأن يجعل مذبح الحيوان أو منحره و مقاديم بدنه الى القبلة، و الأحوط أن يكون الذابح مستقبلا كذلك في حال ذبحه أو نحره و ان كان الأقوى عدم وجوب ذلك.

المسألة 88

إذا ذبح الإنسان الحيوان أو نحره الى غير القبلة و كان عالما عامدا في فعله حرم الحيوان المذبوح أو المنحور، بل كان ميتة نجسة، و ان كان ناسيا أو جاهلا بالحكم أو اعتقد في جهة أنها القبلة فذبح الحيوان أو نحره إليها، ثم استبان له خلافها، فلا يحرم الحيوان في جميع ذلك.

و كذلك إذا لم يعرف جهة القبلة و كان الذبح عليه واجبا أو كان مضطرا اليه، فذبحه إلى إحدى الجهات، أو اضطر الى ذبح الحيوان الى غير القبلة كالحيوان المستعصي و الواقع في بئر و نحوه.

المسألة 89

يحرم استقبال القبلة و استدبارها في حال التخلي بالبول أو الغائط، و الأقوى الحرمة أيضا حال الاستبراء و الاستنجاء منهما إذا علم أو ظن ظنا اطمئنانيا بخروج شي ء من البول أو الغائط في استبرائه و استنجائه، و إذا لم يعلم بذلك و لم يظن لم يحرم، و تراجع المسألة المائتان و الثالثة و التسعون من كتاب الطهارة.

المسألة 90

يستحب استقبال القبلة في حال الجلوس مطلقا، فقد روي عنهم (ع) خير المجالس ما استقبل به القبلة، و ينبغي المحافظة على ذلك في حال تأدية العبادات على الخصوص كحال الوضوء و الدعاء و قراءة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 318

القرآن و التعقيب بعد الصلاة و عند الاشتغال بالذكر و في سجدة الشكر و سجود التلاوة.

المسألة 91

يكره استقبال القبلة و استدبارها حال الجماع و عند لبس السروال و أمثال ذلك مما ينافي التعظيم.

الفصل السادس في الستر و الساتر

المسألة 92

يجب على المكلف ستر عورته عن كل ناظر محترم، سواء كان المكلف رجلا أم امرأة، و سواء كان الناظر مماثلا أم غير مماثل، و سواء كان من المحارم أم من غيرهم، و سواء كان مسلما أم كافرا، حتى عن الطفل و المجنون إذا كانا مميزين. و يحرم على المكلف أن ينظر إلى عورة الغير حتى الطفل المميز و حتى المجنون و ان كان غير مميز، و تلاحظ المسألة المائتان و السادسة و الثمانون و المسائل التي بعدها من كتاب الطهارة، فإنها تتضمن تفصيل الأحكام المتعلقة بذلك.

المسألة 93

يجب على المرأة ستر جميع بدنها عن الرجال ما عدا الزوج و المحارم منهم، و ما عدا السيد إذا كانت المرأة مملوكة، و يحرم على الرجل أن ينظر إلى المرأة الأجنبية عنه و الى شعرها و الى شي ء من جسدها، و الأجنبية هي غير الزوجة و المملوكة و المحارم من النساء، فلا يجوز للرجل النظر الى من عداهن من النساء و ان كانت قريبة منه في النسب كابنة العم و ابنة الخال و قد فصلنا ذلك في مسائل الفصل الأول من كتاب النكاح.

و قد استثنى من ذلك جماعة وجه المرأة الأجنبية و كفيها، فجوزوا النظر إليها إذا كان بغير ريبة و لا تلذذ محرم، و هذا القول لا يخلو من قوة، و ان كان الأحوط الاجتناب، فالأحوط للمرأة سترها عن الأجانب من الرجال.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 319

و يحرم على الرجل النظر إذا كان مع الريبة أو التلذذ المحرم و ان كان المنظور اليه رجلا مثله، شيخا أو شابا أو كانت امرأة من محارمه و كذلك في المرأة فيحرم عليها النظر بريبة أو تلذذ الى امرأة مثلها أو رجل

من محارمها.

المسألة 94

يحرم النظر الى شعر المرأة الأجنبية و ان كان مقطوعا منها، فإذا وصلت المرأة شعرها بشعر امرأة أخرى لم يجز لزوجها و محارمها من الرجال النظر اليه، و يشكل الحكم بوجوب ستره على المرأة عن نظرهم و نظر الآخرين، و لكنه أحوط، كما ان الأحوط عدم نظر الأجنبي إلى القرامل التي توضع في شعر المرأة، و ان لم يظهر الشعر نفسه للرائي، و الى الحلي الذي يكون عليها و ان لم تبد مواضع الزينة منها، و الأحوط أيضا لزوم ستر ذلك على المرأة عن الأجانب من الرجال.

المسألة 95

الواجب في غير الصلاة هو أن يستر المكلف عورته عن أى ناظر، و ان تستر المرأة جميع بدنها عن الأجانب من الرجال و المراهقين، بل و عن الصبيان الذين يكون النظر منهم إلى المرأة أو النظر منها إليهم مثيرا للشهوة، و لا يعتبر في ذلك ساتر مخصوص و لا كيفية خاصة، بل المدار إن يتأدى الواجب بأي وجه اتفق.

المسألة 96

لا يتقيد وجوب الستر في الصلاة بوجود ناظر، بل يجب الستر على المكلف و ان لم يوجد في المكان احد ينظر اليه، أو كان الوقت أو المكان مظلما لا تستبين فيه الأشياء، أو كان الرائي الموجود ممن يباح له النظر الى المصلي كالزوجة للزوج و بالعكس.

المسألة 97

يجب على الرجل في صلاته ستر القبل و الدبر و البيضتين، و الأحوط لزوما ستر العجان و هو ما بين الدبر و أصل الذكر و ستر الشعر النابت في أطراف العورة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 320

و الواجب في ذلك ستر عين العورة، فلا يكفي ستر اللون وحده، بل يجب ستر الشبح الذي يرى من وراء الثوب و الذي تعد حكايته حكاية العين عرفا، و لا يجب ستر حجم العورة.

المسألة 98

يجب على المرأة في صلاتها أن تستر جميع جسدها و رأسها و رقبتها و شعرها ما عدا الوجه و اليدين و القدمين، و يراد بالوجه ما وجب غسله في الوضوء، و يراد باليدين الكفين إلى أول الزندين، و يراد بالقدمين ظاهرهما و باطنهما الى المفصل بينهما و بين الساق، و لا بد من أن تستر شيئا من حدود الوجه و اليد و القدم ليحصل العلم بتحقق الستر الواجب، و يجب عليها أن تستر ما تحت الذقن حتى ما يبدو منه بعد أن تلبس الخمار على الأحوط.

المسألة 99

لا يجب على المرأة ستر ما على الوجه أو الكفين من زينة أو حلي، و لا ستر الشعر و القرامل الموصولة بشعرها إذا كان شعرها جميعه مستورا، و إذا وجد الناظر الأجنبي سترت ذلك عن الناظر على الأحوط كما تقدم لا من حيث الصلاة، فإن تعمدت فلم تستره كانت متجرئة لعدم التستر عن الأجنبي و لم تبطل صلاتها.

المسألة 100

لا يجب على الأمة المملوكة في الصلاة ستر رأسها و لا عنقها و لا شعر رأسها، و يجب عليها ستر جميع ما عدا ذلك من جسدها كله، غير الوجه و الكفين و القدمين كالحرة، سواء كانت قنة أم مدبرة أم مستولدة أم مكاتبة، و إذا كانت مبعضة وجب عليها ستر الرأس و الشعر و العنق و كان حكمها حكم الحرة.

المسألة 101

لا يشترط في صلاة الحرة إذا كانت صغيرة غير بالغة أن تستر رأسها

كلمة التقوى، ج 1، ص: 321

و رقبتها في الصلاة، فإذا صلت و هي مكشوفة الرأس و الرقبة كانت صلاتها صحيحة.

المسألة 102

يجب الستر على الوجه المتقدم بيانه في الذكر و الأنثى في جميع الصلوات الواجبة و المندوبة حتى في صلاة الجنازة على الأحوط، و يجب في قضاء الأجزاء المنسية من الصلاة و في سجود السهو، و لا يجب في سجود التلاوة و لا في سجدة الشكر.

المسألة 103

الطواف في البيت بمنزلة الصلاة فيشترط فيه ستر العورة.

المسألة 104

إذا أبدت الريح عورة المصلي أو بعضها من غير اختياره أو انكشفت كذلك غفلة منه لم تبطل صلاته بذلك، فإذا هو لم يعلم بانكشافها حتى أتم الصلاة أو حتى حصل له الستر اتفاقا أجزأته صلاته و لم تجب عليه اعادتها. و إذا علم بذلك في أثناء الصلاة، فإن اتفق حصول الستر له قبل أن يعلم بانكشاف العورة أو مقارنا لحصول العلم صحت صلاته، و ان لم تنستر عورته الا بعد العلم بها، فالظاهر بطلان صلاته، و الأحوط له أن يتم الصلاة ثم يعيدها.

المسألة 105

إذا نسي المكلف أن يستر عورته و صلى و لم يتذكر حتى أتم الصلاة أو حتى حصل له الستر اتفاقا صحت صلاته و لم تجب عليه اعادتها.

و إذا تذكر ذلك و هو في أثناء الصلاة فإن اتفق له حصول الستر قبل أن يتذكر أو مقارنا لتذكره صحت صلاته و ان لم تنستر عورته الا بعد التذكر فالظاهر البطلان و الأحوط إتمام الصلاة ثم اعادتها.

و كذلك الحكم إذا ترك التستر غافلا و صلى، فيجري فيه التفصيل المتقدم و إذا ترك التستر جاهلا بالحكم بطلت صلاته.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 322

المسألة 106

يجب ستر العورة مطلقا فلا يكفي سترها من بعض الجوانب إذا كانت مكشوفة من جانب آخر و لو من فوق، كما إذا كان الثوب واسع الجيب بحيث لا يستر العورة إذا نظر الناظر اليه من فوق أو من إمام في حال الركوع أو من تحت، كما إذا وقف المصلي على شباك أو طرف سطح و ليس له ساتر عمن ينظر اليه من تحته، و إذا وقف على الأرض لم يجب عليه الستر من تحته.

المسألة 107

الأحوط أن يستر عورته حتى عن نفسه، فلا تصح الصلاة إذا كان يرى عورة نفسه و لو في بعض أحوال الصلاة و ان كانت مستورة عن الآخرين، و مثال ذلك ان يلبس ثوبا واسع الجيب يكشف له عورته في بعض حالات الصلاة و لا يراها غيره.

المسألة 108

يكفي في الستر أن يكون المصلي مستور العورة من أول الصلاة الى آخرها و في جميع حالاتها، و ان كان ساتره في حال القيام مثلا ثوبا لا يكفي لستره في حال الركوع و السجود و لكنه يضم اليه قبل أن يركع شيئا آخر يستمر معه الستر و لا تنكشف له عورة، أو يلبس ثوبا مخرقا فيتستر به في كل حالة من حالات الصلاة على وجه مخصوص بحيث يتأدى به الواجب.

المسألة 109

يكفي في ستر الصلاة أن يتستر المصلي بالورق و الحشيش و لو في حال الاختيار إذا تأدى به المقصود، و يكفي أن يتستر بالقطن أو الصوف أو الوبر غير المنسوج كذلك. و يكفي في حال الاضطرار أن يطلي بالطين على وجه يستر عين العورة و لا يكفي مجرد ستر لونها و لا يكفي ذلك في حال الاختيار.

و لا يكفيه أن يستر عورته بيده أو بيد زوجته حتى في حال الاضطرار.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 323

الفصل السابع في شرائط لباس المصلي

اشارة

و هي أمور:

[الأول: الطهارة]
المسألة 110

الأول: يشترط في لباس المصلي أن يكون طاهرا، سواء كان ساترا أم لا، و قد سبق تفصيل ذلك في الفصل العاشر من كتاب الطهارة.

و يستثنى من ذلك ما لا تتم الصلاة فيه منفردا كالتكة و الجورب و القلنسوة، و جميع ما يعفى عنه في الصلاة، و يلاحظ الفصل الحادي عشر من كتاب الطهارة فقد فصلنا الكلام فيه على ذلك.

[الثاني: أن يكون مباحا]
المسألة 111

الثاني: يشترط في لباس المصلي أن يكون مباحا، سواء كان ساترا أم لا، و حتى ما يحمله إذا كان يتحرك بحركات الصلاة، و الأحوط مطلقا، فلا تجوز الصلاة في المغصوب و ان كان خيطا قد خيط به بعض ملابسه، و تبطل الصلاة إذا كان المصلي عامدا في فعله و عالما بحرمته و ان كان جاهلا بأنه يبطل صلاته على الأقوى، و تبطل صلاته كذلك إذا كان جاهلا بالحكم عن تقصير.

و لا تبطل صلاته إذا كان جاهلا قاصرا، و لا تبطل إذا كان جاهلا بالغصبية أو ناسيا لها، حتى الغاصب نفسه إذا نسي الغصبية فصلى، نعم تبطل صلاة الغاصب الناسي إذا كان ممن لا يبالي بذلك إذا تذكر الغصبية.

المسألة 112

لا فرق في حرمة الصلاة في المغصوب بين أن يكون مغصوب العين أو مغصوب المنفعة كما إذا أجر المالك ثوبه للغير ليلبسه مدة معينة، فلا تصح الصلاة فيه إذا غصب من المستأجر و تبطل الصلاة فيه إذا كان متعلقا لحق الغير و غصب ذلك الحق، كحق الزكاة و حق الخمس، بل

كلمة التقوى، ج 1، ص: 324

و حق الرهانة على الأحوط، نعم لا تبطل الصلاة إذا كان من الحقوق التي لا تمنع من إيقاع الصلاة فيه كحق الخيار للبائع و نحوه.

المسألة 113

إذا صبغ الثوب بصبغ مغصوب فالأحوط اجتناب الصلاة فيه و في الخيط المصبوغ بل لا يخلو عن وجه.

نعم إذا أجبر الصباغ على صبغ الثوب و كان الثوب و الصبغ مباحين، أو أجبر الخياط على خياطته و كان الثوب و الخيط مباحين، فالظاهر صحة الصلاة فيه و ان كان آثما بإجبار العامل و مشغول الذمة له بأجرة عمله.

المسألة 114

إذا طهر الثوب المتنجس أو غسله من وسخه بماء مغصوب، فإذا جف الماء من الثوب صحت الصلاة فيه، و الأحوط عدم الصلاة فيه قبل الجفاف، و عليه قيمة الماء لمالكه.

المسألة 115

إذا أذن المالك لأحد في الصلاة في ثوبه المغصوب منه صحت له الصلاة فيه و ان بقي مغصوبا، سواء كان المأذون له في الصلاة هو الغاصب أم غيره، و إذا أذن في الصلاة فيه إذنا مطلقا صح للآخرين الصلاة فيه، و أشكل الجواز في الغاصب نفسه الا ان يعلم عموم الاذن له و لغيره، فتصح له الصلاة فيه كما تصح لغيره.

المسألة 116

إذا اضطر الإنسان إلى لبس الثوب المغصوب لحفظ نفسه جاز له لبسه إذا كان المضطر غير الغاصب و صحت له الصلاة فيه، و إذا كان المضطر هو الغاصب فيشكل الحكم بجواز لبسه و صحة الصلاة فيه.

و إذا اضطر الى لبس الثوب المغصوب لحفظ نفس الثوب لا لحفظ نفسه أشكل الحكم بالجواز، إلا إذا كان بقصد رد الثوب الى مالكه،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 325

فيجوز له لبس الثوب لهذه الغاية و تصح له الصلاة فيه إذا كان حفظ الثوب موقوفا على لبسه.

المسألة 117

إذا صلى المكلف في الثوب و هو ناس لغصبيته ثم تذكرها في أثناء صلاته فان كان عليه ساتر آخر مباح و أمكنه نزع الثوب المغصوب من غير فعل مناف للصلاة، وجب عليه نزع الثوب المغصوب فورا، و لم يتشاغل بالصلاة مدة نزعه، فإذا نزعه قبل أن تفوت الموالاة بين اجزاء الصلاة أتم صلاته و كانت صحيحة مجزية، و إذا فاتت الموالاة أو حصل له ما ينافي الصلاة أو لم يكن عليه ساتر آخر مباح قطع الصلاة و أعادها إذا كان الوقت متسعا و لو لإدراك ركعة واحدة من الصلاة، و إذا ضاق الوقت عن ذلك و كان عليه ساتر آخر اشتغل بالصلاة في حال النزع، و كذلك الحكم إذا صلى في الثوب و هو جاهل بغصبيته ثم علم بها في أثناء الصلاة.

المسألة 118

إذا اشترى الثوب بثمن في الذمة ثم وفاه من مال تعلق به الخمس أو الزكاة صح البيع و جازت له الصلاة في الثوب، فإن أدى الخمس أو الزكاة من مال آخر برئت ذمته، و ان لم يؤده جاز للحاكم الشرعي ان يتتبع المال فيأخذ منه الخمس أو الزكاة، فإذا أخذه منه رجع البائع بذلك على المشتري.

و إذا اشترى الثوب بعين المال الذي تعلق به الخمس أو الزكاة لم تصح الصلاة فيه و كان حكمه حكم المغصوب إلا إذا أدى الحق من مال آخر، أو ضمنه بمراجعة الحاكم الشرعي ضمانا شرعيا. و يصح البيع إذا أجازه الحاكم بحسب ولايته فيكون ما يقابل مال الزكاة أو الخمس ملكا للفقراء و السادات على تأمل.

الثالث أن لا يكون من أجزاء الميتة،
المسألة 119

الثالث من شرائط لباس المصلي أن لا يكون من أجزاء حيوان ميت، سواء كان الحيوان مما يحل أكله إذا ذكي أم مما يحرم، و سواء كانت

كلمة التقوى، ج 1، ص: 326

ميتته نجسة أم طاهرة، كميتة السمك و نحوه مما لا نفس له سائلة على الأحوط.

المسألة 120

إذا أخذ الإنسان جلد الحيوان أو لحمه أو شحمه أو غير ذلك من اجزائه من يد مسلم، أو اشتراه من سوق المسلمين، أو وجده في أرضهم، فهو بحكم المذكى، و لا يكفي مجرد ذلك في الحكم عليه بالتذكية حتى يقترن بتصرف أو أثر يدل على التذكية كبيع المسلم إياه أو أكله منه، أو الصلاة فيه، و إذا لم تقترن يد المسلم أو سوق المسلمين بمثل هذا التصرف أو الأثر الدال على التذكية لم تكن أمارة دالة على تذكية الحيوان، و كذا ما يوجد مطروحا في أرضهم.

المسألة 121

ما يشترى من سوق المسلمين و هو مقترن بأثر أو تصرف يدل على التذكية فهو بحكم المذكى كما تقدم، سواء اشتراه من مسلم أم من شخص مجهول الإسلام و الكفر، و كذا ما يكون في أرض المسلمين.

المسألة 122

يجب اجتناب ما يؤخذ من الكافر من الجلود و الشحوم و اللحوم سواء كان في بلاد الكفر أم في بلاد الإسلام، و ان كان في سوق المسلمين، الا ان يعلم بسبق يد المسلم عليه المقرونة بالتصرف المناسب للتذكية فيحكم بطهارته و جواز الصلاة فيه و كذا ما يوجد في أرض الكفار و يجب اجتناب ما يؤخذ من مجهول الإسلام و الكفر إذا كان في بلاد يغلب عليها غير المسلمين، و كذلك إذا كان في بلاد يغلب عليها المسلمون و كانت السوق التي أخذ منها لغير المسلمين على الأحوط في هذا الأخير.

المسألة 123

إذا كان ما في يد المسلم أو ما في سوق المسلمين مسبوقا بيد الكافر، كالجلود و اللحوم و الشحوم التي يستوردها المسلمون من بلاد الكفار، فان لم يعلم باشتمال ما في يد الكافر على المذكى و غيره حكم بعدم تذكيته

كلمة التقوى، ج 1، ص: 327

و وجب اجتنابه جميعا، و ان علم إجمالا بأن ما في يد الكافر يشتمل على المذكى و غيره، فللبناء على الطهارة و الإباحة فيه وجه، أما جواز الصلاة فيه فهو مشكل.

المسألة 124

إذا كان المسلم ممن يقول بطهارة جلد الميتة إذا دبغ، فالأحوط اجتناب ما في يده من الجلود.

المسألة 125

لا يجوز على الأحوط استصحاب شي ء من أجزاء الميتة حال الصلاة و ان لم يكن ملبوسا، و إذا استصحبه بطلت صلاته على الأحوط، و قد ذكرنا ذلك في فصل ما يعفى عنه في الصلاة.

المسألة 126

الأجزاء التي لا تحلها الحياة من الحيوان لا تنجس بموته إذا كان طاهر العين في حال حياته كالشعر و الصوف و الوبر، كما ذكرناه في مبحث نجاسة الميتة، فإذا كان الحيوان مما يؤكل لحمه جازت الصلاة في الثوب المتخذ من صوفه أو وبره أو شعره، و ان أخذ منه بعد موته، و إذا أصابتها رطوبة الميتة حين نتفها أو قلعها فلا بد من تطهيرها من النجاسة العرضية.

المسألة 127

إذا صلى في جلد الميتة أو في شي ء من اجزائها ناسيا، و كانت الميتة مما له نفس سائلة، وجبت عليه إعادة الصلاة إذا تذكر في الوقت و يجب قضاؤها إذا تذكر بعد الوقت، و إذا كانت الميتة مما لا نفس له لم تجب عليه الإعادة.

المسألة 128

إذا صلى في شي ء من أجزاء الميتة و هو لا يعلم بأنها ميتة حتى أتم الصلاة صحت صلاته و لم تجب عليه اعادتها، و إذا كان ملتفتا شاكا

كلمة التقوى، ج 1، ص: 328

لم تجز له الصلاة فيه الا ان تقوم لديه امارة تدل على التذكية و إذا صلى كذلك فصلاته باطلة.

المسألة 129

إذا شك في شي ء انه جزء من حيوان أم من غيره، حكم بأنه طاهر و جازت له الصلاة فيه، و كذلك إذا علم بأنه جزء حيوان و شك في ان ذلك الحيوان مما له نفس سائلة أم لا فتصح له الصلاة فيه.

[الرابع: أن لا يكون من أجزاء ما لا يؤكل لحمه،]
المسألة 130

الرابع من شرائط لباس المصلي أن لا يكون من أجزاء ما لا يؤكل لحمه، فلا تصح الصلاة في جلد الحيوان غير المأكول و لا في شعره أو صوفه أو وبره، و لا في شي ء من أجزائه أو شي ء من فضلاته، سواء كان الحيوان مذكى أم حيا أم ميتا، و سواء كان ذا نفس سائلة أم لا إذا كان ذا لحم، كالسمك المحرم أكله على الأحوط، و سواء كان ما صلى فيه من الحيوان ملبوسا أم مخلوطا به أم محمولا له، حتى الشعرات التي تقع على ثياب المصلي منه، و حتى عرقه و ريقه و ان كان يابسا إذا كانت له عين موجودة.

المسألة 131

لا فرق في الحكم الآنف ذكره بين أن يكون الحيوان محرم الأكل بالأصالة أم بالعرض على الأحوط كالحيوان الجلال و موطوء الإنسان و شارب لبن الخنزيرة، فلا تصح الصلاة في شي ء من أجزائه و فضلاته على الأحوط، و الظاهر ان الحكم لا يعم الحيوان الذي يحرم أكله على الإنسان لكون لحمه مضرا له أو لأنه نذر ترك أكله أو حلف عليه.

المسألة 132

تصح الصلاة في الشمع أو العسل إذا وقع على ثياب الإنسان و ان كانا من فضلات النحل و تصح الصلاة في الحرير كما سيأتي تفصيله و ان كان فضلة دود القز، و تصح الصلاة في دم البرغوث و البق و نحو ذلك من الحيوانات التي لا لحم لها، و تصح الصلاة في الصدف للشك في أنه جزء من الحيوان أم لا.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 329

المسألة 133

تصح الصلاة في فضلات الإنسان الطاهرة إذا وقعت على البدن أو على الثياب منه أو من غيره، كالعرق و الريق و اللبن و الوسخ و الشعر، فيجوز للمرأة أن تصلي في فضلات الطفل الطاهرة التي تقع على بدنها أو على ثيابها، و في بقايا اللبن التي تقع على صدرها أو على ثيابها في أثناء الرضاع و غيره، و في الشعر الذي تصل به شعرها، سواء كان شعر رجل أم امرأة.

المسألة 134

تجوز الصلاة في اللباس إذا شك في انه متخذ من الحيوان المأكول أو من غير المأكول و تجوز الصلاة في الشي ء إذا شك فيه انه من أجزاء الحيوان أو غير الحيوان.

المسألة 135

إذا صلى الإنسان في غير المأكول و هو لا يعلم بأنه غير مأكول و كان جهله بنحو الشبهة الموضوعية، فالظاهر صحة صلاته، و إذا كان جاهلا بالحكم أو ناسيا للموضوع أو الحكم فالأحوط بل الظاهر بطلان صلاته.

[الخامس: أن لا يكون من الذهب]
المسألة 136

الخامس من شرائط لباس المصلي ان لا يكون من الذهب إذا كان المصلي رجلا فلا تجوز الصلاة في الذهب للرجال، و لا يجوز لهم لبس الذهب حتى في غير الصلاة، و إذا لبس الرجل الذهب في غير الصلاة كان آثما، و إذا صلى فيه كان آثما و بطلت صلاته، سواء كان الملبوس ذهبا خالصا أم ممزوجا، إذا صدق معه انه لبس الذهب و صلى فيه، و سواء كان مما تتم الصلاة فيه كالثوب المنسوج بالذهب أم كان مما لا تتم الصلاة به كالخاتم و المنطقة و حمائل السيف.

المسألة 137

يجب على الرجل اجتناب المموه بالذهب إذا صدق معه لبس الذهب

كلمة التقوى، ج 1، ص: 330

عرفا، فإذا لم يصدق عليه ذلك لم يحرم، و ان كان الأحوط تركه، و كذلك الحكم في الملحم به.

المسألة 138

يحرم التزين بالذهب على الرجال بمثل الزر و السن و نحوهما و ان لم يكن لبسا للذهب، فلا تبطل الصلاة إذا صلى الرجل و هو متزين به على الظاهر، و ان أثم بذلك.

المسألة 139

لا تبطل صلاة الرجل بحمل الذهب معه في صلاته، سواء كان المحمول معه مسكوكا أم غيره، و لا بأس بشد الأسنان به.

المسألة 140

لا تحرم تحلية السيف و الخنجر بالذهب و إذا حملهما الرجل كذلك لم يصدق عليه أنه لبس الذهب عرفا فلا مانع من الصلاة فيهما، و لكنه إذا جعل غمد السيف كله أو أكثره من الذهب أو كان السيف نفسه من الذهب بحيث يعد في العرف انه لبس الذهب، فالظاهر حرمة لبسه و بطلان الصلاة فيه.

المسألة 141

يجوز للنساء لبس الذهب و تصح لهن الصلاة فيه، و لا يحرم على الصبي المميز لبس الذهب، و لا تصح صلاته فيه على الأحوط، بل لا يخلو عن قوة.

المسألة 142

إذا شك الرجل في شي ء انه ذهب أم غيره، جاز له لبسه و صحت له الصلاة فيه.

المسألة 143

يحرم على الرجل لبس الذهب و تبطل الصلاة سواء كان ظاهرا أم مستورا.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 331

المسألة 144

يجوز للمكلف حمل الساعة التي يكون قابها من الذهب، و تصح له الصلاة و هو يحملها و اما زنجير الساعة إذا كان مصوغا من الذهب فيحرم عليه التزين به و لا تبطل الصلاة فيه، و لا يبعد صدق لبس الذهب عليه عرفا إذا علقه في رقبته، فتحرم الصلاة فيه.

المسألة 145

إذا صلى الرجل في الذهب و هو لا يعلم بأنه ذهب فالظاهر صحة صلاته فيه، و كذلك الحكم إذا صلى فيه و هو ناس لكونه من الذهب، أو ناس للحكم بحرمة الصلاة فيه فتصح صلاته و اما الجاهل بالحكم و خصوصا المتردد فيه حال دخوله في الصلاة فعليه إعادة الصلاة على الأقوى في المتردد و على الأحوط في المتردد و غيره.

[السادس: أن لا يكون حريرا خالصا]
المسألة 146

السادس من شرائط لباس المصلي ان لا يكون حريرا خالصا إذا كان المصلي رجلا، فلا تجوز الصلاة فيه للرجال، و إذا صلى الرجل فيه كانت صلاته باطلة، سواء كان مما تتم الصلاة فيه منفردا أم لا كالتكة و القلنسوة و الجورب، و لا يجوز لبسه للرجل في غير الصلاة أيضا، إلا إذا اضطر الى لبسه لمرض أو برد بحيث لا تتأدى الضرورة إلا بلبسه، و يجوز لبسه كذلك في حال الحرب.

و إذا اضطر الرجل الى لبس الحرير لبعض ما ذكر، فالأحوط له نزعه حال الصلاة إلا إذا كان مضطرا الى لبسه حال الصلاة، فتجوز له الصلاة فيه حين ذاك، و هذا لا يتحقق إلا إذا كان الاضطرار عاما لجميع الوقت.

المسألة 147

يجوز للرجال لبس الحرير إذا كان ممتزجا بقطن أو كتان أو صوف أو غير ذلك مما ينسج معه فيخرج به عن كونه حريرا خالصا، و تصح لهم الصلاة فيه، و يجوز أن تكف به ثيابهم و ملابسهم المصنوعة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 332

من غيره و ان زاد الحرير الذي يكف به على مقدار أربع أصابع، و يجوز لهم لبس الثياب و الملابس من غير الحرير إذا كانت أعلامها و سفائفها و أزرارها و قياطينها من الحرير و ان كانت كثيرة و يجوز لهم افتراش الحرير الخالص حتى في حال الصلاة، و يجوز الركوب عليه و التدثر به الا إذا صدق عليه اللبس كما قد يتفق في بعض الحالات.

المسألة 148

إذا خلط الحرير بشي ء لا تصح فيه الصلاة كالصوف و الوبر مما لا يؤكل لحمه، جاز للرجل لبسه و لم تصح له الصلاة فيه، و إذا خلط بما تصح فيه الصلاة كالقطن و الكتان و صوف و وبر ما يؤكل لحمه، جاز للرجل لبسه و صحت له الصلاة فيه، و يعتبر في الخليط الذي يمتزج معه أن يكون بمقدار يصدق على الثوب انه مخلوط و ليس حريرا خالصا، و المدار في ذلك على نظر أهل العرف و لا يكفي الخليط المستهلك.

المسألة 149

لا يجوز للرجل أن يلبس ثوبا تكون بطانته من الحرير الخالص و ان كانت البطانة الى نصف الثوب، و لا تصح له الصلاة فيه، و لا يجوز له لبس ثوب يكون أحد نصفيه من الحرير الخالص.

المسألة 150

إذا نسج الثوب طرائق بعضها حرير و بعضها غيره: قطن أو صوف أو نحوهما فلا مانع للرجل من لبسه و الصلاة فيه، و ان زاد عرض الواحدة من الطرائق على مقدار الكف، و كذلك إذا خيط الثوب من قطع بعضها حرير و بعضها غيره، إذا لم يجتمع من الحرير مقدار كبير في موضع واحد، كنصف الثوب أو ثلثه مثلا.

المسألة 151

تجوز الصلاة للرجل في ثوب له ظهارة و بطانة من غير الحرير، و يجعل الإبريسم غير المنسوج ما بين الظهارة و البطانة بدلا عن القطن و الصوف الذي يجعل بينهما في بعض الألبسة، و إذا وضعت ما بينهما

كلمة التقوى، ج 1، ص: 333

قطعة من الحرير المنسوج و خيطت كالبطانة بحيث يصدق على لابس الثوب انه قد لبس الحرير المحض، فالظاهر حرمة لبسه للرجل و عدم صحة صلاته فيه.

المسألة 152

يجوز للرجل ان يصلي و هو يحمل معه ثوبا أو قطعة من الحرير و ان كان الثوب المحمول مما تتم الصلاة فيه، و يجوز له أن يصلي في عمامة طرفها من الحرير و ان زاد على مقدار كف.

المسألة 153

يجوز للنساء لبس الحرير الخالص و تصح الصلاة لهن فيه على الأقوى، و يجوز للصبي لبس الحرير و لا يحرم على وليه أن يلبسه إياه، و لا تصح صلاة الصبي المميز فيه على الأحوط، بل لا يخلو عن قوة.

المسألة 154

إذا كان الرجل كثير القمل بحيث اضطر لكثرته الى لبس الحرير لدفعه عنه، أو لزمه العسر و المشقة الشديدة بدونه، جاز له لبسه، و إذا كان اضطراره اليه أو لزوم العسر بدونه حتى في حال الصلاة جازت له الصلاة فيه.

المسألة 155

إذا شك المكلف في الثوب انه حرير خالص أو مخلوط بغيره جازت له الصلاة فيه، و كذلك إذا علم ان الثوب من الحرير الممتزج و شك في ان الخليط مما تصح فيه الصلاة أو مما لا تصح.

المسألة 156

إذا صلى الرجل في الحرير و هو لا يعلم انه حريرا و كان ناسيا لذلك صحت صلاته فيه و لم تجب عليه اعادتها، و إذا صلى فيه و هو جاهل بالحكم فالأحوط له إعادة الصلاة و خصوصا إذا كان مترددا حال الصلاة.

المسألة 157

إذا لم يكن للرجل ساتر في صلاته الا ثوب الحرير، فان اضطر الى

كلمة التقوى، ج 1، ص: 334

لبسه لمرض أو برد، جاز له لبسه للاضطرار و إذا كان الاضطرار الى لبسه عاما لجميع الوقت جازت له الصلاة فيه كما تقدم في المسألة المائة و السادسة و الأربعين، و ان لم يكن مضطرا الى لبسه نزعه و صلى عاريا.

و كذلك الحكم إذا لم يكن له ساتر الا المغصوب أو الميتة أو الذهب، فيلبسه و يصلي فيه إذا كان مضطرا الى لبسه في جميع الوقت، و ينزعه و يصلي عاريا مع عدم الاضطرار.

و إذا لم يكن له ساتر الا غير مأكول اللحم لبسه و صلى فيه مع الاضطرار إليه في جميع الوقت كما قلنا في نظائره و إذا لم يكن مضطرا الى لبسه احتاط فصلى في الثوب، ثم نزعه و صلى عاريا.

و إذا لم يجد له ساترا غير النجس و كان العذر مستمرا الى آخر الوقت، فالظاهر وجوب الصلاة في الثوب النجس سواء كان مضطرا الى لبس الثوب أم لا، و قد تقدم هذا في المسألة المائة و الرابعة و الستين من كتاب الطهارة، فلتراجع ففيها تفصيل للمورد.

[مسائل]
المسألة 158

يجب على المكلف تحصيل الساتر للصلاة مع القدرة، و لو بالشراء أو الاستئجار بأكثر من عوض مثله، ما لم يكن ذلك مضرا بحاله، و تجب الاستعارة و الاستيهاب من الغير إذا أمكن له ذلك و لم يلزم منه الحرج.

المسألة 159

يحرم على الإنسان لباس الشهرة على الأحوط الذي لا يترك، و هو أن يلبس الإنسان ما يخالف زيه، من حيث جنس الملابس أو لونها، أو وضعها و تفصيلها غير المناسب لأمثاله، و يحرم على الرجل أن يلبس ما تختص به النساء تشبها بهن، و يتخذ ذلك زيا له، و يحرم على المرأة أن تلبس ما يختص به الرجال تشبها بهم و تتخذ ذلك زيالها.

و إذا لبس الإنسان لباس الشهرة و صلى فيه لم تبطل صلاته، و ان كان آثما في لبسه، و إذا لبس الرجل ما تختص به المرأة كما ذكرنا أو

كلمة التقوى، ج 1، ص: 335

لبست المرأة ما يختص به الرجل و صليا في ذلك اللباس لم تبطل صلاتهما فيه، و ان كانا آثمين.

المسألة 160

إذا لم يكن للمصلي ساتر في صلاته، تستر بورق الشجر و الحشيش و بالقطن، و الصوف غير المنسوج، و قد تقدم في المسألة المائة و التاسعة ان ذلك يكفيه حتى في حال الاختيار، فان لم يجد ذلك تستر بالطين أو الوحل أو في حفرة يدخل فيها، أو نحو ذلك مما يواري به عورته، و صلى قائما و أتى بالركوع و السجود كما يفعل المختار.

و ان لم يجد ما يستر به عورته فإن أمن من المطلع وجب عليه أن يصلي قائما و يومي الى الركوع و السجود و الأحوط له أن يستر قبله بيده في حال القيام، و المراد بأمن المطلع أن لا يكون هناك أحد ينظر اليه، أو يكون الوقت أو المكان مظلما يستره عن الناظر، أو يكون الحاضر أعمى أو يكون ممن يعلم بعدم نظره، أو يكون ممن يباح له النظر الى عورته كالزوجة و الأمة.

و ان لم

يأمن من الناظر المحترم وجب عليه أن يصلي جالسا، و أن ينحني للركوع و السجود بمقدار لا تبدو معه عورته، فان لم يمكنه ذلك أومأ برأسه للركوع و السجود، و الا فبعينيه، و يجعل الانحناء أو الإيماء للسجود أكثر منه للركوع على الأحوط، و يرفع ما يسجد عليه و يضع جبهته عليه على الأحوط كذلك.

المسألة 161

يستحب للعراة أن يصلوا جماعة إذا كان معهم من يؤمهم، فيجلسون صفا، و يجلس الإمام في وسط الصف و يتقدمهم بركبتيه، و يومي الإمام للركوع و السجود على نهج ما سبق و يركع المأمومون و يسجدون مع أمن المطلع.

و إذا كانوا في ظلمة يأمنون معها من نظر بعضهم الى بعض صلوا

كلمة التقوى، ج 1، ص: 336

قياما كصلاة المختار، و لا يترك الاحتياط بأن يعيدوا الصلاة بعد ذلك مع الإيماء.

المسألة 162

إذا لم يجد المكلف ساترا في صلاته و احتمل أن يجده في آخر الوقت فالأحوط له أن يؤخر صلاته الى آخر الوقت، و إذا قدمها في سعة الوقت برجاء استمرار العذر أو كان يائسا من زواله ثم وجد الساتر في الوقت وجبت عليه إعادة الصلاة و إذا استمر العذر الى آخر الوقت أجزأته صلاته.

المسألة 163

إذا وجد المكلف ثوبين و علم بأن أحدهما مغصوب و الآخر مباح و لم يعلم به على التعيين وجب عليه اجتنابهما، فإذا لم يكن عنده ساتر سواهما صلى عاريا، و كذلك الحكم إذا علم أن أحد الثوبين حرير و لم يعلم به على التعيين.

و إذا علم أن أحد الثوبين نجس و الأخر طاهر و لم يعلم به على التعيين وجب عليه ان يصلي في كل واحد من الثوبين على انفراده مرة، و إذا لم يسع الوقت غير صلاة واحدة صلاها بأحد الثوبين و قضاها بعد الوقت في الثوب الآخر أو في ثوب معلوم الطهارة، و كذلك الحكم إذا علم أن أحد الثوبين من جلد مأكول اللحم و الآخر من جلد غير المأكول.

المسألة 164

إذا صلى الإنسان مستلقيا أو مضطجعا و كان الفراش تحته حريرا أو من أجزاء غير المأكول صحت صلاته عليه، و كذلك إذا كان نجسا و كانت نجاسته غير متعدية إلى بدن المصلي أو الى ساترة و إذا كان ملتحفا به على وجه يصدق عليه انه صلى فيه أشكل الحكم بصحة صلاته.

المسألة 165

تجوز الصلاة في ما يستر ظهر القدم و لا يغطي شيئا من الساق كالجورب المصنوع كذلك و نحوه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 337

الفصل الثامن في ما يستحب للمصلي من الثياب و ما يكره

المسألة 166

يستحب للمصلي أن يكون تام الستر لجميع جسده، و يتأكد الاستحباب في ما بين السرة و الركبة، و ينبغي أن يلبس ثيابا متعددة، فإن كل شي ء يصلي فيه المصلي مما هو عليه يسبح معه كما في الحديث.

و يستحب للرجل أن يضع على عاتقه شيئا إذا صلى و هو مكشوف الظهر، و أن يلبس العمامة و السراويل، و ينبغي له إذا لبس العمامة أن يكون متحنكا، و يستحب له ان يلبس في صلاته أنظف ثيابه و أجودها، و أن يكون متطيبا، ففي الحديث ركعتان يصليهما متعطر أفضل من سبعين ركعة يصليها غير متعطر، و ينبغي أن يكون لباسه من القطن أو الكتان، و ان يكون أبيض اللون، و يستحب له في صلاته أن يلبس خاتما من العقيق أو الفيروزج، و أن يصلي في النعل العربية، و يستحب للمرأة أن لا تصلي و هي عطلاء من الحلي فتلبس قلادة و نحوها. و يستحب لإمام الجماعة أن يلبس الرداء في صلاته بل لا ينبغي له ترك ذلك.

المسألة 167

تكره الصلاة في اللباس الأسود سواء كان قميصا أم قباء أم سروالا، أم غيرها من الملابس حتى القلنسوة، و تستثنى من ذلك العمامة و الخف و الكساء، و منه العباء، و الظاهر عموم الكراهة للرجل و المرأة.

و تكره الصلاة في الثوب المصبوغ المشبع بالصبغ، سواء كان بلون الحمرة أم الصفرة أم الخضرة أم غيرها من الألوان.

المسألة 168

يكره للرجل أن يصلي في ثوب واحد رقيق و ان كان ساترا، أو يصلي في سروال ليس معه غيره و ان لم يكن رقيقا، و ان تصلي المرأة في أقل من ثوبين و ان كان الثوب الواحد ساترا لجميع بدنها.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 338

المسألة 169

يكره للمصلي أن يتزر فوق القميص، و أن يتوشح بالرداء، و التوشح هو ان يدخل الرداء تحت يده اليمنى ثم يلقيه على منكبه الأيسر أو بالعكس، فيكون أحد المنكبين مكشوفا، و يكره أن يشتمل الصماء و هو أن يدخل طرفي الرداء تحت أحد إبطيه ثم يلقيهما على منكب واحد، و تتأكد كراهة التوشح في إمام الجماعة.

المسألة 170

يكره للرجل أن يصلي و هو متلثم، و يكره للمرأة أن تصلي و هي متنقبة، و هذا إذا لم يمنعهما اللثام و النقاب عن القراءة و الأذكار الواجبة، و الا كان مبطلا للصلاة، و يكره للمكلف أن يصلي و هو مختضب قبل أن يغسل خضابه سواء كان رجلا أم امرأة، و يكره للرجل أن يصلي و هو معقوص الشعر.

المسألة 171

يكره للمكلف أن يصلي و في يده خاتم عليه صورة ذي روح، أو يصلي في ثوب فيه تماثيل لذوات أرواح، أو يصلي و معه دراهم عليها صورة، و يكره له أن يصلي و معه حديد بارز و لا بأس به إذا كان مستورا كمفتاح أو سكين يحملهما في كيسه، أو سيف يتقلده و هو في غمده.

المسألة 172

يكره للمكلف أن يصلي في ثوب أحد لا يتوقى من النجاسة أو يتهم بغصب و نحوه.

المسألة 173

يكره له أن يصلي في أبوال الخيل و البغال و الحمير إذا أصابت ثيابه أو بدنه حتى يغسلها و ان كانت طاهرة على الأقوى كما تقدم بيانه، و يكره له أن يصلي في نعل من جلد حمار مذكى، و يكره له أن يدخل يديه تحت ثوبه و هو في الصلاة فيلصقهما ببدنه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 339

المسألة 174

و هنا ألبسه قد ثبت النهي عنها تحريما أو كراهة أو احتياطا على على وجه العموم فينبغي التنزه عنها في حال الصلاة.

فمنها أن يلبس المكلف لباس الشهرة، أو يلبس الرجل ما تختص به المرأة أو تلبس المرأة ما يختص به الرجل كما تقدم ذكره في المسألة المائة و التاسعة و الخمسين.

و منها أن يلبس ألبسه الكفار و أعداء الدين.

و منها الثياب التي توجب التكبر و الخيلاء.

و منها أن يلبس الشيخ ملابس الشباب.

و منها أن تلبس المرأة خلخالا له صوت.

الفصل التاسع في مكان المصلي و شرائطه

اشارة

و هي عدة أمور:

[الأول: أن يكون مباحا،]
المسألة 175

الأول من شرائط مكان المصلي أن يكون مباحا، فتبطل صلاته إذا كان سجوده على موضع مغصوب، بل و تبطل صلاته على الأحوط إذا كان موضع بقية صلاته مغصوبا و ان كان سجوده على موضع مباح.

و مثال ذلك أن تكون الطبقة الأولى من المنزل ملكا له، و تكون الطبقة الثانية منه ملكا لغيره، فإذا صلى في الطبقة الثانية بدون اذن مالكها كانت صلاته باطلة و ان كان سجوده على السقف الذي يملكه هو، أو يكون موقفه في موضع من الأرض يملكه غيره، فإذا صلى فيه بغير اذن مالكه بطلت صلاته و ان كان سجوده على موضع يملكه هو.

و لا فرق بين أن يكون المكان مغصوب العين أو مغصوب المنفعة، كما إذا استأجر الدار أو الموضع أحد، فلا تجوز الصلاة فيهما إلا بإذن

كلمة التقوى، ج 1، ص: 340

المستأجر و لا يكفي في الصحة الاذن من المالك، أو يكون المكان متعلقا لحق شخص آخر، كحق الرهن على الأحوط، و حق غرماء الميت إذا مات و عليه دين يستوعب التركة أو يزيد عليها. و حق الميت إذا أوصى بثلث ماله و لم يخرج ثلثه و لم يعزل، و حق السبق لمن سبق الى مكان في مسجد أو مشهد، فلا تجوز الصلاة في المكان بغير اذن صاحب ألحق.

المسألة 176

إذا سبق أحد إلى مكان من المسجد أو المشهد اختص به و لم يجز لغيره على الأحوط أن يصلي فيه الا باذنه، و إذا قام من المكان معرضا عنه بطل حقه، و كذلك إذا قام عنه و هو متردد في العود اليه و عدمه، فلا يجوز له منع من أخذ المكان بعده، و إذا قام من المكان ناويا العود إليه، فإن

بقي رحله فيه فلا ريب في بقاء حقه، و ان لم يبق رحله فالأحوط مراعاة حقه.

المسألة 177

إذا صلى الإنسان في المكان المغصوب و هو عالم بالغصبية و بحرمة الصلاة فيه و عامد في فعله بطلت صلاته كما تقدم، سواء كان عالما بفساد الصلاة فيه أم جاهلا بذلك، و كذلك إذا كان جاهلا بالحرمة و كان جهله عن تقصير فتبطل صلاته فيه كالعامد.

و إذا كان جاهلا بالغصبية أو غافلا أو ناسيا لها صحت صلاته، و كذلك إذا كان جاهلا بالحرمة و كان جهله عن قصور فيكون معذورا و إذا نسي الغاصب غصبية المكان فصلى فيه فالظاهر صحة صلاته و ان كان الأحوط استحبابا له إعادة الصلاة، و إذا كان ممن لا يبالي بذلك على تقدير تذكره فالأقوى بطلان صلاته.

المسألة 178

تبطل الصلاة على الفراش المغصوب و ان كانت الأرض تحته مباحة، و تبطل على الأرض المغصوبة و ان كان الفراش فوقها مباحا.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 341

المسألة 179

إذا كان السقف مباحا و الأرض التي تحته مغصوبة، فالأحوط اجتناب الصلاة. على السقف و إذا صلى عليه فالأحوط إعادة الصلاة بعد إتمامها.

المسألة 180

الظاهر صحة الصلاة تحت السقف المغصوب و تحت الخيمة المغصوبة و في ظل الجدار المغصوب إذا كانت الأرض التي صلى عليها مباحة، و ان انتفع بالسقف أو الجدار في حال صلاته فوقاه من مطر أو حر أو برد مثلا.

المسألة 181

تبطل الصلاة على الدابة إذا كانت مغصوبة أو كان رحلها أو سرجها مغصوبا و لا تبطل الصلاة عليها إذا كان نعل الدابة مغصوبا.

المسألة 182

تبطل الصلاة في السفينة المغصوبة، و لا تبطل الصلاة فيها إذا كان فيها لوح مغصوب أو ما أشبه ذلك، نعم تبطل إذا كانت صلاته على نفس اللوح المغصوب.

المسألة 183

لا تبطل الصلاة في الأرض المباحة إذا كان في بعض طبقاتها البعيدة عن ظاهرها تراب مغصوب.

المسألة 184

إذا اضطر المكلف إلى الصلاة في المكان المغصوب جازت له الصلاة فيه و منه المحبوس بغير حق في المكان المغصوب فتصح له الصلاة فيه.

المسألة 185

إذا صلى الإنسان في مكان و هو يعتقد غصبيته كانت صلاته باطلة و ان تبين له بعد ذلك ان المكان غير مغصوب، فيجب عليه أن يعيد الصلاة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 342

المسألة 186

لا يجوز التصرف في الأرض المغصوبة و لا تحل الصلاة فيها و ان كان مالكها مجهولا، فيرجع أمرها إلى الحاكم الشرعي، و لا تجوز الصلاة و لا غيرها من التصرفات في الأرض أو الدار المجهولة المالك و ان لم تكن مغصوبة إلا بإذن الحاكم الشرعي.

المسألة 187

إذا غصب الإنسان أدوات و مواد من آجر و شبهه، و عمر بها دارا أو عقارا، فالظاهر صحة الصلاة في الدار أو العقار إذا كانت الأرض مباحة، الا أن يبلط الأرض بالمواد المغصوبة أو يكون السقف منها فلا تصح الصلاة عليهما، و يجب الرجوع في أمر الآلات و المواد المغصوبة إلى مالكها، و إذا كان المالك مجهولا رجع فيها الى الحاكم الشرعي.

المسألة 188

إذا كانت الدار أو الأرض مشتركة بين مالكين لم يجز لأحدهم التصرف فيها و لا الصلاة فيها إلا بإذن الباقين، و لا تصح الصلاة فيها لغيرهم إلا بإذنهم جميعا، و لا يكفي الاذن من بعضهم إلا إذا علم منه برضا الجميع.

المسألة 189

تقدم في المسألة المائة و الثامنة عشرة حكم ما إذا اشترى الثوب بمال تعلق به الخمس أو الزكاة، و يجري نظير ذلك في الدار أو الأرض إذا اشتراها المكلف بمثل ذلك المال فيأتي فيها التفصيل المتقدم في المسألة و تترتب الأحكام المذكورة فيها فلتلاحظ.

المسألة 190

إذا مات الإنسان و عليه حقوق من زكاة أو خمس أو مظالم، فان كان الحق متعلقا بالأعيان لم يجز للورثة أن تتصرف في الأعيان التي تعلق بها الحق قبل أدائه أو ضمانه بمراجعة الحاكم الشرعي، فإذا كانت الأعيان التي تعلق بها الحق دارا أو أرضا لم تصح الصلاة فيها قبل ذلك و ان كان الحق ثابتا في ذمة الميت كان حكمه حكم سائر الديون و سيأتي بيانه في المسألة اللاحقة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 343

المسألة 191

إذا مات الإنسان و عليه ديون للناس تستوعب ما تركه من الأموال أو تزيد عليها أو تنقص عنها لم يجز لورثته و لا لغيرهم التصرف في الأموال المتروكة حتى الصلاة في الأرض و المنازل، قبل وفاء الدين أو ضمانة، إلا إذا علم برضا الغرماء بالتصرف، و الظاهر ان ما يقابل الدين من التركة لا يزال ملكا للميت، فلا بد من اذن ولي أمر الميت و من رضا الغرماء.

و ولي أمر الميت هو الوصي الذي عهد اليه بذلك، فان لم يكن عهد الى أحد فالولي هو الحاكم الشرعي، و إذا ضمن الدين ضامن و رضي الغرماء بضمانه صح كذلك.

و كذلك الحكم إذا كان بعض الورثة قاصرا أو غائبا، و ان لم يكن على الميت دين، فلا يجوز التصرف في التركة إلا مع رضى الغائب و تمييز حصة القاصر أو ضمان حقهما بوجه شرعي.

المسألة 192

إذا أذن المالك لأحد في الصلاة في داره المغصوبة منه صحت صلاته فيها و لم تصح للآخرين الذين لم يأذن لهم، و إذا أذن في الصلاة أذنا مطلقا صحت الصلاة فيها لكل أحد إلا الغاصب فيشكل جواز صلاته فيها إلا إذا أذن له بالخصوص أو علم بأن أذن المالك شامل له.

المسألة 193

الإذن الذي يسوغ معه الدخول في الملك و الصلاة فيه و نحوها من التصرفات، قد يكون من المالك نفسه، و قد يكون من وكيله المخول في مثل ذلك، و قد يكون من أحد خاصته و أقربائه الذين يعلم رضى المالك بفعلهم، فيصح الاعتماد على ذلك فإذا دخل المنزل و صلى صحت صلاته، و الأذن قد يكون بالفعل، و مثال ذلك أن يكون المالك حاضرا ملتفتا فيأذن للرجل بدخول الدار أو الصلاة فيها، و قد يكون تقديريا، و مثاله أن يكون المالك غائبا أو غافلا، و لكن المكلف يعلم انه لو كان حاضرا أو كان ملتفتا لإذن بذلك، فيصح له الدخول و الصلاة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 344

و الأذن الفعلي قد يكون بالقول الصريح كما إذا قال له ادخل المنزل و صل فيه، و قد يكون بالفعل كما إذا أدخله المنزل و فرش له السجادة أو أمر من يصنع له ذلك، و قد يكون بالفحوى، كما إذا أذن له بالجلوس أو النوم في بيته و الأكل من ماله، فيكون ذلك دالا على إباحة الصلاة بطريق أولى، و لا بد في أذن الفحوى من القطع أو الاطمئنان بالمراد، و لا يكتفي بالظن فإن الإذن بالجلوس في بعض المجالس لا يستلزم الإذن بالصلاة فيها.

و قد يكون بشاهد الحال كما في المضائف و الرباع المفتوحة الأبواب فيكفي ذلك

في الدلالة على الأذن، فيجوز للمكلف الدخول و الصلاة فيها و ان لم يحصل القطع بالرضا، و اما في غير ذلك كالحمامات و الخانات و نحوها فلا يجوز الوضوء من مائها و الصلاة فيها إلا بإذن المالك أو المستأجر أو وكيلهما أو يحصل العلم بالرضا.

المسألة 194

يجب على المكلف أن يقتصر في التصرف على ما يتناوله الأذن فإذا أذن له المالك بدخول البيت لم تجز له الصلاة فيه، و إذا أذن له في الصلاة لم يجز له النوم أو المكث أكثر مما يتعارف لذلك، و إذا أذن له بالدخول في حجرة لم يجز له الدخول في حجرة أخرى إلا مع العلم بالرضا.

المسألة 195

تصح للإنسان الصلاة في الأراضي المتسعة إذا كانت لسعتها بحيث يتعسر على الناس اجتنابها، و يصح الوضوء من مائها، و ان لم يأذن بذلك ملاكها أو كان فيهم الطفل أو المجنون، و لا تجوز له الصلاة فيها إذا علم بكراهة المالك للصلاة فيها، إلا إذا لزم الحرج على المكلف باجتنابها.

المسألة 196

تجوز الصلاة من غير اذن في بيت الأب و بيت الأم، و بيت الأخ و بيت الأخت و بيت العم و بيت العمة و بيت الخال و بيت الخالة، و بيت الموكل

كلمة التقوى، ج 1، ص: 345

الذي فوض إليه الأمر و بيت الصديق، و هذه هي البيوت التي ذكرتها الآية الحادية و الستون من سورة النور، فأجازت للإنسان أن يأكل منها بغير اذن، فتجوز له الصلاة فيها بغير اذن كذلك ما لم يعلم بالكراهة أو يظن ذلك ظنا اطمئنانيا أو تقوم عليه حجة شرعية كالبينة.

المسألة 197

لا يجوز للغاصب الدخول في المكان المغصوب كما لا يجوز له سائر التصرفات فيه، و إذا دخله وجب عليه الخروج منه، و وجوب الخروج عليه انما هو من باب لزوم ارتكاب أقل المحذورين و الا فهو عاص آثم في خروجه منه كما هو عاص آثم في بقائه فيه.

و إذا صلى في المكان و هو في سعة الوقت و كان عالما متذكرا كانت صلاته باطلة كما تقدم، فعليه الخروج، و إذا شرع في الصلاة ناسيا للغصبية و تذكرها في الأثناء وجب عليه الخروج، فان كان خروجه يستلزم وقوع ما ينافي الصلاة منه كانت الصلاة باطلة أيضا لعدم التمكن من إتمامها، و إذا استطاع الخروج بدون ما ينافي الصلاة و لو بالإيماء وجب عليه إتمام الصلاة و لو بالإيماء و هو في حال خروجه ثم اعادتها بعد ذلك على الأحوط.

و كذلك الحكم في غير الغاصب إذا كان عالما بالغصبية فتجري فيه الأحكام المذكورة في المسألة، و إذا ضاق عليه الوقت وجب عليه الإتيان بالصلاة و هو في حال الخروج و يأتي بها مع الإيماء، و إذا كان الركوع لا يوجب زيادة

في المكث ركع و هو ماش، و عليه قضاؤها بعد ذلك على الأحوط.

المسألة 198

إذا دخل الرجل المكان المغصوب و هو يجهل غصبيته ثم علم بها بعد دخوله وجب عليه الخروج منه و لم يجز له الدخول في الصلاة إذا كان في سعة الوقت حتى يخرج، و إذا لم يعلم بالغصبية حتى دخل في الصلاة و كان في سعة الوقت وجب عليه قطع الصلاة و استينافها بعد الخروج

كلمة التقوى، ج 1، ص: 346

إذا كان الخروج يستلزم ما ينافي الصلاة، و الا أتمها في حال خروجه و لو بالإيماء ثم أعادها بعد ذلك على الأحوط.

و إذا ضاق عليه وقت الصلاة أتى بها و هو في حال الخروج، و إذا كان في أثناء الصلاة أتمها، و هو في حال خروجه كذلك، و إذا كان الركوع لا يوجب زيادة في المكث ركع و هو ماش و أومأ للسجود و الا أومأ لهما كما تقدم، و لا يجب عليه قضاء الصلاة بعد ذلك و ان كان أحوط.

و يجب عليه في أثناء خروجه أن يسلك أقرب الطرق و أن يستلزم الاستقبال في صلاته بقدر الإمكان و كذلك الحكم إذا دخل المكان و هو ناس للغصبية ثم تذكرها، أو اعتقد ان المالك اذن له بالدخول فدخل ثم تبين له خلاف ذلك، أو أذن المالك له بدخول المكان فدخله ثم رجع المالك عن إذنه فيجري فيهم التفصيل المذكور في المسألة و تترتب عليهم أحكامه.

المسألة 199

المدار في الاذن على دلالته على رضا المالك بالدخول أو التصرف في المكان، فإذا أذن المالك بهما و دلت القرائن على عدم رضاه بذلك و انه انما أذن خوفا أو حياءا أو لغيرهما من الدواعي لم يصح الاعتماد عليه.

[الثاني: أن يكون قارا،]
المسألة 200

الثاني من شرائط مكان المصلي أن يكون قارا، فلا تصح الصلاة اختيارا في المكان الذي لا استقرار فيه للمصلي، كالسيارة و السفينة السائرتين و الأرجوحة المتحركة و على ظهر الدابة السائرة و سائر أدوات النقل في حال مسيرها، و تصح مع الاضطرار الى ذلك، و إذا اضطر إلى الصلاة فيه وجب عليه مراعاة الاستقرار و الاستقبال بحسب المستطاع، فيدور وجهه و بدنه الى القبلة إذا استدارت السفينة أو واسطة النقل التي هو فيها، و يمسك عن القراءة و الذكر حال حركته و استدارته إلى القبلة، و يقرأ و يذكر حال استقراره و يمسك حال الاضطراب إذا لم يحصل به فصل طويل يمحو صورة الصلاة، و إذا أمكنه التشاغل بالذكر

كلمة التقوى، ج 1، ص: 347

ما دام الاضطراب، حتى لا تمحى صورة الصلاة بالسكوت الطويل لزمه ذلك، فإذا استقر عاد الى قراءته أو ذكره مع المحافظة على الترتيب و الموالاة في القراءة، و ان لم يمكنه ذلك استمر في قراءته أو ذكره و ان لم يستقر.

المسألة 201

تجوز الصلاة اختيارا في السفينة حال وقوفها، بل حتى في وقت مسيرها إذا أمكنت له المحافظة على الشرائط الواجبة في الصلاة من استقرار و استقبال و غيرهما، و تجوز الصلاة على الدابة أيضا إذا أمكن فيها ذلك.

المسألة 202

لا تصح الصلاة على الشي ء الذي لا يمكن الاستقرار عليه مثل كثيب الرمل الناعم و صبرة الطعام و بيدر التبن و كدس القطن المندوف و أمثال ذلك.

[الثالث: أن لا يتقدم على قبر المعصوم]
المسألة 203

الثالث من شرائط مكان المصلي أن لا يتقدم على قبر المعصوم على الأحوط إذا لم يكن بين المصلي و بين القبر الشريف حائل يكون رافعا لسوء الأدب، و الظاهر جواز الصلاة مع المساواة للقبر و لا يكفي في الحائل القفص و الصندوق و الثياب التي تكون حول القبر الشريف.

[مسائل]
المسألة 204

يكره تقدم المرأة على الرجل و محاذاتها له إذا صليا في مكان واحد، سواء سبق أحدهما صاحبه في دخوله في الصلاة أم اقترنا، و لا تختص الكراهة بأحدهما و لا بمن شرع في الصلاة لاحقا، و لا كراهة مع وجود حائل بينهما أو بعد أحدهما عن الآخر بعشرة أذرع. و تخف الكراهة بأن يتقدم الرجل على المرأة بصدره، و تكون أخف من ذلك إذا كان سجود المرأة مع ركوعه، و تزول الكراهة إذا كان سجودها وراء موقفه، و الأحوط في الحائل بينهما ان يكون مانعا عن المشاهدة، و يكفي الحائط و ان كان قصيرا أو كثير النوافذ.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 348

المسألة 205

لا فرق في الحكم المذكور بين أن تكون المرأة أجنبية عن الرجل أو من محارمه أو زوجته أو أمته، و لا فرق بين أن تكون صلاتهما فريضة أو نافلة أو مختلفة.

و يختص الحكم بالصلاتين الصحيحتين، فلا كراهة على من كانت صلاته صحيحة منهما أن يتقدم أو يتأخر على الثاني أو يحاذيه في المكان إذا كانت صلاته فاسدة.

المسألة 206

لا كراهة على الرجل أن يصلي و أمامه أو الى جانبه امرأة غير مشغولة بالصلاة، و لا كراهة على المرأة أن تصلي و خلفها أو الى جنبها رجل غير مشغول بالصلاة و ان كان الجالس مشغولا بعبادة أخرى.

المسألة 207

تجوز الصلاة الفريضة في جوف الكعبة، و تجوز كذلك فوق سطحها، و إذا صلى المكلف على سطحها وجب عليه أن يصلي قائما و أن يجعل أمامه في جميع حالات صلاته شيئا من فضاء البيت الشريف يستقبله.

المسألة 208

تصح الصلاة في المكان النجس إذا كانت نجاسته جافة لا تتعدى الى ثياب المصلي أو بدنه نعم تشترط طهارة موضع الجبهة، فلا يصح السجود على الموضع النجس و ان كانت نجاسته غير متعدية و سيأتي بيانه في الفصل الآتي.

المسألة 209

إذا صلى الإنسان في المكان النجس أو المتنجس و تعدت نجاسته الى بدن المصلي أو الى ثيابه بطلت صلاته إذا كانت النجاسة المتعدية مما لا يعفى عنها في الصلاة، و لا تبطل إذا كانت النجاسة مما يعفى عنها، و مثال ذلك ان يكون المكان متنجسا بالدم، و يتعدى منه الى ثياب المصلي أو الى بدنه ما لا يبلغ سعة الدرهم.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 349

المسألة 210

لا تجوز الصلاة اختيارا في مكان لا يستطيع المكلف فيه أن يأتي بأفعال الصلاة على الوجه الصحيح، و مثال ذلك ان يكون المكان هابط السقف فلا يستطيع المصلي ان ينتصب في القيام أو يكون ضيقا فلا يقدر فيه على أن يركع أو يسجد على الوجه الواجب، فلا يصح له ذلك إذا كان قادرا على أن يأتي بها على النحو المطلوب، و إذا اضطر إلى الصلاة في ذلك المكان جاز له ذلك و وجب عليه أن يحافظ على الواجبات بقدر الإمكان.

المسألة 211

إذا كان الموضع يعرض الإنسان لقطع الصلاة و عدم التمكن من إتمامها كالموضع الذي يشتد فيه الزحام و المكان الذي يشتد فيه المطر أو الريح فيتعرض المكلف من أجل ذلك لإبطال الصلاة و عدم التمكن من إتمامها، فالظاهر انه لا مانع من الصلاة في ذلك المكان برجاء الإتمام فإذا أتمها كذلك كانت صحيحة، نعم الأحوط له أن لا يصلي فيه إذا كان مطمئنا بعدم التمكن من الإتمام.

الفصل العاشر في موضع الجبهة في السجود

المسألة 212

يشترط في صحة الصلاة طهارة موضع الجبهة في السجود من النجاسة و من أي شي ء حكم الشارع بنجاسته، كالمتنجس، أو بأن له حكم النجاسة، كالرطوبة التي تخرج بعد البول أو بعد المني و قبل الاستبراء منهما، و كأحد أطراف الشبهة المحصورة و قد تقدم ذلك في أول فصل أحكام النجاسة، و تقدم في المسألة المائة و السابعة و الخمسين هناك بعض التفصيلات الأخرى عن ذلك فلتراجع المسألتان.

المسألة 213

يشترط في موضع الجبهة أن يكون من الأرض أو من نباتها غير

كلمة التقوى، ج 1، ص: 350

المأكول و لا الملبوس للإنسان عادة، فيجوز السجود على التراب و الرمل و الحصى و المدر و الحجر و على الصخور و ان كانت صلبة ملساء أو مرتفعة القيمة كالمرمر و حجر الرحى و غيرهما إذا صدق عليها اسم الأرض، و يجوز على حجر الجص و النورة قبل احراقهما و على الطين الأرمني و طين الرأس، و لا يجوز السجود على الذهب و الفضة و العقيق و الفيروزج، و القير و الزفت و الحديد و سائر المعادن و لا على البلور و الزجاج و كل ما خرج عن اسم الأرض، و لا يجوز على الأحوط على حجر الجص و النورة بعد الإحراق و لا على الخزف و الآجر كذلك.

المسألة 214

لا يجوز السجود على ما يأكله الإنسان عادة من نبات الأرض كالحنطة و الأرز و سائر الحبوب و البقول و الفواكه و الثمار المأكولة و ان لم يصل زمان أكلها أو احتاجت في أكلها إلى طبخ أو طحن و خبز أو عمل آخر و لا يجوز السجود على الجوز و اللوز و أشباههما و ان كان اللب المأكول منها مستورا بالقشور.

و يجوز السجود على ورق الشجر و على خشبه و لحاه، و على سعف النخيل و جذعه و على قشور الفواكه و الثمار بعد الانفصال إذا كانت القشور مما لا تؤكل عادة، و يجوز السجود على قشور الأرز و نخالة الحنطة و الشعير، و على الحنظل و الخرنوب و أمثالهما من الثمار التي لا تؤكل، و على الأزهار و الأوراد غير المأكولة، و على نوى التمر و نوى الفواكه

و البذور غير المأكولة أو الداخلة في ضمن العقاقير.

المسألة 215

لا يجوز السجود على ورق العنب قبل يبسه، و يشكل جواز السجود عليه بعد يبسه.

المسألة 216

يجوز السجود على النبات الذي يأكله الحيوان كالحشائش و التبن و القصيل و القت و أنواع المعلوفات، و لا يترك الاحتياط باجتناب السجود

كلمة التقوى، ج 1، ص: 351

على عقاقير الأدوية كعنب الثعلب و لسان الثور و الترياك و غيرها.

و اجتناب السجود على ورق الشاي و القهوة و يجوز على التتن.

المسألة 217

إذا كان النبات مما يؤكل عادة في بعض البلاد دون بعض فالمدار على الغلبة في نوع البلاد فان كان الغالب فيها أكله وجب اجتناب السجود عليه و ان كان الغالب فيها ترك أكله جاز السجود عليه و ان لم تحصل الغلبة لأحدهما أو لم تعلم فالأحوط الاجتناب.

المسألة 218

لا يجوز السجود على النباتات التي تنبت على وجه الماء و لا على الرماد و الفحم مما خرج عن اسم النبات بعد احتراقه.

المسألة 219

يجوز السجود على النباتات التي تؤكل عند الضرورة و المخمصة أو عند بعض الناس.

المسألة 220

لا يجوز السجود على ما يلبسه الإنسان عادة من نبات الأرض كالقطن و الكتان و القنب، و ان احتاجت الى غزل و نسج، بل و ان لم تبلغ أوان ذلك على الأحوط ان لم يكن أقوى، و يجوز السجود على خشبها و ورقها و على قشور القطن بعد انفصاله.

المسألة 221

يجوز السجود على الخوص و الليف و ان لبسا في بعض أوقات الضرورة أو عند بعض الناس.

المسألة 222

يجوز السجود على الخشب و ان اتخذ منه القبقاب و نحوه مما قد يلبس كالحذاء أو صنع منه غمد السيف و الخنجر، فإنها لا تعد من

كلمة التقوى، ج 1، ص: 352

الملابس المتعارفة، بل يجوز السجود على نفس القبقاب و الغمد إذا كان من الخشب.

المسألة 223

يجوز السجود على القرطاس إذا علم انه متخذ من غير المأكول و لا الملبوس، و إذا علم انه متخذ من أحدهما أو شك في ذلك فالأحوط اجتناب السجود عليه.

المسألة 224

إذا منعته التقية من أن يسجد على ما يصح السجود عليه، جاز له أن يسجد على أي شي ء تتأدى به التقية، فيصح له السجود على الصوف و الوبر و الثياب و غيرها مما لا يصح السجود عليه، و لا تجب عليه اعادة صلاته و ان أمكن له أن يعيدها في الوقت تامة الشرائط.

المسألة 225

إذا لم يجد المصلي ما يصح السجود عليه، أو لم يستطع السجود عليه لحر الرمضاء أو تراكم الثلج و نحو ذلك، سجد على ثوبه القطن أو الكتان أو على القير أو القفر مخيرا بينها، و لا يتعدى الى سائر المعادن، فان لم يكن لديه شي ء منها سجد على ظهر كفه.

المسألة 226

إذا دخل المكلف في الصلاة و فقد في أثنائها ما يصح السجود عليه فان استطاع أن يحصل ما يسجد عليه و هو في صلاته و لو بالإشارة المفهمة لغيره أو الحركة غير المنافية للصلاة لزمه ذلك و أتم صلاته، و ان لم يمكنه ذلك، فان كان الوقت واسعا و كان من الممكن له تحصيل ما يسجد عليه إذا هو قطع صلاته، وجب عليه قطع الصلاة و استينافها بعد تحصيل ما يسجد عليه و ان كان غير متمكن من تحصيل ذلك في جميع الوقت أو كان الوقت ضيقا وجب عليه أن يتم الصلاة و يسجد على ثوبه القطن أو الكتان أو على القير أو القفر كما تقدم في المسألة السابقة فان لم يجد شيئا من ذلك سجد على ظهر كفه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 353

المسألة 227

إذا اعتقد في شي ء انه مما يصح السجود عليه فسجد عليه في صلاته ثم علم بخلاف ذلك فان كان علمه بالخلاف بعد رفع رأسه من السجود، مضى في صلاته، و وجب عليه اجتناب ذلك الشي ء في بقية سجداته، و ان علم بالخلاف قبل أن يرفع رأسه من السجود، ترك الذكر و جر جبهته الى ما يصح السجود عليه إذا أمكن له ذلك، ثم أتى بالذكر و أتم الصلاة، و ان لم يمكن جرى فيه التفصيل المذكور في المسألة المتقدمة، فإن كان في سعة الوقت و أمكن له تحصيل ما يسجد عليه في الوقت، قطع صلاته و استأنفها على ما يصح السجود عليه، و إذا كان الوقت واسعا و لكنه لا يتمكن من تحصيل ما يسجد عليه في جميع الوقت أو كان الوقت ضيقا، سجد على ثوبه من القطن أو الكتان أو

على القير أو القفر، فان لم يجد ذلك سجد على ظهر كفه.

المسألة 228

يشترط في موضع الجبهة أن يكون مما يمكن تمكين الجبهة عليه، فلا يصح السجود على الوحل أو الرمل الناعم أو التراب الذي لا تتمكن الجبهة عليه عند السجود، و لا على الطين إذا كان كذلك، و إذا كان الطين مما يمكن تمكين الجبهة عليه صح السجود عليه، فإذا لصق بالجبهة شي ء منه وجبت إزالته للسجدة الثانية، و كذلك إذا مكن جبهته على التراب و علق بالجبهة منه ما يعد حائلا فتجب ازالته للسجود اللاحق.

المسألة 229

إذا لم يجد لسجوده الا الشي ء الذي لا يمكن الاعتماد عليه كالوحل و الطين و الرمل و التراب الناعمين سجد عليه بأن يضع جبهته و لا يمكنها.

المسألة 230

إذا كان المكلف في أرض غمر وجهها الطين لمطر أو غيره، و لم يجد مكانا جافا للصلاة فيه، فإذا جلس أو سجد عليها تلطخت ثيابه و بدنه بطينها، صلى قائما و ركع ثم أومأ للسجود إيماء و لم يجلس، و تشهد و سلم و هو قائم.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 354

و الأحوط الاقتصار في ذلك على صورة لزوم الحرج أو الضرر من الجلوس على الطين، فإذا لم يكن حرجيا و لا موجبا للضرر سجد على الأرض و جلس للتشهد.

و إذا جلس في صلاته و سجد على الطين، و كان الجلوس و السجود عليه يوجبان الحرج أو الضرر الذي لا يحرم تحمله كانت صلاته صحيحة و لم تجب عليه اعادتها، و إذا كانا يوجبان الضرر الذي يحرم تحمله و يجب دفعه كانت صلاته باطلة فتجب عليه إعادتها.

المسألة 231

أفضل ما يسجد عليه المكلف هو التربة الحسينية، ففي الحديث عن الامام الصادق (ع): ان السجود على تربة أبي عبد اللّه (ع) يخرق الحجب السبع، و عنه (ع) السجود على طين قبر الحسين (ع) ينور إلى الأرضين السبعة.

و السجود على الأرض أفضل من السجود على النبات، و لعل السجود على تراب الأرض أفضل من السجود على الحجر.

المسألة 232

إذا وضعت التربة الحسينية في مسجد أو مشهد أو في محل معد للصلاة فيه اختصت به فلا يجوز لأحد إخراجها منه الى مكان آخر و ان كان مساويا له أو أفضل منه، الا إذا علم بأنها قد وضعت لمطلق الانتفاع، و إذا أخرجها أحد من موضعها كانت بحكم المغصوب، فلا تصح الصلاة عليها لمن يعلم بأمرها و يجب ردها الى موضعها.

الفصل الحادي عشر في ما يستحب و ما يكره من الأمكنة

المسألة 233

لا يضر بصلاة الإنسان أن يمر بين يديه و هو يصلي حيوان أو إنسان، و لا ينقص من فضلها شي ء، و لكن يستحب لمن أراد الصلاة في موضع

كلمة التقوى، ج 1، ص: 355

يكون فيه معرضا للمرور بين يديه أن يجعل بين يديه سترة يتقي بها، و يكفي أن تكون السترة عصى أو سهما أو رمحا أو حجرا أو كومة تراب أو أي شي ء آخر، أو يخط في الأرض بين يديه خطا.

المسألة 234

تستحب الصلاة في المسجد و قد ورد الحث في ذلك عن أئمة الهدى (ع)، و استفاضت أحاديثهم في بيان فضلها، و قد ورد عنهم (ع): ان الصلاة في المسجد الجامع في البلد تعدل ثواب مائة صلاة في غير المسجد، و ان الصلاة في مسجد القبيلة تعدل ثواب خمس و عشرين صلاة، و ان الصلاة، في مسجد السوق تعدل ثواب اثنتي عشرة صلاة.

المسألة 235

يستحب للإنسان أن يتخذ في بيته مسجدا يعده للصلاة فيه، فيصلي فيه نوافله و فرائضه حين يعرض له ما يمنعه من الخروج الى المساجد، و لا تلحق هذا المصلي أحكام المسجد الخاصة و لا يسقط معه استحباب الخروج الى المساجد في الصلاة، و في الحديث عن الامام الصادق (ع) انه قال لحريز بن عبد اللّه: اتخذ مسجدا في بيتك فإذا خفت شيئا فالبس ثوبين غليظين من أغلظ ثيابك فصل فيهما ثم اجث على ركبتيك فاصرخ الى اللّه و سله الجنة و تعوذ باللّه من شر الذي تخافه، و إياك أن يسمع اللّه منك كلمة بغي و ان أعجبتك نفسك و عشيرتك.

و من خواص هذا المصلي انه يستحب نقل المحتضر إليه إذا اشتد به النزع فإنه يوجب التخفيف عنه.

المسألة 236

أفضل المساجد هو المسجد الحرام، ثم مسجد الرسول (ص) و قد ورد في الحديث عن الإمام أبي جعفر (ع): من صلى في المسجد الحرام صلاة مكتوبة قبل اللّه منه كل صلاة صلاها منذ يوم وجبت عليه الصلاة، و كل صلاة يصليها الى أن يموت، و ورد ان الصلاة فيه تعدل مائة ألف صلاة، و عن الامام الباقر (ع) صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 356

ألف صلاة في غيره من المساجد، و ورد ان الصلاة في مسجد الرسول (ص) تعدل عشرة آلاف صلاة في ما سواه من المساجد و ان الصلاة في المسجد الحرام تعدل ألف صلاة في مسجد الرسول (ص)، و ورد غير ذلك، و هذا الاختلاف منزل على اختلاف المصلين في مراتب اخلاصهم، فكلما كان العبد أكثر إخلاصا كان عمله أفضل و كان لطف اللّه به أكبر.

ثم مسجد الكوفة و

المسجد الأقصى، و الصلاة في كل واحد منهما تعدل ثواب ألف صلاة.

المسألة 237

تستحب الصلاة في مشاهد الأئمة المعصومين (ع) و خصوصا في مشهد علي و حائر الحسين (ع)، و قد نقل عنهم (ع): ان الصلاة عند علي (ع) بمائتي ألف صلاة، و في حديث زيارة الحسين (ع): من صلى خلفه صلاة واحدة يريد بها اللّه لقي اللّه تعالى يوم يلقاه و عليه من النور ما يغشى له كل شي ء يراه.

المسألة 238

صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد، و صلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها، و على هذا فتكون صلاتها في البيت أفضل من أي مسجد تريد الخروج إلى الصلاة فيه و ان كان هو المسجد الحرام أو أحد المساجد المعظمة الأخرى، أو أحد مشاهد المعصومين و المراد من بيتها هو البيت الذي تأوي اليه و ان كانت مسافرة.

المسألة 239

يستحب للإنسان أن يفرق صلاته في أمكنة متعددة سواء كانت صلاته في مسجد أم في غيره فان كل بقعة تشهد للمصلي عليها يوم القيامة كما في الحديث.

المسألة 240

يكره لمن كان في جوار المسجد أن يصلي في غير المسجد، فإذا صلى في غيره من غير علة كانت صلاته ناقصة الفضل غير كاملة، لا بالإضافة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 357

إلى الصلاة في المسجد، بل بالإضافة إلى الصلاة في غير المسجد لغير جاره.

و الظاهر أن الحكم لا يشمل من ترك الصلاة في المسجد ليصلي في مسجد آخر، و خصوصا إذا كانت الصلاة في المسجد الأخر أفضل أو كان يشتمل على خصوصية أخرى كصلاة الجماعة و نحوها.

المسألة 241

يكره هجر المسجد و تعطيله من الصلاة، ففي الحديث عن أبي عبد اللّه (ع) ثلاثة يشكون الى اللّه عز و جل: مسجد خراب لا يصلي فيه أهله و عالم بين جهال و مصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه.

المسألة 242

يستحب السعي إلى المساجد و كثرة التردد إليها، فعن النبي (ص) من مشى الى مسجد من مساجد اللّه فله بكل خطوة خطاها حتى يرجع الى منزله عشر حسنات و محا عنه عشر سيئات و رفع له عشر درجات، و عن الإمام أبي عبد اللّه (ع) من مشى الى المسجد لم يضع رجلا على رطب و لا يابس الا سبحت له الأرض إلى الأرضين السابعة.

المسألة 243

تكره الصلاة في الحمام حتى المسلخ منه، و تخف الكراهة إذا كان نظيفا، و لا كراهة في الصلاة على سطحه.

المسألة 244

تكره الصلاة في المزبلة، و في بيت الغائط، و على السطح الذي يتخذ مبالا، و في المجزرة، و هي المكان الذي يتخذ لذبح الحيوانات أو نحوها.

المسألة 245

تكره الصلاة في معاطن الإبل و هي مباركها، و في مرابض البقر، و تخف الكراهة إذا كنست و رشت قبل الصلاة فيها، و ينبغي انتظار يبس الموضع، و يكره في مرابط الخيل و البغال و الحمير.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 358

المسألة 246

تكره الصلاة في بيت فيه خمر أو مسكر و ان لم يكن البيت معدا لذلك، أو كان المسكر محصورا في آنية و نحوها.

المسألة 247

تكره الصلاة في بيت المجوسي و ان لم يكن ملكا له و لم يكن حاضرا وقت الصلاة و إذا رش بالماء و جف زالت الكراهة عن الصلاة فيه، و تكره الصلاة في بيت فيه مجوسي حاضر و ان لم يكن البيت ملكا له.

المسألة 248

تكره الصلاة في قرى النمل و المواضع التي تسكنها و ان لم يكن فيها نمل ظاهر حال الصلاة، و تكره في مجاري الماء و ان لم يجر فيها بالفعل، و لا تكره الصلاة على سقف أو بناء يجري تحته نهر أو عين أو ساقية.

المسألة 249

تكره الصلاة على الأرض السبخة و هي التي يعلو وجه الأرض ما يشبه الملح، و انما تكون الصلاة مكروهة عليها إذا كان السبخ الموجود على وجهها لا يمنع من تمكين الجبهة على الأرض بالمقدار الواجب في السجود، و إذا كان مانعا من ذلك كانت الصلاة باطلة كما تقدم نظائره في المسألة المائتين و الثامنة و العشرين، و إذا كان السبخ لا يمنع من ذلك و لكنه يمنع من قرار الجبهة في السجود على الوجه الكامل كانت الصلاة مكروهة، فإذا سوى المصلي الأرض بيده أو بجبهته حتى استقرت على الأرض زالت الكراهة.

المسألة 250

تكره الصلاة على الثلج و الجمد، و هذا إذا لم يكن مانعا من صدق السجود على الأرض، فإذا كثر الثلج و تراكم حتى أصبح السجود عليه لا يعد سجودا على الأرض في نظر أهل العرف كانت الصلاة باطلة، و إذا لم يجد المصلي شيئا مما يصح السجود عليه وجب ان يسجد على ثوبه

كلمة التقوى، ج 1، ص: 359

القطن أو الكتان أو على القير أو القفر، فان لم يجد ذلك سجد على ظهر كفه كما ذكرنا في المسألة المائتين و الخامسة و العشرين.

المسألة 251

تكره الصلاة في الطرق و الجواد سواء كانت في البلاد أم في خارجها، و سواء كانت مشغولة بالمارة حين صلاة الإنسان فيها أم لا، و إذا أضرت الصلاة بالمارة حرمت بل الأحوط اعادتها.

المسألة 252

تكره الصلاة و في قبلة المصلي نار مضرمة أو سراج موقد، و لا كراهة في أن تكون أمامه مصابيح كهربائية.

و تكره صلاته و أمامه تمثال لذي روح سواء كان التمثال مجسما أم منقوشا، و تزول الكراهة إذا سترت الصورة بثوب و نحوه، و لا كراهة إذا كانت الصورة على يمين المصلي أو عن شماله أو من خلفه أو تحت قدمه. و تكره الصلاة و بين يديه مصحف مفتوح أو كتاب مفتوح أو نقش ينظر فيه.

المسألة 253

تكره الصلاة و امام المصلي عذرة، أو يكون في قبلته حائط ينز من كنيف أو من بالوعة يبال فيها، و تزول الكراهة بستر موضع النز.

المسألة 254

تكره الصلاة في المقبرة و ان لم يصل على شي ء من القبور و لم يكن أمامه شي ء منها، و تكره الصلاة على قبر من غير فرق بين أن يأتي المصلي بجميع أفعال صلاته على القبر أو ببعضها، كما إذا سجد أو قام في صلاته على القبر، و لا تشمل ما إذا كان الميت مدفونا في أرض الحجرة و صلى الإنسان على سطحها، و تكره الصلاة و أمام المصلي قبر و ترتفع الكراهة بوجود حائل بين المصلي و القبر كجدار و نحوه، و المدار في الحائل أن لا يعد المصلي معه مستقبلا للقبر.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 360

و تكره الصلاة بين قبرين أو أكثر، و ترتفع الكراهة بوجود حائل بين القبرين، فإذا كان القبران عن يمين المصلي و يساره كفى في رفع الكراهة أن يجعل حائلا بينه و بين أحد القبرين، و إذا كان أحد القبرين أمامه و الآخر خلفه، وضع الحائل أمامه فيكون رافعا لكراهة الصلاة بين القبرين و لكراهة الصلاة خلف القبر. و إذا كانت القبور التي يصلي بينها أربعة كفى حائلان يضع أحدهما بين اليمين و اليسار و الثاني من أمام كما تقدم.

و ترتفع الكراهة أيضا في الصلاة بين القبرين أو أكثر ببعد عشرة أذرع عن كل قبر منها، فإذا كانا عن يمينه و يساره احتاج الى بعد عشرة أذرع من اليمين و عشرة أذرع من اليسار، و كذلك إذا كانا من الامام و الخلف، و إذا كانت القبور من الجهات الأربع احتاج الى بعد عشرة أذرع من

كل جهة.

المسألة 255

ينبغي التنزه عن بيت فيه كلب غير كلب الصيد أن يصلى فيه، و عن بيت فيه جنب و ان يصلي و أمامه سيف أو سلاح من حديد، أو يصلي على بيدر من حنطة أو شعير.

الفصل الثاني عشر في بعض أحكام المسجد

المسألة 256

يستحب بناء المسجد و قد استفاضت الأحاديث عن المعصومين (ع) في بيان فضل ذلك و الحث عليه، و قد تكرر عنهم (ع) ان من بنى مسجدا بنى اللّه له بيتا في الجنة.

المسألة 257

يكفي في تحقق المسجدية أن يبني الموضع بقصد كونه مسجدا ثم يصلي فيه شخص واحد بإذن الباني و بقصد التسلم و القبض، فإذا تم

كلمة التقوى، ج 1، ص: 361

ذلك تحققت وقفيته و جرت له أحكام المسجد و ان كان الأحوط إجراء صيغة الوقف فيقول مالك الموضع أو وكيله وقفته مسجدا قربة الى اللّه تعالى.

المسألة 258

يجوز لباني المسجد أو واقفة أن يعمم المسجدية على جميع الموضع أو يخصصها ببعض اجزائه كما يشاء، فله أن يجعل الأرض و البناء و السطح مسجدا، و له أن يجعل الأرض وحدها مسجدا دون البناء، أو يجعل الأرض و البناء مسجدا دون السطح، أو يجعل السطح مسجدا دون الأرض و البناء، أو يجعل بعض الغرف دون بعض، و له أن يبني الموضع طبقتين مثلا و يجعل الجميع مسجدا أو يجعل بعضه دون بعض حسب ما يعين في جعله و قصده، فإذا جعل ذلك و تم الوقف لم يجز التبديل و الاستثناء بعد ذلك.

المسألة 259

يشكل أن يجعل الموضع مسجدا خاصا بطائفة من المسلمين دون طائفة، بل يمنع ذلك، نعم يصح أن يقف الموضع مصلى لطائفة منهم، فيختص بتلك الطائفة، و لا تجري عليه أحكام المسجد.

المسألة 260

يجوز نقض بناء المسجد إذا أشرف على الانهدام و تجديد بنائه، و يجوز نقض بنائه لتوسعته مع حاجة المصلين الى ذلك و ان لم يكن خرابا و لم يشرف على الانهدام، بل يجوز ذلك إذا اقتضته مصلحة معلومة الأهمية أو دفع مفسدة معلومة الأهمية كذلك و يجوز فتح أبواب و منافذ جديدة للمسجد و ايصاد أخرى إذا اقتضت المصلحة ذلك.

المسألة 261

تحرم زخرفة المسجد على الأحوط و هي تزيينه بالذهب، و يحرم على الأحوط نقشه بصور ذوات الأرواح، و لا يحرم تزيينه بكتابة الآيات و الأحاديث على جدرانه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 362

المسألة 262

لا يخرج الموضع عن المسجدية و ان خربت عمارته و ذهبت عنه آثار المسجدية، و لا تسقط عنه أحكامها، فلا يجوز تنجيسه و يحرم هتكه، و لا يجوز بيعه و لا إدخاله في الملك أو في الطريق بعوض أو بدون عوض، و لا يجوز بيع آلاته و أجزائه كأخشابه و حجارته و حديده بل يجب صرف أعيانها في تعميره إن أمكن، فان لم يمكن ذلك لكون المسجد غير قابل للتعمير، أو لكونه معمورا و مستغنيا عنها، وجب صرف أعيانها في تعمير مسجد آخر، و ان لم يمكن ذلك جاز بيعها و صرف قيمتها في تعمير المسجد نفسه، فان لم يمكن ذلك صرفت القيمة في تعمير مسجد آخر.

المسألة 263

________________________________________

بصرى بحرانى، زين الدين، محمد امين، كلمة التقوى، 7 جلد، سيد جواد وداعى، قم - ايران، سوم، 1413 ه ق

كلمة التقوى؛ ج 1، ص: 362

يحرم تنجيس المسجد و تنجيس شي ء من أجزائه أو أدواته، و يجب تطهيره من النجاسة إذا تنجس بفعله أو بفعل غيره، و قد فصلنا أحكام ذلك و فروضه في المسألة المائة و الخامسة و السبعين من كتاب الطهارة و المسائل التي بعدها، فلتراجع.

المسألة 264

لا يجوز تمكين اليهود و النصارى و غيرهم من أصناف الكفار من دخول المساجد و ان لم يتلوث المسجد بنجاستهم.

المسألة 265

يجوز أن يجعل موضع الكنيف مسجدا بعد أن تطم نجاسته و رطوباته بتراب طاهر، و كذلك الأمكنة الأخرى التي تكون فيها النجاسات، و الأحوط استحبابا أن تزال أعيان النجاسة عن الموضع أو لا قبل أن يطم بالتراب، و إذا كان في الموضع ماء نجس تسري نجاسته الى التراب الطاهر الذي يوضع عليه فلا بد من نزح الماء أولا أو تجفيفه قبل طمه بالتراب.

المسألة 266

يحرم إخراج الحصى من المسجد إذا كان من أجزاء المسجد أو من

كلمة التقوى، ج 1، ص: 363

الموقوفات عليه و إذا أخرجه وجب رده اليه مع الإمكان، و يجوز إخراجه إذا كان من القمامة و الأوساخ التي تكون فيه، كما إذا كانت الأرض مفروشة بالكاشاني أو الحجر و وقع فيه بعض الحصى و لا بأس بإخراج التراب الزائد مما يعد من القمامة و الكناسة و ان كانت أرض المسجد من التراب.

المسألة 267

يحرم دفن الميت في أرض المسجد و ان علم بأنه لا يلوث أرض المسجد إذا دفن فيها.

المسألة 268

يستحب أن تجعل مواضع التطهير على أبواب المساجد سواء كانت للتطهير من الحدث أم كانت لقذف النجاسة و للتطهير منها، و إذا كانت من الثاني فيجب التوقي عن سراية النجاسة إلى جدران المسجد و أرضه.

المسألة 269

يستحب كنس المسجد و إخراج القمامة منه و يتأكد ذلك في يوم الخميس و ليلة الجمعة، و يستحب الإسراج فيه ليلا، من غير فرق بين أوقات الصلاة و غيرها و وجود المصلين و عدمهم و حاجة المسجد الى الانارة و عدمها فان ذلك من تعظيم شعائر اللّه.

المسألة 270

يستحب السبق الى دخول المسجد و اطالة المكث فيه، ففي الحديث:

أحب البقاع الى اللّه عز و جل المساجد، و أحب أهلها الى اللّه أو لهم دخولا و آخرهم خروجا منها، و يستحب التطيب و لبس الثياب الفاخرة عند التوجه الى المسجد.

المسألة 271

يستحب للإنسان أن يقدم رجله اليمنى عند دخوله المسجد، و أن يقدم رجله اليسرى عند خروجه منه و أن يصلي على النبي (ص) عند دخوله، و يقول: اللهم اغفر لي ذنوبي، و افتح لي أبواب رحمتك،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 364

و أن يصلي على النبي (ص) عند خروجه و يقول: اللهم اغفر لي ذنوبي و افتح لي أبواب فضلك، و أن يتعاهد نعليه قبل دخوله المسجد حذرا من وجود النجاسة فيهما.

المسألة 272

يستحب لمن دخل المسجد أن يكون على طهارة و ان يستقبل القبلة بعد دخوله و ان يبسمل و يحمد اللّه و يصلي على النبي (ص) و يدعو بما أحب، و أن يصلي صلاة التحية و هي ركعتان و تتأدى الوظيفة بأن يصلي صلاة أخرى واجبة أو مندوبة، أدائية أو قضائية.

المسألة 273

يكره ان ترفع المنارة أكثر من سطح المسجد، و أن تجعل للمساجد شرافات و محاريب و الظاهر أن المحاريب التي يكره اتخاذها في المساجد هي المقاصير التي أحدثها أئمة الجور.

المسألة 274

يكره الاستطراق في المساجد، الا أن يصلي المستطرق فيها ركعتين، و يكره التنخم و التنخع و البصاق في المسجد، و النوم فيه الا عند الضرورة، و يكره الحذف بالحصى، و السؤال عن الضالة و قراءة الشعر إلا إذا كان في دعاء أو موعظة أو حكمة أو رثاء للمعصومين (ع).

المسألة 275

يكره رفع الصوت في المساجد إلا في الأذان و الصلاة و خطبة الجمعة و أمثال ذلك من العبادات التي جرت سيرة المتشرعة على الإتيان بها في المساجد كقراءة القرآن و مراثي أهل البيت (ع) و المواعظ و التدريس.

المسألة 276

يكره فيها البيع و الشراء و غيرهما من المعاوضات، و عمل الصنائع و التكلم في أمور الدنيا، و يكره تمكين الصبيان و المجانين من دخولها، و سل السيف فيها و تعليقه في القبلة و ان لم يكن مسلولا.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 365

المسألة 277

يكره لمن أكل الثوم أو البصل أو غيرهما مما تكون له رائحة مؤذية أن يدخل المسجد ما دامت الرائحة موجودة، و يكره أن تكشف فيه العورة أو السرة أو الفخذ أو الركبة و ان لم يوجد فيها ناظر أو أمن من اطلاعه.

المسألة 278

تقدم في المسألة المائتين و الثامنة و الثلاثين ان صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد الذي تريد الخروج إليه.

المسألة 279

المذكور في الأدلة ان الإعلان في الفرائض أفضل من السر فيها، و ان الإسرار في النوافل أفضل من العلن فيها، و ليس معنى ذلك ان صلاة النوافل في المنازل أفضل من صلاتها في المساجد، فقد يكون السر في المساجد و قد تكون العلانية في المنزل.

فإذا صلى الإنسان الفريضة في المسجد علانية نال كلتا الخصوصيتين من الفضل في الفريضة، و إذا صلاها في المسجد سرا أو صلاها في المنزل علانية نال احدى الخصوصيتين من الفضل، و فاتته الأخرى.

و كذلك إذا صلى النافلة في المسجد سرا نال كلتا الخصوصيتين من الفضل في نافلته، و إذا صلاها في المسجد علانية أو صلاها في المنزل سرا نال احدى الخصوصيتين من الفضل في نافلته و فاتته الأخرى.

الفصل الثالث عشر في الأذان و الإقامة

المسألة 280

يستحب الأذان و الإقامة في الفرائض اليومية استحبابا مؤكدا، سواء كانت الفريضة أداء أم قضاء و جماعة أم فرادى، و مقصورة أم تامة، و سواء كان المصلي رجلا أم امرأة، و هما في صلاة الجماعة أشد

كلمة التقوى، ج 1، ص: 366

تأكيدا من الفرادى، و في صلاة المغرب و الفجر أشد تأكيدا من غيرهما من الفرائض، و في صلاة الحضر أشد تأكيدا من صلاة السفر، و على الرجال أشد تأكيدا من النساء و التأكيد في الإقامة أشد، بل الأحوط عدم تركها لغير الضرورة، و في تركها بل و في ترك الأذان حرمان من ثواب جزيل.

المسألة 281

لا يشرع الأذان و لا الإقامة في غير الفرائض اليومية من الصلوات سواء كانت واجبة أم مندوبة، نعم يستحب في صلاة العيدين أن يقول المؤذن: الصلاة، ثلاث مرات، و في تعديتها الى غيرها من الفرائض إشكال.

المسألة 282

الأذان على قسمين، الأول: أذان الإعلام بدخول الوقت، و قد تكثرت الروايات بذكر فضله و الحث عليه، فعن الرسول (ص): المؤذنون أمناء المؤمنين على صلاتهم و صومهم و لحومهم و دمائهم، لا يسألون اللّه عز و جل شيئا إلا أعطاهم و لا يشفعون في شي ء إلا شفعوا، و يعتبر في هذا القسم أن يكون في أول الوقت.

الثاني: أذان الصلاة، و هو متصل بها و ان أتى المكلف بها في آخر الوقت، بل و ان أتى بها قضاء بعد الوقت، و قد ورد عن أبي عبد اللّه (ع): إذا أنت أذنت و أقمت صلى خلفك صفان من الملائكة و ان أقمت إقامة بغير أذان صلى خلفك صف واحد، و يعتبر في أذان الصلاة قصد القربة و كذلك في أذان الاعلام على الأحوط.

المسألة 283

الأذان سواء كان للاعلام أم للصلاة، ثمانية عشر فصلا، فيقول المؤذن: اللّه أكبر (أربع مرات)، أشهد ان لا إله إلا اللّه (مرتين)، أشهد أن محمدا رسول اللّه (مرتين)، حي على الصلاة (مرتين) حي على الفلاح (مرتين) حي على خير العمل (مرتين) اللّه أكبر (مرتين) لا إله إلا اللّه (مرتين).

كلمة التقوى، ج 1، ص: 367

و الإقامة سبعة عشر فصلا، فيقول: اللّه أكبر (مرتين) و يأتي بكل واحدة من الشهادتين، و من الحيعلات الثلاث (مرتين، مرتين)، ثم يقول قد قامت الصلاة (مرتين) اللّه أكبر (مرتين) لا إله إلا اللّه (مرة واحدة).

المسألة 284

الشهادة لعلي (ع) بالولاية و بإمرة المؤمنين ليست من فصول الأذان و لا من فصول الإقامة، و لا بأس بالإتيان بها على وجه الاستحباب العام، و تستحب الصلاة على محمد و آله عند ذكر اسمه الشريف.

المسألة 285

يجوز للمسافر أن يأتي بفصول الأذان و الإقامة مرة مرة من غير تكرار، و يجوز للمسافر و للمستعجل و ان لم يكن مسافرا أن يكتفي بالإقامة وحدها من غير أذان و يأتي بها تامة.

المسألة 286

يستحب أن ينطق بفصول الأذان و الإقامة ساكنة الأواخر، و أن يتأنى في الأذان و يطيل الوقوف على فصوله، و أن يسرع في الإقامة مع الوقف القصير على السكون في آخر الفصل، و عليه أن يلاحظ ان اسراعه لا يغير حركة و لا يبدل حرفا.

و إذا أتى بآخر الفصل من الأذان أو الإقامة متحركا وجب عليه أن يراعي قواعد اللغة في النطق بالحركة و في وصل آخر الفصل بما بعده فلا يقف على حركة و لا يصل على غير القاعدة.

الفصل الرابع عشر في شرائط الأذان و الإقامة و أحكامهما

اشارة

يشترط في الأذان و الإقامة عدة أمور.

[أحدها: النية]
المسألة 287

أحدها: النية كسائر العبادات، فلا بد منها في ابتداء العمل، و لا بد

كلمة التقوى، ج 1، ص: 368

فيها من قصد القربة و لا بد من استدامتها حكما حتى يتم العمل.

و المراد باستدامة النية حكما أن يكون الإتيان بجميع أجزاء العمل ناشئا عن نيته الأولى للفعل و عن قصد القربة فيه، فلا يصح الأذان و لا الإقامة إذا أخل بذلك، و كذلك في أذان الاعلام على الأحوط.

المسألة 288

إذا قصد التقرب في الأذان ثم أخل به في الأثناء حتى أتمه بطل أذانه، و إذا رجع الى قصد القربة فيه، فان فاتت الموالاة بين الفصول بطل عمله كذلك و ان لم تفت الموالاة أعاد الفصول التي أتى بها بغير قصد القربة، فإذا فعل ذلك كان أذانه صحيحا و كذلك الحكم في الإقامة.

المسألة 289

يعتبر تعيين الصلاة التي يؤذن لها أو يقيم إذا كانت متعددة، و مثال ذلك أن تكون عليه صلاة حاضرة و صلاة فائتة فإذا أراد الأذان أو الإقامة فلا بد و أن يعين أن أذانه أو اقامته لأي الصلاتين و إذا لم يعين صلاته لم يكفه أذانه و لا إقامته لأحدهما.

و إذا قصد بأذانه أو اقامته صلاة معينة ثم أراد أن يصلي بهما صلاة أخرى لم يكفه ذلك و عليه إعادتهما.

[الثاني: العقل و الايمان،]
المسألة 290

الثاني من شرائط الأذان و الإقامة: العقل و الايمان، فلا يصح أذان المجنون و لا اقامته و لا أذان غير المؤمن و لا اقامته، و لا تكفيان لغيرهما جماعة و لا فرادى، بل و لا تكفيان لصلاتهما، فإذا أفاق المجنون أو استبصر المخالف بعد الأذان و الإقامة فعليهما الاستيناف. و يكفي أذان الصبي المميز و إقامته لصلاة نفسه، و الأحوط عدم الاكتفاء بإقامته لغيره جماعة و لا فرادى.

المسألة 291

يشترط في أذان الاعلام ان يكون المؤذن رجلا فلا يصح أذان المرأة، و لا يصح كذلك أذان المرأة و لا إقامتها لصلاة الجماعة للرجال إذا كانوا

كلمة التقوى، ج 1، ص: 369

جميعا أو بعضهم أجانب عنها، بل و لا يترك لاحتياط بعدم الاكتفاء بأذانها و إقامتها لجماعتهم إذا كانوا جميعا من محارمها، و لا يترك الاحتياط بعدم اكتفاء الرجل بسماع أذانها أو إقامتها، و ان لم يكن أذانها و لا سماع الرجل لها على الوجه المحرم.

و يكتفي بأذانها و إقامتها لجماعة النساء، و للمرأة الأخرى إذا سمعت أذانها و إقامتها على ما سيأتي بيانه.

[الثالث: الترتيب]
المسألة 292

الثالث من شرائط الأذان و الإقامة الترتيب بينهما، فيجب تقديم الأذان بجميع فصوله على الإقامة بجميع فصولها، و يجب الترتيب بين فصول الأذان على الوجه المتقدم و بين فصول الإقامة كذلك، فإذا قدم الإقامة على الأذان عامدا أو جاهلا أو ساهيا فعليه اعادتها بعد الأذان.

و إذا خالف الترتيب في فصول الأذان فقدم ما هو متأخر منها، فعليه أن يرجع الى الفصل الذي أخره عن موضعه فيأتي به و بما بعده على الترتيب الصحيح، و إذا كان قد أتى بالفصل متأخرا عن موضعه أتى بما بعده على ما يوافق الترتيب، و إذا حصل بسبب ذلك فصل طويل يخل بالموالاة بين الفصول أعاد الأذان كله، سواء كان عامدا أم جاهلا أم ساهيا و كذلك الحكم في فصول الإقامة.

[الرابع: الموالاة]
المسألة 293

الرابع من شرائطهما: الموالاة بين الأذان و الإقامة، و ما بين كل فصل من الأذان و لاحقه، و ما بين كل فصل من الإقامة و لاحقه كذلك، و ما بينهما و بين الصلاة على وجه تحصل لهما الصورة المجعولة لهما في الشريعة و في عرف المتشرعة، فإذا وقع ما بينهما فصل طويل يخل بذلك كان مبطلا.

[الخامس: أدائهما بالعربي الصحيح،]
المسألة 294

الخامس من شرائطهما أن ينطق بكل فصل من فصولهما على النهج العربي الصحيح، فلا يصح الأذان و لا الإقامة إذا أبدل حرفا بحرف،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 370

بل و لا حركة بحركة، أو زاد في الكلمة حرفا أو نقص، و لا تكفي الترجمة إلى لغة أخرى.

[السادس: الوقت،]
المسألة 295

السادس من شرائطهما الوقت، فلا يكتفي بالأذان و لا الإقامة قبل دخول الوقت، سواء كان عامدا أم لا حتى إذا دخل عليه الوقت و هو في أثنائهما.

نعم يجوز تقديم أذان الإعلام قبل طلوع الفجر إذا كان المقصود منه الاعلام بقرب طلوع الفجر، و لا يصح إذا كان المقصود الاعلام بدخول الوقت، و الأحوط إعادة الأذان بعد دخوله.

[السابع: الطهارة و القيام]
المسألة 296

السابع يشترط في الإقامة أن يكون المقيم متطهرا من الحدث، و أن يكون قائما، بل و يعتبر فيها أن يكون مستقبلا للقبلة على الأحوط، و لا يشترط شي ء من ذلك في الأذان، نعم يستحب أن يكون المؤذن متطهرا قائما مستقبلا حال أذانه.

المسألة 297

إذا أحدث في أثناء الأذان لم يبطل أذانه، و تستحب له إعادة الأذان بعد الطهارة و إذا أحدث في أثناء الإقامة تطهر و أعاد الإقامة.

المسألة 298

إذا نام في أثناء أذانه أو جن أو أغمي عليه ثم أفاق، فإن فاتت الموالاة بين الفصول أعاد الأذان و ان لم تفت الموالاة جاز له أن يتم الأذان و يكتفي به، و إذا نام في أثناء الإقامة أو جن أو أغمي عليه ثم أفاق فالأحوط إعادة الإقامة بل يتعين ذلك في النوم.

المسألة 299

إذا أذن أو أقام بقصد الصلاة منفردا، ثم حضر معه من يأتم به قبل دخوله في الصلاة استحب له إعادة الأذان و الإقامة، و إذا ائتم به بعد دخوله في الصلاة أتمها و لا شي ء عليه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 371

المسألة 300

لا فرق بين أذان الاعلام و غيره في وجوب مراعاة النهج العربي الصحيح و اجتناب اللحن فيه.

المسألة 301

إذا ترك الأذان و أقام للصلاة، ثم بدا له أن يؤذن للصلاة فعليه أن يعيد الإقامة بعد الأذان.

المسألة 302

يسقط الأذان عن المكلف في عدة مواضع.

(الأول): إذا صلى المكلف الظهر في الموقف بعرفة، و أراد أن يجمع بينها و بين العصر سقط عنه أذان العصر، و الأقرب أن سقوط الأذان هنا عزيمة، فلا يجوز له أن يؤذن لصلاة العصر، و إذا فرق بين الفريضتين أذن للعصر.

(الثاني): إذا صلى المغرب ليلة المزدلفة و أراد أن يجمع بينها و بين العشاء سقط عنه أذان العشاء و سقوطه عزيمة كذلك، فلا يجوز له أن يأتي بالأذان، و إذا فرق بين الفريضتين أذن للعشاء.

(الثالث): إذا صلى الجمعة أو الظهر في يوم الجمعة، و أراد أن يجمع بينها و بين العصر سقط عنه أذان العصر، و الأحوط له تركه، و إذا فرق بين الفريضتين لم يسقط أذان العصر.

(الرابع): إذا صلت المستحاضة صلاة الظهر أو المغرب و كان حكمها أن تجمع بين الفريضتين سقط عنها الأذان للعصر و العشاء، و سقوطهما رخصة على الأقوى، فإذا أذنت لصلاة العصر فعليها أن تغتسل لها و لا تكتفي بغسل واحد للفريضتين، و كذلك في المغرب و العشاء.

(الخامس): المسلوس إذا كان ممن يجوز له أن يجمع بين الظهرين أو العشاءين بوضوء واحد كما ذكرنا في المسألة الأربعمائة و السابعة و العشرين من كتاب الطهارة، فإذا جمع بينهما سقط عنه أذان الفريضة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 372

الثانية، و سقوطه على سبيل الرخصة، و إذا أذن للفريضة الثانية لم يكفه وضوء واحد للفريضتين، فلا بد له من الوضوء للفريضة الثانية.

المسألة 303

لا يختص سقوط الأذان بهذه المواضع المذكورة، بل يسقط في كل مورد جمع فيه المكلف بين الفريضتين أو الفرائض، فيؤذن و يقيم للصلاة الأولى، ثم يقيم للثانية، و هكذا إذا كانت أكثر من ذلك كما

في قضاء الفوائت المتعددة، سواء كان الجمع بين الفريضتين مستحبا أم مباحا.

المسألة 304

يحصل التفريق بين الفريضتين بطول الزمان بينهما و ان لم يكن مشغولا بتعقيب و نحوه، و يحصل بالإتيان بالنافلة بينهما، بل لعله يحصل بمطلق التطوع بين الفريضتين و ان لم يكن من الرواتب.

المسألة 305

يسقط الأذان و الإقامة عن المكلف في مواضع:

(الأول): من يريد الدخول في صلاة جماعة قد أذنوا لها و أقاموا، و لم يسمع هو أذانها و لا إقامتها، فيدخل مع الإمام في الصلاة من غير أذان و لا اقامة، سواء كان دخوله معه في أول الصلاة أم في أثنائها.

المسألة 306

(الثاني): من يدخل المسجد للصلاة فيه، و قد أقيمت في المسجد صلاة جماعة، سواء دخل المسجد في حال اشتغالهم بالصلاة أم بعد فراغهم منها و قبل تفرق صفوفهم، فيسقط عنه الأذان و الإقامة لصلاته، سواء أراد الصلاة منفردا أم جماعة، و سواء كان إماما في الجماعة الجديدة أم مأموما.

و الأقوى أن سقوط الأذان و الإقامة عنه عزيمة إذا كان الموضع مسجدا، فلا يجوز له أن يأتي بهما و انما تترتب هذه الأحكام مع اجتماع الشرائط التي نذكرها في المسائل الآتية.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 373

المسألة 307

يشترط في ترتب الأحكام المذكورة في المسألة المتقدمة.

أولا: أن تكون صلاة المكلف و صلاة الجماعة المقامة في المسجد متحدتين في المكان عرفا، فإذا كانت أحدهما في المسجد و الأخرى على سطحه لم يسقط الأذان و الإقامة عن المكلف في صلاته، و كذلك إذا كانتا متباعدتين في المكان كثيرا.

و ثانيا: أن تكون صلاة الجماعة المقامة في المسجد بأذان و اقامة، فلا يسقط الأذان و الإقامة عن المكلف في صلاته إذا كانت صلاة الجماعة بغير أذان و لا اقامة، كما إذا اكتفوا بسماعهما من الغير، أو سقط الأذان و الإقامة عنهم بسبب دخولهم على جماعة سابقه عليهم.

و ثالثا: أن تكون صلاة الجماعة السابقة صحيحة، فلا يسقط الأذان و الإقامة عن المكلف إذا كانت صلاة الجماعة قبله باطلة، كما إذا كان المأمومون فيها يعلمون بفسق الإمام أو كانت باطلة بسبب آخر.

المسألة 308

إذا كانت صلاة المكلف قضاء عن نفسه أو غيره، أشكل الحكم بسقوط الأذان و الإقامة عنه و ان كانت صلاة الجماعة قبله أدائية، فلا يترك الاحتياط بأن يأتي بهما برجاء المطلوبية، و كذلك إذا كانت صلاة الجماعة قضائية، سواء كانت صلاة المكلف أدائية أم قضائية، فيأتي بالأذان و الإقامة في صلاته برجاء المطلوبية.

المسألة 309

إذا دخل المكلف المسجد لصلاة المغرب فرأى الجماعة بعد فراغها من صلاة العصر قبل أن تتفرق صفوفها أشكل الحكم بالسقوط أيضا، فلا يترك الاحتياط بالأذان و الإقامة برجاء المطلوبية كما تقدم.

المسألة 310

إذا أقيمت صلاة الجماعة في مكان آخر غير المسجد و دخل المكلف فوجدهم قد فرغوا من الصلاة و لم تتفرق صفوفهم، فان كان دخوله

كلمة التقوى، ج 1، ص: 374

الى المكان بقصد الايتمام، سقط عنه الأذان و الإقامة إذا صلى في ذلك المكان كما في المسجد، و ان كان قد دخله لا بقصد الايتمام لم يسقط عنه الأذان و الإقامة في صلاته، و هذا هو الفارق الأول بين المسجد و غيره، و الفارق الثاني أن السقوط هنا رخصة لا عزيمة، فيجوز له أن يؤذن و يقيم لصلاته بخلاف السقوط في المسجد كما تقدم.

المسألة 311

إذا شك المكلف في تفرق صفوف الجماعة عند دخوله المسجد أم لا فالأحوط له أن يأتي بالأذان و الإقامة لصلاته برجاء المطلوبية، و كذلك إذا شك في أن مكان صلاته و مكان صلاة الجماعة متحد عرفا أم لا، أو شك في أن الجماعة قبله أذنوا و أقاموا أم لا، فيأتي بالأذان و الإقامة لصلاته برجاء المطلوبية، و إذا شك في صحة صلاتهم حملها على الصحة.

المسألة 312

الثالث من مواضع سقوط الأذان و الإقامة: أن يسمع المكلف أذان غيره و اقامته لصلاته فإنه يكتفي بما سمع، فإذا سمع الأذان و الإقامة كليهما اكتفى بهما و لم يؤذن لصلاته و لم يقم، و إذا سمع الأذان وحده اكتفى به عن الأذان لصلاته و أتي بالإقامة وحدها، ثم صلى، و إذا سمع الإقامة وحدها فله أن يكتفي بها عن الإقامة و يدخل في صلاته، و إذا أذن لصلاته فعليه أن يأتي بالإقامة بعده لفوات الترتيب.

المسألة 313

لا فرق في الأذان و الإقامة المسموعين بين أن يكونا لصلاة منفرد أم لجماعة و لا فرق في السامع أيضا فيكتفي بما سمع لصلاته سواء كان إماما أم مأموما أم منفردا، و لا فرق بين السماع و الاستماع.

المسألة 314

الأحوط الاكتفاء بما سمع، فلا يؤذن و لا يقيم لصلاته إذا سمعهما، و إذا أراد الإتيان بهما مع سماعهما، فالأحوط أن يأتي بهما برجاء المطلوبية لاحتمال كون السقوط عزيمة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 375

المسألة 315

انما يكتفي المكلف بما سمع من الأذان أو الإقامة إذا كان ما سمعه تاما غير ناقص و قد سمع جميع الفصول، فلا يكتفي به إذا كان ناقصا، أو كان تاما و لم يسمع المكلف منه جميع الفصول.

المسألة 316

إذا كان الأذان الذي سمعه ناقصا، جاز للسامع أن يتم ما نقص منه و يكتفي به لصلاته، و هذا هو المورد الذي دل النص الصحيح عليه، و يشكل التعدي في الحكم إلى الإقامة إذا كانت ناقصة أو الى الأذان و الإقامة إذا كانا تامين و لكن المكلف لم يسمع بعض فصولهما، فالأحوط في هذه الموارد أن يأتي بهما تامين برجاء المطلوبية.

المسألة 317

انما يكتفي بسماع أذان الغير و إقامته إذا لم يحصل فصل طويل بينه و بين الصلاة بحيث تفوت به الموالاة، و انما يكتفي به إذا كان السامع قاصدا به الصلاة من أول الأمر، فإذا قصد الصلاة بعد أن سمع الأذان و الإقامة أو بعد أن سمع بعضهما أشكل الحكم بالاكتفاء بسماعهما، فالأحوط أن يأتي بالأذان و الإقامة برجاء المطلوبية بل لا يخلو من وجه.

المسألة 318

الأحوط عدم اكتفاء الرجل بسماع أذان المرأة و إقامتها و ان لم يكن أذانها و لا سماع الرجل لها على الوجه المحرم، و تكتفي المرأة بسماع أذان الرجل و اقامته و تكتفي بسماع أذان المرأة و إقامتها.

المسألة 319

يستحب في الأذان أن يكون المؤذن متطهرا من الحدث قائما مستقبلا، من غير فرق بين أذان الاعلام و أذان الصلاة و قد تقدم في المسألة المائتين و السادسة و التسعين انه يشترط في الإقامة الطهارة و القيام و ان اعتبار الاستقبال فيها أحوط.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 376

المسألة 320

يستحب في الأذان وضع الإصبعين في الأذنين و رفع الصوت فيه بقدر الإمكان إذا كان المؤذن ذكرا، من غير ان يجهد نفسه، و إذا أقام استحب له رفع الصوت دون ذلك.

المسألة 321

يستحب الإفصاح بالألف و الهاء بل بكل حرف من ألفاظ الأذان و الإقامة و انما يكون الإفصاح مستحبا إذا كانت مراعاته أبين للكلمة و أبعد عن اللبس، و اما إذا توقف عليه النطق الصحيح بالكلمة فالظاهر وجوبه لا استحبابه، فإذا لم ينطق بالهاء من لفظ الجلالة في آخر الفصل أو من كلمة الصلاة في حي على الصلاة مثلا كانت الكلمة ناقصة غير صحيحة و كذلك إذا حذف الهاء من أشهد، و قد ذكرنا ذلك في المسألة المائتين و الرابعة و التسعين.

المسألة 322

يستحب أن يستقر في الإقامة و يتمكن كما يستقر في الصلاة.

المسألة 323

يكره التكلم في أثناء الأذان و الإقامة، و تشتد الكراهة بعد قول المقيم: قد قامت الصلاة، و تستحب له إعادة الإقامة إذا تكلم فيها بعد ذلك، إلا إذا كان التكلم في تقديم إمام أو في تسوية الصف و ما أشبه ذلك.

المسألة 324

يستحب أن يفصل بين الأذان و الإقامة بجلسة أو تسبيح أو سجدة أو صلاة ركعتين و قد ورد الفصل بينهما بخطوة، و يؤتى بها برجاء المطلوبية.

المسألة 325

تستحب حكاية الأذان لمن سمعه، من غير فرق بين أذان الاعلام و أذان الصلاة و حكاية الأذان هي أن يقول السامع كما يقول المؤذن، معه أو

كلمة التقوى، ج 1، ص: 377

بعده من غير فصل يعتد به، و ينبغي أن يقول بعد الحيعلات: لا حول و لا قوة إلا باللّه، و الظاهر ان هذا ذكر مستقل و ليس من حكاية الأذان و لا بد لا عنها.

و تجوز حكاية الأذان و هو في الصلاة، و لكن الأحوط ترك الحكاية في الحيعلات.

المسألة 326

إذا أراد السامع حكاية الإقامة اتى بحكايتها برجاء المطلوبية، و إذا قال المقيم قد قامت الصلاة فينبغي للسامع أن يقول: اللهم أقمها و أدمها و اجعلني من خير صالحي أهلها عملا.

المسألة 327

في الخبر عن أبي عبد اللّه (ع): من سمع المؤذن يقول اشهد أن لا إله إلا اللّه و اشهد ان محمدا رسول اللّه فقال مصدقا محتسبا، و أنا اشهد أن لا إله إلا اللّه و أن محمدا رسول اللّه (ص) اكتفي بها عن كل من ابى و جحد و أعين بها من أقر و شهد كان له من الأجر عدد من أنكر و جحد و عدد من أقر و شهد.

المسألة 328

يستحب في من ينصب مؤذنا أن يكون عدلا، و أن يكون مبصرا عارفا بالأوقات و أن يكون رفيع الصوت و أن يرتقي على مرتفع كالجدار و المنارة و نحوهما، و لا بأس باستخدام مكبرة الصوت في الأذان و غيره من العبادات التي يطلب فيها بلوغ الصوت إلى أكبر عدد ممكن.

المسألة 329

إذا نسي الإنسان الأذان و الإقامة حتى دخل في الصلاة ثم تذكرهما جاز له قطع الصلاة و الإتيان بهما ما لم يركع في صلاته، سواء كانت الصلاة فرادى أم جماعة، و كذلك إذا نسيهما ثم تذكرهما قبل الركوع و تردد مدة في أن يرجع إليهما أم لا، أو عزم على تركهما و عدم الرجوع لتداركهما، فيجوز له قطع الصلاة و الرجوع في جميع هذه الصور.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 378

و كذلك إذا نسي الإقامة وحدها و تذكرها قبل القراءة فيجوز له قطع الصلاة و الرجوع إليها، و إذا ترك الأذان و الإقامة عامدا أو ترك الإقامة وحدها كذلك و أحرم للصلاة لم يجز له قطعها على الأحوط.

المسألة 330

لا يجوز أخذ الأجرة على أذان الصلاة، و أذان الصلاة كنفس الصلاة عبادة لنفس المكلف فإذا كانت الإجارة عليه أو قصد أخذ الأجرة مما ينافي ذلك كان الأذان باطلا و يشكل جواز أخذ الأجرة على الأذان الاعلام، و لا بأس بارتزاق المؤذن من بيت المال.

المسألة 331

يستحب ان يقول بعد الإقامة و قبل تكبيرة الإحرام: (اللهم رب هذه الدعوة التامة و الصلاة القائمة بلغ محمدا صلى اللّه عليه و آله الدرجة و الوسيلة و الفضل و الفضيلة، باللّه استفتح و باللّه أستنجح و بمحمد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أتوجه اللهم صل على محمد و آل محمد و اجعلني بهم عندك وجيها في الدنيا و الآخرة و من المقربين.

مقدمة

أهم ما يحتاج اليه العبد عند وقوفه في صلاته بين يدي ربه هو حضور قلبه، و هو أن يفرغ قلبه و مشاعره لهذا العمل الكبير الذي يريد القيام به، و يسمى أيضا الإقبال على الصلاة و التوجه في ظاهره و باطنه إليها، فمن الأقوال المأثورة عن الامام زين العابدين (ع) انه لا يقبل من صلاة العبد الا ما أقبل عليه، و عن الامام محمد بن علي الباقر (ع): ان العبد ليرفع له من صلاته نصفها و ثلثها و ربعها و خمسها، فما يرفع له الا ما أقبل عليه بقلبه و انما أمروا بالنوافل ليتم لهم ما نقصوا من الفريضة.

و حضور القلب في الصلاة و توجهه إليها يكون نتيجة لأمرين، لا بد منهما، فهما قوام ايمان المؤمن و ركيزة سلوكه المستقيم و عمله الصالح.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 379

الأول: استشعاره لعظمة اللّه: المعبود بالحق الذي يريد القيام بين يديه امتثالا لأمره و تطلعا للمزيد من لطفه.

و الثاني: استشعاره عظمة الصلاة نفسها: العبادة الكبرى التي جعلها اللّه طهورا، للعبد من الفحشاء و المنكر، و سببا لنقائه و صفائه و معراجا لارتقائه.

ان العبد إذا آمن باللّه عز و جل حق الايمان، و استيقن باحاطته الشاملة المطلقة بجميع الموجودات و المكونات حق اليقين، و

علم حق العلم ان جميع الأشياء قائمة به سبحانه، و خاضعة لأمره و مسلمة وجوهها اليه، و مسبحة بحمده، و أن كل ما ينالها من تكامل و تطور و ارتقاء فهو نتاج لخضوعها لربها و إسلامها لأمره و اتباعها السبيل الذي يسره لها و وجهها اليه بتقديره و تدبيره.

ان البذرة الصغيرة لا يمكن لها مطلقا أن تصبح شجرة كبيرة يانعة، تؤتي أكلها و تنتج ثمرها، ما لم تسلم وجهها لمكونها و مبدعها العظيم، فتسلك السبيل الذي يسره و النظام الذي قدره.

و ان النطفة الحقيرة لا يمكن لها أن ترتقي فتعود حيوانا كبيرا، له منافعه و فوائده في الحياة ما لم تخضع لبارئها فتتبع ما أمرها به من أمر و تسير على ما نهج لها من نظام.

و ان السماوات و الأرض و ما فيهما و ما بينهما لا يمكن لها أن تصل الى هذه الغاية من الأحكام و الإتقان ما لم تخضع للاله الذي صنع كل شي ء فيها فأحسن، و صور فأتقن، و قدر فأحكم، و ربط الغايات فيها بالمبادئ و المسببات بالأسباب.

و ان الحوين المنوي الضعيف النحيف لا يمكن له أن يصبح إنسانا سويا كاملا، تسخر له جميع ما في السماوات و الأرض، الا إذا اتبع الهدي الذي وجهه اليه ربه، و سار على نهجه طائعا خاضعا (الم تر ان اللّه يسجد له من في السماوات و من في الأرض و الشمس و القمر و النجوم و الجبال، و الشجر و الدواب، و كثير من الناس، و كثير حق عليه العذاب،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 380

و من يهن اللّه فما له من مكرم، ان اللّه يفعل ما يشاء).

ان العبد إذا آمن بجميع ذلك حق الايمان،

و قد مهد له العلم الحديث أن يؤمن، و ألزمه الفكر الواعي الحصيف أن يعترف، ثم نظر في نفسه و رأى عناية اللّه به خاصة، التي شملته قبل تكوينه و بعد وجوده، و التي لا ينقطع عنه مددها و لا ينقص عطاؤها، و لا يخرج عن أحاطتها به طرفة عين، و لو قدر له أن يخرج عن حياطتها أو ينتهي عنه عطاؤها لما كان شيئا مذكورا.

ثم نظر في الصلاة نفسها، فوجدها أحد مظاهر عناية اللّه به و كبرى المناهج التي أعدها له ليتكامل بها و يرتقي، و يؤدي بها حق العبودية، و يستمد بسببها من لطف اللّه و من فضله و مدده و نوره ما يرتفع به الى مصاف الأولياء الكاملين الواصلين.

و اى لطف أعظم من أن يأذن الإله العظيم الذي لا منتهى لعظمته و لا منتهى لجلالة و كبريائه و لا منتهى لغناه، لعبده الضعيف الذي لأحد لضعفه، في أن يقف بين يديه، و يناجيه و يدعوه و يبثه شكواه و نجواه، و ينزل به رجاءه و حوائجه و مهماته، و هو يسمع له و يستجيب، و يكشف ضره، و يزيده من الهدى و يزيده من العطاء و يزيده من النور و الصفاء.

ان العبد إذا آمن بجميع هذه الحقائق حق الايمان و استشعرها في فكره و في قلبه و في مشاعره حق الاستشعار، و كل هذه الحقائق جلي لا ريب فيه، تهيأ له حضور القلب في صلاته و عباداته و بلغ الغاية التي يريدها من عبادته و التي أرادها اللّه له حين قدره و صوره و هداه، و يسر له السبيل.

فيكون في وقوفه في صلاته بين حالين: رغبة في التقدم ليستزيد من عطاء ربه

و خوف من التأخر فيبتلي بالخذلان و الحرمان منه، و في حديث الامام جعفر بن محمد (ع): (لا تجتمع الرغبة و الرهبة في قلب الا وجبت له الجنة، فإذا صليت فاقبل بقلبك على اللّه عز و جل، فإنه ليس من عبد مؤمن يقبل بقلبه على اللّه عز و جل و دعائه، إلا أقبل اللّه عليه بقلوب المؤمنين و أيده مع مودتهم إياه بالجنة).

كلمة التقوى، ج 1، ص: 381

الفصل الخامس عشر في نية الصلاة و أحكامها

المسألة 332

الواجبات في الصلاة أحد عشر:

النية، و تكبيرة الإحرام، و القيام، و القراءة، و الركوع، و السجود، و الذكر، و التشهد، و التسليم، و الترتيب، و الموالاة.

و الأركان من هذه الواجبات هي: تكبيرة الإحرام. و القيام، و الركوع، و السجود، على ما سيأتي بيانه في مواضعه ان شاء اللّه، و كذلك النية، فهي ركن بمعنى ان نقيصتها مبطلة للصلاة و ان كانت سهوا، و لكن الزيادة لا تتصور فيها.

و بقية المذكورات واجبات و ليست أركانا، فلا تبطل الصلاة بنقصانها و لا بزيادتها إذا وقعتا سهوا، و تفصيل هذه المجملات سيأتي في مواضعه من الكتاب ان شاء اللّه تعالى.

المسألة 333

النية الواجبة في الصلاة هي قصد الفعل على وجه يكون الباعث إلى إيجاده هو امتثال أمر اللّه، و لا تفتقر الى أكثر من الإرادة الإجمالية التي تكون عند الإنسان حين يأتي ببعض أعماله الاختيارية من تحرك أو سكون أو قيام أو قعود، و الفارق هو أن الداعي للفعل هو الامتثال كما ذكرنا، فلا يجب في النية إخطار صورة العمل في الذهن، و لا التلفظ بكلمات تدل على القصد المذكور بل الأحوط ترك التلفظ بنية الصلاة كما سيأتي.

المسألة 334

قد يكون الدافع الأول للإنسان إلى امتثال أمر اللّه، هو حب الإنسان للّه عز اسمه و هذا هو أفضل العبادات كما دلت عليه الروايات المعتبرة، و قد يكون الدافع له الى ذلك هو انه سبحانه وحده المستحق للعبادة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 382

بالذات، كما في المناجاة المنقولة عن أمير المؤمنين (ع)، و قد يكون الدافع له هو الشكر العملي لنعم المعبود على عبده، و قد يكون الدافع له هو طلب مرضاته و الابتعاد عن موجبات غضبه، و قد يكون الدافع له هو طلب المثوبة و الرحمة منه في الدار الآخرة و دفع العقوبة فيها، و قد يكون الدافع له هو رجاء الثواب أو دفع العقاب في الدنيا، كما في الصلوات و الأدعية الواردة لقضاء الحوائج و تفريج الكرب و الشدائد، درجات بعضها فوق بعض في مراتب القرب بحسب مراتب العبد في المعرفة، و كلها مجزئ صحيح في التعبد له سبحانه.

المسألة 335

يجب في النية تعيين العمل المقصود إذا كان ما على العبد من الأعمال متعددا، كما إذا طاف بالبيت الحرام في وقت صلاة الصبح، و أراد صلاة إحدى الفريضتين، فيجب عليه حين يقوم للصلاة أن يعين ما يأتي به أ هو فريضة الوقت أم هو صلاة الطواف، و كما إذا وجبت عليه صلاة الآيات في وقت الفريضة اليومية، و أراد الشروع بإحداهما، فعليه أن يعين في ابتداء العمل ان ما يشرع به هو أيهما.

و يكفي التعيين الإجمالي، فيقصد مثلا ما وجب عليه أولا من الصلاتين أو ما اشتغلت به ذمته ثانيا و إذا اتحد العمل الواجب عليه و قصد امتثال الأمر المتوجه اليه فقد حصل التعيين.

المسألة 336

لا يجب في النية قصد الأداء و القضاء إذا كانت الصلاة متحدة و لا الوجوب و الندب فإذا أتى بصلاة الظهر و هو في وقتها كانت أداء و ان لم ينوها كذلك، و إذا أتى بها بعد الوقت فهي قضاء و ان لم ينوها كذلك، و كانت صحيحة في الصورتين.

و إذا علم أن عليه صلاة ظهر واجبة، أما قضاء أو أداء، كفاه أن يأتي بصلاة الظهر بقصد ما في ذمته من الفريضة، و إذا نوى بالركعتين بعد طلوع الفجر صلاة الصبح فهي واجبة و ان لم يقصد الوجوب، و إذا

كلمة التقوى، ج 1، ص: 383

نوى بهما نافلة الصبح فهي مندوبة و ان لم يذكر الندب و كان العمل صحيحا في الصورتين.

المسألة 337

إذا قصد بالفريضة امتثال الأمر المتوجه اليه بها، و لكنه توهم ان الأمر المتوجه بها أدائي، أو انه قضائي فأتم العمل، ثم تبين له ان الأمر بخلاف ما توهم صحت فريضته في الصورتين.

المسألة 338

تجب نية الأداء أو القضاء، و الوجوب أو الندب إذا توقف على ذلك تعيين العمل كما إذا كانت على المكلف فريضة فائتة، و هو في وقت فريضة حاضرة، فإذا أراد الشروع في الامتثال، فعليه أن يعين ما يأتي به، أ هي فريضة القضاء أم الأداء و إذا قام بعد طلوع الفجر ليصلي ركعتين، فعليه أن يعين ما يأتي به أ هو الفريضة الواجبة أم النافلة المندوبة.

المسألة 339

القصر و الإتمام من القيود التي أخذها الشارع في الصلاة المأمور بها، فلا بد للمكلف من قصدهما في النية، نعم يكفي القصد الإجمالي في صحة العمل، فإذا كان المكلف جاهلا بأن حكمه القصر أو التمام، فله أن يشرع في الصلاة بقصد امتثال الأمر المتوجه اليه بالفعل، و يبني في نفسه على أن يتم صلاته كما ينبئه زيد الثقة العالم بحكمه، فإذا أعلمه ذلك الثقة بأن حكمه القصر مثلا و أتم صلاته كما انبأه كانت صلاته صحيحة إذا طابقت الواقع، و إذا ظهر له ان قول ذلك الثقة مخالف للواقع وجبت عليه الإعادة.

المسألة 340

إذا كان المسافر في أحد الأماكن الأربعة التي يتخير فيها المسافر بين القصر و التمام فنوى القصر في صلاته، جاز له العدول عنه الى التمام، فإذا أتمها كذلك كانت صحيحة، و إذا نوى التمام في صلاته جاز له

كلمة التقوى، ج 1، ص: 384

العدول عنه الى القصر، إذا لم يتجاوز محل العدول، و إذا تجاوز محل العدول تعين عليه الإتمام.

و إذا نوى القصر في هذه المواضع، ثم أتم الصلاة ساهيا من غير عدول في النية، فالظاهر صحة الصلاة و ان كان الأحوط له استحبابا إعادة الصلاة، و كذلك إذا نوى التمام ثم قصر ساهيا من غير عدول في النية.

المسألة 341

يكفي في النية التصور الإجمالي للعمل بأن يقصد الصلاة مثلا بمالها من أجزاء و واجبات و لا يجب تصورها تفصيلا.

المسألة 342

إذا نوى الوجوب في صلاة الفريضة صحت، و ان كانت مشتملة على كثير من المستحبات و لا تجب ملاحظة هذه المستحبات في نية الصلاة، و لا نية الاستحباب فيها عند الإتيان بها، فلا يجب عليه أن ينوي الاستحباب في القنوت و الذكر المستحب مثلا عند الإتيان بهما.

المسألة 343

الأحوط أن لا يتلفظ المصلي بنية الصلاة، و الظاهر ان الصلاة لا تبطل بذلك، إلا في صلاة الاحتياط التي تجب للشكوك الصحيحة، فإذا تكلم بنيتها عامدا بطلت صلاة الاحتياط و وجبت إعادة الفريضة التي شك فيها، و الأحوط أن يعيد صلاة الاحتياط أولا ثم يعيد الفريضة.

المسألة 344

يجب في جميع العبادات و في الصلاة على الخصوص أن تكون خالصة عن الرياء و السمعة، و قد تقدم في المسألة الثلاثمائة و الحادية و الثمانين من كتاب الطهارة بيان معنى الرياء و السمعة، و قد تكرر في أحاديث أهل البيت (ع) ان الرياء نوع من أنواع الشرك و انه يوجب بطلان العمل و إحباط الثواب عليه، ففي الخبر عن أبي عبد اللّه (ع): كل رياء شرك انه من عمل للناس كان ثوابه على الناس و من عمل للّه كان ثوابه على اللّه، و عن الامام الرضا (ع): اعملوا لغير رياء و لا سمعة،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 385

فان من عمل لغير اللّه و كله اللّه الى ما عمل، ويحك ما عمل أحد عملا الا رداه اللّه به ان خيرا فخير، و ان شرا فشر.

المسألة 345

دخول قصد الرياء في العمل قد يكون محضا، بأن يأتي الإنسان بالصلاة مثلا لمحض إراءة الناس و استجلاب نظرهم اليه و لا يقصد بها التقرب الى اللّه، و لا ريب في بطلان هذا العمل، لأنه رياء، و لعدم قصد القربة فيه.

المسألة 346

و قد يأتي الإنسان بالصلاة بقصد الرياء و القربة معا، و لا ريب في بطلان الصلاة كذلك، سواء كان الرياء هو الداعي المستقل بالتأثير في إيجاد العمل، و القربة انما هي داع غير مستقل، أو كانت القربة هي الداعي المستقل بالتأثير و الرياء هو الداعي التابع و غير المستقل أو كان الداعي هو المجموع المركب منهما على وجه انضمام الاثنين و اشتراكهما في التأثير، أو كان كل واحد من الرياء و قصد القربة داعيا مستقلا بالتأثير، و المراد باستقلال كل منهما أن يكون كل واحد منهما مستقلا بالتأثير لو فقد الآخر، فالعبادة تكون باطلة في جميع هذه الفروض.

المسألة 347

و قد يأتي الإنسان بالعمل نفسه بقصد القربة، و لكنه يأتي ببعض الأجزاء الواجبة في العمل بقصد الرياء، و قد تقدم في فصل شرائط الوضوء أن قصد الرياء في الجزء يوجب بطلان ذلك الجزء فإذا اكتفى المكلف بالجزء الباطل و لم يتداركه بطل العمل كله لنقصان جزئه، و إذا تدارك الجزء الباطل فإعادة قبل أن تفوت الموالاة بين الأجزاء كان العمل صحيحا و ان كان آثما في المراءاة.

و هذا انما يتم في الوضوء و الغسل و الأذان و الإقامة و نحوها من العبادات، و لا يصح وقوعه في الصلاة و إذا وقع مثل ذلك في الصلاة كانت باطلة للزوم الزيادة العمدية فيها.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 386

المسألة 348

و قد يأتي الإنسان ببعض الأعمال المستحبة في الصلاة بقصد الرياء كما إذا رأيي في القنوت أو في جلسة الاستراحة بعد السجدتين، أو في الدعاء و الذكر المستحبين، و الظاهر عدم بطلان الصلاة إذا رأيي في القنوت أو في جلسة الاستراحة و كان قد أتى بصلاته بقصد القربة، و لكنه إذا رأيي في الدعاء أو الذكر المستحب فيها كان مبطلا للصلاة، لأنه من الكلام المحرم، و لا يترك الاحتياط في الجميع.

المسألة 349

قد يأتي الإنسان بالصلاة نفسها بداعي القربة و لكنه يقصد الرياء بإتيانها في مكان مخصوص أو زمان مخصوص، و مثال ذلك أن يرائي بالصلاة في المشهد أو في المسجد أو في الصف الأول من الجماعة، أو يرائي بإتيانه بالصلاة في أول وقتها، و الظاهر بطلان الصلاة بذلك.

المسألة 350

و قد يرائي في أوصاف العمل التي تتحد معه، و مثال ذلك أن يرائي بالإتيان بالصلاة جماعة أو بالإتيان بها خاشعا أو يرائي بالقراءة فيها متأنيا، أو بلهجة تدل على الرهبة و الأقوى بطلان الصلاة بذلك.

و إذا قصد الرياء بالخشوع وحده من غير أن يقصده وصفا من أوصاف الصلاة أثم بمراءاته، و لم تبطل صلاته.

المسألة 351

و قد يرائي الإنسان ببعض الأعمال المقارنة للصلاة كالتحنك و لبس الخواتم، فان قصد الرياء في صلاته متحنكا أو متختما كانت صلاته باطلة، و ان قصد الرياء بالتحنك و لبس الخواتم وحدهما من غير أن يسري الرياء الى نفس الصلاة كان آثما بذلك و صحت صلاته.

المسألة 352

و قد يكون الرياء في مقدمات العمل، كما إذا قصد الرياء في سعيه

كلمة التقوى، ج 1، ص: 387

الى المسجد أو الى المشهد، و لا تبطل الصلاة بذلك على الأقوى و ان أثم بريائه.

المسألة 353

لا تبطل العبادة بخطور الرياء على قلب الإنسان ما لم يقصده بالفعل و لا يضر في صلاته أن يرائي بغض بصره عن بعض المحرمات و هو في أثناء الصلاة أو ترك بعض المحرمات أو يرائي بالتصدق في أثناء الصلاة و ان كان آثما بمراءاته.

المسألة 354

لا فرق في إبطال الصلاة بالرياء بين أن يقصده في ابتداء الصلاة أم في أثنائها، و لا يبطل العمل بالرياء المتأخر عنه، فإذا صلى بداعي القربة الخالصة ثم بدا له أن يذكر عمله لبعض الناس لاستجلاب نظرهم، لم تبطل صلاته بذلك.

المسألة 355

ما ذكرناه من اشتراط الخلوص من الرياء و بطلان العبادة بقصده يجري في السمعة، من غير فرق بينهما.

المسألة 356

العجب هو أن يدخل في نفس الإنسان العجب من عمله و الاكبار له، و هو من الموبقات التي توجب حبط الثواب، و لكنه لا يوجب بطلان العمل على الأقوى، سواء حصل له في أثناء العمل أم مقارنا لنيته أم متأخرا عنه، و قد تقدم ذلك في المسألة الثلاثمائة و الخامسة و الثمانين من كتاب الطهارة.

المسألة 357

الضمائم الأخرى التي قد يضمها الإنسان إلى قصد القربة في عباداته إذا كانت محرمة و متحدة مع العمل أو مع جزئه كان العمل بسببها محرما، فتقع العبادة باطلة، و كذلك إذا كانت الضميمة هي الداعي المستقل في إيجاد العمل و كان قصد القربة داعيا تبعيا، فتبطل العبادة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 388

بذلك، و ان كانت الضميمة التي نواها مباحة أو راجحة فضلا عن أن تكون محرمة.

و تبطل العبادة أيضا إذا كان الداعي لإيجادها هو المجموع من الضميمة و قصد القربة، بحيث تكون العبادة أثرا مشتركا لكل من الأمرين.

و إذا كان قصد القربة هو الداعي المستقل في إيجاد الفعل و كانت الضميمة داعيا تبعيا كانت العبادة صحيحة، و كذلك إذا كان كل من قصد القربة و قصد الضميمة داعيا مستقلا في التأثير في إيجاد العمل على ما تقدم من معنى الاستقلال في المسألة الثلاثمائة و السادسة و الأربعين و ان كان الأحوط الإعادة في هذا الفرض.

فلا تبطل الصلاة إذا أتى بها بقصد القربة الخالصة، و لكنه اختار الإتيان بها في موضع مخصوص لبرودة الموضع في أيام الصيف أو لدفئه في أيام الشتاء، أو لانتظار مجي ء أحد من أصدقائه أو أرحامه، أو لانتظار فقير يدفع اليه قسطا من زكاته أو خمسه أو غير ذلك من الضمائم المباحة أو الراجحة المقصودة بالتبع

أو الاستقلال بالمعنى المتقدم.

المسألة 358

إذا أتى الإنسان ببعض أفعال صلاته بقصد الصلاة، و بقصد غاية أخرى، ليست من الصلاة، كما إذا نهض في صلاته بقصد القيام للركعة الثانية، و بقصد الاحترام لصديقه القادم، أو انحنى في قيامه بقصد الركوع في صلاته و قصد التعظيم لرجل يكبر شأنه، فإن كان الجزء الذي أتى به كذلك ركنا من أركان الصلاة وقع باطلا، و أبطل الصلاة كما في مثال الركوع، و كما إذا كبر بقصد تكبيرة الإحرام و بقصد أمر آخر ليس من الصلاة، سواء كان عامدا في فعله أم ساهيا و كذلك إذا كان جزءا غير ركن و كان عامدا في فعله، فتبطل الصلاة بذلك.

و إذا كان جزءا غير ركن و كان المكلف ساهيا في فعله، فإن أمكن له أن يتدارك ذلك الجزء، وجب عليه أن يتداركه و صحت صلاته بذلك، و مثال ذلك ان يسهو في ذكر الركوع أو السجود فيأتي به بقصد الذكر

كلمة التقوى، ج 1، ص: 389

و بقصد شي ء آخر ليس من الصلاة، ثم يتذكر ذلك قبل أن يرفع رأسه من ركوعه أو سجوده، فعليه أن يعيد الذكر و يتم الصلاة، و ان لم يمكن تدارك الجزء الذي أخل به كما إذا تذكر بعد رفع رأسه من الركوع أو السجود في المثال المتقدم، و كما إذا كان الإخلال كذلك بسجدة و لم يتذكر الا بعد الدخول في الركوع من الركعة اللاحقة، مضى في صلاته و وجب عليه قضاء الجزء إذا كان مما يقضى كالسجدة و التشهد، و سجد للسهو إذا كان مما يجب له سجود السهو و كانت الصلاة صحيحة بذلك.

و لا تبطل الصلاة إذا فعل كذلك في بعض مستحبات الصلاة من غير

فرق بين القرآن و الذكر و غيرهما.

المسألة 359

إذا رفع الإنسان صوته ببعض الأذكار أو القراءة الواجبتين في الصلاة بقصد تنبيه أحد على أمر، لم يبطل ذلك الجزء و لم تبطل الصلاة بذلك إذا كان الإتيان بهما بقصد الامتثال.

نعم يبطل الجزء إذا كان المقصود بالأصالة هو اعلام الغير و كان قصد الجزئية تابعا، أو كان الإتيان بالواجب مستندا الى كل من قصد الجزئية و قصد الاعلام منضمين، و تبطل الصلاة أيضا إذا كان المكلف عامدا في ذلك، و إذا كان ساهيا في فعله لم تبطل صلاته و عليه ان يتدارك الجزء إذا كان في موضع تداركه.

و لا تبطل الصلاة إذا كبر بقصد مطلق الذكر لإعلام الغير أو جاء ببعض الأذكار الأخرى لا بقصد الجزئية لهذه الغاية.

المسألة 360

وقت نية الصلاة عند ابتدائها قبل التكبير لها، و أمرها في غاية البساطة و خصوصا بناء على أنها الداعي الارتكازي للعمل كما هو المختار.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 390

المسألة 361

يجب بقاء القصد الإجمالي من أول الفعل الى آخره بحيث يكون صدور جميع أجزاء الفعل و واجباته ناشئا عن ذلك الداعي الموجود في القلب، و ان لم يلتفت اليه المكلف بالفعل و لكنه بمجرد التنبيه يعلم انه يجري في عمله على قصده الأول الذي ابتدأ به العمل، و هذه هي الاستدامة الحكمية التي تجب في النية.

و تنافيها الغفلة التامة التي قد تكون عند الإنسان في بعض الحالات، فلا يدري ماذا يعمل، فيكون عمله بلا نية، سواء كان في ابتداء العمل أم في أثنائه، و قد سبق ان نقصان النية مبطل للصلاة سواء وقع عن عمد أم عن سهو.

المسألة 362

لا يشترط الجزم بالنية في صحة العمل، فمن كان عنده ثوبان يعلم بنجاسة أحدهما و صلى في أحد الثوبين لاحتمال أن يكون هو الطاهر منهما، ثم علم بعد الفراغ أن ما صلى فيه هو الثوب الطاهر صحت صلاته، و ان كان يتمكن من الصلاة بثوب طاهر، و من صلى إلى جهة يحتمل أنها جهة القبلة الواقعية ثم علم بعد فراغه انه قد صلى إلى جهة القبلة صحت صلاته، و ان كان يمكنه معرفة القبلة إذا انتظر مجي ء زيد مثلا بعد ساعة و الوقت باق.

و قد تقدم في المسألة المائتين و الحادية عشرة انه لا مانع من الصلاة في المكان الذي يتعرض فيه لإبطال الصلاة لشدة الازدحام و نحوها، فيصلي فيه برجاء إتمام الصلاة، فإذا أتم صلاته فيه كانت صحيحة، و ان أمكن له أن يصلي في مكان آخر لا زحام فيه.

المسألة 363

إذا نوى المكلف و هو في الصلاة أن يقطعها، أو نوى أن يأتي بشي ء يقطعها كالتكلم عامدا أو الحدث أو الفعل الماحي لصورة الصلاة و أتم صلاته و هو على هذه النية كانت صلاته باطلة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 391

و إذا نوى ذلك و أتى ببعض أفعال الصلاة و هو على نية قطع الصلاة ثم عاد الى نيته الأولى، فالأحوط له وجوبا أن يعيد الفعل الذي أتى به في حال نية القطع و يتم الصلاة ثم يعيدها، و إذا لم يعد ذلك الفعل كانت صلاته باطلة.

و إذا نوى ذلك و لم يأت بشي ء من أفعال الصلاة ثم رجع الى نيته الأولى لم تبطل صلاته و ان كان الأحوط له استحبابا أن يتم صلاته ثم يعيدها.

و إذا نوى ذلك و أتى ببعض الأفعال لا بقصد

الجزئية للصلاة ثم عاد الى نيته الأولى، فإن كان ما أتى به فعلا ماحيا لصورة الصلاة بطلت صلاته، و كذلك إذا كان ركنا أو كان فعلا كثيرا لا يمحو صورة الصلاة على الأحوط فيهما.

و إذا كان ما أتى به فعلا قليلا لا يمحو صورة الصلاة و ليس بركن، فالظاهر الصحة و خصوصا إذا كان قرآنا أو ذكرا و قد أتى بهما بقصد القربة المطلقة، و ان كان الأحوط استحبابا أن يتم الصلاة ثم يعيدها.

المسألة 364

المدار في النية على ما يقصده الإنسان بقلبه من الصلاة و لا يضره أن يسبق لسانه فيذكر صلاة سواها أو يسبق خياله فيخطر فيه غيرها.

المسألة 365

إذا دخل في فريضة ثم أخطأ فتوهم أنها نافلة، و أتمها على ذلك صحت فريضة، كما افتتحها ما لم يقع فيها خلل في عدد الركعات أو غير ذلك، و إذا دخل في نافلة و أتمها بزعم أنها فريضة صحت نافلة.

المسألة 366

إذا دخل في فريضة و شك في انه نواها ظهرا أم عصرا، فان علم أنه لم يصل الظهر قبلها أو شك في ذلك فعليه ان يعينها ظهرا، فإذا عينها كذلك و أتمها كانت صحيحة، و ان علم انه قد صلى الظهر قبل ذلك

كلمة التقوى، ج 1، ص: 392

أبطل ما بيده و استأنف العصر، و إذا أتم ما بيده ثم استأنف العصر فهو أحوط، و كذلك الحكم في المغرب و العشاء.

و إذا قام إلى صلاة و شك بعد دخوله في أنه نوى الصلاة التي قام إليها أم نوى غيرها فالأحوط الإتمام ثم الإعادة في غير الظهرين و العشاءين المتقدم ذكرهما و في غير موارد العدول الآتي ذكرها.

المسألة 367

لا يجوز العدول من صلاة إلى صلاة أخرى إلا في مواضع.

(الأول): إذا شرع في صلاة العصر قبل الظهر ناسيا، ثم تذكر و هو في أثناء الصلاة وجب عليه أن يعدل بنيته الى الظهر و يتمها، ثم يصلي العصر بعدها.

و إذا شرع في صلاة العشاء قبل المغرب ناسيا، ثم تذكر قبل القيام للركعة الرابعة وجب عليه أن يعدل بنيته الى المغرب و يتمها ثم يصلي العشاء بعدها، و كذلك إذا تذكر بعد القيام للرابعة و قبل الركوع فيها، فيهدم قيامه و يتمها بنية المغرب، و يسجد بعدها سجود السهو للقيام الزائد وجوبا إذا تلبس معه بقراءة أو تسبيح، و احتياطا مستحبا إذا لم يتلبس مع القيام بشي ء من ذلك.

و إذا تذكرها بعد ركوع الرابعة أتمها عشاء ثم صلى المغرب، و أعاد العشاء بعدها احتياطا، و قد تقدم ذلك في المسألة الثامنة عشرة.

(الثاني): إذا شرع في قضاء فريضة فائتة، ثم تذكر أن عليه فريضة فائتة أخرى قبلها، و كانت الفريضتان

مما يجب الترتيب بينهما في الأداء كالظهر و العصر من يوم واحد، و المغرب و العشاء كذلك، وجب عليه العدول إلى السابقة و يتمها، و إذا تجاوز محل العدول جرى فيها البيان المتقدم في الموضع الأول، و لا يترك الاحتياط بأن يعيد السابقة بعد ان يتمها إذا عدل إليها من اللاحقة.

و إذا كانت الفريضتان الفائتتان مما لا يجب الترتيب بينهما في الأداء كالصبح و الظهر و كالظهر و المغرب، و كالظهر و العصر من يومين و المغرب

كلمة التقوى، ج 1، ص: 393

و العشاء من يومين، لم يجب عليه العدول إلى السابقة، بل لا حاجة إليه في تحصيل فراغ الذمة منهما، فان الظاهر عدم وجوب الترتيب في قضاء الصلوات الفوائت كما سيأتي في مبحث قضاء الصلوات ان شاء اللّه، فإذا أتم الفائتة التي بيده ثم صلى بعدها الفائتة السابقة عليها برئت ذمته منهما على الأقوى.

(الثالث): إذا شرع في فريضة حاضرة، ثم تذكر في أثنائها أن عليه فريضة فائتة استحب له أن يعدل بنيته إلى الفائتة إذا هو لم يتجاوز محل العدول.

(الرابع): من صلى الجمعة أو الظهر في يومها و قرأ فيها غير سورة الجمعة و المنافقين، حتى تجاوز نصف السورة استحب له أن يعدل بنيته من الفريضة إلى النافلة، ثم يستأنف الفريضة بعدها و يقرأ فيها سورة الجمعة و المنافقين.

و إذا تذكر قبل أن يتجاوز نصف السورة، استحب له أن يعدل عن السورة التي قرأها إلى سورة الجمعة أو المنافقين و يتم صلاته و ان كانت السورة التي قرأها هي سورة التوحيد أو سورة الجحد.

(الخامس): إذا شرع في صلاة فريضة منفردا، و حضرت الجماعة و خشي أن تفوته صلاة الجماعة إذا هو أتم الفريضة التي

بيده، جاز له قطعها ليدرك الجماعة، و إذا أمكن له أن يتمها ركعتين و يدرك الجماعة بعدهما استحب له أن يعدل بها الى نافلة و يتمها ركعتين كذلك.

و المراد بإدراك الجماعة أن يدرك الركعة الأولى مع الامام، و يلاحظ ما سيأتي ان شاء اللّه في مبحث صلاة الجماعة.

(السادس): إذا شرع المسافر في صلاة فريضة مقصورة، ثم بدا له و هو في صلاته ان ينوي إقامة عشرة أيام في ذلك المكان، فيجب عليه العدول في صلاته إلى نية التمام.

(السابع): إذا نوى المسافر إقامة عشرة و شرع في الصلاة بنية

كلمة التقوى، ج 1، ص: 394

التمام، ثم بدا له و هو في صلاته ان يترك الإقامة، وجب عليه ان يعدل في صلاته الى القصر، و إذا تجاوز محل العدول فدخل في ركوع الثالثة فالأحوط له أن يتمها رباعية ثم يعيدها مقصورة.

و إذا كان بعد أن نوى الإقامة قد صلى صلاة رباعية تامة قبل أن يعدل عن نية الإقامة وجب عليه أن يتم في جميع صلواته في ذلك الموضع حتى يسافر منه و سيأتي تفصيل ذلك في فصل نية الإقامة، من صلاة المسافر.

(الثامن): إذا كان المسافر في المواضع التي يتخير فيها بين القصر و التمام فنوى القصر في صلاته، جاز له العدول عنه الى التمام فيها، و إذا نوى التمام فيها جاز له العدول عنه الى القصر.

(التاسع): إذا شرع المكلف في صلاة الاحتياط لبعض الشكوك الصحيحة التي تعرض في الصلاة، و تذكر فيها ان صلاته صحيحة لا تحتاج إلى صلاة احتياط، فله أن يعدل بها الى نافلة.

المسألة 368

إذا شرع في قضاء فريضة فائتة ثم علم ان الفريضة الحاضرة قد تضيق وقتها، لم يجز له العدول إليها، بل يجب

عليه ابطال ما بيده و استئناف الفريضة الحاضرة.

المسألة 369

إذا عدل من صلاة إلى صلاة أخرى حيث لا يصح له العدول، فان لم يفعل بعد العدول شيئا صح له ان يرجع بالنية إلى صلاته الأولى، و ان أتى بعد عدوله ببعض أفعال الصلاة و كان عامدا في فعله بطلت الصلاتان معا، و كذلك إذا كان ساهيا، و قد أتى بعد عدوله بركوع أو سجدتين، فتبطل الصلاتان، و ان كان ساهيا و لم يزد ركنا رجع بنيته الى صلاته الأولى و أعاد الأفعال التي أتى بها بعد العدول و أتم الصلاة، و الأحوط إعادتها بعد الإتمام.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 395

المسألة 370

إذا كان في صلاة العصر مثلا و اعتقد انه لم يصل الظهر قبلها، فعدل بنيته الى الظهر و بعد أن أتمها تذكر انه قد صلى الظهر من قبل، وجب عليه أن يصلي العصر و لم تكفه هذه الصلاة عنها، و هكذا في كل فريضة اعتقد وجوبها فعدل إليها ثم تبين له انها غير واجبة عليه، فلا تكفي عن الفريضة التي عدل عنها و ان كانت مثلها في عدد الركعات.

المسألة 371

إذا خرج الإنسان إلى السفر في سفينة و نحوها مما يمكن الصلاة فيه، فصلى فيها بنية التمام لأنه لم يخرج بعد عن حد الترخص، فوصل الى حد الترخص و هو في أثناء الصلاة فإن كان قبل ركوع الثالثة عدل بنيته الى القصر و أتمها ركعتين، و ان دخل في ركوع الثالثة قطع الصلاة و أعادها قصرا.

و إذا كان في رجوعه من السفر و دخل في الصلاة بنية القصر و وصل الى حد الترخص في أثناء الصلاة عدل الى التمام.

المسألة 372

إذا قصد في الصلاة امتثال ما في ذمته و كان يعتقد انها الظهر، و بعد أن أتمها تذكر انه قد صلى الظهر من قبل و ان ما في ذمته هي العصر أجزأته صلاته عن العصر، و كذلك العكس فتجزيه صلاته عن الظهر.

المسألة 373

لا يعتبر في الصلاة أن يقصد أن ما بيده هي الركعة الأولى أو الثانية من الصلاة أو غيرهما، و لا يعتبر في النافلة ان يقصد ان الركعتين اللتين بيده هما الأولتان منها أو ما بعدهما، فإذا توهم ان الركعة التي بيده هي الثانية من الفريضة مثلا و أتم الركعة بهذه النية، و بعد أن أتمها تذكر انها الأولى صحت ركعته على ما هو الواقع و لم يضره خطأه في الاعتقاد و كذلك العكس.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 396

و إذا قام الى ركعتين من نافلة النهار أو من نافلة الليل، و توهم انهما الركعتان الأولتان منها، و بعد ان أتم الركعتين تذكر انهما الثالثة و الرابعة أو غيرهما، صحت صلاته على ما هو الواقع و لم يضره الخطأ في الاعتقاد.

الفصل السادس عشر في تكبيرة الإحرام

المسألة 374

تكبيرة الإحرام أحد الأركان في الصلاة فلا تنعقد الصلاة بدونها، سواء تركها عن عمد أم عن سهو، و بالشروع في التكبيرة يحصل الدخول في الصلاة و لكن منافيات الصلاة لا تحرم الا بعد إتمامها، و يجوز له قطع التكبيرة قبل أن يتمها.

و تبطل الصلاة بزيادتها عمدا، فإذا كبر المصلي للإحرام مرتين عامدا بطلت صلاته و احتاج الى ثالثة و إذا كبر رابعة بطلت و احتاج الى خامسة، و هكذا، فإذا كبر شفعا بطلت الصلاة و إذا كبر وترا صحت.

و يشكل الحكم في زيادتها سهوا، و لا بد من مراعاة الاحتياط في ذلك، فإذا كبر شفعا ساهيا أتم صلاته ثم أعادها، و هكذا إذا كان في صلاة و كبر لصلاة أخرى.

المسألة 375

صورة التكبير ان يقول المكلف (اللّه أكبر) و لا يجزيه أن يأتي بما يرادفها في العربية أو بترجمتها من لغة أخرى، و الأحوط لزوما أن يأتي بها مجردة غير موصولة بما قبلها من أدعية الافتتاح أو غيرها، و لا بما بعدها من بسملة أو استعاذة، كما تلقاها المسلمون يدا بيد من الرسول الكريم (ص).

و تجب مراعاة النطق الصحيح بها من حيث مخارج الحروف، و من حيث حركاتها، و من حيث الموالاة بين الحروف و بين الكلمتين، و أن

كلمة التقوى، ج 1، ص: 397

لا يزيد في حروفها أو ينقص كما إذا مد الهمزة من اللّه، أو قال أكبار، أو قال أكبر بتشديد الراء أو قال: (الكبر).

المسألة 376

لا يصح أن يضم الى لفظ الجلالة ما يدل على التعظيم و نحوه، كما إذا قال: (اللّه العظيم أكبر) أو قال اللّه تعالى أكبر، و إذا قال اللّه أكبر من ان يوصف أو من ان يحد، فلا يترك الاحتياط بإتمام الصلاة و إعادتها.

المسألة 377

يجب القيام في تكبيرة الإحرام، فإذا كبر للفريضة جالسا مع قدرته على القيام بطلت صلاته، سواء كان عامدا في ذلك أم ساهيا، و يجب الاستقرار فيها كذلك، فإذا ترك الاستقرار في التكبيرة عامدا بطلت صلاته، و إذا تركه ساهيا فالظاهر عدم البطلان بذلك إلا إذا رجع الى ترك القيام.

المسألة 378

لا يصدق التلفظ بتكبيرة الإحرام و لا بغيرها من قراءة الصلاة و أذكارها و ادعيتها حتى ينطق بها بحيث يسمع نفسه إذا كان صحيح السمع، و يكفي التقدير إذا وجد المانع أو كان غير صحيح السمع، فلا تصح التكبيرة إذا لم يتحقق ذلك، و لا تصح إذا سمع احدى الكلمتين من التكبير و لم يسمع الأخرى، و هكذا في غير التكبير من القراءة و الأذكار.

المسألة 379

من لا يحسن التكبيرة يجب عليه أن يتعلمها، و لا يصح له الدخول في الصلاة ما لم يتعلم، و إذا أمكنه النطق بها صحيحة و لو بالتلقين كلمة كلمة كفاه ذلك، و إذا ضاق الوقت و لم يمكنه ذلك أتى بها ملحونة فان لم يستطع أتى بترجمتها، و الأحوط أن تكون بلغته إذا كان غير عربي و ان أحسن ترجمتها في لغة أخرى، و لا يكتفي بغير الترجمة و ان كان من الأذكار العربية و من أذكار الصلاة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 398

المسألة 380

المعذور في نطقه كالتمتام و الفأفاء و من يبدل بعض الحروف ببعض، و من لا يستطيع الإفصاح في بعض الحروف أو بعض الكلمات يجب عليه أن يأتي بها على قدر ما يمكنه، و الأخرس الذي لا يمكنه النطق يخطرها بقلبه و يشير إليها بإصبعه و يحرك لسانه إن أمكن، و في حكم تكبيرة الإحرام في ذلك غيرها من التكبيرات المستحبة في الصلاة.

المسألة 381

من ترك التعلم عامدا حتى ضاق الوقت كان إثما في فعله و وجب عليه أن يصلي على نهج ما ذكرنا و لا يترك الاحتياط بقضاء الصلاة بعد أن يتعلم.

المسألة 382

يستحب للمصلي أن يفتتح صلاته بست تكبيرات بالإضافة إلى تكبيرة الإحرام فيكون المجموع سبع تكبيرات، و يجوز له أن يأتي بخمس أو بثلاث و لكن السبع أفضل.

و له ان يجعل تكبيرة الإحرام أيتها شاء، و يشكل الحكم بالصحة إذا نوى الإحرام بجميع التكبيرات، و إذا اختار احدى التكبيرات فجعلها للإحرام جهر بها إذا كان اماما و أسر في الباقي و الظاهر ان الحكم المذكور لا يختص بالفرائض اليومية بل يشمل غيرها من الفرائض و النوافل.

المسألة 383

يجوز له أن يأتي بالتكبيرات المذكورة متوالية من غير دعاء بينهن، و الأفضل أن يكبر ثلاثا، ثم يقول: اللهم أنت الملك الحق لا إله إلا أنت، سبحانك اني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي انه لا يغفر الذنوب إلا أنت. ثم يكبر اثنتين، و يقول: لبيك و سعديك و الخير في يديك و الشر ليس إليك و المهدي من هديت لا ملجأ منك إلا إليك، سبحانك و حنانيك تباركت و تعاليت سبحانك رب البيت. ثم يكبر اثنتين، و يقول: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ عٰالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهٰادَةِ حَنِيفاً مسلما

كلمة التقوى، ج 1، ص: 399

وَ مٰا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. إِنَّ صَلٰاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيٰايَ وَ مَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ لٰا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا من الْمُسْلِمِينَ. ثم يتعوذ باللّه من الشيطان الرجيم و يقرأ الحمد.

المسألة 384

يستحب أن يقول حينما يتوجه إلى القبلة و قبل التكبير: اللهم إليك توجهت و مرضاتك طلبت و ثوابك ابتغيت و بك آمنت و عليك توكلت، اللهم صل على محمد و آله، و افتح مسامع قلبي لذكرك و ثبتني على دينك و لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني و هب لي من لدنك رحمة انك أنت الوهاب.

المسألة 385

يستحب أن يرفع يديه بالتكبير من غير فرق بين تكبيرة الإحرام و غيرها، و ليكن الرفع الى النحر أو حيال الوجه أو الى الأذنين، و لا يتجاوزهما، و يستحب ان يستقبل بباطن كفيه و أن يبسطهما و ينبغي ضم أصابعهما.

و مقتضى الأدلة أن يكبر و هو رافع يديه، فإذا رفع يديه و كبر ثم أرسلهما كفى ذلك في أداء الوظيفة، و لا يتعين ان يبتدئ بالتكبير عند ابتداء رفع يديه و ينتهي عند انتهائه.

المسألة 386

إذا شك المكلف في انه أتى بتكبيرة الإحرام أم لا، فان كان شكه قبل أن يدخل في ما بعدها وجب عليه أن يأتي بالتكبيرة، و ان شك في الإتيان بها بعد ما دخل في غيرها بنى على انه قد أتى بها و مضى في صلاته.

و يكفي أن يدخل في دعاء التوجه بعدها، أو في الاستعاذة، أو في البسملة للقراءة. و إذا أتى بالتكبيرة ثم شك في صحتها، حكم بالصحة على الأقوى، سواء دخل في ما بعدها أم لا.

المسألة 387

إذا كبر المصلي ثم شك في أن تكبيرته هذه تكبيرة الإحرام أو تكبيرة الركوع بنى على انها تكبيرة الإحرام.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 400

الفصل السابع عشر في القيام

المسألة 388

القيام في حال تكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة، تبطل الصلاة بتركه عمدا و سهوا، فمن أتى بتكبيرة الإحرام جالسا مع قدرته على القيام بطلت صلاته، سواء كان عامدا أم ساهيا، و كذلك من كبر في حال نهوضه قبل قيامه.

و القيام المتصل بالركوع ركن كذلك من أركان الصلاة، و المراد به أن يكون ركوعه عن قيام، فمن ركع لا عن قيام مع قدرته بطلت صلاته، و مثال ذلك أن يقرأ جالسا في صلاته ثم يركع، أو يجلس في أثناء قراءته أو بعدها ثم يركع، سواء أتى بالركوع من جلوس أم من قيام، كما إذا قرأ و هو جالس ثم نهض متقوسا حتى الركوع من قيام، فتبطل صلاته في جميع ذلك، سواء فعل ذلك عامدا أم ساهيا.

المسألة 389

إذا هوى من القيام لا بقصد الركوع، ثم نواه في أثناء هويه و ركع بطلت صلاته لأنه لم يأت بالقيام المتصل بالركوع، و إذا لم يصل الى حد الركوع وجب عليه أن ينتصب قائما ثم يركع، فإذا فعل ذلك صحت صلاته، و كذلك إذا لم ينو الركوع في انحنائه و ان وصل فيه الى حد الركوع، فيجب عليه أن ينتصب قائما ثم يركع، و تصح بذلك صلاته.

المسألة 390

القيام في حال القراءة أو حال التسبيح في الأخيرتين واجب غير ركن، فمن ترك القيام و قرأ أو سبح في صلاته و هو جالس بطلت صلاته إذا كان عامدا، و لم تبطل إذا كان ساهيا و كذلك الحكم في القيام بعد الركوع، و القيام مستحب في حال القنوت.

المسألة 391

القيام الركن في حال تكبيرة الإحرام هو القيام في جميع التكبيرة، فلا

كلمة التقوى، ج 1، ص: 401

يجوز، للمصلي أن يبدأ بالتكبيرة قبل أن يتم قيامه و لو بحرف واحد منها، و لا يجوز أن ينحني المأموم للركوع مع الامام قبل أن يتم تكبيرة إحرامه و لو بحرف واحد، و أيهما فعل ذلك بطلت صلاته سواء كان عامدا أم ساهيا، فيجب على المصلي أن يستقر قائما قبل أن يبدأ بالتكبيرة و بعد أن يتمها من باب المقدمة.

المسألة 392

القيام في حال القراءة و حال التسبيح في الأخيرتين واجب غير ركن كما تقدم ذكره قريبا، و هل هو واجب مستقل في حال القراءة و التسبيح أو هو شرط فيهما، وجهان، و لا يترك الاحتياط، فمن قرأ أو سبح و هو جالس نسيانا، و تذكر بعد أن أتم القراءة أو التسبيح فعليه إعادتهما قائما على الأحوط، و كذلك إذا تذكر في أثنائهما، فعليه أن يستأنفهما من قيام على الأحوط، و ان تذكر ذلك بعد الدخول في الركوع صحت صلاته إذا أتى بالقيام المتصل بالركوع.

المسألة 393

القيام مستحب في حال القنوت، و معنى ذلك انه يجوز ترك القيام بترك القنوت و لكن ليس للمصلي أن يأتي بالقنوت جالسا اختيارا، فان فعل ذلك عامدا لم يأت بوظيفة القنوت، و لا تبطل الصلاة بذلك و لكن الأحوط استحبابا إتمام الصلاة ثم اعادتها.

المسألة 394

إذا نسي القراءة أو نسي بعضها حتى ركع لم تبطل صلاته إذا كان ركوعه عن قيام.

المسألة 395

القيام المتصل بالركوع هو ما يتحقق بعده الركوع بالفعل، و لذلك فلا تتحقق زيادته إلا بزيادة الركوع معه، فإذا نسي القراءة أو نسي بعضها و هوى إلى الركوع ثم تذكر قبل أن يصل في هويه الى حد الركوع، وجب عليه الرجوع الى القيام و إتمام القراءة و لم تبطل صلاته بذلك، و ليس ما أتى به قبل هويه الأول قياما متصلا بالركوع.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 402

و إذا هوى بقصد الركوع و تذكر قبل وصوله الى حد الركوع أنه قد ركع قبل ذلك، أرسل نفسه الى السجود و لم تبطل صلاته و ليس ما أتى به قبل هويه قياما متصلا بالركوع.

و كذلك القيام في حال تكبيرة الإحرام، فلا تتحقق زيادته إلا بزيادة تكبيرة الإحرام معه، و قد تقدم الإشكال في بطلان الصلاة بزيادة التكبيرة سهوا في المسألة الثلاثمائة و الرابعة و السبعين و انه لا بد فيها من الاحتياط بإتمام الصلاة ثم اعادتها، و هو بذاته حكم زيادة القيام في حال تكبيرة الإحرام.

المسألة 396

لا تبطل الصلاة بزيادة القيام إذا وقعت سهوا و مثال ذلك أن يقوم في موضع القعود أو ينسى فيقرأ مرة ثانية بعد قراءته الواجبة فيكون ذلك زيادة في القيام كما هي زيادة في القراءة و لا تبطل الصلاة بهما.

المسألة 397

إذا شك في القيام بعد الدخول في ما بعده لم يعتن بشكه و بنى على وقوع ما شك فيه، كما إذا شك في القيام حال تكبيرة الإحرام بعد الدخول في الاستعاذة أو في القراءة، و كما إذا شك في القيام حال القراءة بعد الدخول في الركوع، أو شك في القيام المتصل بالركوع بعد الوصول الى حد الركوع أو شك في القيام بعد الركوع و قد هوى إلى السجود.

المسألة 398

يجب على المصلي إذا كان قادرا أن ينتصب في قيامه و يعتدل، فتبطل صلاته إذا كان منحنيا في قيامه أو مائلا الى أحد الجانبين، و يجب أن يكون مستقرا مطمئنا، فلا تصح صلاته إذا كان ماشيا أو مضطربا في قيامه أو متحركا حركة تنافي الطمأنينة و الاستقرار، و أن يكون مستقلا على الأحوط فلا يعتمد في قيامه على عصى أو جدار أو غيرهما، و تصح صلاته في جميع ما ذكر إذا كان مضطرا اليه، و تصح صلاته مطرقا برأسه، فلا يجب عليه نصب العنق، نعم يستحب ذلك كما سيأتي في آخر الفصل.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 403

المسألة 399

لا يجوز له أن يفرج ما بين رجليه تفريجا فاحشا لا يصدق معه القيام عرفا أو ينافي الاستقامة و الاعتدال فيه، و يجوز إذا كان قليلا لا ينافي شيئا من ذلك.

و الأحوط أن يكون وقوفه على قدميه معا، فلا يكفي ان يقف على رجل واحدة أو على أصل القدمين أو على أصابعهما.

المسألة 400

إذا صدق على المصلي أنه واقف على قدميه صحت صلاته و ان كان اعتماده على إحداهما أكثر من الأخرى.

المسألة 401

لا تبطل صلاة الإنسان إذا ترك الانتصاب في قيامه أو ترك الاستقرار أو الاستقلال فيه ناسيا أو ساهيا، و ان كان القيام ركنا، نعم لا يترك الاحتياط بإعادة الصلاة إذا مشى في القيام الركني ساهيا أو ناسيا أو تحرك فيه بما يشبه المشي.

المسألة 402

يتخير المضطر الى الاعتماد في حال قيامه، بين أن يعتمد على جدار أو عصى، أو إنسان و لا يتعين على الأقطع أن يعتمد على خشبته الخاصة التي أعدها لمشية، و يجب على الإنسان شراء ما يعتمد عليه أو استيجاره إذا اضطر إليه في صلاته و لم يجده الا بالشراء أو الاستيجار.

المسألة 403

إذا اضطر الإنسان إلى ترك الانتصاب في قيامه أو الى عدم الاستقرار فيه أو الى الاعتماد على عصى و نحوها، أو اضطر الى الوقوف على رجل واحدة، أو الى التفريج بين الرجلين بنحو ينافي الاستقامة و لا ينافي القيام أو غير ذلك من الأعذار التي لا تنافي صدق القيام عرفا وجب عليه ذلك، و لم تصح له الصلاة جالسا، و يلاحظ ما علقناه على هذه المسألة من كتاب العروة الوثقى في الحكم إذا دار الأمر في هذه الأعذار بعضها مع بعض.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 404

المسألة 404

إذا عجز المكلف عن القيام في الصلاة بجميع مراتبه التي تقدم ذكرها أو الإشارة إليها وجب عليه أن يصلي جالسا، و جرى في الجلوس جميع ما تقدم في القيام، فيجب فيه الانتصاب و الاستقرار و الاستقلال و غيرها.

المسألة 405

للتفريج الفاحش بين الرجلين مراتب، فما صدق معه القيام عرفا من مراتبه فهو مقدم على الجلوس كما تقدم، و ما لم يصدق معه القيام منها فالأحوط معه تكرار الصلاة، فيصلي مفرجا بين رجليه كذلك مرة، و يصلي جالسا مرة أخرى.

المسألة 406

إذا تعذر عليه الجلوس في صلاته، و لو بأن يكون معتمدا على شي ء أو متكئا على جدار، وجب عليه أن يصلي مضطجعا على جانبه الأيمن و مستقبلا بمقاديم بدنه كهيئة الميت المدفون فان لم يقدر، فعلى جانبه الأيسر، فإن تعذر عليه ذلك صلى مستلقيا على ظهره كهيئة المحتضر.

و يجب عليه الانحناء لركوعه و سجوده بالقدر الممكن له من الانحناء، و لو برفع موضع سجوده، فإذا لم يمكنه الانحناء أومأ برأسه، و الأحوط أن يجمع بين الإيماء و غمض العينين في الركوع و السجود، و أن يرفع شيئا يضع جبهته عليه في السجود، و ليجعل ايماءه للسجود اخفض منه للركوع، و يجعل غمض العينين للسجود أزيد منه للركوع، و الأحوط الإيماء في السجود بمساجده الأخرى.

المسألة 407

إذا كان قادرا على القيام في الصلاة و لكنه يعجز عن الركوع قائما كبر و قرأ قائما ثم جلس و أتى بالركوع جالسا و إذا عجز عن الركوع قائما و جالسا، صلى قائما و أومأ للركوع و إذا عجز عن الركوع و السجود صلى قائما و انحنى للركوع بالمقدار الممكن و لو يسيرا، ثم ينحني للسجود و لو برفع موضع سجوده فان لم يقدر أومأ برأسه للسجود و غمض عينيه

كلمة التقوى، ج 1، ص: 405

و رفع شيئا يضع جبهته عليه و ان تمكن من الجلوس جلس و أومأ للسجود على النهج المتقدم و يراجع ما يأتي في فصل الركوع.

المسألة 408

إذا كان المكلف ممن وظيفته الصلاة جالسا فصلى كذلك، و أمكنه القيام للركوع فقط وجب عليه ان يقوم بعد القراءة ثم يركع عن قيام، و كذلك الحكم إذا تجددت له القدرة على القيام في جميع الصلاة و ضاق الوقت عن اعادتها، فيقوم بعد القراءة للركوع و يتم صلاته.

و إذا أمكنه القيام في جميع الصلاة و كان الوقت متسعا فلا بد من إعادة الصلاة.

المسألة 409

إذا كان قادرا على القيام في بعض ركعات الصلاة دون بعض وجب عليه أن يقوم الى أن يعجز فيتم صلاته جالسا، فإذا أحس من نفسه القدرة على القيام قام و هكذا، و كذلك إذا أمكنه القيام في بعض الركعة دون بعض وجب عليه القيام في أول الركعة الى أن يعجز ثم يتم الركعة جالسا.

المسألة 410

إذا عجز عن القيام في الصلاة و ظن أو احتمل أن تتجدد له القدرة على القيام في آخر الوقت وجب عليه تأخير الصلاة، و لكنه إذا صلى في سعة الوقت مع الاحتمال برجاء استمرار العذر الى آخر الوقت ثم انكشف له استمرار عذره كذلك صحت صلاته.

المسألة 411

إذا كان قادرا على القيام و لكنه يخشى حدوث مرض إذا هو قام في صلاته أو يخاف بطء زوال مرض يجده جاز له ان يصلي جالسا، و كذلك إذا كان القيام يوجب له الحرج و المشقة الشديدة، و إذا كان ممن يصلي جالسا و عرض له خوف المرض من صلاته جالسا أو لزم الحرج جاز له ان يصلي مضطجعا.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 406

المسألة 412

إذا صلى الإنسان قائما و عجز في أثناء صلاته عن القيام جلس في صلاته، و إذا عجز عن ذلك اضطجع، فإذا عجز استلقى، و عليه ان يترك القراءة أو الذكر عند انتقاله من حالة الى حالة حتى يستقر، و انما تصح صلاته في هذه الفروض إذا كان العذر مستمرا الى آخر الوقت، فإذا زال العذر و الوقت باق وجبت عليه إعادة الصلاة.

المسألة 413

إذا صلى جالسا و تجددت له القدرة على القيام في أثناء الصلاة، فإن كان الوقت واسعا وجبت عليه إعادة الصلاة، و ان كان الوقت ضيقا وجب عليه ان يتم صلاته قائما، و عليه ان يترك القراءة و الذكر في حال انتقاله الى القيام حتى يستقر، و كذلك الحكم في المضطجع إذا قدر على الجلوس، و في المستلقي إذا قدر على الاضطجاع، فيعيد صلاته إذا كان الوقت واسعا، و ينتقل إلى الحالة التي تجددت له القدرة عليها إذا كان الوقت ضيقا و يترك القراءة و الذكر في حال انتقاله حتى يستقر.

المسألة 414

إذا تجددت للمكلف القدرة على القيام بعد أن أكمل القراءة جالسا فان كان مع سعة الوقت، فقد تقدم انه تجب عليه إعادة الصلاة في جميع الفروض، و ان كان الوقت ضيقا وجب عليه القيام للركوع، و لم تجب عليه إعادة القراءة، و إذا تجددت له القدرة في أثناء القراءة، فعليه القيام و إتمام القراءة و لا يجب عليه استينافها.

و إذا تجددت له القدرة في أثناء الركوع جالسا فان كان قد أتم الذكر الواجب فيه، وجب عليه ان ينتصب قائما لرفع الرأس من الركوع، و ان كان قبل أن يتم الذكر، فعليه أن يتمه بقصد الرجاء على الأحوط، و يجب عليه ان يرتفع منحنيا حتى يصل الى حد الركوع قائما ثم عليه على الأحوط أن يأتي بالذكر بقصد الرجاء مرة أخرى، و إذا انتصب في هذه الصورة قائما ثم ركع بطلت صلاته، و إذا تجددت له القدرة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 407

بعد أن رفع رأسه من الركوع جالسا، فلا يترك الاحتياط في أن ينتصب قائما برجاء المطلوبية.

المسألة 415

يجب الاستقرار و الطمأنينة حال القراءة و التسبيحات، سواء كان ممن يصلي قائما أم جالسا أم مضطجعا أم مستلقيا، و يجب الاستقرار في حال الذكر في الركوع و السجود سواء أتى بهما قائما أم جالسا أم مؤميا، و في جميع أفعال الصلاة و أذكارها، و حتى في حال القنوت و جلسة الاستراحة و الأذكار المستحبة.

المسألة 416

موضع التكبير المستحب هو حال الانتصاب قبل الركوع أو قبل السجود أو بعد السجود، فإذا أتى في حال الهوي أو حال النهوض فقد أتى به في غير محله، و لا يجوز ذلك مع العمد، و لا تبطل به الصلاة.

المسألة 417

يتخير من يصلي جالسا في كيفية جلوسه، و لا تتعين عليه كيفية خاصة، و يستحب أن يكون متربعا، قالوا: و من التربع أن يجلس القرفصاء، و هو أن يجلس على ألييه و قدميه و يرفع فخذيه و ساقيه عن الأرض، فإذا أراد الركوع ثنى رجليه و ركع، و يتورك في جلوسه بين السجدتين و في حال التشهد.

المسألة 418

يستحب للمصلي في حال قيامه أن يسدل منكبيه، و أن يرسل يديه، و أن يضم أصابع كفيه، و يضعهما على فخذيه قبالة ركبتيه، اليمنى على الفخذ الأيمن، و اليسرى على الفخذ الأيسر، و أن يقيم صلبه و نحره، و أن يصف قدميه، و يستقبل بأصابعهما القبلة، و ان يفرق بينهما بمقدار ثلاث أصابع مفرجات أو أزيد إلى شبر، و ان يسوي بينهما في الاعتماد، و أن يكون نظره الى موضع سجوده، و أن يكون في قيامه خاضعا خاشعا مستكينا.

و يستحب للمرأة أن تجمع بين قدميها و لا تفرق بينهما كما يفعل الرجل، و أن تضم يديها الى صدرها على ثديها.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 408

الفصل الثامن عشر في القراءة

المسألة 419

تجب قراءة فاتحة الكتاب في الركعة الأولى و الثانية من كل فريضة، سواء كانت من الفرائض اليومية أم غيرها، عدا صلاة الأموات، و تجب فيهما على الأحوط قراءة سورة كاملة بعد الفاتحة، حتى في الفريضة المعادة.

و يسقط وجوب السورة إذا أوجبت قراءتها المشقة الشديدة على المكلف لمرض أو استعجال أو ضرورة أخرى توجب ذلك، فيجوز له حين ذلك الاقتصار في صلاته على قراءة الفاتحة وحدها.

و تحرم قراءة السورة عند ضيق الوقت أو الخوف أو الضرورة الشديدة التي توجب تحريم الفعل فيجب على المكلف عند ذلك الاقتصار على قراءة الفاتحة و ترك قراءة السورة.

المسألة 420

لا يجوز أن يقدم السورة على فاتحة الكتاب، فإذا قدمها عليها عامدا، بطلت صلاته سواء أعادها بعد الفاتحة أم لم يعدها.

و إذا قدم السورة على الفاتحة ساهيا، فان تذكر ذلك بعد الركوع صحت صلاته، و ان تذكره قبل الركوع، فان كان قد قرأ الحمد بعد السورة أعاد السورة و يجزيه أن يقرأ سورة أخرى غيرها و ان لم يقرأ الحمد وجب عليه أن يقرأها ثم يأتي بعدها بسورة.

المسألة 421

النوافل كالفرائض، فلا بد فيها من قراءة الفاتحة و لا تصح بدونها، و لا تجب فيها قراءة السورة و ان كانت النافلة واجبة عليه بنذر و شبهه، فللمصلي أن يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وحدها، و أن يأتي معها بآيات من سورة أو آيات من سور متعددة، و بسورة واحدة و بسور متعددة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 409

و تستثنى من ذلك النوافل ذات الكيفيات المخصوصة و التي عينت فيها قراءة سور معينة أو آيات خاصة، كصلاة الوصية و صلاة الغدير و صلاة الغفيلة و بعض صلوات الحاجة، فلا بد و أن تقرأ فيها السور أو الآيات المعينة.

و إذا علم أن تعيين السور فيها انما هو شرط لكمال النافلة لا لمشروعيتها جاز له ترك تلك السورة فيها، كما يجوز له قراءة غيرها، و ذلك كالسور التي تستحب قراءتها في صلاة جعفر أو في صلاة الليل.

المسألة 422

إذا ترك القراءة في صلاة الفريضة ساهيا و تذكر بعد وصوله الى حد الركوع صحت صلاته، و لم يجب عليه في ذلك سجود السهو على الأقوى و ان كان الإتيان به أحوط.

و كذلك إذا ترك قراءة الحمد وحدها ساهيا أو ترك قراءة السورة وحدها و تذكر بعد الركوع فلا شي ء عليه.

و إذا ترك القراءة أو ترك احدى السورتين ساهيا و تذكر قبل الدخول في الركوع وجب عليه ان يأتي بما تركه و إذا ترك الحمد وحدها فعليه أن يقرأها و أن يأتي بالسورة بعدها ليحصل الترتيب.

المسألة 423

لا يجوز للمصلي أن يقرأ في صلاته ما يفوت الوقت بقراءته من السور، سواء كان ذلك لطول السورة أم لقصر الوقت، و ان قرأ فالظاهر عدم بطلان الصلاة بذلك و ان كان عامدا في فعله، فإذا كان في سعة الوقت وجب عليه أن يعدل عن تلك السورة إلى غيرها و يتم صلاته و إذا كان الوقت ضيقا قطع السورة و أتم صلاته من غير سورة، نعم تبطل الصلاة إذا قصد بها الأداء و لم يدرك ركعة من الوقت سواء كان عامدا في ذلك أم ساهيا.

و إذا قرأ ما يفوت به الوقت و كان ساهيا و لم يتنبه الا بعد فراغه من الصلاة و خروج الوقت و قد أدرك من الوقت مقدار ركعة صحت صلاته.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 410

المسألة 424

تشكل قراءة سورة العزيمة في صلاة الفريضة، لعدم إمكان الجمع مع قراءتها بين غرضي الشارع، فإذا قرأها عامدا، فان سجد لها عند تلاوة آية العزيمة كما هو الأقوى بطلت صلاته لزيادة السجود، و ان هو لم يسجد لها كان عاصيا و آثما بترك السجود، و كان عليه أن يتم الصلاة ثم يعيدها على الأحوط.

و إذا قرأها ساهيا أو ناسيا فان تذكر قبل أن يقرأ آية العزيمة وجب عليه أن يعدل إلى سورة أخرى و يتم الصلاة، و ان تذكر بعد قراءة آية العزيمة و السجود لها نسيانا وجب عليه أن يتم صلاته و كانت صحيحة على الأقرب.

و ان تذكر بعد قراءة آية العزيمة و قبل السجود لها كان حكمه هو ما تقدم في العمد، فان سجد لها كما هو الأقوى بطلت صلاته للزيادة و ان لم يسجد لها كان عاصيا و وجب عليه ان يتم الصلاة

ثم يعيدها على الأحوط.

و إذا قرأ سورة العزيمة ساهيا و لم يتذكر الا بعد الدخول في الركوع فان كان قد سجد لها في حال نسيانه فعليه إتمام صلاته و كانت صحيحة، و كذلك إذا سها عن سجدة التلاوة حتى أتم الصلاة، فعليه أن يأتي بالسجدة إذا تذكرها بعد الفراغ و كانت الصلاة صحيحة. و ان تذكر و هو في الصلاة انه لم يسجد سجدة التلاوة جرى فيه الحكم المتقدم في صورة العمد، فان هو سجد لها بطلت صلاته، و إذا عصى و ترك السجود كان عليه ان يتم الصلاة ثم يعيدها على الأحوط.

المسألة 425

إذا لم يقرأ سورة العزيمة في فريضته و لكنه قرأ آية السجدة في أثنائها لم تبطل صلاته بذلك، و جرى فيها الحكم المتقدم في صورة العمد، فان سجد بعد تلاوة الآية بطلت صلاته، و إذا عصى أو سها فلم يسجد لها وجب عليه أن يتم صلاته، و كذلك إذا قرأ الآية في فريضته ناسيا.

و إذا سمع من يقرأ الآية أو استمع اليه و هو في الفريضة أومأ إلى

كلمة التقوى، ج 1، ص: 411

السجود و أتم صلاته و صحت، و الأحوط ان يسجد لها بعد الفراغ من الصلاة أيضا.

المسألة 426

تجوز قراءة سور العزائم في صلاة النافلة، فإذا قرأ آية السجدة منها سجد و هو في الصلاة ثم قام فأتم نافلته و لم تبطل بذلك و ان كانت واجبة عليه بنذر و شبهه، و كذلك الحكم إذا قرأ آية السجدة وحدها.

المسألة 427

سور العزائم الأربع هي الم تنزيل، و حم فصلت، و سورة النجم، و سورة العلق، و موضع السجود هو آخر الآية الكريمة من السورة.

المسألة 428

البسملة جزء من كل سورة، فتجب قراءتها معها، عدا سورة التوبة و هي سورة براءة، فلا بسملة فيها، و إذا أتى بالبسملة لسورة معينة لم تكف لغيرها، فإذا بدا له أن يقرأ سورة أخرى، فعليه أن يعيد البسملة بقصدها.

المسألة 429

سورة الفيل و لِإِيلٰافِ قُرَيْشٍ سورة واحدة، فلا تكفي قراءة أحدهما في الفريضة، بل لا بد من أن يجمع بينهما، و يقدم سورة الفيل مع البسملة الواقعة بينهما، و كذلك الحكم في سورة الضحى و أ لم نشرح، فيجب أن يجمع بينهما و يقدم سورة الضحى مع البسملة الواقعة بينهما.

المسألة 430

يجوز أن يقرأ سورتين أو أكثر في ركعة واحدة من الفريضة على كراهة، و الأحوط ترك ذلك، و لا كراهة إذا فعل ذلك في النافلة.

المسألة 431

يجب تعيين السورة قبل الشروع فيها و يكفيه التعيين الإجمالي الحاصل من الاعتياد و نحوه، و إذا أتى بالبسملة من غير أن يعين سورة وجب

كلمة التقوى، ج 1، ص: 412

عليه إعادة البسملة و ان يعينها لسورة خاصة يختارها، و كذلك إذا أتى بالبسملة بقصد سورة معينة ثم نسي أي سورة عينها أو أتى بالبسملة و شك في أنه قصدها لسورة خاصة أم لا، فعليه في جميع هذه الفروض أن يختار سورة معينة و يعيد البسملة لها.

المسألة 432

إذا أتى بالبسملة و شرع بعدها في سورة و شك في أثناء قراءتها في أنه هل عين البسملة لها أم لغيرها و قرأها نسيانا بنى على الصحة.

المسألة 433

إذا عزم على قراءة سورة معينة في صلاته أو كان معتادا على قراءتها، فنسي، و قرأ غيرها كفاه ذلك مع التعيين و لو على سبيل الاجمال و لم يكفه مع عدم التعيين.

المسألة 434

يجوز لمن شرع في قراءة احدى السور في الفريضة أن يعدل منها إلى سورة أخرى ما لم يتجاوز النصف، و يستثنى من ذلك سورتا التوحيد و الجحد، فلا يجوز لمن شرع في إحداهما و لو بالبسملة لها أن يعدل منها الى غيرهما من السور، و لا يجوز لمن شرع في إحداهما و لو بالبسملة أن يعدل منها إلى الأخرى منهما.

المسألة 435

يجوز لمن قرأ إحدى السور في صلاة الجمعة أو صلاة الظهر في يوم الجمعة أن يعدل منها إلى سورة الجمعة في الركعة الأولى، و الى سورة المنافقين في الركعة الثانية ما لم يتجاوز النصف و ان كانت السورة التي قرأها هي التوحيد أو الجحد، بل و ان تعمد قراءتهما في الفريضة، فيجوز له العدول عنهما الى السورتين ما لم يتجاوز النصف.

المسألة 436

الأحوط لمن قرأ سورة الجمعة أو المنافقين في صلاة الجمعة أو الظهر

كلمة التقوى، ج 1، ص: 413

من يوم الجمعة ان لا يعدل عنهما الى غيرهما من السور و ان لم يبلغ النصف.

المسألة 437

يجوز العدول مع الضرورة من سورة إلى غيرها و ان قرأ أكثر السورة، و حتى من سورتي الجحد و التوحيد، و سورتي الجمعة و المنافقين في ظهر يوم الجمعة، بل يجب ذلك.

و مثال الضرورة أن ينسى بعض السورة التي شرع فيها فلا يقدر أن يتمها، أو يخاف أن يفوت الوقت إذا أتمها، أو يحصل له مانع آخر من إتمامها، و من ذلك أن يقرأ إحدى سور العزائم في فريضته ساهيا، و يتذكر قبل إتمامها، فيجب عليه العدول عنها كما ذكرنا في ما تقدم.

قيل: و من ذلك ما لو نذر أن يقرأ في صلاته سورة خاصة لا غيرها، ثم ينسى فيقرأ غير تلك السورة التي نذر قراءتها، فيعدل عن السورة التي قرأها إلى السورة المنذورة، و لكن الأحوط في هذا الفرض أن يتم السورة التي شرع فيها ثم يأتي بعدها بالسورة المنذورة و يقصد بإحداهما ما في ذمته و بالثانية القربة المطلقة.

المسألة 438

إذا أتى بالبسملة بقصد احدى السورتين: الجحد أو التوحيد، ثم نسي اي السورتين قد عينها، أتى بإحدى السورتين بلا بسملة، لاحتمال انها هي السورة التي قصدها، ثم يأتي بعدها بالسورة الثانية مع البسملة، لاحتمال انها هي المعينة، و يقصد الجزئية بالسورة المعينة في الواقع، و بالثانية القربة المطلقة.

المسألة 439

قد يشكل العدول في النافلة من سورتي الجحد و التوحيد الى غيرهما، و الأحوط في هذا الفرض أن يأتي بالسورة التي عدل إليها بقصد القربة المطلقة.

________________________________________

بصرى بحرانى، زين الدين، محمد امين، كلمة التقوى، 7 جلد، سيد جواد وداعى، قم - ايران، سوم، 1413 ه ق

كلمة التقوى؛ ج 1، ص: 413

المسألة 440

يجب على الرجل أن يجهر بالقراءة في صلاة الصبح و أولتي المغرب

كلمة التقوى، ج 1، ص: 414

و العشاء، و يجب عليه الإخفات في أولتي الظهر و العصر إلا في يوم الجمعة، فيجب الجهر في صلاة الجمعة و لا يترك الاحتياط به في صلاة الظهر.

المسألة 441

يستحب الجهر بالبسملة في الظهر و العصر للفاتحة و السورة، و في ثالثة المغرب، و أخيرتي الظهرين و العشاء إذا اختار فيها القراءة.

المسألة 442

إذا جهر المصلي عامدا في موضع يجب فيه الإخفات بالقراءة، أو أخفت في موضع يجب فيه الجهر بها بطلت صلاته، و إذا فعل ذلك ناسيا أو جاهلا صحت صلاته، و إذا كان الجاهل مترددا في الحكم فجهر أو أخفت في غير محله برجاء المطلوبية فالأحوط الإعادة.

المسألة 443

إذا فعل ذلك ناسيا أو جاهلا ثم تذكر ما نسيه أو علم ما جهله و هو في أثناء القراءة أو بعد الفراغ منها و قبل الركوع صح ما مضى من قراءته و لم تجب عليه اعادة ما قرأه.

المسألة 444

يعذر الجاهل بالحكم في مسألة الجهر و الإخفات، سواء كان جاهلا بوجوب الجهر و الإخفات أم كان جاهلا بمعناهما أم كان جاهلا بموضعهما، و المراد بجهل الموضع ان يعلم بوجوب الجهر و الإخفات في بعض الفرائض و يجهل الفريضة التي يجبان فيها، فيتوهم ان الصبح مثلا مما يخفت فيه، و ان الظهرين مما يجهر فيه.

المسألة 445

إذا جهل المأموم بوجوب الإخفات عليه إذا وجبت عليه القراءة، فجهر بها، صحت صلاته على الظاهر و ان كان الأحوط استحبابا له الإعادة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 415

المسألة 446

تتخير المرأة في الصلاة الجهرية بين الجهر و الإخفات و ان سمعها الأجنبي إلا إذا كان في مقام الريبة و التلذذ، و يجب عليها الإخفات في الصلاة الإخفاتية.

و إذا أجهرت في موضع يجب فيه الإخفات جرى فيها ما تقدم بيانه في حكم الرجل فتعذر حيث يعذر الرجل و تبطل صلاتها حيث تبطل صلاته.

المسألة 447

الجهر هو أن يظهر جوهر الصوت في القراءة، و الإخفات هو أن يقرأ و لا يظهر جوهر صوته، نعم يشكل الاكتفاء إذا ظهر به الصوت كالمبحوح الشديد البحة، اما البحة الخفيفة فالظاهر تحقق الإخفات معها.

المسألة 448

لا يجوز الإفراط في الجهر بحيث يكون خارجا عن المعتاد كالصياح و تبطل الصلاة إذا فعل ذلك.

المسألة 449

تقدم في المسألة الثلاثمائة و الثامنة و السبعين: ان القراءة لا تتحقق حتى ينطق بالكلمات بحيث يسمع نفسه إذا كان صحيح السمع و يكفي التقدير إذا وجد المانع أو كان غير صحيح السمع و هذا هو أدنى مراتب الإخفات، فلا يجزي ما هو أقل من ذلك لعدم صدق القراءة، و عدم صدق الإخفات، و لا يجزي إذا كان يسمع بعض الكلمات أو بعض الحروف و لا يسمع بعضها.

المسألة 450

لا يتأدى الجهر في القراءة الجهرية حتى يجهر في جميع الكلمات و الحروف و في أواخر الآيات، فتجب المحافظة على ذلك و لا يعتنى بالمسامحة العرفية.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 416

المسألة 451

تجوز القراءة في المصحف لغير القادر على الحفظ، بل تجوز حتى للقادر و للحافظ، و يجوز لمن لا يحسن أو لا يحفظ أن يتابع غيره في القراءة و لو بتلقينه آية آية.

المسألة 452

التمتام و الفأفاء و من يبدل بعض الحروف ببعض و من لا يقدر على الإفصاح ببعض الكلمات أو ببعض الحروف تجب عليه القراءة بما يمكنه، و لا يجب عليه الايتمام في صلاته، نعم هو أحوط كما هو أفضل، و بحكمه من لا يقدر الا على الملحون و لا يستطيع التعلم.

المسألة 453

الأخرس الذي لا يستطيع النطق عليه ان يحرك لسانه مع الإمكان و يشير بيده الى ألفاظ القرآن بقدر ما يمكنه و لا يجب عليه الايتمام، و بحكمه من لا يمكنه التلفظ لشلل أو آفة أخرى في لسانه.

المسألة 454

يجب التعلم على من لا يحسن القراءة إلا إذا تمكن من تأدية الصلاة الصحيحة بالايتمام أو بالمتابعة في القراءة لغيره و لو بالتلقين آية آية فيكفيه ذلك من غير فرق بين الفاتحة و السورة.

المسألة 455

إذا تعلم بعض الفاتحة و ضاق الوقت، وجب عليه أن يقرأ في صلاته ما تعلم من الفاتحة و أن يقرأ من سائر القرآن عوض البقية منها على الأحوط.

و إذا لم يتعلم من الفاتحة شيئا قرأ من غيرها من القرآن بعدد آيات الفاتحة و بمقدار حروفها على الأحوط و ان لم يحسن من القرآن شيئا سبح اللّه و كبره و ذكره بقدر حروف الفاتحة، على الأحوط كذلك، و الأحوط أن يأتي بالتسبيحات الأربع بقدرها.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 417

المسألة 456

تجب مراعاة الترتيب بين آيات الفاتحة، و بين آيات السورة، و ما بين جملهما، و كلماتهما، و تجب مراعاة الموالاة في قراءتهما، فإذا خالف الترتيب في شي ء مما ذكر أو أخل بالموالاة و كان عامدا بطلت صلاته، و ان كان ساهيا وجب عليه أن يعيد الجملة التي وقع الخلل فيها و ما بعدها، و إذا حصل بسبب ذلك ما يخل بقراءة الآية أعادها و ما بعدها، و إذا حصل ما يخل بأصل القراءة كالفصل الطويل أعاد القراءة.

المسألة 457

تجب القراءة الصحيحة بإخراج الحروف من مخارجها المعروفة بحيث لا يبدل حرفا بحرف، أو يلتبس به عند أهل اللسان، و موافقة الأسلوب العربي في هيئة الكلمة و هيئة الجملة في حركات بناء الهيئة و سكناته، و حركات الاعراب و البناء في آخر الكلمة و سكناتهما، و المد الواجب، و الإدغام، و الحذف، و القلب في مواضعها.

فإذا أخل المصلي بشي ء من ذلك بطلت قراءة الكلمة أو الجملة التي أخل بها، و إذا كان الإخلال عن عمد بطلت صلاته للزيادة العمدية، و ان كان الإخلال عن سهو أو نسيان و كان في المحل وجب عليه ان يستأنف ما أخل به فان هو لم يستأنف بطلت الصلاة للنقيصة العمدية، و ان لم يتذكر ذلك حتى تجاوز المحل و دخل في الركن أتم صلاته و لا شي ء عليه.

المسألة 458

مواضع المدهي الواو المضموم ما قبلها، و الألف المفتوح ما قبلها، و الياء المكسور ما قبلها، إذا كان بعد إحداهما همزة، أو كان بعده سكون لازم، و السكون اللازم هو الذي لا يختلف حاله في الوصل و الوقف.

و أمثلة الأول قوله تعالى (لٰا يُحِبُّ اللّٰهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ)، و قوله تعالى (وَ جٰاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا، وَ جِي ءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ)، و من أمثلة الثاني قوله تعالى (ق) و (ن)، و (ص)، و (يس) و غيرها من الحروف المفردة في أوائل السور. و يتأكد في ما كان بعد حرف المد

كلمة التقوى، ج 1، ص: 418

حرف ساكن مدغم في حرف آخر، كقوله تعالى (وَ لَا الضّٰالِّينَ) و قوله تعالى (يُوٰادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ) و لا يترك الاحتياط بمراعاة ذلك و خصوصا في الفرض الأخير.

المسألة 459

القدر اللازم في مد حرف المد ما تتوقف عليه إقامة الكلمة و النطق بها على النهج العربي، و لا يجب مدة أكثر من ذلك، و لكن يحسن أن يمد بمقدار ألفين، و أحسن منه الى أربع ألفات، و لا تبطل الكلمة إذا مد حرف المد فيها أكثر من ذلك، إلا إذا خرجت الكلمة بطول المد عن كونها كلمة.

المسألة 460

يجب الإدغام في الكلمة الواحدة التي يجتمع فيها حرفان متماثلان و كانا متحركين أو كان الأول منهما ساكنا و الثاني متحركا، و مثال الأول الإدغام في ود و يردونكم من قوله تعالى (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتٰابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ)، و مثال الثاني الإدغام في كلمة (مدا) من قوله تعالى:

(فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمٰنُ مَدًّا) بل يجب الإدغام إذا اجتمع الحرفان المتماثلان في كلمتين و كان الأول ساكنا و الثاني متحركا كما قوله تعالى (وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي) و قوله تعالى (اذْهَبْ بِكِتٰابِي) و قوله تعالى (أَيْنَمٰا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ).

المسألة 461

الأحوط لزوم الإدغام إذا التقت نون ساكنة أو تنوين بأحد حروف (يرملون) و كانا في كلمتين كقوله تعالى (وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ) و قول (أشهد ان لا إله إلا اللّه) في التشهد و في الأذان و الإقامة، و كلمة (اللهم صل على محمد و آل محمد) و كذلك إذا وقعا في كلمة واحدة في القنوت أو الدعاء، و لم تلتبس الكلمة بعد ادغامها بكلمة أخرى، و إذا التبست بها فلا إدغام.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 419

المسألة 462

يجب إدغام لام التعريف في أربعة عشر حرفا من حروف الهجاء و يجب إظهارها في أربعة عشر حرفا منها، فيجب ادغامها في التاء، و في التاء و الدال، و الذال، و الراء، و الزاي و السين، و الشين، و الصاد، و الضاد، و الطاء، و الظاء، و اللام، و النون.

و يجب إظهارها مع الألف، و الباء، و الجيم، و الحاء، و الخاء، و العين، و الغين، و الفاء، و القاف، و الكاف، و الميم، و الواو، و الهاء، و الياء.

فيجب إدغام لام التعريف في كلمة الجلالة: اللّه، و الرحمن، و الرحيم، و الدين، و الصراط، و الذين، و الضالين من سورة الفاتحة، و كلمة الصمد من سورة التوحيد، و يجب إظهارها في كلمة: الحمد، و العالمين، و المستقيم، و المغضوب في الفاتحة.

المسألة 463

الأحوط لزوم قلب التنوين و النون الساكنة ميما إذا وقعت بعد إحداهما باء، من غير فرق بين أن يكونا في كلمة واحدة أو في كلمتين، و مثال ذلك قوله تعالى (ذٰلِكَ مِنْ أَنْبٰاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ) و قوله تعالى:

(جَزٰاءً بِمٰا كٰانُوا يَعْمَلُونَ).

المسألة 464

يجب ان تحذف همزة الوصل عند الدرج، كالهمزة في لفظ الجلالة، و في كلمة: الرحمن، و الرحيم، و العالمين، و الدين، و اهدنا، و الصراط، و المستقيم، و نحوها و يجب أن تثبت عند الابتداء بها، فإذا قال:

(الحمد للّه) أو قال (الرحمن الرحيم) أو قال (اهدنا الصراط) أو قال (اللّه الصمد) اثبت الهمزة في الابتداء.

و إذا أثبت همزة الوصل عند الدرج في القراءة أو حذفها عند الابتداء بها بطلت قراءة الكلمة و إذا كان متعمدا بطلت الصلاة، و إذا كان ساهيا وجبت عليه إعادة قراءة الكلمة و ما بعدها على نهج ما تقدم في المسألة الأربعمائة و السابعة و الخمسين.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 420

و يجب ان تثبت همزة القطع في إياك و في أنعمت و غيرهما، فإذا حذفها في الدرج بطلت قراءة الكلمة و كان الحكم في الصلاة هو ما تقدم.

المسألة 465

يكفي أن ينطق بالحرف على الوجه الصحيح عند أهل اللسان و ان لم يعرف مخارج الحروف التي تذكر في علم التجويد و لم يلتفت إليها، فالمناط في الصحة أن يتكلم بالحرف و بالكلمة على النهج العربي المستقيم، فإذا جهل ذلك وجب عليه التعلم.

المسألة 466

الأحوط لزوما ترك الوقف على الحركة، فلا يجوز له أن يقرأ مثلا (الحمد للّه رب العالمين) بفتح النون و يقف على ذلك، بل يلزمه حينئذ أن يصلها بما بعدها، و كذلك الحركات في أواخر سائر الآيات، فلا يظهرها عند الوقف على الآية بل يجب تسكينها.

و الظاهر جواز الوصل بالسكون ما لم يحصل به إخلال في الكلمة، كما إذا أراد تسكين آخر الكلمة و وصلها بما بعدها فظهرت في آخر الكلمة حركة غير صحيحة، كأن يقول (و إياك نستعين) و يريد إسكان النون ثم يصلها في أول (اهدنا) فتظهر نون نستعين مكسورة.

المسألة 467

لا فرق في الحركة التي يريد الوقف عليها بين ان تكون حركة اعراب أو بناء، أو حركة تشير الى حرف محذوف، و مثال ذلك الكسرة في كلمة يسر في قوله تعالى (وَ اللَّيْلِ إِذٰا يَسْرِ)، و في الواد من قوله (جٰابُوا الصَّخْرَ بِالْوٰادِ) و في كلمتي أكرمن و أهانن في قوله تعالى (فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ) و (رَبِّي أَهٰانَنِ) فان الكسرة في هذه المواضع تدل على ياء محذوفة، فإذا وصل الكلمة بما بعدها أتى بها مكسورة و إذا أراد أن يقف عليها نطق بها ساكنة.

المسألة 468

إذا أراد وصل الكلمة بما بعدها فأظهر الحركة في آخر الكلمة و انقطع

كلمة التقوى، ج 1، ص: 421

نفسه قبل أن يصلها فعليه أن يعيد الكلمة، الا أن يكون الفصل قليلا لا ينافي الوصل عرفا فيكتفي بها.

المسألة 469

لا يجوز الفصل بين حروف الكلمة الواحدة بحيث تخرج بسبب الفصل عن كونها كلمة واحدة و تبطل قراءة الكلمة بذلك، سواء كان عامدا أم ساهيا أم مضطرا، و إذا كان عامدا في ذلك بطلت الصلاة، و إذا كان ساهيا أو غالطا أو مضطرا أعاد الكلمة و ما بعدها.

المسألة 470

و تجب الموالاة كذلك بين الجار و المجرور و بين حرف التعريف و مدخولة، بل و بين المضاف و المضاف اليه و بين الموصوف و صفته، و بين المبتدأ و خبره، و الفعل و فاعله و نحو ذلك مما يتعلق بعضه ببعض بحيث لا يجوز الفصل فيه بأجنبي، فإذا فصل ما بينها ساهيا أو غالطا أعاد قراءة تلك الجملة و ما بعدها، و إذا كان عامدا أعاد قراءة الجملة و أتم الصلاة ثم أعادها على الأحوط وجوبا.

المسألة 471

الأحوط أن يختار المكلف في القراءة ما يتداوله غالب المسلمين من القراءات و ان كان الأقوى عدم تعيين ذلك، فيجوز له أن يقرأ بما يوافق احدى القراءات المعروفة، و لا يكفي أن يقرأ بما يخالف القراءات المعروفة و ان كان موافقا للنهج العربي.

المسألة 472

يحسن اتباع علماء التجويد في ما ذكروه من المحسنات من أماله و إشباع و تفخيم و ترقيق في بعض الحروف، و من إظهار أو إخفاء في التنوين و النون الساكنة و نحو ذلك، و لا تجب مراعاة شي ء منه.

المسألة 473

إذا اتصلت القراءة بعضها ببعض تولدت في الغالب بعض الكلمات المهملة، و يحصل ذلك من إلحاق آخر الكلمة بأول ما بعدها، و هذا

كلمة التقوى، ج 1، ص: 422

التولد انما هو بالدقة العقلية، و لا تخلو منه أي قراءة أو كلام متصل، و لا يضر ذلك بالقراءة و لا يوجب نقصانها و لا بطلانها، كما إذا تولدت من قراءة (الحمد للّه) كلمة دلل و من قراءة (للّه رب) كلمة هرب و هكذا.

نعم إذا فصل القاري بين اجزاء الكلمات، و ألحق آخر الكلمة السابقة بأول اللاحقة، و تولدت من ذلك عرفا كلمة مهملة كانت مضرة بالقراءة، و بطلت الصلاة إذا كان متعمدا، و وجبت إعادة قراءة الكلمتين و ما يلحق بهما، مع السهو أو الغلط، فان هو لم يعدها بعد الالتفات كانت صلاته باطلة، و على هذا فيكون التمييز بين الكلمات بهذا المعنى واجبا.

المسألة 474

الأحوط أن يقرأ (مالك يوم الدين) و ان جازت أيضا قراءة (ملك يوم الدين) كما نسبت إلى جماعة من القراء. و الأحوط لزوما أن يقرأ (الصراط) بالصاد في الموضعين.

المسألة 475

تجب القراءة في (إياك نعبد و إياك نستعين) بكسر الهمزة و تشديد الياء في الموضعين و يشكل الاعتماد على قراءة تخفيف الياء.

المسألة 476

المشهور بين القراء قراءة (كفؤا) بضم الفاء و بالهمزة، فلا ينبغي تركها، و تجوز قراءة (كفوا) بضم الفاء و بالواو بدلا عن الهمزة، كما ان الأحوط ترك قراءة (كفوا) بتسكين الفاء و بالواو بدل الهمزة.

المسألة 477

إذا لم يرد الوقوف على كلمة أحد، و أراد وصلها بما بعدها، قال:

(قل هو اللّه أحدن اللّه الصمد) بضم الدال و كسر نون التنوين، و رقق اللام في لفظ الجلالة من الآية الثانية، و يشكل أن يحذف التنوين و يثبت الضمة في كلمة أحد، و ان قرأ بها أبو عمرو بن العلاء البصري:

كلمة التقوى، ج 1، ص: 423

المسألة 478

لا ريب في ان سورة الفلق و سورة الناس من القرآن، و تجوز قراءتهما في الصلاة الفرائض منها و النوافل.

المسألة 479

إذا شك القاري في إعراب كلمة أو بنائها، أو شك في بعض حروفها، أو شك في كلمة ان- مثلا- هل هي مفتوحة الهمزة أو مكسورتها، أو شك في بعض كلمات الآية أو في تقدم بعض الكلمات على بعض و تأخرها، لم يجز له أن يكرر الآية على الوجهين، بل يجب عليه أن يتعلم، و يجوز له أن يختار أحد الوجهين فيقرأ به في صلاته، و يتقرب به لاحتمال انه القرآن الصحيح، ثم يفحص بعد الفراغ من صلاته، فإذا تبين له أن ما أتى به مطابق للواقع صحت صلاته، و إذا تبين له انه غلط، وجبت عليه إعادة الصلاة.

المسألة 480

إذا أراد المصلي و هو في حال القراءة أو الذكر أن يتقدم من مكانه أو يتأخر أو يتحرك أو ينحني لبعض الأغراض التي تقتضي ذلك، وجب عليه أن يدع القراءة في حال تحركه حتى يستقر و يطمئن، فإذا استقر استمر في قراءته، و لا يضر بذلك تحريك اليد أو الأصابع و كذلك الحكم في التسبيح أو القراءة في الأخيرتين.

المسألة 481

إذا تحرك مضطرا أو مقهورا في حال قراءته حتى خرج عن الاستقرار فالأحوط له لزوما بعد أن يستقر أن يعيد ما قرأه في حال تحركه و عدم استقراره، و كذلك في تسبيح الأخيرتين.

المسألة 482

إذا سمع ذكر النبي (ص) استحب له أن يصلي عليه، و لا ينافي ذلك الموالاة المعتبرة في صحة الصلاة، فلا تبطل صلاته بذلك، نعم قد تنافي الموالاة في الآية كما إذا فصلت الصلاة على النبي بين المضاف و المضاف

كلمة التقوى، ج 1، ص: 424

إليه في الآية أو بين الصفة و الموصوف أو بين المبتدأ و الخبر، فإذا كانت كذلك وجبت عليه إعادة قراءة الموضع الذي وقعت فيه المنافاة.

و كذلك الحكم إذا سلم عليه أحد فوجب عليه رد السلام، و بحكم القراءة غيرها من أذكار الصلاة و أقوالها.

المسألة 483

إذا أكمل قراءة الآية و شك بعد الفراغ منها في صحة قراءتها، حكم بالصحة سواء دخل في ما بعدها أم لا، و الأحوط استحبابا أن يعيد قراءتها بقصد الاحتياط في كلتا الصورتين، و كذلك الحكم في التسبيحة إذا أتمها و شك في صحتها بعد الفراغ منها.

الفصل التاسع عشر في مستحبات القراءة

المسألة 484

تستحب الاستعاذة قبل القراءة في الركعة الأولى من الصلاة، سواء كانت فريضة أم نافلة، فيقول بعد تكبيرة الإحرام، أو بعد أدعية التوجه: أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم، أو يقول: أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم، و يستحب الإخفات بها.

المسألة 485

يستحب الجهر بالبسملة في الصلاة الإخفاتية في كل من الفاتحة و السورة، و في الأخيرتين من الفريضة إذا اختار فيهما القراءة، سواء كان إماما أم منفردا، و الأحوط الإخفات بها للمأموم إذا قرأ خلف الامام، و يجب الجهر بها في الصلاة الجهرية للإمام و المنفرد.

المسألة 486

يستحب التأني في القراءة و تبيين الحروف و الحركات في الكلمات، و تحسين الصوت، و الوقوف على فواصل الآيات، و أن يستشعر عظمة القرآن و هو يتلو آياته.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 425

المسألة 487

يستحب التدبر في معاني ما يقرأه من الآيات و الاتعاظ بها، (و إذا مر بآية فيها ذكر الجنة و ذكر النار سأل اللّه الجنة و تعوذ باللّه من النار).

كما في رواية ابن أبي عمير.

المسألة 488

تستحب السكتة بعد الفراغ من قراءة الحمد، و السكتة بعد الفراغ من قراءة السورة و قبل التكبير للركوع أو للقنوت.

المسألة 489

يستحب للمصلي إذا فرغ من قراءة الحمد أن يقول: الحمد للّه رب العالمين، سواء كان إماما أم منفردا، و كذلك يستحب للمأموم إذا فرغ الامام من قراءة الفاتحة، بل و كذلك يستحب للمأموم إذا قرأ خلف الامام.

و يستحب للمصلي إذا فرغ من سورة التوحيد أن يقول: كذلك اللّه ربي، مرة، أو مرتين، أو ثلاثا. أو يقول كذلك اللّه ربنا ثلاثا، سواء كان إماما أم منفردا، و لم يرد استحباب ذلك في المأموم إذا فرغ الامام من قراءة السورة، و يستحب له إذا فرغ من سورة الجحد أن يقول:

اللّه ربي و ديني الإسلام، ثلاثا، أو يقول ربي اللّه و ديني الإسلام.

المسألة 490

يستحب أن تكون القراءة في صلاة الصبح بعم يتساءلون، و هل أتي، و هل أتاك، و لا أقسم بيوم القيامة و ما ضاهاها من السور، و أن تكون في صلاة الظهر و العشاء بسورة الأعلى و الشمس، و ما أشبههما، و أن تكون في صلاة العصر و المغرب بسورة التوحيد و إذا جاء و التكاثر و الزلزلة و نحوها.

المسألة 491

يستحب أن يقرأ سورة الجمعة في الركعة الأولى و سورة المنافقين في الركعة الثانية في كل من صلاة الصبح و صلاة الظهر و صلاة العصر من

كلمة التقوى، ج 1، ص: 426

يوم الجمعة، و في صلاة العشاء من ليلتها و أن يقرأ سورة الجمعة في الركعة الأولى و سورة التوحيد في الثانية من صلاة المغرب منها.

و ورد كذلك استحباب قراءة الجمعة في الأولى، و سورة التوحيد في الثانية من صلاة الصبح و صلاة العصر من يوم الجمعة.

و ورد استحباب قراءة الجمعة في الأولى و سورة الأعلى في الثانية في ليلة الجمعة و صبحها.

المسألة 492

يستحب أن يقرأ سورة هل أتى على الإنسان في الركعة الأولى و سورة هل أتاك حديث الغاشية في الركعة الثانية من صلاة الغداة في يوم الاثنين و يوم الخميس.

المسألة 493

يستحب أن يقرأ المصلي سورة القدر في الركعة الأولى من صلاته و سورة التوحيد في الركعة الثانية، بل ورد انهما أفضل ما يقرأ في الفرائض، و ان العالم (ع) قال: عجبا لمن لم يقرأ في صلاته إنا أنزلناه في ليلة القدر كيف تقبل صلاته، و روي ما زكت صلاة لم يقرأ فيها:

قل هو اللّه أحد.

المسألة 494

يكره للمصلي أن يترك قراءة قل هو اللّه أحد في فرائضه الخمس جميعا، و لعل كراهة ذلك لا ترتفع بقراءة السورة في بعض النوافل.

المسألة 495

يكره أن يقرأ سورة قل هو اللّه أحد بنفس واحد.

المسألة 496

يكره ان يعيد في الركعة الثانية نفس السورة التي قرأها في الركعة الأولى إلا إذا كانت سورة التوحيد فلا كراهة في ذلك.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 427

المسألة 497

يستحب أن يعيد صلاة الجمعة أو الظهر في يوم الجمعة إذا قرأ فيهما بغير سورة الجمعة و المنافقين، و قد تقدم في المسألة الثلاثمائة و السابعة و الستين: ان من صلى الجمعة أو الظهر في يومها فقرأ فيهما غير سورة الجمعة و المنافقين حتى تجاوز نصف السورة استحب له أن يعدل من الفريضة إلى النافلة، ثم يستأنف الفريضة و يقرأ فيها سورتي الجمعة و المنافقين، و إذا تذكر قبل أن يتجاوز نصف السورة استحب له أن يعدل عن السورة التي قرأها إلى سورة الجمعة و المنافقين و يتم صلاته، و ان كانت السورة التي قرأها هي سورة التوحيد أو الجحد.

المسألة 498

يجوز للمصلي أن يقصد إنشاء الخطاب للّه تعالى بقوله إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ و لا ينافي ذلك قصد القرآنية، فهو يخاطب اللّه عز و جل بالقرآن، و كذلك في قوله الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ، و قوله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ، و قوله اهْدِنَا الصِّرٰاطَ الْمُسْتَقِيمَ، و يقصد إنشاء الحمد للّه و الثناء عليه و طلب الهداية منه بالقرآن.

الفصل العشرون في التسبيح أو القراءة في الأخيرتين

المسألة 499

يتخير المصلي في الركعتين الأخيرتين من الرباعيات و في الركعة الثالثة من المغرب بين أن يقرأ فيها سورة الحمد وحدها، و أن يأتي بالتسبيحات الأربع، و هي: (سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر) فيأتي بها مرة واحدة مع التكبير، فتكون أربع تسبيحات، أو يأتي بها ثلاث مرات بدون التكبير، فتكون تسع تسبيحات، و تجب المحافظة فيها على العربية من حيث الكلمات و من حيث الحروف و الحركات، و يستحب أن يضيف إليها الاستغفار، ثم يكبر بعدها للركوع.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 428

المسألة 500

من لا يقدر على أن يأتي بالتسبيح على الوجه الصحيح تتعين عليه قراءة الحمد إذا كان قادرا عليها، فان لم يتمكن أتى من التسبيحات بالقدر الممكن منها، فان عجز أتى بالذكر المطلق.

المسألة 501

من نسي قراءة الفاتحة في الركعتين الأولتين من صلاته لم تتعين عليه قراءتها في الأخيرتين على الأقوى، بل يتخير بين القراءة و التسبيح كغيره من المكلفين، و ان كان الأحوط له استحبابا ان يختار القراءة.

المسألة 502

الأقوى ان القراءة في الأخيرتين أفضل من التسبيح لإمام الجماعة، و أن التسبيح أفضل من القراءة، للمأموم، و انهما متساويان في الفضل للمصلي المنفرد.

المسألة 503

يجب على المصلي الإخفات في الأخيرتين سواء اختار القراءة فيهما أم التسبيح على الأحوط، و سواء كان إماما أم منفردا، و يستحب له الجهر بالبسملة إذا اختار القراءة و قد تقدم ذكر هذا قريبا.

المسألة 504

إذا أجهر بالقراءة أو بالتسبيح عامدا بطلت صلاته، و إذا أجهر جاهلا أو ناسيا صحت صلاته و لم تجب عليه اعادة ما قرأ و ان تذكر قبل الركوع و إذا تذكر في أثناء القراءة أو التسبيح صح ما مضى منه و أخفت في الباقي.

المسألة 505

لا يجب التوافق بين الركعتين الأخيرتين في القراءة أو التسبيح، فيجوز له أن يقرأ في إحدى الركعتين و يسبح في الأخرى، و لا يجب التساوي بينهما في التسبيح إذا اختاره، فله أن يأتي في إحداهما بالتسبيحات الأربع و يأتي في الثانية بالتسع.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 429

المسألة 506

إذا نوى أن يأتي بالقراءة في الركعة، فله ان يعدل عن القراءة إلى التسبيح قبل الشروع فيها، و كذلك العكس، و إذا شرع في القراءة أو في التسبيح بعد القصد إليه، فالأحوط ان لا يعدل عنه الى الآخر.

المسألة 507

إذا نوى أن يقرأ الحمد فسبق لسانه الى التسبيح من غير قصد، فالأقوى عدم الاجتزاء به، فعليه أن يقرأ الحمد، أو يعيد التسبيح بعد العدول بالنية اليه، و كذلك إذا قصد التسبيح فسبق لسانه إلى القراءة.

المسألة 508

إذا شرع في الفاتحة أو في التسبيح من غير قصد تفصيلي، فإن كان قاصدا لأحدهما على نحو الاجمال كفاه ذلك و صحت صلاته، و ان كان غافلا بحيث لا يدري ماذا يفعل لم يجزه ذلك، و عليه أن يختار أحدهما و يأتي به.

المسألة 509

إذا اعتقد المصلي انه في الركعة الأولى أو الثانية من صلاته فقرأ الحمد ثم تذكر بعد إتمامها انه في الثالثة أو الرابعة، فإن قصد بقراءته الحمد امتثال الأمر الواقعي المتوجه اليه كانت صلاته صحيحة و لم تجب عليه إعادة القراءة أو التسبيح إذا كان قبل الركوع، و إذا قصد بقراءته امتثال الأمر في الركعة الأولى أو الثانية على نحو التقييد بطلت صلاته.

و كذلك الحكم إذا اعتقد انه في الركعتين الأخيرتين، فاختار القراءة ثم تذكر انه في الأولتين فإن قصد بالقراءة امتثال الأمر المتوجه اليه بها صحت صلاته و لم يعد القراءة، و إذا قصد امتثال الأمر المتوجه إليه في الأخيرتين على وجه التقييد بطلت صلاته.

المسألة 510

إذا اعتقد انه في الأخيرتين من صلاته فقرأ التسبيحات ثم تذكر انه

كلمة التقوى، ج 1، ص: 430

في الأولتين فإن تذكر ذلك قبل الركوع وجب عليه ان يقرأ الحمد و السورة و يتم صلاته و لا شي ء عليه، و إذا تذكر ذلك بعد الركوع مضى في صلاته و لا شي ء عليه كذلك و الأحوط استحبابا ان يسجد للسهو في الصورتين.

المسألة 511

إذا نسي القراءة و التسبيح في الأخيرتين حتى هوى للركوع، فان تذكر قبل أن يصل الى حد الركوع وجب عليه أن يعود الى القيام و يأتي بالقراءة أو التسبيح و يتم صلاته، و ان تذكر بعد ان وصل الى حد الركوع مضى في صلاته، و الأحوط استحبابا أن يسجد للسهو للنقيصة و ان كان الأقوى عدم وجوب ذلك.

المسألة 512

يجوز للمكلف أن يزيد على المقدار الواجب من التسبيح و يأتي به بقصد الذكر المطلق، و لا يجوز ذلك إذا كان بقصد الورود.

المسألة 513

إذا شك في انه أتى بالتسبيح أو القراءة بعد ما هوى إلى الركوع لم يعتن بشكه و ان لم يصل بعد الى حد الركوع.

و إذا شك في صحتهما بعد ما فرغ منهما، بنى على الصحة، و قد ذكرنا هذا في المسألة الأربعمائة و الثالثة و الثمانين.

الفصل الحادي و العشرون في الركوع

المسألة 514

يجب في كل ركعة من الصلاة ركوع واحد، سواء كانت الصلاة فريضة أم نافلة و تستثنى من ذلك صلاة الآيات، فتجب في كل ركعة منها خمسة ركوعات على ما يأتي بيانه في فصل صلاة الآيات، و صلاة الأموات، فلا ركوع فيها و لا سجود كما تقدم في فصل صلاة الأموات من كتاب الطهارة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 431

و الركوع ركن من أركان الصلاة، فإذا تركه المصلي عامدا أو ساهيا بطلت صلاته و كذلك إذا زاده عمدا أو سهوا، و تستثنى من ذلك زيادته في صلاة الجماعة للمتابعة على ما سيأتي تفصيله في مبحث صلاة الجماعة.

المسألة 515

الركوع هو الانحناء الى الامام بمقدار يصل مجموع أصابع اليد و منها الإبهام إلى الركبتين بحيث يمكن للمصلي أن يضع أطراف أصابعه كلها على ركبتيه إذا أراد، فيجب على المكلف أن ينحني في صلاته بالمقدار المذكور، و لا يكفيه الانحناء أقل من ذلك، و يجب ان يكون انحناؤه بقصد الخضوع للّه، و الأحوط استحبابا ان يكون بمقدار تصل راحتاه الى الركبتين، و لا يكفي أن ينحني الى أحد جانبيه أو يرفع ركبتيه و ينزل عجيزته حتى تصل كفاه الى ركبتيه، و إذا كان المكلف غير مستوي الخلقة في طول يديه أو طول ساقية أو قصر اليدين، أو الساقين وجب عليه ان ينحني بمقدار ما ينحني مستوي الخلقة.

المسألة 516

يجب في الركوع الذكر، و الأحوط للمكلف ان يختار التسبيح، و يتخير بين أن يأتي بتسبيحة واحدة كبرى، و هي: سبحان ربي العظيم و بحمده، أو ثلاث صغريات، و هي: سبحان اللّه سبحان اللّه سبحان اللّه، و يكفيه غير ذلك من الذكر، كالتكبير و التهليل و التحميد، و إذا أتى بشي ء من ذلك فلا بد و أن يكون بقدر ثلاث تسبيحات صغريات أو أكثر، فيقول مثلا سبحان اللّه و الحمد للّه و اللّه أكبر، أو الحمد للّه ثلاثا.

المسألة 517

تجب الطمأنينة في الركوع حتى يتم الذكر الواجب، فإذا تركها عامدا بطلت صلاته و الأحوط لزومها في الذكر المندوب، و إذا تركها فيه عامدا أثم و لم تبطل صلاته على الظاهر، و لا تجب الطمأنينة في ما يأتي به بقصد الذكر المطلق.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 432

المسألة 518

يجب رفع الرأس بعد الفراغ منه حتى ينتصب قائما، فإذا ترك القيام بعد الركوع عامدا و سجد بطلت صلاته.

المسألة 519

تجب الطمأنينة في القيام بعد الركوع، فإذا تركها عامدا بطلت صلاته.

المسألة 520

لا يجب وضع اليدين على الركبتين في الركوع، فإذا تركه عامدا لم تبطل صلاته و ان كان الأحوط استحبابا عدم تركه.

المسألة 521

إذا عجز عن الانحناء التام بنفسه و احتاج الى الاعتماد على شي ء وجب عليه أن يعتمد و ينحني بالمقدار الواجب، فإذا هو لم يستطع ذلك حتى مع الاعتماد اتى بالقدر الممكن من الانحناء و هو قائم، و لا يصح له مع ذلك أن يركع و هو جالس، و ان أمكنه و هو جالس أن يأتي بالركوع التام.

فإذا عجز عن الانحناء أصلا و هو قائم وجب عليه أن يصلي قائما مع الركوع جالسا و يتم صلاته كذلك، ثم يعيد الصلاة قائما مع الإيماء في حال القيام الى الركوع، و عليه أن يغمض عينيه في حال الإيماء إلى الركوع على الأحوط.

و ان لم يمكنه الانحناء حتى جالسا و معتمدا، صلى قائما و أومأ للركوع برأسه، و ضم اليه تغميض العينين على الأحوط.

و إذا عجز عن الإيماء غمض عينيه و جعل ذلك ركوعا ثم فتح عينيه و جعل ذلك رفعا من الركوع و أتى بالذكر الواجب في حال الإيماء أو في حال غمض العينين.

المسألة 522

إذا أتى بالركوع جالسا أو موميا له و هو قائم أو منحنيا بالانحناء

كلمة التقوى، ج 1، ص: 433

غير التام، ثم استطاع الركوع من قيام بعد رفع الرأس من ركوعه، فان كان الوقت ضيقا وجب عليه أن يتم صلاته و لم تجب عليه اعادة ركوعه، بل لم يجز له ذلك، و الأحوط له القيام للهوي منه الى السجود، و يأتي به برجاء المطلوبية، و إذا كان الوقت واسعا وجبت عليه إعادة الصلاة.

المسألة 523

حد الركوع في حال الجلوس هو أن ينحني الجالس بمقدار انحنائه في حال قيامه، و أدنى مراتب الركوع في الجلوس هو أدنى مراتبه في القيام، و أفضله في حال الجلوس هو أفضله في حال القيام و هو أن ينحني حتى يتساوى ظهره و يمد عنقه و ان لم يساو مسجده كما في حال القيام.

المسألة 524

الركوع بجميع مراتبه التي تقدم بيانها ركن من أركان الصلاة، فإذا زاده في الصلاة أو نقصه عمدا أو سهوا بطلت صلاته، سواء كان ركوعه بالانحناء غير التام أم بالإيماء و غمض العينين، أم كان حكمه الركوع من جلوس.

المسألة 525

يجب أن يكون الانحناء بقصد الركوع، و يكفى القصد الإجمالي الحاصل من استمرار النية في ابتداء الصلاة، فإذا انحنى المصلي ليتناول من الأرض شيئا، أو ليضع عليها شيئا أو نحو ذلك لم يكن ذلك ركوعا و لم تبطل به الصلاة، فإذا رفع رأسه بعد انحنائه و أتم قراءته أو تسبيحه أو قنوته ركع، و إذا كان قد أتمها قبل انحنائه وجب عليه أن ينتصب ثم يركع ليحصل القيام المتصل بالركوع.

المسألة 526

إذا هوى المصلي إلى السجود و تذكر قبل ان يضع جبهته على الأرض انه لم يركع، وجب عليه أن ينتصب قائما ثم يركع و يتم صلاته، و إذا قام منحنيا حتى ركع من غير أن ينتصب بطلت صلاته.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 434

و كذلك الحكم إذا تذكر و هو في السجدة الأولى انه لم يركع أو بعد أن أتم السجدة الأولى و رفع رأسه منها، فيجب عليه أن يقوم منتصبا ثم يركع عن قيام و يتم صلاته، و إذا تذكر ذلك بعد أن دخل في السجدة الثانية بطلت صلاته.

المسألة 527

إذا هوى المصلي من قيامه بقصد الركوع ثم نسيه في أثناء الهوي و نزل الى السجود، فهنا صور تجب مراعاتها.

(الصورة الأولى): أن يطرأ له النسيان قبل أن يصل في انحنائه إلى حد الركوع، و حكمه في هذه الصورة أن ينتصب قائما ثم يركع بعد القيام و يتم صلاته.

(الصورة الثانية): ان يحصل له نسيان الركوع بعد أن يصل الى حده، ثم يهوي بنية السجود و لكنه حين تذكر لم يخرج بعد عن حد الركوع، فيجب عليه أن يبقى في حد الركوع و يطمئن في ركوعه و يأتي بالذكر الواجب، ثم يرفع رأسه و يتم صلاته.

(الصورة الثالثة): أن يصل الى حد الركوع و هو بنية الركوع، ثم ينسى بعد ذلك و يهوي حتى يخرج عن حد الركوع، سواء دخل في السجدة أم لم يدخل، و في هذه الصورة يكون قد حصل منه الركوع آنا ما، و لكنه نسي الطمأنينة و الذكر في الركوع، فيجب عليه ان ينتصب قائما بقصد الرفع من ركوعه ثم يسجد و يتم صلاته.

(الصورة الرابعة): أن يحدث له نسيان الركوع عند وصوله الى الحد، و

معنى ذلك ان الركوع لم يتحقق منه، فيجب عليه ان ينتصب قائما ثم يركع بعد قيامه و يتم ركوعه و صلاته، و لا اعادة عليه في جميع هذه الصور، و لكن الاحتياط حسن على كل حال.

المسألة 528

الأحوط ان انحناء المرأة في الركوع كانحناء الرجل فيه، فالواجب منه أن يكون بمقدار تصل أطراف أصابعها الى ركبتيها، و لكن المرأة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 435

لا تزيد على ذلك، بخلاف الرجل فإنه تستحب له الزيادة فيه حتى يتساوى ظهره كما سيأتي.

المسألة 529

الواجب في ذكر الركوع أن يأتي بتسبيحة واحدة كبرى مرة واحدة، أو بثلاث تسبيحات صغريات، أو بمقدارهن من مطلق الذكر على ما تقدم في المسألة الخمسمائة و السادسة عشرة و يستحب أن يأتي بالكبرى ثلاثا، و يستحب التثليث في مطلق الذكر بأن يأتي بالمقدار الواجب منه ثلاث مرات، و تستحب اطالة الذكر بالزيادة على ذلك، و في صحيح ابان بن تغلب: دخلت على أبي عبد اللّه (ع) و هو يصلي، فعددت له في الركوع و السجود ستين تسبيحة.

المسألة 530

لا يجب عليه إذا كرر التسبيح في الركوع و السجود أن يقصد الوجوب في الأول أو غيره و الاستحباب في الباقي.

المسألة 531

لا يجوز للمكلف أن يشرع في الذكر الواجب حتى يصل الى حد الركوع و حتى يطمئن و يستقر في ركوعه، و إذا أتى بالذكر أو بشي ء منه قبل ذلك كان باطلا، و إذا كان متعمدا في ذلك بطلت صلاته، و إذا كان ساهيا وجبت عليه اعادة الذكر مع الطمأنينة و الاستقرار، و إذا كان ساهيا و لم يتذكر الا بعد رفع رأسه من الركوع فلا شي ء عليه.

و كذلك الحكم إذا نهض من الركوع قبل إتمام الذكر، بحيث أتمه في حال نهوضه، فتكون صلاته باطلة مع تعمد ذلك، و إذا كان ساهيا و لم يخرج في نهوضه عن حد الركوع وجب عليه العود الى الركوع و اعادة الذكر مع الطمأنينة و الاستقرار، و إذا لم يلتفت حتى رفع رأسه و خرج عن حد الركوع فلا شي ء عليه.

المسألة 532

إذا كان لا يستطيع الاستقرار حال الركوع بمقدار أداء الذكر لمرض

كلمة التقوى، ج 1، ص: 436

أو ضعف أو نحوهما، جاز له أن يأتي بالذكر من غير استقرار، و لكن يجب أن يأتي بالذكر و هو في حد الركوع، و إذا لم يستطع المكث في حد الركوع مدة الذكر جاز له أن يبدأ بالذكر قبل وصوله الى حد الركوع، أو يبدأ به في حال الركوع و يتمه في حال النهوض.

المسألة 533

إذا ترك الطمأنينة في ركوعه ساهيا و لم يلتفت حتى انتصب قائما، فالظاهر صحة صلاته، و الأحوط استحبابا أن يعيد الصلاة.

المسألة 534

يجوز أن يأتي في ركوعه و سجوده بتسبيحة كبرى و تسبيحة صغرى، و بتسبيحة كبرى و ثلاث صغريات، و بتسبيحة كبرى أو صغرى و غيرهما من مطلق الذكر بحيث يفي بالمقدار الواجب من الذكر أو يزيد.

المسألة 535

يجوز له أن يعدل من احدى التسبيحات إلى الأخرى أو الى مطلق الذكر، و ان كان بعد الشروع فيه، كأن يقول: سبحان بقصد الصغرى ثم يقول متصلا بها: ربي العظيم و بحمده، فتكون واحدة كبرى، و بالعكس، فيقول سبحان بقصد الكبرى ثم يتمها ثلاث صغريات أو يقول سبحان اللّه بقصد ثلاث صغريات فيتمها بقوله و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه.

المسألة 536

لا بد في الذكر من أداء الحروف من مخارجها، و المحافظة على حركات الكلمات و حركات الحروف و سكناتها و على الموالاة بين الحروف و بين الكلمات كما يقتضيه النطق على النهج العربي الصحيح.

المسألة 537

يجوز له في كلمة (ربي العظيم) أن يظهر ياء المتكلم من ربي و يجوز له ان يحذفها و يبقى الكسرة في الباء دليلا عليها، و إذا أظهر ياء المتكلم فالأحوط أن يحركها بالفتح.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 437

المسألة 538

إذا تحرك المصلي مضطرا أو مقهورا في حال الركوع حتى خرج عن الاستقرار وجب عليه أن يترك الذكر الواجب في تلك الحال حتى يستقر، و إذا أتى بالذكر عامدا قبل الاستقرار و الطمأنينة بطلت صلاته، و إذا أتى به في تلك الحال ساهيا أو مقهورا فالأحوط إعادته بعد ان يستقر، و يأتي به بقصد الاحتياط و القربة.

المسألة 539

لا تضر الحركة اليسيرة التي لا تنافي الاستقرار و الطمأنينة عرفا، و لا تضر حركات أصابع اليد أو أصابع الرجل.

المسألة 540

إذا انحنى المصلي حتى بلغ أول حد الركوع و أتى بالذكر الواجب مطمئنا، ثم ازداد انحناء حتى ساوى ظهره أو زاد عليه لم يضره ذلك، سواء أتي بذكر مندوب أم لا، و لا يكون ذلك من زيادة الركوع، و كذلك العكس، كما إذا انحنى حتى ساوى ظهره و أتى بالذكر الواجب ثم رجع الى أول حد الركوع و أطال الذكر.

و إذا انحنى بمقدار الركوع و أتى بالذكر، ثم ارتفع قليلا حتى خرج عن حد الركوع عرفا ثم رجع الى حد الركوع فالأحوط إعادة الصلاة.

المسألة 541

إذا شك في أن لفظ العظيم بالظاء، أو بالضاد، لم يجز له أن يأتي بالذكر على الوجهين، و الأحوط له أن يترك التسبيحة الكبرى و يأتي بثلاث صغريات أو بمطلق الذكر.

و يجوز له أن يختار أحد الوجهين فيأتي به متقربا لاحتمال انه هو المطلوب، ثم يفحص بعد فراغه من الصلاة فإذا تبين له أن ما أتى به مطابق للواقع صحت صلاته، و إذا ظهر انه غلط أعاد الصلاة، و قد تقدم نظيره في القراءة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 438

المسألة 542

يستحب للمصلي أن يكبر للركوع و هو منتصب قبل أن يهوي له، و قد ذكرنا في المسألة الأربعمائة و السادسة عشرة أن موضع التكبير المستحب هو حال الانتصاب قبل الركوع أو السجود أو بعد السجود، فإذا أتى به في حال الهوي أو حال النهوض فقد أتى به في غير محله و لا يجوز تعمد ذلك، و لا تبطل به الصلاة، فإذا شاء التكبير في حال الهوي أو حال النهوض فليكن بقصد مطلق الذكر لا بقصد التكبير للركوع أو السجود.

المسألة 543

يستحب له أن يرفع اليدين بالتكبير، و قد تقدم بيانه في فصل تكبيرة الإحرام.

المسألة 544

يستحب له أن يضع كفيه على ركبتيه مفرجتي الأصابع، و يمكنهما من عيني الركبتين و أن يضع اليد اليمنى على الركبة اليمنى أولا، ثم يضع اليد اليسرى على الركبة اليسرى، و ان تضع المرأة يديها على فخذيها فوق ركبتيها.

المسألة 545

يستحب له أن يرد ركبتيه الى خلفه و أن يسوي ظهره في ركوعه بحيث لو صبت عليه قطرة ماء لاستقرت في مكانها، و أن يمد عنقه و يجنح بمرفقيه و يكون نظره بين قدميه.

المسألة 546

يستحب أن يقول قبل الذكر الواجب: (اللهم لك ركعت و لك أسلمت و بك آمنت، و عليك توكلت و أنت ربي، خشع لك قلبي و سمعي و بصري و شعري و بشري و لحمي و دمي و مخي و عصبي و عظامي و ما أقلته قدماي غير مستنكف و لا مستكبر و لا مستحسر)، و أن يكرر التسبيح ثلاثا أو خمسا أو سبعا، و قد تقدم استحباب اطالة الذكر،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 439

و قد ذكر المشهور استحباب الختم على الوتر، و يستحب ان يصلي على محمد و آله بعد الذكر أو قبله.

المسألة 547

يستحب أن يقول بعد قيامه من الركوع و انتصابه: سمع اللّه لمن حمده، و أن يقول الحمد للّه رب العالمين، و يقول: الحمد للّه رب العالمين أهل الجبروت و الكبرياء و العظمة، الحمد للّه رب العالمين و أن يجهر بها صوته، و أن يرفع يديه إذا رفع رأسه من الركوع.

المسألة 548

يكره للمصلي أن يطأطئ رأسه في ركوعه بحيث يكون أخفض من جسده، أو يرفع رأسه بحيث يكون أعلى من جسده.

المسألة 549

تقدم انه يستحب للراكع أن يجنح بيديه، و لذلك فلا ينبغي له أن يضم يديه الى جنبيه، و قد مر أيضا انه يستحب له أن يضع كفيه على ركبتيه، فلا ينبغي له أن يضع احدى الكفين على الأخرى و يدخلهما بين الركبتين.

المسألة 550

ورد في بعض النصوص لا قراءة في ركوع و لا سجود، انما فيهما المدحة للّه عز و جل ثم المسألة، فينبغي ترك قراءة القرآن في الركوع.

المسألة 551

يكره للمصلي أن يدخل يديه تحت ثيابه و يلاصق بهما جسده، و ظاهر الحديث عدم اختصاص الكراهة بحال الركوع بل تشمل جميع أحوال الصلاة.

المسألة 552

ما ذكرناه في أحكام الركوع من واجبات و مستحبات و مكروهات و غيرها لا يختص بركوع الفريضة و لا اليومية، بل هو شامل لمطلق

كلمة التقوى، ج 1، ص: 440

الصلاة الفريضة و غيرها، و اليومية و غيرها، و الراتبة و غيرها، و في بطلان النافلة بزيادة الركوع و مطلق الركن سهوا أشكال، فلا يترك الاحتياط فيها.

الفصل الثاني و العشرون في سجود الصلاة

المسألة 553

تجب على المكلف في كل ركعة من الصلاة سجدتان، سواء كانت الصلاة فريضة أم نافلة، و تستثنى من ذلك صلاة الأموات، فلا سجود فيها و لا ركوع و قد تقدم ذكرها، و السجود الواجب هو وضع الجبهة على الأرض أو ما يقوم مقامها بقصد التذلل و الخضوع للّه سبحانه، و على هذا تدور زيادة السجدة أو السجدتين و نقصهما، و تترتب الأحكام الآتي ذكرها.

المسألة 554

السجدتان في الركعة الواحدة ركن من أركان الصلاة، فإذا تركهما المصلي معا بطلت صلاته، سواء كان عامدا في ذلك أم ساهيا، و إذا زاد سجدتين في ركعة واحدة و كان عامدا بطلت صلاته كذلك، و يشكل الحكم إذا زادهما سهوا، فلا يترك الاحتياط بأن يتم الصلاة ثم يعيدها.

و تبطل الصلاة بنقصان سجدة واحدة و بزيادتها إذا كان عامدا في فعله، و لا تبطل بنقصان السجدة الواحدة و لا بزيادتها إذا كان ساهيا.

المسألة 555

تجب في السجود عدة أمور:

(الأول): وضع المساجد السبعة على الأرض على النحو الذي يأتي تفصيله في المسائل الآتية، و المساجد السبعة هي الجبهة، و الكفان، و الركبتان، و إبهاما الرجلين، و قد ذكرنا أن تحقق موضوع السجود يدور مدار وضع الجبهة، و به تحصل الزيادة و النقصان في السجود، فإذا هوى إلى الأرض و وضع مساجده عليها ما عدا الجبهة لم يصدق

كلمة التقوى، ج 1، ص: 441

السجود، و إذا كانت في غير موضعها لم تتحقق الزيادة و إذا وضع جبهته على الأرض و لم يضع عليها سائر مساجده صدق السجود، و حصلت الزيادة إذا كانت السجدة ثالثة أو كان السجود في غير موضعه.

المسألة 556

الثاني من واجبات السجود الذكر، و الأحوط أن يختار التسبيح كما تقدم في الركوع، و يتخير بين أن يأتي بتسبيحة واحدة كبرى، و هي سبحان ربي الأعلى و بحمده، أو بثلاث صغريات و هي: سبحان اللّه سبحان اللّه سبحان اللّه، و يكفيه مطلق الذكر إذا كان بقدر ثلاث تسبيحات صغريات كما ذكرناه في الركوع، فلتراجع المسألة الخمسمائة و السادسة عشرة.

المسألة 557

الثالث من واجبات السجود: الطمأنينة فيه بمقدار ما يأتي بالذكر الواجب، فتبطل الصلاة بتركها عامدا، و تلزم على الأحوط في الذكر المندوب، و إذا تركها فيه عامدا أثم و لم تبطل صلاته.

و إذا أتى بالذكر الواجب عامدا قبل حصول الطمأنينة بطلت صلاته، و إذا أتى به كذلك ساهيا بطل الذكر و لم تبطل الصلاة فتجب عليه اعادة الذكر مع الطمأنينة، و إذا لم يتذكر حتى رفع رأسه من السجود فلا شي ء عليه.

و كذلك الحكم إذا ترك الطمأنينة قبل أن يتم الذكر، فتبطل صلاته مع العمد، و تصح صلاته إذا كان ساهيا و لم يتذكر الا بعد رفع رأسه من السجود، و إذا تذكر قبل أن يرفع رأسه أعاد الذكر مع الطمأنينة.

المسألة 558

الرابع من واجبات السجود: رفع الرأس منه، ثم الجلوس بعده و الطمأنينة في الجلوس.

المسألة 559

الخامس: الانحناء للسجدة الثانية حتى يضع مساجده السبعة على الأرض كما فعل في السجدة الأولى.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 442

المسألة 560

السادس: أن تبقى المساجد في مواضعها حتى يتم الذكر في كل واحدة من السجدتين فإذا رفع بعض المساجد حال الذكر أو في أثنائه و كان عامدا بطلت صلاته، و إذا رفع ما عدا الجبهة من المساجد ساهيا و تذكر قبل رفع رأسه وجب عليه أن يضع المساجد في مواضعها و يعيد الذكر، و إذا رفع جبهته فقد فات موضع التدارك، فعليه أن يتم صلاته و لا شي ء عليه و إذا وضع جبهته ليتدارك الذكر بطلت صلاته.

و لا مانع من أن يرفع غير الجبهة من مساجده السبعة عن الأرض في غير حال الذكر و ان كان عامدا، فإذا أراد أن يشرع في الذكر وضعها في مواضعها الى أن يتم الذكر.

المسألة 561

السابع أن يكون موضع جبهة المصلي في سجوده مساويا لموقفه أو يكون أرفع منه أو اخفض بما لا يزيد على أربع أصابع مضمومة، و هذا إذا كانت الأرض مستوية، و يغتفر التفاوت بينهما إذا كانت الأرض منحدرة انحدارا تدريجيا من موضع السجود الى موقف المصلي أو بالعكس، و ان زاد على المقدار المذكور.

و لا يضر أن يرتفع بعض المساجد الأخرى غير الجبهة على موقف المصلي أو ينخفض عنه بأكثر من ذلك و ان كانت الأرض مستوية ما لم يخرج به السجود عن مسماه عرفا، و لا يضر أن يرتفع بعض المساجد على بعض أو ينخفض عنه حتى الجبهة إلا إذا خرج عن مسمى السجود.

المسألة 562

الثامن: أن يضع المصلي جبهته على الأرض أو على ما تنبته، بشرط أن لا يكون مما يأكله الإنسان أو يلبسه عادة، و قد تقدم بيان ذلك في الفصل العاشر من هذا الكتاب.

المسألة 563

التاسع: أن يكون موضع الجبهة في السجود طاهرا من النجاسة و المتنجس

كلمة التقوى، ج 1، ص: 443

و من أي شي ء حكم الشارع بأن له حكم النجاسة كالرطوبة التي تخرج بعد البول أو بعد المني و قبل الاستبراء منهما، و كأحد أطراف الشبهة المحصورة للنجاسة المعلومة بالإجمال، و ليراجع أول الفصل العاشر من كتاب الطهارة و المسألة المائة و السابعة و الخمسين منه.

المسألة 564

العاشر: أن يأتي بالذكر على النهج العربي في الحروف و الكلمات و الحركات و السكنات و الموالاة بين الحروف و بين الكلمات على حد ما تقدم في ذكر الركوع و في القراءة.

المسألة 565

الجبهة هي الموضع المستوي ما بين الجبينين، و ما بين قصاص شعر الرأس و طرف الأنف الأعلى و الحاجبين، و يكفي أن يضع على الأرض منها ما يصدق بوضعه مسمى السجود و ان كان أقل من الدرهم، و لا يشترط أن يكون هذا المقدار متصلا أو مجتمعا، نعم يعتبر أن لا يكون متباعد الأجزاء فيكفي السجود على السبحة من الطين غير المطبوخ و على الحصى المتصل بعضها ببعض إذا وقع عليها من الجبهة ما يصدق به مسمى السجود.

المسألة 566

يعتبر في السجود أن تباشر الجبهة الشي ء الذي يسجد عليه، فإذا كان على الجبهة أو على الشي ء ما يمنع من ذلك لم يكف السجود عليه، حتى الوسخ إذا تراكم على التربة أو الشي ء الذي يسجد عليه، فأصبح حائلا دون وصول الجبهة إليه، فلا بد من إزالته إذا أراد السجود عليه و إذا كان قليلا لا يعد حائلا فلا مانع من السجود، و كذلك إذا كانت المواضع الخالية من الحائل متفرقة غير متباعدة نظير ما تقدم في السجود على الحصى فلا بأس بالسجود عليه.

و إذا تدلى الشعر على الجبهة فحال بينها و بين موضع السجود وجب رفع الشعر حتى يحصل القدر الواجب من السجود، و إذا سجد على

كلمة التقوى، ج 1، ص: 444

الطين فلصق بجبهته فلا بد من إزالته للسجدة الثانية، و لا يمنع التراب اليسير الذي لا يعد حائلا، و لا اللون الذي لا يكون جرما، و لا يعتبر في غير الجبهة من المساجد أن يباشر الأرض أو الشي ء الذي يسجد عليه.

المسألة 567

المسجد في الكفين هو باطنهما، فيجب وضعه في السجود مع القدرة و لا يكفي وضع ظاهرهما الا مع الضرورة، فيجزي وضعه حين ذاك، و إذا لم يمكنه وضع باطن الكفين و لا ظاهرهما كمن قطع كفه انتقل إلى الأقرب فالأقرب إلى الكف، كالمعصم و الزند و الذراع و المرفق و العضد، و الأحوط وضع جميع الكفين في السجود مع الاختيار و لا يكفي المسمى أو الأصابع، فضلا عن رؤوس الأصابع أو ضم أصابع الكف و السجود عليها.

المسألة 568

الركبة هي مجمع عظمي الساق و الفخذ، و المسجد من الركبتين هو ظاهرهما و يكفي وضع المسمى منه و لا يجب الاستيعاب، و لا يجزي السجود على أحد جانبي الركبة اختيارا و لا على باطنهما إذا أمكن ذلك.

المسألة 569

الأحوط أن يضع طرفي الإبهامين من الرجلين في السجود و لا يتعين ذلك، فله أن يسجد على أي جزء من الأنملة العليا من الإبهام و على ظاهر الإبهام و باطنه. و إذا قطع إبهام رجله سجد على ما بقي منه، فإذا استؤصل الإبهام كله سجد على سائر أصابعه، و إذا قطعت جميع أصابعه، سجد على موضع الإبهام من قدمه.

المسألة 570

الواجب في السجود على المساجد السبعة هو أن يضعها على المواضع بمقدار يصدق معه السجود و يحصل التمكن و الاستقرار، و هذا هو المقدار الواجب من الاعتماد على الأعضاء السبعة في السجود، و لا يجب

كلمة التقوى، ج 1، ص: 445

إلقاء ثقل البدن عليها، و ان كان الأحوط استحبابا ذلك، و لا تجب المساواة بين الأعضاء في الاعتماد، و يجوز له أن يشارك معها غيرها من الأعضاء كالذراع و أصابع القدمين.

المسألة 571

إذا سها المكلف فوضع جبهته على موضع مرتفع لا يصدق معه السجود عرفا لارتفاعه، فالأحوط له أن يرفع جبهته ثم يضعها على موضع يتحقق معه السجود و يصح عليه و لا يجر جبهته جرا.

و إذا وضعها على موضع مرتفع يصدق معه السجود عرفا، و لكنه لا يغتفر شرعا لأنه يزيد على أربع أصابع من موقفه، فالأحوط أن يجر جبهته جرا حتى يضعها على موضع يجوز السجود عليه، و لا يرفع جبهته ثم يضعها لاحتمال زيادة السجدة إذا رفعها، و إذا لم يمكنه جر جبهته، فالأحوط له أن يرفع رأسه و يأتي بالسجدة و يتم صلاته ثم يعيدها.

المسألة 572

إذا وضع جبهته ساهيا على موضع لا يصح السجود عليه وجب على الأحوط أن يجرها الى ما يصح السجود عليه و لا يرفعها ثم يضعها عليه لأنه يستلزم احتمال زيادة السجدة.

و إذا لم يتمكن من جر الجبهة رفع رأسه على الأحوط و أتى بالسجدة و أتم صلاته ثم أعادها، من غير فرق بين أن يلتفت في أثناء الذكر أو بعد إتمامه، و إذا لم يلتفت الى سهوه الا بعد رفع رأسه من السجود صحت صلاته و الأحوط استحبابا اعادتها.

المسألة 573

يجوز للمكلف إذا وضع جبهته على ما يصح السجود عليه أن يجرها الى موضع آخر أفضل من الأول مثلا أو أحوط، أو يكون السجود عليه أرفق بالمصلي، و لا يبتدئ بالذكر حتى تستقر الجبهة و تحصل الطمأنينة.

المسألة 574

إذا سجد المصلي فارتفعت جبهته عن الأرض قهرا ثم عادت، فعليه

كلمة التقوى، ج 1، ص: 446

أن يأتي بالذكر إذا لم يكن قد أتى به في المرأة الأولى، ثم يرفع رأسه، و يسجد للثانية و يتم صلاته ثم يعيدها على الأحوط و إذا ارتفعت جبهته قهرا و أمكنه أن يتحفظ عن وقوعها على الأرض مرة ثانية، رفع رأسه من السجدة و أتم الصلاة ثم أعادها على الأحوط.

المسألة 575

إذا حرك بعض مساجده عن موضعه في حال الذكر حركة تنافي الاستقرار في المسجد و كان عامدا فالأحوط إعادة الصلاة بعد إتمامها، و إذا كان ساهيا أعاد الذكر على الأحوط، و إذا تذكر بعد رفع رأسه من السجود فلا شي ء عليه، و لا فرق بين المساجد في ذلك حتى إبهام الرجل، و حتى أصابع الكف، و لا تضر الحركة القليلة و المسجد ثابت في موضعه.

المسألة 576

إذا كانت في جبهة المصلي قرحة أو نحوها تمنعه من السجود، فان كانت لا تستوعب الجبهة كلها وجب عليه السجود على الموضع السليم منها، و لو بأن يحفر حفيرة فيضع الموضع السليم من الجبهة على الأرض، و إذا استوعبت القروح الجبهة كلها سجد على جبينه الأيمن على الأحوط فان لم يقدر سجد على جبينه الأيسر، فان لم يستطع ذلك سجد على ذقنه، فان تعذر عليه وضع جزءا من وجهه على الأرض: الأنف أو الخد أو غيرهما، فان لم يقدر أومأ إلى السجود مع الانحناء الممكن، و وضع شيئا على جبهته أو وجهه مع الإمكان ليسجد عليه.

المسألة 577

إذا لم يستطع الانحناء للسجود وجب عليه أن ينحني بالمقدار الممكن له و يرفع ما يسجد عليه الى جبهته و وضع سائر المساجد في مواضعها.

و إذا لم يقدر على الانحناء مطلقا أومأ برأسه للسجود و رفع ما يسجد عليه الى جبهته و وضع سائر المساجد في مواضعها مع الإمكان، فان لم يقدر أومأ برأسه و غمض عينيه و رفع شيئا يضعه على جبهته فان لم يقدر كفاه الإيماء المجرد مع غمض العين.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 447

المسألة 578

إذا اقتضت التقية أن يسجد المكلف على الصوف أو القطن أو غيرهما مما لا يصح السجود عليه بحيث لا تتأدى التقية إلا بذلك، صح له السجود عليه و أجزأه، و لا يجب عليه التخلص منها بالذهاب الى مكان آخر و ان كان ممكنا.

و إذا وجد المندوحة في المكان نفسه بحيث أمكن له السجود في موضع منه مفروش بالحصى مثلا أو الحصر، أو البواري وجب عليه اختيار ذلك.

المسألة 579

إذا نسي سجدة واحدة أو نسي السجدتين معا و قام للركعة اللاحقة، و تذكر قبل الدخول في الركوع وجب عليه الرجوع فيأتي بالسجدة المنسية أو السجدتين و يتم صلاته، ثم يسجد للسهو للقيام الزائد إذا تلبس معه بقراءة أو تسبيح، و إذا لم يقرأ في قيامه و لم يسبح لم يجب عليه سجود السهو و ان كان الإتيان به أحوط.

و إذا نسي سجدة واحدة و تذكرها بعد الدخول في الركوع مضى في صلاته، فإذا أتمها قضى السجدة المنسية ثم سجد سجدتي السهو لنسيانها على الأحوط.

و إذا نسي السجدتين معا و تذكرهما بعد الدخول في الركوع بطلت الصلاة، و إذا نسي السجدة الواحدة، أو السجدتين من الركعة الأخيرة و تذكر بعد التسليم، ففيها تفصيل سنتعرض له في مبحث الخلل الواقع في الصلاة ان شاء اللّه تعالى.

المسألة 580

لا تصح الصلاة على الشي ء الذي لا تستقر المساجد عليه في السجود كالرمل الناعم و صبرة الطعام و بيدر التبن و كدس القطن المندوف، و التراب الذي لا تتمكن الجبهة أو المساجد عليه عند السجود، و إذا استقرت المساجد عليه بعد الوضع و التمكين صحت صلاته عليه، مع مراعاة شروط موضع الجبهة. و يجب ان يراعى حال الاستقرار

كلمة التقوى، ج 1، ص: 448

و الطمأنينة في سجوده و ذكره و سائر واجباته، فلا يبدأ بالذكر أو بالقراءة و غيرهما الا بعد الاستقرار، و قد تعرضنا لهذا في المسألة المائتين و الثانية، و المسألة المائتين و الثامنة و العشرين.

المسألة 581

يستحب التكبير للسجود حال الانتصاب سواء كان قائما أم قاعدا، و أن يرفع يديه بالتكبير و أن يسبق بيديه إلى الأرض في هويه الى السجود، و أن يستوعب جبهته بالسجود فيضعها كلها على ما يصح السجود عليه، و أن يصيب الأنف ما يصيب الجبهة. و يجتزأ بوضع أي جزء من الأنف على ما يصح السجود عليه، و أن يبسط كفيه و يضم أصابعهما بعضها الى بعض حتى الإبهام و يجعلهما حيال وجهه و أن ينظر في سجوده إلى أنفه، و أن يكون موضع جبهته مساويا لموقفه.

المسألة 582

يستحب أن يقول في سجوده قبل الشروع في الذكر: (اللهم لك سجدت و بك آمنت و لك أسلمت و عليك توكلت، و أنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه و شق سمعه و بصره، الحمد للّه رب العالمين تبارك اللّه أحسن الخالقين). و يستحب له أن يكرر التسبيحة الكبرى ثلاثا أو خمسا أو سبعا، و تستحب اطالة الذكر كما تقدم في الركوع و أن يصلي على محمد و آله قبل الذكر أو بعده.

المسألة 583

تقدم في المسألة المائتين و الحادية و الثلاثين أن أفضل ما يسجد عليه المكلف هو التربة الحسينية و ان السجود على الأرض أفضل من السجود على النبات و لعل السجود على تراب الأرض أفضل من السجود على الحجر.

المسألة 584

يستحب للإنسان أن يدعو في سجوده لحوائجه و حوائج اخوانه المؤمنين في الدنيا و الآخرة، و مما ورد عنهم (ع) في طلب الرزق أن يقول و هو ساجد: يا خير المسئولين و يا خير المعطين ارزقني و ارزق عيالي من فضلك فإنك ذو الفضل العظيم. و مما ورد عن أبي الحسن (ع) في

كلمة التقوى، ج 1، ص: 449

سجوده: يا من علا فلا شي ء فوقه و يا من دنا فلا شي ء دونه اغفر لي و لأصحابي. و لا يختص ذلك بالسجدة الأخيرة من الصلاة.

المسألة 585

يستحب أن يتورك بين السجدتين و بعدهما، و هو أن يجلس على جانبه الأيسر أو على ألييه، و يجعل ظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى، فإذا رفع رأسه من السجود و جلس كذلك و انتصب في جلوسه كبر للرفع من السجود و رفع يديه بالتكبير، ثم وضع يده اليمنى على فخذه الأيمن و يده اليسرى على فخذه الأيسر ثم قال استغفر اللّه ربي و أتوب إليه، ثم كبر و هو جالس للسجدة الثانية و رفع يديه في التكبير و هوى للسجدة الثانية.

المسألة 586

و مما ورد استحبابه أن يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لي و ارحمني و أجرني و ادفع عني و عافني إني لما أنزلت الي من خير فقير تبارك اللّه رب العالمين.

المسألة 587

يستحب أن يرفع بطنه و ذراعيه عن الأرض و ان يجنح بذراعيه و ان لا يضع شيئا من بدنه على شي ء منه و ان يباشر الأرض بكفيه، و ان يزيد في تمكين الجبهة و سائر المساجد في السجود و ان يكبر بعد الجلوس من السجدة الثانية و يرفع يديه بالتكبير.

المسألة 588

الأحوط أن يجلس بعد السجدة الثانية من الركعة الأولى و الركعة الثالثة من الرباعية، و هي جلسة الاستراحة، و ان يطمئن بها، و إذا نسيها فقام، رجع إليها على الأحوط ما لم يركع.

المسألة 589

يستحب أن يبسط يديه عند وضعهما على الأرض للنهوض و يعتمد عليهما، و لا يعجن بهما في الأرض و هو أن يعتمد عليهما و هما مقبوضتا

كلمة التقوى، ج 1، ص: 450

الأصابع، و يستحب أن يرفع ركبتيه من الأرض قبل يديه و أن يقول عند نهوضه: بحول اللّه و قوته أقوم و أقعد، أو يقول: اللهم بحولك و قوتك أقوم و أقعد و أركع و أسجد.

المسألة 590

يستحب للمرأة عند هويها الى السجود أن تضع ركبتيها قبل يديها على الأرض، و ان تقعد قبل السجود و أن تبسط ذراعيها و تلصق بطنها في الأرض حال سجودها و تضم أعضاءها بعضها الى بعض، و ان تجلس على أليتيها و تضم فخذيها و ترفع ركبتيها، و إذا نهضت انسلت انسلالا و لم ترفع عجيزتها.

المسألة 591

يكره للمصلي أن يقعي في جلوسه بين السجدتين و بعدهما، و الإقعاء هو أن يعتمد الجالس بصدر قدميه على الأرض و يجلس على عقبيه.

المسألة 592

يكره له أن ينفخ موضع سجوده، و إذا تولد من النفخ حرفان و صدق عليهما الكلام عرفا كان مبطلا مع تعمد ذلك، و لكن تحقق الفرض مشكل بل ممنوع، فان النفخ صوت يشبه الحروف و ليس منها، و كذلك التنحنح، و سيأتي التعرض لذلك في مبحث مبطلات الصلاة.

المسألة 593

ينبغي له ترك قراءة القرآن في سجوده، و قد تقدم نظير هذا في الركوع و يكره له أن لا يرفع يديه من الأرض بين السجدتين.

الفصل الثالث و العشرون في بقية أقسام السجود

المسألة 594

من السجود الواجب سجود السهو عند حصول أحد أسبابه، و سيأتي تفصيلها و بيان أحكامها في فصل سجود السهو من مباحث الخلل و الشك الواقعين في الصلاة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 451

المسألة 595

يجب السجود عند تلاوة احدى آيات السجود الأربع من سور العزائم، سواء قرأ الآية منفردة أم قرأها مع السورة أو بعض السورة.

و سور العزائم الأربع كما تقدم في فصل القراءة، هي سورة الم تنزيل، و سورة حم فصلت، و سورة النجم، و سورة العلق. و آيات السجود هي الآية الخامسة عشرة من الم تنزيل، عند قوله (وَ هُمْ لٰا يَسْتَكْبِرُونَ)، و الآية السابعة و الثلاثون من حم فصلت، عند قوله (تَعْبُدُونَ)، و الآية الثانية و الستون من سورة النجم عند قوله في آخر السورة (وَ اعْبُدُوا)، و الآية التاسعة عشرة من سورة العلق عند قوله في آخر السورة (وَ اقْتَرِبْ).

و كذا يجب السجود على من استمع الى قراءتها من قارئ آخر، بل و على من سمعها على الأحوط.

المسألة 596

يستحب السجود في أحد عشر موضعا من القرآن:

(1) عند قراءة الآية المائتين و السادسة من سورة الأعراف، (2) عند قراءة الآية الخامسة عشرة، من سورة الرعد، (3) عند قراءة الآيتين التاسعة و الأربعين و الخمسين من سورة النحل، (4) عند قراءة الآية المائة و التاسعة من سورة بني إسرائيل، (5) عند قراءة الآية الثامنة و الخمسين من سورة مريم، (6) عند قراءة الآية الثامنة عشرة من سورة الحج، (7) عند قراءة الآية السابعة و السبعين من السورة نفسها، (8) عند قراءة الآية الستين من سورة الفرقان، (9) عند قراءة الآيتين الخامسة و العشرين و السادسة و العشرين من سورة النمل، (10) عند قراءة الآية الرابعة و العشرين من سورة ص، (11) عند قراءة الآية الحادية و العشرين من سورة الانشقاق و كذا يستحب السجود لمن استمع الى قراءة هذه الآيات من قارئ آخر أو سمعها.

و يستحب السجود

عند قراءة كل آية من القرآن أمر فيها بالسجود، و عند استماعها أو سماعها.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 452

المسألة 597

لا يجب السجود على من كتب آية العزيمة أو رآها مكتوبة أو أخطرها في قلبه، و لم يتلفظ بها.

المسألة 598

يجب السجود على من قرأ الآية كلها أو استمع إليها أو سمعها، و لا يجب على من قرأ بعض الآية أو استمع اليه و ان كان هو لفظ السجود من الآية.

المسألة 599

إذا قرأ بعض الآية و سمع بعضها الآخر من قارئ آخر غيره وجب السجود عليه على الأحوط، و كذلك إذا سمع بعضها من قارئ و سمع باقيها من آخر إلا إذا انفصلت القراءتان عرفا.

المسألة 600

إذا قرأ آية العزيمة غلطا أو استمع إليها ممن قرأها غلطا، فالظاهر عدم وجوب السجود عليه و الأحوط استحبابا السجود.

المسألة 601

إذا قرأ آية السجدة مرارا أو استمع إليها مرارا، أو قرأها و استمع إليها وجب عليه السجود لكل مرة مع اختلاف الزمان، و كذلك إذا قرأها و استمع الى من يقرأها في وقت واحد، و هو الأحوط في ما إذا استمع إلى جماعة يقرءونها في وقت واحد.

المسألة 602

يجب السجود إذا سمع قراءة الآية و ان كان القاري صغيرا أو مجنونا، بل و ان كان القاري غافلا أو سمعها من آلة مسجلة الصوت، الا إذا قصد بها غير القرآن.

المسألة 603

يجب السجود فورا بعد قراءة الآية أو سماعها، و لا يسقط الوجوب

كلمة التقوى، ج 1، ص: 453

بالتأخير فإذا أخر السجود عامدا أثم و وجب عليه السجود فورا و هكذا، و إذا نسي السجدة أتى بها عند تذكره و ان طالت المدة.

المسألة 604

إذا قرأ آية السجود أو سمعها و هو ساجد في غير الصلاة، وجب عليه أن يرفع رأسه من سجوده ثم يسجد للتلاوة، و لا يكفيه أن يستمر في سجوده بقصدها، و لا يكفيه أن يجر جبهته الى مكان آخر بقصدها.

المسألة 605

إذا سمع آية السجدة و هو في صلاة الفريضة أومأ للسجود و أتم صلاته ثم سجد لها بعد الفراغ من الصلاة على الأحوط.

المسألة 606

لا يجب السجود على المكلف إذا سمع همهمة قارئ الآية و لم يميز نطقه بكلمات الآية و حروفها.

المسألة 607

لا يجري الحكم لترجمة الآية في لغة أخرى و ان كانت مطابقة، فلا يجب السجود لقراءة الترجمة أو سماع قراءتها، و لا يجب السجود لقراءة ما يرادف كلمات الآية في العربية و ان طابقت جميع مفرداتها.

المسألة 608

يكفي أن ينوي السجود قبل وضع الجبهة أو مقارنا له، و لا يجب أن تكون النية قبل الهوي للسجود.

المسألة 609

إذا وجب عليه سجود التلاوة مرارا، كفاه أن يسجد بقصد الامتثال، فإذا رفع رأسه من السجدة، سجد الثانية، و لا يجب عليه أن ينتصب من السجدة الأولى أو يرفع مساجده عن الأرض، و هكذا حتى يتم العدد الذي وجب عليه من السجود، و لا يكفيه أن يستمر في سجوده و ان تعددت منه النية و الذكر أو رفع غير الجبهة من المساجد.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 454

المسألة 610

يجب في سجود التلاوة السجود على المساجد السبعة كما في سجود الصلاة، و وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه، و أن يكون مسجد الجبهة مساويا لموضع قدمه أو يكون أرفع منه أو أخفض بما لا يزيد على أربع أصابع على الأحوط في جميع ذلك.

و تجب فيه النية و اباحة المكان و ان لا يكون لباسه مغصوبا إذا كان السجود يعد تصرفا فيه عرفا.

المسألة 611

ليس في سجود التلاوة تكبير افتتاح و لا تشهد بعده و لا تسليم، و لا يشترط فيه ستر العورة و لا طهارة البدن و الثياب من الخبث، و لا سائر صفات الساتر التي تعتبر في ثياب المصلي و لا يجب فيه الاستقبال و لا طهارة موضع الجبهة، و لا تشترط فيه الطهارة من الحدث، فيجب السجود على الجنب و الحائض و كل محدث بالحدث الأكبر أو الأصغر إذا تحقق لهم سبب الوجوب، و يستحب لهم في مواضع الاستحباب.

المسألة 612

الأحوط في سجود التلاوة أن يأتي ببعض صور الذكر المنصوصة و لو بما يقوله المصلي في سجود الصلاة.

و مما ورد فيه أن يقول: لا إله إلا اللّه حقا حقا، لا إله إلا اللّه ايمانا و تصديقا، لا إله إلا اللّه عبودية و رقا سجدت لك يا رب تعبدا ورقا، لا مستنكفا و لا مستكبرا بل أنا عبد ذليل خائف مستجير.

أو يقول: الهي آمنا بما كفروا و عرفنا منك ما أنكروا و أجبناك الى ما دعوا، الهي العفو العفو.

أو يقول: أعوذ برضاك من سخطك و بمعافاتك من عقوبتك، و أعوذ بك منك، لا احصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.

و يستحب التكبير لرفع الرأس منه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 455

المسألة 613

إذا وجب عليه السجود مرارا، و شك في عدد ما وجب عليه بين الأقل و الأكثر جاز له أن يكتفي بالأقل فلا يجب عليه أن يأتي بالأكثر و ان كان أحوط، و إذا علم العدد و شك في مقدار ما أتى به من السجود بنى على الأقل و وجب عليه أن يأتي بالباقي.

المسألة 614

السجود للّه سبحانه من أفضل العبادات التي يتقرب بها اليه، و في حديث الامام الصادق (ع) و الامام الرضا (ع): أقرب ما يكون العبد من اللّه تعالى و هو ساجد.

و من أهم ما يتأكد استحبابه من ذلك سجدة الشكر، فعن أبي عبد اللّه (ع) من سجد سجدة الشكر، لنعمة و هو متوضئ كتب اللّه له بها عشر صلوات، و محا عنه عشر خطايا عظام، و عنه (ع) السجود منتهى العبادة من بني آدم، و عن أبي جعفر (ع) أن أبي علي بن الحسين (ع) ما ذكر للّه عز و جل نعمة عليه الا سجد، و لا قرأ آية من كتاب اللّه عز و جل فيها سجود الا سجد، و لا فرغ من صلاة مفروضة إلا سجد، و لا وفق لإصلاح بين اثنين الا سجد، و كان أثر السجود في جميع مواضع سجوده فسمي السجاد لذلك، و في الحديث كانت لأبي الحسن موسى بن جعفر (ع) بضع عشرة سنة كل يوم سجدة بعد ابيضاض الشمس الى وقت الزوال.

المسألة 615

يستحب في سجود الشكر بسط الذراعين و إلصاق الصدر و البطن بالأرض، و أدنى ما يجزي فيه من القول: أن يقول شكرا للّه شكرا للّه شكرا للّه. و مما ورد فيه أن يقول شكرا شكرا مائة مرة، أو يقول عفوا عفوا مائة مرة، أو يقول حمدا للّه مائة مرة، و له أن يقتصر على سجدة واحدة، و يستحب أن يأتي بسجدتين يفصل بينهما بتعفير الخدين أو الجبينين على الأرض، فيعفر الأيمن أولا، ثم الأيسر، ثم يسجد الثانية، و تستحب اطالة السجود.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 456

المسألة 616

يستحب أن يقول الإنسان في سجوده ما روي عن الرسول (ص):

سجد لك سوادي و آمن بك فؤادي، رب هذه يداي و ما جنيت على نفسي، يا عظيما يرجى لكل عظيم اغفر لي الذنوب العظيمة، و قال (ص) ان جبرئيل (ع) علمه ذلك، و قال (ص) من قالها في سجوده لم يرفع رأسه حتى يغفر له.

و ما ورد عن أمير المؤمنين (ع) انه كان يقول في سجوده: أناجيك يا سيدي كما يناجي العبد الذليل مولاه، و أطلب إليك طلب من يعلم أنك تعطي و لا ينقص مما عندك شي ء، و أستغفرك استغفار من يعلم انه لا يغفر الذنوب إلا أنت، و أتوكل عليك توكل من يعلم انك على كل شي ء قدير.

المسألة 617

من أدعية السجود ما ورد عن الامام زين العابدين (ع) انه كان يقول في سجدة الشكر: الحمد للّه شكرا، مائة مرة، و كلما قاله عشر مرات قال شكرا للحبيب، ثم يقول يا ذا المن الذي لا ينقطع أبدا و لا يحصيه غيره عددا و يا ذا المعروف الذي لا ينفد أبدا يا كريم يا كريم يا كريم ثم يدعو و يتضرع و يذكر حاجته، ثم يقول اللهم لك الحمد أن أطعتك و لك الحجة ان عصيتك لا صنع لي و لا لغيري في إحسان منك الي في حال الحسنة يا كريم يا كريم صل على محمد و أهل بيته و صل بجميع ما سألتك و أسألك من في مشارق الأرض و مغاربها من المؤمنين و المؤمنات، و ابدأ بهم و ثن بي برحمتك، ثم يضع خده الأيمن على الأرض و يقول اللهم لا تسلبني ما أنعمت به علي من ولايتك و ولاية محمد و آله

عليه و عليهم السلام، ثم يضع خده الأيسر على الأرض، و يقول مثل ذلك، و مما ورد أن يقول بعد العود الى السجود مائة مرة شكرا شكرا.

المسألة 618

لا يعتبر في سجدة الشكر ما يعتبر في سجود الصلاة من الشرائط نعم الأحوط فيها أن يسجد على مساجده السبعة و ان يضع جبهته على ما يصح

كلمة التقوى، ج 1، ص: 457

السجود عليه و لا تكبير قبلها و لا بعدها، و يستحب له إذا رفع رأسه من السجدة أن يمسح موضع سجوده بيده ثم يمسح بها وجهه و ما نالته من بدنه، ففي الحديث انه أمان من كل سقم و داء و آفة و عاهة. و مما يتأكد استحبابه و المواظبة عليه السجود بعد أداء صلاة الفريضة أو صلاة النافلة شكرا للّه على توفيقه لأدائها و التقرب بامتثالها.

الفصل الرابع و العشرون في التشهد

المسألة 619

يجب في كل صلاة ثنائية تشهد واحد، و موضعه بعد رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الثانية، و يجب في كل صلاة ثلاثية أو رباعية تشهدان، التشهد الأول بعد إتمام الركعة الثانية من الصلاة كما تقدم، و التشهد الثاني بعد الركعة الأخيرة منها، و هو واجب و ليس بركن، فتبطل الصلاة إذا تركه عامدا، و لا تبطل إذا تركه ساهيا أو ناسيا، فإذا تذكره قبل أن يدخل في الركوع من الركعة اللاحقة وجب الرجوع اليه و الإتيان به و بما بعده حتى يتم الصلاة، و إذا تذكره بعد أن دخل في الركوع مضى في صلاته و قضى التشهد بعد أن يتمها و أتى بعد ذلك بسجدتي السهو.

المسألة 620

يجب في التشهد الإتيان بالشهادتين و الصلاة على محمد و آل محمد، و الأحوط أن يختار الصيغة المتعارفة عند المتشرعة من الشهادتين، فيقول: (أشهد ان لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله، اللهم صل على محمد و آل محمد).

و يجب فيه الجلوس بمقدار ما يأتي بذلك، و يجب أن يكون مطمئنا في جلوسه الفترة المذكورة و أن يأتي بالذكر مترتبا على النهج المتقدم، فيأتي بالشهادة الأولى ثم الشهادة الثانية، ثم الصلاة على محمد و آل محمد، و أن يوالي في نطقه بالفقرات و الكلمات كما يقتضيه النطق

كلمة التقوى، ج 1، ص: 458

الصحيح و أن يحافظ في تأدية الأذكار المذكورة على النهج العربي الصحيح في أداء الحروف و الكلمات، و حركاتها و سكناتها كما سبق في نظائره.

و لا يكفيه أن يبدل ألفاظ الشهادتين و الصلاة المتقدم ذكرها، أو يبدل شيئا منها بما يرادفها و ان كانت عربية صحيحة و

صريحة في معناها.

المسألة 621

لا تعتبر في الجلوس حال التشهد كيفية خاصة، فيجزيه أن يتربع في جلوسه، أو يتورك أو يثني رجليه تحته أو يجلس على أي كيفية يختارها، نعم يستحب له أن يكون متوركا في جلوسه، و لا يترك الاحتياط بترك الإقعاء و قد تقدم بيان معناهما في ما يستحب و ما يكره بين السجدتين.

المسألة 622

من لا يحسن الإتيان بذكر التشهد، يجزيه مع الإمكان أن يتابع غيره في اللفظ و لو بالتلقين كلمة كلمة، و من لا يمكنه ذلك يجب عليه التعلم، فإذا عجز عن التعلم أو ضاق الوقت عنه، أتى بما يتمكن منه و ترجم الباقي، و إذا لم يقدر على شي ء منه ترجم الجميع، فان لم يستطع، كفاه أن يأتي بالتحميد بقدر التشهد، و ان لم يحسنه كفاه سائر الأذكار فيأتي منها بقدر التشهد.

المسألة 623

يستحب للرجل أن يتورك في جلوسه حال التشهد كما تقدم، و قد سبق أيضا بيان كيفية جلوس المرأة في المسألة الخمسمائة و التسعين، و يستحب للرجل أن يجعل يديه على فخذيه مضمومتي الأصابع و أن يكون نظره الى حجره، و أن يقول قبل الشهادتين: بسم اللّه و باللّه و الحمد للّه و خير الأسماء للّه، أو يبدل الفقرة الأخيرة بقوله و الأسماء الحسنى كلها للّه، ثم يأتي بالشهادتين كما مر، فإذا قال: اللهم صل على محمد و آل محمد، و كان في التشهد الأول قال و تقبل شفاعته و أرفع درجته،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 459

أو قال و تقبل شفاعته في أمته و ارفع درجته، ثم حمد اللّه مرتين أو ثلاثا، ثم قال بحول اللّه و قوته أقوم و أقعد، و قام للركعة الثالثة.

المسألة 624

يستحب أن يأتي في التشهد الأول و الثاني بما اشتملت عليه موثقة أبي بصير عن أبي عبد اللّه (ع) و هو ذكر طويل حذفناه للاختصار، و أشرنا إليه ليطلبه من يريده في الحديث الثاني من باب كيفية التشهد من كتاب وسائل الشيعة.

الفصل الخامس و العشرون في التسليم

المسألة 625

التسليم أحد واجبات الصلاة، و هو آخر أجزائها، فيشترط فيه جميع ما يشترط في الصلاة من طهارة و استقبال و ستر عورة، و غير ذلك، و به يخرج من الصلاة و تحل للمكلف جميع منافياتها، و هو واجب، و ليس بركن، فإذا تركه المصلي متعمدا بطلت صلاته، و إذا تركه ساهيا أو ناسيا، و تذكره قبل أن تفوت الموالاة، و قبل أن يأتي بما ينافي الصلاة عمدا و سهوا كالحدث الأصغر أو الأكبر، وجب عليه أن يأتي بالتسليم و لا شي ء عليه.

و إذا تركه ساهيا أو ناسيا أو اعتقد خروجه من الصلاة، و لم يتذكر حتى فاتت الموالاة، أو حصل منه ما ينافي الصلاة عمدا و سهوا، فعليه إعادة الصلاة على الأحوط بل لا تخلو من قوة.

و إذا تركه ساهيا أو ناسيا و تذكره بعد ان تكلم بحرفين أو أكثر أو بحرف واحد مفهم للمعنى على الأحوط وجب عليه أن يأتي بالتسليم و أن يأتي بعده بسجدتي السهو.

المسألة 626

للتسليم صيغتان، إحداهما: (السلام علينا و على عباد اللّه الصالحين) و الثانية (السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته)، و الواجب منه هو احدى

كلمة التقوى، ج 1، ص: 460

الصيغتين، فإذا أتي بالصيغة الأولى منهما خرج بها من الصلاة، و كانت الثانية مستحبة، و الأحوط عدم تركها، و إذا قدم الصيغة الثانية كانت هي الواجبة و خرج بها من الصلاة و لم يأت بالصيغة الأخرى.

المسألة 627

قول: السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته، ليس من صيغ التسليم، بل هو من التوابع المستحبة في التشهد أو في التسليم، فلا يخرج به من الصلاة و لا يضر بالصلاة تركه.

المسألة 628

يجزي في الصيغة الثانية من التسليم أن يقول: السلام عليكم، و الأحوط أن يضيف إليها قول و رحمة اللّه و بركاته.

المسألة 629

يجب في التسليم الموالاة بين كلماته و حروفه و الإتيان به على النهج العربي في الحركات و السكنات و مخارج الحروف كما تقدم في نظائره.

المسألة 630

التسليم مخرج من الصلاة و ان لم يقصد به الخروج منها، نعم إذا قصد مع التسليم عدم الخروج به من الصلاة، فالأحوط إعادة الصلاة.

المسألة 631

حكم التسليم كحكم الأذكار الواجبة في الصلاة، فإذا لم يحسنه المكلف كفاه أن يتابع به غيره و لو بالتلقين كلمة كلمة، فان لم يتهيأ له ذلك وجب عليه أن يتعلم، فان عجز أو ضاق الوقت عن التعلم كفته الترجمة، و الأخرس يخطر ألفاظ التسليم بقلبه و يشير إليها بيده أو بغيرها.

المسألة 632

يجب فيه الجلوس و الطمأنينة، و يكفي أن يجلس فيه على أية كيفية أراد، و يستحب فيه التورك و وضع اليدين على الفخذين و لا يترك الاحتياط بترك الإقعاء.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 461

المسألة 633

يكفي أن يقصد المصلي بألفاظ التسليم معانيها المرادة في الشريعة و ان لم يعلم بها على سبيل التفصيل، و هذا القصد الإجمالي يكفي في جميع ألفاظ الصلاة و أذكارها.

المسألة 634

إذا سلم المصلي أومأ في التسليم الأخير إلى يمينه بمؤخر عينيه أو بأنفه على وجه لا ينافي الاستقبال في الصلاة، و يأتي بذلك برجاء المطلوبية سواء كان إماما أم مأموما أم منفردا.

الفصل السادس و العشرون في الترتيب و الموالاة

المسألة 635

يجب الترتيب بين أفعال الصلاة على الوجه الذي تقدمت الإشارة إليه في الفصول السابقة، فيكبر للإحرام في أول الصلاة، ثم يقرأ الفاتحة و بعدها السورة، ثم يركع، ثم ينتصب من الركوع، ثم يسجد السجدتين، و يرفع رأسه من كل واحدة منهما حتى يجلس و يطمئن، و يأتي بكل ذكر و كل قول في موضعه المعين له، ثم يقوم بعد ذلك للركعة الثانية، و يأتي بأفعالها و أقوالها كذلك، و يقنت فيها بعد القراءة و قبل الركوع، و يتشهد بعد السجدتين، حتى يتم صلاته على هذا الترتيب، فإذا تشهد التشهد الأخير من الصلاة سلم.

و إذا خالف الترتيب عامدا فقدم ما هو متأخر وقع باطلا، و بطلت صلاته سواء كان ما قدمه قولا أم فعلا، سواء كان ركنا أم غيره.

المسألة 636

إذا خالف المصلي الترتيب ساهيا أو ناسيا، فهنا صور تجب مراعاتها لتطبيق أحكامها.

(الصورة الأولى): أن يقدم ركنا على ركن، و مثال ذلك أن يقدم

كلمة التقوى، ج 1، ص: 462

السجدتين معا في الركعة فيأتي بهما قبل الركوع منها، و الحكم فيها هو بطلان الصلاة.

(الصورة الثانية): أن يقدم ركنا على واجب غير ركن، و مثاله أن يأتي بالركوع قبل القراءة، ساهيا أو ناسيا، أو يأتي بالسجدتين قبل ان ينتصب قائما بعد الركوع، و الحكم في هذه الصورة أن يمضي في صلاته و يتمها و لا شي ء عليه.

(الصورة الثالثة): أن يقدم واجبا غير ركن على الركن، و مثال ذلك أن يسهو فيأتي بالتشهد قبل السجدتين، أو يأتي بسجدة واحدة قبل الركوع، و الحكم فيها أن يعود الى الركن فيأتي به إذا لم يكن قد أتى به، ثم يأتي بما بعده حتى يحصل الترتيب، و يجب عليه سجود السهو إذا

حصل منه ما يوجب سجود السهو، لا مطلقا.

(الصورة الرابعة): أن يقدم واجبا غير ركن على واجب غير ركن، و مثال ذلك أن ينسى فيقدم السورة على الفاتحة، أو يقدم التشهد على سجدة واحدة، و الحكم فيها أن يأتي بالواجب الذي أخره، إذا لم يكن قد أتى به ثم يأتي بما بعده حتى يحصل الترتيب، و يسجد للسهو إذا حصل منه ما يوجب ذلك، كما تقدم، و سيأتي بيان موارد وجوب سجود السهو.

المسألة 637

ليس من مخالفة الترتيب أن يأتي بالسجدة بقصد أنها الأولى ثم يتذكر انها الثانية، أو يأتي بها بقصد أنها الثانية، و يتذكر بعد ذلك انها الأولى، فلا يوجب ذلك خللا في صلاته. و ليس من مخالفة الترتيب أن يقوم المصلي في ركعة و يعتقد أنها الثانية مثلا فيأتي فيها بالقنوت، و التشهد، ثم يتذكر أنها الركعة الأولى أو انها الركعة الثالثة، فعليه ان يتم صلاته على الوجه الصحيح و لا شي ء عليه في زيادة القنوت و لا التشهد.

و كذلك إذا قام في الركعة و اعتقد أنها الثالثة فترك القراءة و سبح،

________________________________________

بصرى بحرانى، زين الدين، محمد امين، كلمة التقوى، 7 جلد، سيد جواد وداعى، قم - ايران، سوم، 1413 ه ق

كلمة التقوى؛ ج 1، ص: 463

كلمة التقوى، ج 1، ص: 463

و تذكر بعد الركوع انها الثانية فعليه أن يمضي فيها على انها الثانية كما ظهر له فيتشهد فيها و يتم على ذلك صلاته، و لا يضره خطأه في الاعتقاد.

المسألة 638

تجب الموالاة بين أفعال الصلاة على وجه لا يقع ما بينها فصل يوجب محو صورة الصلاة في نظر المتشرعة، و تبطل صلاة المكلف إذا حصل ذلك عن عمد، سواء كان ذلك بسكوت طويل أم بفعل كثير، و يشكل الحكم بالبطلان إذا فعل ذلك ساهيا أو ناسيا، و لا يترك الاحتياط معه بإتمام الصلاة ثم اعادتها.

المسألة 639

تجب الموالاة في ألفاظ الصلاة كالتكبير و القراءة و التسبيح و الأذكار، فلا يجوز الفصل ما بين الآيات أو بين الكلمات أو بين الحروف بما يمحو قراءة الكلمة أو الفقرة أو الآية أو السورة أو يبطل وحدتها و اتصالها، فإذا فعل ذلك متعمدا بطلت قراءته و صلاته، و إذا فعله ساهيا وجب عليه أن يعيد قراءة الموضع الذي أخل فيه و ما بعده على وجه يحصل معه الترتيب، و لا تبطل صلاته بذلك إلا إذا محيت به صورة الصلاة فيتمها ثم يعيدها على ما تقدم.

المسألة 640

إذا أخل بالموالاة في تكبيرة الإحرام على الوجه المتقدم بطلت تكبيرته، و بطلت صلاته و ان كان ساهيا.

و إذا أخل بالموالاة في التسليم ساهيا وجب عليه أن يعيد التسليم إذا تذكر ذلك قبل أن يأتي بما ينافي الصلاة، و إذا أتى بالمنافي قبل أن يعيد التسليم بطلت صلاته. و إذا لم يتذكر حتى فعل ما ينافي الصلاة عمدا و سهوا كالحدث، فعليه إعادة الصلاة على الأحوط بل لا يخلو من قوة.

و إذا لم يتذكر حتى فعل ما ينافي الصلاة عمدا و لا ينافيها سهوا كالتكلم

كلمة التقوى، ج 1، ص: 464

وجبت عليه اعادة التسليم و صحت صلاته و عليه أن يسجد للسهو إذا تكلم ساهيا.

المسألة 641

ليس من الفصل المخل بالموالاة أو الماحي لصورة الصلاة أن يطيل المصلي ركوعه أو سجوده و يكثر الذكر أو يقرأ بالسور الطوال في صلاته أو يأتي بالمستحبات الأخرى فيها.

المسألة 642

لا تجب الموالاة العرفية في الصلاة بمعنى أن يتابع بين أفعالها من غير فصل و ان كان قصيرا لا يضر باسم الصلاة، و لا تجب كذلك في القراءة و لا في غيرها من الأقوال و الأذكار و لا تبطل الصلاة و لا القراءة و لا الذكر بفواتها.

الفصل السابع و العشرون في القنوت

المسألة 643

يستحب القنوت في جميع الصلوات الفرائض منها و النوافل، و يتأكد استحبابه في الصلوات الجهرية من الفرائض، و في الصبح و المغرب على الخصوص، و في صلاة الجمعة و صلاة الوتر و القول بوجوبه في صلاة العيد أحوط و لعله أقوى، و الأحوط أن يؤتى بالقنوت في صلاة الشفع برجاء المطلوبية.

المسألة 644

موضع القنوت في كل صلاة بعد القراءة و قبل الركوع من الركعة الثانية، و موضع القنوت في صلاة الوتر قبل الركوع منها.

و تستثنى من ذلك صلاة العيد، ففيها خمسة قنوتات في الركعة الأولى منها، و أربعة قنوتات في الركعة الثانية، و تستثنى كذلك صلاة الجمعة، ففيها قنوتان، أحدهما في الركعة الأولى قبل الركوع منها،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 465

و الثاني في الركعة الثانية بعد الركوع، و صلاة الآيات، فيستحب فيها خمسة قنوتات و مواضعها قبل الركوع الثاني منها و قبل الركوع الرابع، و قبل السادس و قبل الثامن و قبل العاشر و يكفي فيها قنوتان أحدهما قبل الركوع الخامس و الثاني قبل العاشر، و الأحوط أن يؤتى بالأول منهما برجاء المطلوبية، و أدنى ما يجزي فيها قنوت واحد يؤتى به في الركعة الثانية قبل الركوع الأخير.

المسألة 645

لا يتعين في القنوت دعاء مخصوص، فيكفي فيه كل ما يأتي به المكلف من ذكر أو تحميد أو ثناء أو دعاء، فيكفي مثلا أن يقول: سبحان اللّه خمسا أو ثلاثا، أو يقتصر على الصلاة على محمد و آله (ع) أو يقول:

اللهم اغفر لي ذنبي، و يجوز أن يكون منظوما أو منثورا.

و يستحب أن يكون مشتملا على الثناء على اللّه و الصلاة على النبي و آله، و الاستغفار لذنبه، و أتم من ذلك أن يكون مشتملا أيضا على الاستغفار لإخوانه و الدعاء لهم، و أولى من ذلك أن يقرأ الأدعية المروية عن المعصومين (ع) في قنوتاتهم.

المسألة 646

يجوز القنوت ببعض آيات القرآن، و يختار منها ما اشتمل على الثناء و التحميد، و التمجيد له سبحانه، أو ما اشتمل على الدعاء، كقوله تعالى رَبَّنَا اصْرِفْ عَنّٰا عَذٰابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذٰابَهٰا كٰانَ غَرٰاماً إِنَّهٰا سٰاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقٰاماً. و قوله تعالى رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلٰاةِ، وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي، رَبَّنٰا وَ تَقَبَّلْ دُعٰاءِ، رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَ لِوٰالِدَيَّ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسٰابُ.

المسألة 647

مما ورد التأكيد عليه في القنوت كلمات الفرج، و هي: لا إله إلا اللّه الحليم الكريم لا إله إلا اللّه العلي العظيم، سبحان اللّه رب السماوات السبع و رب الأرضين السبع و ما فيهن و ما بينهن و رب العرش العظيم و الحمد للّه رب العالمين.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 466

و لم أجد لفظ ما فوقهن في خبر عنهم (ع) و لذلك فالأحوط تركه، و اما كلمة و ما تحتهن، فله أن يأتي بها برجاء المطلوبية، كما ان له أن يزيد بعد قوله و رب العرش العظيم (وَ سَلٰامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) برجاء المطلوبية أو بقصد القرآنية.

المسألة 648

مما يتوسل به للاستجابة في القنوت و في الدعاء في غير القنوت ان يبتدئ الداعي بالصلاة على محمد و آله ثم يسأل حاجته، و يختم دعاءه بالصلاة على محمد و آله، فقد ورد ان اللّه عز و جل أكرم من أن يقبل أول الدعاء و آخره و يرد وسطه.

المسألة 649

مما ورد عنهم (ع) في القنوت ان يقول: اللهم اغفر لنا و ارحمنا و عافنا و اعف عنا في الدنيا و الآخرة انك على كل شي ء قدير، و مما ورد أيضا: رب اغفر و ارحم، و تجاوز عما تعلم انك أنت الأعز الأجل الأكرم، و مما نقل عنهم (ع): اللهم اهدنا في من هديت و عافنا في من عافيت، و تولنا في من توليت، و بارك لنا في ما أعطيت، و قنا شر ما قضيت، انك تقضي و لا يقضى عليك لا يذل من واليت و لا يعز من عاديت، تباركت ربنا و تعاليت، أستغفرك و أتوب إليك.

المسألة 650

الأحوط ترك القنوت بالدعاء الملحون، سواء كان لحنه في الاعراب أم في الكلمات نفسها، و سواء كان مغيرا للمعنى أم لا، و كذلك الدعاء بغير العربية من اللغات الأخرى، و لا تتأدى بهما وظيفة القنوت.

المسألة 651

يجوز الدعاء في القنوت لمن يريد، و له أن يذكر اسمه في الدعاء له، و الأحوط بل الأقوى ترك ذلك إذا كان في الدعاء له معصية أو اعانة على إثم أو إغراء بقبيح، و يجوز الدعاء على أحد يخشاه و له أن يسميه، على أن لا يكون ظالما في دعائه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 467

المسألة 652

تستحب اطالة القنوت في الصلاة، فقد روي عنهم (ع) أفضل الصلاة ما طال قنوتها، و يتأكد ذلك في صلاة الوتر، و يستحب الجهر بالقنوت في الصلاة الجهرية و الإخفاتية سواء كان المصلي منفردا أم اماما أم مأموما، على أن لا يسمع الامام صوته.

المسألة 653

يستحب للمكلف أن يكبر قبل القنوت و أن يرفع يديه بالتكبير كما سبق في نظائره، فإذا وضع يديه بعد التكبير رفعهما للقنوت.

و قد نسب إلى الأصحاب قده انه يستحب له ان يرفع كفيه في القنوت حيال وجهه و أن يبسطهما، و يجعل باطنهما الى السماء، و أن تكونا منضمتين مضمومتي الأصابع إلا الإبهامين، و ان يكون نظره في حال القنوت الى كفيه، و لم أقف في النصوص على ما أفادوا، فإذا أتى به المكلف فليأت به برجاء المطلوبية.

المسألة 654

يكره له أن يرفع يديه في القنوت حتى يجاوز بهما رأسه، و يكره أن يمسح بهما وجهه و رأسه و صدره بعد وضعهما من قنوت الفريضة، و يستحب له ذلك في قنوت النافلة و بعد رفع اليد في الدعاء في غير الصلاة.

المسألة 655

ليس للمصلي أن يأتي بالقنوت جالسا في حال الاختيار كما تقدم في المسألة الثلاثمائة و الثالثة و التسعين، فإذا فعل ذلك عامدا لم يأت بوظيفة القنوت و عليه ان يتم صلاته ثم يعيدها على الأحوط، و إذا فعل ذلك ساهيا و تذكره قبل الدخول في الركوع فالأحوط له أن يأتي بالقنوت قائما برجاء المطلوبية ثم يركع، و إذا تذكره بعد الدخول في الركوع أتم صلاته و لا شي ء عليه، و هذا إذا لم يحصل له خلل في ركن كما إذا أتى بالركوع جالسا.

المسألة 656

إذا نذر القنوت في الصلاة انعقد نذره، و أصبح القنوت واجبا عليه،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 468

فإذا ترك القنوت فيها ساهيا فلا يترك الاحتياط بإعادة الصلاة بعد إتمامها.

المسألة 657

إذا نسي القنوت و هوى إلى الركوع، فان تذكره قبل أن يبلغ حد الركوع جاز له أن يعود الى القيام و يأتي بالقنوت ثم يركع، و ان تذكره بعد أن دخل في الركوع أتم ركوعه و قضى القنوت بعد رفع رأسه من الركوع ثم سجد، و كذلك إذا تذكر القنوت بعد الهوي للسجود و قبل وضع جبهته على الأرض، فيجوز له أن يعود الى القيام و يقضي القنوت ثم يسجد، و إذا تذكر القنوت و هو في السجود أو بعده في أثناء الصلاة أو بعد الفراغ منها قضاه بعد الصلاة، فيأتي به جالسا مستقبلا، و إذا تذكره في الطريق استقبل القبلة و أتى به، و إذا ترك القنوت في محله عامدا، أو تذكره في الركوع و ترك قضاءه بعد الركوع عامدا فلا قضاء له.

الفصل الثامن و العشرون في التعقيب

المسألة 658

يستحب التعقيب استحبابا مؤكدا، و هو أن يشتغل الإنسان بعد فراغه من الصلاة بالذكر و الدعاء و المناجاة و التلاوة و أمثالها من العبادات القولية، و هو بعد صلاة الفريضة أشد تأكدا منه بعد صلاة النافلة، و خصوصا بعد صلاة الصبح، ثم بعد صلاة العصر، و قد روي عن أبي عبد اللّه (ع) ان اللّه فرض عليكم الصلوات الخمس في أفضل الساعات فعليكم بالدعاء في أدبار الصلوات، و عنه (ع) التعقيب أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد، و عنه (ع) من صلى صلاة فريضة و عقب إلى أخرى فهو ضيف اللّه و حق على اللّه أن يكرم ضيفه.

المسألة 659

الظاهر انه لا يصدق التعقيب على الدعاء و نحوه إذا انفصل عن

كلمة التقوى، ج 1، ص: 469

الصلاة بمدة، بحيث لا يكون في نظر المتشرعة من توابع الصلاة و في أدبارها، و الظاهر انه لا يصدق التعقيب على الجلوس في المصلي فارغا غير مشتغل بدعاء و نحوه، و ان كان في انتظار صلاة أخرى.

و الأفضل فيه أن يكون المعقب متطهرا مستقبلا جالسا في مصلاه، و لا يسقط استحبابه إذا انتفى ذلك و يستحب أن يقرأ الأدعية و الأذكار الواردة عن المعصومين (ع) و هي كثيرة و وافية بالمراد.

المسألة 660

إذا نسي التعقيب أو أعرض عنه لبعض الموانع، فله أن يعود اليه و يأتي به إذا لم يفت موضعه الذي تقدمت الإشارة اليه، و لم تسقط بذلك وظيفته و استحبابه، و كذلك إذا أحب أن يطيل في التعقيب بعد أن قرأ بعض الدعاء و سجد للشكر مثلا أو هم بالقيام.

المسألة 661

يستحب بعد الفراغ من التسليم أن يكبر ثلاثا و أن يرفع يديه بالتكبير كما يرفعهما في تكبير الصلاة، و يستحب أن يقول بعد ذلك: لا إله إلا اللّه إلها واحدا و نحن له مسلمون، لا إله إلا اللّه و لا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين و لو كره المشركون، لا إله إلا اللّه ربنا و رب آبائنا الأولين، لا إله إلا اللّه وحده وحده، أنجز وعده، و نصر عبده، و أعز جنده، و هزم الأحزاب وحده فله الملك و له الحمد يحيي و يميت و يميت و يحيي و هو حي لا يموت بيده الخير و هو على كل شي ء قدير و ظاهر الرواية أن هذا التكبير و هذا الدعاء يؤتى بهما قبل تسبيح الزهراء (ع).

المسألة 662

أفضل ما يعقب به الإنسان بعد الفراغ من صلاته هو تسبيح الزهراء (ع) ففي الحديث: ما عبد اللّه بشي ء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة (ع) و لو كان شي ء أفضل منه لنحله رسول اللّه (ص) فاطمة، و عن أبي عبد اللّه (ع) تسبيح فاطمة في كل يوم في دبر كل صلاة، أحب الي من صلاة ألف ركعة في كل يوم، و هو أن يقول: اللّه أكبر. أربعا

كلمة التقوى، ج 1، ص: 470

و ثلاثين مرة، ثم يقول: الحمد للّه، ثلاثا و ثلاثين مرة، ثم يقول: سبحان اللّه. ثلاثا و ثلاثين مرة. و قد ورد أيضا تقديم التسبيح على التحميد. و هو و هو مستحب في غير التعقيب أيضا و عند ارادة النوم، و يستحب أن تتخذ السبحة لذلك و لغيره من طين قبر الحسين (ع).

المسألة 663

إذا شك في عدد التكبير أو التحميد أو التسبيح من تسبيح الزهراء و كان في المحل بنى على الأقل، فإذا كان ناقصا أتمه، و إذا شك فيه بعد أن تجاوز محله و دخل في ما بعده بنى على الإتيان به و لم يلتفت، و إذا علم بالنقص رجع الى موضع النقص فأتمه و أتى بما بعده، و إذا زاد في التكبير أو التحميد رفع اليد عن الزائد و أضاف إليه واحدة على الأحوط و إذا زاد في التسبيح رفع اليد عن الزائد و لا شي ء عليه.

المسألة 664

يستحب أن يقول بعد تسبيح الزهراء (ع): اللهم أنت السلام و منك السلام و لك السلام و إليك يعود السلام، سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد للّه رب العالمين، السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته، السلام على الأئمة الهادين المهديين، السلام على جميع أنبياء اللّه و رسله و ملائكته، السلام علينا و على عباد اللّه الصالحين، السلام على علي أمير المؤمنين، السلام على الحسن و الحسين سيدي شباب أهل الجنة أجمعين، السلام على علي ابن الحسين زين العابدين، السلام على محمد بن علي باقر علم النبيين، السلام على جعفر بن محمد الصادق، السلام على موسى بن جعفر الكاظم، السلام على علي بن موسى الرضا، السلام على محمد بن علي الجواد، السلام على علي بن محمد الهادي، السلام على الحسن بن علي الزكي العسكري، السلام على الحجة ابن الحسن القائم المهدي صلوات اللّه عليهم أجمعين، ثم يسأل حاجته.

المسألة 665

يستحب أن يقول: استغفر اللّه الذي لا إله الا هو الحي القيوم ذو

كلمة التقوى، ج 1، ص: 471

الجلال و الإكرام و أتوب إليه، ثلاث مرات، و أن يقول: اللهم اهدني من عندك و أفض علي من فضلك و انشر علي من رحمتك و أنزل علي من بركاتك، و أن يقول: اللهم صل على محمد و آل محمد، اللهم أعتقني من النار و أدخلني الجنة و زوجني من الحور العين، و أن يقول: سبحانك لا إله إلا أنت اغفر لي ذنوبي كلها جميعا فإنه لا يغفر الذنوب كلها جميعا إلا أنت، و ان يقول: اللهم إني أسألك من كل خير أحاط به علمك و أعوذ بك من كل شر

أحاط به علمك اللهم إني أسألك عافيتك في أموري كلها، و أعوذ بك من خزي الدنيا و عذاب الآخرة، و أن يقول:

أعوذ بوجهك الكريم و عزتك التي لا ترام و قدرتك التي لا يمتنع منها شي ء من شر الدنيا و الآخرة و من شر الأوجاع كلها و من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها ان ربي على صراط مستقيم و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم، و أن يقول: توكلت على الحي الذي لا يموت و الحمد للّه الذي لم يتخذ ولدا و لم يكن له شريك في الملك و لم يكن له ولي من الذلي و كبره تكبيرا.

المسألة 666

يستحب أن يقول: أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له إلها واحدا أحدا فردا صمدا لم يتخذ صاحبة و لا ولدا، عشر مرات، و أن يقرأ سورة الحمد، و آية الكرسي، و آية شهد اللّه انه لا إله الا هو و الملائكة و أولو العلم، الى قوله فان اللّه سريع الحساب، و هما الآيتان الثامنة عشرة و التاسعة عشرة من سورة آل عمران، و آية قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء، الى قوله: و ترزق من تشاء بغير حساب، و هما الآيتان السادسة و العشرون و السابعة و العشرون من السورة المذكورة. و يستحب أن يقول بعد الفريضة: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر، ثلاثين مرة، و أفضل من ذلك أن يقولها أربعين مرة.

المسألة 667

يستحب أن يقول بعد الصلاة: اللهم إني أدينك بطاعتك و ولايتك

كلمة التقوى، ج 1، ص: 472

و ولاية رسولك و ولاية الأئمة من أولهم إلى آخرهم. (و يسميهم) ثم يقول اللّهم إني أدينك بطاعتك و ولايتهم و الرضا بما فضلتهم به غير متكبر و لا مستكبر، على معنى ما أنزلت في كتابك على حدود ما أتانا فيه و ما لم يأتنا مؤمن مقر مسلم بذلك، راض بما رضيت به يا رب أريد به وجهك و الدار الآخرة، مرهوبا و مرغوبا إليك فيه، فأحيني ما أحييتني على ذلك و أمتني إذا أمتني على ذلك و ابعثني إذا بعثتني على ذلك، و ان كان مني تقصير في ما مضى فإني أتوب إليك منه و أرغب إليك في ما عندك، و أسألك أن تعصمني من معاصيك، و لا تكلني الى نفسي طرفة

عين أبدا ما أحييتني، و لا أقل من ذلك و لا أكثر، ان النفس لأمارة بالسوء الا ما رحمت يا أرحم الراحمين، و أسألك أن تعصمني بطاعتك حتى تتوفاني عليها و أنت عني راض و أن تختم لي بالسعادة و لا تحولني عنها أبدا و لا قوة إلا بك.

المسألة 668

يستحب أن يقرأ بعد صلاة الغداة و بعد صلاة المغرب قبل أن يقبض ركبتيه، لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد يحيي و يميت و يميت و يحيي و هو حي لا يموت بيده الخير و هو على كل شي ء قدير، عشر مرات، و أن يقول بعد كل من صلاة الصبح و صلاة المغرب: بسم اللّه الرحمن الرحيم، لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم، سبع مرات، و أفضل من ذلك أن يقوله مائة مرة.

و يستحب أن يقول بعد صلاة الصبح: سبحان اللّه العظيم و بحمده و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم، عشر مرات، و أن يقول: سبحان اللّه العظيم و بحمده استغفر اللّه و أسأله من فضله، عشر مرات. و أن يقول: ما شاء اللّه كان لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم، مائة مرة، و أن يقرأ سورة التوحيد، إحدى عشرة مرة، و أفضل من ذلك أن يقرأها مائة مرة، و أن يقول: لا إله إلا اللّه الملك الحق المبين، مائة مرة.

و يستحب أن يقول بعد فريضة الفجر أيضا مائة مرة: اللهم صل على محمد و آل محمد، و مائة مرة: أسأل اللّه العافية، و مائة مرة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 473

أستجير باللّه من النار، و مائة مرة: و

أسأله الجنة، و مائة مرة: أسال اللّه الحور العين، و مائة مرة: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر، و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم، و يستحب أن يقول بعد صلاة الصبح و صلاة العصر سبعين مرة: استغفر اللّه و أتوب اليه، و أن يقرأ أدعية الصباح بعد الصبح، و هي كثيرة جدا، و أدعية المساء بعد العصر، و ان يقرأ الأدعية المختصة بالظهرين و العشاءين بعدها.

الفصل التاسع و العشرون في ما ينافي الصلاة

المسألة 669

منافيات الصلاة أمور:

(الأول): تبطل الصلاة بخروج الحدث من المصلي، سواء كان الحدث أصغر أم أكبر، و ان كان خروجه قبل الحرف الأخير من التسليم، و سواء كان خروجه عمدا أم سهوا أم اضطرارا، و حتى إذا نسي التسليم و أحدث قبل الإتيان به كما تقدم في فصل التسليم.

و يستثنى من ذلك دائم الحدث، كالمسلوس و المبطون و المستحاضة و قد تقدمت أحكامها جميعا في مواضعها من كتاب الطهارة فلتراجع.

المسألة 670

(الثاني) تبطل الصلاة إذا التفت المصلي بجميع بدنه عامدا حتى خرج عن الاستقبال، سواء كان التفاته الى الخلف أم الى اليمين أم اليسار، أم الى ما بينهما، و سواء كان التفاته في حال القراءة أو الذكر أم في حال أخرى، و تبطل الصلاة إذا التفت ببدنه كله ساهيا الى اليمين أو الى اليسار أو الخلف، و تبطل الصلاة إذا التفت بوجهه الى ما وراءه عامدا أو ساهيا و ان كان مستقبلا بسائر بدنه، و تبطل الصلاة إذا التفت بوجهه عامدا بحيث خرج عن الاستقبال بوجهه إذا هو أوقع بعض أفعال الصلاة في حال انحرافه أو أتى بشي ء من أقوالها.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 474

و لا تبطل الصلاة إذا التفت ساهيا الى ما لا يبلغ حد اليمين أو اليسار و ان كان التفاته ببدنه كله، و حتى إذا أتى ببعض أفعال الصلاة أو أقوالها في حال انحرافه، و لا تبطل الصلاة إذا التفت بوجهه الى ما لا يبلغ الى الخلف و ان كان عامدا، إذا هو لم يأت في حال التفاته بشي ء من أفعال الصلاة أو أقوالها، نعم يكره ذلك مع العمد.

المسألة 671

(الثالث): كل فعل يمحو صورة الصلاة في نظر المتشرعة، سواء كان الفعل كثيرا أم قليلا، كالوثبة، و العفطة، و الرقص، و القفزة، و كذلك السكوت الطويل إذا محا صورة الصلاة فتبطل الصلاة إذا أتى المكلف بشي ء من ذلك في صلاته متعمدا، و يشكل الحكم بالبطلان إذا صدر منه ساهيا، و لا يترك الاحتياط بإتمام الصلاة ثم اعادتها.

و لا تبطل الصلاة بالفعل غير الماحي لصورة الصلاة و ان كان كثيرا، و لا بالسكوت غير الماحي للصورة و ان كانا مفوتين للموالاة العرفية بين أفعال الصلاة،

و قد تقدم ذكر ذلك في المسألة الستمائة و الثانية و الأربعين.

المسألة 672

الظاهر ان الإتيان بالصلاة في أثناء الصلاة، من الفعل الماحي لصورة الصلاة الأولى، فإذا تعمد الإنسان فعل ذلك بطلت الصلاتان معا، و إذا فعله ساهيا لم تبطل الصلاتان فإذا كانت إحداهما مضيقة الوقت وجب عليه أن يتمها، فإذا هو مضى فيها بطلت الأخرى، و إذا كانت الفريضة الثانية منهما مرتبة على الأولى، وجب عليه أن يتم الأولى، فإذا هو مضى فيها بطلت الثانية.

و إذا كانت الفريضتان موسعتين في الوقت، و لم يكن بينهما ترتيب، تخير في أن يتم أيتهما شاء فإذا مضى فيها بطلت الأخرى، و ستأتي لذلك أمثلة في فصل صلاة الآيات، و في فصل صلاة الاحتياط إذا عرض له أحد الشكوك.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 475

المسألة 673

إذا صدر من المصلي سكوت طويل أو فعل كثير و نحو ذلك، و شك في أن ما صدر منه محا صورة الصلاة أم لا، بنى على بقاء الصورة، فيجب عليه إتمام الصلاة و كانت صحيحة.

المسألة 674

(الرابع) التكلم في الصلاة عامدا، و ان كان بحرفين مهملين لا يدلان على معنى، فتبطل الصلاة بذلك، و كذلك إذا تكلم بحرف واحد و أشبع حركته حتى حصل منها حرف آخر، و حتى إذا تكلم بحرف واحد على الأحوط إذا كان مفهما للمعنى، مثل (ق) فإنه فعل أمر من الوقاية فإذا تكلم به عامدا و هو ملتفت الى معناه بطلت صلاته على الأحوط، و كذلك إذا نطق عامدا بحرفين مفردين من غير تركيب، فتبطل الصلاة بذلك على الأحوط بل لا يخلو من قوة.

المسألة 675

التنحنح و النفخ انما هي أصوات تشبه الحروف، و ليست كلاما و لا حروفا، فلا تبطل الصلاة إذا تنحنح المكلف أو نفخ في أثناء صلاته، و لا يجب عليه سجود السهو إذا فعل ذلك ساهيا، و يشكل الحكم في التأوه و الأنين إذا حدث منهما حرفان، فلا يترك مع ذلك الاحتياط بإعادة الصلاة بعد إتمامها، و لا شي ء عليه إذا حدث منه حرف واحد.

المسألة 676

لا مانع من صدور كلمة (آه) في الصلاة بقصد الشكوى الى اللّه سواء كانت في ضمن دعاء أم في غيره، و سواء ذكر المتعلق فقال (آه من ذنوبي، أو من سوء عملي) أم لم يذكر و سواء كانت لسبب أخروي أم دنيوي، و إذا قالها المصلي لغير ذلك عامدا أبطلت الصلاة.

المسألة 677

إذا مد حرف المد أو حرف اللين في قراءته أو في ذكره حتى زاد فيه مقدار حرف أو أكثر لم تبطل صلاته بذلك و لم تبطل قراءته و لا ذكره، إلا إذا خرجت الكلمة بطول المد فيها عن كونها كلمة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 476

المسألة 678

لا فرق في بطلان الصلاة بالتكلم في أثنائها عامدا بين أن يكون مختارا في ذلك، أو مضطرا فيه أو مكرها عليه، و لا بين أن يكون مخاطبا لأحد أم لا.

المسألة 679

لا تبطل الصلاة إذا تكلم في أثنائها ساهيا أو تكلم باعتقاد انه قد فرغ من صلاته ثم تذكر أنه لم يفرغ بعد منها، و عليه سجود السهو بعد التسليم من الصلاة.

المسألة 680

لا ينافي الصلاة إن يأتي في أثنائها ببعض الأذكار أو الدعاء أو قراءة القرآن، غير أذكار الصلاة و دعائها و قراءتها، فلا تبطل الصلاة بذلك، إلا إذا كان الدعاء بالمحرم، و منه الدعاء على مؤمن ظلما، فلا يجوز ذلك، بل الأحوط إعادة الصلاة بعد إتمامها، و الا إذا كانت القراءة بالآيات التي توجب السجود و هو في صلاة فريضة.

المسألة 681

إذا دعا المصلي على أحد في صلاته و هو يعتقد أنه كافر، ثم علم أنه مؤمن لم تبطل صلاته بذلك.

المسألة 682

انما يكون ما يأتي به قرآنا و غير مناف للصلاة إذا تلاه بقصد القرآنية، فإذا قرأ المصلي الآية أو الآيات و قصد بها غير القرآن لم تكن منه و كانت الصلاة باطلة، و كذلك إذا قرأها و هو لا يعلم أنها قرآن، و مثله الذكر، فلا بد و أن يكون الإتيان به بقصد الذكر.

المسألة 683

إذا أتى المكلف بالذكر في صلاته لا بقصد الذكر، بل بقصد أن ينبه الغير على شي ء، كان مبطلا للصلاة، و إذا قصد به الذكر و لكنه رفع صوته به بقصد التنبيه لم تبطل صلاته، و كذلك إذا قصد به الذكر،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 477

و كان الداعي له إلى الإتيان بالذكر هو تنبيه الغير، و مثله الحكم في آية القرآن، و مثال ذلك أن يجهر الإمام في قراءته في موضع الإخفات فيقرأ المأموم قوله تعالى (وَ لٰا تَجْهَرْ بِصَلٰاتِكَ) لينبهه على ذلك.

المسألة 684

يشكل جواز الدعاء في الصلاة إذا كان المخاطب به غير اللّه سبحانه، كما إذا قال المصلي لأحد (غفر اللّه لك)، و الأحوط تركه.

المسألة 685

يجوز للمصلي أن يكرر الذكر أو القراءة عمدا إذا لم يكن ذلك بقصد الجزئية، بل كان بقصد مطلق الذكر و مطلق القراءة في الصلاة أو بقصد الاحتياط إذا احتمل أنه أخل بها في القراءة الأولى، و لا يجوز التكرار إذا كان من باب الوسوسة، و إذا أعادها للوسوسة، فالأحوط إعادة الصلاة.

المسألة 686

لا يجوز للمصلي أن يبتدئ غيره بالسلام أو بتحية أخرى، كقوله صبحك اللّه بالخير و نحوه، و كذلك إذا قصد به الدعاء، فقد تقدم الإشكال في الدعاء مع مخاطبة الغير به فالأحوط تركه.

المسألة 687

إذا سلم أحد على الإنسان و هو في صلاته بقصد التحية، وجب على المصلي رد السلام و إذا ترك الرد و استمر في صلاته عصى بتركه و أثم و لم تبطل صلاته على الأقوى.

المسألة 688

إذا سلم أحد على المصلي وجب أن يكون الرد منه بمثل ما سلم، فإذا قال: سلام عليكم، وجب أن يكون جوابه مثل قوله: سلام عليكم، بل و لا يترك الاحتياط في أن يكون الجواب مثل السلام في التعريف و التنكير و في الجمع و الافراد، فإذا قال: السلام عليكم، وجب أن يقول في جوابه السلام عليكم، و لا يكفي أن يقول سلام عليكم أو السلام عليك، و إذا

كلمة التقوى، ج 1، ص: 478

قال: السلام عليك، فجوابه مثل قوله: السلام عليك و إذا أتى بلفظ السلام منكرا، فالجواب مثله.

و في غير حال الصلاة يستحب أن يكون الرد بالأحسن، فإذا قال المسلم: سلام عليكم استحب أن يقول في الجواب عليكم السلام، و أفضل من ذلك أن يضم إليها و رحمة اللّه و بركاته.

المسألة 689

إذا قرأ المصلي في جواب السلام آية من القرآن، مثل قوله تعالى:

سَلٰامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ، أو سَلٰامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي، و قصد بها القرآنية أشكل الحكم بكفايتها في رد التحية، فلعل قصد القرآنية ينافي التحية، فلا تتأدى بها وظيفة رد السلام.

المسألة 690

إذا قال المسلم: عليكم السلام، فلا بد و أن يكون الرد عليه من المصلي بمثل قوله، فيقول أيضا: عليكم السلام، لأنه تحية ترد بمثلها، و إذا سلم على المصلي بالملحون، وجب أن يكون الجواب من المصلي صحيحا، و لا يجوز بالملحون على الأحوط، و أما أن يقول في الجواب: سلام عليكم بقصد القرآنية أو بقصد الدعاء فقد تقدم الاشكال فيهما، فلا يكفيان في كلا الفرضين.

و إذا قال: سلام، بدون عليكم، وجب أن يكون الرد من المصلي بمثل قوله، فيقول: سلام و يقدر عليكم.

المسألة 691

إذا كان المسلم على المصلي صبيا مميزا أو امرأة أجنبية، فالأقوى وجوب الرد، و أن يكون الرد بمثله، و كذلك إذا سلم الرجل على امرأة أجنبية في صلاتها، فيجب عليها الرد بمثله.

المسألة 692

إذا سلم أحد على جماعة و فيهم من يصلي، جاز للمصلي منهم ان

كلمة التقوى، ج 1، ص: 479

يرد السلام، و إذا رد عليه غيره، فالأحوط أن لا يرد المصلي، و ان كان الراد صبيا مميزا.

المسألة 693

إذا سلم أحد على جماعة، و شك الإنسان في أنه ممن قصد بالسلام أم لا، لم يجب عليه الجواب، و لم يجز له الرد إذا كان في الصلاة.

المسألة 694

إذا سلم أحد على المصلي مرات متعددة، فلا يترك الاحتياط بالتكرار في الجواب، إلا إذا خرج السلام بسبب التكرار عن صدق التحية، فلا يجب الجواب بعد ذلك.

المسألة 695

يجب الفور في رد السلام، فإذا أخره المكلف حتى خرج عن صدق الجواب عليه سقط وجوبه بعد ذلك، و أثم بالتأخير إذا كان متعمدا، و إذا كان في الصلاة لم يجز له أن يأتي به بعد ذلك و إذا أتى به بطلت صلاته.

و إذا شك في خروجه عن صدق الجواب عليه أتى به إذا كان في غير الصلاة، و إذا كان في الصلاة فلا يترك الاحتياط بالرد و اعادة الصلاة بعد إتمامها.

المسألة 696

يجب على المكلف إسماع رد السلام سواء كان في حال الصلاة أم في غيرها، إلا إذا كان المسلم أصم، أو كان بعيدا و لو بسبب مشيه سريعا و نحو ذلك، فيكفي أن يكون الجواب على النحو المتعارف بحيث يسمعه لو كان صحيح السمع أو كان قريبا، و الأحوط تنبيهه للجواب مع الإمكان بإشارة و نحوها.

المسألة 697

إذا كانت التحية بغير لفظ السلام كقول صبحك اللّه بالخير، و نحوه

كلمة التقوى، ج 1، ص: 480

فالظاهر عدم وجوب الرد و ان كان الأحوط ذلك، و لا تجوز مراعاة هذا الاحتياط إذا كان في الصلاة.

المسألة 698

إذا لم يدر المصلي أن المسلم سلم عليه بأي صيغة ليرد عليه بمثلها، فالأحوط له أن يحييه بقوله سلام عليكم بقصد التحية ثم يعيد الصلاة بعد إتمامها.

المسألة 699

يكره السلام على الإنسان في حال صلاته.

المسألة 700

إذا سلم أحد على جماعة وجب عليهم رد تحيته وجوبا كفائيا، فإذا ردها أحدهم كفى ذلك في أداء الواجب و سقط وجوب الرد عن الباقين و ان كان الراد صبيا مميزا، و يستحب للباقين الرد إذا كانوا في غير الصلاة، و الأحوط أن لا يرد المصلي السلام إذا رد غيره من المقصودين بالتحية كما سبق في المسألة الستمائة و الثانية و التسعين. و لا يسقط الوجوب عنهم إذا رد السلام غيرهم.

المسألة 701

يستحب الابتداء بالسلام استحبابا مؤكدا، و هذا الحكم عام للمفرد و الجماعة، سواء كان السلام على مفرد أم على جماعة، و تتأدى الوظيفة بأن يسلم واحد من الجماعة عند الالتقاء بأحد أو عند المرور به أو الدخول عليه، و يجوز للباقين بل يستحب لهم أن يسلموا عليه أيضا أو يسلم بعضهم، و يجب عليه الرد على كل من سلم منهم، و لا يكفي أن يرد تحية بعضهم إذا سلم غيره.

المسألة 702

يجوز للرجل أن يسلم على المرأة الأجنبية عنه، و يجوز لها أن تسلم عليه ما لم يكن خوف فتنة أو ريبة أو تلذذ محرم.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 481

المسألة 703

يجب على المسلم أن يرد تحية الكافر إذا سلم عليه، و الأحوط أن يكون الرد بقول سلام، أو يقول: عليك.

المسألة 704

يتأكد الاستحباب في أن يبدأ الراكب بالسلام على الماشي، و أن يسلم أصحاب الخيل على أصحاب البغال، و أصحاب البغال على أصحاب الحمير، و أن يسلم القائم على الجالس، و الجماعة القليلة على الجماعة الكثيرة، و الصغير على الكبير، و لا يمنع هذا التأكد في الاستحباب من العكس، فيستحب للماشي أن يسلم على الراكب و كذلك في الباقي و لكن تأكد الاستحباب في ما تقدم.

المسألة 705

إذا سلم رجل على أحد الشخصين، و لم يعلما أيهما قصد بتحيته، لم يجب عليهما الرد، و الأحوط استحبابا أن يرد كل واحد منهما على تحيته إذا كانا في غير الصلاة، و لا تجوز مراعاة هذا الاحتياط في حال الصلاة.

المسألة 706

إذا سلم كل من الرجلين على الآخر في وقت واحد، وجب على كل واحد منهما رد السلام على صاحبه و لم يكفه سلامه عن الجواب.

المسألة 707

رد السلام ليس تحية مبتدأة فلا يجب ردها، فإذا اعتقد الرجل مخطئا أن صاحبه سلم عليه فرد عليه السلام لم يجب على صاحبه أن يرد عليه و ان كان أحوط و إذا اعتقد كل من الرجلين أن الآخر قد سلم عليه فردا السلام معا و كانا مخطئين لم يجب عليهما رد ذلك و ان كان الرد أحوط.

المسألة 708

لا يجب رد السلام إذا كان سخرية أو مزاحا.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 482

المسألة 709

يجب رد السلام على الخطيب و الواعظ و أمثالهما إذا ابتدأ بالتحية، و يكفي الرد من بعض المستمعين، و لا يسقط وجوب الرد عن المكلف حتى يعلم أن بعض المقصودين بالتحية قد أجاب، فإذا شك في ذلك وجب عليه الرد.

المسألة 710

يستحب لمن عطس و ان كان في الصلاة أن يضع إصبعه على أنفه و يقول: الحمد للّه و صلى اللّه على النبي و آله، و يستحب ذلك لمن سمع عطسة غيره أيضا، و يستحب تسميت العاطس فيقول له: يرحمك اللّه أو يرحمكم اللّه، و يقول العاطس في جوابه يغفر اللّه لك أو يغفر اللّه لكم و يرحمكم، و الأحوط أن لا يسمت العاطس إذا كان في الصلاة، و لا يجوز للعاطس أن يرد التسميت و هو في الصلاة.

المسألة 711

إذا تكلم الإنسان في صلاته خوفا من ظالم أو دفعا لضرر عن نفسه أو لبعض المسوغات الأخرى لم يأثم في فعله و بطلت صلاته.

المسألة 712

(الخامس) من منافيات الصلاة: تعمد القهقهة، و المراد بها الضحك المشتمل على الصوت و الترجيح، و يلحق بها الضحك المشتمل على الصوت و ان لم يكن معه ترجيع على الأحوط، و بحكم العمد ما إذا قهقه مضطرا أو مقسورا، فتبطل الصلاة بجميع ذلك.

و لا تبطل الصلاة بالتبسم و ان كان عامدا، و لا بالقهقهة سهوا إذا لم تكن ماحية لصورة الصلاة، و إذا محت صورة الصلاة جرى فيها الاحتياط المتقدم في المسألة الستمائة و الحادية و السبعين، و لا تبطل الصلاة إذا امتلأ جوفه ضحكا حتى أحمر وجهه و لم يظهر له صوت إلا إذا كان ماحيا لصورة الصلاة.

المسألة 713

(السادس): تعمد البكاء لشي ء من أمور الدنيا، أو لذكر ميت،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 483

سواء كان البكاء مشتملا على صوت أم لا، على الأحوط في الثاني، فتبطل الصلاة إذا تعمد البكاء لذلك، و بحكم التعمد ما إذا بكى مضطرا أو مقسورا، و لا يبطلها إذا وقع سهوا.

و أما البكاء في الصلاة خوفا من اللّه أو عبودية له أو شوقا اليه أو رغبة في ما عنده أو نحو ذلك فهو من موجبات القرب من اللّه سبحانه و العلو في المنزلة لديه.

و لا بأس بالبكاء في الصلاة إذا كان تذللا للّه تعالى و توسلا اليه ليقضي له حاجة دنيوية أو ليدفع عنه بلاء أو مكروها دنيويا.

المسألة 714

لا ينبغي الريب في جواز البكاء على الحسين (ع) أو على أحد المعصومين (ع) في الصلاة إذا كان البكاء عليهم لرجحانه شرعا أو للتوسل بهم و بالبكاء عليهم لقبول العمل و النجاة في الآخرة نعم، الأحوط تركه في الصلاة إذا كان لمحض الرقة و الظلامة الإنسانية، و ما يشبه ذلك.

المسألة 715

(السابع): الأكل و الشرب الماحيان لصورة الصلاة، سواء كانا قليلين أم كثيرين فيجري فيهما الكلام المتقدم في الفعل الماحي لصورة الصلاة، فتبطل الصلاة بهما مع العمد، و يجري الاحتياط المتقدم مع السهو، فيتم الصلاة ثم يعيدها كما ذكرنا في المسألة الستمائة و الحادية و السبعين.

المسألة 716

لا تبطل الصلاة بابتلاع بقية طعام موجودة في الفم أو بين الأسنان، و لا يبطلها وضع قليل من السكر و نحوه في الفم فيذوب شيئا فشيئا و يدخل مع الريق قليلا قليلا.

المسألة 717

وردت الرخصة لمن كان في صلاة الوتر و هو يريد صوم ذلك اليوم و خاف أن يفاجئه الفجر قبل فراغه من الوتر و هو عطشان فيجوز له

كلمة التقوى، ج 1، ص: 484

أن يتقدم نحو الماء إذا كان قريبا منه و يشرب منه كفايته، ثم يعود في صلاته و دعائه و لا يبطل ذلك صلاته إذا لم يأت بشي ء ينافي الصلاة من استدبار القبلة أو حركة ماحية لصورة الصلاة أو نحو ذلك.

و الأحوط أن يقتصر في ذلك على الوتر المندوب، فلا يعم الوتر المنذورة، و لا يعم غير الوتر من النوافل و لا يلحق الأكل و غيره من المنافيات بشرب الماء نعم لا يختص الحكم بحال الدعاء في الوتر بل يعم جميع الحالات فيها.

المسألة 718

(الثامن) من منافيات الصلاة: التكفير، و هو وضع احدى اليدين على الأخرى، و الظاهر أن حرمة التكفير في الصلاة إنما هي حرمة تشريعية، لا نفسية، و انما تبطل الصلاة به إذا أتى به بقصد الجزئية للصلاة، أو قيد به امتثاله لأمر الصلاة، و إذا لم يكن على أحد النحوين لم تبطل به الصلاة و ان كان مأثوما بفعله، و لذلك فلا يختص التحريم بالنحو الذي يصنعه غيرنا، بل المدار على قصد التشريع به في أي نحو كان.

المسألة 719

لا تبطل الصلاة إذا كفر فيها ساهيا، و ان كان الأحوط الإعادة معه في جميع الصور المتقدمة و لا تبطل الصلاة إذا وضع احدى اليدين على الأخرى لغرض آخر كحك الجسد و نحو ذلك.

المسألة 720

إذا اقتضت التقية أن يكفر في صلاته، بحيث لا تتأدى التقية إلا به لزمه أن يكفر فيها و أجزأته صلاته، و إذا ترك التكفير في هذه الحال ففي صحة صلاته أشكال، و الأحوط الإعادة بل لا تخلو من قوة إذا كان ملتفتا.

المسألة 721

(التاسع) قول آمين بعد قراءة الفاتحة في الصلاة، و حرمة التأمين

كلمة التقوى، ج 1، ص: 485

تشريعية لا نفسية، كما ذكرناه في التكفير، و انما تبطل به الصلاة إذا أتى به المكلف بقصد الجزئية للصلاة أو قيد به امتثاله لأمر الصلاة فتبطل به الصلاة حين ذاك كما في التكفير و الأحوط اجتنابه مطلقا.

المسألة 722

لا تبطل الصلاة بقول آمين بقصد الدعاء في القنوت أو الركوع أو السجود مثلا، و لا تبطل بقول آمين بعد الفاتحة إذا كان ساهيا أو اقتضته التقية.

المسألة 723

إذا اقتضت التقية أن يقول آمين بعد الفاتحة بحيث لا تتأدى إلا به، لزمه ذلك و أجزأته صلاته كما قلنا، و إذا ترك التأمين في حال التقية فإن كان ملتفتا فالأحوط إعادة الصلاة و خصوصا مع خوف الضرر على النفس، و ان كان غافلا صحت صلاته.

المسألة 724

(العاشر) من منافيات الصلاة: أن يزيد المكلف في صلاته جزءا أو ينقصه عامدا فتبطل صلاته للزيادة أو النقيصة العمديتين، أو يزيد فيها ركنا أو ينقصه عامدا أو ساهيا فتبطل صلاته للإخلال بالركن، و سيأتي تفصيل الكلام في ذلك في مبحث الخلل الواقع في الصلاة.

المسألة 725

(الحادي عشر): أن يعرض له أحد الشكوك التي يحكم معها ببطلان الصلاة كالشك في ركعات الصلاة الثنائية أو الثلاثية، و في الأولتين من الرباعية، و سيأتي في فصل الشك في الركعات بيان ما هو المبطل منها و تفصيل القول فيه.

المسألة 726

إذا أتم الإنسان صلاته و شك بعد التسليم: هل أحدث في صلاته أو هل عرض له فيها أحد ما يوجب بطلانها أم لا، حكم بصحة الصلاة و عدم عروض المبطل.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 486

المسألة 727

إذا علم بأنه قد نام عامدا، و لكنه شك هل كان نومه في أثناء الصلاة أم بعد أن أتمها، فإن علم أن نومه كان بعد بنائه على الفراغ من الصلاة حكم بصحة صلاته، و ان لم يعلم بذلك، وجبت عليه إعادة الصلاة.

و كذلك إذا علم بأن النوم قد غلبه قهرا، و لم يعلم أنه بعد الصلاة أو في أثنائها، أو وجد نفسه نائما في السجدة، و شك في أنها السجدة الأخيرة من الصلاة أو هي سجدة الشكر، فعليه إعادة الصلاة، في الفروض الثلاثة.

المسألة 728

لا يجوز للإنسان أن يقطع صلاة الفريضة من غير سبب يوجب ذلك، و يجوز إذا اقتضته ضرورة دينية أو دنيوية كحفظ نفسه أو حفظ نفس محترمة أو حفظ عرض أو مال أو إمساك دابة شاردة أو عبد أبق أو غريم هارب، بل يجوز قطعها على الأقوى لأي غرض مهم راجح سواء كان دينيا أم دنيويا، فيجوز قطع الصلاة لإزالة النجاسة عن المسجد مثلا مع سعة الوقت إذا رآها في أثناء الصلاة أو رأى من يساعده على إزالتها.

و قد تقدم استحباب قطع الفريضة إذا نسي الأذان و الإقامة و تذكرهما قبل الدخول في الركوع، و استحباب قطعها إذا شرع فيها ثم حضرت صلاة الجماعة.

المسألة 729

يجوز قطع النافلة و ان كانت منذورة إلا إذا تضيق وقت الوفاء بالنذر، كما إذا نذر أن يأتي بصلاة جعفر مثلا قبل الزوال من يوم الجمعة، أو نذر صلاة الوتر قبل طلوع الفجر من ليلة الجمعة، فلا يجوز له قطعها عند تضيق وقتها.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 487

المسألة 730

إذا وجب على المكلف قطع الصلاة فلم يقطعها و أتم صلاته، فالظاهر صحة الصلاة و ان أثم بترك الواجب الذي وجب له قطع الصلاة.

المسألة 731

يكره أن يلتفت المصلي بوجهه عن القبلة و لو قليلا كما بيناه في أول هذا الفصل أو يلتفت ببصره، و أن يعبث بلحيته أو برأسه أو بيده، أو بشي ء من أعضائه، و أن يفرقع أصابعه، و أن يتمطى، أو يتثاءب، أو يبصق، أو يمتخط، و أن يئن في صلاته أو يتأوه، أو ينفخ موضع سجوده أو يشبك أصابعه، أو يغمض عينيه، أو يحدث نفسه.

المسألة 732

يكره للإنسان أن يدخل في الصلاة و هو يدافع البول أو الغائط أو الريح، و أن يقوم إلى الصلاة متكاسلا أو متناعسا أو متثاقلا، و أن يقرن بين قدميه في حال قيامه كالمقيدتين و أن يتورك فيضع يديه على وركيه حال القيام، و أن ينظر في نقش خاتم أو في مصحف أو كتاب، و في حكم ذلك أن ينظر في زخارف المكان الذي يصلي فيه، و أن ينصت في أثناء صلاته ليسمع قول القائل.

المسألة 733

يكره القرآن في صلاة الفريضة، و هو أن يقرأ سورتين أو أكثر في الركعة الواحدة منها، و قد ذكرنا ذلك في المسألة الأربعمائة و الثلاثين.

المسألة 734

تستحب الصلاة على النبي (ص) عند ذكره أو سماع ذكره، سواء كان الذاكر أو السامع في الصلاة أم في غيرها، و سواء ذكر بأحد أسمائه أو ألقابه أو كناه الشريفة (ص)، و في الصحيح عن أبي جعفر (ع):

و صل على النبي (ص) كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان أو غيره.

المسألة 735

يستحب تكرار الصلاة عليه مهما تكرر ذكره (ص)، فإذا سمع ذكره و هو في التشهد صلى عليه و لم يكتف بالصلاة الواجبة في التشهد.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 488

المسألة 736

الظاهر ان الاستحباب فيها على الفور، فلا يجعل بين ذكره و الصلاة عليه فصلا طويلا، و لا تعتبر في الصلاة عليه صيغة خاصة، فيكفي أن يقول: اللهم صل عليه، أو صلوات اللّه عليه، أو صلى اللّه عليه، أو غير ذلك من الصيغ، و لا بد من أن يضيف إله إليه في الصلاة عليه.

صلوات اللّه عليهم أجمعين.

الفصل الثلاثون في الخلل الواقع في الصلاة

المسألة 737

إذا أخل الإنسان بشي ء من واجبات الصلاة أو شرائطها عامدا بطلت صلاته، سواء كان الواجب أو الشرط الذي أخل به ركنا أم غير ركن، و سواء كان فعلا أم قولا أم وصفا، كالجهر و الإخفات و الطمأنينة، و الاستقلال و الترتيب و الموالاة، حتى إذا أخل بحرف أو كلمة أو حركة من القراءة أو الذكر، أو بالموالاة بين حروف الكلمات أو بين الكلمات نفسها على الوجه الذي تقدم إيضاحه في مواضعه.

و المراد بالإخلال في هذه المسألة أن ينقص الشي ء أو ينقص شرطه أو ينقص وصفا أو كيفية تجب فيه، فإذا فعل ذلك عامدا بطلت صلاته، و بحكمه ما إذا فاتت الموالاة أو الترتيب سهوا و أمكن للمكلف تدارك الخلل بتكرار الفعل فلم يتداركه عامدا.

المسألة 738

إذا زاد في صلاته جزءا عامدا بطلت صلاته، سواء كان الجزء الذي زاده ركنا أم واجبا غير ركن، و سواء كان قولا أم فعلا، و سواء كان موافقا لاجزاء الصلاة في الصورة، كسجدة ثالثة أو ركوع ثان أم مخالفا لها، كالتكفير و التأمين إذا قصد بهما الجزئية للصلاة، و سواء قصد الإتيان به في ابتداء النية، أم في الأثناء.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 489

المسألة 739

انما تتحقق الزيادة إذا قصد بالشي ء الجزئية للصلاة، فلا يضر بالصلاة ما يأتي به من الأفعال المباحة لا بقصد الجزئية، كحك الجسد، و حركة اليد، و مسح الوجه، إلا إذا كان ماحيا لصورة الصلاة، و لا تضربها القراءة و الذكر و الدعاء، التي يأتي بها بقصد مطلق القراءة و الذكر و الدعاء لا بقصد الجزئية.

المسألة 740

لا تبطل الصلاة بزيادة الأجزاء المستحبة كالقنوت، و لا بنقيصتها، إلا إذا أوجبت خللا في نية القربة، و مثال ذلك أن يقيد امتثاله بصلاة ذات قنوتين، أو بصلاة لم يشرع فيها القنوت فتبطل الصلاة بذلك.

المسألة 741

إذا أخل الإنسان بشرط ركن من شرائط الصلاة، و هو جاهل بالحكم، فترك الطهارة من الحدث فيها، أو صلى قبل دخول الوقت بطلت صلاته، و كذلك إذا أخل بالقبلة فصلى مستدبرا للقبلة، أو منحرفا عنها الى اليمين أو اليسار، أو انحرف بجميع بدنه عنها بحيث لا يعد مستقبلا، و أن لم يبلغ محض اليمين أو اليسار، أو انحرف بوجهه عن القبلة بحيث لا يعد مستقبلا بوجهه و أوقع بعض أفعال الصلاة في حال انحرافه، فتبطل صلاته في جميع هذه الفروض كما في العامد.

و تبطل صلاته كذلك إذا ترك ركعة تامة، أو ترك ركوعا أو ركنا آخر من أركان الصلاة، و تبطل صلاته إذا زاد ركنا من أركانها كالركوع، فحكم الجاهل بالحكم في جميع ما ذكر حكم العامد. و إذا أخل الجاهل بالحكم بشي ء من باقي شروط الصلاة أو أجزائها غير الركنية، فزاد شيئا منها أو نقص، فالظاهر أن حكمه حكم الساهي، إلا إذا كان جاهلا مترددا في صحة العمل و فساده فالظاهر اجراء حكم العامد عليه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 490

المسألة 742

إذا ترك الإنسان الطهارة من الحدث و صلى ساهيا عن ذلك أو صلى ساهيا بغسل أو وضوء أو تيمم باطل، لنقصان بعض أجزائه أو شرائطه، كانت صلاته باطلة، سواء تذكر ذلك في أثناء الصلاة أم بعد الفراغ منها.

المسألة 743

إذا أخل بالوقت ساهيا فصلى قبل دخوله بطلت صلاته، و كذلك إذا أخل بالقبلة سهوا، فصلى مستدبرا للقبلة أو كانت القبلة إلى يمينه أو يساره فتبطل صلاته.

المسألة 744

إذا صلى ساهيا مع نجاسة ثوبه أو بدنه، أو صلى معها و هو جاهل بموضوع النجاسة أو بحكم الصلاة فيها، ففي صحة صلاته و عدمها تفصيل ذكرناه في المسألة المائة و الثامنة و الخمسين و ما يتلوها من المسائل من كتاب الطهارة فلتراجع.

المسألة 745

إذا أخل المكلف بستر عورته ساهيا فلم يسترها و لم يلتفت حتى أتم الصلاة صحت صلاته، و تراجع المسألة المائة و الرابعة و ما قبلها و ما بعدها من كتاب الصلاة في الفروض التي تتعلق بذلك، و إذا أخل بشرائط الساتر، فان صلى في غير المأكول ساهيا فالظاهر بطلان صلاته، و إذا صلى في الحرير أو الذهب و نحوهما ساهيا فالظاهر صحتها.

المسألة 746

إذا أخل بشرائط المكان في صلاته ساهيا، فالظاهر عدم بطلانها بذلك، من غير فرق بين اباحة المكان و غيرها، نعم إذا صلى في المكان المغصوب ناسيا لغصبيته، و كان المصلي هو الغاصب نفسه و كان ممن لا يبالي على تقدير تذكره، فالظاهر بطلان صلاته و ان كان ناسيا، و كذلك الحكم في اللباس المغصوب.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 491

المسألة 747

لا تبطل صلاة المكلف إذا سجد على ما لا يصح السجود عليه ساهيا، سواء كان ذلك لنجاسته، أم لكونه من غير الأرض أو نباتها، أم لكونه مما يؤكل أو يلبس عادة، أم لكونه أرفع أو أخفض من موقفه بأكثر مما يجوز، و كل ذلك إذا لم يتذكر حتى فات موضع تداركه، و إذا تذكره بعد رفع رأسه من السجود، فالأحوط المضي في صلاته ثم اعادتها.

المسألة 748

إذا زاد الإنسان في صلاته ركوعا ساهيا بطلت صلاته، و يشكل الحكم إذا زاد سجدتين في ركعة واحدة ساهيا، أو زاد تكبيرة الإحرام، فلا يترك الاحتياط في هذين الفرضين بأن يتم صلاته ثم يعيدها.

و يستثنى من ذلك ما إذا زاد الركوع أو السجدتين للمتابعة في صلاة الجماعة، و مثال ذلك ما إذا كان مأموما و رفع رأسه قبل الإمام في ركوعه أو سجوده ساهيا، ثم علم ان الامام لا يزال راكعا أو لا يزال ساجدا، فإنه يعود الى الركوع أو السجود، و لا تضره زيادة الركوع أو زيادة السجود، و سيأتي بيان ذلك في أحكام الجماعة.

المسألة 749

إذا زاد الإنسان في صلاته ركعة تامة ساهيا بطلت صلاته، سواء تشهد بعد الركعة الرابعة ثم قام إلى الخامسة، أو جلس بعدها بمقدار التشهد ثم قام، أم لم يجلس بعدها و لم يتشهد، فتبطل صلاته في جميع الفروض على الأقوى.

و ان كان الأحوط استحبابا إذا كان قد تشهد في الرابعة أن يرفع اليد عن زيادة الركعة فيجلس بعد الخامسة، و يسلم من غير تشهد، و إذا كان قد جلس فيها بمقدار التشهد أن يفعل كذلك فيجلس بعد الخامسة و يتشهد و يسلم، ثم يعيد الصلاة في الصورتين.

المسألة 750

تقدم في المسألة الثلاثمائة و الخامسة و التسعين: ان زيادة القيام

كلمة التقوى، ج 1، ص: 492

المتصل بالركوع لا تتحقق إلا بزيادة الركوع معه، و أن زيادة القيام حال تكبيرة الإحرام لا تتحقق كذلك إلا بزيادة تكبيرة الإحرام معه، و تقدم في أول الفصل الخامس عشر أن النية ركن في الصلاة و لكن الزيادة لا تتصور فيها.

المسألة 751

إذا نسي المكلف أنه مسافر أو نسي أن حكمه هو القصر في الصلاة فأتم صلاته، فان هو لم يتذكر حتى خرج الوقت صحت صلاته و لم يجب عليه قضاؤها، و هو مستثنى من الحكم المتقدم ببطلان الصلاة بزيادة الركعة. و إذا تذكر في الوقت وجبت عليه إعادة الصلاة، فإن هو لم يعدها في الوقت وجب عليه قضاؤها، و سيأتي ذلك في أحكام صلاة المسافر.

المسألة 752

إذا زاد الإنسان في صلاته جزءا غير ركن ساهيا لم تبطل صلاته بذلك، كما إذا زاد فيها سجدة، أو تشهدا، أو قراءة، أو ذكرا، و لا يجب عليه سجود السهو إلا إذا كان من الموارد الخاصة التي يجب السجود لها، و سيأتي بيانها في فصل سجود السهو.

المسألة 753

إذا ترك الركوع سهوا و لم يتذكر حتى دخل في السجدة الثانية من الركعة بطلت صلاته، و إذا تذكره و هو في السجدة الأولى أو بين السجدتين، رفع يده عن السجدة الزائدة و قام و أتى بالركوع عن قيام و أتم صلاته و لا شي ء عليه.

المسألة 754

إذا نسي السجدتين من ركعة واحدة، و لم يتذكرهما حتى دخل في ركوع الركعة التي بعدها بطلت صلاته، و إذا تذكرهما في حال القيام أو في حال القراءة و قبل الركوع، رفع اليد عن القيام و القراءة و أتى بالسجدتين، ثم قام و قرأ أو سبح و أتم صلاته، ثم سجد للسهو للقيام الزائد إذا تلبس معه بقراءة أو بتسبيح.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 493

المسألة 755

إذا نسي السجدتين من الركعة الأخيرة و تشهد و سلم و فعل ما ينافي الصلاة عمدا و سهوا من حدث أو استدبار للقبلة، ثم تذكر نقص السجدتين بطلت صلاته، و إذا تذكرهما بعد ما سلم و قبل أن يأتي بالمبطل، فلا يترك الاحتياط بأن يأتي بالسجدتين و بالتشهد بعدهما و التسليم ثم يسجد للسهو لاحتمال زيادة التسليم في غير موضعه، ثم يعيد الصلاة، و إذا تذكرهما قبل أن يأتي بالتسليم أتى بالسجدتين و بالتشهد و التسليم بعدهما و صحت صلاته.

المسألة 756

إذا ترك النية أو ترك تكبيرة الإحرام ساهيا أو ناسيا بطلت صلاته، و كذلك الحكم إذا ترك القيام حال تكبيرة الإحرام أو نسي القيام المتصل بالركوع فتبطل صلاته لنقصان الركن.

المسألة 757

إذا نسي ركعة من صلاته، فان تذكرها بعد التشهد و قبل التسليم وجب عليه أن يأتي بالركعة و يتم صلاته، و إذا تذكر الركعة بعد التسليم و قبل أن يأتي بما يبطل الصلاة عمدا و سهوا من حدث أو استدبار، قام و أتى بالركعة و أتم الصلاة، ثم سجد للسهو للسلام في غير موضعه، و إذا تذكرها بعد أن سلم و أتي بالمبطل بطلت صلاته و عليه اعادتها، سواء كانت الصلاة رباعية أم غيرها، و كذلك الحكم إذا نسي أكثر من ركعة.

المسألة 758

إذا نسي التسليم في الصلاة و لم يتذكر حتى أتى بما يبطل الصلاة عمدا و سهوا، فالأحوط ان لم يكن أقوى أن يأتي بالتسليم ثم يعيد الصلاة.

المسألة 759

إذا نسي الإنسان جزءا غير ركن من أجزاء الصلاة و تذكره قبل أن

كلمة التقوى، ج 1، ص: 494

يفوت موضع تداركه، وجب عليه أن يعود فيتدارك ذلك الجزء المنسي، ثم يأتي بما بعده من الأجزاء و الأذكار ليحصل الترتيب و لا يعتد بما أتى به منها قبل أن يتدارك ذلك الجزء ثم يتم صلاته.

فإذا نسي سجدة واحدة أو تشهدا و تذكرهما بعد القيام للركعة اللاحقة و قبل الدخول في ركوعها، وجب عليه أن يعود فيأتي بالسجدة أو التشهد المنسي، ثم يقوم و يتم صلاته ثم يسجد للسهو للقيام إذا تلبس معه بقراءة أو تسبيح، و إذا لم يتلبس بهما فلا سجود عليه.

المسألة 760

إذا نسي جزءا غير ركن و تذكره بعد أن فات موضع تداركه مضى في صلاته، فإذا أتمها وجب عليه قضاء الجزء المنسي إذا كان سجدة واحدة، و كذلك إذا كان تشهدا على الأحوط، و أتى بسجود السهو لهما، و لا يجب قضاء غير السجدة و التشهد من الأجزاء المنسية و لا سجود السهو لها.

المسألة 761

يفوت محل تدارك الجزء المنسي في الصلاة لأحد أمرين:

(الأول): إذا لم يتذكر المكلف انه ترك الجزء حتى دخل في ركن بعده، و مثال ذلك أن ينسى القراءة في الأولتين أو ينسى التسبيح في الأخيرتين، أو ينسى بعضهما، أو اعرابهما أو الترتيب فيهما، أو ينسى القيام فيهما أو الطمأنينة، ثم لا يتذكر ذلك الا بعد الدخول في الركوع فيجب عليه إتمام الصلاة و لا شي ء عليه.

و من أمثلة ذلك أن ينسى السجدة الواحدة أو ينسى التشهد و لا يتذكر الا بعد الدخول في الركوع من الركعة اللاحقة، و قد تقدم ذكر هذا الفرض و بيان حكمه في المسألة المتقدمة.

المسألة 762

إذا نسي القراءة أو التسبيح أو نسي بعضهما أو اعرابهما أو الترتيب فيهما، و تذكر قبل الدخول في الركوع لم يفت محل التدارك،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 495

فيجب عليه أن يرجع و يأتي بما نسيه منها، و أن يأتي بما بعده ليحصل الترتيب، و لا شي ء عليه غير ذلك.

المسألة 763

إذا نسي القيام أو الطمأنينة في حال القراءة أو التسبيح و تذكرهما قبل الدخول في الركوع فلا يترك الاحتياط في أن يعود فيأتي بالقراءة أو التسبيح قائما مطمئنا بقصد الاحتياط و القربة المطلقة، لا بقصد الجزئية، و كذلك إذا نسي الطمأنينة حال التشهد أو في الأذكار الواجبة الأخرى، و تذكرها بعد أن أتم التشهد أو أتم الذكر، فلا يترك الاحتياط بأن يأتي بالتشهد أو الذكر مطمئنا بقصد الاحتياط لا بقصد الجزئية.

المسألة 764

(الثاني) مما يفوت به محل تدارك الجزء المنسي: أن يكون ذلك الجزء واجبا في فعل من أفعال الصلاة، فإذا نسي الجزء و لم يتذكره حتى مضى ذلك الفعل فقد فات محل تدارك الجزء المنسي، و مثال ذلك ذكر الركوع أو السجود، فإنهما واجبان في حال الركوع و السجود، فإذا نسي المكلف الذكر و لم يتذكره حتى رفع رأسه من الركوع فقد فات محل تدارك الذكر فيه، و كذلك الأمر في ذكر السجود، و كذلك إذا نسي الطمأنينة في الركوع أو السجود، و تذكرها بعد رفع الرأس منهما، أو نسي وضع بعض المساجد غير الجبهة حتى رفع رأسه من السجود أو نسي فوضع جبهته على الموضع النجس، و تذكر بعد رفع رأسه من السجود، و حكمه أن يمضي في صلاته و لا شي ء عليه كما تقدم.

المسألة 765

إذا نسي الذكر في الركوع أو السجود و تذكره قبل رفع رأسه منهما وجب عليه أن يأتي بالذكر قبل أن يرفع رأسه، و كذلك إذا نسي بعض المساجد غير الجبهة فلم يضعه على الأرض في سجوده و تذكره قبل رفع رأسه من السجود، فيجب عليه أن يضع المساجد و يأتي بالذكر قبل ان يرفع رأسه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 496

و أما وضع الجبهة على الأرض فلا يتحقق السجود الا به، فإذا نسيه المكلف فلا بد له من العود اليه و لا يفوت محل تداركه الا بالدخول في الركوع من الركعة اللاحقة.

و إذا نسي الطمأنينة حال الذكر في الركوع أو السجود و تذكره قبل رفع الرأس منه فقد تقدم ان الاحتياط لا يترك بأن يأتي بالذكر مطمئنا بقصد الاحتياط لا بقصد الجزئية.

المسألة 766

إذا نسي الانتصاب بعد الركوع، فان تذكره قبل وضع الجبهة على الأرض في السجدة الأولى وجب عليه أن يقوم فيأتي به ثم يسجد، و إذا تذكره بعد الدخول في السجدة الثانية فات محل تداركه، فيجب عليه أن يمضي في صلاته و لا شي ء عليه، و إذا تذكره في السجدة الأولى أو بين السجدتين و قبل أن يدخل في السجدة الثانية، فالأحوط له أن يعود فيأتي بالانتصاب بعد الركوع ثم يسجد السجدتين و يتم الصلاة ثم يعيدها، و كذلك الاحتياط إذا نسي الجلوس بعد السجدة الأولى و لم يتذكره حتى دخل في السجدة الثانية فيأتي به و يتم الصلاة ثم يعيدها.

المسألة 767

إذا نسي الطمأنينة في القيام بعد الركوع و تذكرها قبل أن يضع جبهته على الأرض في السجدة الأولى، فالأحوط له أن يعود الى القيام و يأتي بالطمأنينة فيه برجاء المطلوبية، و كذلك إذا نسي الطمأنينة في الجلوس بعد السجدة الأولى و تذكرها قبل وضع الجبهة في السجدة الثانية.

المسألة 768

قيل ان التسليم الواجب مما يفوت به محل التدارك للجزء المنسي، و فيه إشكال، فإذا نسي المكلف السجدتين من الركعة الأخيرة و لم يتذكرهما الا بعد التسليم الواجب، فان فعل ما ينافي الصلاة عمدا و سهوا بطلت الصلاة، و ان لم يأت بالمبطل فالأحوط لزوما أن يأتي بالسجدتين و بما بعدهما من التشهد و التسليم و أن يسجد للسهو لاحتمال

كلمة التقوى، ج 1، ص: 497

زيادة التسليم في غير موضعه ثم يعيد الصلاة كما ذكرناه في المسألة السبعمائة و الخامسة و الخمسين.

و إذا نسي سجدة واحدة من الركعة الأخيرة أو نسي التشهد منها و تذكرهما بعد التسليم و قبل أن يأتي بما يبطل الصلاة أتى بالسجدة أو التشهد بقصد ما في الذمة من أداء أو قضاء لهما، و أتى بما بعدهما على الترتيب ثم سجد للسهو لما في ذمته بسبب نسيان الجزء أو التسليم في غير موضعه و صحت صلاته، و ان تذكرهما بعد التسليم و فعل ما يبطل الصلاة أتى بهما و بسجود السهو ثم أعاد الصلاة.

و ان تذكرهما قبل التسليم لم يفت موضع تداركهما، فيجب عليه أن يأتي بهما و بما بعدهما على الترتيب و تصح بذلك صلاته.

المسألة 769

إذا علم أنه قد نسي سجدتين من ركعتين و قد فات موضع تداركهما، وجب عليه قضاؤهما بعد الصلاة و ان كانتا من الأولتين، و عليه سجدتا السهو لكل واحدة منهما على الأحوط.

المسألة 770

إذا نسي فأخفت في القراءة في موضع وجوب الجهر لم تجب عليه اعادة ما مضى من قراءته و ان تذكره في أثناء القراءة أو قبل الدخول في الركوع، و يجب عليه الجهر في بقية القراءة إذا كان تذكره في أثنائها، و يمضي في صلاته إذا كان تذكره بعد الفراغ من القراءة.

و كذلك الحكم إذا نسي فأجهر في موضع وجوب الإخفات من القراءة أو التسبيح.

الفصل الحادي و الثلاثون في الشك في الصلاة و أفعالها

المسألة 771

إذا شك الإنسان هل أتى بالصلاة الواجبة عليه أم لم يأت بها، و كان شكه بعد خروج وقت الصلاة، بنى على أنه قد أتى بالصلاة المشكوكة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 498

و لم يلتفت الى شكه. و كذلك إذا شك في تحقق شي ء من شرائط الصلاة أو في شي ء من أجزائها أو في صحته، أو في عدد الركعات بعد ما خرج وقتها. فيبني على أنه قد أتى بها على الوجه الصحيح و لا يعتني بشكه، و إذا شك في الإتيان بالصلاة و وقتها لا يزال باقيا وجب عليه أن يأتي بها، و سيأتي بيان حكم الشك في الشرائط أو الأجزاء أو عدد الركعات.

المسألة 772

لا فرق في الصلاة التي يشك في الإتيان بها بين أن تكون واحدة أو متعددة، فإذا شك في الإتيان بصلاة الصبح و وقتها باق، وجب عليه أن يأتي بها، و إذا كان الشك بعد الوقت لم يلتفت اليه، و إذا شك في الإتيان بالظهرين أو العشاءين، فحكمه كذلك.

و إذا علم بأنه قد صلى الظهر مثلا، و شك في انه صلى العصر أيضا أم لا، فعليه أن يصليها إذا كان الوقت باقيا، و لم يعتن بشكه إذا كان بعد الوقت، و مثله ما إذا شك في صلاة العشاء.

المسألة 773

إذا علم قبل خروج الوقت أنه صلى العصر و شك في أنه قد صلى الظهر أيضا أم لا فالأحوط له أن يأتي بالظهر، و كذلك إذا علم و هو في الوقت أنه صلى العشاء و شك في الإتيان بالمغرب.

المسألة 774

إذا بقي من الوقت مقدار أربع ركعات و شك في الإتيان بصلاة الظهر و العصر فعليه أن يأتي بالعصر، بل و بالظهر أيضا على الأحوط، بناء على ما هو المختار من اشتراك الفريضتين في جميع الوقت، فيأتي بالعصر أداء في ما بقي من الوقت، ثم يأتي بالظهر على الأحوط قضاء بعد الوقت، و إذا علم بأنه قد صلى العصر و شك في انه أتى بالظهر و قد بقي من الوقت مقدار أربع ركعات وجب عليه أن يأتي بالظهر.

المسألة 775

إذا بقي من الوقت مقدار ركعة و شك في الإتيان بالصلاة كان من

كلمة التقوى، ج 1، ص: 499

الشك في الوقت فعليه الإتيان بالفريضة، بل لا يترك الاحتياط إذا شك في الإتيان بها و قد بقي من الوقت أقل من ذلك، فيأتي بالفريضة المشكوكة على الأحوط.

المسألة 776

المراد بالشك ما يخالف اليقين، فإذا ظن الإتيان بالصلاة و كان في الوقت وجب عليه أن يأتي بها، و إذا كان بعد الوقت لم يعتن باحتمال العدم، و كذلك الحكم إذا ظن عدم الإتيان بالصلاة.

المسألة 777

إذا شك في خروج الوقت و عدمه استصحب بقاءه فإذا شك معه في الإتيان بالصلاة وجب عليه الإتيان بها.

المسألة 778

إذا شك و هو في صلاة العصر في أنه صلى الظهر قبلها أم لا، بنى على عدم الإتيان بها على الأحوط، فإن كان في الوقت المشترك بين الفريضتين عدل بنيته الى الظهر و أتمها ثم صلى العصر بعدها، و إذا كان في الوقت المختص بالعصر، أتم العصر، ثم صلى الظهر قضاء على الأحوط.

المسألة 779

إذا تيقن انه صلى احدى الظهرين و لم يأت بالأخرى و لم يعلم أن ما أتى به أيتهما على التعيين، كفاه أن يصلي أربع ركعات بقصد ما في الذمة، من غير فرق بين أن يكون في الوقت المشترك بين الفريضتين أم في الوقت المختص بالعصر أم في خارج الوقت.

و إذا علم بأنه صلى احدى العشاءين و لم يعلم بها على التعيين وجب عليه أن يأتي بهما معا، سواء كان في الوقت المشترك أم في الوقت المختص بالعشاء أم في خارج الوقت، و إذا كان في الوقت المختص بالعشاء أتى بالعشاء في الوقت ثم أتى بالمغرب قضاء، و ينوي امتثال أمرهما المحتمل.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 500

المسألة 780

إذا شك و هو في الوقت في أنه أتى بالصلاة أم لا، فوجب عليه أن يأتي بها كما تقدم، ثم نسي أن يأتي بها في الوقت وجب عليه أن يقضيها بعد الوقت، و ان كان بالفعل شاكا فيها بعد الوقت.

و إذا اعتقد بأن شكه في الإتيان بالصلاة كان بعد خروج الوقت فلم يأت بالفريضة، ثم تبين له أن شكه كان في الوقت وجب عليه قضاء الصلاة.

و إذا اعتقد بأن شكه في الإتيان بالصلاة كان في الوقت، و لكنه ترك الصلاة عمدا أو سهوا، ثم تبين له أن شكه كان بعد خروج الوقت لم يجب عليه القضاء.

المسألة 781

من يكون كثير الشك في أنه أتى بالصلاة أم لا، فحكمه حكم غيره من الناس، فإذا شك و هو في الوقت فعليه الإتيان بالصلاة، و إذا شك بعد خروج الوقت لم يعتن بشكه، و من يكون وسواسيا في ذلك يبني على أنه قد أتى بالصلاة و ان كان في الوقت.

المسألة 782

يجب إحراز شرائط الصلاة قبل الدخول فيها و في أثنائها، و لا يصح الشروع في الصلاة مع الشك في وجود الشرائط أو الشك في وجود بعضها، و يكفي إحرازها بأمارة شرعية أو أصل شرعي كما إذا قامت البينة على الطهارة أو على القبلة، أو اعتمد في دخول الوقت على أذان الثقة العارف بالوقت، أو أحرز طهارته من الحدث أو من الخبث بالاستصحاب، و نحو ذلك من الامارات و الأصول الشرعية المحرزة.

و كذلك الحكم إذا شك في شي ء من الشروط في أثناء الصلاة، فلا بد من إحرازه باستصحاب و نحوه و قد تقدمت تفاصيل ذلك في المباحث المتقدمة.

و إذا شك في شي ء منها بعد الفراغ من صلاته حكم بالصحة في الصلاة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 501

الماضية، و وجب إحراز الشروط للصلوات الآتية، فإذا شك بعد أن فرغ من صلاته هل تطهر لها من الحدث أو من الخبث بنى على الصحة في صلاته الماضية، و وجب عليه أن يتطهر للصلاة الآتية.

المسألة 783

إذا شك في جزء من أجزاء الصلاة و كان شكه فيه قبل أن يدخل في جزء آخر يكون بعده في الترتيب بين أجزاء الصلاة وجب عليه أن يأتي بالجزء المشكوك، و مثال ذلك ان يشك في الإتيان بتكبيرة الإحرام قبل أن يدخل في القراءة أو في الاستعاذة، أو يشك في القراءة قبل أن يدخل في الركوع، أو يشك في الركوع و هو قائم، أو يشك في السجدة أو في السجدتين معا و هو جالس، قبل أن يقوم و قبل أن يتشهد، أو يشك في التشهد قبل أن يقوم للركعة اللاحقة، فيجب عليه في جميع هذه الفروض و نظائرها أن يأتي بالجزء الذي شك فيه.

و إذا

شك في الجزء بعد ما تجاوز موضعه و دخل في جزء آخر يكون بعده في ترتيب أجزاء الصلاة بنى على أنه قد أتى بالجزء المشكوك، و لم يلتفت الى شكه، و مثال ذلك ان يشك في الإتيان بتكبيرة الإحرام بعد ما شرع في الاستعاذة أو في القراءة، أو يشك في القراءة بعد أن دخل في القنوت أو في الركوع، أو يشك في الركوع بعد أن هوى للسجود، أو يشك في السجود بعد أن دخل في التشهد أو بعد ما قام للركعة اللاحقة، و هكذا، فيمضي في صلاته و يبني على وقوع الجزء الذي شك فيه، سواء كان ذلك في الركعتين الأولتين أم في الأخيرتين، و سواء كان في صلاة رباعية أم في غيرها.

المسألة 784

يراد بالدخول في الغير أن يدخل في أي فعل يكون بعد الشي ء المشكوك بحسب ترتيب أفعال الصلاة و أجزائها، كالاستعاذة أو القراءة بالنسبة إلى تكبيرة الإحرام، و كالسورة بالنسبة إلى الفاتحة، و كالآية اللاحقة بالنسبة إلى الآية السابقة عليها من الفاتحة أو السورة، بل و آخر كل آية بالنسبة إلى أولها، و كالقنوت بالنسبة إلى القراءة أو الى

كلمة التقوى، ج 1، ص: 502

السورة، و حتى مقدمات الأفعال، كما إذا شك في الركوع أو في القيام بعد الركوع بعد ما هوى إلى السجود، أو شك في التشهد بعد أن نهض من الأرض للقيام، فلا يلتفت الى شكه في جميع ذلك.

المسألة 785

إذا شك في السجدة أو في السجدتين معا، و هو آخذ في القيام وجب عليه الرجوع و الإتيان بالسجود المشكوك، و هذا استثناء من القاعدة التي ذكرناها في المسألة المتقدمة دل عليه النص فيعمل به في مورده و لا يتعدى منه الى غيره.

المسألة 786

من كانت وظيفته الصلاة من جلوس، إذا شك في السجود بعد ما جلس و كان جلوسه بدل القيام لم يلتفت الى شكه إذا اشتغل في جلوسه بقراءة أو تسبيح أو تشهد، و إذا كان شكه قبل ذلك أشكل الحكم فيه، و لا يترك الاحتياط بعدم الالتفات الى شكه و إتمام الفرض ثم اعادته، و كذلك إذا شك في التشهد و قد جلس جلوسه بدل القيام، فلا يلتفت الى شكه إذا كان بعد ما اشتغل في جلوسه بقراءة أو تسبيح، و يجري فيه الاحتياط المتقدم إذا كان قبل ذلك.

و إذا علم أن جلوسه للسجدة أو للتشهد، و شك في أنه سجد أم لا، أو تشهد أم لا كان من الشك قبل التجاوز فيأتي بالشي ء المشكوك، و إذا جلس و لم يعلم أن جلوسه بدل القيام أو هو جلوس السجدة أو للتشهد و شك في الإتيان بالسجدة أو التشهد وجب عليه أن يأتي بهما.

المسألة 787

إذا شك في صحة الفعل الذي أتى به بعد ما فرغ منه بنى على صحته و ان لم يتجاوز عنه و لم يدخل في غيره، و مثال ذلك أن يشك في صحة نطقه بالتكبير بعد ما فرغ من تكبيرة الإحرام، أو يشك في صحتها لفقد بعض شروطها، أو يشك في صحة القراءة بعد ما أتمها، أو يشك في صحة قراءة الكلمة أو الآية أو السورة، فيبني على صحة ما فعله.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 503

المسألة 788

إذا شك في جزء قبل أن يتجاوز عنه فأتى به، ثم تذكر أنه قد أتى به سابقا، فان كان من الأركان بطلت صلاته كما إذا شك في الركوع و هو قائم فأتى به ثم تذكر أنه قد ركع أولا، فعليه الإعادة لزيادة الركن، و إذا كان ذلك في تكبيرة الإحرام أو في السجدتين أتم الفرض ثم اعاده على الأحوط كما ذكرنا ذلك من قبل.

و ان كان من الأجزاء غير الأركان مضى في صلاته و لا شي ء عليه الا إذا كانت زيادته سهوا توجب سجود السهو، فعليه السجود لها و سيأتي تفصيل ذلك.

المسألة 789

إذا شك في الجزء بعد الدخول في ما بعده فلم يأت به، ثم تذكر انه لم يأت به قبل ذلك، فهنا صور تجب ملاحظتها:

(الصورة الأولى): أن يكون في محل يمكنه فيه تدارك ذلك الجزء المنسي، على حسب ما بيناه في الفصل السابق، و الحكم في هذه الصورة أن يرجع الى الجزء فيأتي به و يتم صلاته سواء كان ركنا أم غيره، و مثال ذلك أن يشك في الإتيان بالسجدة أو بالتشهد بعد قيامه للركعة اللاحقة، فإذا تذكر انه لم يأت بالسجدة أو التشهد، و كان قبل الدخول في الركوع وجب عليه أن يعود فيأتي بالسجدة المنسية أو التشهد ثم يقوم فيتم الصلاة، و عليه سجود السهو للقيام الزائد إذا تلبس معه بقراءة أو تسبيح، و كذلك إذا شك في الركوع بعد الهوي للسجود و لم يأت به ثم تذكر انه لم يركع من قبل، فعليه ان يعود و يأتي بالركوع و يتم صلاته و لا شي ء عليه.

(الصورة الثانية): أن يكون في محل لا يمكنه تدارك ذلك الجزء المنسي، و يكون الجزء المنسي ركنا،

و الحكم في هذه الصورة هو بطلان الصلاة، و مثال ذلك أن يشك في الإتيان بتكبيرة الإحرام و هو في القراءة فيمضي في صلاته ثم يتذكر بعد دخوله في الركوع انه لم يكبر للإحرام

كلمة التقوى، ج 1، ص: 504

فتبطل صلاته لنقصان الركن، و هكذا إذا شك في الركوع أو في السجدتين بعد التجاوز و تذكر نقصهما بعد الدخول في الركن.

(الصورة الثالثة): أن يكون في محل لا يمكنه تدارك ذلك الجزء و لم يكن ركنا و الحكم فيها أن يمضي في صلاته و يتمها و لا شي ء عليه، و إذا كان ذلك الجزء سجدة واحدة أو تشهدا وجب قضاؤه بعد إتمام الصلاة و الإتيان بسجدتي السهو لنقصانه.

المسألة 790

إذا شك المكلف في الإتيان بالتسليم و هو في التعقيب، بنى على أنه قد أتى به، و لم يلتفت الى شكه، و كذلك إذا شك في الإتيان به بعد ما وجد نفسه بانيا على الفراغ من الصلاة، و إذا شك في الإتيان به في غير هاتين الصورتين، فلا بد من الإتيان بالتسليم، و إذا شك في الإتيان به كذلك و فعل ما يبطل الصلاة قبل أن يأتي بالتسليم فعليه إعادة الصلاة.

المسألة 791

إذا شك المأموم هل أتى بتكبيرة الإحرام أم لا، فان كان ذلك في ابتداء صلاته و قبل الإتيان بأي فعل يتعلق بها، بنى على عدم الإتيان بتكبيرة الإحرام، و وجب عليه أن يأتي بها، و ان كان شكه بعد الركوع مع الإمام أو القنوت معه إذا كان دخوله في الثانية، بنى على أنه أتى بالتكبيرة و مضى في صلاته، و كذلك إذا قرأ خلف الإمام أو سبح و كان ممن حكمه ذلك. و إذا شك في التكبيرة بعد أن وجد نفسه بهيئة المصلي و قد أنصت لقراءة الامام و نحو ذلك فلا يترك الاحتياط بإتمام الصلاة ثم اعادتها.

و إذا تعمد فأبطل ما بيده بتكلم أو انحراف ببدنه عن القبلة ثم أتى بالتكبيرة صحت صلاته، و الظاهر انه لا طريق له غير ذلك إذا كانت الجماعة واجبة، كصلاة الجمعة أو العيدين عند اجتماع شرائطهما.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 505

المسألة 792

إذا كان في فعل من أفعال الصلاة، و شك في الفعل السابق عليه، هل حصل له فيه شك في محله أم لا، لم يلتفت الى هذا الشك و مضى في صلاته، و مثال ذلك أن يكون في القراءة و يشك في تكبيرة الإحرام: هل شك في الإتيان بها قبل أن يشرع في القراءة أم لم يشك، أو يكون في الركوع و يحصل له مثل هذا الشك في الشك في القراءة أم لا، فعليه أن لا يعتني بشكه.

المسألة 793

الظن في أفعال الصلاة بحكم الشك، فإذا ظن المكلف فعل الواجب و هو في محله و لم يتجاوز عنه الى غيره وجب عليه أن يأتي بالفعل، و إذا كان ظنه بعد أن تجاوز الفعل، و دخل في ما بعده لم يلتفت و بنى على أنه قد أتى به.

و كذلك الحكم إذا ظن ترك الفعل. نعم إذا كان الظن اطمئنانيا بالفعل أو بالترك بنى على وفق اطمئنانه و أتم الصلاة ثم إعادتها إذا كان ما عمله مخالفا للقاعدة المتقدم ذكرها.

الفصل الثاني و الثلاثون في الشك في عدد الركعات

المسألة 794

إذا شك المصلي في عدد الركعات، فلا بد له من التأمل في أطراف شكه على الأحوط و التذكر للملابسات حتى يستقر شكه أو يزول أو يحصل له الترجيح، و لا يسوغ له العمل بحكم الشك بمجرد حصوله، و إذا كان من الشكوك التي توجب البطلان، فالأحوط عدم الابطال به الا مع اليأس من حصول العلم أو الظن بأحد الطرفين، بل لا يخلو ذلك من قوة.

المسألة 795

تبطل صلاة الإنسان (بالمعنى الذي سيأتي بيانه) إذا عرض له أحد الشكوك الآتي ذكرها.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 506

(1): كل شك يتعلق بصلاة ثنائية الركعات، كصلاة الصبح، و صلاة السفر، و صلاة الآيات، و صلاة الطواف.

(2): كل شك يتعلق بصلاة ثلاثية الركعات، و هي صلاة المغرب.

(3): كل شك يتعلق بالأولتين من الرباعية.

(4): الشك بين الاثنتين و الثلاث، أو بين الاثنتين و الأربع، أو بين الاثنتين و الثلاث و الأربع من الصلاة الرباعية إذا كان قبل إكمال السجدتين.

(5): كل شك في الرباعية غير ما تقدم إذا لم يمكن إرجاعه إلى الشكوك المنصوصة.

(6): من لم يدر كم صلى من ركعة.

المسألة 796

الظاهر أن عروض أحد هذه الشكوك موجب لجواز إبطال الصلاة بعد أن يستقر الشك، و ليس موجبا لبطلان الصلاة في نفسه، و نتيجة لذلك، فإذا زال الشك قبل أن يفعل المبطل، و حصل له العلم أو الظن بأحد الأعداد الصحيحة صحت صلاته.

المسألة 797

الصور الصحيحة من الشك في عدد الصلاة الرباعية تسع.

(الأولى): أن يشك المصلي بين الاثنتين و الثلاث بعد أن أكمل السجدتين، و الحكم فيها هو أن يبني على ان ما بيده هي الركعة الثالثة و يأتي بالرابعة، فإذا أتم صلاته أتى بركعة واحدة قائما، و صحت صلاته و لا اعادة عليه.

المسألة 798

يتحقق إكمال السجدتين هنا و في كل مورد نذكره في ما بعد، بإتمام الذكر الواجب من السجدة الثانية، و ان لم يرفع المصلي رأسه من السجود.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 507

المسألة 799

(الصورة الثانية): أن يشك بين الثلاث و الأربع من غير فرق بين أن يكون قائما أم جالسا أم في غير ذلك من أفعال الصلاة، و الحكم فيها:

أن يبني على ان ما بيده هي الركعة الرابعة و يتم صلاته، فإذا أتمها احتاط بالإتيان بركعتين من جلوس إذا كان قد أتم السجدتين من الركعة، و إذا كان شكه قبل إتمام السجدتين فالأحوط له أن يأتي بركعة من قيام.

المسألة 800

(الصورة الثالثة) أن يشك بين الاثنتين و الأربع بعد إكمال السجدتين من الركعة بما تقدم بيانه، و الحكم فيها: أن يبني على ان ما بيده هي الركعة الرابعة و يتم صلاته، ثم يحتاط بعدها بركعتين من قيام، و لا اعادة عليه.

المسألة 801

(الصورة الرابعة) ان يشك بين الاثنين و الثلاث و الأربع بعد إكمال السجدتين و الحكم فيها أن يبني على أن ما بيده هي الركعة الرابعة، فعليه أن يتم صلاته ثم يحتاط بعدها بركعتين من قيام يأتي بهما أولا، ثم يأتي بركعتين من جلوس.

المسألة 802

(الصورة الخامسة) ان يشك بين الأربع و الخمس بعد إكمال السجدتين، و الحكم فيها أن يبني على ان ما بيده هي الركعة الرابعة و يتم صلاته، ثم يسجد بعدها سجدتي السهو للشك بين الأربع و الخمس.

المسألة 803

(الصورة السادسة) أن يشك بين الأربع و الخمس و هو قائم قبل الركوع، فهو في حال قيامه شاك في ان ما تحقق فعله منه ثلاث أو أربع، و حكمه أن يبني على ان ما تحقق فعله منه أربع ركعات، فيجب عليه أن يجلس للتشهد و التسليم، فإذا أتم الصلاة أتى بركعتين من جلوس على

كلمة التقوى، ج 1، ص: 508

الأحوط كما هو الحكم في الصورة الثانية المتقدمة، ثم سجد للسهو احتياطا للقيام الزائد، بل يتعين عليه سجود السهو إذا تلبس مع القيام بقراءة أو تسبيح.

المسألة 804

(الصورة السابعة) أن يشك بين الثلاث و الخمس و هو قائم قبل الركوع، فهو في حال قيامه شاك في ما تحقق فعله منه هل هو ركعتان أو أربع، و حكمه أن يبني على الأربع كما تقدم في الصورة الثالثة، فيجب عليه أن يجلس للتشهد و التسليم، فإذا سلم أتى بركعتين من قيام ثم سجد سجدتي السهو للقيام الزائد كما ذكرنا في الصورة السادسة.

المسألة 805

(الصورة الثامنة) أن يشك بين الثلاث و الأربع و الخمس و هو قائم قبل الركوع فهو في حال قيامه شاك في ان ما أكمله من صلاته ركعتان أو ثلاث أو أربع، و الحكم فيها أن يبني على ان ما تحقق فعله من صلاته أربع ركعات كما تقدم في الصورة الرابعة، و يجب عليه أن يجلس للتشهد و التسليم، فإذا سلم أتى بركعتين من قيام ثم أتى بعدهما بركعتين من جلوس، ثم سجد بعدهما سجدتي السهو للقيام الزائد كما في الصورتين السادسة و السابعة.

المسألة 806

(الصورة التاسعة) أن يشك بين الخمس و الست و هو قائم قبل الركوع، فهو في حين قيامه شاك بين الأربع و الخمس بعد إكمال السجدتين، فيبني على أن ما أتى به أربع ركعات و يجب عليه أن يجلس للتشهد و التسليم، فإذا سلم أتى بسجدتي السهو للشك بين الأربع و الخمس ثم يسجد للسهو مرة ثانية للقيام الزائد كما ذكرنا في الصور الثلاث المتقدمة، و الأحوط استحبابا في الصور الأربع المتأخرة أن يعيد الصلاة بعد أن يأتي بعمل الشك الذي تقدم بيانه فيها.

المسألة 807

إذا شك بين الأربع و الست بعد إكمال السجدتين، فالأحوط له أن

كلمة التقوى، ج 1، ص: 509

يبني على الأربع، فإذا أتم الصلاة و سلم سجد سجدتي السهو للشك في الزيادة ثم أعاد الفرض.

المسألة 808

الشك في عدد الركعات الذي تترتب له الأحكام المتقدمة من صحة أو بطلان هو ما تساوى فيه الاحتمالان عند التردد، و أما الظن في الركعات فهو حجة شرعية يجب على المكلف أن يعمل على وفقه، فإذا تردد مثلا بين الثلاث و الأربع، و ظن الثالثة أو ظن الرابعة، فعليه أن يبني على ما ظنه و يتم صلاته و لا شي ء عليه، و كذلك غيره من صور الشك، و لا فرق في ذلك بين ما يتعلق بالركعتين الأولتين و الأخيرتين، و لا بين الشكوك المبطلة و الصحيحة، حتى في الصلاة الثنائية أو الثلاثية.

و يستثنى من ذلك الشك بين الأربع و الخمس إذا ظن الخامسة، ففي العمل بظنه هنا أشكال لانصراف الأدلة عن الظن المبطل، فعليه أن يبني على الأربع و يأتي بسجدتي السهو بعد التسليم، ثم يعيد الصلاة على الأحوط.

المسألة 809

إذا كان الشك الذي عرض للمكلف مما لا يصح الا بعد إكمال السجدتين، و شك في أنه أتى بهما أم لا أو شك في انه أتى بإحداهما، بطلت صلاته إذا كان شكه قبل النهوض للقيام أو قبل التشهد، و ذلك لأن عليه أن يأتي بالسجدة أو السجدتين بمقتضى شكه فيهما و هو في المحل فيكون شكه في الركعات قبل إكمال السجدتين و يكون مبطلا.

و مثال ذلك أن يشك بين الاثنتين و الثلاث و هو جالس قبل أن يقوم أو يتشهد، فإذا شك مع ذلك في الإتيان بالسجدة أو بالسجدتين معا، بطلت صلاته، للشك بين الاثنتين و الثلاث قبل إكمال السجدتين و كذلك إذا شك بين الاثنتين و الأربع أو بين الاثنتين و الثلاث و الأربع. و إذا كان شكه في السجود بعد القيام أو بعد النهوض

للقيام مضى في صلاته ثم أتى بعمل الشك الذي عرض له في الركعات.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 510

المسألة 810

إذا شك بين الاثنتين و الثلاث و هو في التشهد و كان شاكا في الإتيان بالسجود، فالحكم بالصحة في غاية الإشكال، من جهة الشك في أنه في محل السجود أو بعد التجاوز، فان هذا التشهد إذا كان في الركعة الثانية فقد تجاوز عن محل السجود، و إذا كان في الركعة الثالثة كان زيادة لا اعتبار بها و يكون شكه في السجود شكا في المحل، و لذلك فالاحتياط لازم بإتمام الصلاة و الإتيان بعمل الشك ثم اعادة الصلاة، و كذلك إذا كان الشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع.

المسألة 811

إذا شك بين الثلاث و الأربع و هو قائم قبل الركوع ثم علم بأنه قد نسي إحدى السجدتين قبل قيامه لهذه الركعة، أو أنه قد نسي السجدتين معا، بطلت صلاته، لأنه أصبح شاكا بين الاثنتين و الثلاث قبل إكمال السجدتين، و كذلك الحكم إذا شك بين الثلاث و الخمس أو بين الثلاث و الأربع و الخمس و هو قائم قبل الركوع، ثم علم بنقصان السجود من الركعة التي قام منها فتبطل صلاته لأنه شاك بين الاثنتين و الأربع أو بين الاثنتين و الثلاث و الأربع قبل إكمال السجدتين، و مثله الشك بين الخمس و الست قائما إذا عرض له مثل ذلك.

المسألة 812

إذا عرض للمكلف أحد الشكوك الصحيحة فبنى في صلاته على ما يقتضيه حكم شكه ثم تحول شكه ظنا وجب عليه العمل بظنه، و مثال ذلك أن يشك في صلاته بين الثلاث و الأربع، فيبني على أنها أربع كما هو مقتضى العمل بشكه، ثم يحصل له الظن بأنها ثلاث فيجب عليه العمل بما ظنه و لا احتياط عليه.

و إذا كان ظانا بأنها ثلاث و بدأ بالعمل على وفق ظنه، فتحول ظنه الى شك بين الثلاث و الأربع حتى استقر الشك وجب عليه أن يعمل عمل الشك فيبني على الأربع ثم يأتي بصلاة الاحتياط. و إذا كان ظانا بأنه صلى ثلاث ركعات ثم تبدل الى الظن بأنها أربع وجب عليه أن يعمل

كلمة التقوى، ج 1، ص: 511

بالظن الأخير، و إذا شك في صلاته أحد الشكوك، ثم تبدل الى شك آخر وجب عليه أن يعمل عمل الشك المتأخر، و مثال ذلك أن يشك بين الثلاث و الأربع ثم يتبدل شكه الى الشك بين الاثنتين و الأربع،

فيلزمه عمل الشك الأخير، فيبني على الأربع إذا كان شكه بعد إكمال السجدتين و يأتي بصلاة الاحتياط، و تبطل صلاته إذا كان قبل إتمام السجدتين.

المسألة 813

إذا شك بين الاثنتين و الأربع قبل إكمال السجدتين، فلا يجوز له المضي في صلاته على شكه، و إذا مضى فيها على الشك بطلت، و لم ينفعه أن ينقلب شكه بعد ذلك الى شك آخر أو الى ظن، و إذا عرض له هذا الشك ثم انقلب شكه بالتروي الى ما بين الثلاث و الأربع من غير ان يمضي في صلاته على شكه الأول، فإنه يعمل على شكه الأخير كما تقدم، و كذلك إذا كان شكه الأول بعد إكمال السجدتين. و مثله الحكم في الشك بين الاثنتين و الثلاث و بين الاثنتين و الثلاث و الأربع في التفصيل المذكور.

المسألة 814

إذا تردد المكلف في أن الحالة التي حصلت له في صلاته هي ظن أو شك، بحيث لم يستطع تمييزها، فان علم أن حالته السابقة كانت ظنا، فهو ظان، و ان لم يعلم بها أو لم تكن له حالة سابقه فهو شاك.

و إذا حصلت له حالة في أثناء صلاته، و لما انتقل الى جزء آخر من الصلاة تردد في أن تلك الحالة كانت ظنا أم شكا، فيشكل الحكم عليها في بعض الفروض، كما إذا عرضت له الحالة في الركعة الثانية قبل إكمال السجدتين و بعد أن أكمل السجدتين تردد في أن تلك الحالة التي عرضت له هل كانت ظنا فتكون صلاته صحيحة أم كانت شكا بين الاثنتين و الثلاث فتكون صلاته باطلة لأن الشك قبل إكمال السجدتين، ففي مثل هذا الفرض لا بد له من إتمام الصلاة ثم اعادتها و ان كان بالفعل ظانا، و كذلك الحكم في نظائره من الشكوك التي يعتبر فيها إكمال السجدتين.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 512

و إذا عرضت له تلك الحالة في الركعة

الثانية بعد إكمال السجدتين، ثم تردد بعد ذلك هل كانت تلك الحالة ظنا بالثلاث، فعليه أن يتم صلاته و لا احتياط عليه، أم كانت شكا بين الاثنتين و الثلاث بعد إكمال السجدتين فتجب عليه صلاة الاحتياط، ففي مثل هذا الفرض يبني على حالته الموجودة عنده بالفعل، فان كان بالفعل شاكا حكم بأنه شاك، فعليه الاحتياط، و ان كان بالفعل ظانا حكم بأنه كان ظانا، فلا يجب عليه الاحتياط.

و إذا فرغ من صلاته ثم علم بعد ذلك انه قد تردد في أثناء صلاته بين الاثنتين و الثلاث، و انه قد بنى على الثلاث و أتم صلاته على ذلك، و لكنه شك في أن بناءه على الثلاث هل كان من أجل حصول ظن له بذلك أو كان من أجل أن حكمه البناء على الثلاث للشك، فالأقوى وجوب الإتيان بصلاة الاحتياط.

المسألة 815

إذا شك في الصلاة و بعد أن انتقل الى فعل آخر منها تردد في أن شكه المتقدم مما يوجب بطلان الصلاة، أو مما يوجب البناء و صلاة الاحتياط، فالأحوط له أن يأتي بعمل الشك لو كان صحيحا ثم يعيد الصلاة، و مثال ذلك أن يشك بين الاثنتين و الثلاث، فلما استمر في صلاته، شك في أن شكه بين الاثنتين و الثلاث هل كان قبل إكمال السجدتين فيكون مبطلا، أو كان بعد إكمالها فعليه البناء على الثلاث و صلاة الاحتياط، فيبني على الثلاث و يأتي بالركعة قائما ثم يعيد صلاته، و كذلك الاحتياط إذا كان شكه الثاني بعد الفراغ من الصلاة.

المسألة 816

إذا شك في صلاته و بنى، فلما أتم الصلاة تردد في أن شكه المتقدم هو ما أوجب عليه أن يأتي بركعة واحدة أم بركعتين، وجب عليه أن يأتي بالركعة الواحدة و بالركعتين ثم يعيد الصلاة على الأحوط. و مثال ذلك أن يتردد بعد أن أتم الصلاة هل كان شكه في صلاته بين الاثنتين

كلمة التقوى، ج 1، ص: 513

و الثلاث فعليه الاحتياط بركعة واحدة أم كان بين الاثنتين و الأربع، فعليه ركعتان، و حكمه هو ما تقدم.

المسألة 817

إذا علم بعد فراغه من صلاته أنه قد عرض له في أثنائها أحد الشكوك و لم يعلم به على التعيين، فان تيقن أنه إحدى الصور الصحيحة من الشك، وجب عليه أن يأتي بركعتين من قيام و بركعتين من جلوس و ركعة من قيام و سجود السهو، ثم أعاد الصلاة على الأحوط.

و إذا احتمل أيضا أنه إحدى الصور الباطلة من الشك وجب عليه أن يأتي بما تقدم ذكره و أن يعيد الصلاة بعد ذلك.

المسألة 818

إذا حدث له أحد الشكوك في صلاته و هو لا يعلم الحكم فيه لجهل أو نسيان وجب عليه أن يعمل على أحد الوجوه المحتملة في الحكم، و إذا كان بعض الوجوه راجحا في ظنه عمل بالراجح، ثم فحص بعد الفراغ عن الحكم في المسألة، فإن وجد ما عمله مطابقا لفتوى الفقيه الذي يجب عليه تقليده أو موافقا للاحتياط صحت صلاته، و ان كان مخالفا لهما أعادها.

المسألة 819

إذا طرأ له أحد الشكوك في صلاته فبنى على ما يقتضيه شكه و لما فرغ من صلاته انقلب شكه الى شك آخر، فالأحوط له أن يأتي بعمل الشك الثاني ثم يعيد الصلاة، سواء انقلب شكه قبل شروعه بصلاة الاحتياط أم في أثنائها أم بعد الفراغ منها، و سواء انقلب شكه الى ما يعلم معه بالنقيصة أم لا.

و إذا انقلب شكه الى ما يعلم معه بالزيادة فلا بد له من الإعادة، و مثال ذلك أن يشك أولا بين الثلاث و الأربع، ثم ينقلب شكه بعد الفراغ الى ما بين الخمس و الست.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 514

المسألة 820

إذا شك بين الثلاث و الأربع و بعد الفراغ من الصلاة انقلب شكه الى ما بين الثلاث و الخمس وجبت عليه الإعادة، للعلم أما بالزيادة أو لأن الشك الثاني من الشكوك غير المنصوصة و الحكم فيها هو البطلان، و كذلك إذا شك و هو في الصلاة بين الاثنتين و الأربع، ثم انقلب شكه بعد الفراغ الى ما بين الاثنتين و الخمس.

المسألة 821

إذا شك بين الاثنتين و الثلاث بعد إكمال السجدتين فبنى على الثلاث كما يقتضيه شكه، ثم شك بعد ذلك، هل أنه لا يزال في الركعة التي بنى على أنها الثالثة أو صلى بعدها أخرى فتكون هذه رابعة، لزمه حكم الشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع.

المسألة 822

إذا شك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع فلما بنى على الأربع ظن بعدم كونها اثنتين لزمه حكم الشك بين الثلاث و الأربع، و إذا ظن بعدم كونها ثلاثا، لزمه حكم الشك بين الاثنتين و الأربع، و إذا ظن بعدم كونها أربعا، لزمه حكم الشك بين الاثنتين و الثلاث.

و هذا انما يكون إذا حصل له الظن قبل فراغه من الصلاة، و أما إذا حصل له الظن بالعدم بعد الفراغ منها، فيجري عليه حكم شكه الأول على الأحوط في جميع الفروض الثلاثة.

المسألة 823

من يشك أحد الشكوك الصحيحة يجب عليه أن يأتي بعمل الشك الذي عرض له فيبني و يتم صلاته و يأتي بصلاة الاحتياط على التفصيل الذي تقدم بيانه، و لا يجوز له أن يقطع الصلاة و يستأنفها، و لا يجوز له أن يبني و يتم الصلاة ثم يستأنفها من غير أن يأتي بصلاة الاحتياط، و إذا فعل كذلك فاستأنف الصلاة من غير أن يأتي بما يبطل الأولى بطلت الصلاتان معا، سواء كان في أثناء الصلاة الأولى أم كان بعد إتمامها و قبل صلاة الاحتياط.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 515

و إذا أتى بالمبطل ثم استأنف الصلاة وقعت الصلاة المستأنفة صحيحة، و أثم في إبطال الأولى، و كذلك إذا أتى بالمبطل قبل صلاة الاحتياط صحت الصلاة المستأنفة و سقط الاحتياط و كان آثما بإبطال الصلاة الأولى.

المسألة 824

إذا شك في صلاته أحد الشكوك المبطلة ثم غفل و أتم صلاته، و تبين له بعد الفراغ مطابقة عمله للواقع، بطلت صلاته إذا كانت الصلاة ثنائية أو ثلاثية أو كان في الأولتين من الرباعية، و صحت إذا كان في الأخيرتين من الرباعية.

المسألة 825

إذا شك في الصلاة الثنائية أو الثلاثية أو الأولتين من الرباعية، فلا يجوز له أن يمضي في صلاته و هو على شكه، و إذا مضى كذلك بطلت صلاته، فإذا شك بين الواحدة و الاثنتين مثلا، فلا يجوز له المضي في صلاته و هو شاك و ان علم انه إذا استمر في صلاته و انتقل الى حالة أخرى من الصلاة يتبين له الحال، بل عليه أن يتأمل و يتروى و هو في الحالة التي عرض له فيها الشك و يدع القراءة و الذكر، فان ظهر له الحال استمر في صلاته و إذا استقر شكه أبطل الصلاة. نعم إذا عرض له الشك و قد أكمل ذكر السجود، يجوز له أن يرفع رأسه من السجود ثم يتروى و هو جالس فان رفع الرأس من السجدة ليس جزءا فلا يكون مضيا في الصلاة.

المسألة 826

إذا كان المسافر في أحد المواضع الأربعة التي يتخير فيها بين القصر و التمام في صلاته فاختار التقصير فيها، و شك في عدد ركعاتها بطلت.

و الظاهر انه يجوز له العدول بنيته الى التمام بعد عروض الشك و قبل إبطال الصلاة، فإذا عدل الى التمام و كان شكه من الشكوك الصحيحة في الرباعية أتى بعمل الشك و صحت صلاته و ان كان الأحوط استحبابا اعادتها بعد ذلك.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 516

المسألة 827

إذا مات المكلف قبل أن يأتي بصلاة الاحتياط وجب على وليه قضاء أصل الصلاة و لم يجب عليه قضاء صلاة الاحتياط، و لا يجب على الولي قضاء ما فات الميت من الأجزاء المنسية من تشهد أو سجدة واحدة، و الأحوط له قضاء أصل الصلاة، و إذا مات قبل أن يسجد للسهو، فالأحوط لوليه لزوم قضائهما عنه.

المسألة 828

تجب في صلاة الاحتياط النية و تكبيرة الإحرام و قراءة الفاتحة و الركوع و السجود فإذا كانت ركعة واحدة تشهد بعد ذلك و سلم، و إذا كانت ركعتين قام للركعة الثانية فأتمها ثم تشهد و سلم، و لا أذان فيها و لا اقامة، و لا سورة بعد الفاتحة و لا قنوت، و يجب فيها الإخفات في القراءة على الأحوط ألا البسملة فيستحب فيها الجهر و ان كان الإخفات أحوط، و يعتبر في هذه الصلاة جميع ما يعتبر في الصلاة من الشرائط و الأجزاء.

المسألة 829

تجب المبادرة إلى صلاة الاحتياط بعد التسليم من صلاته و لا يجوز الفصل بينهما بشي ء من مبطلات الصلاة و إذا أتى بينهما بشي ء منها أعاد الصلاة، و إذا تكلم ساهيا قبل صلاة الاحتياط أتى بسجدتي السهو على الأحوط.

المسألة 830

لا يجوز الاقتداء فيها حتى بمثلها من صلاة الاحتياط، و ان كانت جهة الاحتياط بين الامام و المأموم متحدة.

نعم إذا اتحد الامام و المأموم في أصل الصلاة، فشكا في صلاتهما معا شكا واحدا، و وجبت عليهما من أجل ذلك صلاة احتياط واحدة، فالظاهر جواز القدوة في هذه الصورة بالخصوص، و مثال ذلك أن يقتدي المأموم بامامه في صلاة رباعية، فيشك كل من الامام و المأموم

كلمة التقوى، ج 1، ص: 517

فيها بين الثلاث و الأربع مثلا، و يبنيان في صلاتهما على الأربع حتى يفرغا منها، فإذا قام الإمام لصلاة الاحتياط جاز للمأموم أن يقتدي به في صلاة احتياطه.

المسألة 831

إذا علم الشاك بعد ما بني في صلاته و فرغ منها، أن صلاته تامة لم يجب عليه الإتيان بصلاة الاحتياط، و إذا فعل المنافي بعد الصلاة ثم تذكر أنها تامة لم تجب عليه إعادتها.

المسألة 832

إذا أتم الشاك صلاته على البناء في شكه و اتى بصلاة الاحتياط بعدها، ثم علم أن صلاته تامة، كانت صلاة الاحتياط نافلة له، و إذا تذكر ذلك و هو في أثناء صلاة الاحتياط جاز له أن يقطعها، و أن يتمها نافلة، و إذا كانت ركعة واحدة فالأحوط له أن يضم إليها ركعة ثانية برجاء المطلوبية.

________________________________________

بصرى بحرانى، زين الدين، محمد امين، كلمة التقوى، 7 جلد، سيد جواد وداعى، قم - ايران، سوم، 1413 ه ق

كلمة التقوى؛ ج 1، ص: 517

المسألة 833

إذا أتم الشاك صلاته على البناء في شكه، ثم علم انه زاد فيها ركعة، وجبت عليه إعادة الصلاة، سواء كان تذكره ذلك قبل الإتيان بصلاة الاحتياط أم بعدها أم في أثنائها، و مثال ذلك أن يشك بين الأربع و الخمس بعد السجدتين، فيبني على الأربع، ثم يعلم بعد التسليم انه قد صلى خمس ركعات، أو يشك بين الثلاث و الأربع و الخمس في حال القيام، فيبني على الأربع، و يجلس للتشهد و التسليم كما تقدم في الصورة الثامنة، ثم يعلم بعد التسليم انه قد صلى خمسا، فتجب عليه الإعادة.

المسألة 834

إذا أتم الشاك عمل الشك فبنى في صلاته ثم أتى بصلاة الاحتياط، و علم بعد ذلك بنقصان صلاته لم تجب عليه اعادتها و كانت صلاة الاحتياط جابرة لنقصها، فإذا شك بين الاثنتين و الأربع و بنى في

كلمة التقوى، ج 1، ص: 518

صلاته على الأربع، و أتى بركعتين قائما، ثم تذكر أن صلاته كانت ركعتين صحت صلاته و كانت ركعتا الاحتياط بدلا عما نقص من الصلاة، و كذلك إذا شك بين الاثنتين و الثلاث أو بين الثلاث و الأربع ثم علم بعد الإتيان بصلاة الاحتياط نقصان الصلاة.

المسألة 835

إذا أتم المكلف الصلاة بعد شكه و بنائه، و أتى بعدها بصلاة الاحتياط ثم علم بعد ذلك أن صلاته تنقص أكثر مما كان يحتمل، و ان صلاة الاحتياط لا تفي به، و مثال ذلك أن يشك بين الثلاث و الأربع فيبني على الأربع و يأتي بركعة قائما أو ركعتين جالسا، ثم يتذكر أنه قد صلى ركعتين فقط، فان تبين له ذلك قبل أن يفعل المنافي بعد صلاة الاحتياط قام فأتم الناقص متصلا بصلاة الاحتياط و سجد للسهو مرتين على الأحوط في جميع ذلك ثم أعاد الصلاة، و إذا تبين له ذلك بعد أن أتي بالمنافي أعاد الصلاة.

المسألة 836

إذا أتم الصلاة بعد شكه و بنائه و أتى بصلاة الاحتياط و علم بعد ذلك بنقصان صلاته أقل مما كان يحتمل، و ان صلاة الاحتياط تزيد على نقص صلاته، و مثال ذلك أن يشك بين الاثنتين و الأربع بعد إكمال السجدتين، فيبني على الأربع و يأتي بركعتين قائما ثم يتذكر ان صلاته كانت ثلاث ركعات، فهي تنقص ركعة واحدة لا ركعتين. فان تذكر ذلك قبل أن يأتي بالمبطل قام فأتى بما نقص من صلاته متصلا، و سجد للسهو مرتين على الأحوط كما تقدم ثم أعاد صلاته، و إذا كان قد أتى بما ينافي الصلاة أعادها.

المسألة 837

إذا تذكر نقصان صلاته قبل أن يشرع بصلاة الاحتياط كان حكمه من نسي من صلاته ركعة أو ركعتين، فان تذكر ذلك بعد التسليم و قبل أن يأتي بما يبطل الصلاة عمدا و سهوا وجب عليه أن يقوم فيتم ما نقص من صلاته متصلا، فإذا سلم أتى بسجدتي السهو على الأحوط للسلام في

كلمة التقوى، ج 1، ص: 519

غير موضعه، و إذا أتى بما يبطل الصلاة وجبت عليه اعادتها كما ذكرنا في المسألة السبعمائة و السابعة و الخمسين.

المسألة 838

إذا علم نقصان صلاته و هو في أثناء صلاة الاحتياط وجب عليه أن يلغي صلاة الاحتياط و يتم ما نقص من صلاته ثم يعيدها، سواء كانت صلاة الاحتياط التي شرع فيها موافقة لما نقص من صلاته في عدد الركعات و في صفتها من قيام أو جلوس، أم مخالفة له في أحدهما أو في كليهما.

نعم إذا شك في صلاته بين الاثنتين و الثلاث و الأربع بعد إكمال السجدتين، فبنى على الأربع و أتى بركعتين قائما من صلاة الاحتياط، ثم تذكر بعدهما و قبل الإتيان بالركعتين من جلوس ان صلاته تنقص ركعتين صحت صلاته و كانت ركعتا الاحتياط اللتان أتى بهما جابرتين لنقصها، و لا يجب عليه أن يأتي بصلاة الاحتياط الأخرى التي تجب عليه في هذا الشك و هي الركعتان من جلوس.

المسألة 839

إذا عرض للمكلف احد الشكوك فوجبت عليه صلاة الاحتياط و شك هل أنه أتى بها أم لا، فان كان شكه بعد خروج وقت الصلاة بنى على أنه أتى بصلاة الاحتياط و لم يعتن بشكه، و ان شك في الإتيان بها و هو في مكان الصلاة و لم يأت بما ينافيها أتى بصلاة الاحتياط و صحت صلاته، و ان شك في ذلك بعد أن أتى بما يبطل الصلاة و منه الفصل الطويل الماحي لصورة الصلاة وجبت عليه إعادة الصلاة، و إذا شك في الإتيان بها و قد دخل في فعل آخر لا ينافي الصلاة أو حصل فصل لا يمحو صورة الصلاة فالأحوط له أن يأتي بصلاة الاحتياط ثم يعيد الصلاة.

المسألة 840

إذا زاد الإنسان في صلاة الاحتياط ركعة تامة أو زاد فيها ركنا و لو سهوا بطلت، و كذلك إذا نسي فيها ركنا على الأحوط فتجب اعادتها ثم اعادة الصلاة على الأحوط.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 520

المسألة 841

إذا زاد في صلاة الاحتياط جزءا غير ركن ساهيا أو نقصه كذلك، و كان مما يوجب سجدتي السهو إذا وقع في الفريضة فالأحوط أن يأتي بالسجدتين بل لعله الأقوى.

المسألة 842

إذا شك في جزء من صلاة الاحتياط بعد ما تجاوزه و دخل في غيره لم يلتفت الى شكه، و إذا شك فيه و هو في محله أتى به و أعاد صلاة الاحتياط ثم أعاد الصلاة على الأحوط الا إذا كان الفعل المشكوك قراءة أو ذكرا فيأتي به برجاء المطلوبية و يتم احتياطه و لا يعيد الصلاة.

المسألة 843

إذا شك في شرط أو جزء منها بعد الفراغ لم يعتن بشكه.

المسألة 844

إذا شك في عدد ركعات الاحتياط بنى على الأكثر الا أن يكون الأكثر مبطلا فيبني على الأقل، و الأحوط استحبابا إعادة صلاة الاحتياط بعد ذلك ثم اعادة أصل الصلاة.

المسألة 845

إذا نسي سجدة من صلاة الاحتياط أو نسي تشهدا منها وجب عليه قضاؤهما بعد الصلاة ثم سجد لهما سجود السهو.

المسألة 846

إذا شك: هل أنه شك شكا يوجب عليه صلاة الاحتياط أم لا، فان كان شكه في أثناء الصلاة رجع الى حالته الموجودة لديه بالفعل من شك و غيره، و ان كان شكه بعد التسليم و قد بنى على نفسه فارغا من الصلاة لم يلتفت الى شكه، و ان لم يتحقق له الفراغ البنائي من الصلاة وجب عليه أن يأتي بعمل الشك الذي احتمله.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 521

المسألة 847

إذا نسي الإنسان صلاة الاحتياط و دخل في صلاة أخرى، ففي المسألة صور، و لكل صورة حكمها، فلتلاحظ.

(الصورة الأولى): أن يكون قد أتى بما يبطل الصلاة قبل الشروع في الصلاة الأخيرة، و تكون هذه الصلاة التي شرع فيها غير مترتبة شرعا على الصلاة الأولى التي نسي احتياطها، و مثال ذلك أن يشرع في نافلة مطلقة أو في قضاء فريضة فائتة. و الحكم في هذه الصورة أنه يجوز له أن يتم الصلاة التي شرع فيها إذا كان وقت صاحبة الاحتياط موسعا، سواء كانت ما شرع فيها فريضة أم نافلة، ثم يعيد أصل الصلاة الأولى، و عليه أن يقطع النافلة أو الفريضة التي شرع فيها و يأتي بالأولى إذا كان وقتها مضيقا و لا يكتفي بصلاة الاحتياط في كلا الفرضين.

(الصورة الثانية): أن تكون الصلاة الأخرى التي شرع فيها مترتبة شرعا على الصلاة الأولى، و يكون المكلف قد أتى بما يبطل الصلاة قبل الشروع في الأخرى، و مثال ذلك أن يشرع بفريضة العصر أو بنافلتها قبل صلاة الاحتياط للظهر، و يكون قد أتى بالمبطل قبل الشروع فيها.

و الحكم في هذه الصورة أن يقطع الصلاة التي شرع فيها سواء كانت نافلة أم فريضة، و يأتي بأصل الصلاة الأولى و لا يكتفى

بصلاة الاحتياط، ثم يأتي بالفريضة الثانية المرتبة بعدها، و بالنافلة إذا شاء.

(الصورة الثالثة): أن يشرع في الصلاة الأخيرة من غير أن يأتي بما يبطل الأولى، و تكون الصلاة الأخيرة غير مترتبة على الأولى، و مثال ذلك أن يقوم بعد التسليم من الصلاة الأولى و قبل صلاة الاحتياط فيشرع في نافلة مطلقة أو في قضاء فريضة فائتة، و الحكم في هذه الصورة أن يقطع هذه الصلاة إذا كانت نافلة و يأتي بصلاة الاحتياط، و يدعها إذا كانت فريضة و يصلي الاحتياط، فإذا صلى الاحتياط فيها بطلت الفريضة الثانية و صحت الأولى إذا تم احتياطها. و يجوز له أن يتم

كلمة التقوى، ج 1، ص: 522

الفريضة التي شرع فيها فتصح، و تبطل الصلاة الأولى بذلك فإذا أتم الفريضة الثانية أعاد الأولى من أصلها.

(الصورة الرابعة) أن يشرع في الصلاة الأخيرة من غير أن يأتي بما يبطل الأولى، و أن تكون الصلاة التي شرع فيها مترتبة شرعا على الأولى، و مثال ذلك أن يقوم بعد التسليم و قبل الاحتياط للظهر فيشرع في فريضة العصر أو في نافلتها.

و الحكم أن يقطع الصلاة التي شرع فيها سواء كانت نافلة أم فريضة و يأتي بصلاة الاحتياط للأولى ثم يعيد الفريضة الثانية بعدها و النافلة إذا شاء.

الفصل الثالث و الثلاثون في الشكوك التي لا يلتفت إليها

المسألة 848

لا يعتنى بالشك في عدة مواضع.

(الأول): الشك في جزء من أجزاء الصلاة بعد أن يتجاوز الإنسان محل ذلك الجزء و يدخل في فعل آخر يأتي بعده في الترتيب الشرعي بين أفعال الصلاة، و قد تقدم بيانه في المسألة السبعمائة و الثالثة و الثمانين و ما بعدها من المسائل.

(الثاني): الشك في الإتيان بالصلاة أو في تحقق شي ء من شروطها أو واجباتها أو في عدد ركعاتها، بعد خروج

وقت الصلاة، و قد تقدم تفصيله كذلك في أول الفصل الحادي و الثلاثين.

المسألة 849

(الثالث): إذا شك في جزء من أجزاء الصلاة أو في شرط من شرائطها أو في عدد ركعاتها، و كان شكه بعد الفراغ من الصلاة حكم بصحة صلاته و لم يلتفت الى شكه، سواء كانت الصلاة ثنائية أم ثلاثية أم رباعية، و لا يجري هذا الحكم في الشك بعد الفراغ إلا إذا كانت

كلمة التقوى، ج 1، ص: 523

الصلاة صحيحة على أحد تقادير الشك، و مثال ذلك أن يشك الإنسان بعد الفراغ هل أنه صلى ثلاثا أو أربعا، فيحكم بصحة صلاته إذا كانت رباعية، و كذلك إذا كانت ثلاثية، لأنه يحتمل الصحة في كلا الفرضين، و تبطل صلاته إذا كانت ثنائية، لأنه يعلم ببطلانها بزيادة ركعة أو ركعتين.

أو يشك بعد الفراغ هل صلى اثنتين أو خمسا، فان صلاته تكون باطلة إذا كانت رباعية أو ثلاثية، و تكون صحيحة إذا كانت ثنائية.

المسألة 850

إذا شك في الرباعية بعد الفراغ منها بين الاثنتين و الثلاث، فقد علم أن السلام وقع في غير موضعه، فيجب أن يبني في شكه على الثلاث و يأتي بالرابعة متصلة، ثم يأتي بصلاة الاحتياط لهذا الشك، ثم يأتي بسجدتي السهو للسلام الأول الواقع في غير موضعه و إذا تكلم بعد التسليم سجد للسهو مرة ثانية.

المسألة 851

(الرابع): إذا كان الإنسان كثير الشك وجب عليه أن يحكم بصحة صلاته، فإذا شك في الإتيان بفعل من أفعال الصلاة أو تحقق شرط من شروطها، حكم بأنه قد أتى به، سواء كان في محله أم قد تجاوز عنه و دخل في غيره، و مثاله أن يشك في الإتيان بالقراءة أو الركوع أو السجود أو القيام، فيبني على أنه قد أتى به، و كذلك إذا شك هل انه ركع ركوعا واحدا أم ركوعين، و أتى بقراءة واحدة أم قراءتين، و بتشهد واحد أم تشهدين، بنى على عدم الزيادة، و إذا شك في عدد الركعات بنى على صحة ما فعله، فإذا شك بين الثلاث و الأربع بنى على الأربع إذا كانت صلاته رباعية، و بنى على الثلاث إذا كانت ثلاثية، و إذا شك بين الاثنتين و الثلاث بنى على الاثنتين إذا كانت الصلاة ثنائية و بنى على الثلاث إذا كانت ثلاثية و بنى على الثلاث كذلك إذا كانت رباعية ثم أتى بالرابعة، و كذلك إذا شك في صحة ما أتى به من فعل أو شرط أو قراءة أو ذكر، بنى على الصحة فيه. و سيأتي بيان المراد من كثرة الشك و بيان الفرق بين كثرة الشك في الصلاة و الوسوسة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 524

المسألة 852

إذا كثر شك الإنسان في فعل معين من أفعال الصلاة أو شرط خاص من شروطها اختص الحكم بذلك الشي ء الذي يكثر فيه الشك و لم يشمل غيره من الأجزاء و الشروط، و مثال ذلك أن يكثر شكه في النية وحدها، أو في تكبيرة الإحرام خاصة، أو في القراءة فقط، أو يكثر شكه في الطهارة في حال الصلاة من الحدث أو من الخبث،

فيبني على الصحة في ذلك الشي ء خاصة، و إذا اتفق له الشك في غير ذلك الشي ء وجب عليه أن يعمل فيه عمل الشك.

و كذلك إذا كثر شكه في صلاة معينة كصلاة الظهر مثلا أو العصر لم يلتفت الى الشك فيها، و أتى بعمل الشك في الصلوات الأخرى إذا شك فيها، و كذلك إذا كثر شكه في الأولتين مثلا أو بين الاثنتين و الثلاث، فيختص حكم كثرة الشك بذلك المورد و لا يتعدى الى غيره.

و إذا كثر شكه في الصلاة في مكان خاص دون غيره من الأمكنة، و مثاله أن يكثر شكه إذا صلى في المسجد مثلا أو في موضع معين منه، فإجراء حكم كثير الشك عليه موضع تأمل، و الأحوط له ترك الصلاة في المكان الذي يكثر عليه الشك فيه.

المسألة 853

المدار في كثرة الشك: ان تحصل للشخص في نظر أهل العرف حالة ثانوية غير متعارفة، هي كثرة الشك، فإذا تحققت له هذه الحالة في نظرهم ثبت له حكم كثير الشك، و إذا كان المكلف ممن لا تسلم له ثلاث فرائض من الشك في واحدة منها، فهو من أفراد كثير الشك شرعا.

و يشترط في ثبوت حكم كثير الشك له أن لا يكون حصول هذه الحالة له من أجل حصول بعض الطواري كالخوف، أو الغضب، أو الارهاق، أو بعض العوارض الأخرى التي توجب الارتباك في الذهن و الاضطراب في التفكير، فلا يثبت له في مثل ذلك حكم كثير الشك.

المسألة 854

الوسوسة صفة تحصل للإنسان من كثرة الشك و التردد في الأمر و قد

كلمة التقوى، ج 1، ص: 525

تحصل من غيرها حتى يفقد حالة الطمأنينة بحصول الشي ء و ان كان قاطعا بحصوله، فلا يطمئن بطهارة يده مثلا من النجاسة و ان غسلها عشرين مرة، و لا يطمئن بصحة إحرامه في الصلاة و ان كبر عشرين تكبيرة، و حتى يحصل له القطع بحدوث بعض النتائج من مقدمات قد لا توجب حتى الوهم، فيقطع بوصول النجاسة إلى بدنه أو ثيابه من ملاصقة بعض الأجسام أو توهم ملاصقتها، و يقطع بانتقال بعض الأمراض من ملامسة بعض الأشياء أو توهم ملامستها.

المسألة 855

لا يثبت حكم كثرة الشك للإنسان حتى يعلم بتحقق الحالة له في نظر أهل العرف، كما تقدم، فإذا شك في ثبوت الصفة له و عدم ثبوتها، بنى على عدمها، و إذا تحققت الصفة ثبت له حكمها، و لا يزول عنه حتى يعلم بزوال الحالة عنه، فإذا شك في زوالها و عدمه بنى على بقائها.

المسألة 856

إذا كان الإنسان كثير الشك لم يجز له أن يعتني بشكه، فلا يجوز له أن يأتي بالشي ء الذي يشك في فعله، فإذا شك في الركوع مثلا لم يجز له أن يركع، و إذا خالف ذلك فركع بطلت صلاته، و كذلك غيره من أفعال الصلاة و ان لم يكن ركنا على الأحوط.

نعم إذا شك في القراءة أو الذكر، فله أن يأتي بهما بقصد القربة المطلقة ما لم تبلغ حالته حد الوسوسة فلا يجوز له ذلك.

المسألة 857

إذا علم الإنسان أنه كثير الشك، و لكنه شك: هل أن كثرة شكه مطلقة، فعليه أن لا يلتفت الى أى شي ء شك فيه، أو هي خاصة في المورد المعين، فعليه أن لا يتعداه في الحكم الى غيره، وجب عليه أن يقتصر في الحكم على المورد المعين.

المسألة 858

إذا ثبتت للمكلف صفة كثرة الشك فلم يلتفت الى شكه، ثم تبين له

كلمة التقوى، ج 1، ص: 526

بعد ذلك أن الواقع على خلاف ما بنى عليه، وجب عليه أن يعمل بمقتضى الواقع الذي ظهر له، فإذا استبان له انه قد ترك ركنا بطلت صلاته، و مثال ذلك ان يشك في أنه ركع أم لم يركع، فإذا بنى على انه ركع و لم يعتن بشكه، ثم تذكر أنه قد ترك الركوع، فان كان في موضع يمكنه تداركه وجب عليه أن يعود اليه و يأتي به و يتم صلاته و إذا فات محله و لم يمكن تداركه بطلت الصلاة.

و إذا كان الشي ء الذي شك فيه واجبا غير ركن فتركه، ثم تبين له انه لم يأت به، وجب عليه أن يأتي به إذا لم يفت موضع تداركه، و إذا فات محله مضى في صلاته و صحت، و إذا كان الجزء المتروك سجدة واحدة أو تشهدا وجب عليه قضاؤهما و سجود السهو لهما بعد إتمام الصلاة. و إذا شك في زيادة الفعل فبنى على عدم زيادته ثم ظهر له انه قد زاده، فان كان ركوعا بطلت صلاته و إذا كان تكبيرة الإحرام أو سجدتين أتم الصلاة ثم أعادها على الأحوط كما تقدم. و إذا كان واجبا غير ركن أتم صلاته و لا شي ء عليه.

المسألة 859

من كثر شكه في صلاته جاز له ضبط عددها و أفعالها بالخاتم يحوله من إصبع إلى إصبع، و بالسبحة أو الحصى ينقلها من موضع الى موضع، و لا يجب عليه ذلك، و كذلك غير كثير الشك من الناس.

المسألة 860

(الخامس): إذا شك إمام الجماعة في عدد ركعات الصلاة و كان المأموم حافظا للعدد رجع الإمام اليه و لم يعتن بالشك الذي حصل له، سواء أوجب ذلك له ظنا أم لا، و سواء كان المأموم واحدا أم متعددا، و عادلا أم فاسقا، و رجلا أم امرأة، و سواء كانت الصلاة ثنائية أم ثلاثية أم رباعية، و سواء كان الشك في الأولتين أم الأخيرتين.

و إذا شك المأموم في عدد ركعات الصلاة و كان الامام حافظا للعدد رجع المأموم اليه و لم يعتن بشكه كذلك، و مثله الحكم على الأقرب في أفعال الصلاة إذا كان الشك في فعل كليهما، و مثال ذلك أن يشك الإمام

كلمة التقوى، ج 1، ص: 527

أو المأموم هل أننا ركعنا أم لا، فيرجع الشاك منهما الى الحافظ و لا يعتني بشكه.

و إذا كان الشك في فعل نفسه خاصة، كما إذا شك المأموم: اني هل ركعت مع الإمام أم لا، فالظاهر أنه يجب عليه أن يعمل بموجب شكه، فيأتي بالواجب إذا كان في محله، و يمضي في صلاته، إذا كان بعد التجاوز عنه.

المسألة 861

في رجوع الظان بالركعات من الامام و المأموم إلى المتيقن اشكال، فلا يترك الاحتياط بأن يتم الصلاة على وفق ظنه، ثم يعيدها إذا كان يقين صاحبه مخالفا لظنه.

و كذلك الإشكال في رجوع الشاك في الركعات الى الظان بها، فلا يترك الاحتياط بأن يتم الشاك صلاته على وفق ظن صاحبه ثم يعيدها إذا كان مقتضى شكه الإعادة، و مثال ذلك أن يكون شكه في الأولتين، أو يكون شكه في الأخيرتين و يكون ظن صاحبه للأقل، كما إذا شك المأموم بين الثلاث و الأربع و كان الامام ظانا بأنها ثلاث، فعلى المأموم

أن يتم الصلاة على وفق ظن الامام ثم يعيدها و إذا كان الشك في الأخيرتين و كان ظن صاحبه بالأكثر أتم صلاته على وفق ظن صاحبه ثم جبرها بصلاة الاحتياط و صحت صلاته.

و أما الظن بالأفعال فقد تقدم انه بحكم الشك، فيصح للظان من الامام أو المأموم بالأفعال أن يرجع الى المتيقن منهما إذا كان التردد في فعل كليهما كما قلنا في الشك.

المسألة 862

إذا اختلف المأمومون في اعتقادهم بعدد الركعات، فزعم بعضهم انها ثلاث ركعات مثلا، و زعم بعضهم انها أربع، فليس للإمام إذا شك أن يرجع الى أحد الفريقين، إلا إذا حصل له الظن من قول بعضهم، فيعمل وفق ظنه، و إذا لم يحصل له الظن فلا بد له من أن يأتي بعمل الشك.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 528

المسألة 863

إذا شك الإمام في عدد الركعات و كان بعض المأمومين متيقنا بالعدد و كان بعضهم شاكا فيه رجع الإمام إلى المتيقن منهم.

و أما البعض الآخر الشاك منهم، فان حصل له الظن عمل به اعتمادا على ظن نفسه لا على ظن غيره، و ان لم يحصل له الظن بشي ء فالأحوط له أن ينوي الانفراد في صلاته و يعمل عمل الشك، و إذا هو لم ينفرد، فلا بد له من أن يعمل على وفق شكه بعد الإتمام فيعيد الصلاة إذا كان مقتضى شكه الإعادة كما إذا كان شكه في الثنائية أو الثلاثية أو الأولتين من الرباعية.

و يعيد الصلاة أيضا إذا كان الشك في الأخيرتين من الرباعية و كان عمل الامام لا يطابق البناء على الأكثر، و مثال ذلك أن يكون الشك بين الثلاث و الأربع و كان عمل الامام بعد رجوعه الى المتيقن على البناء على الأقل، فعلى المأموم الشاك أن يعيد الصلاة إذا أتمها مع الامام و لم ينو الانفراد. و إذا عمل الامام على البناء على الأكثر، كان على المأموم بعد أن يتم الصلاة أن يأتي بصلاة الاحتياط.

المسألة 864

إذا شك الامام و المأمومون في عدد الركعات و لم يكن بينهم من يعلم بعددها، فللمسألة صور تجب مراعاتها.

(الصورة الأولى): أن يتحد الشك بين الجميع، و مثال ذلك أن يشكوا جميعا بين الثلاث و الأربع مثلا دون اختلاف، فيجب على الجميع أن يعملوا عمل هذا الشك، فيبنوا على الأربع، و يأتوا بعد التسليم بصلاة الاحتياط.

(الصورة الثانية): أن يختلفوا في شكهم بحيث لا يكون بينهم قدر مشترك، و مثال ذلك أن يشك الامام بين الاثنتين و الثلاث، و يشك المأمومون بين الأربع و الخمس، و الحكم ان يعمل

كل واحد منهم عمل شكه الخاص به.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 529

(الصورة الثالثة): أن يختلف الامام و المأمومون في شكهم و يكون بينهم قدر مشترك يجتمعون فيه، و مثال ذلك أن يشك الامام بين الاثنتين و الثلاث، و يشك المأمومون بين الثلاث و الأربع فالثلاث هي القدر المشترك بين الجميع، أو يشك أحدهما بين الثلاث و الأربع و يشك الآخر بين الأربع و الخمس، فتكون الأربع هي القدر المشترك بينهم، و لا يترك الاحتياط في أن يرجعوا الى القدر المشترك المذكور فيتموا الصلاة ثم يعيدوها بعد الإتمام.

و كذلك إذا اختلف الامام مع المأمومين في الشك و اختلف المأمومون ما بينهم، فتجب عليهم مراعاة الاحتياط، و إذا حصل الظن لبعضهم عمل بموجب ظنه.

المسألة 865

(السادس): إذا شك الإنسان في عدد ركعات النافلة تخير فيها بين ان يبني على الأقل، و هو أفضل، و أن يبني على الأكثر فيتم صلاته و لا شي ء عليه، و إذا كان الأكثر مفسدا للنافلة بنى على الأقل، و لا فرق في الحكم بين أن تكون النافلة ذات ركعة واحدة كالوتر، أو ذات ركعتين كأكثر النوافل، أو رباعية كصلاة الأعرابي.

و لا يختلف هذا الحكم في النافلة إذا أصبحت واجبة بنذر أو عهد أو يمين، و لا يلحق هذا الحكم الفريضة إذا عرض لها وصف النفل كالفريضة المعادة جماعة، أو المعادة للاحتياط المستحب و الفريضة التي يتبرع بقضائها عن الغير، و لا يلحق صلاة الصبي و لا صلاة الطواف و العيد المستحبين على الأقرب.

المسألة 866

حكم الشك في أجزاء النافلة هو حكم الشك في أجزاء الفريضة، فإذا شك في الشي ء منها و هو في محله أتى به، و إذا شك فيه بعد ما تجاوزه و دخل في غيره لم يلتفت الى شكه.

المسألة 867

إذا ترك ركنا من أركان النافلة بطلت، سواء كان عامدا أم ساهيا،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 530

و كذلك إذا زاد فيها ركنا عامدا، و إذا زاد فيها ركنا ساهيا، ففي البطلان و عدمه اشكال و لا يترك الاحتياط.

المسألة 868

إذا نسي جزءا من أجزاء النافلة و تذكره قبل أن يدخل في ركن بعده رجع الى ذلك الجزء المنسي فأتى به و بما بعده على الترتيب كما في الفريضة، سواء كان الجزء المنسي ركنا أم غيره، و إذا تذكره بعد أن دخل في ركن بعده ففي الرجوع إليه إشكال و لا يترك الاحتياط.

المسألة 869

إذا نسي سجدة واحدة أو تشهدا من صلاة النافلة، فلا يترك الاحتياط بقضائهما بعد التسليم، و لا يترك الاحتياط بسجود السهو إذا فعل ما يوجبه في النافلة.

المسألة 870

إذا زاد في النافلة ركعة و لو سهوا بطلت، و كذلك إذا شك فيها بين الاثنتين و الثلاث فبنى على الاثنتين، ثم تذكر انها ثلاث.

المسألة 871

إذا ظن في عدد ركعات النافلة، فالأحوط له أن يعمل فيها على ظنه ما لم يكن موجبا للبطلان بل لا يخلو من قوة.

المسألة 872

إذا شرع في بعض النوافل التي قد جعلت لها في الشريعة كيفية مخصوصة أو حددت في قراءتها سورة خاصة أو آيات معينة، أو تكرار سور أو آيات مخصوصة أو نحو ذلك من الخصوصيات و نسي تلك الكيفية أو تلك السورة المحددة، رجع إليها و تداركها إذا لم يفت موضع تداركها، فإذا فات موضع ذلك لم تتحقق له تلك الصلاة المعينة فإن هو أرادها فلا بد له من الإعادة.

و إذا كان قد قصد في نيته امتثال تلك النافلة الخاصة على نحو التقييد

كلمة التقوى، ج 1، ص: 531

كان ما أتى به باطلا و إذا قصدها على نحو تعدد المطلوب كان ما أتى به نافلة مطلقة.

المسألة 873

تقدم في فصل الشك في عدد الركعات: ان الظن في الركعات بحكم العلم، فعلى المكلف إذا ظن بالعدد أن يعمل على ظنه و لا احتياط عليه سواء كان في الصلاة الثنائية أم الثلاثية أم الرباعية، و في الأولتين منها أم الأخيرتين، إلا إذا كان الظن موجبا للبطلان، فالأحوط فيه أن يأتي بعمل الشك ثم يعيد الصلاة، و تراجع المسألة الثمانمائة و الثامنة.

و تقدم الإشكال في رجوع الشاك في عدد الركعات من الامام أو المأموم إلى الظان به منهما و بيان الاحتياط في ذلك في المسألة الثمانمائة و الحادية و الستين.

و تقدم في فصل الشك في الصلاة و أفعالها، أن الظن في الأفعال بحكم الشك، فيجب على الظان فيها أن يأتي بعمل الشك، فإذا ظن الفعل أو الترك و كان في محل الشي ء المشكوك وجب عليه أن يأتي به، و إذا كان بعد التجاوز عنه مضى في صلاته و لم يلتفت، إلا إذا كان الظن اطمئنانيا فعليه أن يتم الصلاة وفق اطمئنانه

ثم يعيدها، إذا كان عمله مخالفا لقاعدة الشك في المحل أو التجاوز و تراجع المسألة السبعمائة و الثالثة و التسعون.

و تقدم أيضا ان الظن بالإتيان بالصلاة أو بعدم الإتيان بها بحكم الشك في ذلك، فإذا ظن بأحدهما و هو في الوقت وجب عليه أن يأتي بالصلاة، و إذا كان بعد خروج الوقت بنى على أنه قد أتي بالصلاة و لم يلتفت.

المسألة 874

يصح الاعتماد على شهادة البينة العادلة في أفعال الصلاة و في عدد ركعاتها و في إحراز شروطها، كالطهارة من الحدث أو الخبث، و القبلة، و الوقت.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 532

و قد تقدم في مبحث الوقت انه يصح الاعتماد فيه على أذان الثقة العارف، و تقدم في مبحث القبلة تفصيل القول في صحة الاعتماد على الظن بالقبلة و عدمها.

المسألة 875

ما ذكرناه في هذه الفصول من أحكام الخلل الواقع في الصلاة عمدا أو سهوا، و أحكام الشك و الظن لا يختص بالصلاة اليومية، بل يعم غيرها من الفرائض الواجبة كصلاة الآيات، و القضاء، و صلاة الطواف، و صلاة الجمعة و العيدين، فتبطل بنقصان الركن و زيادته عمدا و سهوا، و تبطل بالزيادة العمدية في غير الركن من الأجزاء و لا تبطل بزيادته سهوا، و يجب فيها قضاء السجدة و التشهد إذا نسيهما، و يجب فيها سجود السهو إذا طرأ فيها أحد موجباتها كما في الفريضة اليومية.

و إذا عرض فيها شك في عدد الركعات بطلت، لأنها ثنائية، و إذا شك في فعل من أفعالها و كان في محل الشي ء المشكوك أتى به و إذا كان بعد التجاوز عنه لم يلتفت.

الفصل الرابع و الثلاثون في قضاء الأجزاء المنسية

المسألة 876

يجب قضاء السجدة الواحدة من الركعة إذا نسيها و لم يتذكرها حتى دخل في الركوع من الركعة اللاحقة، من غير فرق بين أن تكون السجدة من الركعتين الأولتين أو الأخيرتين، و يجب قضاء التشهد إذا نسيه و لم يتذكره الا بعد الدخول في الركوع كذلك، فيأتي بهما بعد الصلاة، و يجب عليه أن يسجد للسهو لنسيان التشهد، و لنسيان السجدة أيضا على الأحوط، و قد ذكرنا ذلك في المسألة السبعمائة و الستين و ما بعدها.

المسألة 877

إذا نسي سجدة واحدة من الركعة الأخيرة أو نسي التشهد منها و تذكرهما بعد التسليم فان كان قبل أن يأتي بما يبطل الصلاة وجب

كلمة التقوى، ج 1، ص: 533

عليه أن يأتي بالسجدة أو التشهد بقصد ما في ذمته من أداء أو قضاء لهما، ثم يأتي بما بعدهما حتى يحصل الترتيب، فإذا سلم سجد للسهو لما في ذمته بسبب نسيان الجزء أو التسليم في غير موضعه، و صحت صلاته بذلك.

و ان تذكرهما بعد التسليم و فعل ما يبطل الصلاة، أتى بهما و بسجود السهو لهما، ثم أعاد الصلاة، و قد تقدم ذلك في المسألة السبعمائة و الثامنة و الستين.

المسألة 878

يجب قضاء أبعاض التشهد إذا نسيها، كما إذا نسي الشهادتين أو نسي إحداهما أو الصلاة على محمد و آل محمد، فيقضى الجزء الذي تركه وحده، و لا تجب اعادة التشهد كله، نعم إذا نسي الصلاة على آل محمد وجب أن يقضي صيغة الصلاة على محمد و آل محمد كلها، و كذلك إذا نسي كلمة وحده لا شريك له أعاد الشهادة الأولى كلها، و إذا نسي كلمة عبده و رسوله أعاد الشهادة الثانية كلها.

المسألة 879

إذا نسي الذكر من السجدة في الصلاة أو نسي وضع بعض المساجد ما عدا الجبهة أو غير ذلك مما يجب في سجود الصلاة لم يجب قضاؤه فالحكم مختص بقضاء السجدة نفسها.

المسألة 880

يعتبر في قضاء السجدة المنسية ان يكون جامعا لجميع ما يشترط في الصلاة من طهارة، و استقبال، و ستر عورة، و نحوها، و لجميع ما يعتبر في سجود الصلاة من وضع المساجد و طهارة موضع الجبهة، و وضعها على ما يصح السجود عليه، و الذكر، و الطمأنينة و غير ذلك من شرائط و واجبات.

و يعتبر في قضاء التشهد المنسي أن يكون جامعا لجميع ما يعتبر في تشهد الصلاة من شروط، و واجبات، كالطهارة و الاستقبال و الجلوس

كلمة التقوى، ج 1، ص: 534

و الطمأنينة و الإتيان بالشهادتين و الصلاة على محمد و آل محمد بالصيغة المتعارفة في تشهد الصلاة.

المسألة 881

يجب في قضاء السجدة و التشهد نية البدلية عن الجزء المنسي، و تجب المبادرة إليهما بعد التسليم، فلا يجوز على الأحوط أن يفصل ما بينهما و بين الصلاة بما ينافيها، نعم لا بأس بالفصل القليل بالدعاء و الذكر و نحوه مما يجوز إيقاعه في الصلاة إذا لم يناف الفورية العرفية، و لا يجوز تأخيرهما عن التعقيب.

المسألة 882

إذا فصل ما بين قضاء السجدة أو التشهد و بين الصلاة بما يبطل الصلاة عمدا و سهوا كالحدث و استدبار القبلة، كفاه أن يأتي بهما و ان كان الأحوط استحبابا أن يعيد الصلاة بعد ذلك و كذلك الحكم في ما يبطل الصلاة عمدا لا سهوا، كالتكلم و القهقهة إذا أتى بهما عامدا، و لا يضره إذا وقع ذلك منه سهوا، و هذا إذا كانت السجدة أو التشهد من غير الركعة الأخيرة، و قد تقدم حكمهما إذا كانا منها.

المسألة 883

لا يترك الاحتياط في أن يسجد للسهو إذا أتى بما يوجب سجود السهو في أثنائهما أو قبل الإتيان بهما.

المسألة 884

إذا أتى بقضاء التشهد بعد الصلاة، و نسي أن يأتي ببعض أجزائه، فإن تذكر ذلك قبل أن يأتي بما يبطل الصلاة عمدا و سهوا تدارك ما نسي منه فأتى به، و ان تذكره بعد ما أتى بالمبطل و كان ذلك من التشهد الأخير فالأحوط له اعادة التشهد ثم اعادة الصلاة، و إذا كان من التشهد الأول كفاه أن يعيد التشهد خاصة.

المسألة 885

إذا أتى بقضاء السجدة بعد الصلاة و نسي أن يأتي فيها بالذكر أو

كلمة التقوى، ج 1، ص: 535

ببعض ما يجب في السجود ما عدا وضع الجبهة لم تجب اعادة القضاء و ان كان أحوط.

المسألة 886

إذا وجب على المكلف قضاء سجدات متعددة من الصلاة، و كانت السجدات من غير الركعة الأخيرة، كفاه أن يأتي بقضائها واحدة بعد واحدة حتى يتم عدد السجدات المنسية و لا يشترط التعيين في النية انها الأولى أو الثانية، ثم سجد بعدها للسهو لكل سجدة منها و إذا كانت احدى السجدات المنسية من الركعة الأخيرة و ذكرها بعد التسليم، قدمها على الأحوط و أتى بما بعدها من تشهد و تسليم كي يحصل الترتيب، ثم قضى بقية السجدات المنسية ثم سجد للسهو لكل واحدة من السجدات الأولى و من التشهد الزائد و سجد للسهو لما في ذمته من السجدة الأخيرة أو التسليم في غير موضعه، و إذا كان ذلك بعد أن فعل المنافي أعاد الصلاة. و كذلك الحكم إذا تعدد نسيان التشهد فيقدم التشهد الأخير على النهج المذكور في السجدة سواء بسواء.

المسألة 887

لا تجب مراعاة الترتيب في قضاء الأجزاء المنسية من الصلاة، فيصح له أن يقضى اللاحق في الفوت قبل السابق و ان كانت مراعاة الترتيب أحوط استحبابا.

المسألة 888

إذا علم المصلي بأنه نسي إما سجدة أو تشهدا لم يعلم بالمنسي منهما على التعيين، وجب عليه أن يحتاط بقضائهما معا.

المسألة 889

إذا علم بأنه نسي السجدة و لكنه شك هل انه ذكرها في موضعها من الصلاة فتداركها قبل الفوت أم لا، فالأحوط لزوم قضائها بل لا يخلو من قوة و كذلك الحكم في التشهد.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 536

المسألة 890

يجب تقديم صلاة الاحتياط على قضاء الأجزاء المنسية إذا اتفقا للمكلف في صلاة واحدة، و ان كان فوت الأجزاء متقدما على الشك الذي أوجب عليه صلاة الاحتياط، و يجب تقديم الاحتياط كذلك على سجود السهو إذا اتفقا له، و ان كان موجب سجود السهو متقدما و إذا وجب على المكلف قضاء الأجزاء و سجود السهو فالأحوط تقديم قضاء الأجزاء على السجود.

المسألة 891

إذا علم بوجوب قضاء السجدة أو التشهد عليه، ثم انقلب علمه شكا لم يجب عليه القضاء، سواء كان انقلاب اعتقاده شكا في أثناء الصلاة أو بعد الفراغ منها.

المسألة 892

إذا وجب عليه قضاء أحدهما، و شك هل أنه أتى بقضاء ما عليه أم لا، وجب عليه الإتيان به إذا كان الشك في الوقت، و كذلك إذا كان بعد الوقت على الأحوط.

المسألة 893

إذا تردد في الفائت منه بين الأقل و الأكثر، بنى على الأقل.

المسألة 894

إذا علم أنه نسي بعض أفعال الصلاة، و شك هل أنه سجدة أو تشهد فيلزمه قضاؤه أو غيرهما من الأجزاء غير الركنية فلا يجب، لم يجب عليه القضاء و لا سجود السهو.

المسألة 895

إذا شرع في نافلة أو فريضة، ثم تذكر ان عليه قضاء سجدة أو تشهد، تعين عليه قطعها و الإتيان بالقضاء.

المسألة 896

إذا وجب عليه قضاء سجدة أو تشهد من صلاة الظهر و ضاق وقت

كلمة التقوى، ج 1، ص: 537

العصر فإن بقي من الوقت مقدار ركعة فقط وجب تقديم صلاة العصر، و أتى بقضاء الجزء بعدها، و إذا بقي من الوقت ما يدرك منه ركعة بعد قضاء الجزء أشكل الحكم بوجوب تقديم القضاء، و لكنه إذا قدم القضاء ثم صلى العصر صح الجميع.

المسألة 897

إذا وجبت على المكلف صلاة الاحتياط للظهر و ضاق وقت العصر، فإن بقي من الوقت مقدار ركعة فقط قدم العصر، ثم أعاد الظهر من أصلها و لم يكتف بصلاة الاحتياط.

و إذا بقي من الوقت ما يدرك منه ركعة بعد صلاة الاحتياط، أشكل الحكم بتقديم صلاة الاحتياط كما سبق في نظيره، و لكنه إذا أتى بصلاة الاحتياط ثم صلى العصر صح الجميع.

الفصل الخامس و الثلاثون في سجود السهو

المسألة 898

يجب سجود السهو لأحد الأمور الآتية.

(الأول): يجب للتكلم ساهيا بحرفين أو أكثر و ان كانا غير مفهمين، و يجب للتكلم بحرف واحد إذا كان مفهما على الأحوط، كما ذكرنا في فصل منافيات الصلاة، و كذلك إذا تكلم عامدا باعتقاد انه قد فرغ من الصلاة أو سبقه لسانه فتكلم من غير قصد، فالأحوط لزوم سجود السهو لهما.

و قد تقدم في مبطلات الصلاة أن التنحنح و النفخ أصوات تشبه الحروف و ليست كلاما و لا حروفا، فلا تبطل الصلاة إذا تنحنح المكلف أو نفخ في أثناء صلاته عامدا، و لا يجب عليه سجود السهو إذا فعل ذلك ساهيا و يشكل الحكم في التأوه و الاثنين إذا حدث منهما حرفان، فلا يترك الاحتياط بسجود السهو لهما إذا كان ساهيا.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 538

المسألة 899

إذا تكلم في الصلاة بتوهم ان ما تكلم به قرآن أو ذكر أو دعاء، و تبين انه ليس منه، فالحكم بصحة صلاته مشكل، فلا بد له من سجود السهو ثم اعادة الصلاة.

المسألة 900

(الثاني): التسليم في غير موضعه ساهيا على الأحوط، و المراد به الإتيان بإحدى الصيغتين المخرجتين من الصلاة، سواء قصد به الخروج من الصلاة أم لم يقصد ذلك.

المسألة 901

(الثالث): نسيان سجدة واحدة من الصلاة حتى يفوت موضع تداركها، فإذا نسيها كذلك وجب عليه قضاؤها بعد الصلاة، و وجب عليه أن يسجد للسهو لنسيانها على الأحوط. و لا يجب سجود السهو إذا نسي الذكر من السجدة أو نسي بعض واجباتها الأخرى.

المسألة 902

(الرابع): نسيان التشهد حتى يفوت موضع تداركه، فيجب قضاؤه بعد الصلاة، و يجب سجود السهو لنسيانه، و لا يجب السجود إذا نسي أبعاض التشهد حتى فات موضع تداركها و ان وجب قضاؤها كما تقدم في المسألة الثمانمائة و الثامنة و السبعين.

المسألة 903

(الخامس): الشك بين الأربع و الخمس من ركعات الصلاة الرباعية إذا كان بعد إكمال السجدتين، فيبني على الأربع و يأتي بعد التسليم بسجدتي السهو كما تقدم بيانه في صور الشك الصحيحة.

المسألة 904

(السادس): القيام ساهيا في موضع يجب فيه القعود، أو القعود في موضع يجب فيه القيام كذلك، بشرط أن يتلبس مع القيام أو القعود

كلمة التقوى، ج 1، ص: 539

بقراءة أو تسبيح أو ذكر، و لا يجب السجود لهما إذا لم يتلبس معهما بذلك.

المسألة 905

(السابع): إذا علم إجمالا بأنه إما زاد أو نقص في صلاته و كانت الزيادة و النقيصة غير مبطلتين.

المسألة 906

لا يجب السجود لكل زيادة و نقيصة في الصلاة على الأقوى، في غير مورد العلم الإجمالي المتقدم ذكره و ان كان الأحوط استحبابا ذلك، و لا تصدق الزيادة على المستحبات.

المسألة 907

يجب تعدد سجود السهو إذا تعدد السبب الذي يوجبه، سواء كان السبب من نوع واحد أم من أنواع متعددة، و مثال تعدد السبب من نوع واحد، أن ينسى سجدتين أو أكثر من كل ركعة سجدة، أو يقوم في موضع القعود مرات متعددة في صلاته مع التلبس بالقراءة أو الذكر في كل مرة، فيجب عليه سجود السهو لكل سجدة في المثال الأول، و لكل قيام في المثال الثاني و مثال تعدد السبب من أنواع: أن ينسى سجدة و تشهدا و يشك بين الأربع و الخمس في صلاة واحدة فيجب عليه سجود السهو لكل واحد منها.

المسألة 908

الكلام الواحد موجب واحد إذا كان عن سهو واحد و ان كان طويلا، و إذا تعدد السهو تعدد الموجب، و مثال ذلك ان يتكلم ساهيا ثم يتذكر، ثم يسهو ثانيا فيستمر بكلامه الأول، و هكذا فعليه لكل مرة سجود.

المسألة 909

إذا ترك السجدة أو التشهد و قام ساهيا، و تذكر ذلك قبل دخوله في الركوع وجب عليه أن يعود فيأتي بالسجدة أو التشهد و يتم صلاته، ثم يسجد سجدتي السهو مرة واحدة للقيام الزائد، و ان كان قد أتى

كلمة التقوى، ج 1، ص: 540

بقراءة الحمد و السورة و القنوت و التكبير للركوع، و إذا أتى بسجوده بقصد ما في الذمة فهو أحوط.

المسألة 910

لا يجب في نية سجود السهو تعيين السبب الموجب له و ان تعدد و اختلف نوعه، و لا يجب الترتيب فيه فيجوز أن يقدم في الامتثال ما كان سببه متأخرا.

المسألة 911

موضع سجدتي السهو بعد التسليم من الصلاة و تجب المبادرة إليهما على الأحوط، فان أخرهما عامدا عصى بذلك و وجبت عليه المبادرة ثانيا، و هكذا الى أن يؤديهما، و إذا نسيهما وجب أن يأتي بهما متى تذكر و لو بعد مدة، و لا تبطل الصلاة بذلك، و لا تبطل بتركه أصلا و ان كان الأحوط الإعادة.

المسألة 912

إذا عين في نيته سببا خاصا لسجوده ثم تذكر ان السبب الذي أوجب عليه السجود غير ما قصده، صح سجوده إذا قصد به امتثال ما في ذمته، و كان ذكره للسبب الخاص من باب الخطأ في التطبيق، و وجبت عليه الإعادة إذا كان قصده على وجه التقييد.

المسألة 913

كيفية سجود السهو أن ينوي السجود، ثم يضع جبهته و بقية مساجده في مواضعها من سجود الصلاة، و يتخير في الذكر بين صيغتين، إحداهما:

(بسم اللّه و باللّه اللهم صل على محمد و آل محمد) و إذا اختار هذه الصيغة فعليه أن يجمع بين ما تقدم كما ذكره في الكافي، و بين أن يقول:

(بسم اللّه و باللّه و صلى اللّه على محمد و آل محمد) على ما في رواية الفقيه و التهذيب.

و الصيغة الثانية: (بسم اللّه و باللّه، السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته) و إذا اختار هذه الصيغة فعليه أن يأتي بها بدون الواو

كلمة التقوى، ج 1، ص: 541

مرة، كما ذكرناه على ما في رواية الكافي و بعض نسخ الفقيه، و مع الواو مرة أخرى، فيقول كما في التهذيب: (بسم اللّه و باللّه و السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته) ثم يرفع رأسه و يسجد مرة ثانية و يقول فيها ما تقدم، ثم يجلس و يتشهد بالتشهد الخفيف المتعارف و هو أن يقول: (أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله اللهم صل على محمد و آل محمد) و وصفه بالخفيف بلحاظ خلوه من الزيادات المندوبة في تشهد الصلاة، ثم يسلم و يكفي في التسليم أن يقول: السلام عليكم.

المسألة 914

لا يجب التكبير لسجود السهو و لا لرفع الرأس منه، و الأحوط أن يراعى فيه جميع ما يعتبر في سجود الصلاة من شرائط الصلاة كالطهارة من الحدث و الخبث و ستر العورة و الاستقبال و ترك جميع المنافيات، و أن تجتمع فيه شرائط السجود و واجباته من وضع جميع المساجد

و طهارة موضع الجبهة و ان يكون مما يصح السجود عليه، و أن لا يكون أرفع من موقف المصلى أو أخفض منه بأكثر من أربع أصابع، و الطمأنينة في السجود و الانتصاب و الطمأنينة بين السجدتين، بل لا يخلو بعض ذلك من قوة.

المسألة 915

لا يجب سجود السهو حتى يعلم بتحقق سببه فإذا شك في وجود السبب الموجب لم يجب السجود.

المسألة 916

إذا علم بوجوب السجود عليه ثم شك هل أتى به أم لا، وجب عليه أن يأتي به، و ان طالت المدة، بل لا يترك الاحتياط حتى إذا شك فيه بعد خروج الوقت.

المسألة 917

إذا علم بوجوب سجود السهو عليه، ثم انقلب علمه شكا لم يجب عليه السجود.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 542

المسألة 918

إذا علم بوجوب السجود عليه و تردد في عدده بين الأقل و الأكثر بنى على الأقل.

المسألة 919

إذا شك في بعض أجزاء سجود السهو، فان كان في محله وجب أن يأتي به، و إذا شك فيه بعد الفراغ من العمل بنى على الصحة و لم يلتفت الى شكه، و إذا شك فيه بعد التجاوز عن محل الشي ء المشكوك و قبل الفراغ من العمل، فلا يترك الاحتياط بالإتيان به بقصد القربة المطلقة.

المسألة 920

إذا شك هل سجد سجدة واحدة أم سجدتين بنى على الأقل، فعليه أن يأتي بالثانية، حتى إذا كان شكه بعد الدخول في التشهد، فيأتي بالسجدة بقصد القربة المطلقة على الأحوط، كما تقدم في المسألة المتقدمة.

المسألة 921

إذا علم بأنه قد زاد فيه سجدة أو نقص منه سجدة فالأحوط اعادة سجدتي السهو.

المسألة 922

إذا نسي الذكر في سجود السهو و تذكره بعد رفع الرأس منه فالأحوط له اعادة السجود بل لا يخلو من قوة.

الفصل السادس و الثلاثون في بعض فروع الشك

المسألة 923

إذا تردد المصلي في أن ما بيده هي آخر ركعة من الظهر، أو أنه قد أتم الظهر و هذه أولى ركعة من صلاة العصر بنى على انها آخر صلاة الظهر، فعليه أن يتمها و يسلم ثم يصلي العصر. و إذا وقع له مثل ذلك في العشاءين، فشك هل أن ما بيده ثالثة المغرب أو أنه قد أتم

كلمة التقوى، ج 1، ص: 543

المغرب و هذه أولى صلاة العشاء، فالحكم البطلان من حيث أن المغرب لا يدخلها الشك.

المسألة 924

إذا عرض له أحد الشكوك الصحيحة فبنى على الأكثر، ثم شك هل أن ما بيده هي آخر ركعة من صلاته أو أنه أتمها، و هذه أولى ركعة من صلاة الاحتياط، فان كانت صلاة الاحتياط التي وجبت عليه ركعة واحدة، كفاه أن يتم الركعة التي بيده بقصد ما هي عليه واقعا، فإذا أتمها و سلم أتى بركعة الاحتياط بقصد الرجاء و لا اعادة عليه.

و إذا كانت صلاة الاحتياط التي وجبت عليه ركعتين، كما إذا فرض الشك الذي عرض له بين الاثنتين و الأربع، فعليه أن يتم الركعة التي بيده بقصد إتمام الصلاة، و بعد التسليم يأتي بركعتي الاحتياط ثم يعيد الصلاة على الأحوط استحبابا.

المسألة 925

إذا تردد هل أن ما بيده هي الركعة الرابعة في المغرب أو أنه قد صلى المغرب ثلاثا و هذه أولى ركعة من صلاة العشاء، فان كان ذلك بعد الدخول في الركوع من الركعة التي بيده بطلت صلاته و وجبت عليه أن يعيد المغرب، و ان كان قبل الركوع منها جعلها من المغرب و عليه أن يجلس و يتشهد و يسلم ثم يسجد سجدتي السهو للقيام الزائد.

و كذلك الحكم إذا كان في الظهرين، فشك في أن ما بيده هي خامسة الظهر أو أنه قد أتم صلاة الظهر أربعا و هذه أولى صلاة العصر فإذا كان قبل الركوع من ركعته جعلها خامسة الظهر و جلس و تشهد و سلم و سجد للسهو، ثم صلى العصر، و إذا كان بعد الدخول في الركوع بطلت الصلاة، فعليه أن يعيد الظهر ثم يصلي العصر.

المسألة 926

إذا شك بين الاثنتين و الثلاث بعد إكمال السجدتين، و علم بأنه لم يتشهد في صلاته، فعليه أن يبني على الثلاث و يقوم للرابعة، و لا يجوز

كلمة التقوى، ج 1، ص: 544

له أن يتشهد قبل القيام، فإذا أتم الصلاة أتى بصلاة الاحتياط لشكه، ثم أتى بقضاء التشهد، و سجد له سجدتي السهو.

و كذلك الحكم إذا كان قائما فشك بين الثلاث و الأربع و علم بأنه لم يتشهد في صلاته، فيبني على الأربع و يتم صلاته فإذا فرغ منها أتى بصلاة الاحتياط ثم بقضاء التشهد ثم بسجود السهو.

المسألة 927

إذا علم بعد الفراغ من صلاة العصر أنه قد صلى الظهرين تسع ركعات، و لم يدر أن الركعة الزائدة كانت في الظهر أم في العصر، وجب عليه أن يأتي بفريضة رباعية يقصد بها ما في ذمته من احدى الفريضتين، و إذا علم بذلك قبل التسليم من صلاة العصر حكم بصحة صلاة الظهر و وجب عليه أن يعيد العصر.

و إذا عرض له مثل ذلك في العشاءين فعلم بأنه صلاهما ثماني ركعات و لم يدر ان الركعة الزائدة كانت في أي الفريضتين، فان كان ذلك بعد الفراغ من صلاة العشاء وجبت عليه اعادة الفريضتين معا و إذا كان قبل التسليم من صلاة العشاء صحت صلاة المغرب و وجبت عليه اعادة العشاء.

المسألة 928

إذا أعاد المصلي صلاة المغرب احتياطا أو نسيانا، ثم علم قبل أن يتم الثانية منهما، بأنه قد زاد ركعة في إحدى الصلاتين، فيجوز له أن يكتفي بالأولى منهما لقاعدة الفراغ و يرفع اليد عن الثانية، و يجوز له أن يتم الصلاة الثانية، فيعلم بأنه قد أتى بمغرب صحيحة، أما الأولى و أما الثانية، و ليس ذلك من الشك في ركعات المغرب فتكون باطلة، بل هو شاك في أنها مغرب تامة الركعات أو هي لغو إذا كانت الأولى هي التامة و كانت الثانية هي الزائدة.

المسألة 929

إذا شك في صلاته بين الثلاث و الأربع فبنى على الأربع، ثم سها فزاد

كلمة التقوى، ج 1، ص: 545

في صلاته ركعة كانت صلاته باطلة للزيادة على الأربع البنائية، و ان كان بالفعل شاكا بين الأربع و الخمس.

المسألة 930

إذا شك في الإتيان بركن من أركان الصلاة بعد أن تجاوز موضعه و دخل في غيره، فكان حكمه المضي في صلاته و عدم الالتفات الى الشك، و لكنه نسي فأتى بالركن المشكوك فيه، كانت صلاته باطلة، نعم إذا انكشف له الخلاف، فعلم أنه لم يأت بالركن أولا و ان إتيانه به كان في موضعه كانت الصلاة صحيحة.

المسألة 931

إذا علم بعد قيامه للركعة اللاحقة أنه قد ترك سجدة من الركعة السابقة فهنا صور.

(الصورة الأولى): أن يعلم أنه قبل القيام قد جلس بقصد الجلوس بين السجدتين ثم نسي السجدة الثانية بعد جلوسه فقام عنها، و في هذه الصورة يجوز له أن يهوي من قيامه إلى السجدة المنسية من غير أن يجلس، فإنه قد أتى بالجلوس الواجب بين السجدتين.

(الصورة الثانية): أن يعلم انه لم يأت بالجلوس أصلا بعد السجدة، بل نهض من سجوده فقام للركعة و في هذه الصورة يجب عليه الجلوس أولا ليحصل الجلوس الواجب بين السجدتين، ثم يسجد السجدة المنسية، فإذا سجد من غير أن يجلس عامدا، بطلت صلاته، و إذا فعل ذلك ناسيا فلا شي ء عليه.

(الصورة الثالثة): أن يعلم أنه قد جلس بعد السجدة بقصد جلسة الاستراحة بعد السجدتين ثم قام و عليه في هذه الصورة أن يجلس أولا ثم يسجد.

المسألة 932

الجزء الذي يقع في غير محله من الصلاة، لا يكون الدخول فيه دخولا في الغير، فإذا شك في الجزء المتقدم عليه بعد الدخول فيه لم يكن ذلك

كلمة التقوى، ج 1، ص: 546

من الشك بعد التجاوز، فيجب عليه أن يأتي بالشي ء المشكوك فيه، و مثال ذلك أن ينسى التشهد في الركعة الثانية فيقوم للركعة الثالثة، فإن هذا القيام في غير محله، فإذا شك و هو قائم في السجود قبله، وجب عليه أن يرجع و يأتي بالسجدة المشكوكة و لم يكن ذلك من الشك بعد التجاوز.

المسألة 933

إذا علم بعد قيامه للركعة بأنه ترك احدى السجدتين قطعا، و شك هل أنه أتى بالسجدة الأخرى أم لم يأت بها، وجب عليه أن يعود لتدارك السجدة المنسية فإذا جلس وجب عليه أن يأتي بكلتا السجدتين المتيقنة منهما و المشكوكة و لا تجب عليه إعادة الصلاة.

المسألة 934

إذا كان الإنسان كثير الشك، فإنما يجري حكم كثرة الشك في الشك البسيط، فلا يعتني به كما تقدم بيانه، و لا يجري حكم كثرة الشك مع العلم الإجمالي و ان كان شاكا أيضا. و مثال ذلك أن يعلم إجمالا و هو في حال القيام بأنه قد ترك أما السجدة أو التشهد من الركعة التي قام عنها، فيجب عليه أن يعود فيأتي بالسجدة و التشهد معا، و ان كان كثير الشك، أو يعلم إجمالا بعد دخوله في الركوع بأنه قد ترك أما السجدة أو التشهد، فيجب عليه أن يمضي في صلاته فإذا أتمها وجب عليه أن يأتي بقضاء السجدة و قضاء التشهد، و أن يسجد للسهو لما في ذمته من نسيان أحدهما، و ان كان كثير الشك.

المسألة 935

إذا علم إجمالا بأنه قد ترك اما السجدة أو التشهد، فان كان ذلك قبل أن يفوت موضع تداركهما وجب عليه أن يرجع فيأتي بالسجدة و التشهد معا و يتم صلاته على الترتيب.

و إذا كان ذلك بعد أن فات موضع التدارك وجب عليه أن يمضي في صلاته، ثم يأتي بقضائهما معا بعد الصلاة و أن يسجد للسهو لما في ذمته من نسيان أحدهما.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 547

المسألة 936

إذا علم إجمالا بأنه إما زاد في صلاته قراءة أو نقصها، أو علم بأنه قد زاد التسبيحات الأربع في الأخيرتين أو نقصها، وجب عليه في كلا الفرضين أن يأتي بسجدتي السهو للعلم الإجمالي المذكور بالزيادة أو النقيصة غير المبطلتين.

الفصل السابع و الثلاثون في صلاة القضاء

المسألة 937

يجب قضاء ما فات المكلف أن يأتي به من الصلاة اليومية في وقته، سواء تركه عمدا أم سهوا أم جهلا، أم لنوم استوعب الوقت، أم لمرض و شبهه، أم أتى بالصلاة باطلة لنقصان شرط فيها أو جزء يوجب البطلان أو لزيادة مبطلة كما فصلناه في مباحث المبطلات و الخلل الواقع في الصلاة و لا يجب على الإنسان أن يقتضي ما فاته قبل بلوغ الحلم، و ما فاته في حال جنونه إذا كان الجنون مستوعبا للوقت، سواء كان مطبقا أم أدوارا، و لا يجب عليه قضاء ما فاته في حال الإغماء إذا استوعب الوقت، و لا يجب عليه قضاء ما فاته حال كفره إذا كان الكفر أصليا و لم يسلم في الوقت.

و المراد بالكفر الأصلي ما قابل الارتداد، و لا يجب على المرأة أن تقضي ما فاتها لحيض أو نفاس إذا استوعب العذر الوقت.

المسألة 938

إذا بلغ الصبي الحلم قبل أن يخرج وقت الصلاة فأدرك منه و لو مقدار ركعة وجب عليه أداء الفريضة إذا لم يكن قد أداها قبل البلوغ، فإذا تركها وجب عليه قضاؤها، و كذلك الحكم في المجنون و المغمى عليه، إذا أفاقا في الوقت، و الكافر إذا أسلم، و الحائض و النفساء إذا نقتا من الدم في أثناء الوقت.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 548

المسألة 939

إذا دخل وقت الصلاة على المكلف و مضى منه مقدار ما يؤدي به المختار صلاته كاملة حاضرا كان أم مسافرا، و متوضئا كان أم مغتسلا أم متيمما، و لم يؤد الصلاة، ثم عرض له الجنون أو الإغماء أو الحيض أو النفاس وجب عليه قضاء تلك الصلاة بعد الوقت، و تراجع المسألة الثانية و الخمسون في أحكام الوقت و المسألة الخمسمائة و الحادية و السبعون في أحكام الحائض من كتاب الطهارة فإن فيهما تفصيلا للمقام.

المسألة 940

إذا طرأ الجنون و الإغماء على المجنون و المغمى عليه بسبب اختياري لهما فالأحوط لزوم قضاء الصلاة عليهما، و أما الحائض و النفساء فالظاهر سقوط القضاء عنهما و ان كان سبب حدوث الحيض أو النفاس بفعلهما اختيارا.

المسألة 941

يجب على المرتد إذا عاد إلى الإسلام أن يقضي ما فاته من الصلوات في أيام ردته، سواء كان ارتداده عن فطرة أم عن ملة.

المسألة 942

يجب على المخالف إذا استبصر أن يقضي ما تركه من الصلاة قبل استبصاره و بعده و يجب عليه أن يقضي ما أتى به قبل استبصاره على خلاف مذهبه و ان كان موافقا لمذهبنا على الأحوط و لا يجب عليه قضاء ما أتى به على وفق مذهبه.

و إذا استبصر في أثناء الوقت و كان قد صلى الفريضة على وفق مذهبه، فالأحوط له اعادة هذه الصلاة، فان لم يعدها فالأحوط قضاؤها.

المسألة 943

يجب قضاء الصلاة على من شرب المسكر أو المخدر ففاتته الصلاة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 549

بسبب ذلك، من غير فرق بين العالم بالحكم و الجاهل به و العاصي و المكره و المضطر.

المسألة 944

يجب على فاقد الطهورين قضاء الصلاة إذا وجد الطهور، و يسقط عنه أداؤها و الأحوط استحبابا أن يجمع بين الأداء و القضاء.

المسألة 945

لا قضاء لصلاة الجمعة إذا فاتت مع اجتماع شرائطها، بل يجب على المكلف أن يأتي بصلاة الظهر، فإذا مضى وقت الظهر و لم يصلها وجب عليه قضاء الظهر لا قضاء الجمعة.

المسألة 946

يجب قضاء الفرائض غير اليومية إذا فات وقتها، حتى النافلة المنذورة في وقت معين على الأحوط، و يستثنى من ذلك صلاة العيدين، فلا قضاء لها إذا فاتت.

المسألة 947

يجوز قضاء ما فاته من الفرائض في أي وقت شاء من ليل أو نهار، و في سفر أو حضر.

المسألة 948

يجب قضاء الفريضة كما فاتت، فيجب فيها الجهر بالقراءة إذا كانت جهرية في أصلها و ان قضاها نهارا، و يجب الإخفات فيها إذا كانت إخفاتية في أصلها و ان قضاها ليلا، و يجب الإتمام فيها إذا كانت من فوائت الحضر و ان قضاها سفرا و يجب القصر فيها إذا فاتت في السفر و ان قضاها حاضرا.

المسألة 949

إذا فاتت الصلاة على المسافر و هو في أحد مواضع التخيير، فالأحوط له أن يقضيها قصرا، بل لعله الأقوى، سواء خرج من تلك الأماكن أم لم يخرج و أراد قضاء الصلاة فيها.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 550

المسألة 950

إذا وجب على المكلف الاحتياط في بعض الموارد بالجمع بين القصر و التمام، ففاتته تلك الصلاة وجب عليه في قضائها أن يجمع بين القصر و التمام.

المسألة 951

إذا كان المكلف مسافرا في أول الوقت ثم حضر، أو كان حاضرا في أول وقت الصلاة ثم سافر، و فاتته الصلاة وجب عليه أن يقضيها كما هي في آخر الوقت، فان كان مسافرا قضاها قصرا و ان كان حاضرا قضاها تماما.

المسألة 952

يستحب قضاء النوافل الرواتب استحبابا مؤكدا، و يستحب قضاء النوافل غير الرواتب إذا كانت موقتة، و الأولى أن يأتي بقضاء هذه باحتمال المطلوبية، و يجوز قضاء النافلة الفائتة في أي وقت شاء من الليل أو النهار، و لا يتأكد قضاء ما فات الإنسان من النافلة حال المرض.

المسألة 953

يستحب لمن عجز عن قضاء النوافل الرواتب أن يتصدق عن كل ركعتين بمد، فان لم يتمكن تصدق عن كل أربع ركعات بمد، فان لم يتمكن تصدق عن نافلة النهار بمد و عن نافلة الليل بمد.

المسألة 954

لا يجب الترتيب في قضاء الفرائض غير اليومية، فيجوز له أن يقدم قضاء ما فات منها متأخرا، فإذا فاتته صلاة الكسوفين معا، جاز له أن يقدم ما شاء منها، و لا يجب الترتيب بينها و بين قضاء اليومية، فيجوز له تقديم أيهما شاء و ان كان متأخرا في الفوات.

المسألة 955

الأظهر عدم وجوب الترتيب في قضاء الفوائت من الصلاة اليومية، إلا في الفريضتين المترتبتين في أدائهما كالظهرين، و كالعشاءين، إذا

كلمة التقوى، ج 1، ص: 551

كانا من يوم واحد، فيجب الترتيب في قضائهما كذلك، و لا يجب أن يقدم قضاء ما سبق في الفوت على المتأخر في غير ذلك، سواء علم الترتيب أم جهله، و على هذا فلا يجب التكرار إذا جهل الترتيب في جميع الفروض.

المسألة 956

إذا فاتته صلاة معينة- كصلاة العصر مثلا- عدة أيام و كان مسافرا في بعضها و حاضرا في بعضها، و لم يعلم بعدد الأيام، وجب أن يقضى ما علم فوته من صلاة السفر و صلاة الحضر و ان لم يحصل الترتيب.

المسألة 957

إذا فاتته صلاة واحدة و لم يدر انها الظهر أو العصر، أجزأه أن يأتي بأربع ركعات بقصد ما في ذمته، و إذا كان في السفر أتى بركعتين بقصد ما في الذمة، و إذا لم يدر انها في سفر أو حضر أتى برباعية واحدة و ثنائية واحدة يقصد بهما ما في الذمة.

المسألة 958

إذا علم بأن إحدى الظهرين قد فاتته و لم يعلم بها على التعيين، و احتمل ان الأخرى قد فاتته أيضا، كفاه أن يأتي بأربع ركعات يقصد بها امتثال ما تنجز عليه فعلا منهما.

و إذا أراد الاحتياط استحبابا أتى برباعية أخرى برجاء المطلوبية قبل الرباعية المتقدم ذكرها، و برباعية بعدها.

المسألة 959

إذا فاتته احدى الصلوات الخمس و لم يعلم بها على التعيين كفاه أن يأتي بصبح و مغرب و برباعية مرددة بين أن تكون ظهرا أو عصرا أو عشاء، و يتخير فيها بين الجهر و الإخفات و إذا كان مسافرا أتى على الأحوط بمغرب، و بركعتين جهريتين مرددة بين الصبح و العشاء، و ركعتين اخفاتيتين مرددة بين الظهر و العصر.

و إذا جهل أنه كان مسافرا حين فاتته الفريضة أم حاضرا، فالأحوط

كلمة التقوى، ج 1، ص: 552

له أن يأتي بمغرب، و بركعتين جهريتين مرددة بين الصبح و العشاء المقصورة، و بركعتين اخفاتيتين مرددة بين الظهر و العصر المقصورتين، و أربع ركعات مرددة بين الظهر و العصر و العشاء التامة، و يتخير فيها بين الجهر و الإخفات.

المسألة 960

إذا فاتته فريضتان من الصلوات الخمس ليوم واحد و لم يعلم بهما على التعيين، كفاه أن يأتي بصبح و مغرب و بأربع ركعات مرددة بين الظهر و العصر يخفت فيها و بأي هذه الصلوات الثلاث بدأ أجزأه، ثم يأتي بعدها بأربع ركعات مرددة بين العصر و العشاء يتخير فيها بين الجهر و الإخفات.

و إذا كان مسافرا أجزأه أن يأتي بركعتين مرددتين بين الصبح و الظهر و العصر، و بمغرب و بأي هاتين الصلاتين بدأ أجزأه، ثم يأتي بعدهما بركعتين مرددتين بين الظهر و العصر و العشاء.

و إذا جهل سفره و حضره كفاه أن يأتي بركعتين مرددتين بين الصبح و الظهر و العصر، ثم يأتي بأربع ركعات مرددة بين الظهر و العصر، و بمغرب، ثم يأتي بركعتين مرددتين بين الظهر و العصر و العشاء ثم بأربع ركعات مرددة بين العصر و العشاء.

المسألة 961

إذا فاتته ثلاث فرائض من الصلوات الخمس ليوم واحد و لم يعلم بها على التعيين، وجب عليه أن يأتي بالصلوات الخمس، و عليه أن يأتي بالظهرين منها مترتبتين و بالعشاءين مترتبتين، و له أن يقدمهما على الظهرين أو على الصبح أو على الجميع و ان يؤخرهما عنه.

و إذا كان مسافرا كفاه أن يأتي بركعتين مرددتين بين الصبح و الظهر و ركعتين مرددتين بين الظهر و العصر و يأتي بالمغرب ثم بركعتين مرددتين بين العصر و العشاء.

و إذا جهل سفره و حضره أتى بركعتين مرددتين بين الصبح و الظهر،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 553

و أتى بالظهر تامة و بالعصر تامة، ثم أتى بركعتين مرددتين بين الظهر و العصر، ثم أتى بالمغرب و أتى بعدها بركعتين مرددتين بين العصر و العشاء ثم أتى بالعشاء تامة.

المسألة 962

إذا فاتته أربع فرائض من الصلوات الخمس ليوم واحد وجب عليه أن يأتي بالصلوات الخمس و جرى في الترتيب على النهج المتقدم في المسألة السابقة.

و إذا كان مسافرا أتى بالصلوات الخمس مقصورة على النهج المتقدم في الترتيب.

و إذا جهل سفره و حضره أتى بالخمس قصرا كما في المسافر، و أضاف إليها ظهرا و عصرا تامتين قبل المغرب، و عشاء تامة بعدها.

المسألة 963

إذا فاتته خمس فرائض مرتبة و لم يعلم أيها فاتته أولا كفاه أن، يأتي بخمس صلوات بأي منها بدأ، نعم يجب الترتيب بين الظهرين و بين العشاءين إذا كانا من يوم واحد، و كذلك إذا فاته أكثر من خمس فرائض مترتبة فيكفيه أن يأتي بالصلوات الفائتة كيف شاء و لا يجب عليه الترتيب إلا في الظهرين و العشاءين إذا كانا من يوم واحد.

المسألة 964

إذا فاتته صلاة معينة عدة أيام و لم يعلم بعددها وجب عليه أن يقضي ما علم فوته من عدد تلك الفريضة، فيكتفي بالأقل، و كذلك إذا فاتته صلوات مختلفة و لم يعلم بعددها و قد تقدم ان الأظهر عدم وجوب الترتيب فلا يجب عليه التكرار إذا جهله.

المسألة 965

وجوب القضاء موسع فيجوز للمكلف التأخير فيه إذا لم يؤد ذلك الى التسامح في أداء الواجب و التهاون بأمر اللّه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 554

المسألة 966

يجوز لمن اشتغلت ذمته بقضاء فائتة أو فوائت أن يصلي الفريضة الحاضرة في أول وقتها، و الأحوط استحبابا أن يقدم الفائتة، و قد تقدم أنه يستحب لمن شرع في الحاضرة و تذكر أن عليه فائتة أن يعدل بنيته إلى الفائتة ما لم يتجاوز محل العدول، أو لم يخف فوت فضيلة الحاضرة.

المسألة 967

يجوز لمن اشتغلت ذمته بفوائت سابقه ثم فاتت منه صلاة اليوم الحاضر، أن يقدم قضاء فائتة اليوم على الفوائت السابقة و على الصلاة الأدائية بل هو الأحوط استحبابا و يكتفي بها بناء على المختار من عدم وجوب الترتيب بين الفوائت في القضاء.

المسألة 968

الأحوط استحبابا لمن احتمل اشتغال ذمته ببعض الفوائت أو احتمل وجود خلل في بعض صلواته الماضية أن يأتي بها قضاء حتى يعلم بفراغ ذمته.

المسألة 969

يجوز لمن اشتغلت ذمته بقضاء بعض الفرائض أن يأتي بالنوافل، و يجوز لمن دخل عليه وقت الفريضة أن يصلي النافلة قبلها، سواء كانت من الرواتب أم من غيرها.

المسألة 970

تجب المباشرة في قضاء الفوائت من المكلف نفسه، فلا تجوز له الاستنابة فيه ما دام حيا، و ان عجز عن القضاء، و لا يجزي التبرع من الآخرين.

المسألة 971

تجوز القدوة في صلاة القضاء، فيجوز لمصلي القضاء أن يأتم بمصلي

كلمة التقوى، ج 1، ص: 555

الأداء و بمصلي القضاء، و يجوز لمصلي الأداء أن يأتم بمصلي القضاء و ان لم تتحد الفريضة بينهما.

نعم يشترط أن يعلم بأن المكلف مشغول الذمة بالفائتة، فإذا صلاها الامام احتياطا فالحكم بجواز القدوة فيها مشكل بل ممنوع.

المسألة 972

إذا طرأ للمكلف بعض الأعذار في صلاته كالمتيمم و المسلوس و المبطون و المصلي جالسا و نحوهم، فالأحوط له تأخير قضاء الفائتة إلى وقت ارتفاع العذر، و إذا علم بعدم ارتفاع العذر الى آخر عمره جاز له أن يأتي بالقضاء. و إذا انكشف له الخلاف فزال عذره و تمكن من الإتيان بالصلاة التامة كانت عليه اعادة القضاء على الأحوط بل على الأقوى.

المسألة 973

يستحب تمرين الطفل المميز على تأدية الواجبات و النوافل و على قضاء الصلاة إذا فاتت منه في أوقاتها، و يستحب تمرينه على العبادات الأخرى من الصيام و غيره مع تمكنه.

المسألة 974

الأقوى شرعية عبادة الطفل، و نتيجة لذلك، فإذا أدى الصلاة في الوقت ثم بلغ الحلم بعد ذلك و الوقت باق أجزأته صلاته التي أتى بها و لم تجب عليه اعادتها، و إذا صلى على الميت صحت صلاته إذا كانت جامعة للشرائط و لما يعتبر فيها و سقط بها الوجوب عن المكلفين.

المسألة 975

يجب على ولي الصغير حفظه عن كل ما فيه ضرر عليه أو على غيره من الناس، و يجب منعه عن الأمور التي علم من الشارع إرادة عدم وقوعه من أحد و ان كان صبيا كالزنا و اللواط و شرب الخمر و الغيبة و النميمة و الغناء و نحوها من المفاسد.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 556

و قد تقدم في المسألة المائة و الرابعة و السبعين من كتاب الطهارة ما يتعلق بمنع الأطفال عن تناول النجاسات و المتنجسات، و تقدم في شرائط لباس المصلي أنه يجوز للصبي لبس الحرير و الذهب، و لا يحرم على وليه أن يلبسه إياهما، و لكن لا تصح صلاة الصبي المميز فيهما على الأحوط، بل لا يخلو من قوة.

المسألة 976

يجب على ولي الميت أن يقضى عنه ما فاته من الصلوات الواجبة، سواء كان الميت رجلا أم امرأة على الأحوط فيها، و سواء كان حرا أم عبدا، و سواء كان فوت الصلاة منه لعذر أم لغير عذر على الأقوى إذا لم يكن ترك الميت للصلاة على وجه العناد و عدم المبالاة، فلا يجب القضاء على الولي مع ذلك.

و يجب عليه أن يقضى ما فات الميت من الصوم، فما فات منه في السفر يجب على الولي قضاؤه سواء تمكن الميت من قضائه في حياته أم لا، و ما فات منه لمرض، فان تمكن الميت من قضائه قبل موته و لم يقضه وجب على الولي قضاؤه من بعده، و ان لم يتمكن الميت من قضائه في حياته لم يجب على الولي من بعده و كذلك الحكم في ما فات المرأة لحيض أو نفاس، فيجب على الولي قضاء ما تمكنت هي من قضائه و لم تقضه

دون ما لم تتمكن من قضائه و قد بينا ذلك في قضاء الصوم.

المسألة 977

ولي الميت الذي يجب عليه قضاء ما فات من صلاته هو أولى الناس بميراثه من الذكور، فإذا تعدد الذكور الذين هم أولى بالميت و بميراثه، فالولي هو أكبرهم سنا، و لا يختص بالولد الأكبر على الأقوى، و لا يختص الميت الذي يجب القضاء عنه بالأبوين.

المسألة 978

الواجب على الولي هو قضاء ما فات الميت من صلاة نفسه، فلا يجب عليه أن يقضي عن الميت ما وجب عليه بالإجارة أو بسبب كونه وليا

كلمة التقوى، ج 1، ص: 557

لميت آخر، و الظاهر انه يجب على الولي أن يقضي ما فات الميت من صلاة النذر الموقت إذا فات وقتها و لم يصلها.

المسألة 979

لا فرق في الحكم بين طبقات الوارث، فمن كان من الذكور أولى بميراث الميت من غيره كان هو الولي و وجب عليه القضاء، و إذا تعددوا وجب على الأكبر منهم كما تقدم، سواء كان ولدا أم ولد ولد، أم أخا أم عما أم غيرهم.

المسألة 980

إذا مات ولي الميت بعده لم ينتقل الحكم إلى الأكبر من بعد الولي، فلا يجب عليه قضاء ما فات الميت الأول.

المسألة 981

إذا كان ولي الميت صبيا لم يبلغ الحلم أو كان مجنونا، لم يسقط وجوب القضاء عليه بذلك، فيجب القضاء على الطفل إذا بلغ، و على المجنون إذا أفاق، و إذا مات قبل البلوغ، أو قبل الإفاقة من الجنون لم يجب القضاء عن الميت على الأكبر بعده.

المسألة 982

الولي هو أكبر الورثة الذكور سنا، و ان سبقه الوارث الآخر بالبلوغ.

المسألة 983

إذا كان الشخص هو أولى الناس بميراث الميت في نفسه و كان ذكرا أو أكبر الذكور، و لكنه ممنوع من الإرث لأنه قاتل، أو مملوك أو كافر، لم تزل بذلك ولايته و لم يسقط وجوب القضاء عنه.

المسألة 984

إذا تساوى الولدان في السن وجب القضاء عليهما وجوبا كفائيا سواء أمكن تقسيط الواجب عليهما أم لم يمكن، و كذلك على الأحوط

كلمة التقوى، ج 1، ص: 558

إذا اشتبه الأكبر بين شخصين أو أشخاص و لم يعلم به على التعيين، فيعمل ظاهرا على نحو الوجوب الكفائي.

المسألة 985

الأكبر سنا هو من سبقت ولادته لا من سبق انعقاد نطفته فإذا كان للرجل ولدان من زوجتين و كان أحد الوالدين أسبق حملا من أخيه، و كان الثاني أسبق ولادة منه فولي الرجل هو الثاني لا الأول، و إذا ولد له توأمان، فوليه أولهما ولادة.

المسألة 986

يسقط القضاء عن الولي إذا تبرع بالقضاء عن الميت متبرع فأتى بالقضاء و كان عمله صحيحا، و لو ببركة أصالة الصحة، و يسقط عنه القضاء كذلك إذا استؤجر عن الميت من يصلي عنه الفوائت التي وجبت عليه و أتي الأجير بالعمل صحيحا، و لو ببركة أصالة الصحة، و إذا لم يأت الأجير أو المتبرع بالعمل أو علم بعدم صحة عمله لم يسقط الوجوب عن الولي.

المسألة 987

لا يجب على الولي أن يباشر القضاء عن الميت بنفسه، فيصح له أن يستأجر من يأتي بالقضاء و تكون أجرة الأجير في مال الولي نفسه لا في مال الميت.

المسألة 988

إذا استأجر أحدا للإتيان بالعمل فعلى الأجير ان يقصد النيابة عن الميت في الإتيان بالقضاء عنه لا عن الولي الذي استأجره و ان وجب عليه الفعل أيضا.

المسألة 989

لا يجب الترتيب في قضاء الصلوات عن الميت كما تقدم في قضاء المكلف عن نفسه، إلا في الظهرين و في العشاءين إذا كانا من يوم واحد، فلا يجب التكرار إذا جهل الترتيب.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 559

المسألة 990

يجب على الولي الجهر في قضاء الصلاة الجهرية و ان كان القضاء عن امرأة.

المسألة 991

يجب على الولي في قضائه عن الميت أن يراعي تكليف نفسه بحسب اجتهاده أو تقليده و ان خالف اجتهاد الميت أو تقليده، سواء كان في أحكام الشك و السهو أم في أجزاء الصلاة و شرائطها، و سواء علم ببطلان مذهب الميت في المسألة أم لا.

المسألة 992

إذا شك الولي في فوت الفرائض عن الميت و عدمه لم يجب عليه القضاء، و إذا علم بفوتها و تردد في عددها بين الأقل و الأكثر وجب عليه قضاء الأقل.

المسألة 993

إذا أخبر الميت نفسه بأن عليه فوائت يجب عليه قضاؤها كفى ذلك في وجوب القضاء على الولي على الأحوط.

المسألة 994

إذا دخل وقت الفريضة و مضى على المكلف مقدار ما يؤديها و لم يصلها ثم مات في أثناء الوقت وجب على الولي أن يؤديها عنه، و الأحوط له أن يأتي بها قبل خروج وقتها و ان يقصد بها امتثال الأمر الفعلي بها و لا ينوي بها القضاء المعهود إلا إذا أتى بها بعد الوقت.

المسألة 995

إذا كانت على الميت فوائت من صلاة و صوم و لم يكن له ولي أو كان له ولي، و مات قبل أن يقضى الفوائت التي على الميت، أو كان له ولي و قضى عنه ثم تبين للورثة بطلان ما أتى به الولي من القضاء لم يجب الاستيجار من تركة الميت، و انما يجب الاستيجار من التركة مع الوصية من الميت بذلك فتخرج من الثلث، و إذا أوصى الميت بذلك فاستؤجر احد لذلك

كلمة التقوى، ج 1، ص: 560

عملا بالوصية لم يسقط وجوب القضاء عن الولي إلا إذا أتى الأجير بالعمل صحيحا، كما تقدم.

المسألة 996

يجب القضاء على الولي و ان كان مشغول الذمة بفوائت لنفسه أو لغيره، و يتخير في تقديم ما شاء منها.

المسألة 997

وجوب القضاء على الولي موسع، فلا يجب عليه الفور في ذلك و ان كانت المبادرة أحوط استحبابا.

الفصل الثامن و الثلاثون في صلاة الاستئجار

المسألة 998

يجوز التبرع من الآخرين بقضاء الصلاة و العبادات التي وجبت على الميت في حياته، و مات و لم يؤدها في وقتها، و لم يقضها بعد الوقت، و كانت مما يقضى، و تبرأ ذمة الميت بذلك إذا أتى به المتبرع صحيحا، و يجوز التبرع عن الميت بالمستحبات، و يجوز الإتيان بالأعمال المستحبة كالحج المندوب و الزيارة و الصلاة و الصوم المندوبين، و إهداء ثوابها للأموات أو للاحياء، و تجوز النيابة عن الاحياء في بعض المستحبات.

و لا يجوز التبرع و لا الاستئجار في الواجبات عن الاحياء، و ان عجزوا عن الإتيان بها، و يستثنى من ذلك الحج الواجب، فإذا استطاع المكلف بحسب المال و عجز عن المباشرة لهرم أو مرض لا يرجى زواله وجب عليه أن يستأجر من يحج عنه.

المسألة 999

يجوز الاستئجار لقضاء الصلوات الفائتة عن الأموات و لقضاء سائر العبادات، من صوم و حج، و تبرأ ذمة الميت المنوب عنه إذا أتى الأجير بالعمل صحيحا سواء كان المستأجر وصيا للميت أم وارثا له أم أجنبيا عنه.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 561

المسألة 1000

مرجع النيابة في كل من المتبرع و الأجير الى أن يقوم هذا النائب بما وجب على الميت بدلا عنه، و يحتاج ذلك الى أن يضيف النائب عمله الى المنوب عنه ليكون وافيا بمصلحة الفعل الواجب على المنوب عنه و يكون ذلك مصححا للبدلية عنه، و هذا هو المقدار المستفاد من أدلة النيابة و لا أثر في الأدلة لتنزيل النائب نفسه منزلة المنوب عنه أو تنزيل عمل نفسه منزلة عمله.

المسألة 1001

يشترط في الأجير أن يكون عاقلا، و أن يكون مؤمنا، فلا تصح اجارة المجنون إلا إذا كان جنونه أدوارا و كانت الإجارة و العمل في دور إفاقته، و لا تصح اجارة غير المؤمن و ان أتى بالعمل موافقا لمذهب أهل الحق، و يشترط فيه أن يكون بالغا على الأحوط، بل لا يخلو من قوة، و يشترط فيه أن يكون عارفا بأحكام الصلاة و القضاء بحيث يأتي بالعمل صحيحا.

المسألة 1002

لا تشترط العدالة في الأجير، فيكفي الاطمئنان بالأداء و إذا أتى بالعمل، و شك في صحة عمله بني على الصحة و ان لم يكن عادلا.

المسألة 1003

قد ذكرنا أن مقتضى أدلة النيابة أن عمل النائب إذا أضافه الى الشخص المنوب عنه يكون وافيا بمصلحة الفعل الواجب على المنوب و يقع بدلا عنه، و لذلك فيمكنه أن يقصد به التقرب و يقع فعله مقربا للمنوب عنه، و موجبا لاستحقاقه المثوبة عليه، و لا يكون مقربا للنائب سواء كان أجيرا أم متبرعا، إلا إذا قصد التقرب الى اللّه بالإحسان الى المنوب عنه بتفريغ ذمته من التكليف.

المسألة 1004

من اشتغلت ذمته ببعض الفوائت الواجبة من صلاة أو صوم تجب عليه المبادرة إلى قضاء ما عليه إذا ظهرت له أمارات الموت، فإذا عجز

كلمة التقوى، ج 1، ص: 562

عن القضاء وجبت عليه الوصية به، فإذا أوصى به وجبت على الوصي و الوارث إخراجه من الثلث، و إذا لم يوص به لم يجب عليهم إخراجه.

و إذا كان عليه ديون مالية من زكاة أو خمس أو رد مظالم، أو كفارات أو فدية صوم شهر رمضان أو ديون للناس وجب عليه الفور في تأديتها و لم يجز له التأخير، فإذا عجز عن الوفاء وجبت عليه الوصية إلى ثقة مأمون ليخرجها بعد موته، و مخرج هذه الديون من أصل التركة سواء أوصى بها أم لم يوص، و من هذا القسم الأخير الحج، سواء كان واجبا بالأصل أم بالنذر.

المسألة 1005

إذا أخبر الميت بواجبات مالية عليه، كفى ذلك في وجوب إخراجها من أصل التركة إذا اجتمعت شرائط نفوذ الإقرار و منها انتفاء التهمة.

المسألة 1006

إذا أوصى الميت بصلاة أو صوم و لم تكن له تركة لم يجب على وصيه أو وارثه إخراج ذلك من ماله، نعم يجب قضاء ذلك على الولي كما تقدم في الفصل السابق و ان لم يوص به الميت.

المسألة 1007

إذا أوصى الميت بواجب وجب عليه من باب الاحتياط اللازم، فان كان الاحتياط واجبا عند الورثة أيضا و كان الموصى به حجا أو واجبا ماليا وجب إخراجه من الأصل، و ان كان واجبا بدنيا كالصلاة و الصيام أو كان الاحتياط مستحبا و لو عند الورثة وجب إخراجه من الثلث.

المسألة 1008

إذا أجر الرجل نفسه لقضاء صلاة أو صوم و نحوهما و مات قبل القيام بالعمل، فان كان متعلق الإجارة هو أن يباشر الأجير العمل بنفسه أو كان ظاهر الإجارة ذلك و ان لم تشترط عليه المباشرة صريحا، بطلت الإجارة بالنسبة الى ما بقي عليه من العمل، و أصبح مال الإجارة دينا في ذمته إذا كان قد قبضه، فيجب إخراجه من أصل التركة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 563

و يستثنى من ذلك ما إذا كانت الإجارة على الحج فمات بعد الإحرام و دخول الحرم، فالظاهر صحة حجه و فراغ ذمة المنوب عنه، و في استحقاقه لمال الإجارة تفصيل ذكرناه في فصل الحج النيابي من كتاب الحج.

و ان لم تشترط عليه المباشرة، وجب الاستئجار للعمل من أصل تركته، فان لم تكن تركة لم يجب على الورثة، و يجوز لهم و لغيرهم التبرع بالعمل أو بالمال أو الاستئجار له من الزكاة.

المسألة 1009

لا يجوز للوصي أو الوارث أن يستأجر للصلاة عن الميت أحدا من أهل الأعذار، كالعاجز عن القيام، و المتيمم، و المسلوس، و المبطون، و صاحب الجبيرة، و أمثالهم من أهل الاضطرار، و لا يكفي عملهم إذا تبرعوا عن الميت بالقضاء، و ان كان الميت من أهل الأعذار أيضا لما فاتته الصلاة.

و هذا إذا كان المقصود أن يباشر الأجير القضاء بنفسه، و اما إذا لم تشترط المباشرة فتصح الإجارة و على الأجير المعذور أن يستأجر غيره من القادرين للقيام بالقضاء.

المسألة 1010

إذا استأجر الوصي شخصا قادرا على القضاء، فأصبح من أهل الأعذار وجب عليه التأخير في القضاء الى أن يرتفع عنه العذر، فإذا يئس من زوال العذر أو علم بعدم زواله و قد اشترطت عليه مباشرة العمل بنفسه انفسخت الإجارة، و إذا لم تشترط عليه المباشرة وجب عليه استئجار غيره من القادرين على العمل كما تقدم.

المسألة 1011

إذا اشترط عليه في عقد الإجارة أن يأتي بالقضاء على وفق تكليف الميت باجتهاده أو تقليده، أو على وفق تكليف المستأجر أو النائب، وجب على الأجير أن يأتي بالعمل على وفق الشرط، فإذا خالفه لم يستحق الأجرة و كذلك الحكم إذا دلت القرائن على إرادة شي ء من ذلك.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 564

و إذا أطلقت الإجارة و لم تعين القرائن شيئا من ذلك، فالظاهر أن يكون العمل على وفق تكليف الأجير، فتجب عليه ملاحظة تكليف نفسه اجتهادا أو تقليدا، و يستحق الأجرة بذلك سواء وقعت الإجارة على الصلاة الصحيحة أم على تفريغ ذمة الميت من التكليف، و إذا أتى الأجير بالعمل موافقا لتكليفه و كان باطلا باعتقاد الولي أو الوصي، لم يجز لهما الاكتفاء به و وجب عليهما اعادة العمل مباشرة أو استئجارا.

المسألة 1012

إذا عرض للأجير في صلاته عن الميت شك أو سهو، فعليه أن يعمل بمقتضى تقليده أو اجتهاده في الشك أو السهو، و لا تجب عليه إعادة الصلاة إلا إذا اشترط عليه في عقد الإجارة أن يعيد الصلاة مع الشك و السهو، أو أن يعمل على رأي خاص في ذلك فيعمل على وفق الشرط، و الأحوط الجمع في هذه الصورة، بل لا يخلو من قوة.

المسألة 1013

يجوز أن يستأجر الرجل للقضاء عن المرأة، و أن تستأجر المرأة للقضاء عن الرجل و يعمل الأجير في صلاته وفق تكليف نفسه، فيجب على الرجل أن يجهر في القراءة في الصلاة الجهرية و ان كان نائبا عن المرأة، و تتخير المرأة فيها بين الجهر و الإخفات و ان كانت نائبة عن الرجل.

المسألة 1014

يجوز أن يؤتى بصلاة الاستئجار جماعة و فرادى سواء كان الأجير اماما أم مأموما، نعم يشترط في صحة القدوة به إذا كان إماما أن يعلم بأن الميت المنوب عنه مشغول الذمة بالصلاة، فلا تصح القدوة إذا كانت الصلاة احتياطية.

المسألة 1015

لا يجب الترتيب في قضاء الصلاة عن الميت كما تقدم في قضاء الولي، سواء كان الميت عالما بترتيب الفوائت أم لا، إلا في الفريضتين المترتبتين

كلمة التقوى، ج 1، ص: 565

في أدائهما كالظهرين و العشاءين إذا كانتا من يوم واحد، نعم يجب الترتيب على الأجير إذا اشترط عليه ذلك في عقد الإجارة.

المسألة 1016

إذا استؤجر جماعة للقضاء عن ميت واحد، صح لكل واحد منهم مع إطلاق عقد الإجارة ان يقضى ما استؤجر عليه من الفوائت، أو ما لحقه عند تقسيم العمل بينه و بين شركائه في الإجارة، و لا يجب الترتيب بينهم إلا في الظهرين أو العشاءين من يوم واحد، فتجب ملاحظة ذلك بينهم، و يجب الترتيب بينهم إذا اشترط عليهم ذلك في عقد الإجارة كما ذكرنا، و حينئذ، فلا بد من تعيين الوقت لكل واحد منهم، و تعيين الفريضة التي يبتدئ فيها بدوره، و الفريضة التي بها يختم، و الملاحظة لذلك بينهم حتى يحصل الترتيب المطلوب.

المسألة 1017

لا تبرأ ذمة الميت المنوب عنه من الصلاة الواجبة حتى يأتي الأجير بالعمل صحيحا فإذا علم بأن الأجير لم يأت بالعمل، أو علم بعدم صحة عمله الذي أتى به وجب الاستئجار ثانيا.

فإذا لم يمكن استرجاع مال الإجارة، أو لم يصح استرداده كان الاستيجار الثاني من مال المستأجر إذا كان مفرطا في العقد الأول، و من مال الميت مع عدم التفريط.

المسألة 1018

إذا أخبر الأجير بأنه قد أتى بالعمل صحيحا، و كان قوله موجبا للاطمئنان بذلك، قبل قوله، و يشكل قبوله إذا لم يكن موجبا للاطمئنان، و إذا علم بإتيانه بالعمل أو اطمئن به و شك في صحة العمل حمل عليها، سواء كان في الوقت المعين للقضاء في عقد الإجارة أم بعده.

و إذا مات الأجير قبل انقضاء المدة المعينة لذلك، فلا بد من الاستئجار لمقدار ما يحتمل بقاؤه من العمل.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 566

المسألة 1019

إذا استؤجر الأجير للإتيان بالقضاء بنفسه، لم يجز له أن يستأجر غيره للعمل إلا إذا أذن له المستأجر بذلك، و إذا استؤجر لتحصيل العمل المعين، سواء كان بمباشرته بنفسه، أم باستئجار غيره، جاز له أن يستأجر غيره ممن يقوم بالعمل، و ليس له أن يستأجره بأقل من الأجرة التي جعلت له في عقد الإجارة، إلا إذا أتى ببعض العمل، أو كانت الأجرة الثانية من غير جنس الأجرة الأولى.

المسألة 1020

إذا تبرع أحد عن الميت فقضى ما فاته من الصلاة قبل أن يأتي بها الأجير، فإن كانت الإجارة واقعة على تفريغ ذمة الميت من الواجب انفسخت بذلك، لحصول فراغ ذمة الميت ظاهرا بعمل المتبرع، فيرجع المستأجر عليه بالأجرة كلها إذا كان قد قبضها، أو ببقيتها إذا كان قد أتى ببعض العمل قبل الانفساخ، و إذا كانت الإجارة واقعة على الإتيان بالعمل الصحيح لم تنفسخ بذلك، و لو لاحتمال عدم فراغ ذمة الميت واقعا بعمل المتبرع.

المسألة 1021

إذا تبرع أحد عن الأجير فقضى عنه الصلوات التي استؤجر عليها، فان لم تشترط عليه المباشرة بنفسه في القضاء استحق مال الإجارة بعمل المتبرع، و إذ اشترط عليه ذلك لم يستحق منه شيئا.

المسألة 1022

إذا أتم الأجير عمله ثم تبين بطلان عقد الإجارة استحق بعمله أجرة المثل، و كذلك الحكم إذا فسخت الإجارة بعد العمل لغبن أو غيره من موجبات خيار الفسخ.

المسألة 1023

إذا اشترط على الأجير أن يأتي بالعمل كله في مدة معينة، و انقضى الوقت، و لم يأت بالعمل أو أتى ببعضه و بقي بعض، لم يجز للأجير أن يأتي به بعد الوقت المحدد إلا بإذن من المستأجر و إذا أتى بالعمل

كلمة التقوى، ج 1، ص: 567

بعد المدة المضروبة و لم يستأذن من المستأجر برئت ذمة الميت و لم يستحق الأجير الأجرة.

المسألة 1024

إذا تردد الوصي أو الوارث في الصلوات الفائتة من الميت بين الأقل و الأكثر، جاز له الاقتصار بالإجارة على الأقل، و مثال ذلك أن يتردد في أن الفائت من صلاته اليومية، صلاة شهر واحد أو شهرين مثلا، فله أن يستأجر أحدا لصلاة شهر واحد، و إذا تردد في الصلاة الفائتة بين المتباينين وجب عليه الاحتياط بالجمع بينهما، و مثال ذلك أن يشك في أن الصلاة الفائتة من الميت صلاة سفر أم حضر، فيجب عليه الاستئجار لهما معا، فإذا كان الفائت صلاة شهر مثلا، فعليه أن يستأجر لقضاء صلاة شهر سفرا و لقضاء صلاة شهر حضرا، و من المعلوم أن وجوب الجمع انما هو في الصلاة المقصورة.

و كذلك الحكم إذا تردد الأجير في الصلاة التي وجبت عليه بالإجارة و لم يمكنه الاستعلام، فان تردد في عددها بين الأقل و الأكثر جاز له أن يقتصر في القضاء على الأقل، و إذا تردد بين المتباينين كما إذا شك في أن صلاة الشهر التي استؤجر عليها هي صلاة سفر أم حضر وجب عليه الاحتياط بالجمع.

المسألة 1025

يجب على الأجير في نية العمل أن يعين الشخص الذي ينوب عنه في القضاء، و يكفي التعيين على وجه الاجمال كأن ينوي الصلاة عمن استؤجر للقضاء عنه أو عن صاحب المال، و نحو ذلك، و كذلك الحكم في المتبرع.

المسألة 1026

إذا أطلق عقد الإجارة و لم يعين فيه شي ء من حيث اشتمال العمل على المستحبات، وجب على الأجير أن يأتي بالعمل على النحو المتعارف في ذلك.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 568

المسألة 1027

إذا نسي الأجير بعض المستحبات التي اشترطت عليه أو التي يقتضيها الإطلاق أو نسي بعض الواجبات غير الأركان، فللمسألة صور تختلف أحكامها.

(الصورة الأولى): أن تكون الإجارة مطلقة غير مقيدة بشي ء، و لا ريب، في أن متعلقها عند الإطلاق ينصرف الى العمل الصحيح و الى الوجه المتعارف من المستحبات، فإذا نسي الأجير جزءا غير ركن، لم يؤثر ذلك في استحقاق الأجرة إذا هو أتى بالعمل على الوجه الصحيح، فتدارك الجزء المنسي إذا كان مما يتدارك، و سجد له إذا كان نسيانه يوجب سجود السهو، و إذا نسي مستحبا لم يؤثر شيئا كذلك.

(الصورة الثانية): أن تؤخذ المستحبات في العمل و الأجزاء غير الركنية أجزاء صريحة في متعلق الإجارة و لا ريب في تقسيط الأجرة عليها في هذه الصورة، فإذا نسي الأجير منها شيئا نقص من أجرته بنسبة ذلك الجزء الى المجموع.

(الصورة الثالثة): أن يؤخذ الإتيان بالمستحبات و الأجزاء غير الركنية شرطا في متعلق الإجارة، فإذا نسي الأجير منها شيئا لم ينقص من الأجرة شي ء و كان للمستأجر خيار الفسخ لتخلف الشرط.

________________________________________

بصرى بحرانى، زين الدين، محمد امين، كلمة التقوى، 7 جلد، سيد جواد وداعى، قم - ايران، سوم، 1413 ه ق

كلمة التقوى؛ ج 1، ص: 568

(الصورة الرابعة): أن تكون الإجارة على تفريغ ذمة الميت من التكليف مع شرط الإتيان بالمستحبات و الأجزاء غير الركنية، و الحكم فيها كما تقدم في الصورة الثالثة، فيكون للمستأجر خيار تخلف الشرط فإذا هو لم يفسخ كان للأجير تمام الأجرة.

الفصل التاسع و الثلاثون في صلاة الجماعة و شرائطها

المسألة 1028

تكثرت الأخبار الدالة على استحباب صلاة الجماعة و الحث عليها حثا بالغا، و مضاعفة الثواب على حضورها، و الذم الشديد على تركها،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 569

و استحبابها شامل لجميع الفرائض، و يتأكد

الاستحباب في الصلاة اليومية و في الأدائية منها، و في صلاة الصبح و العشاءين على الخصوص.

و فضلها الذي ذكرته الأحاديث المشار إليها يتضاعف بمضاعفة فضل الموضع الذي تقام فيه، و الامام الذي يؤتم به، و الجماعة الذين يأتمون، و كل ذلك مما لا ريب فيه.

المسألة 1029

تجب الجماعة في صلاة الجمعة و في صلاة العيدين إذا اجتمعت فيهما شرائط الوجوب. و الجماعة حينئذ أحد شرائط الصحة فيهما، و لا تجب في أصل الشريعة في غير هذين الموضعين.

المسألة 1030

من لا يحسن القراءة الواجبة في الصلاة إذا كان قادرا على تعلم القراءة و لكن الوقت ضاق عن ذلك، فالأحوط له لزوم الايتمام، و ان عجز عن التعلم أصلا لم يجب عليه الايتمام، و قد تقدم تفصيل حكمه في الفصل الثامن عشر في القراءة.

المسألة 1031

إذا نذر الإنسان أن يأتي بالفريضة جماعة انعقد نذره و وجب عليه الوفاء به فإذا خالف النذر عامدا و صلى منفردا بطلت صلاته على الظاهر و وجبت عليه كفارة النذر.

و تجب الجماعة أيضا بالعهد أو اليمين عليها، و تجب على الوسواسي إذا توقف عليها ترك وسوسته في الصلاة، و تجب على الولد إذا أمره بها أحد والديه و كان الأمر عن شفقة على الولد، أو كان في المخالفة إيذاء لهما.

المسألة 1032

لا تجوز صلاة الجماعة في النوافل الأصلية و ان أوجبها الإنسان على نفسه بنذر و شبهه، حتى صلاة الغدير على الأقوى، و تستثنى من ذلك صلاة الاستسقاء فتستحب فيها الجماعة، و تجوز في الفريضة إذا أتى

كلمة التقوى، ج 1، ص: 570

بها الإنسان منفردا و أراد إعادتها جماعة، و في الفريضة التي يتبرع بها الإنسان عن غيره، و تصح الجماعة كذلك في صلاة العيد إذا لم تجتمع فيها شرائط الوجوب كما يصح أن يأتي بها منفردا.

المسألة 1033

تصح القدوة في الصلاة اليومية و ان اختلفت صلاة الإمام مع صلاة المأموم في الجهر و الإخفات و في القصر و التمام و في الأداء و القضاء، فيجوز للمأموم الذي يصلي الصبح مثلا أن يقتدي بإمام يصلي الظهر أو غيرها من الصلوات، و بالعكس، و ان كانتا مختلفتين في الجهر و الإخفات و في الأداء و القضاء و يجوز للمسافر أن يقتدي بالحاضر، و بالعكس.

المسألة 1034

إذا أدى الإنسان فريضة الوقت منفردا استحب له أن يعيدها في الوقت جماعة سواء كان في اعادتها اماما أم مأموما، فيجوز له ان يقتدي في تلك الصلاة المعادة بغيره سواء كان امامه مبتدئا للصلاة أم معيدا أيضا، و يجوز لغيره أن يقتدي به في تلك الصلاة المعادة سواء كان المأموم مبتدئا للصلاة أم معيدا.

المسألة 1035

إذا أراد المكلف اعادة صلاته احتياطا، صح له أن يقتدي في إعادته بإمام يصلي الفريضة وجوبا، سواء كان الاحتياط الذي أعاد المأموم من أجله الصلاة واجبا أم مستحبا، و إذا كان الامام هو الذي يريد اعادة صلاته احتياطا، فيشكل جواز القدوة به في تلك الصلاة سواء كان المأموم يصلي وجوبا أم يعيد صلاته احتياطا، سواء كان الاحتياط للإمام أو للمأموم وجوبيا أم استحبابيا، بل و ان كان احتياط الامام و المأموم من جهة واحدة.

و يستثنى من ذلك ما إذا صليا جماعة فعرضت لهما معا في صلاتهما بعض العوارض المشتركة و أعادا صلاتهما لذلك، فتصح القدوة في صلاتهما المعادة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 571

المسألة 1036

لا تصح القدوة في الصلاة اليومية بصلاة الاحتياط التي تجب في الشكوك، فإذا عرض للمكلف شك أوجب عليه صلاة ركعة أو ركعتين للاحتياط، و قام بعد التسليم ليأتي بها، فلا يجوز لغيره أن يقتدي به في هذه الصلاة، و لا يجوز للشاك نفسه أن يقتدي في صلاة الاحتياط بإمام يصلي فريضة، و لا يجوز له أن يقتدي في صلاة الاحتياط بإمام يصلي صلاة الاحتياط، و مثال ذلك أن يشك كل من الرجلين في صلاته، فيقوم أحدهما ليصلي الاحتياط الذي وجب عليه لشكه، و يقوم الآخر ليقتدي به في احتياطه أيضا، فلا يجوز ذلك و ان كان احتياطهما متماثلا، أو كانا متحدين في الشك.

و يستثنى من ذلك ما إذا اتحد الامام و المأموم في أصل الصلاة، و شكا فيها شكا واحدا، فكان الشك مشتركا بينهما، و مثال ذلك أن يكونا معا في صلاة رباعية، فيشكان معا في صلاتهما بين الثلاث و الأربع مثلا، فإذا بنيا على الأربع- كما هو الحكم في هذا الشك-

و أتما صلاتهما و قام الإمام ليأتي بركعة الاحتياط، جاز للمأموم أن يقتدي به فيها، و قد تقدم ذلك في المسألة الثمانمائة و الثلاثين.

المسألة 1037

تشكل صحة الاقتداء لمأموم يصلي احدى الفرائض اليومية أداء أو قضاء بإمام يصلي صلاة الطواف، و لمأموم يصلي صلاة الطواف بإمام يصلي فريضة يومية، و الأحوط الترك في الصورتين، بل الأحوط الترك أن يقتدي في صلاة الطواف بمثلها.

المسألة 1038

لا يقتدي من يصلي اليومية بإمام يصلي صلاة الآيات أو صلاة العيد أو صلاة الأموات، و لا يقتدي من يصلي احدى هذه الثلاث بإمام يصلي اليومية، و لا بعض هؤلاء الثلاثة ببعض.

المسألة 1039

تنعقد صلاة الجماعة في غير الجمعة و العيدين بإمام و مأموم واحد،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 572

و يصح أن يكون المأموم الواحد امرأة و صبيا مميزا على الأقوى، و لا تنعقد في صلاة الجمعة و العيدين بأقل من خمسة رجال أحدهم الإمام.

المسألة 1040

تنعقد الجماعة إذا نوى المأموم الاقتداء بالإمام المعين، و ان لم ينو الإمام الإمامة، بل و ان كان جاهلا باقتداء المأموم به، و إذا لم ينو المأموم الائتمام لم تنعقد الجماعة، و ان تابعه في الأقوال و الأفعال، فإذا أتى في صلاته بما هو وظيفة المفرد صحت صلاته مفردا و ان أخل بذلك بطلت صلاته.

نعم تشترط نية الإمام للإمامة في صلاة الجمعة و العيدين، و المراد بذلك أن ينوي الصلاة المعينة التي يجعله المأمومون فيها اماما، و كذلك في الصلاة المعادة جماعة من قبل الإمام.

المسألة 1041

يشترط في صلاة الجماعة وحدة الإمام، فإذا نوى المأموم الاقتداء باثنين أو أكثر لم تصح جماعة، و إذا قصد بها التشريع بطلت، و ان لم يقصد التشريع بصلاته و أتى فيها بما هو وظيفة المنفرد صحت صلاته منفردا.

المسألة 1042

يجب تعيين الإمام في النية، و يكفي التعيين الإجمالي كما إذا قصد الائتمام بالإمام الحاضر أو بإمام هذه الجماعة، و لا يكفي أن يقتدي بأحد هذين الشخصين أو بمن يكون أطولهما صلاة أو بأسرعهما قراءة، إذا لم يعين ذلك قبل دخوله في الصلاة.

المسألة 1043

لا يجوز الاقتداء بمأموم لإمام آخر، و يصح الاقتداء بالمأموم بعد انفراده، و مثال ذلك أن يكون مسبوقا في صلاته، أو مقيما يصلي خلف امام مسافر، فإذا قام المسبوق أو المتم ليتم صلاته بعد تسليم امامه صح للآخرين الاقتداء به.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 573

المسألة 1044

إذا شك المكلف بعد دخوله في الصلاة في أنه نوى الايتمام أم لا، فالأحوط له أن ينوي الانفراد و يتم صلاته منفردا، و ان علم أنه قام بنية الدخول في الجماعة أو ظهرت عليه أحوال الايتمام كالانصات في القراءة و نحوه.

المسألة 1045

إذا اعتقد المكلف أن المتقدم في الجماعة هو زيد، فنوى الايتمام به، ثم ظهر له بعد الفراغ من الصلاة أنه عمرو، فها هنا صور:

(الصورة الأولى): أن يكون عمرو الذي ظهر أنه امام الجماعة غير عادل، و الأحوط في هذه الصورة بطلان اقتدائه، فلا تكون صلاته جماعة، و لكن الظاهر صحة صلاته منفردا، و لا يضر بصحة صلاته ترك القراءة، فإنه إنما تركها سهوا باعتقاد صحة الجماعة، فتكون صلاته صحيحة (لحديث لا تعاد) و لا يضر بها كذلك أن يزيد فيها سجدة و نحوها للمتابعة إذا اتفق له ذلك، لعين ما تقدم.

نعم، تبطل صلاته إذا حصل منه ما يبطل الصلاة عمدا و سهوا، كما إذا زاد في صلاته ركوعا للمتابعة، أو زاد سجدتين في ركعة واحدة للمتابعة كذلك.

و إذا تبين له ذلك و هو في أثناء الصلاة و لم يقع منه ما يبطل الصلاة عمدا و سهوا وجب عليه أن يتم صلاته منفردا.

(الصورة الثانية): أن يكون عمرو عادلا، و لكن المأموم قد قصد الاقتداء بزيد على وجه التقييد، بحيث كان قصده الايتمام به لا بغيره من الأئمة و ان كانوا عدولا، و لا ينبغي الريب في بطلان اقتدائه في هذه الصورة، و تصح منفردا إذا لم يقع منه ما يبطلها عمدا و سهوا كما تقدم.

(الصورة الثالثة): أن يكون عمرو عادلا أيضا، و يكون المأموم قد قصد الايتمام بزيد لا على نحو التقييد بل على نحو

تعدد المطلوب،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 574

و معنى ذلك انه قصد الايتمام بزيد لأنه حاضر و لكنه لا يمنع من الاقتداء بغيره إذا كان هو الامام الحاضر، و الظاهر صحة الاقتداء في هذه الصورة.

المسألة 1046

إذا علم المكلفان بعد فراغهما من الصلاة أن كل واحد منهما قد نوى الإمامة للآخر، فالظاهر صحة صلاتهما معا، إذا لم يرجع أحدهما إلى الآخر في الشك، و لم يأت في صلاته بما يبطل صلاة المنفرد عمدا و سهوا، و إذا انتفى أحد الشرطين المذكورين في كلتا الصلاتين بطلتا على الأحوط، و إذا انتفى أحد الشرطين في صلاة أحدهما بطلت صلاته خاصة.

و إذا علما بعد الصلاة أن كل واحد منهما قد نوى الايتمام بالآخر، فالأحوط لكل منهما استيناف الصلاة، و كذلك إذا شكا في ما قصداه في نيتهما، و ان كان للصحة وجه في بعض الفروض فلا يترك الاحتياط بالاستيناف.

المسألة 1047

لا يصح أن تنقل نية الاقتداء من إمام الى أمام آخر، و يستثنى من ذلك ما إذا عرض للإمام ما يمنعه من إتمام صلاته، كما إذا مات الإمام في أثناء صلاته، أو جن أو أغمي عليه أو أحدث فيها أو تذكر حدثا سابقا قبل الصلاة، فيجوز للمأمومين أن يقدموا اماما آخر يتمون معه صلاتهم، سواء كان الامام الجديد من المأمومين أم من غيرهم، و يجوز لهم أن يتموا صلاتهم فرادى.

و كذلك الحكم إذا عرض للإمام ما يعجزه عن صلاة المختار، كما إذا عجز عن القيام في صلاته، و المأمومون قادرون على ذلك، فيجوز له أن يقدم اماما آخر أو يتموا الصلاة فرادى.

المسألة 1048

لا يجوز للمصلي منفردا أن ينوي الائتمام في أثناء صلاته.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 575

المسألة 1049

يجوز للمأموم أن ينقل نيته من الايتمام الى الانفراد إذا بدا له ذلك في أثناء الصلاة و كان في الابتداء عازما على الايتمام الى آخر الصلاة، و إذا قصد من أول الأمر أن يأتم في بعض الصلاة و ينفرد في باقيها فصحة ذلك له في غاية الاشكال.

و هذا في غير المأموم المسبوق، و المقيم إذا صلى خلف المسافر اللذين يعلمان انهما ينفردان في صلاتهما بعد تسليم الإمام.

المسألة 1050

إذا بدا للمأموم فنوى الانفراد بعد أن أكمل الإمام القراءة أجزأته قراءة الامام و لم تجب عليه اعادتها، و إذا نوى الانفراد في أثناء القراءة، فلا يترك الاحتياط باستيناف القراءة من أولها، و أن يأتي بقراءته بقصد القربة المطلقة.

المسألة 1051

إذا بدا للمأموم فنوى الانفراد عن الامام لم يجز له العود الى الايتمام في صلاته تلك، و ان كان بعد نية الانفراد بلا فصل.

المسألة 1052

لا يضر في بقاء المأموم على الايتمام أن يتردد في الانفراد و عدمه ما لم ينو الانفراد في صلاته بالفعل.

المسألة 1053

إذا شك المأموم في أنه عدل بنيته الى الانفراد أم لم يعدل، بنى على عدم العدول و بقاء الايتمام.

المسألة 1054

إذا كان الإمام أو المأموم قاصدا للقربة في صلاته و لكنه لم يقصد القربة في الجماعة فالظاهر صحة الصلاة و صحة الجماعة، و مثال ذلك أن يقصد المأموم بصلاته جماعة التوقي من الوسوسة في صلاته أو من الشك فيها أو من كلفة تعلم القراءة و أمثال ذلك من الغايات فتصح

كلمة التقوى، ج 1، ص: 576

صلاته، و جماعته، و لكن إدراك الامام و المأموم ثواب الجماعة لا يكون الا بقصد القربة في الجماعة.

نعم يشترط أن لا يكون ما يقصده من الغايات منافيا للقربة، أو داخلا في المحرمات كالرياء و السمعة و نحوهما و قد تقدم ذلك في فصل النية في الصلاة و الوضوء.

المسألة 1055

إذا كان الامام مشغولا بنافلة أو غيرها من الصلوات التي لا يجوز فيها الاقتداء، فنوى المأموم القدوة و دخل معه فيها ساهيا أو جاهلا لم تنعقد جماعة، فان تنبه لذلك في أثناء صلاته من غير أن يخل بوظيفة المنفرد، وجب عليه أن يتم صلاته منفردا و كانت صحيحة، و كذلك إذا لم يتنبه حتى فرغ من الصلاة و لم يخل بصلاة المنفرد، و إذا أخل بوظيفة المنفرد في صلاته كانت باطلة، سواء تنبه لذلك في أثناء الصلاة أم بعد الفراغ منها.

المسألة 1056

يدرك المأموم الجماعة إذا دخل مع الإمام في صلاته في أول قيامه للركعة أو في أثناء قراءته أو في القنوت من الركعة الثانية، أو عند ركوع الإمام أو بعد دخوله في الركوع و قبل أن يرفع رأسه منه، و ان كان قد أتم الذكر، فتصح قدوة المأموم إذا دخل في الصلاة في جميع هذه الفروض و تحسب له تلك الركعة مع الامام.

و يكفي في الفرض الأخير أن يكبر المأموم للإحرام و يصل الى حد الركوع و الامام لا يزال بعد في حد الركوع الشرعي، و ان كان قد رفع رأسه قليلا من ركوعه، فالظاهر صحة قدوة المأموم بذلك و انه قد أدرك تلك الركعة مع الامام، و لا يضر بذلك أن الامام قد رفع رأسه قليلا ما دام لم يخرج عن حد الركوع.

المسألة 1057

إذا لم يصل المأموم إلى حد الركوع حتى رفع الإمام رأسه عن حد

كلمة التقوى، ج 1، ص: 577

الركوع الشرعي لم تصح قدوة المأموم و فاتته الركعة مع الامام، و هذا الحكم انما هو في الفرض الأخير و ما قبله من المسألة المتقدمة.

و لا يجري في الفروض السابقة عليهما، فإذا كان المأموم قد دخل مع الإمام في الصلاة من أول الركعة أو في أثناء القراءة أو في أثناء القنوت من الركعة الثانية ثم سها فلم يركع مع الإمام أو منعه الزحام فلم يركع حتى رفع الإمام رأسه من الركوع لم تبطل قدوته و لا صلاته بذلك، فعليه أن يركع ثم يلتحق بالإمام و لو في السجود، و هذا هو الحكم في الركعة في ابتداء الجماعة، و أما في الركعات الأخرى، فلا يضر بقدوة المأموم تخلفه عن الإمام في الركوع إذا كان قد

أدركه حال القراءة أو التسبيح أو القنوت من الركعة، و لم يركع مع الامام فيها سهوا أو لعذر آخر، فإنه يركع و يلتحق به و لو في السجود، و أما إذا تخلف عنه جالسا مثلا فلم يقم معه سهوا أو لزحام حتى فاته الركوع من الركعة اللاحقة، فلا يترك الاحتياط بإتمام الصلاة جماعة ثم إعادتها أو بالإتمام منفردا إذا لم تفت الموالاة.

المسألة 1058

إذا اعتقد المأموم أنه يدرك الإمام في ركوعه فكبر و ركع، و علم أنه لم يدركه، فعليه أن يتم ركوعه و صلاته منفردا، ثم يعيد الصلاة على الأحوط، و إذا بقي من صلاة الإمام ركعات جاز له أن يعدل بصلاته إلى نافلة و يلتحق بالإمام في باقي صلاته.

و إذا كبر و ركع، و شك في أنه أدرك الإمام في ركوعه أم لم يدركه، فلا يترك الاحتياط في أن يتم صلاته جماعة ثم يعيدها.

المسألة 1059

الظاهر أنه يجوز للمأموم أن يدخل في الصلاة إذا كان الامام راكعا و كان المأموم يحتمل انه يدرك الامام قبل أن يرفع رأسه من الركوع احتمالا معتدا به، فإذا كبر و ركع، فإن أدركه راكعا صحت صلاته، و ان لم يدركه فعليه أن يتم ركوعه و صلاته منفردا، و يجوز له أن

كلمة التقوى، ج 1، ص: 578

يعدل بعد ذلك الى النافلة و يلتحق بالجماعة في باقي الركعات. و لا يجوز له أن يدخل في الصلاة إذا كان الاحتمال ضعيفا لا يعتد به.

المسألة 1060

إذا نوى المأموم الاقتداء و كبر، و رفع الإمام رأسه قبل أن يصل المأموم إلى حد الركوع تخير بين أن ينفرد في صلاته، و ان ينتظر الإمام الى أن يقوم في الركعة اللاحقة فيجعلها الأولى من صلاته و إذا كان الانتظار يوجب الخروج عن صدق الاقتداء لابطاء الامام تعين عليه الانفراد.

المسألة 1061

إذا كان الإمام في التشهد الأخير من صلاته جاز للمأموم أن يدخل معه فينوي و يكبر للإحرام و هو قائم، ثم يجلس و يتشهد مع الامام بقصد القربة المطلقة، فإذا سلم الامام قام هو لصلاته، و لم يستأنف النية و لا التكبير، بل يقرأ و يركع حتى يتم صلاته، فينال بذلك فضل صلاة الجماعة، و ان لم يدرك شيئا من ركعاتها.

و إذا وجد الإمام في السجدة الأولى أو الثانية من الركعة الأخيرة، فالأحوط له عدم الدخول مع الإمام في هذه الحالات لاضطراب الأدلة في ذلك.

المسألة 1062

لا تنعقد صلاة الجماعة حتى تتحقق فيها عدة شروط.

(الأول): أن لا يكون بين الامام و المأموم حائل يحجبه عنه في نظر أهل العرف، فتبطل قدوة المأموم بذلك، سواء كان الحائل ستارا أم جدارا أم شجرة، أم أي شي ء يكون حاجبا بينهما، بل و ان كان إنسانا واقفا من غير المأمومين، و لا يضر وجود الحائل القصير الذي يحجب في بعض الأحوال لا مطلقا، كالجدار الذي يكون ارتفاعه مقدار شبر أو نحوه، فيكون حائلا عند السجود، و لا يحول في باقي حالات الصلاة.

و كذلك يشترط عدم الحائل بين المأموم و بين المأمومين الآخرين

كلمة التقوى، ج 1، ص: 579

الذين يكونون واسطة اتصاله بالإمام، فتبطل قدوة ذلك المأموم إذا وجد الحائل بينه و بينهم و لم يتصل بالإمام من جهة أخرى، و مثال ذلك أن يوجد الحائل بين أهل الصف الثاني و الصف الأول، أو بين بعض المأمومين في الصف الأول و من هم في صفهم من جهة الامام، و لا يضر وجود الحائل إذا منع المأموم من اتصاله بالإمام من جهة و كان متصلا به من جهة أخرى، و مثال ذلك

أن يوجد الحائل بين بعض المأمومين في الصف الثاني و من يتقدمهم في الصف الأول فلا يضرهم ذلك إذا كانوا يتصلون بالإمام بواسطة المأمومين الذين في صفهم.

المسألة 1063

الحائل الذي يمنع من انعقاد الجماعة، و يبطلها إذا حدث في الأثناء، هو الذي يحجب الامام عن المأموم أو يحجب عنه المأمومين الذين يكونون واسطة اتصاله بالإمام، سواء استمر وجود الحائل مدة الصلاة أم حدث في فترة من الصلاة ثم زال.

المسألة 1064

لا يعتبر هذا الشرط في صلاة المرأة خلف الرجل، فلا يضر بقدوتها أن يوجد حائل بينها و بين الإمام، أو بينها و بين المأمومين من الرجال، إذا هي علمت بأحوال الإمام من خلف الستار فتمكنت من متابعته في ركوعه و سجوده و قيامه و قعوده.

و يعتبر في جماعتها عدم الحائل إذا كان الإمام امرأة، فيكون حكمها كالرجل سواء بسواء.

و لا يترك الاحتياط في ما إذا صلت خلف الرجل بأن لا يكون بينها و بين النساء المأمومات حائل إذا كن واسطة بينها و بين الإمام.

المسألة 1065

الأقوى عدم الجواز إذا كان الحائل من الزجاج و نحوه مما لا يمنع المشاهدة أو الثوب الرقيق الذي يرى الشبح من ورائه، و لا يجوز على الأحوط إذا كان من الشبابيك أو الجدران المخرمة التي لا تمنع

كلمة التقوى، ج 1، ص: 580

المشاهدة، و أحوط من ذلك المنع إذا لم يكن في الحائل غير ثقب يمكنه المشاهدة منه في حال القيام أو في حال الركوع أو في حال الجلوس مثلا.

المسألة 1066

لا تعد الظلمة و لا الغبار حائلا، فتصح الجماعة معهما، و كذلك النهر أو الطريق إذا فصلا بين الامام و المأموم أو بين صفوف المأمومين و لم يحصل معهما البعد الممنوع في الجماعة.

المسألة 1067

ليس من الحائل المانع من صحة الجماعة حيلولة المأمومين بعضهم دون بعض، فلا يمنع أهل الصف المتقدم من انعقاد القدوة لأهل الصف المتأخر و ان لم يدخلوا بعد في الصلاة إذا كانوا مشرفين على الدخول فيها، و لا يكفي مطلق التهيؤ لها، و لكن لا يترك الاحتياط في الانتظار.

المسألة 1068

لا يقدح في صحة القدوة أن يطول الصف حتى لا يرى المأمومون الامام لبعده عنهم، و لا يقدح فيها كون الصفوف المتأخرة أطول من الصف المتقدم فلا تبطل صلاة المأمومين بذلك.

المسألة 1069

إذا كان الإمام في محراب داخل في جدار أو غيره لم تصح قدوة من يصلي على يمين المحراب أو على يساره من المأمومين، لحيلولة الجدار بين الامام و بينهم، و تصح قدوة من يقف من المأمومين مقابلا لباب المحراب إذا لم يكن بينه و بين الإمام حائل و لا بعد مانع، و تصح قدوة من يقف الى يمين ذلك المأموم أو الى يساره مع اتصال الصف و ان كانوا لا يرون الامام.

و كذلك الحكم إذا امتلأ المسجد بالمأمومين فصلى بعضهم خارج المسجد مقابل الباب، صحت قدوته إذا لم يكن بينه و بين المأموم في الداخل حائل و لا بعد مانع، و صحت قدوة من يكون على يمين ذلك المأموم أو على يساره ممن يكون خارج المسجد مع اتصال الصف على الأقوى.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 581

المسألة 1070

إذا حالت الأسطوانات بين المأمومين بعضهم مع بعض، لم تصح قدوة من لم يتصل منهم بالإمام أو بمن يتصل به من أهل الصفوف المتقدمة عليه، و لا يكفي اتصاله بالصف المتأخر عنه.

المسألة 1071

إذا تجدد الحائل في أثناء الصلاة بطلت الجماعة كما تقدم، فعلى المأموم أن يأتي في بقية صلاته بوظيفة المنفرد، فإذا هو لم يأت بذلك بعد وجود الحائل بطلت صلاته.

المسألة 1072

لا يضر بقدوة المأموم وجود الحائل غير المستقر، و مثال ذلك أن يمر إنسان أو حيوان أو غيرهما بين الامام و المأموم، أو بين المأموم و المأمومين الذين يكونون واسطة اتصاله بالإمام فلا تبطل الجماعة بذلك، و إذا اتصلت المارة بينهما كان لها حكم الحائل المستقر فلا تصح القدوة.

المسألة 1073

إذا كان متيقنا بعدم وجود الحائل، ثم شك في حدوثه، بنى على عدمه و صحت قدوته سواء كان شكه في الحدوث في أثناء الصلاة أم قبل الدخول فيها أم بعد الفراغ منها.

و إذا شك في وجود الحائل و عدمه و لم يعلم بحالته السابقة لم يجز له الدخول في الصلاة حتى يحرز عدم الحائل، و كذلك إذا كان شكه بعد الدخول في الصلاة غفلة، فإذا هو لم يحرز ذلك تعين عليه الانفراد.

المسألة 1074

إذا نوى الاقتداء بالإمام و هو جاهل بوجود الحائل، لعمى أو غيره، ثم تبين له وجود الحائل لم تصح جماعته، فعليه أن يتم صلاته منفردا، و لا تبطل صلاته بمجرد ترك القراءة لاعتقاده صحة الجماعة كما تقدم في نظائره، نعم تبطل صلاته إذا أتى بما يبطل الصلاة عمدا و سهوا،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 582

كما إذا زاد فيها ركوعا للمتابعة أو سجدتين في ركعة واحدة فعليه إعادة الصلاة.

المسألة 1075

إذا أتم أهل الصف الأول صلاتهم فسلموا و جلسوا في أماكنهم، أشكل الحكم في قدوة أهل الصف الثاني في بقية الصلاة، بل الظاهر بطلان قدوتهم لوجود الحائل و هم أهل الصف الأول، و للبعد بينهم و بين الامام، و إذا قام أهل الصف الأول بعد تسليمهم بلا فصل و اقتدوا بالإمام في صلاة أخرى فالظاهر صحة قدوة الجميع.

المسألة 1076

(الثاني من شرائط انعقاد الجماعة): أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأموم علوا معتدا به، سواء كان دفعيا كالأبنية و ما يشبهها أم انحداريا يشبه التسنيم كسفح الجبل على الأحوط لزوما في الثاني، فلا تصح الجماعة إذا كان موقف الامام أرفع من موقف المأموم بمقدار شبر أو أكثر، و هذا هو المراد من العلو المعتد به.

و لا تبطل الجماعة إذا كان ارتفاع موقف الإمام أقل من شبر، و لا تبطل إذا كان العلو انحداريا تدريجيا يصدق معه كون الأرض مبسوطة، و لا يضر بالجماعة أن يكون موقف المأموم أعلى من موقف الامام و ان كان دفعيا و كثيرا، إلا إذا كان لكثرة ارتفاعه ينافي صدق الجماعة عند المتشرعة فلا تصح الجماعة حين ذاك.

المسألة 1077

(الثالث من شرائط الجماعة): أن لا يكون المأموم بعيدا عن الإمام أو بعيدا عن المأمومين الذين يكونون واسطة اتصاله بالإمام.

و البعد المانع من صحة الايتمام هو البعد الذي ينافي وحدة الجماعة و اتصالها عرفا بعضها ببعض، فلا يضر البعد الذي لا ينافي وحدة الجماعة و اتصالها و ان كان مما لا يتخطى.

نعم يستحب اتصال الصفوف في الجماعة و عدم تباعدها بأكثر من

كلمة التقوى، ج 1، ص: 583

مسقط جسد الإنسان إذا سجد، و الظاهر أن المراد به البعد ما بين الصفين في حال السجود.

المسألة 1078

لا يضر بالقدوة أن يكون المأموم بعيدا من ناحية إذا كان متصلا بالجماعة من جهة أخرى، و مثال ذلك أن يكون بعيدا عن الصف المتقدم عليه، و لكنه متصل بالمأمومين في صفه الى ما يقابل الامام ثم بالصفوف المتقدمة الى أن تتصل بالإمام، أو بالعكس، و لا يكفي اتصاله بالصف المتأخر عنه.

المسألة 1079

إذا تباعد المأمومون في الصف الثاني أو في الصف الثالث فلم يتصل بعضهم ببعض لم يضر ذلك بجماعتهم إذا كان كل واحد منهم متصلا بالصف المتقدم عليه، و إذا تباعد المأمومون في الصف الأول بطلت قدوة من لم يتصل منهم بالإمام أو بمن يتصل به، و لم يكفه قربه من أهل الصف الثاني كما ذكرناه من قبل.

المسألة 1080

(الرابع من شرائط صحة الجماعة): أن لا يتقدم المأموم في موقفه على الإمام، فإذا تقدم عليه بطلت قدوته، و عليه أن يتم صلاته منفردا، بل يجب أن يتأخر المأمومون عن الإمام في الموقف و في جميع أحوال الصلاة إذا تعددوا، و أن يقف المأموم الواحد عن يمين الامام محاذيا لموقفه، و أن تتأخر المرأة عن الامام و ان كانت واحدة على الأحوط لزوما في جميع ذلك.

المسألة 1081

الشروط الأربعة المتقدم بيانها كما هي شروط في صحة انعقاد الجماعة في ابتدائها، فهي كذلك شروط في صحة بقاء الجماعة، فإذا حدث الحائل بين الامام و المأموم في أثناء الصلاة بعد ما لم يكن موجودا أو علا موقف الامام على المأموم أو حصل البعد المخل بوحدة الجماعة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 584

و اتصالها، أو تقدم المأموم على الامام بطلت الجماعة و تعين على المأموم الانفراد.

و إذا شك المأموم في حدوث شي ء منها و كان متيقنا بعدمه سابقا بنى على عدم حدوثه و صحت له القدوة، سواء كان شكه في حدوث ذلك الشي ء قبل الدخول في الجماعة أم بعد انعقادها.

و إذا شك في حدوث شي ء منها و هو لا يعلم بحالته السابقة لم يجز له الدخول في الجماعة حتى يحرز عدمه، و كذلك إذا شك فيه بعد دخوله في الجماعة غفلة، فلا يصح له البقاء على القدوة حتى يحرز عدم ذلك الشي ء، فان لم يحرز عدمه تعين عليه الانفراد.

و إذا شك في وجود واحد منها بعد فراغه من الصلاة و هو يجهل حالته السابقة، فإن علم أنه قد أتى بما يبطل صلاة المنفرد عمدا و سهوا، فعليه إعادة الصلاة على الأحوط، بل على الأقوى في بعض الصور، و ان

لم يعلم بأنه أتى بالمبطل بنى على الصحة.

المسألة 1082

تقدم في المسألة الألف و السابعة و الستين انه ليس من الحائل المانع من صحة الجماعة حيلولة بعض المأمومين دون بعض، و يكفي في صحة قدوة المتأخرين من أهل الصفوف أن يكون المتقدمون منهم مشرفين على الدخول في الصلاة و ان لم يدخلوا بعد فيها، و لا يكفي مطلق التهيؤ لها.

و هو كما لا يمنع من القدوة من حيث كونه حائلا، لا يمنع من القدوة كذلك من حيث كونه بعدا و فاصلا، و لكن لا يترك الاحتياط بالانتظار.

المسألة 1083

إذا بطلت صلاة أهل الصف المتقدم لعروض بعض المبطلات لصلاتهم، بطلت قدوة من تأخر عنهم من الصفوف، لبعد هؤلاء عن الامام، و لحيلولة أولئك دونهم، سواء كان أهل الصف المتقدم أنفسهم عالمين ببطلان صلاتهم أم جاهلين به، و إذا شك في بطلان صلاتهم و عدمه بنى على الصحة و صحت القدوة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 585

المسألة 1084

إذا كانت صلاة أهل الصف المتقدم صحيحة بحسب تقليدهم، و هي باطلة بحسب تقليد أهل الصف المتأخر أشكل الحكم جدا بصحة القدوة لهؤلاء، فلا بد لهم من مراعاة الاحتياط.

المسألة 1085

لا يضر بقدوة المأموم أن يفصل بينه و بين الإمام صبي مميز إذا كان مأموما إلا إذا علم ببطلان صلاته.

الفصل الأربعون في شرائط إمام الجماعة

المسألة 1086

يشترط في إمام الجماعة أن يكون بالغا، عاقلا، مؤمنا، عادلا، و أن يكون طاهر المولد، و أن يكون ذكرا إذا كان المأمومون أو بعضهم ذكورا، و أن لا يكون ممن يصلي قاعدا إذا كان المأمومون ممن يستطيع القيام، و لا مضطجعا أو مستلقيا إذا كانوا ممن يستطيع القيام أو القعود، و أن يكون صحيح القراءة إذا كان المأموم صحيح القراءة و كان الايتمام في الأولتين.

المسألة 1087

تشكل امامة غير البالغ لغير البالغ، و تجوز إذا كانت للتمرين.

المسألة 1088

العدالة هي الاستقامة على الشريعة بإتيان واجباتها و اجتناب محرماتها من كبائر ما نهي عنه و الإصرار على صغائره، على أن تكون الاستقامة المذكورة صفة ثابتة في نفس المكلف لا حالة غير قارة فيها، و هذا هو مراد من فسر العدالة بأنها ملكة اجتناب الكبائر و الإصرار على الصغائر، و إذا تحققت للإنسان صفة الاستقامة و ثبتت في نفسه و تحقق له بسببها اجتناب الكبائر، فلا ينافيها ارتكاب الصغيرة نادرا،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 586

فلا تزول عدالته بذلك، و الأحوط استحبابا للمأموم ترك الايتمام به قبل الاستغفار منها إذا اتفق له الاطلاع عليها.

و اما منافيات المروة فلا تضر بالعدالة إلا إذا انطبق عليها أحد العناوين المحرمة.

المسألة 1089

الكبيرة هي المعصية التي وصفت في نصوص المعصومين (ع) بأنها كبيرة، أو علم من طريق معتبر آخر بأنها كبيرة في الشريعة، أو التي ورد الوعيد في الكتاب أو السنة على ارتكابها بالنار، أو التي ورد في الكتاب أو السنة بأنها أعظم من إحدى الكبائر المعلومة.

و قد عد منها في النصوص: الشرك باللّه، و إنكار ما أنزل اللّه، و اليأس من روح اللّه، و الأمن من مكر اللّه، و الكذب على اللّه و على رسوله (ص) و على أوصيائه (ع)، بل مطلق الكذب، و المحاربة لأولياء اللّه، و إنكار حقهم (ع)، و عقوق الوالدين، و المراد الإساءة إليهما، و قتل النفس التي حرم اللّه، و الزنا، و اللواط، و شرب الخمر، و القمار، و أكل الربا، و أكل مال اليتيم ظلما، و قذف المحصنة، و الفرار من الزحف، و السحر، و اليمين الغموس، (و هي الحلف باللّه على الكذب أو على حق امرئ، أو لمنعه حقه كما في بعض النصوص)،

و الغلول، (و هي الخيانة مطلقا أو في خصوص الفي ء)، و حبس الزكاة و الحقوق المفروضة من غير عسر، و ترك الصلاة متعمدا، و ترك شي ء مما فرض اللّه، و الاستخفاف بالحج، و شهادة الزور، و كتمان الشهادة، و نقض العهد، و قطيعة الرحم، و بخس المكيال و الميزان، و معونة الظالمين، و الركون الى الظالمين، و التكبر، و الاشتغال بالملاهي (كالغناء و ضرب الأوتار، و الرقص، و نحوها مما يتعاطاه أهل الفسوق)، و السرقة، و أكل الميتة، و أكل الدم، و أكل لحم الخنزير، و أكل ما أهل به لغير اللّه من غير ضرورة، و التعرب بعد الهجرة (و المراد الخروج الى البلاد التي ينقص فيها الدين)، و أكل السحت، (و منه أثمان العذرة و الميتة و المسكر، و الرشوة على الحكم، و أجر الزانية) و الإسراف

كلمة التقوى، ج 1، ص: 587

و التبذير، و الإصرار على الصغائر، و الغيبة، و النميمة، و البهتان على المؤمن، و هو أن يعيبه بما ليس فيه، و القيادة، و هي السعي ليجمع بين اثنين على وطء محرم، و الرياء، و استصغار الذنب، و الغش للمسلمين، الى غير ذلك مما يطول عده.

المسألة 1090

لا تحصل العدالة حتى تستقر صفة الاستقامة في نفس المكلف و تكون هي الغالبة على سلوكه و تصرفاته، فلا تثبت العدالة إذا كانت المزاحمات لصفة الاستقامة من الشهوة و الغضب و غيرهما هي الغالبة على أمره و ان كان سريع الندم بعد العمل.

المسألة 1091

تثبت عدالة الإنسان بالعلم بتحققها فيه، و بشهادة البينة العادلة بها، و بحسن الظاهر الموجب للوثوق بحصولها فيه، فان الظاهر كاشف عن الباطن غالبا ما لم يعلم خلافه، بل و بالاطمئنان و الموثوق بها، سواء حصل من الشياع أم من أي امارة أو قرينة أخرى، و لا يجوز الايتمام بمجهول الحال.

المسألة 1092

إذا شهدت البينة بعدالة الرجل، كفى ذلك في صحة الايتمام به الا إذا عارضتها بينة أخرى فشهدت بعدم العدالة، فتتساقط البينتان و تمتنع القدوة، و لا يقدح بحجية البينة أن يشهد عادل واحد بخلافها.

المسألة 1093

إذا شهد جماعة لم تتوفر فيهم شرائط البينة بعدالة الرجل، و حصل للمكلف الاطمئنان بقولهم، كفى ذلك في ثبوت عدالته و صحة الايتمام به، و كذلك إذا حصل له الاطمئنان و الوثوق بها من شهادة عدل واحد أو من اقتداء عدلين بالرجل أو جماعة مخصوصين، فيكفي ذلك في صحة الايتمام و ترتيب الآثار، إذا كان المكلف من أهل التمييز و المعرفة لا من البسطاء الذين يحصل لهم الاطمئنان بأقل ظاهرة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 588

المسألة 1094

لا تصح إمامة المرأة للرجل و لا للخنثى، و تجوز إمامة المرأة للمرأة على كراهة.

المسألة 1095

لا تجوز امامة الخنثى للرجل، بل و لا للخنثى مثلها، و تصح إمامتها للمرأة إذا أتت الخنثى في الصلاة بوظيفتى الرجل و المرأة.

المسألة 1096

تجوز امامة القاعد للقاعد و المضطجع، و تجوز امامة المضطجع لمثله.

المسألة 1097

تجوز القدوة بمن لا يحسن القراءة إذا كان معذورا غير مقصر في ذلك، و كان الايتمام به في غير الأولتين.

المسألة 1098

يجوز اقتداء الأفصح بالفصيح، بل و بغير الفصيح إذا كان مؤديا للقدر الواجب في القراءة.

المسألة 1099

لا تصح إمامة الأخرس لغير الأخرس، و لا للأخرس على الأحوط لزوما.

المسألة 1100

الظاهر جواز امامة المجذوم و الأبرص على كراهة، و لا يترك الاحتياط في المحدود بالحد الشرعي بعد التوبة، و في الأعرابي، و الظاهر عدم تناول النواهي لمن يسكن مع الأعراب لضرورة إذا كان من أهل الكمالات الشرعية العالية.

المسألة 1101

تجوز إمامة الأعمى إذا كان ممن يسدد نفسه إلى القبلة، أو كان له من يسدده إذا انحرف.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 589

المسألة 1102

يجوز اقتداء من يصلي متوضئا بإمام وظيفته الصلاة متيمما على كراهة، و تجوز امامة صاحب الجبيرة على أعضاء وضوئه أو غسله لغيره، و تجوز امامة من اضطر إلى الصلاة مع النجاسة و استمر به العذر الى آخر الوقت، و تصح إمامة المرأة المستحاضة للمرأة الطاهرة إذا أدت ما يجب عليها من الأعمال الواجبة عليها في استحاضتها. و في جواز امامة المسلوس و المبطون لغيرهما تأمل.

المسألة 1103

إذا تردد الأمر في التقديم بين إمامين أو أكثر، قدم من رضي المأمومون بإمامته أو كرهوا امامة غيره. و صاحب المنزل في منزله أولى بالإمامة من غيره حين يتردد الأمر بينهما، و هذا إذا كان الغير مأذونا له بالصلاة، و إذا لم يؤذن له لم تصح قدوته، و الامام الراتب في مسجد أولى في التقدم في مسجده.

و الأولى تقديم الفقيه الجامع للشرائط مع وجوده، فإذا تعدد فالأولى تقديم الأعلم، فان لم يوجد قدم الأجود قراءة و أداء للفظ القرآن على الوجه الصحيح، فان تساووا في ذلك قدم أفقه الجماعة في الدين.

المسألة 1104

إذا عرف المكلف شخصا بالعدالة، و شك بعد ذلك في انتفاء عدالته بنى على بقائها و جاز له الاقتداء به حتى يعلم بانتفائها.

المسألة 1105

إذا رأى المكلف من العادل كبيرة لم يجز له الاقتداء به حتى يتوب منها، فإذا تاب جاز له الاقتداء به لعدم زوال ملكة الاستقامة الثابتة له بذلك، نعم إذا تكرر ذلك منه بحيث دل على تزلزل الصفة في نفسه و عدم ثباتها، أو على ضعفها أمام المغريات لم يجز له الاقتداء به حتى تثبت له الصفة مرة أخرى، و المراد بالكبيرة أن تكون كبيرة عند العادل نفسه و ان لم تكن كبيرة عند الرائي.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 590

الفصل الحادي و الأربعون في أحكام الجماعة

المسألة 1106

يجب على المأموم ترك القراءة في الركعتين الأولتين من الصلاة الجهرية، إذا سمع و لو همهمة الإمام في القراءة، بل الأحوط له لزوم الإنصات، و لا ينافي ذلك أن يشتغل بالذكر الخفي فإنه يستحب له ذلك، و إذا لم يسمع من القراءة حتى الهمهمة جازت له القراءة، و الأحوط له أن يأتي بها بقصد القربة المطلقة، لا بقصد الجزئية و ان كان الأقوى جوازها بقصد الجزئية.

و الأحوط له لزوما ترك القراءة في الركعتين الأولتين من الصلاة الإخفاتية، و يستحب له أن يشتغل فيهما بالتسبيح و التحميد و الصلاة على محمد و آله.

المسألة 1107

لا فرق في الحكم المذكور في الأولتين بين أن يكون عدم سماع القراءة لبعد الامام عنه أو لصمم المأموم، أو لبعض الموانع ككثرة الأصوات و نحوها.

المسألة 1108

إذا سمع المأموم بعض قراءة الإمام دون بعض فالأحوط له ترك القراءة.

المسألة 1109

إذا شك هل انه يسمع قراءة الإمام أم لا، أو شك في ما يسمعه أ هو صوت الإمام أم صوت غيره، فالأحوط له ترك القراءة، و يجوز له أن يقرأ بنية القربة المطلقة.

المسألة 1110

يتخير المأموم في الركعتين الأخيرتين من الصلاة الجهرية أو الإخفاتية

كلمة التقوى، ج 1، ص: 591

بين القراءة و التسبيح، سواء قرأ الإمام فيهما أم سبح، و سواء سمع المأموم قراءة الإمام فيهما و تسبيحه أم لم يسمع، و قد تقدم في المسألة الخمسمائة و الثانية: ان القراءة في الأخيرتين أفضل من التسبيح، لإمام الجماعة، و أن التسبيح أفضل من القراءة للمأموم، و انهما متساويان في الفضل للمصلي المنفرد.

المسألة 1111

إذا قرأ المأموم ساهيا في الصلاة الجهرية و هو يسمع قراءة الإمام، أو اعتقد أن الصوت الذي يسمعه ليس صوت الإمام فقرأ، ثم تبين له أنه صوته لم تبطل صلاة المأموم بذلك في كلتا الصورتين.

المسألة 1112

الأحوط استحبابا للمأموم أن يكون مطمئنا مستقرا في قيامه حال قراءة الامام و لا يجب ذلك عليه على الأقوى.

المسألة 1113

لا يجوز للمأموم أن يتأخر عن القيام حال قراءة الإمام إذا كان تأخره مخلا بالمتابعة الواجبة، فيأثم في ذلك إذا كان متعمدا، و يجب عليه أن يلتحق بالإمام، و إذا كان تأخره فاحشا يخل بالهيئة الاجتماعية لصلاة الجماعة وجب عليه أن ينفرد، و الأحوط ان لا يتأخر عنه كثيرا و ان كان غير مخل بالمتابعة.

المسألة 1114

تجب على المأموم متابعة الإمام في أفعال الصلاة، من قيامها و قعودها و ركوعها و سجودها، فلا يجوز له التقدم على الامام فيها، بل الأحوط و الأفضل أن يتأخر عنه تأخرا يصدق معه المتابعة، و لا يجوز التأخر الفاحش عنه.

المسألة 1115

إذا تقدم المأموم على الإمام في الأفعال عامدا أثم، و لم تبطل صلاته و لا جماعته بذلك، و كذلك إذا تأخر عنه فيها تأخرا فاحشا، و ان كان

كلمة التقوى، ج 1، ص: 592

الأحوط استحبابا إتمام الصلاة معه ثم الإعادة و لا سيما إذا تأخر عنه بركن أو أكثر.

و تبطل جماعته إذا كان التأخر مما تذهب به هيئة الجماعة في نظر المتشرعة فيجب عليه ان يتم صلاته منفردا.

المسألة 1116

إذا رفع المأموم رأسه من الركوع أو من السجود قبل الامام سهوا وجب عليه العود مع الامام و المتابعة على الأحوط، و لا تضره زيادة الركن فهي مغتفرة في متابعة الجماعة، و ان رفع الإمام رأسه من الركوع أو من السجود قبل عود المأموم فلا شي ء عليه. و إذا أمكنه العود إلى المتابعة و لم يعد أثم و لم تبطل بذلك صلاته، و هذا كله إذا كان رفع رأسه بعد الذكر.

و إذا رفع رأسه قبل الامام و قبل أن يأتي بالذكر، فان كان عامدا في ترك الذكر بطلت صلاته، و مثال ذلك: ان يعتقد أن الامام رفع رأسه من الركوع فرفع رأسه و هو يعلم انه لم يأت بالذكر، فتبطل صلاته، و ان كان ساهيا في ترك الذكر وجب عليه العود للمتابعة كما تقدم و الإتيان بالذكر، فإن أمكنه العود لذلك و لم يعد متعمدا، فلا يترك الاحتياط بإتمام الصلاة ثم إعادتها في هذه الصورة، و إذا لم يعد إلى المتابعة ساهيا أو اعتقد عدم الفرصة فلم يعد إليها فلا شي ء عليه و ان كان رفعه قبل الإتيان بالذكر ساهيا.

المسألة 1117

إذا رفع المأموم رأسه من الركوع أو السجود قبل الامام عامدا أثم بفعله، و لم يجز له العود إلى المتابعة، فإن هو عاد إلى المتابعة في الركوع أو السجود عامدا وجب عليه أن يتم الصلاة ثم يعيدها على الأحوط، و كذلك إذا عاد إلى المتابعة فيهما ساهيا و كان ما زاده ركوعا أو سجدتين من ركعة واحدة، فعليه إتمام الصلاة و اعادتها، و لا تجب الإعادة إذا كان ما زاده سجدة واحدة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 593

المسألة 1118

إذا رفع رأسه من الركوع قبل الامام ساهيا ثم عاد الى الركوع للمتابعة فإن وصل الى حد الركوع قبل أن يرفع الإمام رأسه صحت صلاته، و ان لم يصل الى حد الركوع حتى رفع الإمام رأسه منه فلا يترك الاحتياط بأن يتم صلاته مع الامام ثم يعيدها.

و إذا حدث مثل ذلك في سجدة واحدة فرفع المأموم رأسه من السجود سهوا ثم عاد إلى المتابعة فيها، و رفع الإمام رأسه قبل أن يصل المأموم إلى السجود، فان علم بذلك قبل أن يضع جبهته رفع رأسه مع الامام، و إذا علم به بعد أن وضع جبهته على الأرض لم تبطل صلاته بذلك.

المسألة 1119

إذا رفع المأموم رأسه من السجدة فوجد الامام ساجدا، و اعتقد انه لا يزال في سجدته الأولى، فعاد إليها بقصد المتابعة، ثم تبين له بعد رفع الرأس ان الامام كان في الثانية، فإن كان المأموم في سجوده الثاني قد قصد امتثال الأمر المتوجه اليه بالسجود و انما قصد المتابعة لتخيل ان الامام لا يزال في السجدة الأولى كانت سجدته هي الثانية، و عليه أن يتم الصلاة مع الامام، و ان قصد به المتابعة على نحو التقييد، فعليه إعادة الصلاة و الأحوط أن يتم الصلاة ثم يعيدها.

و كذلك الحكم إذا رفع رأسه من السجدة فوجد الامام ساجدا، فاعتقد انه في السجدة الثانية، فسجد معه بقصد الثانية، ثم تبين له ان الامام كان في الأولى، فإن كان سجوده بقصد امتثال الأمر المتوجه اليه بالفعل، و كان قصد السجدة الثانية لتوهم ان الامام فيها، كانت سجدته للمتابعة، فعليه أن يسجد الثانية مع الامام و يتم صلاته، و ان قصد السجدة الثانية على نحو التقييد تعين عليه أن يتم

الصلاة منفردا.

المسألة 1120

إذا ركع المأموم أو سجد قبل الامام عامدا أثم بذلك، و لم يجز له الرجوع للمتابعة في الركوع أو السجود، فعليه أن ينتظر في ركوعه أو سجوده حتى يلتحق به الامام، و إذا عاد الى القيام أو الجلوس و تابع

كلمة التقوى، ج 1، ص: 594

في الركوع أو السجود مع الامام كان عليه إتمام الصلاة ثم اعادتها على الأحوط.

و إذا ركع أو سجد قبل الامام ساهيا وجب عليه العود على الأحوط، فيعود الى القيام ثم يركع مع الإمام، أو الى الجلوس فيسجد معه، و يجب عليه أن يأتي بالذكر في ركوعه أو سجوده الأول قبل ان يرجع الى المتابعة، و عليه أن يكتفي بالذكر الواجب لئلا ينافي فورية المتابعة، فإذا أتى بركوع المتابعة أو سجودها كان عليه أن يأتي بالذكر فيهما أيضا على الأحوط، و لا تبطل صلاته إذا ترك العود للمتابعة، سواء تركها عامدا أم ساهيا، بل يكون آثما مع العمد.

المسألة 1121

إذا ركع المأموم قبل الإمام في حال قراءته، فان كان عامدا في ذلك بطلت صلاته لتركه القراءة و ما هو بدلها و هو قراءة الامام، و ان كان ساهيا فالظاهر الصحة. و كذلك الحكم إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الامام و قبل الذكر الواجب، فتبطل صلاته إذا كان عامدا لترك الذكر، و لا شي ء عليه إذا كان ساهيا.

المسألة 1122

لا تجب على المأموم متابعة الإمام في أقوال الصلاة و أذكارها من غير فرق بين الواجب منها و المندوب و ما يسمعه من أقوال الامام و ما لم يسمعه، فلا يجب على المأموم التأخر عن الامام فيها أو المقارنة معه، حتى في التسليم، فلا تبطل صلاة المأموم إذا سلم قبل الامام عامدا و لا تجب عليه اعادة التسليم إذا سلم قبله ساهيا، و الأحوط له استحبابا التأخر عن الإمام في جميع الأقوال و خصوصا في التسليم.

و تستثنى من ذلك تكبيرة الإحرام، فلا يجوز للمأموم أن يتقدم فيها على الامام، بل الأحوط وجوبا أن يتأخر بتكبيرته عن تكبيرة الإمام.

المسألة 1123

إذا كبر المأموم للإحرام قبل الامام ساهيا انعقدت صلاته منفردا، و يجوز له أن يقطعها ليدرك الجماعة فيبطلها ثم يكبر بعد تكبيرة الإمام.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 595

المسألة 1124

يجوز للمأموم أن يكرر ذكر الركوع و السجود و ان لم يكرره الامام، و أن يطيل الذكر ما لم يستلزم فوات المتابعة فيأثم بذلك إذا كان عامدا، و تبطل قدوته إذا كان موجبا لذهاب هيئة الجماعة في نظر المتشرعة و تكون صلاته فرادى.

المسألة 1125

إذا كان الامام يرى استحباب جلسة الاستراحة بعد السجدتين فتركها، و كان المأموم مقلدا لمن يرى وجوبها أو يقول بوجوب الاحتياط فيها، فلا يجوز له أن يتركها، و هكذا في كل فعل من أفعال الصلاة يتركه الإمام لأنه يراه مستحبا، فلا يجوز للمأموم أن يتركه إذا كان مقلدا لمن يرى وجوبه أو يرى وجوب الاحتياط فيه.

المسألة 1126

إذا ركع المأموم قبل الامام ساهيا، ثم وجده يقنت في ركعة لا قنوت فيها، فيجب على المأموم أن يعود الى القيام ليتابع الإمام في الركوع و لا يدخل معه في القنوت الزائد. و إذا قام إلى الركعة قبل الامام ساهيا، ثم وجده يتشهد في ركعة لا تشهد فيها أو يأتي في الركعة بسجدة ثالثة وجب عليه أن يعود الى الجلوس ليتابع الإمام في القيام و لا يدخل معه في التشهد الزائد أو السجدة الزائدة، و هكذا.

المسألة 1127

يتحمل الامام عن المأموم قراءة الفاتحة و السورة في أولتي الإمام إذا ائتم به فيهما و لا يتحمل عنه غير القراءة فيهما من أفعال الصلاة و أقوالها، و يجب على المأموم في الأخيرتين أن يقرأ الحمد أو يأتي بالتسبيحات، و لا يتحمل عنه الامام ذلك و ان قرأ الإمام فيهما و سمع المأموم قراءته، و قد تقدم ذكر ذلك في أول هذا الفصل.

المسألة 1128

إذا كانت الأخيرتان للإمام أولتين للمأموم، وجب على المأموم فيهما ان يقرأ لنفسه، سواء قرأ الإمام فيهما أم سبح، فان أمهله الإمام حتى

كلمة التقوى، ج 1، ص: 596

يتم قراءة الحمد و السورة وجب عليه ذلك، و ان لم يمهله اقتصر على قراءة الحمد وحدها و ترك السورة و ان لم يمهله أن يتم الحمد، فالأحوط له أن يتم الصلاة منفردا.

المسألة 1129

إذا ركع الامام قبل أن يشرع المأموم في قراءة السورة في الفرض المتقدم ذكره أو قبل إتمام السورة، فإن أمكن للمأموم أن يتم السورة أو يقرأها و يلتحق بالإمام بحيث لا يوجب ذلك له تخلفا مضرا بالمتابعة العرفية، فلا يترك الاحتياط بالإتيان بالسورة و إتمامها إذا كان شرع فيها، و الالتحاق بالإمام و لو بعد الركوع، و ان كان ذلك يوجب له تخلفا يضر بالمتابعة العرفية ترك السورة و اقتصر على الفاتحة وحدها كما ذكرنا في المسألة المتقدمة، و هذا هو المقصود بامهال الامام و عدم إمهاله.

المسألة 1130

إذا أدرك المأموم الامام و قد دخل في الركوع سقطت عنه القراءة، سواء كان في الركعتين الأولتين للإمام أم في الأخيرتين، و إذا أدركه قبل الركوع و كان في الأخيرتين وجبت على المأموم القراءة كما تقدم بيانه قريبا، فإذا علم أن الامام لا يمهله أن يتم قراءة الفاتحة، فالأحوط له أن لا يكبر للإحرام حتى يركع الامام فتسقط عنه القراءة

المسألة 1131

إذا كانت الركعة الثانية للإمام هي الأولى للمأموم تحمل الإمام القراءة عنه فيها، فإذا قنت الإمام تابعه المأموم في القنوت استحبابا، فإذا تشهد الامام بعد السجدتين استحب للمأموم أن يتشهد معه و أن يتجافى في تشهده، فإذا قام لركعته الثانية و هي ثالثة الإمام وجبت عليه القراءة فيها، و استحب له القنوت، فان لم يمهله الامام ترك القنوت و ان لم يمهله للسورة تركها على النحو الذي تقدم بيانه قريبا، و أتم الركعة مع الامام و تشهد هو في ثانيته، و التحق برابعة الامام، و عليه أن يسبح فيها أو يقرأ، فإذا تخلف بسبب ذلك عن الامام فلم يدركه

كلمة التقوى، ج 1، ص: 597

في الركوع أتم صلاته منفردا على الأحوط، و ان لم يمهله الامام لقراءة الفاتحة في ثانيته أتم الصلاة منفردا على الأحوط كما ذكرناه في ما تقدم.

المسألة 1132

إذا كانت الأخيرتان للإمام أولتين للمأموم و اعتقد أن الامام يمهله للقراءة فقرأ و لم يدركه في الركوع لم تبطل جماعته بذلك، فله الالتحاق بالإمام بعد الركوع إذا لم يكن التخلف عنه كثيرا موجبا لذهاب الهيئة الاجتماعية، و لا تبطل جماعته إذا تعمد فأتى بالقنوت و هو يعلم بأنه لا يدرك الركوع مع الإمام، فإذا أتم قنوته و ركوعه التحق بالإمام، و إذا ذهبت هيئة الجماعة بذلك أتم صلاته منفردا.

المسألة 1133

يجب على المأموم أن يخفت في قراءته خلف الامام، حتى إذا كانت الصلاة جهرية، كما إذا لم يسمع قراءة الامام و لا همهمته فقرأ استحبابا، أو أدرك الإمام في الأخيرتين فقرأ في صلاته وجوبا، فان عليه أن يخفت في قراءته في جميع ذلك، حتى في البسملة على الأحوط و إذا نسي أو جهل فجهر في قراءته لم تبطل صلاته، و إذا كان جاهلا مترددا في الحكم ففي صحة صلاته اشكال، فلا يترك الاحتياط بالإعادة.

المسألة 1134

إذا كانت ثالثة الإمام ثانية للمأموم وجب عليه أن يتشهد فيها بعد السجدتين ثم يقوم لثالثته و هي رابعة الامام فيسبح و يلتحق بالإمام قبل الركوع أو في الركوع و إذا لم يلحقه في الركوع فالأحوط له أن ينوي الانفراد، و إذا بقي على نية الايتمام أتم الصلاة و أعادها على الأحوط، و هكذا في كل فعل وجب عليه دون الامام فيجب عليه أن يأتي به فإذا أدرك الإمام في الركوع أو قبله بقي على قدوته و ان لم يدركه في الركوع نوى الانفراد على الأحوط.

المسألة 1135

يجوز للمأموم أن يدخل في الجماعة و ان لم يدر ان الامام في الأولتين

كلمة التقوى، ج 1، ص: 598

من صلاته أم في الأخيرتين، فإذا دخل في الصلاة قرأ الحمد و السورة بقصد القربة، فإذا تبين له أن الامام في الأخيرتين أجزأته تلك القراءة، و ان تبين له انه في الأولتين لم يضره ذلك.

المسألة 1136

إذا اعتقد المأموم أن الإمام في الأولتين من صلاته فلم يقرأ اكتفاء بقراءة الإمام، ثم ظهر له أن الامام في الأخيرتين فإن تبين له ذلك قبل الركوع وجب عليه أن يأتي بالقراءة، فان لم يمهله الامام لقراءة السورة قرأ الحمد وحدها و لحق بالإمام و ان لم يمهله لقراءة الحمد نوى الانفراد كما تقدم، و ان تبين له ذلك بعد الدخول في الركوع مضى في صلاته. و إذا اعتقد أن الامام في الأخيرتين، فقرأ ثم ظهر له انه في الأولتين لم يضره ذلك و إذا كان في أثناء القراءة لم يجب عليه إتمامها.

المسألة 1137

إذا زاد الامام سهوا في صلاته سجدة أو تشهدا أو قنوتا أو غير ذلك مما لا تبطل الصلاة بزيادته سهوا، لم يتابعه المأموم في تلك الزيادة و لم ينو الانفراد عنه، و إذا نقص منها شيئا لا تبطل الصلاة بنقصه سهوا وجب على المأموم أن يأتي به.

المسألة 1138

إذا نقص الامام بعض أفعال صلاته سهوا و أتى به المأموم في محله كما ذكرنا ثم تذكر الامام فوت ذلك الشي ء و رجع اليه ليتداركه، فالأحوط للمأموم أن ينوي الانفراد في صلاته.

المسألة 1139

إذا اعتقد الامام دخول الوقت فشرع في الصلاة، و اعتقد المأموم عدم دخول الوقت أو شك في دخوله لم يجز له الاقتداء بالإمام في تلك الصلاة، فإذا دخل عليه الوقت في أثناء الصلاة و اعتقد المأموم بدخوله جاز له الايتمام به في بقية الصلاة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 599

المسألة 1140

إذا شرع المكلف في صلاة نافلة، و أقيمت الجماعة، و خشي أن هو أتم نافلته أن تفوته الجماعة جاز له أن يقطع النافلة، و يكفي في جواز القطع أن يخاف فوت الركعة الأولى منها. و إذا شرع في صلاة الفريضة منفردا ثم حضرت الجماعة، و خشي أن هو أتم صلاته أن تفوته الجماعة جاز له في جميع الصور قطع الفريضة لإدراكها، و إذا كان في الركعة الأولى أو الثانية من الفريضة أو في الثالثة قبل الركوع فيجوز له أن يعدل بنيته إلى النافلة فيتمها ركعتين إذا لم تفته الجماعة بذلك.

المسألة 1141

لا يبعد اختصاص الحكم بجواز العدول من الفريضة إلى النافلة في الفرض المتقدم بالصلاة غير الثنائية، و قد عرفت جواز قطع الفريضة لإدراك الجماعة في جميع الصور، سواء عدل إلى النافلة أم لم يعدل، و سواء صح له العدول أم لم يصح.

المسألة 1142

يجوز للمأموم أن يأتي بالمستحبات في الصلاة و ان تركها الامام، فيجوز له أن يأتي بالتكبيرات الست التي يفتتح بها الصلاة و ادعيتها، و بالأدعية المستحبة في الركوع و السجود، و التكبيرات للركوع و السجود و غير ذلك مما يستحب في الصلاة، و يجوز له أن يترك الإتيان بها، و ان أتى بها الامام.

و إذا أتى بالتكبيرات الافتتاحية قبل إحرام الإمام بالصلاة فلا يأتي بتكبيرة الإحرام إلا بعد أن يحرم الامام.

المسألة 1143

تصح القدوة مع اختلاف الامام و المأموم في أجزاء الصلاة و شرائطها اجتهادا أو تقليدا، إذا هما اتحدا في العمل، و لم يستعملا محل الخلاف في صلاتهما، فإذا كان الامام يرى استحباب السورة في الصلاة مثلا، و كان المأموم يرى وجوبها، صح له أن يقتدي به إذا قرأ الإمام السورة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 600

في صلاته، و لم يضر بقدوته أن الامام لا يقول بوجوبها، و كذلك في جلسة الاستراحة بعد السجدتين.

بل الأقوى صحة الاقتداء حتى في صورة المخالفة في العمل بين الامام و المأموم، من غير فرق بين المسائل المعلومة للمأموم و المسائل التي يقوم على الحكم فيها دليل معتبر عنده أو عند مقلده فتصح القدوة في الجميع، فتصح قدوة المأموم الذي يرى وجوب جلسة الاستراحة بالإمام الذي يرى استحبابها و ان تركها في صلاته، و لكن على المأموم أن يأتي بها في صلاته، و هكذا.

نعم يشكل الحكم بصحة الاقتداء إذا اختلفا في العمل في ما يتعلق بالقراءة في مورد تحمل الامام عن المأموم، كما إذا ترك الإمام السورة لأنه يرى استحبابها و كان المأموم يعتقد وجوبها، أو ترك الإمام إدغاما أو مدا في القراءة و كان المأموم يرى وجوبهما، فلا يترك

الاحتياط بترك الاقتداء في هذا الفرض.

و لا يصح الاقتداء إذا علم المأموم ببطلان صلاة الإمام أو قامت لديه أو لدى مقلده حجة شرعية على بطلانها، كما إذا أخل الإمام بركن في رأي المأموم، أو أخل بشرط معتبر لديه في الصلاة في حال العمد و السهو، و ان كان الامام لا يرى ذلك، أو توضأ بماء يعلم المأموم بنجاسته، و ان كان الامام يعتقد طهارته، أو كان المأموم يعلم بأن الامام على غير وضوء و ان كان الامام يجهل ذلك، فلا تصح القدوة في مثل هذه الصور.

المسألة 1144

إذا وجد المأموم في ثوب امامه أو على بدنه نجاسة لا يعفى عنها في الصلاة و كان الامام لا يعلم بها، ففي المسألة صور.

(إحداها): أن يعلم المأموم أن الامام يعلم بالنجاسة سابقا و قد نسيها، و انه ممن يقول ببطلان الصلاة بالنجاسة ناسيا، كما هو المختار، و الحكم في هذه الصورة عدم صحة الاقتداء به، و إذا كان الامام ممن يرى صحة الصلاة لناسي النجاسة إذا تذكرها بعد الفراغ من

كلمة التقوى، ج 1، ص: 601

الصلاة، كانت من صغريات المسألة المتقدمة، فتصح له القدوة كما ذكرناه.

(الصورة الثانية): أن يعلم المأموم أن الامام جاهل بأصل وجود النجاسة، و الحكم فيها صحة الاقتداء به.

(الصورة الثالثة): أن لا يعلم المأموم أن الامام جاهل بأصل وجود النجاسة أو ناس لها، و لا يبعد جواز الاقتداء في هذه الصورة و لكن الأحوط تركه.

المسألة 1145

إذا أحرز المأموم أوصاف الإمام المعتبرة في القدوة، و أحرز صحة صلاته بالأمارات المعتبرة و الأصول الشرعية المصححة، فاقتدى به، ثم انكشف له بعد الفراغ من الصلاة عدم وجود بعض الشرائط فيه أو في صلاته، فالظاهر صحة صلاته و جماعته.

و من أمثلة ذلك أن يتبين للمأموم بعد الصلاة أن الامام فاسق، أو غير متطهر في صلاته، أو علم بعد الفراغ أن الامام قد ترك ركنا أو أتى بما يبطل الصلاة سهوا و عمدا، فلا يضر ذلك في صلاة المأموم و جماعته إذا هو لم يترك الركن و لم يأت بالمبطل، و يغتفر للمأموم ما يغتفر له في صلاة الجماعة من ترك القراءة و زيادة ركن و نحوه للمتابعة، و الأحوط الإعادة في الوقت، و القضاء إذا كان بعد الوقت.

و إذا تبين له ذلك في أثناء الصلاة وجب

عليه أن ينفرد في بقية صلاته، و وجبت عليه القراءة إذا لم يدخل في الركوع. و إذا تبين له بعد الفراغ ان الامام امرأة أو خنثى ليس لهما أن تؤما الرجل أو علم بأنه مجنون، فلا يترك الاحتياط بإعادة الصلاة إذا أخل المأموم في صلاته بوظيفة المنفرد.

المسألة 1146

إذا نسي الإمام واجبا من واجبات الصلاة و علم المأموم بذلك كان على المأموم تنبيه الامام على ذلك على الأحوط مع الإمكان، فان لم يمكنه التنبيه، أو نبهه فلم يتنبه، أو لم يلتفت لأنه قاطع بصحة عمله، و كان

كلمة التقوى، ج 1، ص: 602

المنسي ركنا أو قراءة في الأولتين قبل دخول المأموم في الركوع وجب عليه الانفراد على الأقوى في الفرض الأول، و على الأحوط في الفرض الأخير.

و إذا لم يكن المنسي ركنا و لا قراءة فعلى المأموم أن يأتي بالمنسي و لم تبطل قدوته بذلك فيتم صلاته مع الامام، و إذا كان المنسي قراءة و لم يلتفت إليها المأموم إلا بعد الركوع لم تبطل قدوته أيضا فيتم صلاته مؤتما.

المسألة 1147

إذا تذكر الامام بعد أن أتم صلاته بأنه كان محدثا أو أنه قد ترك في صلاته شرطا أو جزءا ركنا، أو نحو ذلك مما يبطل الصلاة عمدا و سهوا، وجبت عليه إعادة الصلاة و لم يجب عليه إعلام المأمومين بذلك، و إذا تذكر ذلك في أثناء الصلاة ففي وجوب إعلامهم تأمل، و لكنه أحوط.

المسألة 1148

إذا أتم الإمام السجدتين من الركعة و شك المأموم هل اني سجدت كلتا السجدتين أو سجدت واحدة فقط، فان كان في المحل وجب عليه أن يسجد الثانية، و ان كان بعد تجاوزه و الدخول في غيره لم يلتفت الى شكه، و هكذا إذا شك في أنه ركع مع الإمام أو نسي الركوع، و في كل موضع يشك في فعله خاصة، فعليه أن يأتي بالمشكوك إذا كان في محله، و عليه أن لا يلتفت الى شكه إذا كان بعد التجاوز، و إذا شك الإمام أو المأموم في فعلهما معا و كان الآخر منهما متيقنا رجع الشاك اليه و لم يلتفت الى شكه.

المسألة 1149

إذا اقتدى المأموم في صلاة مغربه بصلاة الإمام في العشاء و شك في الركعة أنها الثالثة أو الرابعة رجع الى الامام إذا كان متيقنا، فإذا كانا في الجلوس مثلا ثم قام الامام علم المأموم ان ما أتمه هي الثالثة، فعليه أن يتشهد و يسلم و كانت صحيحة، و ان تشهد الامام علم أنها الرابعة،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 603

فيجري فيه حكم من زاد في صلاته ركعة تامة ساهيا، فتجب عليه إعادة الصلاة كما ذكرناه في فصل الخلل الواقع في الصلاة.

و إذا كان في حال القيام انتظر قائما حتى يركع الامام و يسجد السجدتين فان قام بعدهما للرابعة علم المأموم ان ما بيده هي الثالثة فيجب عليه أن يتم الركعة و تكون صلاته صحيحة، و ان تشهد الامام ليسلم، علم المأموم ان ما بيده هو قيام الرابعة، فعليه أن يجلس من قيامه و يتشهد و يسلم على الثالثة، ثم يسجد سجدتي السهو للقيام الزائد إذا تلبس معه بقراءة أو تسبيح و كانت صلاته صحيحة كذلك،

و إذا كان في حال الركوع أو السجود أو ما بينهما انتظر حتى يتم الامام ركعته، فان تبين له أنها الثالثة أتم الصلاة و كانت صحيحة، و ان تبين له انها الرابعة كانت باطلة.

المسألة 1150

إذا لم يدر المكلف ان الامام شرع في صلاة فريضة أم نافلة، لم تصح له القدوة فيها، و كذلك إذا لم يدر أنه شرع في فريضة يومية أم في صلاة آيات و شبهها مما لا تجوز القدوة به في الصلاة اليومية، فلا تصح القدوة حتى يعلم قبل الدخول معه انه يصلي فريضة يومية إذا كانت الصلاة التي يريد المأموم أداءها معه فريضة يومية.

و إذا علم بأن الامام يصلي فريضة يومية جاز له أن يأتم به فيها و ان لم يعلم أي الفرائض هي، و أنها مقصورة أم تامة و أداء أم قضاء.

المسألة 1151

يشكل اغتفار زيادة الركوع للمتابعة إذا زاد أكثر من مرة واحدة في الركعة الواحدة، فإذا رفع المأموم رأسه من الركوع قبل الامام سهوا، و عاد للمتابعة، ثم سها فرفع رأسه مرة ثانية قبل الامام و عاد للمتابعة، فلا يترك الاحتياط بإتمام الصلاة ثم اعادتها، و كذلك الأمر في السجدة الواحدة، فإذا رفع رأسه قبل الامام ساهيا و عاد للسجود، ثم رفع رأسه قبل الإمام مرة ثانية في تلك السجدة و عاد للسجود، أشكل الحكم باغتفار ذلك و أشد من ذلك إشكالا أن يزيد السجدتين معا في ركعة واحدة مرتين،

كلمة التقوى، ج 1، ص: 604

فتكون زيادته أربع سجدات في ركعة واحدة، فلا يترك الاحتياط بالإتمام ثم الإعادة.

المسألة 1152

إذا صلى المأموم الفريضة احتياطا أداء أو قضاء، و اقتدى فيها بإمام يصلي فريضة متيقنة، فلا إشكال في اغتفار زيادة الركن إذا زاده ذلك المأموم المحتاط في صلاته للمتابعة، و لا إشكال في رجوع ذلك المأموم إذا شك في صلاته الى الامام إذا كان حافظا، نعم يشكل رجوع الإمام إذا شك في صلاته الى ذلك المأموم المحتاط إذا كان وحده هو الحافظ، سواء انحصر المأموم به أم لم ينحصر.

المسألة 1153

لا يضر في بقاء القدوة أن يسلم الامام و يفرغ من صلاته و المأموم لا يزال مشغولا بالتشهد أو بالسلام الأول، فهو لا يزال مأموما و لا تجب عليه نية الانفراد.

المسألة 1154

إذا كان المأموم مسبوقا بركعة أو ثلاث استحب له أن يتابع الإمام في تشهده الأخير، و أن يكون حال التشهد متجافيا حتى يسلم الامام، فيقوم هو لباقي صلاته، و يجوز له أن ينفرد فيقوم لصلاته بعد السجدتين و قبل تشهد الامام و تسليمه.

المسألة 1155

يجوز للمأموم إذا رأى ضيقا في الصف الذي هو فيه أن يمشي إلى الصف المتقدم عليه، أو الى الصف المتأخر عنه، بشرط أن لا ينحرف عن القبلة، فإذا مشى الى خلفه مشى القهقرى، و الأحوط له أن يجر رجليه جرا، و يجب عليه أن يترك الذكر و القراءة في حال المشي حتى يطمئن و يستقر، فيعود الى ذكره و قراءته.

المسألة 1156

يستحب للمكلف أن ينتظر الجماعة و أن تأخر بسبب ذلك عن أول

كلمة التقوى، ج 1، ص: 605

الوقت سواء كان إماما في الجماعة أم مأموما، فصلاته مع الجماعة أفضل من صلاته منفردا في أول الوقت، و صلاته مع الجماعة مع التخفيف أفضل من صلاته منفردا مع الإطالة.

المسألة 1157

الإمامة في الجماعة أفضل من الاقتداء، ففي الحديث عن الامام الصادق (ع) من أم قوما بإذنهم و هم به راضون، فاقتصد بهم في حضوره و أحسن صلاته بقيامه و قراءته و ركوعه و سجوده، و قعوده، فله مثل أجر القوم و لا ينقص عن أجورهم شي ء.

المسألة 1158

يجوز لمن صلى الفريضة منفردا أن يعيدها جماعة، بل يستحب له ذلك، سواء كان في الجماعة إماما أم مأموما، بل يجوز لمن صلاها جماعة إماما أو مأموما أن يعيدها في جماعة أخرى سواء كان في الجماعة الثانية اماما أم مأموما.

و تشكل الصحة إذا كان كل من الامام و المأموم قد صلى الفريضة منفردا، ثم أرادا أن يعيداها جماعة من غير أن ينضم الى جماعتهما من لا تكون صلاته معادة و الأحوط الترك.

المسألة 1159

تجزيه الصلاة المعادة جماعة إذا تبين له بعد ذلك بطلان صلاته الأولى.

المسألة 1160

إذا أدى المكلف صلاته منفردا أو جماعة ثم احتمل وجود خلل فيها جاز له اعادتها منفردا أو جماعة و ان كانت صحيحة بحسب الظاهر، و لا تشرع اعادتها منفردا في غير هذا الفرض.

و انما تجوز له إعادة الصلاة مع احتمال وجود الخلل إذا لم يكن ذلك عن وسوسة أو كثرة شك و لا تجوز مع أحدهما.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 606

المسألة 1161

الأحوط لزوما ان لم يكن الأقوى: أن يقف المأموم إذا كان رجلا واحدا عن يمين الامام محاذيا لموقفه، و إذا كانوا رجالا أكثر من واحد أن يقفوا خلف الامام، و إذا كان امرأة واحدة أن تقف خلف الامام، و الأفضل أن يكون مسجدها خلف موقفه، و أقل من ذلك في الفضل أن يكون سجودها محاذيا لقدمه، و أقل من ذلك أن يكون سجودها محاذيا لركبتيه، و إذا كن نساء أكثر من واحدة أن يصطففن خلف الامام، و إذا كان المأموم رجلا واحدا و امرأة واحدة أو أكثر: أن يقف الرجل الى جنب الامام، و تقف النساء خلفهما، و إذا كانوا رجالا و نساء أن يقف الرجال خلف الامام و أن تصطف النساء خلف الرجال. و إذا كان الامام للنساء امرأة وقفت في وسط الصف و لم تتقدم عليهن.

المسألة 1162

ينبغي أن يكون موقف الامام محاذيا لوسط الصف، و يستحب له أن يقتصد في صلاته فلا يطيل في أفعالها من ركوعها و سجودها، و خصوصا إذا كان معه من يضعف عن الإطالة إلا إذا علم أن جميع المأمومين معه يحبون التطويل. و يستحب له أن يسمع من خلفه قراءته و أذكاره في ما لا يجب الإخفات فيه، و يتأكد ذلك في التشهد و التسليم، و أن يطيل الركوع إذا أحس بدخول من يريد الصلاة معه، فينتظر مثلي ركوعه ثم ينتصب قائما، و يستحب للمأموم إذا فرغ الامام من قراءة الفاتحة أن يقول: الحمد للّه رب العالمين، و يستحب ذلك للإمام أيضا و المنفرد إذا فرغا من قراءتها، بل يستحب ذلك للمأموم إذا قرأ خلف الإمام.

المسألة 1163

أفضل صفوف الجماعة أولها، و أفضل أولها ما دنا من الامام كما ورد في الصحيح، و أفضل الصفوف في صلاة الجنازة آخرها، فيستحب للمأموم في غير الجنازة الوقوف بقرب الامام، و الوقوف في ميامن الصفوف، فان ميامن الصفوف أفضل من مياسرها.

و يستحب أن يكون الصف الأول لأهل العلم و العقل و التقوى في الدين و أن تكون ميامنه لذوي المزية و الفضل منهم.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 607

و تستحب استقامة الصفوف و إتمامها، و المحاذاة بين مناكب المأمومين فيها و سد الفرج الموجودة فيها، و أن تتقارب الصفوف بعضها من بعض بحيث يكون بين الصفين مقدار مسقط جسد الإنسان إذا سجد، و يستحب أن يقوم المأمومون على أرجلهم عند قول المؤذن قد قامت الصلاة.

المسألة 1164

إذا كان المأموم ممن يقرأ خلف الامام، كما إذا كان في الصلاة الجهرية و لم يسمع حتى همهمة الإمام في القراءة، أو كانت أولتاه أو إحداهما مع أخيرتي الإمام، فيستحب له إذا أتم قراءته قبل الامام أن يشتغل بالتحميد و التهليل و التسبيح حتى يفرغ الإمام، أو يبقى آية من قراءته و يشتغل بذلك فإذا فرغ الإمام قرأ الآية و ركع مع الإمام.

المسألة 1165

يستحب للإمام المسافر إذا أتم صلاته و كان المأمومون مقيمين أن يستنيب من يتم بهم صلاتهم، و كذلك إذا عرض له ما يمنعه من إتمام الصلاة من حدث أو رعاف أو نحوهما، و يكره له أن يستنيب من المأمومين من كان مسبوقا بركعة أو أكثر، بل الأولى أن لا يستنيب الا من شهد الإقامة.

و إذا فرغ الامام من صلاته فسلم، يستحب له أن يجلس في موضعه و لا ينصرف حتى يتم المأمومون صلاتهم، كما إذا كان فيهم مسبوقون أو كانوا مقيمين و كان الامام مسافرا، و كذلك يستحب للمأموم إذا كان مسافرا فسلم على ركعتين، ان لا يقوم من موضعه حتى يتم الامام المقيم صلاته و يسلم.

المسألة 1166

يكره التنفل عند الشروع في الإقامة، و يكره التكلم بعد قول المقيم قد قامت الصلاة، و قد تقدم في مبحث الأذان و الإقامة كراهة التكلم حتى للمنفرد، و إذا تكلم أعاد الإقامة استحبابا، و يستثنى من ذلك ما إذا كان التكلم في تقديم إمام أو في تسوية، الصف و ما أشبه ذلك.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 608

المسألة 1167

يكره أن يقف المأموم وحده خلف الصفوف إذا كان له موضع فيها، فإذا لم يجد موضعا وقف حذاء الإمام أو أخر الصفوف.

المسألة 1168

يكره للمأموم أن يسمع الإمام شيئا مما يقول و ان كان قليلا أو بعضا من الذكر.

المسألة 1169

يكره للإمام أن يخص نفسه بالدعاء، سواء كان الدعاء من إنشاء الإمام نفسه أم مأثورا، نعم إذا كان الدعاء مأثورا في قنوت الامام (ع) خاصة لم يغيره.

المسألة 1170

يكره أن يأتم المسافر بالحاضر و الحاضر بالمسافر، إذا كانت صلاتهما مختلفتين في القصر و التمام، بل يكره الائتمام إذا كانت صلاة أحدهما مقصورة و صلاة الآخر تامة و ان كانا معا مسافرين أو حاضرين، كما إذا صلى الحاضر صلاة مقصورة قضاء فيكره للحاضر الآخر أن يأتم به في صلاة تامة، أو صلى المسافر صلاة تامة قضاء فيكره للمسافر الآخر أن يأتم به في صلاة مقصورة حاضرة.

و لا كراهة في أن يأتم به في صبح أو مغرب، و ان كان أحدهما مسافرا و الآخر حاضرا، و لا كراهة في أن يأتم الحاضر بالمسافر أو العكس في مواضع التخيير إذا اختار المسافر الإتمام.

(تنبيه): يراد بالكراهة في المسألة ان ايتمام المسافر بالحاضر و الحاضر بالمسافر يكون أقل فضلا من ايتمام الحاضر بالحاضر أو المسافر بالمسافر في مثل تلك الصلاة، و لا نقص في الصلاة من جهة أخرى، و هذا هو معنى الكراهة في العبادة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 609

الفصل الثاني و الأربعون في صلاة المسافر و شرائطها

المسألة 1171

يجب قصر الصلاة الرباعية في السفر إذا اجتمعت الشروط الآتي بيانها، و القصر هو إسقاط الركعتين الأخيرتين من الرباعية، و لا قصر في صلاة الصبح و المغرب.

و شروط القصر هي: (1): أن يكون السفر مسافة تامة، (2): أن يقصد قطع المسافة من حين خروجه، (3): أن يستمر هذا القصد عنده فلا يعدل عنه أو يتردد فيه، (4): ان لا يقصد من أول سفره أو في أثنائه أن يقيم عشرة أيام قبل بلوغ المسافة، أو يتردد في الإقامة و عدمها، أو يقصد أن يمر بوطن له قبل بلوغ المسافة، أو يتردد في المرور بالوطن و عدم المرور، (5): أن لا يكون سفره معصية، (6):

أن لا يكون المسافر من الذين

بيوتهم معهم، (7) أن لا يكون ممن اتخذ السفر عملا له و دأبا، (8): أن يصل في سفره الى حد الترخص.

و لا بد من بيان المراد في كل واحد من هذه الشروط.

المسألة 1172

(الشرط الأول): المسافة الشرعية للتقصير ثمانية فراسخ، سواء كانت ممتدة في ذهابه، أو في إيابه، أم كانت ملفقة من الذهاب و الإياب، و لا فرق في التلفيق بين أن يكون الذهاب أربعة فراسخ أو أكثر أو أقل، إذا كان المجموع منه و من الإياب يبلغ الثمانية، حتى إذا كان الذهاب فرسخا واحدا و الإياب سبعة فراسخ.

و يستثنى من ذلك ما إذا تردد في ما دون أربعة فراسخ، حتى بلغ الثمانية، كما إذا تردد في فرسخين أربع مرات، أو تردد في ثلاث فراسخ ثلاث مرات، فإنه ليس بمسافر عرفا فلا يجب عليه التقصير، و يستثنى منه ما إذا قطع المسافة الملفقة أو الممتدة في مدة طويلة جدا يخرج بها عن كونه مسافرا، كما إذا قطع المسافة في مدة سنة مثلا، و يستثنى من

كلمة التقوى، ج 1، ص: 610

ذلك ما إذا كانت المسافة التي قطعها مستديرة حول البلد، بحيث لا يصدق عليه أنه يبتعد عنها.

المسألة 1173

لا يشترط على الأقوى في المسافة الملفقة أن يكون الذهاب و الإياب في يوم واحد، أو أن يتصل إيابه بذهابه، بل يكفي أن يقطع المسافة قاصدا لها و أن لا يقصد إقامة عشرة أيام في أثنائها أو يتردد في الإقامة و عدمها، أو يحصل له أحد قواطع السفر الأخرى و لا يضره مع ذلك ان يبيت ليلة أو أكثر قبل عودته.

المسألة 1174

الفرسخ الواحد عبارة عن ثلاثة أميال شرعية، و الميل الواحد أربعة آلاف ذراع بذراع اليد، و ذراع اليد هي ما بين المرفق و طرف الإصبع الوسطى من متوسط الخلقة عند مدها، فإذا كان طول الذراع المتوسطة خلقة سبعة و أربعين سنتيمترا، كان مجموع المسافة الشرعية خمسة و أربعين كيلومترا و مائة و عشرين مترا. و إذا كان أقل الأذرع المتوسطة يبلغ خمسة و أربعين سنتيمترا كما هو الظاهر، كان مجموع المسافة ثلاثة و أربعين كيلومترا و مائتي متر، و يكون هو المراد من أدلة التحديد.

المسألة 1175

المسافة الشرعية مبنية على التحقيق لا على المسامحة، فإذا نقص ما قطعه عن الثمانية فراسخ و لو بشي ء قليل لم يجز له التقصير في الصلاة و الإفطار في الصيام، و إذا اختلفت الأذرع المتوسطة في المقدار أخذ بأقلها، إذا علم أنه من الأذرع المتوسطة.

المسألة 1176

تثبت المسافة الشرعية بين مبدأ السفر و المقصد، بالعلم سواء حصل من الاختبار أم من الشياع أم من البينة الشرعية، و لا تثبت بقول العادل الواحد.

المسألة 1177

إذا شك في وجود المسافة بين مبدأ سفره و مقصده وجب عليه أن يتم

كلمة التقوى، ج 1، ص: 611

في صلاته، و كذلك إذا ظن بوجود المسافة إذا لم يكن ذلك عن بينة شرعية، و الظاهر عدم وجوب الفحص عن وجود المسافة إلا إذا كانت مقدمات حصول العلم ظاهرة تحتاج الى تنبيه لا الى فحص.

المسألة 1178

إذا شهدت بينة عادلة بوجود المسافة بين البلدين و شهدت بينة أخرى بعدمها، فان كانت البينتان معا قد استندتا في شهادتهما الى العلم سقطتا عن الحجية، و وجب الإتمام، و إذا استندت إحداهما إلى العلم و استندت الثانية في شهادتها الى الأصل قدمت البينة التي استندت الى العلم.

المسألة 1179

إذا اعتقد المكلف بأن ما بين البلدين يبلغ مسافة شرعية فقصر في صلاته ثم تبين له بعد ذلك عدم المسافة، وجبت عليه اعادة ما صلاة إذا كان الوقت باقيا، و وجب قضاؤه إذا كان بعد الوقت. و كذلك الحكم إذا اعتقد بعدم المسافة فأتم صلاته ثم ظهر له وجود المسافة فعليه اعادة ما صلاة إذا كان في الوقت، و لزمه قضاؤه إذا كان بعد الوقت، و كذا إذا شك في وجود المسافة فبنى على عدمها و صلى تماما ثم تبين له الخلاف.

المسألة 1180

إذا اعتقد المكلف عدم المسافة بين البلدين أو شك فيها فبنى على العدم ثم علم في أثناء السير بوجود المسافة وجب عليه التقصير في بقية سفره و ان كان الباقي لا يبلغ المسافة.

المسألة 1181

يترتب الأثر على بلوغ المسافة قاصدا لها و ان لم يكن القاصد مكلفا بالفعل فالصبي الذي يقطع المسافة قاصدا إذا بلغ في أثناء سفره يجب عليه التقصير في بقية سفره و ان كان الباقي منه لا يبلغ المسافة، و إذا صلى في سفره قبل بلوغه صلاها قصرا، و كذلك المجنون الذي يتأتى منه القصد إذا قطع المسافة قاصدا و أفاق في أثناء سفره فعليه التقصير في بقية سفره و ان كان الباقي دون المسافة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 612

المسألة 1182

المدار على الطريق الذي يسلكه المكلف الى مقصده في ذهابه و إيابه، فإذا بلغ مجموع الذهاب و الإياب فيه ثمانية فراسخ كان عليه التقصير، و ان كان لذلك البلد طريق آخر لا يبلغ المسافة، و إذا سلك طريقا لا يبلغ المسافة وجب عليه الإتمام و ان كان له طريق آخر يبلغ المسافة أو يزيد.

المسألة 1183

إذا كانت المسافة التي يقطعها المكلف مستديرة و كان مجموعها يبلغ ثمانية فراسخ وجب عليه التقصير، سواء كان الذهاب الى المقصد يبلغ أربعة فراسخ أم لا يبلغها أم يزيد عليها، و يستثنى من ذلك ما إذا كانت المسافة مستديرة حول بلد المكلف بحيث لا يصدق عليه أنه يبتعد عنه، فيجب عليه الإتمام كما بيناه في أول هذا الفصل.

المسألة 1184

إذا كان البلد صغيرا أو متوسطا، فمبدأ حساب المسافة هو آخر البلد و ان كان خارج السور، و إذا كان البلد كبيرا جدا، بحيث يعد الخارج من محلة منه الى أخرى مرتحلا في نظر أهل العرف، فمبدأ حساب المسافة هو آخر المحلة التي يسكن المكلف فيها، و إذا لم يبلغ البلد هذا المقدار من الكبر و كان الخروج الى المقصد لا يبلغ المسافة من آخر البلد و يبلغها من آخر المحلة، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام.

المسألة 1185

(الشرط الثاني): أن يقصد قطع المسافة التامة من أول خروجه في سفره، فإذا قصد في أول مسيره قطع بعض المسافة فقط، و بعد أن قطعه عزم ان يواصل مسيره الى أن يتم المسافة، لم يجب عليه التقصير، و مثال ذلك أن يقطع في عزمه الأول فرسخين و بعد عزمه الثاني قطع فرسخين آخرين، فلا تقصير عليه و ان كان المجموع من مسيرة الأول و الثاني و رجوعه الى موضعه الذي خرج منه يبلغ الثمانية ملفقة.

و يستثنى من ذلك ما إذا كان المقدار الذي قصده في مسيره الثاني

كلمة التقوى، ج 1، ص: 613

مع عوده الى موضعه يبلغ الثمانية فيجب عليه التقصير من أول مسيره الثاني، و مثال ذلك أن يقطع في عزمه الأول فرسخين أو ثلاثة ثم يقصد ثلاثة فراسخ أخرى فيكون ذهابه في مسيره الثاني ثلاثة فراسخ و إيابه إلى موضعه الذي خرج منه خمسة فراسخ أو ستة، و المجموع منهما يبلغ ثمانية فراسخ أو تسعة و هي مسافة تامة ملفقة يجب فيها التقصير.

المسألة 1186

لا يجب التقصير على المكلف إذا لم يدر أي مقدار يقطع في مسيره، كما إذا خرج في طلب حيوان شارد، أو عبد أبق، أو خرج للصيد لا يدري أين يجده، فإذا وجد العبد أو الحيوان أو الصيد و عزم على الرجوع و كان العود يبلغ ثمانية فراسخ ممتدة أو يزيد عليها وجب عليه التقصير في العود. و كذلك إذا قطع بعض الطريق في الطلب، ثم ذكر له أن الضالة أو العبد أو الصيد يوجد على بعد فرسخين أو ثلاثة مثلا، فذهب الى ذلك الموضع و كان المجموع من ذهابه الى الموضع، و عوده الى موضع خروجه يبلغ المسافة، فيجب عليه

التقصير من أول مسيره الثاني، و إذا لم يبلغ المسافة لم يجب عليه القصر في الصورتين.

المسألة 1187

إذا خرج من موضعه الى بعض النواحي ينتظر فيها رفقة يسافر معهم، و إذا لم يتيسروا لم يسافر، فلا تقصير عليه في موضع الانتظار إلا إذا بلغ المسافة التامة من موضع خروجه و لا تقصير عليه كذلك إذا خرج من موضعه لطلب حاجة أو وسيلة سفر ان تيسرت له سافر و ان لم تحصل لم يسافر، إلا إذا كان حين خروجه من موضعه مطمئنا بتيسر الرفقة و حصول الحاجة، و الوسيلة، بحيث كان عازما على السفر للاطمئنان بحصولها فيجب عليه التقصير بعد خروجه عن محل الترخص من موضعه.

المسألة 1188

يكفي في الحكم بالتقصير أن يقطع المسافة مع القصد اليه و ان لم يتصل مسيره على النحو المتعارف في الأسفار، الا أن يخرج بالإبطاء و طول المدة عن اسم السفر، كما ذكرناه في أول هذا الفصل.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 614

المسألة 1189

يكفي في وجوب القصر على المكلف أن يقطع المسافة مع القصد اليه و لو بالتبع لغيره في السفر كالزوجة تسافر مع زوجها و المملوك يتبع سيده، و كالخادم و الأسير و المكره إذا علموا بأن المتبوع يقصد المسافة، و إذا لم يعلموا بأنه يقصد المسافة فعليهم الإتمام، و يجب عليهم الاستعلام عن ذلك على الأحوط.

المسألة 1190

إذا علم التابع بأنه يفارق المتبوع قبل أن يبلغ مسافة التقصير، أو ظن ذلك وجب عليه الإتمام، و كذلك إذا شك في المفارقة إلا إذا كان عازما على مواصلة السفر و ان فارق صاحبه.

المسألة 1191

إذا اعتقد أن المتبوع لم يقصد مسافة في سفره أو شك في ذلك فصلى تماما، ثم علم أنه كان قاصدا لها، فان كان المقصد الذي يريده المتبوع معلوما عند التابع و لكنه يجهل كونه مسافة وجب عليه القصر، بل و وجب عليه قضاء ما صلاة، و إذا كان المقصد مجهولا لديه فالظاهر وجوب التمام إذا لم يكن الباقي مسافة.

المسألة 1192

إذا أركب في قطار أو ألقي به في سفينة و نحوها و قطع به المسافة مقسورا بحيث لم تكن له خيرة في حركة السفر و هو يعلم ببلوغ المسافة فلا يترك الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام.

المسألة 1193

(الشرط الثالث): أن يستمر لديه قصد المسافة حتى يبلغها، فإذا عدل عن قصد المسافة أو تردد فيه قبل أن يبلغ أربعة فراسخ وجب عليه الإتمام في الصلاة.

و إذا بلغ أربعة فراسخ ثم عدل عن مواصلة السفر أو تردد فيه، فهنا صور تختلف أحكامها.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 615

(الصورة الأولى): أن يعزم على العودة إلى الموضع الذي سافر منه و لا ينوي إقامة عشرة أيام في الموضع الذي وصل اليه و لا في غيره، و الحكم في هذه الصورة هو وجوب القصر عليه للمسافة الملفقة.

(الصورة الثانية): أن يعزم على العودة إلى الموضع الذي سافر منه، و يتردد في نية الإقامة قبل عودته اليه، و الحكم فيها هو وجوب التقصير الى أن يعود، أو يمضي عليه ثلاثون يوما مترددا، و هو في مكانه، فإذا تم له ثلاثون يوما وجب عليه التمام في ذلك المكان و في عودته الى موضعه الا أن ينشئ سفرا جديدا.

(الصورة الثالثة): أن يبلغ أربعة فراسخ ثم يعدل عن مواصلة السفر أو يتردد فيه، و يعزم أيضا على عدم العودة إلى الموضع الذي سافر منه، و الحكم فيها هو وجوب الإتمام إلا إذا أنشأ سفرا جديدا، و كذلك الحكم إذا تردد في أن يعود الى الموضع الذي سافر منه أم لا.

المسألة 1194

إذا قصد السفر الى موضع معين يبلغ المسافة و قطع بعض المسافة بهذا القصد ثم عدل عنه الى موضع آخر يبلغ المسافة من موضع ابتداء سفره، وجب عليه القصر و ان كان لا يبلغ المسافة من موضع عدوله، و كفاه ذلك في استمرار القصد.

المسألة 1195

إذا قصد عند خروجه السفر الى أحد بلدين و لم يعين أحدهما و قطع بعض المسافة بهذا القصد، كفاه ذلك في قصد المسافة و في وجوب القصر عليه إذا كان كل واحد من البلدين يبلغ المسافة من موضع سفره، و ان كان ما عينه أخيرا لا يبلغ المسافة من موضع التعيين.

المسألة 1196

إذا قصد الإنسان السفر الى مكان معين و قطع بعض المسافة بهذا القصد، ثم تردد في مواصلة السفر، ثم عاد بعد ذلك الى قصد السفر الى غايته، فهنا صورتان.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 616

(الصورة الأولى): أن يعود الى قصد السفر الى غايته، من غير أن يقطع في حال تردده شيئا من الطريق، و حكمه في هذه الصورة تقصير الصلاة سواء كان ما بقي من الطريق الى المقصد يبلغ المسافة أم لا.

(الصورة الثانية): أن يقطع في حال تردده شيئا من الطريق ثم يعود بعد ذلك الى الجزم بالسفر فعليه أن يسقط من الحساب ما قطعه من الطريق في حال التردد ثم ينظر في مجموع ما قطعه أولا في حال الجزم بالسفر و ما بقي من الطريق في ذهابه الى المقصد بعد العود الى الجزم و رجوعه الى الوطن، فان كان مجموع ذلك يبلغ مسافة التقصير و لو ملفقة فعليه تقصير الصلاة و الأحوط استحبابا الجمع، و ان كان لا يبلغ المسافة وجب عليه الإتمام.

المسألة 1197

إذا قصد المكلف السفر الى موضع و قطع بعض المسافة بهذا القصد و حضرت الصلاة فصلاها قصرا، ثم عدل عن السفر لم تجب عليه اعادة ما صلاة سواء كان الوقت باقيا أم خارجا.

المسألة 1198

(الشرط الرابع): أن لا يكون ناويا من أول سفره أو في أثنائه أن يقيم عشرة أيام قبل أن يبلغ المسافة، أو يكون من قصده أن يمر بوطنه قبل أن يبلغ المسافة، فإن الإقامة و المرور بالوطن قاطعان للسفر، فإذا قصد أحدهما لم يكن قاصدا للمسافة فعليه إتمام الصلاة و كذلك إذا كان مترددا في نية الإقامة أو في المرور بالوطن قبل أن يبلغ المسافة فيجب عليه الإتمام.

المسألة 1199

لا يضر بقصد المسافة أن يحتمل الإقامة أو المرور بالوطن احتمالا ضعيفا لا يوجب له التردد في القصد و لا ينافي العزم على مواصلة السفر فيجب عليه التقصير، و نظير ذلك أن يعزم على السفر و لا يتردد فيه و هو يعلم أنه لو عرض له عدو يصده عن الطريق أو مرض يمنعه من الحركة لم يسافر، و لو عرض له ذلك في الأثناء لرجع عن قصده و لكن

كلمة التقوى، ج 1، ص: 617

احتمال ذلك لما كان ضعيفا لم يمنعه من العزم و الاستمرار في القصد.

المسألة 1200

إذا شرع في السفر و هو عازم على إقامة عشرة أيام أو على المرور بوطنه قبل أن يبلغ المسافة، ثم عدل عن ذلك و عزم على الاستمرار في سيره من غير اقامة و لا مرور بوطن نظر في ما بقي من الطريق بعد عزمه هذا، فان كان يبلغ المسافة و لو بإحدى صور التلفيق، وجب عليه القصر، و ان كان أقل من المسافة وجب عليه الإتمام، و كذلك الحكم إذا كان مترددا في الإقامة أو المرور بالوطن ثم عدل عن التردد و عزم على السفر من غير اقامة و لا مرور بوطن.

المسألة 1201

إذا شرع في السفر و هو لا يعزم إقامة عشرة أيام و لا مرورا بوطن و قطع بعض المسافة بهذا القصد، ثم عزم على الإقامة أو المرور بالوطن في أثناء المسافة، ثم عدل الى نيته الأولى، فهنا صورتان.

(الصورة الأولى): أن لا يقطع في حال عزمه على الإقامة أو المرور بالوطن شيئا من الطريق ثم يرجع الى نيته الأولى، و حكمه في هذه الصورة هو تقصير الصلاة و ان كان الباقي من الطريق الى المقصد لا يبلغ المسافة.

(الصورة الثانية): ان يقطع في حال عزمه على الإقامة أو المرور بالوطن شيئا من الطريق، ثم يعود الى نيته الأولى، و عليه أن يسقط هذا من الحساب، ثم ينظر مجموع ما قطعه أولا في حال نيته الأولى، و ما بقي من الطريق في ذهابه الى المقصد بعد عوده إلى النية الأولى ثم رجوعه الى وطنه، فان بلغ مجموعه المسافة و لو بإحدى صور التلفيق وجب عليه التقصير، و ان لم يبلغ المسافة وجب عليه الإتمام، و كذلك الحال إذا طرأت له حالة التردد في الإقامة أو المرور

بالوطن، ثم عاد الى نيته الأولى فتجري فيه الصورتان و ينطبق حكمهما.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 618

المسألة 1202

(الشرط الخامس): أن لا يكون السفر محرما، فلا يجوز للمكلف تقصير الصلاة إذا كان سفره حراما، كالفرار من الزحف الواجب، و إباق العبد من سيده، و منه سفر الولد مع نهي أحد الأبوين إذا كان النهي عن شفقة منهما عليه، و لا يحرم إذا كان النهي لمصلحة تعود إلى الأبوين نفسهما أو لبعض الدواعي الأخرى، نعم يحرم السفر إذا كان فيه إيذاء و عقوق لهما.

و منه ما إذا سافر لغاية محرمة، كمن يسافر لقتل نفس محترمة، أو لقطع طريق، أو لسرقة، أو زنا أو اعانة ظالم، و شبه ذلك من الغايات، و ليس من السفر المحرم ما كان لغاية مباحة، و لكن قد يتفق فيه صدور بعض المحرمات كشرب الخمر و الزنا، و الغيبة، و نحوها، فلا يجب فيه إتمام الصلاة إذا لم يكن العمل المحرم هو الغاية المقصودة في السفر.

المسألة 1203

إذا استلزم سفر الإنسان ترك واجب عليه، فلا يترك الاحتياط بالجمع فيه بين القصر و التمام، إذا قصد بسفره التوصل الى ترك الواجب، بل و لا يترك الاحتياط بالجمع إذا التفت الى أن سفره يستلزم ترك الواجب فسافر، و ان لم يقصد بسفره التوصل اليه، و مثال ذلك ما إذا كان الإنسان مدينا لأحد، و طالبه الدائن بدينه، و كان المدين ممن يمكنه الأداء في الحضر و لا يمكنه في السفر، فيكون سفره مستلزما لترك وفاء الدين مع وجوبه عليه.

المسألة 1204

إذا كان السفر مباحا، و لكن المكلف ركب في سفره سيارة مغصوبة، أو مشى في أرض مغصوبة، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام إذا انحصرت وسيلة السفر بالسيارة المغصوبة، أو انحصر الطريق بالأرض المغصوبة، و كان المسافر ملتفتا الى ذلك، و إذا سافر في سيارة مغصوبة أو على دابة مغصوبة بقصد الهرب بها عن مالكها أو بيعها في بلد آخر، وجب عليه الإتمام في صلاته.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 619

المسألة 1205

تابع الجائر في سفره إذا كان مختارا في ذلك، و كان ممن يعد من أعوانه في ظلمه أو مقوية أمره أو معظمة سلطانه أو نحو ذلك وجب عليه الإتمام في سفره، و إذا كان سفر الجائر نفسه طاعة أو مباحا وجب على الجائر القصر في ذلك السفر و وجب على التابع الإتمام فيه.

و إذا كان التابع مكرها أو تبعه لدفع مظلمة و لو عن غيره، أو لغرض صحيح آخر وجب عليه التقصير في سفره و ان كان سفر الجائر في معصية.

المسألة 1206

إذا سافر التابع منفردا امتثالا لأمر الجائر و كان في ذلك اعانة له في جوره أو تقوية لأمره أو تعظيم لسلطانه أو نحو ذلك وجب عليه الإتمام في سفره و ان كان السفر مباحا لو لا ذلك.

المسألة 1207

الراجع من سفر المعصية إذا كان لا يزال متلبسا بالمعصية، كما إذا سافر لشراء الخمر أو الآلات المحرمة و رجع بها ليبيعها في بلده أو غير بلده، يجب عليه الإتمام في إيابه كما في ذهابه، و إذا كان في رجوعه غير متلبس بالمعصية، فالظاهر وجوب التقصير عليه و الإفطار إذا كان الرجوع يبلغ مسافة تامة، سواء كان تائبا من المعصية أم لا، و إذا كان أقل من المسافة فعليه الإتمام و الصيام.

المسألة 1208

إذا سافر للصيد لهوا وجب عليه الإتمام في صلاته و صيامه في ذهابه و إذا رجع من سفره و كان الرجوع وحده يبلغ المسافة وجب عليه القصر و الإفطار فيه، و ان كان لا يبلغ المسافة وجب عليه الإتمام و الصيام، و لا فرق في الحكم بين صيد البر و البحر.

المسألة 1209

إذا سافر للصيد لقوته و قوت عياله وجب عليه القصر في ذهابه و إيابه

كلمة التقوى، ج 1، ص: 620

و كذلك إذا كان الصيد للتجارة التي يتعيش بها هو و عياله، و إذا كان الصيد للتجارة لغير الحاجة لذلك، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام في الصلاة و يجب عليه الإفطار في الصوم، و لا فرق في الحكم بين صيد البر و البحر.

المسألة 1210

إذا كان سفر المكلف في ابتدائه مباحا ثم قصد المعصية في أثنائه، فإن كان ما قطعه من الطريق قبل قصد المعصية لا يبلغ المسافة وجب عليه الإتمام بمجرد قصد المعصية، و ان كان ما قطعه منه مسافة فأكثر، فالأحوط له الجمع بين القصر و التمام حين يتلبس بالسير بقصد المعصية، و عليه القصر قبل ذلك، كما إذا كان في المنزل الذي عدل فيه و قبل أن يتلبس بالسير.

المسألة 1211

إذا كان سفر المكلف في ابتدائه معصية ثم عدل عنه إلى الطاعة، فإن كان الباقي منه يبلغ مسافة تامة و لو بإحدى صور التلفيق وجب عليه القصر حين يتلبس بالسير و ان كان لا يبلغ المسافة وجب عليه الإتمام حتى يعود الى وطنه، و الأحوط استحبابا أن يجمع بين القصر و التمام.

المسألة 1212

إذا نوى السفر المباح أولا و قطع بعض المسافة، ثم عدل عنه الى قصد المعصية، ثم عاد إلى نية السفر المباح، فهنا صور.

(الصورة الأولى): أن يبلغ مجموع ما قطعه أولا و أخيرا بنية الطاعة مسافة تامة أو أكثر، و لا يقطع في حال نية المعصية شيئا من الطريق، و حكمه في هذه الصورة وجوب التقصير.

(الصورة الثانية): أن يبلغ ما قطعه أولا و أخيرا بنية الطاعة مسافة تامة أو أكثر، و لكنه قطع ما بينها شيئا من الطريق بنية المعصية أيضا، و الأحوط له في هذه الصورة الجمع بين القصر و التمام.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 621

(الصورة الثالثة): أن يكون ما قطعه أولا في حال نية الطاعة وحده مسافة تامة أو أكثر، و الظاهر وجوب التقصير عليه بعد عوده إلى نية الطاعة، سواء بلغ الباقي وحده مسافة أم لا و سواء اتصل بعضه ببعض أم لا.

المسألة 1213

إذا كانت غاية الإنسان في سفره ملفقة من الطاعة و المعصية، فالمدار في الحكم على استناد السفر الى أى الغايتين، فإذا استند سفره الى الطاعة و كانت المعصية مقصودة بالتبع لزمه التقصير في الصلاة، و إذا استند إلى المعصية لزمه التمام، و كذلك إذا استند السفر إليهما معا، سواء كان كل واحد منهما مؤثرا مستقلا أم كانا مؤثرين على نحو الاشتراك، و الأحوط استحبابا الجمع بين القصر و التمام في الصورتين الأخيرتين.

المسألة 1214

إذا كان موضع الغاية المحرمة التي سافر إليها يقع في أثناء طريقه، و لكن الوصول إليها يتوقف على قطع مسافة أخرى يصل إليها ثم يرجع منها الى غايته، كما إذا كان القطار أو الوسيلة الأخرى التي سافر فيها لا تقف الا بعد مرحلة أو أكثر من ذلك الموضع، فهو يحتاج الى قطع تلك المسافة ثم العود الى موضع غايته، فهل تعد تلك المسافة الأخرى من سفر المعصية أم لا.

الظاهر انها انما تعد من سفر المعصية إذا كان قطعها يعد مقدمة للغاية المحرمة، بحيث تكون المعصية غاية له منها كما هي غاية لأصل سفره.

المسألة 1215

لا يحرم السفر بقصد التنزه، و لا يكون موجبا للتمام ما لم يكن لهوا.

المسألة 1216

إذا كان أصل السفر مباحا و لغاية صحيحة، و لكن كانت للمسافر غاية محرمة تقع في جوانب الطريق، فيخرج عن الجادة في بعض النقاط لعمل ذلك المحرم، ثم يعود إلى الجادة، فإن كانت تلك الغاية المحرمة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 622

مقصودة له في أصل سفره و لو على سبيل الاشتراك بينها و بين الغاية المباحة وجب عليه الإتمام في سفره.

و إذا كان الغرض من السفر هو الغاية الصحيحة وحدها، و لكن يعرض له قصد الغاية المحرمة في الأثناء، فيخرج عن الجادة ثم يعود، فان كان موضع المعصية قريبا بحيث لا يعد الخروج اليه من الجادة سفرا عرفا، فهو على حكم القصر، و ان كان بعيدا بحيث يعد الخروج اليه من الجادة سفرا، وجب عليه الإتمام في أثناء الخروج، فإذا عاد إلى الجادة، و كان ما قطعه أولا قبل خروجه إلى الغاية المحرمة يبلغ وحده المسافة أو يزيد عليها، فعليه القصر في الباقي و ان لم يبلغ الباقي وحده المسافة. و كذلك إذا كان الباقي من الطريق يبلغ المسافة، و لو ملفقة، فيجب عليه القصر، و إذا كان الباقي أقل من المسافة، و لكن المجموع منه و مما قطعه أولا يبلغ المسافة كان عليه الجمع بين القصر و التمام.

المسألة 1217

إذا سافر الإنسان لغاية محرمة، ثم عرض له في أثناء سفره أن يخرج عن الجادة إلى غاية مباحة، فان كان خروجه عن الجادة لتلك الغاية يبلغ مسافة و لو ملفقة، وجب عليه القصر في خروجه الى أن يعود إلى الجادة، و ان لم يبلغ المسافة كان عليه الإتمام فيه.

المسألة 1218

إذا سافر لغاية محرمة وجب عليه الإتمام في ذهابه و في المكان الذي قصد اليه حتى يأخذ في العود، فإذا أخذ في العود و كان يبلغ مسافة تامة وجب عليه القصر فيه سواء تاب أم لم يتب، و قد ذكرنا ذلك قبل عدة مسائل.

المسألة 1219

________________________________________

بصرى بحرانى، زين الدين، محمد امين، كلمة التقوى، 7 جلد، سيد جواد وداعى، قم - ايران، سوم، 1413 ه ق

كلمة التقوى؛ ج 1، ص: 622

إذا سافر المكلف لغاية مباحة و قطع بهذا القصد مقدارا من الطريق، ثم عرض له بعد ذلك قصد غاية محرمة في أثناء الطريق، بحيث كانت

كلمة التقوى، ج 1، ص: 623

غايته في هذا الجزء من السفر ملفقة من طاعة و معصية، و بعد انتهاء قصده المحرم أصبح سفره خالصا للغاية الأولى المباحة.

و الظاهر أنه يجب عليه إتمام الصلاة في الجزء المتوسط من السفر الذي كانت غايته ملفقة من الطاعة و المعصية، و أما في المقدار الباقي من سفره بعد انتهاء المقصد المحرم، فللمسألة صور.

(الصورة الأولى): أن يكون قد قطع في أول سفره و قبل أن يعرض له القصد المحرم مسافة تامة أو أكثر، و حكمه في هذه الصورة هو وجوب التقصير في ما بقي من سفره بعد انتهاء القصد المحرم، و ان لم يكن الباقي بنفسه مسافة.

(الصورة الثانية): أن يكون الباقي وحده مسافة تامة و لو بالتلفيق، و حكمه في هذه الصورة هو وجوب التقصير كذلك.

(الصورة الثالثة): أن يكون مجموع ما قطعه أولا حال نية الطاعة و ما بقي أخيرا بعد إسقاط ما قطعه للمقصد المحرم، لا يبلغ المسافة، و حكمه فيها هو وجوب الإتمام في الباقي.

(الصورة الرابعة): أن يبلغ المجموع منهما مسافة تامة بعد إسقاط المتخلل،

و عليه في هذه الصورة أن يجمع في الباقي بين القصر و التمام.

المسألة 1220

إذا كان سفر المكلف لغاية محرمة و كان في شهر رمضان، فنوى الصوم، ثم عدل في أثناء سفره و يومه إلى نية الطاعة، فإن كان عدوله قبل الزوال و كان الباقي من الطريق يبلغ مسافة و لو ملفقة وجب عليه الإفطار، و إذا كان عدوله بعد الزوال فالأقوى وجوب البقاء على الصوم.

و إذا كان السفر مباحا فنوى الإفطار، ثم عدل في سفره الى قصد المعصية، فإن كان عدوله قبل الزوال مع عدم الإتيان بالمفطر وجبت عليه نية الصوم، و الأحوط وجوبا قضاء اليوم بعد ذلك، و إذا كان عدوله بعد الزوال أو بعد أن أتى بالمفطر بطل صومه، و الأحوط استحبابا أن يمسك بقية النهار تأدبا.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 624

المسألة 1221

إذا سافر الإنسان سفرا محرما فهو في حكم الحاضر، فيجب عليه حضور الجمعة إذا أقيمت بشرائطها، و لا تسقط عنه نوافل الصلاة الرباعية، و يصح له أن يأتي بالصوم المندوب و غير ذلك من أحكام الحاضر.

المسألة 1222

(الشرط السادس): أن لا يكون من الذين بيوتهم معهم كسكان البادية الذين يدورون في البراري و ليس لهم فيها مساكن معينة، فحكمهم إتمام الصلاة و الصيام، بل و ان كانت لهم مساكن معينة يقطنونها في بعض السنة، و يخرجون عنها في البعض الآخر و معهم بيوتهم يطلبون منابت العشب و مواضع القطر، أو يخرجون الى بعض الأرياف في المواسم، لطلب الرزق، فإذا خرجوا كذلك كان حكمهم الإتمام.

المسألة 1223

إذا سافر هؤلاء لمقصد آخر كالحج و الزيارة و قضاء بعض الحقوق و علاج بعض الأمراض و كانوا في غير بيوتهم وجب عليهم تقصير الصلاة و الإفطار في الصوم، و إذا كانت بيوتهم معهم كان حكمهم الإتمام، و كذلك إذا خرج بعضهم لارتياد منزل و نحو ذلك، فان كان بيته معه لزمه الإتمام و ان لم يكن بيته معه لزمه القصر.

المسألة 1224

السائح الذي ليس له وطن مخصوص من الأرض يجب عليه الإتمام في صلاته و صيامه، و بحكمه من أعرض عن وطنه الأول و سافر عنه و بنى على عدم التوطن في موضع أصلا فحكمه الإتمام، و أما من أعرض عن وطنه الأول فسافر عنه و لم يعين له وطنا خاصا بعد فالأحوط له الجمع بين القصر و التمام.

المسألة 1225

(الشرط السابع): أن لا يكون ممن اتخذ السفر عملا، و الظاهر

كلمة التقوى، ج 1، ص: 625

من أدلة المسألة أن المراد بهذا الصنف من الناس من يعتاد السفر و يتخذه دأبا له لأجل غاية محللة.

و من أمثلة ذلك المكاري، و الجمال، و سائق السيارة و القطار، و الملاحون في السفن، و البواخر و الطائرات، و الموظفون فيها الذين يعملون فيها في أثناء السفر و ساعي البريد و الراعي، و نحوهم، فيجب عليهم إتمام الصلاة و الصيام في أسفارهم للغايات التي اعتادوا السفر من أجلها، إذا كانت الأسفار التي دأبوا عليها تبلغ المسافة الشرعية التامة أو تزيد عليها، فإذا كان السائق مثلا يعمل في سيارته في ما دون المسافة لم يثبت له هذا الحكم فإذا اتفق له السفر في سيارته مسافة فأكثر، وجب عليه التقصير في الصلاة و الإفطار في الصيام، و كذلك المكاري و الحطاب و غيرهما.

المسألة 1226

يجب إتمام الصلاة و الصيام على السائق و المكاري إذا كان السفر عملا لهما، سواء كان سفرهما لحاجة الآخرين كما إذا استأجرهما أحد للسفر، أم كان لحاجتهما بنفسهما كما إذا سافر السائق في سيارته لنقل أمتعته و أهله من بلد الى بلد آخر، و كذلك الملاح، و غيره من أفراد هذا الصنف.

المسألة 1227

إذا كان السائق أو المكاري ممن اعتاد السفر مسافة معينة كالسفر من النجف الى كربلاء أو الى بغداد أو الى البصرة مثلا، فاتفق له الخروج في عمله الى غيرها من المسافات كالسفر إلى مكة أو إلى أقطار أخرى وجب عليه الإتمام و الصيام في سفره ذلك أيضا.

المسألة 1228

التاجر الذي يدور في تجارته في البلاد أو بين الأحياء و يدأب على السفر فيها، بحيث لا استقرار له في موضع مخصوص، يجب عليه إتمام الصلاة في سفره و بحكمه كل عامل يدور في عمله و لا يكون له استقرار في موضع كالنجار و البناء و الحداد و العمال الآخرين الذين يدورون

كلمة التقوى، ج 1، ص: 626

في عملهم و يدأبون على السفر من أجله في البلاد و الرساتيق و القرى، فيجب عليهم الإتمام في سفرهم.

و كذلك الذين يدأبون على السفر لجلب الخضر و الفواكه و الحبوب و الأمتعة و البضائع، و يكون عملهم نقل هذه الأشياء من موضع الى موضع.

و ليس من هذا القسم على الظاهر من يسافر من بلده ليجلب لنفسه نوعا من البضاعة و يقوم ببيعها في البلد، و ان تكرر ذلك منه، فيجب عليه التقصير في سفره.

المسألة 1229

الظاهر أن من أفراد هذا الصنف، الذين يدأبون على السفر للتعلم أو للتعليم أو للعمل في موضع، فمتى صدق على التلميذ أو على المعلم أو العامل أنه ممن دأبه السفر للغاية التي يعمل فيها وجب عليه إتمام الصلاة و الصيام في سفره.

المسألة 1230

المعيار في الدخول في هذا الصنف هو أن يصدق على الشخص انه اتخذ السفر عملا له، فمتى صدق عليه ذلك في نظر أهل العرف وجب عليه أن يتم الصلاة و الصيام و ان كان في السفرة الأولى، و لم يحتج الى تكرر السفر.

المسألة 1231

إذا سافر السائق أو المكاري أو الملاح أو غيرهم من أفراد هذا الصنف سفرا لا يعد من عمله، كما إذا سافر للحج أو للزيارة أو لعلاج مرض وجب عليه التقصير و الإفطار في ذلك السفر، و كذلك إذا احتاجت سيارته أو سفينته للإصلاح فخلفها عند من يصلحها و رجع الى أهله، فعليه التقصير في رجوعه إلى أهله إذا كان الرجوع يبلغ المسافة.

و إذا استؤجر للحج أو الزيارة فسافر لذلك، و حج و زار بالتبع فعليه إتمام الصلاة في هذا السفر لأنه من عمله، و كذلك إذا استؤجر

كلمة التقوى، ج 1، ص: 627

للسفر الى بلد، و بعد أن بلغ المقصد رجع الى أهله بسيارته أو دوابه فارغة من غير مكاراة، فعليه الإتمام في سفر رجوعه لأنه من عمله.

المسألة 1232

إذا اتخذ الإنسان السفر عملا في شهور معينة من السنة، كالسائق، و المكاري يتخذ السفر عملا في أشهر الحج لنقل الحجاج بين جدة و مكة، و بين مكة و المدينة أو في فصل معين منها كالسائق و المكاري يتخذ السفر عملا له لجلب الخضر و الفواكه في أيام الصيف، ثبت له الحكم في المدة المعينة فيجب عليه إتمام الصلاة و الصيام فيها، و إذا سافر في غيرها من أيام السنة وجب عليه القصر و الإفطار.

المسألة 1233

(الحملدارية) الذين ينقلون الحجاج إلى مكة و المدينة في أيام الحج خاصة، لا يعدون ممن عملهم السفر، و خصوصا إذا كان زمان السفر قصيرا، فيجب عليهم التقصير في الصلاة.

المسألة 1234

من كثر سفره لبعض العوارض أو الأغراض التي اقتضت له ذلك، يجب عليه القصر في صلاته و الإفطار في صيامه عند اجتماع سائر الشرائط، سواء اتحد مقصده و غايته في أسفاره أم تعدد، و سواء قصد ذلك من أول الأمر أم وقع له اتفاقا، و لا يجوز له إتمام الصلاة و الصيام إلا إذا اتخذ السفر عملا له كما تقدم.

المسألة 1235

إذا أقام من عمله السفر- و المكاري على الخصوص- في بلده أو في موضع آخر عشرة أيام، فالأحوط له الجمع بين القصر و التمام في السفرة الأولى التي يسافرها بعد ذلك سواء كانت العشرة التي أقامها منوية أم لا.

المسألة 1236

إذا كان المكلف ممن عمله السفر، و شك هل أنه أقام عشرة أيام

كلمة التقوى، ج 1، ص: 628

ليلزمه الاحتياط بالجمع في سفرته الأولى أم لا، بنى على وجوب الإتمام.

المسألة 1237

(الشرط الثامن): أن يخرج في سفره حتى يصل الى حد الترخص، و هو الموضع الذي يتوارى فيه المسافر عن أهل البيوت، و علامة وصوله الى هذا الموضع أن يتوارى عنه أهل البيوت، أو يخفى عليه الأذان بحيث لا يسمع صوت المؤذن، و هاتان العلامتان متقاربتان جدا، أو هما متحدتان و لا اختلاف بينهما، فهما علامتان على البعد الخاص الذي إذا وصل اليه المسافر في خروجه وجب عليه القصر في صلاته و إذا بلغه في عودته الى وطنه وجب عليه الإتمام فيها كما سيأتي ذكره.

المسألة 1238

المدار في الرؤية على البصر المتعارف و الموضع المستوي، فلا اعتبار في البصر بما خرج عن المتعارف في القوة أو في الضعف، و لا اعتبار في الموضع المرتفع أو المنخفض، بل يقدر البعد في الموضع المستوي و البصر المتعارف بين الناس، و كذلك في سماع الأذان، فيقدر بالمتعارف في صوت المؤذن و أذن السامع و موانع السمع و في الموضع المستوي.

المسألة 1239

المعيار في خفاء الأذان هو عدم سماع الأذان في آخر البلد من ناحية المسافر، و أن يكون الأذان على مرتفع معتاد في أذان البلد، و المراد خفاء مطلق الصوت و ان لم يميز كونه أذانا أو غيره.

المسألة 1240

يشكل اعتبار حد الترخص في محل الإقامة، و في المكان الذي يتردد فيه بين الإقامة و السفر ثلاثين يوما، فإذا وصل المسافر الى حد الترخص من موضع عزم على الإقامة فيه عشرة أيام و أراد الصلاة فيه، فلا يترك الاحتياط بأن يجمع فيه بين القصر و التمام أو يؤخر الصلاة حتى يدخل محل الإقامة فيصليها تماما. و كذلك إذا سافر من موضع نوى فيه الإقامة و أراد الصلاة قبل أن يصل الى حد الترخص منه فالأحوط له أن

كلمة التقوى، ج 1، ص: 629

يجمع بين القصر و التمام أو يؤخر الصلاة الى أن يبلغ حد الترخص فيصليها قصرا.

و كذلك في الموضع الذي تردد فيه بين السفر و الإقامة ثلاثين يوما، فأتم الصلاة فيه بعد الثلاثين، فإذا سافر من ذلك الموضع و أراد الصلاة قبل الوصول الى حد الترخص منه فالأحوط له أن يجمع بين القصر و التمام أو يؤخر الصلاة حتى يصل الى حد الترخص منه، فيصليها قصرا.

المسألة 1241

إذا شك في وصوله الى حد الترخص بنى على عدم وصوله اليه فيجب عليه إتمام الصلاة إذا كان في خروجه الى السفر، و يجب عليه القصر إذا كان في رجوعه منه.

(تنبيه): إذا شك في وصوله الى حد الترخص في خروجه الى السفر فصلى تماما كما بيناه، و عند رجوعه من السفر أراد الصلاة في ذلك الموضع، فينبغي له أن يصلي قصرا قبل الوصول، إلى النقطة التي صلى فيها تماما في خروجه.

فان هو صلى الحاضرة قصرا في تلك النقطة حصل له العلم الإجمالي ببطلان احدى الصلاتين: الحاضرة أو المتقدمة، فتجب عليه إعادة الصلاة الحاضرة تماما، و قضاء الصلاة المتقدمة عند خروجه قصرا.

فان هو لم يعد الحاضرة وجب عليه

قضاؤها تماما كذلك مع قضاء المتقدمة قصرا.

المسألة 1242

إذا اعتقد المكلف بعد خروجه الى السفر أو عند رجوعه منه انه قد بلغ حد الترخص فصلى صلاته الحاضرة وفق ما يعتقده من قصر أو تمام، ثم ظهر له أنه صلاها قبل حد الترخص كانت صلاته باطلة و وجبت عليه إعادتها إذا كان في الوقت و قضاؤها إذا كان خارج الوقت، و الصور المحتملة في المسألة أربع.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 630

(الصورة الأولى): إذا اعتقد في ابتداء سفره انه بلغ حد الترخص فصلى الحاضرة قصرا، ثم علم أنه قد صلاها قبل حد الترخص، فتجب عليه إعادتها إذا كان في الوقت، فان كان عند الإعادة قد بلغ حد الترخص أعادها قصرا و ان لم يبلغ حد الترخص بعد أعادها تماما.

و إذا كان بعد خروج الوقت وجب عليه قضاؤها، فإن كان قد خرج وقتها قبل أن يصل الى حد الترخص قضاها تماما و ان كان بعد بلوغه حد الترخص قضاها قصرا، و إذا شك في ذلك جمع بين القصر و التمام على الأحوط.

(الصورة الثانية): إذا اعتقد في ابتداء سفره انه لم يبلغ حد الترخص فصلى الحاضرة تماما، ثم علم أنه صلاها بعد حد الترخص، فتجب عليه اعادتها قصرا إذا كان لا يزال مسافرا، و إذا كان قد وصل الى محل إقامته أو رجع الى وطنه و الوقت لا يزال باقيا أعادها تماما.

و إذا كان بعد خروج الوقت وجب عليه قضاؤها و كان الاعتبار بحال فوت الفريضة و هو آخر وقتها، فان كان فيه مسافرا قضاها قصرا، و ان كان فيه حاضرا قضاها تماما.

(الصورة الثالثة): إذا اعتقد و هو في رجوعه من السفر أنه قد بلغ حد الترخص فصلى الفريضة الحاضرة

تماما ثم علم أنه لم يبلغ حد الترخص، وجبت عليه إعادة الفريضة إذا كان في الوقت، فان كان مسافرا أعادها قصرا، و ان كان حاضرا أو مقيما أعادها تماما كما تقدم، و إذا كان بعد خروج الوقت اعتبر بحال فوتها و هو آخر الوقت، فان كان حين فوتها مسافرا قضاها قصرا، و ان كان حاضرا قضاها تماما.

(الصورة الرابعة): إذا اعتقد و هو في رجوعه من السفر انه لم يبلغ حد الترخص فصلى الحاضرة قصرا، ثم علم أنه قد بلغ الحد عند ما صلاها، وجب عليه أن يعيد الصلاة تماما إذا هو لم يسافر في الوقت بعد ذلك، و إذا كان بعد خروج الوقت اعتبر بحال الفوت كما تقدم.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 631

الفصل الثالث و الأربعون في قواطع السفر

اشارة

و هي ثلاثة أمور،

(الأول: الوطن)
المسألة 1243

لا ريب في أن مرور المسافر بوطنه قاطع لسفره، فيجب عليه أن يتم الصلاة فيه حتى ينشئ سفرا جديدا تجتمع فيه شرائط التقصير المتقدم ذكرها، بل عرفت ان بلوغ حد الترخص من وطنه موجب لانقطاع سفره و وجوب الإتمام عليه.

المسألة 1244

الوطن العرفي هو الموضع الذي يتخذه الإنسان مسكنا و مقرا له، و لا يشترط في صدق الوطن أن يقصد دوام الإقامة فيه، فالبلد أو القرية التي هي مسقط رأسه و كانت مسكن أبويه من قبله، إذا اتخذها مسكنا له، كانت وطنا له في نظر أهل العرف و ان لم يقصد دوام الاستيطان فيها.

نعم قد يتردد في صدق الوطن العرفي على الوطن الذي يستجده الإنسان إذا لم يقصد دوام الإقامة فيه، بل قصد البقاء فيه موقتا، و سواء صدق على الوطن الموقت أنه وطن عرفي أم لم يصدق، فان له حكم الوطن الدائم إذا خرج المقيم فيه عن اسم المسافر عرفا، فيجب فيه إتمام الصلاة و ان لم ينو إقامة عشرة أيام.

و لا يعتبر في الوطن العرفي أن يكون له فيه ملك، و لا أن يقيم فيه ستة أشهر، نعم لا يترك الاحتياط في الوطن المستجد بأن لا يكتفي بمجرد نية التوطن في ترتيب أحكام الوطن عليه، حتى يقيم فيه مدة يصدق معها انه وطنه. فإذا مر به في أول اتخاذه وطنا و لم ينو إقامة عشرة أيام، فالأحوط أن يجمع فيه بين القصر و التمام الى أن يقيم فيه المدة المذكورة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 632

المسألة 1245

يمكن أن يكون للرجل منزلان في بلدين أو قريتين، و يكون له في كل واحد منهما زوجة و أطفال مثلا، و ينوي الاستيطان الدائم في المنزلين جميعا، و يجزئ اقامته في السنة عليهما، فيكون كل واحد من البلدين وطنا عرفيا له، بل يمكن أن يكون له أكثر من وطنين عرفيين، و تترتب على كل واحد منها أحكام الوطن الواحد، فإذا مر به و هو مسافر، انقطع سفره و لم

يتصل ما قبله من المسافة بما بعده و وجب عليه إتمام الصلاة حتى ينشئ سفرا جديدا، و ان لم يكن له فيه ملك أو إقامة ستة أشهر.

المسألة 1246

إذا أعرض الإنسان عن وطنه، فالأقوى عدم جريان أحكام الوطن عليه بعد ذلك، و ان كان له فيه ملك و قد استوطنه ستة أشهر، فإذا مر به و هو مسافر لم ينقطع سفره و لم يجب عليه إتمام الصلاة فيه، و الأحوط استحبابا أن يجمع فيه بين القصر و التمام.

المسألة 1247

يكفي في صدق الوطن أن يقصد الإنسان التوطن في المكان و لو بالتبع لغيره و لا تناط التبعية في الوطن بالبلوغ و عدمه. بل يكفي القصد الارتكازي الموجود في نفس الولد: بأن وطنه هو وطن أبيه أو وطن أمه مثلا، فان هذا القصد يحقق له موضوع الوطن بالتبعية، سواء كان بالغا كبيرا أم صغيرا مميزا، فإذا أعرض عن تبعية أبيه و انفرد عنه لحقه حكم وطنه المستقل و ان لم يكن بالغا، و كذلك الحكم في الزوجة و المملوك و غيرهما من الأتباع.

المسألة 1248

إذا قصد التوطن الدائم في مكان، ثم حصل له التردد في الاستيطان فيه فلا يترك الاحتياط بالجمع فيه بين القصر و التمام حتى يتحقق الاعراض عنه، سواء كان وطنا أصليا أم مستجدا، و خصوصا إذا أقام فيه مدة يصدق معها أنه وطنه عرفا.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 633

المسألة 1249

يتحقق الوطن و تترتب عليه أحكامه و ان كان المنزل الذي يسكن فيه مغصوبا إذا قصد استيطانه و الإقامة فيه أبدا، و كذلك إذا حرمت السكنى فيه من جهة أخرى.

المسألة 1250

إذا قصد الإقامة في موضع مدة طويلة و لكنها محدودة، كما إذا عزم الإقامة في بلد سنين لطلب علم أو ابتغاء تجارة مثلا، بحيث تنتهي الإقامة فيه بانتهاء الغاية، فقد تقدم أنه قد يتردد في صدق الوطن العرفي عليه، و لكنه بحكم الوطن الدائم، فينقطع سفره إذا كان مسافرا و مر به، و يجب عليه فيه إتمام الصلاة و الصيام و ان كان عازما على الخروج منه قبل أن تتم له عشرة أيام، أو كان مترددا في إقامتها، و إذا سافر منه الى وطنه أو الى موضع يقيم فيه عشرة أيام و كان الطريق بين البلدين لا يبلغ ثمانية فراسخ امتدادية وجب عليه التمام في سفره الى أن يعود، الى ما سوى ذلك من أحكام الوطن.

المسألة 1251

إذا كان للإنسان محل عمل في ما دون المسافة من وطنه، و هو يخرج إليه في كل يوم ليعمل فيه ثم يعود الى بلده، فان محل عمله هذا لا يعد وطنا له، و ان دأب على العمل فيه مدة طويلة، و لكنه لا يعد مسافرا إذا كان فيه، فإذا خرج من بيته صباحا الى محل عمله ليعمل فيه يومه، ثم ليسافر مساء الى بلد آخر يبلغ المسافة، فعليه إتمام الصلاة في محل العمل، فإذا سافر من محل عمله لزمه التقصير، و إذا رجع من سفره فوصل الى محل عمله انقطع سفره فيجب عليه إتمام الصلاة فيه، و ان لم يصل بعد الى وطنه، و إذا خرج من وطنه بقصد السفر و لم يمر بمحل عمله و لكنه مر بالقرية أو الموضع الذي هو فيه لأنه منزل من منازل سفره، فالأحوط له إذا أراد الصلاة فيه أن يجمع بين القصر

و التمام، و كذلك في الرجوع، و إذا كان المقصد الذي سافر اليه يبلغ المسافة من

كلمة التقوى، ج 1، ص: 634

وطنه و لا يبلغ المسافة من محل عمله جمع فيه بين القصر و التمام في الصورة الثانية.

[الثاني: قصد إقامة عشرة أيام متوالية]
المسألة 1252

(الثاني من قواطع السفر): قصد إقامة عشرة أيام متوالية في مكان واحد، و بحكمه العلم بأنه سيبقى فيه عشرة أيام متوالية، و ان كان غير مختار في ذلك كالمسجون و المجبر على الإقامة و نحوهما، و لا يكفي الظن بأنه يبقى العشرة، فلا ينقطع سفره بذلك بل يجب عليه التقصير.

و مبدأ اليوم هو طلوع الفجر الثاني، و نهايته هو غروب الشمس، فإذا نوى اقامة العشرة عند طلوع الفجر من اليوم كانت نهاية اقامته غروب الشمس من اليوم العاشر و لم تدخل الليلة السابقة و لا اللاحقة إلا بالتبع، و دخلت الليالي التسع المتوسطة.

المسألة 1253

إذا نوى الإقامة بعد مضى ساعة أو ساعات من النهار كانت نهاية العشرة مثل تلك الساعة من اليوم الحادي عشر، فإذا نوى الإقامة عند الزوال فنهاية العشرة هو زوال اليوم الحادي عشر، و إذا نواها عند طلوع الشمس فنهاية العشرة طلوع الشمس من اليوم الحادي عشر.

و إذا نوى الإقامة في أول الليل أو في أثنائه كان أول اقامته طلوع الفجر، و نهايتها غروب الشمس من اليوم العاشر كما تقدم، و كانت الساعات التي تسبقها من الليلة الأولى تابعة للإقامة في الحكم و ليست منها.

المسألة 1254

يشترط في الإقامة أن تكون في موضع واحد، فإذا نوى اقامة العشرة في موضعين أو أكثر، أو في رستاق يتنقل بين قراه، لم تترتب على ما نواه أحكام الإقامة فلا ينقطع سفره، و لا يجوز له إتمام الصلاة، و إذا أقام في بلد واحد كفاه ذلك في ترتيب أحكام الإقامة، و ان انقسم البلد الى جانبين بشط فاصل بينهما و نحوه، كما في بعض بلدان العراق.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 635

و إذا اتسع البلد اتساعا كبيرا بحيث يعد الخروج من محلة منه الى محلة أخرى ارتحالا ينافي وحدة موضع الإقامة، أو كانت المحلات فيه منفصلة بعضها عن بعض، فلا بد من تعيين المحلة التي يقصد الإقامة فيها.

المسألة 1255

يجوز للمقيم أن يخرج في أثناء إقامته إلى توابع البلد الذي أقام فيه من بساتين و مزارع و مياه، مما لا ينافي صدق الإقامة في البلد عرفا، نعم الأحوط لزوما أن لا يخرج عن حد الترخص، و ان كانت مدة خروجه قصيرة و كان من نيته العود عن قريب، و هذا إذا كان عزمه على الخروج عن حد الترخص منذ ابتداء نيته الإقامة فعليه أن يجمع بين القصر و التمام في مدة إقامته و في أيام خروجه.

و أما إذا طرأ له قصد الخروج بعد أن نوى الإقامة و صلى صلاة فريضة رباعية بتمام، أو بعد أن أتم إقامة العشرة في الموضع فالظاهر عدم إخلال ذلك بحكم الإقامة و يأتي تفصيل ذلك في المسألة الألف و المائتين و الثانية و السبعين و ما بعدها فليرجع إليهما.

المسألة 1256

يجوز للمسافر أن ينوي الإقامة في برية قفراء، و إذا نوى الإقامة فلا بد و ان يقتصر منها على ما يصدق معه وحدة محل الإقامة عرفا، و لا يجوز له الخروج عن حد الترخص من ذلك كما في البلدان و القرى.

المسألة 1257

نية الإقامة هي العزم بالفعل على بقاء العشرة في الموضع المعين، و لا يكفي أن يعلق اقامته على حدوث أمر محتمل يظن حصوله أو يشك فيه، فان ذلك ينافي العزم على البقاء بالفعل، و يكفي أن يعزم على البقاء بالفعل و ان كان يحتمل أن يعرض له ما يمنعه من الإقامة إذا كان الاحتمال موهوما لا يعتنى به عند العقلاء.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 636

المسألة 1258

إذا علم المكره أو المجبور على إقامة العشرة بأنه سيبقى العشرة في المكان المعين، وجب عليه أن يتم الصلاة فيه، و ان كان عازما على عدم الإقامة إذا ارتفع عنه القسر.

المسألة 1259

إذا قصد الإقامة في المكان إلى مجي ء زيد من السفر أو الى انقضاء حاجته لم ينقطع سفره بذلك، و وجب عليه القصر في الصلاة، و كذلك إذا نوى الإقامة إلى آخر الشهر و كان في اليوم الحادي و العشرين منه، فاقامته تبلغ العشرة إذا كان الشهر تاما، و تنقص عنها إذا كان الشهر ناقصا، فيجب عليه القصر في الصلاة، و ان بلغت اقامته العشرة بعد ذلك، و هكذا في كل مورد يكون نفس الزمان الذي قصد اقامته مرددا فعليه القصر.

و إذا قصد الإقامة إلى الجمعة الثانية، و هو يبلغ العشرة تامة، و لكنه كان يجهل ذلك لتردده في أول اقامته هل هو فجر يوم الخميس أو فجر يوم الأربعاء، صحت إقامته، فإذا تذكر بعد ذلك أنها عشرة تامة وجب عليه أن يتم صلاته في ما بقي من المدة، و يجب عليه أن يقضي ما صلاة قصرا في حال جهله، و هكذا في كل مثال يكون زمان الإقامة الذي قصده محدودا بحد معلوم، و لا تردد فيه، و انما حصل التردد من المكلف لأمور خارجة من جهل و نحوه.

المسألة 1260

إذا قصدت الزوجة الإقامة في المكان بمقدار ما قصده زوجها، فان كانت لا تعلم المدة التي قصدها الزوج، لم ينقطع سفرها و وجب عليها القصر في الصلاة، و كذلك إذا كان الزمان الذي قصده الزوج مرددا، كما إذا نوى الإقامة إلى انتهاء علاجه من المرض، أو الى ورود المسافرين، أو الى آخر الشهر، فاقامته تبلغ العشرة إذا كان الشهر تاما و تنقص عنها إذا كان الشهر ناقصا، فيجب على الزوجة قصر الصلاة في جميع ذلك، و إذا كان الزمان الذي قصده الزوج محدودا بحد معلوم و انما

كلمة التقوى، ج 1، ص: 637

ترددت الزوجة في المقدار لجهلها بأن أول الإقامة هو اليوم السابق أم اللاحق، فيجب عليها إتمام الصلاة إذا علمت بعد ذلك بأنه يبلغ العشرة، و يجب عليها قضاء ما صلته قصرا قبل ذلك كما تقدم في المسألة السابقة، و كذلك إذا نوى الإنسان الإقامة بمقدار ما قصده رفقاؤه في السفر.

المسألة 1261

إذا نوى المسافر إقامة عشرة أيام في موضع، ثم عدل عن نيته، فان كان عدوله عن الإقامة بعد أن صلى في ذلك المكان صلاة فريضة رباعية بتمام، فحكمه أن يتم الصلاة في ذلك الموضع حتى يخرج منه مسافرا، و ان كان عدوله قبل أن يصلي شيئا من الفرائض، أو بعد أن صلى فريضة لا قصر فيها، كالصبح و المغرب، أو شرع في الفريضة الرباعية و لكنه لم يتمها، أو صلى نافلة تسقط في السفر، أو صام صوما واجبا و ان كان عدوله عن الإقامة بعد الزوال، فحكمه هو وجوب التقصير في جميع هذه الفروض.

المسألة 1262

إذا نوى اقامة العشرة، و أتى بعد ذلك بصلاة رباعية تامة ناسيا لكونه مسافرا أو مقيما، أو كان في أحد مواضع التخيير، فأتم صلاته لذلك ناسيا للإقامة، ثم عدل عن اقامته فلا يترك الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام حتى يخرج من ذلك الموضع مسافرا.

المسألة 1263

إذا نوى اقامة العشرة و أتى بصلاة رباعية بتمام ثم عدل عن اقامته، و تبين له بعد ذلك بطلان صلاته الرباعية، كان حكمه التقصير الا أن يقصد الإقامة من جديد.

المسألة 1264

إذا نوى اقامة العشرة، و فاتته صلاة رباعية بعد نية الإقامة، ثم عدل عن الإقامة بعد ذلك، فان كان عدوله بعد قضاء تلك الصلاة الفائتة وجب عليه أن يتم الصلاة في محل اقامته حتى يخرج منه مسافرا، و إذا كان عدوله قبل أن يقضى تلك الصلاة و قبل أن يأتي بصلاة رباعية

كلمة التقوى، ج 1، ص: 638

تامة أخرى ارتفع حكم الإقامة و وجب عليه التقصير، و كذلك إذا كانت الصلاة الفائتة مما لا تقضى كما إذا فاتت لحيض أو نفاس.

المسألة 1265

إذا نوى اقامة العشرة ثم تردد فيها، جرى فيه حكم العدول بالنية، فإذا كان تردده بعد أن صلى صلاة رباعية بتمام كان حكمه التمام في ذلك الموضع حتى يسافر منه، و إذا كان قبل ذلك كان حكمه التقصير.

المسألة 1266

تصح نية الإقامة من غير المكلف و تترتب على إقامته أحكامها، فإذا كان الصبي الذي يصح منه القصد مسافرا، و نوى اقامة العشرة في موضع، ثم بلغ في أثناء العشرة وجب عليه أن يتم الصلاة في بقية أيام الإقامة، و كذلك إذا بلغ بعد العشرة و قبل سفره من محل الإقامة، و إذا أتى بالصلاة قبل بلوغه صلاها تماما.

و كذلك المجنون إذا نوى الإقامة و كان ممن يتأتى منه القصد، أو نوى الإقامة في حال إفاقته ثم جن، فإذا أفاق من جنونه في أثناء العشرة وجب عليه أن يصلي تماما و كذلك إذا أفاق بعد العشرة و قبل ان يسافر من محل اقامته.

و كذلك المرأة إذا نوت الإقامة و هي حائض و طهرت في أثناء الإقامة أو بعدها و قبل السفر، فيجب عليها أن تتم الصلاة في موضع الإقامة، و كذلك الحكم في جواز الصيام أو وجوبه على المذكورين.

المسألة 1267

إذا انقضت مدة الإقامة و المكلف لا يزال في موضع الإقامة فهو على حكم التمام الى أن يسافر منه، و لا يحتاج إلى إقامة جديدة، و كذلك إذا نوى الإقامة و صلى فريضة رباعية بتمام، فان حكمه إتمام الصلاة في ذلك الموضع حتى يسافر منه و ان عدل عن إقامته أو انقضت مدتها، كما ذكرناه قريبا.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 639

المسألة 1268

إذا شرع المسافر في الصلاة بنية القصر، ثم قصد الإقامة و هو في أثنائها وجب عليه أن يعدل بصلاته الى التمام و يكملها أربعا. و إذا عزم الإقامة فشرع في الصلاة بنية التمام ثم عدل و هو في أثنائها عن الإقامة، فإن كان في الركعتين الأولتين منها وجب عليه أن يتمها قصرا، و كذلك إذا كان في الركعة الثالثة قبل الركوع منها، فعليه أن يجلس من قيامه و يسلم و يسجد للسهو للقيام الزائد إذا تلبس معه بقراءة أو تسبيح، و إذا كان بعد الدخول في ركوع الثالثة بطلت صلاته فعليه أن يعيدها قصرا.

المسألة 1269

إذا قصد المسافر إقامة العشرة، و فاتته بعد نية الإقامة صلاة واحدة، أو صلوات متعددة لعذر أو لغير عذر، ثم عدل عن قصد الإقامة قبل أن يقضي الصلوات الفائتة و قبل أن يصلي فريضة واحدة تامة انقطعت اقامته حين العدول فعليه التقصير في صلواته الحاضرة و الآتية و أما الصلوات الفائتة فيجب عليه أن يقضيها تماما.

المسألة 1270

إذا قصد الإقامة و نوى صوم ذلك اليوم، ثم عدل عن الإقامة بعد الزوال و قبل أن يصلي فريضة رباعية تامة بقي على صومه و أجزأه و وجب عليه القصر في الصلاة و لا يصح له صوم غير ذلك اليوم.

المسألة 1271

إذا نوى المسافر إقامة عشرة أيام انقطع سفره و ثبتت له جميع أحكام الحاضر فيجب عليه إتمام الصلاة، و يصح منه الصوم، و يجب عليه إذا كان واجبا، و تستحب له النوافل التي تسقط حال السفر، و يجب عليه حضور صلاة الجمعة عند اجتماع شرائطها.

المسألة 1272

إذا نوى المسافر إقامة عشرة أيام في موضع حتى أتمها، أو نوى

كلمة التقوى، ج 1، ص: 640

اقامة العشرة و صلى بعد نية الإقامة صلاة رباعية تامة، ثم بدا له أن يخرج من موضع إقامته الى ما دون المسافة، فها هنا صور تلزم مراعاتها لتطبيق أحكامها.

(الصورة الأولى): أن يخرج من موضع إقامته الى ما دون المسافة، و هو يعزم الرجوع الى محل إقامته ليستأنف فيه اقامة عشرة أيام أخرى، و حكمه في هذه الصورة إتمام الصلاة في ذهابه و رجوعه و في مقصده و في محل اقامته، و كذلك الحكم إذا عزم على إقامة العشرة في موضع آخر ليس بينه و بين محل إقامته الأولى مسافة.

(الصورة الثانية): ان يخرج الى ما دون المسافة و هو يعزم الرجوع الى محل اقامته ليمكث فيه يوما أو أكثر ثم ينشئ السفر منه بعد ذلك، و حكمه في هذه الصورة إتمام الصلاة كذلك في خروجه و رجوعه و في مقصده و محل اقامته حتى ينشئ السفر.

و كذلك الحكم إذا كان عازما على العود الى محل اقامته و كان مترددا في أن يستأنف فيه اقامة جديدة أم لا، أو كان غافلا عن ذلك، فعليه إتمام الصلاة حتى ينشئ السفر، و هذه هي الصورة الثالثة.

(الصورة الرابعة): أن يخرج من محل إقامته الى ما دون المسافة و هو معرض عن الإقامة فيه، و لكنه يمر به في

رجوعه من مقصده الى وطنه، لأنه منزل من منازل سفره، و حكمه في هذه الصورة هو وجوب القصر، إذا كان الرجوع يبلغ مسافة كما هو المفروض.

(الصورة الخامسة): أن يخرج الى ما دون المسافة و هو عازم على عدم الرجوع الى محل اقامته و على عدم الإقامة في موضع آخر هو دون المسافة، و حكمه هو وجوب القصر إذا كان طريقه الى المقصد ثم الى بدله يبلغ مسافة تامة امتدادية أو ملفقة.

(الصورة السادسة): أن يخرج من محل إقامته الى ما دون المسافة و هو متردد في العود الى محل اقامته و عدم العود اليه أو هو غافل عن ذلك، فان كان تردده في العود الى محل الإقامة أو غفلته عنه أوجب له

كلمة التقوى، ج 1، ص: 641

ترددا في السفر أو غفلة عنه، كان حكمه هو إتمام الصلاة حتى يعزم على السفر.

و ان لم يوجب له ترددا في السفر، كما إذا تردد بين أن يعود من مقصده الى محل اقامته و أن لا يعود اليه بل يسافر من مقصده الى وطنه، و لكنه على فرض رجوعه الى محل إقامته فإنما يمر به على أنه منزل من منازل سفره كما تقدم في الصورة الرابعة، و معنى ذلك انه في خروجه عازم على السفر على أى حال و حكمه القصر في الصلاة.

المسألة 1273

كل ما تقدم بيانه من الصور في خروج المقيم الى ما دون المسافة انما هو في ما إذا بدا له ذلك بعد أن يتم إقامة العشرة كلها أو بعد أن يصلي فريضة رباعية تامة بعد نية الإقامة، و أما إذا قصد الخروج عن حدود الترخص في حال نية الإقامة، فقد تقدم الاشكال فيه، سواء كانت المدة

التي قصد الخروج فيها قليلة أم لا، و سواء قصد المبيت في غير محل الإقامة أم لا، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين القصر و الإتمام في جميع الصور، و هو مع المبيت أشد إشكالا و الزم احتياطا، الا أن ينشئ سفرا أو ينوي إقامة ليس معها قصد الخروج.

المسألة 1274

إذا خرج المقيم من محل اقامته و قصد قطع مسافة تامة امتدادية أو ملفقة بإحدى صور التلفيق، وجب عليه التقصير في ذهابه و في مقصده و في رجوعه و في محل إقامته الذي سافر منه الا إذا نوى فيه اقامة جديدة، و إذا صلى في خروجه قبل حد الترخص فالأحوط له الجمع كما تقدم.

و إذا خرج بقصد السفر ثم بدا له فرجع عن سفره الى محل اقامته قبل أن يبلغ المسافة حتى ملفقة فإن نوى فيه اقامة جديدة كان عليه الإتمام فيه و ليس عليه أن يقضي ما صلاة قصرا حال خروجه، و ان كان في رجوعه عازما على السفر الى وطنه و كان مروره بمحل اقامته لأنه منزل

كلمة التقوى، ج 1، ص: 642

من منازل سفره، فعليه القصر، و ان كان غير عازم على السفر احتاط بالجمع بين القصر و التمام الى أن يسافر من محل إقامته.

المسألة 1275

نية إقامة العشرة في موضع موجبة لقطع السفر و ترتيب أحكام الحاضر كما تقدم و ان كانت الإقامة لغاية محرمة كقتل نفس محترمة أو سرقة مال أو كانت سببا لعقوق أبيه أو غير ذلك من موجبات التحريم فيها.

المسألة 1276

لا يجب على المسافر أن ينوي الإقامة لصوم شهر رمضان إذا اتفق في أيام سفره، و لا لغيره من الصوم الواجب المعين كقضاء شهر رمضان عند تضيق وقته، و كالمنذور المعين، نعم إذا نوى الإقامة باختياره وجب عليه الإتيان بالصوم المعين و جاز له الصوم غير المعين و الصوم المندوب.

و تجب الإقامة للصوم المعين الذي وجب عليه بالإجارة، كما إذا استأجره أحد لصوم الأيام البيض من شهر رجب مثلا أو شهر شعبان فاتفق ذلك في أيام سفره، فعليه أن ينوي الإقامة ليصوم تلك الأيام الواجبة.

المسألة 1277

إذا صلى المقيم فريضة رباعية تامة، ثم عدل عن اقامته بعد التسليم الأول الواجب في الصلاة و قبل التسليم الأخير المستحب فيها لزمه حكم الإتمام.

و كذلك إذا وجب عليه سجود السهو في الصلاة، فعدل عن الإقامة قبل الإتيان به فعليه الإتمام و إذا شك في صلاته فوجبت عليه صلاة الاحتياط للشك، و عدل عن اقامته في أثناء صلاة الاحتياط أو قبلها وجب عليه القصر، و إذا عدل عن الإقامة قبل الإتيان بالأجزاء المنسية منها فلا يترك الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام في محل الإقامة حتى يسافر.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 643

المسألة 1278

إذا عدل المقيم عن نية الإقامة و شك هل كان عدوله بعد أن صلى فريضة رباعية تامة ليلزمه الإتمام أم لا، بنى على عدم ذلك و وجب عليه القصر في الصلاة.

[الثالث: البقاء في موضع واحد ثلاثين يوما]
المسألة 1279

(الثالث من قواطع السفر): أن يبقى المسافر في موضع واحد ثلاثين يوما من غير عزم على إقامة عشرة أيام فيه، سواء كان في هذه المدة مترددا بين البقاء في الموضع و السفر منه، أم كان عازما على بقاء ما دون العشرة، فإذا انتهى ذلك عزم على بقاء مدة أخرى دون العشرة أيضا، و هكذا حتى أتم الثلاثين، أم كان عازما على البقاء حتى تنقضي حاجته و هو لا يدري كم يحتاج من المدة، ثم لا تنقضي الحاجة حتى أتم الثلاثين.

و حكمه هو وجوب قصر الصلاة كل هذه المدة، فإذا كمل له ثلاثون يوما، وجب عليه أن يتم الصلاة في ما زاد على ذلك ما دام في ذلك المكان، سواء بقي فيه قليلا أم كثيرا، بل و ان عزم على السفر بعد صلاة واحدة.

المسألة 1280

لا يكفي الشهر الهلالي إذا كان ناقصا في ترتب الحكم المذكور، فإذا صادف أول تردد المسافر في المكان هلال الشهر، فلا بد من إكماله ثلاثين يوما، و الأحوط استحبابا في اليوم المكمل للثلاثين في هذه الصورة أن يجمع فيه بين القصر و التمام.

المسألة 1281

يكفي التلفيق هنا في اليوم كما في نية الإقامة، فإذا كان أول تردده في أثناء اليوم أكمله من اليوم الحادي و الثلاثين بمقدار ما نقص من ساعاته، فإذا كان أول المدة هو الزوال من اليوم الأول كانت النهاية عند الزوال من اليوم الحادي و الثلاثين.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 644

المسألة 1282

يشترط في ترتب الحكم أن يكون بقاؤه في مكان واحد حتى يتم الثلاثين فلا يكفي أن يبقى الثلاثين في مكانين أو أكثر، و لا يكفي أن يتردد في البقاء، و عدمه و هو مشتغل بالسير فيجب عليه قصر الصلاة في كلتا الصورتين، و لا فرق بين أن يكون موضع بقائه في المدة المذكورة بلدا أو قرية أو مفازة أو مزرعة.

المسألة 1283

يشكل الحكم إذا خرج عن محل بقائه الى ما دون المسافة و ان كان خروجه بقصد العود اليه بعد مدة قليلة كما سبق نظيره في نية الإقامة، فلا يخرج عنه في أثناء المدة، و لا يترك الاحتياط إذا هو خرج.

المسألة 1284

إذا تمت للمسافر ثلاثون يوما في موضع واحد على النهج المتقدم ذكره وجب عليه أن يتم الصلاة في ذلك الموضع، و لكن يشكل الحكم بانقطاع سفره بذلك، فإذا كان الباقي من طريقه لا يبلغ مسافة تامة، فالأحوط له بعد خروجه من ذلك الموضع ان يجمع بين القصر و التمام.

و كذلك إذا خرج بعد الثلاثين الى ما دون المسافة مع قصد العود الى موضع تردده، فلا يترك الاحتياط بالجمع.

المسألة 1285

إذا بقي المسافر في موضع أقل من ثلاثين يوما و هو لا ينوي الإقامة في الموضع فحكمه القصر فإذا انتقل الى مكان آخر و تردد فيه كذلك فحكمه القصر، و هكذا و ان كثرت الأماكن و تعددت مدة البقاء، حتى ينوي إقامة العشرة أو يكمل ثلاثين يوما في موضع واحد.

المسألة 1286

إذا خرج من موضع تردده بعد أن وجب عليه الإتمام فيه، و قصد المسافة وجب عليه القصر، و إذا أراد الصلاة في خروجه قبل أن يبلغ حد الترخص فالأحوط له أن يجمع بين القصر و التمام، و قد تقدم ذكر ذلك في الشرط الثامن من شرائط صلاة المسافر.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 645

الفصل الرابع و الأربعون في أحكام صلاة المسافر
المسألة 1287

إذا اجتمعت الشروط التي تقدم ذكرها في الفصل الثاني و الأربعين وجب على المسافر قصر الصلاة.

و القصر هو إسقاط الركعتين الأخيرتين من صلاة الظهر و العصر و العشاء، فلا يجوز له إتمامها، إلا إذا كان في أحد مواضع التخيير الأربعة، و سيأتي ذكرها، و لا قصر في الصلاة الثنائية و لا في الثلاثية.

و يسقط عن المسافر استحباب نافلة كل من الظهر و العصر، فلا يجوز له الإتيان بها، و لا يسقط استحباب نافلة العشاء و هي صلاة الوتيرة، و الأحوط أن يأتي المسافر بها برجاء المطلوبية.

و لا يسقط عنه استحباب نافلتي المغرب و الصبح و لا نافلة الليل و يجوز له أن يأتي بغير ذلك من النوافل و الصلوات المستحبة.

و لا يجوز للمسافر الصوم الواجب من غير فرق بين صوم شهر رمضان و قضائه و صوم الكفارة و غيرها من أفراد الصوم الواجب، بل و لا المستحب، إلا في مواضع يأتي بيانها ان شاء اللّه تعالى في مواضعها.

المسألة 1288

يشكل استحباب الإتيان بنافلة الظهرين في السفر إذا دخل عليه الوقت و هو حاضر و لم يصل الفريضتين حتى سافر و صلاهما قصرا، فالأحوط ترك النافلة، و كذلك إذا دخل عليه الوقت و هو مسافر و لم يصل الظهر و العصر حتى دخل وطنه أو موضع اقامته فصلاهما تماما، و مثله ما إذا أخر فريضة العصر وحدها حتى دخل المنزل، فالأحوط ترك النافلة في جميع هذه الفروض.

المسألة 1289

إذا تحققت شرائط وجوب القصر و صلى المسافر تماما و كان عالما

كلمة التقوى، ج 1، ص: 646

بأنه مسافر و بأن حكم المسافر هو قصر الصلاة، كانت صلاته باطلة، فتجب عليه إعادتها إذا كان في الوقت و يجب عليه قضاؤها إذا كان بعد الوقت، إلا إذا كان في أحد المواضع الأربعة التي يتخير فيها بين القصر و التمام فتصح صلاته.

المسألة 1290

إذا صلى المسافر تماما في موضع يجب فيه القصر و كان جاهلا بأن حكم المسافر هو وجوب التقصير كانت صلاته صحيحة، سواء كان عالما بأنه مسافر أم جاهلا بذلك أم ناسيا للسفر أم مترددا فيه، فلا اعادة عليه و لا قضاء.

و يختص الحكم المذكور بما إذا كان جاهلا بأصل الحكم و هو وجوب التقصير على المسافر، فلا يعم من أتم جاهلا ببعض الخصوصيات و سيأتي التنبيه عليه في المسألة الآتية.

المسألة 1291

إذا أتم المسافر صلاته في موضع يجب عليه فيه التقصير و كان يعلم بأصل الحكم و لكنه يجهل بعض الخصوصيات كانت صلاته باطلة.

و من أمثلة ذلك أن يتم صلاته لأنه يجهل أن المسافة الملفقة من الذهاب و الإياب حكمها حكم المسافة الممتدة في وجوب التقصير، و من أمثلة ذلك أن يتم صلاته لأنه يجهل أن العاصي بسفره يجب عليه التقصير في رجوعه إذا لم يكن متلبسا بالمعصية، أو أن العاصي بسفره يجب عليه القصر إذا عدل عن المعصية فقصد الطاعة، و من أمثلة ذلك أن يتم صلاته في منزل أخيه أو قريبه لأنه يعتقد انه بحكم وطنه، الى غير ذلك من الخصوصيات، فتجب عليه إعادة الصلاة إذا كان في الوقت و يجب عليه قضاؤها إذا كان بعد الوقت.

المسألة 1292

إذا أتم المسافر صلاته في موضع التقصير و كان يعلم حكم السفر و لكنه يجهل بأنه مسافر كانت صلاته باطلة، و مثال ذلك ما إذا اعتقد

كلمة التقوى، ج 1، ص: 647

أن الموضع الذي قصده لا يبلغ المسافة فصلى تماما ثم ظهر له انه مسافة تامة، فتجب عليه إعادة الصلاة و إذا كان بعد الوقت وجب عليه قضاؤها.

المسألة 1293

إذا نسي المكلف انه مسافر أو نسي أن حكمه في السفر وجوب التقصير فأتم صلاته، فان تذكر ذلك و الوقت لا يزال باقيا وجبت عليه إعادة الصلاة فإن هو لم يعدها في الوقت بعد التذكر وجب عليه قضاؤها بعد الوقت، و ان هو لم يتذكر ذلك حتى خرج الوقت لم يجب عليه قضاء الصلاة.

المسألة 1294

إذا كان المكلف عالما بأنه مسافر و بأن حكمه في السفر وجوب التقصير، و كان غير ناس لهما، و لكنه غفل حين الإتيان بالصلاة فأتى بأربع ركعات بدلا عن الركعتين، وجبت عليه إعادة الصلاة إذا كان في الوقت و قضاؤها إذا كان بعد الوقت.

المسألة 1295

إذا صام المسافر في موضع يجب فيه الإفطار جرت فيه الاحكام المتقدم ذكرها في إتمام الصلاة، فإن كان عالما عامدا بطل صومه، و ان كان جاهلا بان حكم المسافر هو وجوب الإفطار صح صومه و لم يجب عليه القضاء، و إذا كان عالما بأصل الحكم و جاهلا ببعض الخصوصيات وجب عليه قضاء الصوم و كذلك إذا كان جاهلا بأنه مسافر.

و إذا كان ناسيا لحكم الصوم في السفر أو ناسيا لكونه مسافرا أو غافلا وجب عليه قضاء الصوم.

المسألة 1296

إذا كان المسافر ممن يجب عليه إتمام الصلاة فصلاها قصرا كانت باطلة في جميع الصور و وجبت عليه إعادتها إذا كان في الوقت و قضاؤها إذا كان بعد الوقت.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 648

و تستثنى من ذلك صورة واحدة، و هي ما إذا نوى المسافر إقامة العشرة في موضع و كان يجهل بأن حكم المسافر إذا نوى الإقامة هو وجوب الإتمام فأتى بصلاته قصرا، فان صلاته تقع صحيحة و لا تجب عليه اعادتها و لا قضاؤها.

و إذا كان عالما بالحكم و لكنه نسي اقامته فقصر، بطلت صلاته و كان عليه الإعادة أو القضاء.

المسألة 1297

إذا لم يؤد المسافر الصلاة في الوقت لا قصرا و لا تماما، و كان ممن يجهل أصل الحكم وجب عليه أن يأتي بقضائها قصرا بعد العلم بالحكم، و لكنه إذا قضاها تماما قبل أن يعلم بالحكم أجزأه ذلك على الأقوى.

و إذا كان ناسيا للسفر أو لحكم السفر و لم يؤد الصلاة في الوقت لا قصرا و لا تماما وجب عليه كذلك أن يأتي بقضائها قصرا، و إذا قضاها تماما قبل أن يتذكر لم يجزه ذلك على الأصح.

المسألة 1298

إذا نسي المكلف كونه مسافرا أو نسي أن حكمه في السفر هو التقصير، فشرع في الصلاة بنية التمام ثم تذكر و هو في أثناء الصلاة، فإن كان قبل الدخول في ركوع الركعة الثالثة وجب عليه أن يكمل صلاته قصرا و أجزأه ذلك، و ان تذكر ذلك بعد دخوله في ركوع الثالثة بطلت صلاته و وجبت عليه إعادتها إذا اتسع الوقت و لو لإدراك ركعة من الصلاة قبل خروج الوقت.

و كذلك الحكم إذا تذكر بعد أن أتم صلاته تماما و قد بقي من الوقت مقدار ركعة فتجب عليه الإعادة و إذا ضاق الوقت عن مقدار ركعة من الصلاة لزمه أن يقضيها قصرا على الأحوط في الصورتين.

المسألة 1299

إذا جهل الإنسان أن مقصده يبلغ المسافة فشرع في الصلاة بنية التمام ثم علم بوجود المسافة و هو في أثناء الصلاة جرى فيه التفصيل

كلمة التقوى، ج 1، ص: 649

المتقدم ذكره، فان كان قبل ركوع الثالثة وجب عليه أن يتم صلاته قصرا، و ان كان بعد الدخول في ركوع الثالثة بطلت صلاته و كذلك إذا كان جاهلا ببعض الخصوصيات فنوى التمام ثم علم بوجوب القصر و هو في أثناء الصلاة، فيأتي فيه التفصيل المذكور.

المسألة 1300

إذا كان المكلف ممن يجب عليه إتمام الصلاة و شرع فيها بنية القصر، ثم علم بالحكم أو تذكره و هو في أثناء الصلاة وجب عليه أن يتم صلاته و أجزأته على الأقوى. فإذا كان ناويا للإقامة مثلا و نوى القصر جاهلا أو ناسيا، ثم تذكر ذلك و هو في أثناء صلاته فعليه إتمام الصلاة، و كذلك من كان مترددا في الإقامة و مضت عليه ثلاثون يوما، فيجب عليه إتمام الصلاة إذا تحقق له الغرض المذكور.

المسألة 1301

إذا قام المكلف إلى الصلاة و وقتها لا يزال باقيا، يجب عليه أن يصليها قصرا إذا كان مسافرا بالفعل و ان كان في أول الوقت حاضرا و يجب عليه أن يصليها تماما إذا كان حاضرا بالفعل، و ان كان في أول الوقت مسافرا، و كذلك إذا سافر بعد دخول الوقت ثم حضر، أو حضر في أثنائه ثم سافر، أو تكرر منه السفر و الحضر في الوقت، و المدار في الجميع هو حال تأدية الصلاة فإن كان فيه مسافرا قصر، و ان كان حاضرا أتم.

المسألة 1302

كل صلاة رباعية تفوت الإنسان و هو مسافر يجب عليه أن يقضيها مقصورة و ان كان حين قضائها حاضرا أو مقيما، و كل صلاة تفوته و هو حاضر أو مقيم يجب عليه أن يقضيها تامة و ان كان حين قضائها مسافرا، و قد تقدم بيان ذلك في فصل قضاء الصلاة.

المسألة 1303

إذا كان الإنسان حاضرا ثم سافر في أثناء الوقت أو كان مسافرا ثم حضر فيه و لم يؤد الصلاة حتى خرج الوقت، وجب عليه أن يقضي تلك

كلمة التقوى، ج 1، ص: 650

الصلاة كما فاتت في آخر الوقت، فان كان فيه مسافرا قضاها قصرا، و ان كان فيه حاضرا أو مقيما قضاها تماما، و كذلك الحكم إذا تكرر منه السفر و الحضر في الوقت، و فاتته الصلاة فيجب عليه أن يقضيها كما فاتت في آخر الوقت.

المسألة 1304

يتخير المسافر إذا كان في أحد الأماكن الأربعة الآتي ذكرها بين أن يؤدي الصلاة الرباعية الحاضرة قصرا أو تماما، و التمام أفضل.

و المواضع الأربعة هي المسجد الحرام في مكة، و مسجد الرسول (ص) في المدينة، و مسجد الكوفة، و حرم الامام الحسين (ع) في كربلاء.

و التخيير في هذه المواضع استمراري، فإذا شرع في الفريضة بنية القصر، يجوز له العدول بها الى التمام، و إذا شرع فيها بنية التمام جاز له العدول الى القصر ما لم يتجاوز محل العدول و لا فرق في الحكم المذكور بين أن يكون المصلي في الصحن من المساجد الثلاثة أو في السطوح أو في المواضع المنخفضة منها كبيت الطشت في مسجد الكوفة.

المسألة 1305

الأقوى إلحاق مكة و المدينة جميعهما بالمسجدين في الحكم، فيتخير المسافر في صلاته بين القصر و التمام و ان كان في غير المسجدين الأعظمين من البلدين، و لا يلحق بلد الكوفة بمسجدها الأعظم في الحكم، و لا بلد كربلاء بالحائر المطهر، و لا يلحق سائر المساجد و المشاهد الشريفة بالمواضع الأربعة.

المسألة 1306

القدر المتيقن في موضع التخيير من حرم الحسين (ع) هو ما صدق معه أنه صلى عند قبر الحسين (ع).

المسألة 1307

يختص الحكم المذكور بالصلاة الحاضرة فلا يعم الصلاة الفائتة المقصورة التي يقضيها المسافر في المواضع الأربعة، فيتعين عليه أن

كلمة التقوى، ج 1، ص: 651

يقضيها قصرا كما فاتت، و ان فاتته في المواضع الأربعة نفسها و أراد قضاءها فيها على الأحوط، سواء خرج من المواضع ثم عاد إليها أم لم يخرج.

المسألة 1308

لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير في المواضع المذكورة، بل يتعين على المسافر الإفطار فيها الا ان ينوي الإقامة فيها أو تمضي عليه ثلاثون يوما مترددا كما في غيرها من المواضع.

المسألة 1309

يستحب أن يقول المصلي بعد الصلاة المقصورة: (سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر)، ثلاثين مرة، و لا يسقط استحباب هذا التسبيح إذا حصل قبله ما ينافي الصلاة إلا إذا وقع بعد فصل طويل بحيث لا يصدق معه انه أتى به في دبر الصلاة.

المسألة 1310

الظاهر أن التسبيح المتقدم لا يختص بالصلاة الحاضرة و لا بالمسافر، فإذا قضى الحاضر أو المقيم صلاة مقصورة استحب له أن يأتي بالتسبيح بعدها.

المسألة 1311

تقدم في فصل التعقيب انه يستحب للمصلي أن يأتي بالتسبيح المذكور ثلاثين مرة بعد كل فريضة يصليها، و أفضل من ذلك أن يأتي به أربعين مرة، و تتأدى الوظيفتان إذا أتى بالتسبيح ثلاثين مرة بعد المقصورة بقصد امتثال الوظيفتين معا، و أولى من ذلك أن يأتي بذلك مرة لجبر الصلاة المقصورة، و مرة أخرى للتعقيب.

الفصل الخامس و الأربعون في صلاة الآيات

المسألة 1312

تجب صلاة الآيات على كل مكلف من الناس عند حدوث أحد أسبابها الآتي ذكرها، و لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة و الخنثى.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 652

المسألة 1313

الأسباب التي تجب لها صلاة الآيات هي أحد أمور:

(الأول): كسوف الشمس.

(الثاني): خسوف القمر، سواء استوعب الكسوف أو الخسوف جميع القرص أم لم يستوعبه و سواء حصل لعامة الناس بذلك خوف أم لم يحصل.

و المراد بهما الكسوفان المعروفان، فتنكسف الشمس بحيلولة جرم القمر بينها و بين الأرض، فيحتجب بسبب ذلك قرص الشمس كله أو بعضه عن الرائي من الناس، و ينخسف القمر بحيلولة الأرض بينه و بين الشمس، فينطمس بسبب ذلك النور من جميع قرصه أو من بعضه.

(الثالث): زلزلة الأرض، و هي الهزة التي تكون فيها أو في إحدى نواحيها، سواء أوجبت الخوف عند الناس أم لم توجب.

(الرابع): كل مخوف سماوي، كالظلمة الشديدة، و الريح الحمراء أو الصفراء، و الصاعقة، إذا كان حدوثه موجبا لخوف غالب الناس، بل الأحوط لزوما وجوب الصلاة عند حدوث كل مخوف الهي و ان كان أرضيا كالخسف و الهدة في الأرض، و النار التي تخرج منها إذا أوجب ذلك الخوف لغالب الناس، و لا تجب الصلاة لغير المخوف، و لا لما أوجب الخوف للقليل من الناس.

المسألة 1314

لا تجب صلاة الآيات لكسوف الشمس بحيلولة أحد الكواكب الأخرى غير القمر و لا بكسوف أحد الكواكب الأخرى غير الشمس و القمر، و لا بكسوف القمر بحيلولة بعض النيازك بينه و بين الشمس أو بينه و بين الأرض، نعم إذا أوجب حدوث بعض هذه المذكورات خوفا لغالب الناس، كان من المخوف السماوي و وجبت له صلاة الآيات لذلك.

المسألة 1315

وقت صلاة الآيات في الكسوفين من حين ابتداء الخسوف أو الكسوف

كلمة التقوى، ج 1، ص: 653

الى آخر انجلاء القرص، و لا يجوز تأخير الصلاة اختيارا عن ذلك، و الأحوط استحبابا أن لا يؤخرها عن ابتداء الانجلاء.

المسألة 1316

تجب صلاة الآيات لكسوف الشمس أو القمر و ان كانت مدة الكسوف أقل من مدة الصلاة على الأقوى، فإذا علم المكلف بالكسوف في حينه وجبت عليه الصلاة و ان انجلى القرص.

المسألة 1317

تجب المبادرة إلى صلاة الآيات في الزلزلة و في سائر الآيات المخوفة بمجرد حدوث السبب، فإن أخر المكلف الصلاة اختيارا كان آثما و لم تسقط عنه الصلاة بذلك بل يجب عليه الإتيان بها، و أمدها ما دام حيا، و إذا أخر الصلاة ناسيا لها أتى بها بعد التذكر. و كذلك إذا لم يعلم بحدوث السبب الا بعد انتهائه على الأحوط لزوما، و ينوي بصلاته الأداء في جميع الصور.

المسألة 1318

صلاة الآيات ركعتان، تشتمل كل ركعة منهما على خمس قراءات و خمسة ركوعات و سجدتين، على التفصيل الذي يأتي بيانه.

و يعتبر في هذه الصلاة جميع ما يعتبر في الصلاة اليومية من شرائط، و أفعال و أذكار، و يثبت فيها جميع ما يثبت في اليومية من مستحبات و مكروهات، على المناهج التي تقدم تفصيلها و لا أذان فيها و لا إقامة.

المسألة 1319

تجب صلاة الآيات كلما تجدد حدوث أحد الأسباب التي تقدم ذكرها، فإذا تعدد حدوث السبب تعدد على المكلف وجوب الصلاة، سواء كان من نوع واحد أم من أنواع متعددة، و سواء تقارن حدوث الأسباب في الزمان أم اختلف، فإذا اتفق حدوث الريح المخوفة مثلا و الزلزلة، و أحد الكسوفين في وقت واحد وجبت الصلاة على المكلف ثلاث مرات، لكل واحد من الأسباب المذكورة مرة. و كذلك إذا حدثت في أوقات متعددة

كلمة التقوى، ج 1، ص: 654

و ان كانت من نوع واحد كما إذا حدثت عدة زلازل أو صواعق في فترات متفرقة.

المسألة 1320

إذا تعدد السبب و كان من نوع واحد، لم يفتقر المكلف في صلواته الى التعيين في النية، فإذا حدثت الزلزلة مثلا مرارا في أوقات متعددة كفاه أن يأتي بصلاة الآيات بعدد ما حدث من مرات الزلزلة، بقصد السبب المذكور و لم يجب عليه أن يقصد أن صلاته للمرة الأولى أو الثانية من الزلزلة، و كذلك إذا تعدد حدوث الخسوف.

و إذا تعدد النوع فالأحوط لزوما أن يعين السبب في النية فإذا حدث الخسوف و الزلزلة في وقت واحد، فعليه أن يعين في النية السبب الذي صلى من أجله.

المسألة 1321

المخوف السماوي عنوان واحد يشمل جميع أنواع المخوفات كالصاعقة و الريح و الظلمة، فإذا تعدد السبب منه كفى المكلف أن يأتي بصلاة الآيات بعدد ما حدث من الأسباب و ينوي في كل واحدة منها الصلاة للمخوف السماوي و لم يفتقر الى تعيين السبب المخصوص منها.

المسألة 1322

كيفية صلاة الآيات: أن ينوي المكلف الصلاة، على النهج المتقدم متقربا بها الى اللّه، و يكبر تكبيرة الإحرام، ثم يقرأ الفاتحة و يقرأ بعدها سورة، ثم يركع الركوع الأول، فإذا أتم الذكر رفع رأسه من الركوع، و قرأ الفاتحة و سورة، و ركع بعدهما الركوع الثاني، فإذا رفع رأسه منه قرأ الفاتحة و سورة و ركع الركوع الثالث، ثم رفع رأسه بعد الركوع، و قرأ الفاتحة و سورة و ركع الركوع الرابع، ثم رفع رأسه و قرأ الفاتحة و سورة للمرة الخامسة و ركع بعدهما الركوع الخامس، فإذا رفع رأسه من ركوعه هوى إلى الأرض و سجد السجدتين، ثم قام للركعة الثانية و صنع فيها مثل ما صنع في الركعة الأولى، فإذا أتم الركوع الخامس في هذه الركعة و هو الركوع العاشر في صلاته هوى إلى الأرض

كلمة التقوى، ج 1، ص: 655

و سجد السجدتين، ثم أتى بعدهما بالتشهد و التسليم، و يأتي بالأذكار في الركوع و السجود و التشهد و التسليم كما في الصلاة اليومية، و يصح أن تكون السورة التي يأتي بها واحدة، فيقرأها بعد الفاتحة في كل قيام، و يصح أن تكون متغايرة.

المسألة 1323

يجوز للمكلف أن يقرأ بعد الفاتحة في قيامه الأول بعضا من سورة ثم يركع فإذا رفع رأسه من الركوع وجب أن يقرأ من موضع قطعه من السورة نفسها، و لم يجز له أن يقرأ الفاتحة، و تخير بين أن يقرأ بعض السورة و أن يتمها ثم يركع، فإذا رفع رأسه من الركوع فان كان لم يتم السورة وجب عليه أن يقرأ من موضع قطعه منها و لا يقرأ الفاتحة كما تقدم في القيام السابق، و ان كان قد أتم

السورة وجب عليه أن يقرأ الفاتحة و تخير بعدها بين أن يقرأ سورة تامة أو بعض سورة ثم يركع، و هكذا حتى يتم الركوعات الخمسة، فكلما كان ركوعه عن بعض سورة يتحتم عليه بعد ذلك الركوع أن يقرأ من موضع قطعه من السورة المتقدمة، و لا يشرع له أن يقرأ قبله الفاتحة، و إذا كان ركوعه بعد إتمام سورة يتحتم عليه بعد ذلك الركوع أن يقرأ الفاتحة و يقرأ بعدها سورة تامة أو بعض سورة، و كذلك الحكم في الركعة الثانية.

و إذا اختار تبعيض السورة، فلا بد له و أن يتم سورة كاملة في كل ركعة من صلاته و له أن يزيد على السورة.

و إذا ركع الركوع الخامس عن بعض سورة ثم هوى إلى السجود، وجب عليه إذا قام للركعة الثانية أن يقرأ الفاتحة ثم يقرأ من موضع قطعه من السورة المتقدمة، و لا بد أن يقرأ في الركعة سورة تامة غير ذلك كما ذكرنا.

و نتيجة لما تقدم فيجوز للمكلف أن يقرأ الفاتحة و سورة تامة في كل قيام من صلاته و ان يختار تبعيض السورة في كل قيام منها على الوجه الذي تقدم بيانه، و ان يختار إتمام السورة في بعض قياماته و التبعيض في بعضها مع مراعاة الأحكام السابقة.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 656

المسألة 1324

يستحب التكبير لكل واحد من الركوعات، و لرفع الرأس منه، الا الركوع الخامس و الركوع العاشر، فيستحب بعد رفع الرأس منهما أن يقول: سمع اللّه لمن حمده.

المسألة 1325

يستحب القنوت في صلاة الآيات خمس مرات، قبل الركوع الثاني، و الرابع، و قبل السادس، و الثامن، و العاشر، و دون ذلك في الاستحباب أن يقنت قبل الركوع الخامس، و العاشر، و يأتي بالأول منهما برجاء المطلوبية، و أدنى من ذلك في الفضل أن يقنت قبل الركوع العاشر فقط.

المسألة 1326

يستحب الجهر بالقراءة في صلاة الآيات، سواء كانت الآية في الليل أم في النهار، حتى في كسوف الشمس على الأصح.

المسألة 1327

يستحب الإتيان بها جماعة، سواء كانت لكسوف أحد النيرين أم لغيرهما، و سواء احترق القرص كله في الكسوفين أم لا، و يتأكد استحباب الجماعة فيها مع احتراق القرص.

المسألة 1328

يستحب التطويل في صلاة الآيات و خصوصا في كسوف الشمس، حتى للإمام في صلاة الجماعة.

المسألة 1329

يستحب أن يقرأ فيها بالسور الطوال، كسورة الحجر، و الكهف، و الأنبياء، و سورة النور، و الروم، إذا اتسع الوقت لذلك، و يستحب أن يكون كل من قنوته و ركوعه و سجوده بمقدار قراءته في الطول، و يستحب أن يختار إكمال السورة في كل قيام على التبعيض فيها و التفريق.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 657

المسألة 1330

يستحب الفزع فيها الى المساجد و أن تصلى تحت السماء.

المسألة 1331

إذا علم المكلف بكسوف أحد النيرين في وقته، و لم يصل صلاة الآيات حتى انجلى القرص وجب عليه قضاء الصلاة، سواء احترق القرص كله أم لا، و سواء كان عامدا في ترك الصلاة أم ناسيا لها، أم جاهلا بالحكم، و أثم إذا كان عامدا.

و إذا لم يعلم بالكسوف أو الخسوف حتى انجلى القرص ثم علم به بعد ذلك، فان احترق القرص كله وجب عليه قضاء الصلاة، و ان لم يحترق كله لم يجب قضاؤها، و كذلك إذا شك في احتراق القرص كله و عدمه، فلا يجب عليه القضاء، إلا إذا ثبت بطريق شرعي كالبينة و قد تقدم بيان الحكم في سائر الآيات غير الكسوفين، في المسألة 1317 فلتراجع.

المسألة 1332

إذا علم المكلف بكسوف أحد النيرين في وقته و ترك الصلاة متعمدا حتى انجلى القرص، و قد احترق القرص كله، فالأحوط لزوم الغسل عليه بل لا يخلو من قوة، و قد ذكرنا ذلك في الفصل الأربعين من كتاب الطهارة، و الأحوط أن يأتي بقضاء الصلاة بعد الغسل، و قبل أن يحدث.

المسألة 1333

إذا علم بحدوث الآية فصلى في الوقت ثم تبين له فساد صلاته وجبت عليه إعادة الصلاة إذا كان لا يزال في الوقت، و وجب عليه قضاؤها إذا كان بعد خروج الوقت و لا فرق في ذلك بين الكسوفين و الزلزلة و سائر الآيات المخوفة.

المسألة 1334

لا يجب على المرأة الحائض أو النفساء أداء صلاة الآيات إذا اتفق

كلمة التقوى، ج 1، ص: 658

حدوث سببها في أيام حيض المرأة أو نفاسها، و الأحوط لزوم القضاء عليهما بعد الطهر.

المسألة 1335

يثبت الكسوف و الخسوف و غيرهما من الآيات التي تجب لها الصلاة بالعلم، و بشهادة العدلين، و تترتب مع شهادة البينة جميع الأحكام المتقدمة، فيجب على المكلف قضاء الصلاة و ان لم يحترق القرص إذا شهدت له البينة بذلك و لم يصل في الوقت، و يجب عليه القضاء إذا شهدت البينة بالكسوف و احتراق القرص و ان كانت شهادتها بعد الوقت، و يلزمه الاحتياط بالغسل إذا شهدت البينة في الوقت بالكسوف و احتراق القرص ففرط و لم يصل الفريضة حتى خرج الوقت، و كذلك إذا شهدت البينة في الوقت بالكسوف و لم تشهد بالاحتراق ففرط و لم يصل ثم علم بعد الوقت باحتراق القرص فيلزمه الاحتياط بالغسل.

المسألة 1336

لا يثبت الكسوف و لا سائر الآيات بشهادة عادل واحد، و لا بقول الفلكي، و الرصدي إذا لم يوجب قولهم الاطمئنان بحدوث الآية، فإذا أوجب الاطمئنان بحدوثها فلا يترك الاحتياط بترتيب الآثار.

المسألة 1337

إذا شهد عند المكلف جماعة لا تتوفر فيهم شروط البينة بحدوث الكسوف أو الخسوف، فلم يصل صلاة الآيات، ثم تبين له بعد مضي الوقت انهم صادقون في قولهم لم يجب عليه قضاء الصلاة إلا مع احتراق القرص و ان كان الأحوط استحبابا القضاء.

و كذلك إذا شهد بحدوث الآية شاهدان يجهل حالهما ثم علم بعد الوقت انهما عادلان فلا يجب عليه قضاء الصلاة و ان كان أحوط.

المسألة 1338

إذا حدثت الآية في بلد وجبت الصلاة على من في ذلك البلد ممن تجتمع فيه الشرائط المتقدمة، و على أهل المواضع التي تشترك معهم

كلمة التقوى، ج 1، ص: 659

في رؤية الآية نوعا، و ان فصل ما بين الموضعين نهر، كدجلة و الفرات مثلا، و لا تجب الصلاة على غيرهم ممن لا يشترك معهم في رؤية الآية نوعا و ان كان قريبا، أو كان البلد عظيما جدا بحيث إذا وقعت الهدة أو الصاعقة مثلا في طرف منه لا تحصل رؤيتها لأهل الطرف الآخر من البلد للبعد ما بين الموضعين و ان كان البلد واحدا.

المسألة 1339

إذا صلى المكلف صلاة الآيات جماعة لحقته أحكام صلاة الجماعة المتقدم ذكرها في الصلاة اليومية، فيتحمل الإمام القراءة عن المأموم فيها، و لا يتحمل عنه غيرها من أقوال الصلاة و أفعالها كما في اليومية، و تجب على المأموم فيها متابعة الإمام في أفعال الصلاة، و الأحوط استحبابا أن يتابعه في الأقوال.

المسألة 1340

تدرك الجماعة فيها بإدراك الإمام قبل الركوع الأول أو في أثنائه من الركعة الأولى أو الركعة الثانية، و الأحوط أن لا يدخل مع الإمام في الركعة إذا فاته الركوع الأول منها، فإذا فاته الركوع الأول من الركعة الأولى صبر الى أن يقوم الإمام إلى الركعة الثانية فيدخل معه و يدرك ركعة واحدة و يتم الثانية منفردا، و إذا فاته الركوع الأول من الركعة الثانية صلى منفردا.

المسألة 1341

تجري في صلاة الآيات أحكام الخلل التي ذكرناها في الصلاة اليومية، فيبطلها الإخلال بكل شي ء تبطل به الصلاة اليومية، و تصح في كل مورد يحكم بالصحة إذا وقع في اليومية، و ركوعاتها أركان فتبطل الصلاة بالزيادة فيها أو النقصان، سواء وقع عمدا أم سهوا و يجب سجود السهو فيها في المواضع التي يجب السجود لها في الصلاة اليومية.

المسألة 1342

صلاة الآيات ثنائية العدد كما قلنا سابقا، فإذا وقع شك في عدد

كلمة التقوى، ج 1، ص: 660

ركعاتها بطلت الصلاة، و إذا شك في شي ء من ركوعاتها أو في فعل من أفعالها جرى فيه حكم الشك في أفعال الصلاة اليومية فيجب عليه الإتيان بالشي ء المشكوك فيه إذا كان الشك فيه قبل التجاوز عن محله، و يجب عليه البناء على وقوع الشي ء إذا كان الشك فيه بعد التجاوز عنه و الدخول في غيره على التفصيل المتقدم في مباحث الشك.

المسألة 1343

إذا وجبت صلاة الآيات في وقت الصلاة اليومية و كان الوقت يتسع لهما معا تخير المكلف في تقديم أيتهما أراد، الا أن يخاف فوت وقت الفضيلة للصلاة اليومية فيكون الأفضل له تقديمها.

و إذا تضيق وقت إحداهما دون الأخرى وجب عليه أن يقدم الصلاة التي ضاق وقتها و يؤخر الأخرى، و إذا ضاق وقتهما معا، وجب عليه أن يقدم الصلاة اليومية ثم يأتي بصلاة الآيات قضاء.

المسألة 1344

إذا ظن سعة الوقت للفريضتين فشرع في صلاة الآيات ثم تبين له في أثنائها تضيق وقت الصلاة اليومية، وجب عليه ان يقطع صلاة الآيات و يصلي اليومية، فإذا أتمها، عاد إلى صلاة الآيات من حيث قطعها فأتمها و كانت صحيحة، و لا يبطلها وقوع الصلاة اليومية في أثنائها، فلا يجب عليه استينافها إلا إذا وقع فيها أحد المبطلات الأخرى.

و إذا شرع في صلاة اليومية ثم تبين له في أثنائها تضيق وقت صلاة الآيات، قطع اليومية، و صلى صلاة الآيات، ثم استأنف الصلاة اليومية من أولها على الأحوط.

المسألة 1345

إذا فرغ من صلاة الآيات قبل أن ينجلي القرص، استحب له أن يعيد الصلاة أو يجلس في مصلاه مشغولا بالذكر و الدعاء حتى يتم الانجلاء.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 661

الفصل السادس و الأربعون في صلاة العيدين

اشارة

من ينظر في أدلة صلاة الجمعة نظرة موضوعية مستوعبة، يتضح له عظم خطر هذه الفريضة في الإسلام، و كبير أثرها في بناء مجتمعة، و شده بأصول الإسلام و فروعه، بل و كبير أثرها في بناء العقيدة و ترسيخها، و تهذيب المجتمع و توجيهه في سلوكه الفردي و الاجتماعي.

و من أجل ذلك كانت صلاة الجمعة في أصلها وظيفة خاصة من وظائف المعصوم (ع) الرئيس الأعلى في الإسلام عند بسط يده و التمكين له في الأرض، فلا يقيمها في تلك الحال الا هو، أو من يخوله هو هذا الحق من الأكفاء، لتشد الرعية بالراعي و المأمومون بالإمام، و ليمدوا بالمد الدائب الواعي، المتصل بمنبع الحق و الهدى و الاهتداء.

و في حال غيبة ولي الحق (ع) أو حال عدم البسط له في أيام ظهوره، لا يبعد حكم هذه الفريضة عن هذه الدائرة أيضا، فلا تقام صلاة الجمعة بين المسلمين الا على ضوء رشده و تحديده من حيث أن الامام المعصوم (ع) بعد الرسول (ص) هو ولي التشريع في الإسلام و؟؟ القائم؟؟

على حفظه، و قد تظافرت الأدلة على وجوب إقامتها و الحث عليها و التحذير من تركها.

المسألة 1346

الظاهر وجوب إقامة صلاة الجمعة على الفقيه العادل حين يجتمع له العدد و الأمن من الخوف، و تتوفر بقية الشروط المعتبرة في هذه الصلاة، كما أن الظاهر وجوب السعي إليها من المكلفين إذا أقامها الفقيه العادل، الا من استثني منهم، كالمسافر، و المريض، و الشيخ الكبير و الأعمى، و من بعد عن موضع إقامتها بفرسخين، و سائر من دلت النصوص على استثنائه. و لم نتعرض هنا للأحكام المتعلقة بصلاة الجمعة، حذرا من التطويل.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 662

المسألة 1347

شأن صلاة العيدين في جميع ما ذكرناه شأن صلاة الجمعة، فهي حق خالص للمعصوم (ع) أيام حضوره و بسط يده، فلا يقيمها غيره الا بأمره، و الظاهر وجوبها مع الفقيه العادل إذا اجتمعت له الشرائط في حال غيبة المعصوم (ع) كما تقدم في صلاة الجمعة.

المسألة 1348

إذا لم تجتمع شرائط الوجوب لصلاة العيدين كانت مستحبة، فيستحب أن يأتي بها المكلفون جماعة، و يصح أن يصليها المكلف منفردا.

المسألة 1349

وقت صلاة العيدين من أول طلوع الشمس في صباح يوم الفطر أو يوم الأضحى إلى زوال الشمس من ذلك اليوم، و في بعض النصوص الواردة في ذلك: انه يستحب أن يكون الخروج الى المصلى بعد طلوع الشمس، و ان هذا كان دأب الرسول (ص) و من تمكن من إقامتها من خلفائه المعصومين (ع).

المسألة 1350

لا أذان و لا اقامة في صلاة العيدين، و قد ورد أن أذانهما طلوع الشمس فإذا طلعت الشمس خرج الناس الى الصلاة، و ورد أيضا أن يقول المؤذن: (الصلاة) ثلاث مرات.

المسألة 1351

صلاة العيد ركعتان تشتمل الركعة الأولى منهما بعد القراءة على خمس تكبيرات و خمسة قنوتات، يقنت مرة بعد كل تكبيرة منها، ثم يركع بعد القنوت الخامس و يسجد السجدتين، و تشتمل الركعة الثانية بعد القراءة على أربع تكبيرات و أربعة قنوتات يقنت بعد كل تكبيرة كذلك ثم يركع و يسجد السجدتين و يتم الصلاة. و شرائط هذه الصلاة و أفعالها و أذكارها هي شرائط الصلاة اليومية و أفعالها و أذكارها و هي على نهجها كذلك في المستحبات و المكروهات.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 663

المسألة 1352

يكفي في نيتها أن يقصد المكلف الإتيان بصلاة العيد امتثالا لأمر اللّه المتوجه اليه بها، و لا يفتقر فيها الى تعيين أنها صلاة الفطر، أو الأضحى، و لا حاجة الى أن يقصد بها الندب أو الوجوب، حتى إذا كانت مع الفقيه العادل، فإنها عند اجتماع الشرائط فيها يتعين فيها الوجوب، و مع فقد بعض الشروط يتعين فيها الاستحباب، فهي لا تحتاج الى التعيين على كلا التقديرين.

المسألة 1353

كيفية صلاة العيد: أن ينوي الإنسان الصلاة كما تقدم و يكبر للإحرام، ثم يقرأ الحمد و سورة، فإذا أتم القراءة كبر ثم قنت، و أتى في قنوته بما تيسر له من دعاء أو ذكر، و أفضله أن يأتي ببعض المأثور، ثم كبر التكبيرة الثانية و قنت بعدها القنوت الثاني، ثم كبر الثالثة و أتى بعدها بالقنوت الثالث، ثم التكبيرة الرابعة و القنوت الرابع، ثم أتى بالتكبيرة الخامسة و القنوت الخامس، فإذا أتمه كبر للركوع ثم ركع، فإذا رفع رأسه من الركوع هوى إلى الأرض فسجد السجدتين، ثم قام بعدهما للركعة الثانية، فقرأ الحمد و سورة، ثم كبر بعدها و قنت ثم كبر و قنت حتى يتم التكبير و القنوت أربع مرات، ثم ركع و سجد السجدتين و تشهد و سلم.

و التكبيرات و القنوتات المذكورة واجبة على الظاهر في صلاة العيد، فتبطل الصلاة إذا تعمد تركها أو ترك شيئا منها، و لا يجوز الإخلال بها إذا كانت الصلاة واجبة.

المسألة 1354

لا تتعين على المكلف في صلاة العيد قراءة سورة خاصة، فتجزيه بعد الفاتحة قراءة أية سورة أراد من القرآن، كما ذكرنا. نعم يستحب له أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الحمد سورة الأعلى، و أن يقرأ في الركعة الثانية بعد الحمد سورة الشمس، أو يقرأ في الأولى سورة الشمس و في الثانية سورة الغاشية.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 664

المسألة 1355

يستحب أن يأتي في كل من قنوتاته بالأدعية و الأذكار المأثورة عن المعصومين (ع) و هي كثيرة. و مما ورد عنهم (ع) أن يقول في كل قنوت: (اللهم أهل الكبرياء و العظمة، و أهل الجود و الجبروت، و أهل العفو الرحمة، و أهل التقوى و المغفرة، أسألك بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا، و لمحمد صلى اللّه عليه و آله ذخرا و مزيدا، أن تصلي على محمد و آل محمد، و أن تدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا و آل محمد، و أن تخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا و آل محمد، صلواتك عليه و عليهم أجمعين، اللهم إني أسألك خير ما سألك عبادك الصالحون، و أعوذ بك مما استعاذ منه عبادك المخلصون).

المسألة 1356

يستحب الغسل قبل الصلاة و التطيب، و لبس الثياب النظيفة، و أن يجهر بالقراءة، سواء كان إماما أم منفردا، و أن يرفع يديه في جميع التكبيرات كما يرفعهما في تكبير الصلاة اليومية، و أن يكون سجوده على الأرض دون غيرها مما يصح السجود عليه، و يستحب الإصحار بهذه الصلاة إذا صليت جماعة إلا إذا كانت في مكة فإنه يستحب أن يؤتى بها في المسجد الحرام، و أن يعتم بعمامة بيضاء، و أن يخرج إلى الصلاة ماشيا على قدميه حافيا، على سكينة و وقار، و أن يشمر ثيابه و سراويله الى نصف الساق.

المسألة 1357

يكره التنفل قبل صلاة العيد و بعدها الى الزوال، حتى قضاء النافلة الفائتة فإذا أراد قضاءها أخره الى ما بعد الزوال، و يستثنى من ذلك صلاة ركعتين في مسجد الرسول (ص) قبل الخروج إلى صلاة العيد، فقد ورد استحبابها و أنها من فعل الرسول (ص)، و يكره الخروج إلى صلاة العيد مع السلاح الا عند الخوف، و يكره نقل المنبر الى موضع الصلاة، فإذا احتاج الإمام إلى المنبر صنع له ما يشبه المنبر من الطين أو غيره ليخطب عليه، و يكره أن تصلى صلاة العيد تحت سقف.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 665

المسألة 1358

حكم الجماعة في صلاة العيد هو حكمها في الصلاة اليومية، فتسقط القراءة فيها عن المأموم، و يتحملها عنه الامام سواء كانت الجماعة فيها واجبة أم مستحبة، و لا يتحمل الامام غير القراءة من التكبيرات و القنوتات و الأذكار و الافعال، و تجب على المأموم متابعة الإمام.

المسألة 1359

إذا فاته بعض التكبيرات في صلاة الجماعة، كبر للإحرام و دخل مع الامام و تابعه في ما أدركه معه من التكبيرات و القنوتات ثم أتى بالبقية مخففة و لحق بالإمام في الركوع، و يكفيه أن يكبر ثم يقول سبحان اللّه و الحمد للّه ثم يكبر الثانية و يكرر الذكر، و هكذا حتى يتم العدد الذي فاته منها، و إذا لم يمهله الإمام أتمها مخففة و لحقه و لو في السجود، سواء كانت الجماعة واجبة أم مستحبة، على الأقوى.

المسألة 1360

لا تبطل صلاة العيد إذا سها المكلف فيها، فترك القراءة أو ترك بعضها، أو ترك التكبيرات أو القنوتات أو ترك شيئا منها، و لم يتذكر حتى دخل في الركوع، فيتم ركوعه و صلاته و لا شي ء عليه، و إذا تذكر ذلك قبل أن يدخل في الركوع أتى بالشي ء الذي تركه و بما بعده ثم ركع و أتم الصلاة، و إذا ترك تكبيرة الإحرام أو الركوع أو السجدتين ساهيا، و لم يتذكر حتى دخل في الركن بعده بطلت صلاته.

المسألة 1361

إذا شك في شي ء من التكبيرات أو القنوتات أو الأجزاء الأخرى من صلاة العيد، و كان في المحل وجب عليه أن يأتي بالشي ء الذي شك فيه، و إذا شك فيه بعد ما تجاوز محله و دخل في غيره لم يلتفت الى شكه و مضى في صلاته.

المسألة 1362

لا تقضى صلاة العيد إذا فاتت المكلف فلم يصلها حتى زالت الشمس من يوم العيد، سواء كانت واجبة أم مستحبة، و سواء تركها عامدا

كلمة التقوى، ج 1، ص: 666

أم ساهيا، و ان كان عاصيا و آثما إذا تركها عامدا في وقت وجوبها.

نعم ورد في بعض النصوص إذا ثبتت رؤية الهلال بعد زوال الشمس أفطر الناس ليؤمهم و أخروا الصلاة الى الغد، فلا بأس بالإتيان بصلاة العيد قضاء في مثل هذا الفرض برجاء المطلوبية.

المسألة 1363

إذا نسي سجدة واحدة أو نسي تشهدا من صلاة العيد و لم يتذكر حتى فات موضع تدارك الشي ء المنسي وجب عليه أن يقضيه بعد التسليم، و إذا أتى فيها بما يوجب سجود السهو وجب عليه أن يسجد للسهو إذا كانت صلاة العيد واجبة عليه، و كذلك إذا كانت مستحبة على الأحوط لزوما في كل من قضاء الجزء المنسي و سجود السهو.

المسألة 1364

إذا اتفق العيد و الجمعة في يوم واحد و قد اجتمعت شرائط الوجوب فيهما، فإذا حضر صلاة العيد من كان نائيا عن البلد تخير بين أن يحضر الجمعة أو يرجع الى أهله، و ينبغي للإمام أن يعلم الناس بذلك في خطبة العيد.

المسألة 1365

يستحب التكبير في الفطر بعد أربع صلوات، أولاها صلاة المغرب من ليلة الفطر، و أخيرتها صلاة العيد، فإذا أتم الصلاة قال: (اللّه أكبر، اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر، و للّه الحمد، اللّه أكبر على ما هدانا، و الحمد للّه على ما أبلانا).

و يستحب التكبير في الأضحى عقيب خمس عشرة صلاة إذا كان في منى، أولاها ظهر يوم النحر، و أخيرتها صلاة الصبح في اليوم الثالث عشر، و إذا كان في بقية الأمصار كبر عقيب عشر صلوات، أولاها ظهر يوم النحر و أخيرتها صلاة الصبح من اليوم الثاني عشر، فيأتي بالتكبير المتقدم و يزيد في آخره (و اللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام).

و قد وردت في هذا التكبير نصوص متعددة، فيجزيه أن يأتي بواحدة من الصور المنصوصة، و ما ذكرناه واحدة منها.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 667

الفصل السابع و الأربعون في بعض الصلوات المندوبة

المسألة 1366

من أهم ما ورد الحث عليه في أخبار أهل البيت (ع) و تظافرت فيه أحاديثهم، بل أطبقت عليه أحاديث الخاصة و العامة من المسلمين:

صلاة جعفر، و تسمى أيضا صلاة التسبيح، و صلاة الحبوة، لقول الرسول (ص) لجعفر بن أبي طالب لما أراد أن يعلمه إياها: الا أمنحك الا أعطيك، الا أحبوك، و قد وعد في الحديث فاعلها و المواظب على الإتيان بها بالأجر الكبير، و العطاء الوفير.

و هي أربع ركعات بتسليمتين، يقرأ في كل ركعة منها، فاتحة الكتاب و سورة، ثم يقول: (سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر) خمس عشرة مرة، ثم يركع، و يقولها في ركوعه عشر مرات، ثم يرفع رأسه من الركوع و يقولها و هو منتصب، عشر مرات، ثم يهوي الى السجود و

يقولها في السجدة الأولى عشر مرات، فإذا جلس بين السجدتين قالها عشر مرات، ثم سجد الثانية و قالها في السجود عشر مرات، فإذا رفع رأسه من السجدة قالها و هو جالس عشر مرات، ثم قام للركعة الثانية و قرأ فاتحة الكتاب و سورة، ثم أتى بالتسبيحات المذكورة خمس عشرة مرة، ثم قنت و دعا في قنوته بما تيسر، و ركع بعد القنوت، و أتى في ركوعه بالتسبيحات عشر مرات، و صنع بعد قيامه من الركوع، و في سجوده، و بين السجدتين كما صنع في الركعة الأولى، حتى يجلس من السجدة الثانية فيأتي بالتسبيحات عشر مرات، ثم يتشهد و يسلم، ثم قام للركعتين الأخيرتين و كبر للإحرام و صنع في الركعتين كما صنع في الركعتين السابقتين حتى يتمهما بالتشهد و التسليم، فيكون قد أتى في مجموع صلاته بالتسبيحات الأربع ثلاثمائة مرة، في كل ركعة منها خمس و سبعون مرة.

المسألة 1367

ليس لصلاة جعفر وقت معين تختص به، فيجوز للمكلف أن يأتي

كلمة التقوى، ج 1، ص: 668

بها في أي وقت شاء من ليل أو نهار في السفر و في الحضر، و ورد أن أفضل أوقاتها صدر النهار من يوم الجمعة و قد أمر الإمام الرضا (ع) بالتطوع بها في ليلة النصف من شعبان، و في حديث رجاء بن أبي الضحاك انه (ع) كان يصلي في آخر الليل أربع ركعات بصلاة جعفر، و يحتسب بها من صلاة الليل، فمن الراجح أن يأتي بها الإنسان في هذه الأوقات.

المسألة 1368

يستحب أن يقرأ في الركعة الأولى منها بعد الحمد سورة الزلزال، و في الركعة الثانية سورة العاديات، و في الركعة الثالثة سورة النصر، و في الرابعة سورة التوحيد.

و ورد أيضا أن يقرأ في الأولى سورة الزلزال و في الثانية سورة النصر و في الثالثة سورة القدر و في الرابعة سورة التوحيد. و ورد كذلك أن يقرأ فيها بقل هو اللّه أحد و قل يا أيها الكافرون.

المسألة 1369

يجوز للمكلف أن يأتي بصلاة جعفر فيحتسبها من نوافل الليل أو من نوافل النهار، و المراد أن تتداخل النافلتان، فينوي بالصلاة التي يأتي بها نافلة المغرب مثلا و صلاة جعفر فيكون بذلك مؤديا لكلتا الوظيفتين و يحصل على ثوابهما معا و قد تقدم ان الامام الرضا (ع) كان يفعل ذلك في أربع ركعات من صلاة الليل.

المسألة 1370

يجوز للمكلف أن يصلي ركعتين من صلاة جعفر حتى يسلم، فإذا أعجله أمر لا بد له منه انصرف اليه، فإذا قضي الأمر رجع فأتم الصلاة، و لم يحتج الى استيناف الصلاة من أولها.

المسألة 1371

يجوز له إذا كان مستعجلا أن يأتي بصلاة جعفر مجردة عن التسبيح، ثم يأتي بالتسبيح بعدها ثلاثمائة مرة و هو ذاهب الى حاجته و كذلك إذا كان عاجزا.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 669

المسألة 1372

القنوت في صلاة جعفر كالقنوت في سائر الصلوات و النوافل فيؤتى به في الركعة الثانية بعد القراءة و التسبيح و قبل الركوع في كلتا الصلاتين.

المسألة 1373

الأحوط أن يأتي بذكر الركوع أو السجود قبل التسبيحات أو بعدها و لا يكتفي بالتسبيحات عن الذكر، و يأتي به بقصد القربة المطلقة، كما لا تسقط الأذكار الأخرى الموظفة في الصلاة.

المسألة 1374

إذا ترك التسبيحات ساهيا في بعض المواضع أو ترك بعضها و تذكر و قد دخل في موضع آخر، أتى فيه بالوظيفتين الفائتة و الحاضرة، فإذا نسي التسبيحات في الركوع مثلا و تذكرها بعد رفع الرأس منه، أتى في حال انتصابه من الركوع بالتسبيحات عشرين مرة، و إذا نسي التسبيحات بعد القراءة و تذكرها في الركوع، أتى بها في ركوعه خمسا و عشرين مرة، و هكذا إذا نسيها و لم يتذكر إلا في السجود أو بين السجدتين، و إذا تذكرها بعد الفراغ من الصلاة أتى بما فاته، برجاء المطلوبية.

المسألة 1375

يستحب له في السجدة الثانية من الركعة الرابعة أن يقول بعد فراغه من التسبيح: (سبحان من لبس العز و الوقار، سبحان من تعطف بالمجد و تكرم به، سبحان من لا ينبغي التسبيح الا له، سبحان من أحصى كل شي ء علمه، سبحان ذي المن و النعم، سبحان ذي القدرة و الكرم، اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك و منتهى الرحمة من كتابك، و اسمك الأعظم و كلماتك التامة التي تمت صدقا و عدلا، صل على محمد و أهل بيته و افعل بي كذا و كذا) و يذكر حاجته، و قد روي الدعاء بلفظ آخر فيجوز بكل منهما.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 670

صلاة الغفيلة و الوصية
المسألة 1376

تقدم في الفصل الأول في أعداد الصلاة، في المسألة الرابعة: استحباب صلاة الغفيلة بين العشاءين، و في الحديث عن الرسول (ص): تنفلوا في ساعة الغفلة و لو بركعتين خفيفتين فإنهما تورثان دار الكرامة، و عن أبي عبد اللّه (ع): من صلى بين العشاءين ركعتين يقرأ في الأولى: الحمد، و ذا النون إذ ذهب مغاضبا، الى قوله، و كذلك ننجي المؤمنين، و في الثانية: الحمد و قوله و عنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو، الى آخر الآية، فإذا فرغ من القراءة رفع يديه و قال، (اللهم إني أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا أنت أن تصلي على محمد و آل محمد و ان تفعل بي كذا و كذا، اللهم أنت ولي نعمتي و القادر على طلبتي تعلم حاجتي فأسألك بحق محمد و آله لما قضيتها لي) و سأل اللّه حاجته أعطاه اللّه ما سأل، و قد تقدم ذكر هذه الصلاة هناك.

المسألة 1377

الركعتان المذكورتان ليستا من نافلة المغرب، فالأفضل الإتيان بهما بعدها و لا موجب لجعلهما من النافلة.

المسألة 1378

ذكرنا في المسألة الخامسة استحباب صلاة الوصية بين العشاءين أيضا، و في الحديث عن الامام الصادق (ع) عن أبيه عن آبائه (ع) عن رسول اللّه (ص) انه قال: (أوصيكم بركعتين بين العشاءين، يقرأ في الأولى الحمد و إذا زلزلت الأرض ثلاث عشرة مرة. و في الثانية الحمد مرة و قل هو اللّه أحد خمس عشرة مرة، فإن فعل ذلك في كل شهر كان من المؤمنين، فإن فعل ذلك في كل سنة مرة كان من المحسنين، فان فعل ذلك في كل جمعة مرة كان من المخلصين، فان فعل ذلك في كل ليلة زاحمني في الجنة، و لم يحص ثوابه الا اللّه تعالى) و الشأن في هاتين الركعتين شأن الصلاة المتقدم ذكرها فهي صلاة مستقلة عن نافلة المغرب.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 671

صلاة يوم الغدير
المسألة 1379

مما ورد الأمر به صلاة يوم الغدير، و هو اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة، اليوم الذي نص فيه رسول اللّه (ص) بالإمامة و الخلافة من بعده على أمير المؤمنين علي (ع)، و أمر المسلمين بمبايعته و التسليم عليه بالخلافة.

و هي ركعتان يقرأ فيهما: فاتحة الكتاب، ثم سورة التوحيد عشر مرات، ثم يقرأ آية الكرسي عشر مرات، ثم يقرأ سورة القدر عشر مرات، ثم يركع و يسجد، و يقوم للركعة الثانية و يقرأ فيها كما قرأ في الركعة الأولى، ثم يقنت و يركع، و يتم الصلاة، و ورد في الرواية أن وقت هذه الصلاة قبل أن تزول الشمس بنصف ساعة.

المسألة 1380

لا يجوز أن يؤتى بهذه الصلاة جماعة على الأقوى، و قد ذكرنا ذلك في مبحث صلاة الجماعة، في المسألة (1032). و إذا فاتته هذه الصلاة و أراد قضاءها كما ورد في هذه الرواية أتى به برجاء المطلوبية.

المسألة 1381

ورد الأمر كذلك بالصلاة في يوم المباهلة، و هو اليوم الرابع و العشرون من شهر ذي الحجة، و هي ركعتان كصلاة يوم الغدير، و هي نظيرتها في الكيفية و في القراءة و الوقت، فمن أراد الإتيان بها فليأت بها برجاء المطلوبية، و قد ذكر في الرواية أن قراءة آية الكرسي فيها الى قوله:

هم فيها خالدون.

صلاة أول الشهر
المسألة 1382

و صلاة أول الشهر ركعتان، ورد في الخبر أن الامام محمد بن علي الجواد (ع) كان يصليهما في أول يوم من كل شهر جديد يدخل عليه، يقرأ في الركعة الأولى: الحمد مرة، و قل هو اللّه أحد ثلاثين مرة، و في

كلمة التقوى، ج 1، ص: 672

الركعة الثانية: الحمد مرة، و انا أنزلناه في ليلة القدر ثلاثين مرة، و يتصدق بما تيسر، يشتري بذلك سلامة الشهر كله. و يستحب أن يقرأ بعد فراغه من الصلاة: (بسم اللّه الرحمن الرحيم، وَ مٰا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلّٰا عَلَى اللّٰهِ رِزْقُهٰا وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهٰا وَ مُسْتَوْدَعَهٰا كُلٌّ فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ، بسم اللّه الرحمن الرحيم، وَ إِنْ يَمْسَسْكَ اللّٰهُ بِضُرٍّ فَلٰا كٰاشِفَ لَهُ إِلّٰا هُوَ، وَ إِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلٰا رَادَّ لِفَضْلِهِ، يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشٰاءُ مِنْ عِبٰادِهِ وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، بسم اللّه الرحمن الرحيم، وَ إِنْ يَمْسَسْكَ اللّٰهُ بِضُرٍّ فَلٰا كٰاشِفَ لَهُ إِلّٰا هُوَ، وَ إِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، بسم اللّه الرحمن الرحيم، سَيَجْعَلُ اللّٰهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً، مٰا شٰاءَ اللّٰهُ لٰا قُوَّةَ إِلّٰا بِاللّٰهِ- حَسْبُنَا اللّٰهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ، وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللّٰهِ إِنَّ اللّٰهَ بَصِيرٌ بِالْعِبٰادِ، لٰا إِلٰهَ إِلّٰا أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ. رَبِّ إِنِّي لِمٰا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ، رَبِّ

لٰا تَذَرْنِي فَرْداً وَ أَنْتَ خَيْرُ الْوٰارِثِينَ).

و وقت هذه الصلاة هو أول يوم من الشهر، فيجوز الإتيان بها في أي جزء من أجزاء اليوم و لا تختص بوقت معين منه.

صلاة المهمات
المسألة 1383

في الخبر عن الامام الحسين بن علي (ع) انه قال: إذا كان لك مهم، فصل أربع ركعات تحسن قنوتهن و أركانهن، تقرأ في الأولى: الحمد مرة، و (حَسْبُنَا اللّٰهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ) سبع مرات، و في الثانية الحمد مرة، و قوله (مٰا شٰاءَ اللّٰهُ لٰا قُوَّةَ إِلّٰا بِاللّٰهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مٰالًا وَ وَلَداً) سبع مرات، و في الثالثة الحمد مرة، و قوله (لٰا إِلٰهَ إِلّٰا أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ) سبع مرات، و في الرابعة الحمد مرة، و قوله (وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللّٰهِ إِنَّ اللّٰهَ بَصِيرٌ بِالْعِبٰادِ) سبع مرات، ثم تسأل حاجتك.

و عن أبي عبد اللّه (ع): إذا عسر عليك أمر فصل ركعتين، تقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب و قل هو اللّه أحد، و انا فتحنا لك فتحا مبينا الى قوله و ينصرك اللّه نصرا عزيزا، و في الثانية فاتحة الكتاب، و قل هو اللّه أحد، و أ لم نشرح لك صدرك، و قد جرب.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 673

و عن أبي عبد اللّه (ع): من كانت له الى اللّه حاجة، فليقصد الى مسجد الكوفة، و يسبغ وضوءه و يصلي في المسجد ركعتين يقرأ في كل واحدة منهما فاتحة الكتاب و سبع سور معها، و هي المعوذتان و قل هو اللّه أحد، و قل يا أيها الكافرون، و إذا جاء نصر اللّه و الفتح، و سبح اسم ربك الأعلى و انا أنزلناه في ليلة القدر، فإذا فرغ من الركعتين و

تشهد و سلم و سأل اللّه حاجته فإنها تقضى بعون اللّه ان شاء اللّه.

و عن أمير المؤمنين (ع) انه قال: من ظلم فليتوضأ و ليصل ركعتين يطيل ركوعهما و سجودهما، فإذا سلم، قال: (اللهم اني مغلوب فانتصر) ألف مرة فإنه يعجل له النصر.

صلاة الشكر
المسألة 1384

عن أبي عبد اللّه (ع) قال في صلاة الشكر إذا أنعم اللّه عليك بنعمة فصل ركعتين تقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب و قل هو اللّه أحد، و تقرأ في الثانية بفاتحة الكتاب و قل يا أيها الكافرون و تقول في الركعة الأولى في ركوعك، و سجودك: الحمد للّه شكرا شكرا و حمدا، و تقول في الركعة الثانية في ركوعك و سجودك: الحمد للّه الذي استجاب دعائي و أعطاني «1» مسألتي.

صلاة ليلة الدفن
المسألة 1385

ذكرنا في المسألة السبعمائة و التاسعة و السبعين من كتاب الطهارة استحباب صلاة الهدية للميت ليلة دفنه، و قد رويت هذه الصلاة عن النبي (ص)، و هي ركعتان يقرأ في الركعة الأولى منهما الحمد و آية الكرسي، و يقرأ في الثانية الحمد و سورة القدر عشر مرات، فإذا سلم قال: (اللهم صل على محمد و آل محمد، و ابعث ثوابها الى قبر فلان).

______________________________

(1) الذكر كما جاء في الكافي الجزء الثالث- مؤسسة دار الكتب الإسلامية- طهران، الحمد لله الذي استجاب دعائي و أعطاني مسألتي.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 674

و الأحوط أن يقرأ آية الكرسي إلى قوله (هُمْ فِيهٰا خٰالِدُونَ) و ان كان الأقوى أن آخر آية الكرسي قوله تعالى (وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).

المسألة 1386

يجوز أخذ الأجرة لهذه الصلاة، و الأولى أن يدفعها المستأجر للمصلي بقصد التبرع أو الهدية للمؤمن أو الصدقة عليه، و يصليها الأجير بقصد التبرع و الإحسان إلى الميت.

المسألة 1387

يجوز للشخص الواحد أن يأتي بصلاة الهدية أكثر من مرة واحدة لميت واحد بقصد إهداء الثواب له، و لا يجوز له أن يصليها أكثر من مرة بقصد أخذ الأجرة عليها، إلا إذا أذن له المستأجر بذلك، فيجوز له حينئذ تكرار الصلاة و أخذ الأجرة عليها بمقدار إذن المستأجر، و قد تقدم في فصل دفن الميت بعض أحكام هذه الصلاة.

صلاة تحية المسجد
المسألة 1388

إذا دخل الإنسان المسجد استحب له أن يصلي فيه ركعتين تحية للمسجد، ففي حديث أبي ذر (رض) قال دخلت على رسول اللّه (ص) و هو في المسجد جالس، فقال لي يا أبا ذر ان للمسجد تحية، قلت و ما تحيته، قال ركعتان تركعهما، و عنه (ص): لا تجعلوا المساجد طرقا حتى تصلوا فيها ركعتين.

الفصل الثامن و الأربعون في بعض أحكام الصلاة المندوبة

المسألة 1389

الصلوات المندوبة أكثر من أن يحيط بها عد أو يستوعبها إحصاء، فالصلاة خير موضوع فمن شاء أقل و من شاء أكثر، فمنها النوافل الرواتب اليومية، و قد أشرنا إليها و الى أوقاتها في الفصلين الأولين من

كلمة التقوى، ج 1، ص: 675

كتاب الصلاة، و منها النوافل المبتدأة، و منها ذوات الأسباب و الغايات الخاصة، و منها المؤقتة بأوقات معينة، و منها المطلقة التي ليس لها وقت محدد و لا سبب مخصوص.

المسألة 1390

يجب في جميع الصلوات المندوبة أن تفرد كل ركعتين منها بتسليم، فلا تكون أقل من ركعتين و لا أكثر، عدا ما استثنى، و هما صلاة الوتر، و صلاة الأعرابي، و لا فرق في ذلك بين الرواتب اليومية و غيرها و يستحب القنوت في جميع النوافل أيضا، و موضعه هو الركعة الثانية، بعد إتمام القراءة و قبل الركوع، و يستثنى من ذلك صلاة الوتر فيستحب فيها القنوت و هي ركعة واحدة.

المسألة 1391

يجوز للمكلف أن يأتي بالصلوات المندوبة جالسا حتى في حال الاختيار، و يجوز له أن يصليها ماشيا و راكبا، و يجوز له أن يأتي بها و هو في المحمل، و ان كان الأفضل أن يأتي بها قائما مستقرا.

و إذا صلاها جالسا مع الاختيار استحب له أن يحتسب كل ركعتين جالسا بركعة واحدة قائما، فيجعل نافلة الصبح أربع ركعات من جلوس بتسليمتين، و يجعل نافلة المغرب ثماني ركعات من جلوس كل ركعتين منها بتسليم، و إذا صلى الوتر جالسا استحب له أن يأتي بالوتر مرتين كل مرة ركعة مفردة بتسليم، و إذا أراد صلاة جعفر جالسا صلاها ثماني ركعات من جلوس و أفرد كل ركعتين منها بالتسليم، و هكذا.

المسألة 1392

يجوز في المندوبات أن يصلي ركعة منها قائما و يصلي الأخرى جالسا، و بالعكس و يجوز أن يصلي بعض الركعة جالسا و بعضها قائما، فيقرأ الفاتحة و بعض السورة جالسا ثم يقوم فيتم ركعة من قيام كما يجوز له عكس ذلك، و يجوز له أن يتم القراءة جالسا ثم يقوم للركوع.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 676

المسألة 1393

إذا قرأ في النافلة و هو جالس و أبقى من السورة بعض آياتها، ثم قام و أتم قراءته و ركع قائما احتسبت له صلاة القائم في صلاته، فإذا صنع كذلك في كل ركعة أجزأته عن صلاة القائم و لم يحتج أن يحتسب كل ركعتين بركعة قائما كما ذكرنا آنفا.

المسألة 1394

الأفضل في الجلوس أن يجلس متربعا، و قد ذكروا أن من التربع أن يجلس القرفصاء، و هي أن يجلس على ألييه و قدميه و يرفع عن الأرض فخذيه و ساقيه، فإذا أراد الركوع ثنى رجليه و ركع.

و يكره الإقعاء و هو أن يعتمد على الأرض بصدر قدميه و يجلس على عقبيه أو يقعي كإقعاء الكلب.

المسألة 1395

إذا نذر نافلة الصبح أو نافلة المغرب مثلا، و كان نذره مطلقا انعقد نذره و صح له أن يأتي بها جالسا، الا أن يقصد بنذره ما هو الأفضل أو ما هو المتعارف، فيتعين عليه أن يصليها قائما.

المسألة 1396

لا تجب في الصلوات المندوبة قراءة السورة بعد الفاتحة، فيصح للمصلي أن يكتفي في نافلته بقراءة الفاتحة وحدها.

المسألة 1397

إذا كانت للنافلة كيفية مخصوصة في الشريعة، و قد عينت فيها قراءة سورة أو سور، أو آيات مخصوصة، كصلاة يوم الغدير، أو صلاة ليلة الدفن، تعين على المصلي أن يأتي بالسور و الآيات المعينة فيها، فإذا هو لم يأت بذلك عامدا لم تصح نافلته، و إذا كان ساهيا صحت نافلة مطلقة و لم تصح النافلة المعينة، فلا يستحق الأجرة المسماة عليها في مثل صلاة ليلة الدفن و عليه الإعادة إذا كان الوقت باقيا.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 677

المسألة 1398

يجوز في النافلة المطلقة أن يقرأ بعد الحمد بعض سورة أو يقرأ فيها آية واحدة أو أكثر، و يجوز أن يقرأ فيها أكثر من سورة، و يجوز له أن يقرأ فيها بسور العزائم، و يرجع في أحكام سجوده الى ما فصلناه في سجود التلاوة من مباحث السجود.

المسألة 1399

يجوز لمصلي الصلاة المندوبة أن يعدل من سورة إلى سورة أخرى، و ان تجاوز النصف منها، نعم قد يشكل الحكم بجواز العدول إذا كان من سورة التوحيد أو من سورة الجحد الى غيرهما، و الأحوط أن يأتي بالسورة التي عدل إليها بقصد القربة المطلقة.

المسألة 1400

يجوز للمصلي قطع الصلاة المندوبة حتى في حال الاختيار و لا أثم عليه في ذلك.

المسألة 1401

ذهب جماعة من الفقهاء قدس اللّه أسرارهم الى أن الصلاة المندوبة لا تبطل بزيادة الركن فيها ساهيا، و هو مشكل، فلا يترك الاحتياط بالإعادة.

المسألة 1402

إذا شك مصلي النافلة في عدد ركعاتها لم تبطل بذلك، و تخير بين البناء على الأقل و البناء على الأكثر، و إذا كان البناء على الأكثر مبطلا تعين البناء على الأقل.

________________________________________

بصرى بحرانى، زين الدين، محمد امين، كلمة التقوى، 7 جلد، سيد جواد وداعى، قم - ايران، سوم، 1413 ه ق

كلمة التقوى؛ ج 1، ص: 677

المسألة 1403

إذا نسي المصلي سجدة واحدة من نافلته أو تشهدا و لم يتذكر حتى فات موضع تدارك الجزء المنسي، فلا يترك الاحتياط بقضاء ذلك الجزء، و كذلك إذا عرض له ما يوجب سجود السهو في نافلته، فلا يترك الاحتياط بسجود السهو لذلك.

كلمة التقوى، ج 1، ص: 678

المسألة 1404

إذا شك المصلي في أجزاء النافلة و أفعالها جرى عليه حكم الشك في أفعال الفريضة، فإن كان شكه و هو لا يزال في المحل أتى بالجزء المشكوك فيه، و ان كان قد تجاوز عنه و دخل في غيره مضى في صلاته و لم يلتفت.

المسألة 1405

لا تصح صلاة الجماعة في الصلوات المندوبة حتى في صلاة الغدير كما تقدم، و يستثنى من ذلك صلاة العيدين إذا كانت مستحبة، و صلاة الاستسقاء.

المسألة 1406

ذكر جماعة ان إيقاع النافلة في المنزل أفضل من الإتيان بها في المسجد، و ما ذكروه في غاية الاشكال، و قد قلنا في المسألة المائتين و التاسعة و السبعين: المذكور في الأدلة أن الإعلان في الفرائض أفضل من السر فيها، و ان الإسرار في النوافل أفضل من العلن فيها، و ليس معنى ذلك ان صلاة النوافل في المنزل أفضل من صلاتها في المسجد، إذ من المعلوم ان السر قد يتحقق في المساجد و ان العلانية قد تكون في المنزل، فإذا صلى الإنسان الفريضة في المسجد علانية نال كلتا الخصوصيتين من الفضل في فريضته، و إذا صلاها في المسجد سرا أو صلاها في المنزل علانية نال احدى الخصوصيتين من الفضل و فاتته الأخرى.

و كذلك الأمر في النافلة، فإذا صلاها في المسجد سرا، نال كلتا الخصوصيتين من الفضل في نافلته، و إذا صلاها في المسجد علانية أو صلاها في المنزل سرا، نال احدى الخصوصيتين من الفضل فيها و فاتته الأخرى.

و الحمد للّه رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله الطاهرين.

________________________________________

بصرى بحرانى، زين الدين، محمد امين، كلمة التقوى، 7 جلد، سيد جواد وداعى، قم - ايران، سوم، 1413 ه ق

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.